دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 09:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب شروطه وما نهي عنه منه (1/34) [الحث على الكسب الطيب]


بابُ شُرُوطِهِ وما نُهِيَ عنهُ منْهُ

782- عنْ رِفاعةَ بنِ رافعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ قالَ: ((عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ)). رواهُ البَزَّارُ، وصَحَّحَهُ الحاكِمُ.

  #2  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 12:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


بَابُ شُرُوطِهِ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ
يَعْنِي بِالشُّرُوطِ شُرُوطَ الْبَيْعِ. وَالشَّرْطُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ حُكْمٍ أَوْ سَبَبٍ، سَوَاءٌ عُلِّقَ بِكَلِمَةِ شَرْطٍ أَوْ لا، وَلَهُ فِي عُرْفِ النُّحَاةِ مَعْنًى آخَرُ.
وَقَدْ جَعَلُوا شُرُوطَ الْبَيْعِ أَنْوَاعاً؛ مِنْهَا فِي الْعَاقِدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً مُمَيِّزاً. وَمِنْهَا فِي الآلَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْمَاضِي. وَمِنْهَا فِي الْمَحِلِّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالاً مُتَقَوِّماً، وَأَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، وَمِنْهَا التَّرَاضِي، وَمِنْهَا شَرْطُ النَّفَاذِ، وَهُوَ الْمِلْكُ أَو الْوِلايَةُ. وَقَوْلُهُ: (وَمَا نُهِيَ عَنْهُ)؛ أَيْ: مِن الْبُيُوعِ، وَسَتَأْتِي الأَحَادِيثُ فِي الَّذِي نُهِيَ عَنْ بَيْعِهِ.
1/736 - عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ قَالَ: ((عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ)). رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): هُوَ زَرَقِيٌّ أَنْصَارِيٌّ شَهِدَ بَدْراً، وَأَبُوهُ رَافِعٌ أَحَدُ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِسُورَةِ يُوسُفَ، وَشَهِدَ رِفَاعَةُ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُالْجَمَلَ وَصِفِّينَ، تُوُفِّيَ أَوَّلَ زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.
(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ قَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ)، وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ، (وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ): هُوَ مَا خَلَصَ عَن الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ لِتَنْفِيقِ السِّلْعَةِ، وَعَن الْغِشِّ فِي الْمُعَامَلَةِ. (رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ)، وَرَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَمِثْلُهُ فِي الْمِشْكَاةِ، وَعَزَاهُ لأَحْمَدَ، وَأَخْرَجَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ أَيْضاً عَنْ رَافِعٍ ذَكَرَهُ فِي مُسْنَدِهِ. قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِرِفَاعَةِ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ؛ فَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَعَبَايَةُ هُوَ ابْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَيَكُونُ سَقَطَ عَلَى الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ: عَنْ أَبِيهِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَقْرِيرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الطَّبَائِعُ مِنْ طَلَبِ الْمَكَاسِبِ، وَإِنَّمَا سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَطْيَبِهَا؛ أَيْ: أَحَلِّهَا وَأَبْرَكِهَا.
وَتَقْدِيمُ عَمَلِ الْيَدِ عَلَى الْبَيْعِ الْمَبْرُورِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ الأَفْضَلُ، وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ أيضاًً الآتِي، وَدَلَّ عَلَى أَطْيَبِيَّةِ التِّجَارَةِ الْمَوْصُوفَةِ.
وَلِلْعُلَمَاءِ خِلافٌ فِي أَفْضَلِ الْمَكَاسِبِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أُصُولُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَالتِّجَارَةُ وَالصَّنْعَةُ، قَالَ: وَالأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَطْيَبَهَا التِّجَارَةُ، قَالَ: وَالأَرْجَحُ عِنْدِي أَنَّ أَطْيَبَهَا الزِّرَاعَةُ؛ لأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ. وَتَعَقَّبَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَامِ مَرْفُوعاً: ((مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً خَيْراً مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ)).
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّ أَطْيَبَ الْمَكَاسِبِ مَا كَانَ بِعَمَلِ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ زِرَاعَةً فَهُوَ أَطْيَبُ الْمَكَاسِبِ؛ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ عَمَلَ الْيَدِ، وَلِمَا فِيهِ مِن التَّوَكُّلِ، وَلِمَا فِيهِ مِن النَّفْعِ الْعَامِّ لِلآدَمِيِّ وَلِلدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفَوْقَ ذَلِكَ مَا يُكْسَبُ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بِالْجِهَادِ، وَهُوَ مَكْسَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَشْرَفُ الْمَكَاسِبِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْلاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، انْتَهَى.
قِيلَ: وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَسْبِ الْيَدِ.


