662- وعَنِ ابنِ مَسْعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقُولُ: ((إِذَا اخْتَلَفَ المُتَبَايِعَانِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ، أَوْ يَتَتَارَكَانِ)). رَوَاهُ الخمسةُ، وصَحَّحَهُ الحاكِمُ.
درجةُ الحديثِ:
الحديثُ ضَعِيفٌ ولَكِنْ تَقَوَّى بطُرُقِه.
فقَدْ أَخْرَجَهُ أحمدُ، والنَّسائِيُّ، والدَّارَقُطْنِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، وصَحَّحَهُ ابنُ السَّكَنِ والحَاكِمُ، ورَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُنْقطِعاً بَيْنَ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ بنِ مَسْعودٍ وبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعودٍ، لَكِنْ جَاءَ مَوْصولاً، فرَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, عن القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرحمنِ, عَنْ أَبِيهِ, عَن جَدِّهِ مَرْفوعاً.
قالَ الألبانِيُّ: الحَدِيثُ قَوِيٌّ بمَجْمُوعِ طُرُقِهِ.
مُفْرَداتُ الحديثِ:
-بَيِّنَةٌ: يُقالُ: بَانَ يَبِينُ بَيَاناً وتِبْياناً: اتَّضَحَ وظَهَرَ، فَالبَيِّنَةُ مَا أَبَانَ الحَقَّ وأَظْهَرَهُ، مِن قَرَارٍ وشُهودٍ وغَيْرِهما.
-رَبُّ السِّلْعَةِ: أي صَاحِبُها، والمُرادُ بهِ البَائِعُ.
-السِّلْعَةُ: بكَسْرِ السينِ المُهمَلَةِ وسُكونِ اللاَّمِ، هي البِضَاعَةُ والمَتَاعُ الذي يُتَّجَرُ بهِ، جَمْعُها سِلَعٌ.
-يَتَتَارَكَانَ: يَتَّفِقُ البَائِعُ والمُشْتَرِي علَى فَسْخِ البَيْعِ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1-يَدُلُّ الحديثُ على أنَّه إِذَا حَصَلَ خِلافٌ بَيْنَ البَائِعِ والمُشْتَرِي، ولَيْسَ لَدَى أَحَدِهما بَيِّنَةٌ، فإِنَّ القَوْلَ هو قَوْلُ البَائِعِ، مَعَ يَمِينِهِ.
فإِنَّ القَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ: أَنَّ مَن كَانَ القَوْلُ قَوْلَه فعَلَيْهِ اليَمِينُ.
2-يُطَبَّقُ في هذا ما رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وبَعْضُه في الصحيحَيْنِ، من حَديثِ أَنَسٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي وَاليَمِينُ عَلَى مَن أَنْكَرَ)).
وعندَ هذا الحَديثِ جَمَعَ شَيْخُنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ السِّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ خِلافَ البَائِعِ والمُشْتَرِي فِي صُوَرٍ، هذهِ خُلاصَتُها:
1-إذا اخْتَلَفَ البَائِعُ والمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، ولا بَيِّنَةَ، تَحَالَفَا، وصِفَةُ التحالُفِ أنْ يَحْلِفَ البَائِعُ: ما بِعْتُه بكَذا، وإِنَّما بِعْتُه بكذا. ثُمَّ يَحْلِفَ المُشْتَرِي مَا اشْتَرَيْتُهُ بكذا وإِنَّما اشْتَرَيْتُهُ بكذا. ثُمَّ لكُلٍّ منهما فَسْخُ البَيْعِ.
2-إذا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ أُخِذَ نَقْدُ البَلَدِ، إِنْ وَافَقَ قَوْلَ أحَدِهما.
3-إذا اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ المَبِيعِ أو قَدْرِه يَتَحالَفَانِ، ويُفْسَخُ العَقْدُ.
4-إذا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ، أو رَهْنٍ، أو ضَمِينٍ، فقَوْلُ مَن يَنْفِيهِ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُه.
5-إذا ادَّعَى أَحَدُهما فَسَادَ العَقْدِ، وادَّعَى الآخَرُ صِحَّتَهُ، فالأَصْلُ سَلامَةُ العَقْدِ، والقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وعَلَى المُدَّعِي البَيِّنَةُ.
6-إذا بِيعَ بصِفَةٍ أو رُؤْيةٍ سَابِقَةٍ فادَّعَى المُشتَرِي تَغَيُّرَ الصِّفَةِ، وأنْكَرَ البَائِعُ، فالقَوْلُ قولُ المُشتَرِي؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ لُزومِ الثَّمَنِ على المُشْتَرِي.
7-إِذَا اخْتَلَفَا عندَ مَن حَدَثَ العَيْبُ معَ الاحْتِمَالِ، فالقَوْلُ قَوْلُ البَائِعِ على الصَّحيحِ، وعلى هذا القَوْلِ عَمَلُ النَّاسِ.