  #3  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 12:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


بَابُ شُروطِه وَمَا نُهِيَ عَنْهُ
660- عَنْ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئِلَ أيُّ الكَسْبِ أطْيَبُ؟ قالَ: ((عَمَلُ الرُّجُلِ بِيَدِهِ، وكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ)). رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وصَحَّحَهُ الحاكِمُ.

درجةُ الحديثِ:
الحديثُ صَحِيحٌ بتَعدُّدِ طُرُقِه.
قَالَ المُؤَلِّفُ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ وصَحَّحَهُ الحاكِمُ.
قالَ في التلخيصِ: رَوَاهُ الحاكِمُ والطَّبَرَانِيُّ، ورجَّحَ الْبُخَارِيُّ وابنُ أَبِي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ إرسالَه عن سعيدِ بنِ عُمَيْرٍ.
وفي البابِ: عن عَلِيٍّ وابنِ عُمَرَ, ذَكَرَهُما ابنُ أبي حَاتِمٍ، وأخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ حديثَ ابنِ عُمَرَ، ورجالُه لا بَأْسَ بِهِم.
قالَ في بُلوغِ الأمَانِيِّ: رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وأَخْرَجَهُ السيوطِيُّ في الجَامِعِ الصَّغِيرِ، ورَوَاهُ البَيْهَقِيُّ مُرْسَلاً، وقالَ: هذا هو المَحْفُوظُ واللهُ أعْلَمُ.
قالَ الهَيْثَمِيُّ في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ, بعدَ أنْ ذَكَرَ له عِدَّةَ طُرُقٍ، فقالَ عن طريقِ الطَّبَرَانِيِّ: رِجَالُه ثِقَاتٌ، وقالَ عن طَرِيقِ أحْمَدَ: رِجَالُه ثِقَاتٌ.
مُفْرَداتُ الحديثِ:
-الكَسْبِ: كَسَبَ يَتَعَدَّى بنَفْسِه، وبالهمزةِ إلى مَفْعولٍ ثَانٍ، فيُقالُ: أكْسَبْتُ زَيْداً مَالاً: أي أنَلْتُهُ، والكَسْبُ طَلَبُ الرِّزْقِ، وإِصَابَتُه بتَصَرُّفٍ وجُهْدٍ.
-أطَيْبُ: أي أفْضَلُ عَمَلاً، وأكْثَرُ بَرَكَةً، وأحَلُّ أَكْلاً.
-بَيْعٍ: بَاعَهُ يَبِيعُه بَيْعاً، فهو بَائِعٌ، والشيءُ مَبِيعٌ ومَبْيُوعٌ، وهو بائِعُ العَيْنِ، وهو من الأضْدَادِ مِثْلُ الشِّرَاءِ، فيُطْلَقُ على كُلٍّ مِن المُتعاقِدَيْنِ بَائِعٌ.
قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: بِعْتَ الشَّيْءَ بمَعْنَى ابْتَعْعُهُ‌‌، وبمعنَى اشْتَرَيْتُهُ، وشَرَيْتُ الشَّيْءَ بمعنَى بِعْتُهُ، ولكنْ إِذَا أُطْلِقَ البَائِعُ، فالمُتبَادِرُ إلى الذِّهْنِ أنَّه بَاذِلُ السِّلْعَةِ، والبَيْعُ اسْمُ مَصْدَرٍ، والجَمْعُ بُيوعٌ، والمَصْدَرُ لا يُجْمَعُ، ولَكِنَّهُ جُمِعَ نَظَراً إِلَى اخْتِلافِ أَنْواعِهِ، وتَفْسِيرُه لُغَةً: مُطْلَقُ المُبادَلَةِ.
وتَعْرِيفُه شَرْعاً: هو مُبادَلَةُ المَالِ بالمَالِ على سَبِيلِ التَّرَاضِي.
- مَبْرُورٍ: يُقالُ: بَرَّ يَبِرُّ بِرًّا، فالبَارُّ هو الصادِقُ الصالِحُ، وضِدُّ العَاقِّ، جَمْعُه أبْرَارٌ وبَرَرَةٌ، فالبَيْعُ المَبْرُورُ هو الذي لَمْ يُخالِطْهُ شَيْءٌ مِنَ المَأْثَمِ، كالكَذِبِ، والخِدَاعِ، واليَمِينِ الكَاذِبَةِ، ونَحْوِ ذلك.
قالَ ابْنُ القَيِّمِ: "البِرُّ" كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لجَميعِ أنْواعِ الخَيْرِ، والكَمَالِ المَطْلُوبِ من العَبْدِ، وفي مُقابِلَتِها كَلِمَةُ "الإِثْمِ" الجَامِعَةِ لأنْوَاعِ الشَّرِّ، ورَدِيءِ العُيوبِ.



ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1-الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى ما في الإسلامِ مِن حَثٍّ على الحَرَكَةِ والعَمَلِ، وطَلَبِ المَكَاسِبِ الطَّيِّبَةِ، وأنَّه دِينٌ ودَوْلَةٌ، فكَمَا يَأْمُرُ العَبْدَ بالقِيامِ بحَقِّ اللهِ تعالى عليهِ، يَأْمُرُه أيضاً بطَلَبِ الرِّزْقِ والسَّعْيِ في الأَرْضِ، لعِمَارَتِها واسْتِثْمَارِها، قالَ تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15].
2-يَدُلُّ على أنَّ أَفْضَلَ المَكاسِبِ عَمَلُ الرجُلِ بيَدِه، فقدْ جَاءَ في صحيحِ الْبُخَارِيِّ (2072) أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ)).
3- يَدُلُّ على أنَّ التِّجارةَ مِن أطْيَبِ المكاسِبِ، إذا سَلِمَتْ مِن العُقودِ المُحرَّمَةِ؛ كالرِّبا، والغَرَرِ، والخِدَاعِ، والتَّدْلِيسِ، ونَحْوِ ذلكَ من أكْلِ أَمْوالِ النَّاسِ بالبَاطِلِ.
4-يَدُلُّ الحديثُ على أنَّ البِرَّ كما يَكُونُ فِي العِباداتِ، يَكُونُ أيضاً في المُعاملاتِ، فإذا نَصَحَ المُسْلِمُ في بَيْعِه، وشِرَائِهِ، وصِناعتِه، وعَملِه، وحِرْفتِه، فإنَّ عَمَلَه هذا مِن البِرِّ والإِحْسَانِ، الَّذِي يُثَابُ عليهِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ.
5-يَدُلُّ على أنَّ أَيَّ عَمَلٍ يَقُومُ بهِ المُسْلِمُ ليَعِفَّ بهِ نَفْسَه، ويَسْتَغْنِيَ بهِ عَمَّا في أَيْدِي النَّاسِ أنَّه مِن المَكاسِبِ الطَّيِّبَةِ، وكلُّ إنسانٍ مُهَيَّؤٌ لِمَا يُناسِبُه مِنَ الأَعْمَالِ، والحِرَفِ، والصِّناعاتِ.
6-عَدَمُ تَخْصيصِ الشارِعِ وتَعْيِينِه عَمَلاً بعَيْنِه، دَلِيلٌ عَلَى قَصْدِ تَنْفِيذِ الإرادَةِ الكَوْنِيَّةِ في عِمارَةِ هذا الكَوْنِ، وذلكَ بأَنْ يَقُومَ كُلُّ إنسانٍ وكُلُّ طَائِفَةٍ بالعَمَلِ الذي لا تقومُ به الطائِفَةُ الأخْرَى، فاللهُ تبارَكَ وتعالى: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50].
7-الرجُلُ في الحديثِ لَيْسَ مَقْصوداً، وإنَّما سِيقَ مَساقَ الغَالِبِ، فإنَّ الرِّجالَ غَالِباً هُمْ أَصْحَابُ الكَسْبِ والإِنْفَاقِ.
8-البَيْعُ المَبْرُورُ هو الذي يُعْقَدُ على مُقْتَضَى الشَّرْعِ، باجْتِماعِ شُرُوطِه وأَرْكَانِه ومُتمِّماتِهِ، وانتفاءِ مَوانِعِه ومُفْسِداتِه، فتَجْتَمِعُ فيهِ الشُّروطُ المُتَقدِّمَةُ، وتَنْتَفِي عنه مَوانِعُه، من الغَرَرِ، والجَهالَةِ، والمُقامَرَةِ، والمُخاطَرَةِ، وعُقودِ الرِّبَا، والغِشِّ والتَّدْليسِ، وإخفاءِ العُيوبِ.

خِلافُ العُلماءِ:
اخْتَلَفَ العُلماءُ في تَعْيِينِ أَطْيَبِ المَكَاسِبِ وأحْسَنِها.
فقالَ المَاوَرْدِيُّ: أَطْيَبُها الزِّراعةُ؛ لأنَّها أقْرَبُ إلى التوَكُّلِ.
وقالَ النَّوَوِيُّ: أطْيَبُ المَكاسِبِ عَمَلُ الإنسانِ بيَدِه، فإنْ كَانَ زِرَاعَةً فهو أَطْيَبُ المَكَاسِبِ لِمَا يَشْتَمِلُ عليهِ مِن كَوْنِه عَمَلَ اليَدِ، ولِمَا فيهِ مِن التوَكُّلِ، ولِمَا فيهِ مِن النَّفْعِ العَامِّ للآدَمِيِّ والدَّوابِّ والطَّيْرِ.
وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ: أفْضَلُ المَكَاسِبِ مِن أَمْوَالِ الكُفَّارِ بالجِهَادِ، فهو مَكْسَبُ النبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ولِمَا فيه من إِعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ تعالى.
وقالَ الشيخُ عَبْدُ الرحْمَنِ السِّعْديِّ: اخْتَلَفَ العُلماءُ أيُّ المَكَاسِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ أَوْلَى، فمِنهم مَن فَضَّلَ الزِّراعةَ، ومِنهم مَن فَضَّلَ التِّجارةَ، ومنهم مَن فضَّلَ العمَلَ باليَدِ من الصنائِعِ والحِرَفِ.
وأحْسَنُ ما يُقالُ في هذا البابِ: أنَّ الأَفْضَلَ لكُلِّ أحَدٍ مَا يُنَاسِبُ حَالَهُ، ولا بُدَّ في جَميعِ المَكَاسِبِ مِن النُّصْحِ وعَدَمِ الغِشِّ، والقِيَامِ بالوَاجِبِ من جَميعِ الوُجوهِ.
قالَ ابْنُ مُفْلِحٍ في الآدابِ الشَّرْعيَّةِ مَا خُلاصَتُهُ:
يُسَنُّ التكَسُّبُ حتى معَ الكِفايةِ، كما يُباحُ كَسْبُ الحلالِ لزِيادةِ المالِ والجاهِ، والترَفُّهِ، والتنَعُّمِ، والتَّوْسِعَةِ على العِيالِ، معَ سَلامَةِ الدِّينِ، والعِرْضِ، والمَرُوءَةِ، وبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.
ويَجِبُ ذلك على مَن لا قُوتَ له، ولمَن تَلْزَمُهُ نَفَقَتُه، ويُقَدِّمُ الكَسْبَ لعِيالِهِ؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ)). رَواهُ مُسْلِمٌ (996).
قالَ القَاضِي: الكَسْبُ الذي لا يُقْصَدُ بهِ التكاثُرُ، وإنَّما يُقْصَدُ به التوَسُّلُ إلى طَاعَةِ اللهِ، مِن صِلَةِ الإِخْوانِ، أو التعَفُّفِ عن وُجوهِ الناسِ، فهو أفْضَلُ؛ لِمَا فيه مِن مَنْفَعَةِ غَيْرِه ومَنْفَعَةِ نَفْسِه، وهو أفْضَلُ من التفَرُّغِ لنَوافِلِ العِباداتِ؛ لِمَا فيهِ مِن مَنافِعِ الناسِ، وخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهم للناسِ.
فائدةٌ:
قالَ الخطَّابِيُّ: كلُّ ما شَكَكْتَ فيهِ فالوَرَعُ اجتنابُه؛ لحديثِ: ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ)). رواهُ أَحْمَدُ (1630).
وقالَ الغَزَالِيُّ: وَرَعُ الصِّدِّيقِينَ: تَرْكُ مَا يُتناوَلُ لغَيْرِ نِيَّةِ القُوَّةِ على العِبادَةِ.
ووَرَعُ المُتَّقِينَ: تَرْكُ ما لا شُبْهَةَ فيهِ خَشْيَةَ أنْ يَجُرَّ إلى الحرامِ.
وورَعُ الصالِحِينَ: تَرْكُ ما يَتطَرَّقُ إليه احتمالُ التحريمِ، بشَرْطِ أنْ يكونَ لذلك الاحتمالِ مَوْقِعٌ، فإنْ لَمْ يَكُنْ له مَوْقِعٌ فهو وَرَعُ المُوَسْوِسِينَ.
قالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الفَرْقُ بينَ الزُّهْدِ والوَرَعِ، أنَّ الزُّهْدَ تَرْكُ مَا لاَ يَنْفَعُ في الآخِرَةِ، والوَرَعُ تَرْكُ مَا يُخَافُ ضَرَرُه في الآخِرَةِ.
قالَ ابْنُ القَيِّمِ: إِنَّ هذهِ العبارةَ مِن أَحْسَنِ مَا قِيلَ في الزُّهْدِ والوَرَعِ وأَجْمَعِها.
وقالَ ابْنُ القَيِّمِ أيضاً: التحقيقُ أنَّ النِّعمَ إنْ شَغَلَتْهُ عن اللهِ، فالزُّهْدُ فيها أفْضَلُ، وإنْ لَمْ تَشْغَلْهُ عن ذِكْرِ اللهِ بل كانَ شَاكِراً فيها، فحالُه أَفْضَلُ، والزُّهْدُ فيها تَجْرِيدُ القَلْبِ عن التعَلُّقِ بها، والطُّمَأْنينَةِ إليها.

قَرَارُ المَجْمَعِ الفِقْهِيِّ بشَأْنِ حُكْمِ الحُقوقِ المَعْنويَّةِ:
بِسْمِ اللهِ الرحْمَنِ الرحيمِ
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والصلاةُ والسلامُ على سَيِّدِنا ونبيِّنا مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيِّينَ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ
إنَّ مَجْلِسَ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلامِيَّ المُنْعَقِدَ في دَوْرَةِ مُؤْتَمَرِهِ الخامِسِ بالكُوَيْتِ، من 1 إلى 6 جُمادَى الأُولَى 1409هـ، 10 إلى 15 كانونَ الأوَّلِ دِيسَمْبِرَ 1988م، بعدَ اطِّلاعِهِ على البُحوثِ المُقَدَّمَةِ من الأعضاءِ والخُبراءِ، في مَوْضوعِ الحُقوقِ المَعْنويَّةِ، واستماعِه للمُناقشاتِ التي دَارَتْ حولَه.
قَرَّرَ:
أوَّلاً: الاسْمُ التِّجارِيُّ، والعُنوانُ التِّجارِيُّ، والعَلامَةُ التِّجارِيَّةُ، والتأليفُ، والاختراعُ، أو الابتكارُ، هي حُقوقٌ خَاصَّةٌ لأصحابِها، أصْبَحَ لها في العُرْفِ المُعاصِرِ قِيمَةٌ مَالِيَّةٌ مُعْتَبَرَةٌ، لتَمَوُّلِ النَّاسِ لها، وهذهِ الحُقوقُ يُعْتَدُّ بها شَرْعاً، فلا يَجُوزُ الاعتداءُ عليها.
ثانياً: يَجُوزُ التصَرُّفُ في الاسْمِ التِّجارِيِّ، أو العُنوانِ التِّجارِيِّ، أو العلامةِ التِّجارِيَّةِ، ونَقْلُ أيٍّ منها بعِوَضٍ مالِيٍّ، إذا انْتَفَى الغَرَرُ، والتَّدْلِيسُ، والغِشُّ، باعتبارِ أنَّ ذلك أصْبَحَ حَقًّا مَالِيًّا.
ثالثاً: حُقوقُ التأليفِ، والاختراعِ، أو الابتكارِ مَصُونَةٌ شَرْعاً، ولأصحابِها حَقُّ التصَرُّفِ فيها، ولا يَجُوزُ الاعتداءُ عليها.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, شروطه

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir