دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الأولى 1439هـ/12-02-2018م, 09:27 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي تطبيقات على درس أسلوب الحجاج

تطبيقات على درس أسلوب الحجاج
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1439هـ/14-02-2018م, 07:08 AM
فاطمة إدريس شتوي فاطمة إدريس شتوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 311
افتراضي

رسالة تفسيرية في قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23]

أمر الله تعالى المؤمنين بمباينة الكفار به، ونهى عن موالاتهم حتى وإن كانوا أقرباء، إذا آثروا الكفر على الإيمان، وقد قيل أنها نزلت نهيًا للمؤمنين عن موالاة أقربائهم، الذين لم يهاجروا من أرض الشرك إلى دار الإسلام. وظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافة، الذين بمكة وغيرهم، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين

وبيان ذلك من وجوه:

1 - لما جاء النهي في قوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ}، عن تولي الآباء والإخوة الكفار؛ دل على أن النهي أشد واكد على من تولى الأباعد من الكفار.
قال السعدي: ولا تتخذوا آباءكم وإخوانكم الذين هم أقرب الناس إليكم، وغيرهم من باب أولى وأحرى

ومن الشواهد على هذه الآية قول الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4].

2 - أن حرمة موالاة الكفار تدل بمفهومها على وجوب موالاة المؤمنين، بل إن ذلك من مقتضيات الإيمان.

وقد أتى صريحاً في موضع آخر، قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55].

قال ابن تيمية: أنه من المعلوم المستفيض عند أهل التفسير، خلفًا عن سلف، أن هذه الآية نزلت في النهي عن موالاة الكفار، والأمر بموالاة المؤمنين

3 - وصف الله أولياء الكفار بالظالمين، في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لأن من شعب الايمان مباعدة الكفار
قال تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ...الآية} [المجادلة: 22].

جعل الله تعالى ما أمر به المؤمن في هذه الآية، علما يتميز به المؤمن من المنافق، وأخبر أن من لم يفعل ذلك، فهو ظالم لنفسه مستحق للعقوبة من ربه

- مع العلم أنها تزداد حرمة موالاة الكفار في حق من كان محارباً للمسلمين، ومخرجاً لهم من ديارهم، وصاداً لهم عن دينهم، كما قال تعالى: {إنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 9]

يجدر التنبيه على أنه لا تعارض بين تحريم موالاة الكفار ومودتهم، وبين البر الإحسان في التعامل معهم.
قال سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

وقد ورد عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: )قدمتْ عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستفتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك
فالبر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتودد المنهي عنهبالمودة

وقال ابن القيم: فإن الله سبحانه لما نهى عن اتخاذ المسلمين الكفار أولياء وقطع المودة بينهم، توهم البعض أن برهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة، فبين الله سبحانه أن ذلك ليس من الموالاة المنهي عنها، وأنه لم ينه عن ذلك، بل هو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه، وكتبه على كل شيء، وإنما المنهي عنه تولي الكفار والإلقاء إليهم بالمودة

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 جمادى الآخرة 1439هـ/18-02-2018م, 12:02 AM
عبدالعزيز ارفاعي عبدالعزيز ارفاعي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 173
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (
33) }


سورة النازعات عموما من مقاصدها الرد على منكري البعث بعد الموت وقرع قلوبهم المكذبة ابتداء بالاقسام بالملائكة التي تجذب أرواح الكفار بشدة وعنف على أن يبعثهم للجزاء والحساب وذكرا للنفختين وأن المسألة سهلة على الله جلّ جلاله فإنما هي زجرة واحدة ثم ذكر قصة فرعون الذي أنكر ذلك وما هو حاله ومصيره الآن وإن لم تعتبروا بهذا , استخدم معهم الأسلوب الأنكاري التقريري فقال تعالى ((أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها)) أي أأنتم أشد خلقا وعظمة من خلق السماء التي جعلها عالية البناء ورفعها وجعلها مستوية الأرجاء قد زينت بالكواكب والنجوم في الليل وجعل الليل مظلما بغياب الشمس وأبرز النهار بضوء الشمس ,ثم ذكر خلق الأرض ومافيها من عظمة وآيات وكذلك الجبال قال تعالى ((لخلق السموات والأرض اكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون)) سورة غافر,فالله سبحانه وتعالى ينكر على هؤلاء الكفار إنكار تقريع وتوبيخ وتقرير فإن اعترفوا في قرارة أنفسهم أن هؤلاء المخلوقات أعظم خلقة منهم ,فمن باب أولى أن يقروا بالبعث والنشور الذي ينكرونه وأن الله قادرا على إعادة بعثهم ونشورهم لاسيما ,أن الإعادة أسهل من الابتداء قال تعالى ((وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه)) سورة الروم وهذا أحد الأدلة العقلية الدالة على البعث دلالة قاطعة لمن نظر بعقل وتجرد وهو دليل لايقبل الشك والريبة ولكن كثيرا من الناسر لايعتبرون ولا يجعلونه على بالهم ,وقال الشيخ السعدي رحمه الله "" فالذي خلق السموات العظام ومافيها من الأنوار ووالأجرام والأرض الكثيفة الغبراء وما فيها من ضروريات الخلق ومنافعهم ,لابد أن يبعث الخلق المكلفين فيجازيهم على أعمالهم فمن أحسن فله الحسنى ومن أساء فلا يلومن إلا نفسه ولهذا ذكر بعد هذا قيام الساعة ثم الجزاء ""

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 جمادى الآخرة 1439هـ/18-02-2018م, 03:44 AM
للا حسناء الشنتوفي للا حسناء الشنتوفي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 384
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى : ( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى* أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى* أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى) [ القيامة] 37.
الأسلوب الحجاجي


بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد،

بعث الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه و سلم إلى أمّيين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، و حسبوا أنهم أتوا إلى الحياة الدنيا ليتمتعوا و يبنوا و ينجبوا و يتفاخروا، فحسب مقاييسهم البشرية ، إنما هي أرحام تدفع، و قبور تبلع، و بين الحياتين لهو و لعب، ثم إذا انقضت مدّتهم على وجه الأرض، ماتوا و أصبحوا رميما لا حياة بعدها و أنما يهلكهم الدهر، لم يكونوا يدركون أن لخالق الكون إلاها خلقهم و لم يهملهم، و لم تهدهم عقولهم إلى أن لوجود الإنسان غاية مفادها الابتلاء و الاختبار، و أنه سيعود يوما لبارئه فيحاسبه و يجازيه، و هذا ما سجّله عليهم القرآن الكريم في سور عديدة، و من ضمنها هذه السورة الجليلة، التي سُمّيت بإسم القيامة تصريحا، فبدأت بقسم الله تعالى بيوم القيامة، وكان جواب القسم استنكاراً لمن استبعد إعادته لهيئته الأولى بعد أن يصير عظاما.

في هذا الآيات العظيمة، ذكر القرآن الكريم أقوالهم الناجمة عن فهمهم القاصر، فقال سبحانه :
(أيحسب الإنسان أن يُترك سدى)؟ : أي هملاً، لا يؤمر و لا يُنهى، و من ثمّ لا يُبعث و لا يُجازى؟
بدأت هذه الآية بأسلوب استنكاري يدل على شناعة هذا الفهم، و أنه يدل على جهل بالخالق سبحانه، ففيه اعتقاد ما لا يجوز في حق الله تعالى، فإذا لم يكن هناك أمر و نهي مفضيان إلى رجوع و حساب و جزاء، و كانت حياة البشرية قاصرة على دنيا لا اختبار فيها و لا امتحان، فهذا منتهى العبث و العياذ بالله، و ربنا سبحانه من أسمائه الحكيم، و هو تعالى منزّه عن كل نقص، و من حكمته أن جعل الدنيا دار ابتلاء،و جعل الآخرة دار جزاء، فتعالى الله عز و جل أن يترك خلقه سدى، دون عمل و جزاء..

ثم إنّ القرآن الكريم لم يكتف بإيراد قولهم دون الرد عليه، قال سبحانه :
(ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى) ؟؟؟ : في هذه الآية دليل عقلي و حجة قاطعة تردّ على مزاعمهم و حساباتهم الغير منطقية، قال ابن كثير رحمه الله تعالى : أما كان الإنسان نطفةً ضعيفةً من ماءٍ مهينٍ، يمنى يراق من الأصلاب في الأرحام، فصار علقةً، ثمّ مضغةً، ثمّ شكّل ونفخ فيه الرّوح، فصار خلقًا آخر سويًا سليم الأعضاء؟؟
(فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى)؟؟ و بعد أن خلقه من العدم و سوّاه و عدّله في أي صورة ما شاء ركّبه جعل منه زوجين :ذكر و أنثى . (ابن كثير)
ثم قرّر بعد هذه الحقائق، حقيقة عظيمة أخرى، لعلهم يدركونها، حقيقة تفرض نفسها على العقل البشري، ألا و هي الاستدلال بالبداءة على الإعادة ، فقال تعالى :
(أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) :
إن الذي أنشأ النشأة الأولى من العدم (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا)، و سوّى الإنسان بهذا الخلق البديع ، و ميّزه بالعقل على باقي الكائنات، ووهبه أدوات التلقي عنه سبحانه من سمع و بصر و فؤاد، لن يُعجزه أن يعيد النشأة الأخرى، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (27) الروم.

لقد أبطل الله سبحانه بهذا الدليل العقلي، شبهة المشركين التي تبنّوها، و لا يملك الإنسان أمام هذه الحقيقة المقرّرة، إلا أن يقول : سبحانك ربي فبلى، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم :
عنأبي داود والبيهقي في "سننه" عن موسى بن أبي عائشة قال: كان رجل يصلي فوق بيته فكان إذا قرأ {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} قال: سبحانك فبلى فسألوه عن ذلك فقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 15 / 140]

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 جمادى الآخرة 1439هـ/18-02-2018م, 10:47 AM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ (7)} الجمعة

بعد أن مثل الله حال جهل اليهود بالتوراة، جاءت هذه الآيات وهي خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لهم لإبطال زعمهم وهذا من آثار جهلهم أيضا وهو ادعائهم الفضيلة وأنهم ليسوا كبقية الناس وأنهم أولياء الله، ومن ذلك قولهم { نَحْنُ أَبْنَاء ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} (المائدة: 18)، وقولهم {لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَـٰرَىٰ } (البقرة: 111)، ولكونهم كاذبين في دعواهم، أمر الله النبي بخطابهم توبيخا لهم وإلجاءا لهم حتى يلزمهم ثبوت دعواهم، بتمني الموت، ولما كان الحق صريحا واضحا وهم معاندون له، عبر عن كذبهم بأداة الشك {إن زعمتم}، وهذه الآية مصداقا لقوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة:94).

وكما رد على دعواهم في سورة المائدة بقوله تعالى:{ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ }[المائدة: 18]، طلب منهم في هذا الموضع تمني الموت لبيان الخصوصية التي ادعوها لأنفسهم عند الله، فلولي الله كرامة عنده، ومن أحب الله تمنى لقاءه حقا، وأسرع إلى ما عنده من النعيم المقيم، والاستراحة من غموم الدنيا وهمومها، فيظهر للعبد في حياته الأبدية آثار رضا الله عنه، كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أحبَّ لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كَره لقاء الله كره الله لقاءه"، فقالت عائشة: إنا نكره الموت، فقال لها: "ليس ذلك".

وورد عن بعض المفسرين أن المراد بهذا الطلب هو المباهلة كما طلب من النصارى في سورة آل عمران، ويكون ذلك أيضا من باب التعجيز.

ثم ذكر شرطا لهذا التمني وهو {إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في أقوالكم وعلى ثقة بأنكم على حق، وأنكم أولياء لله، فإن المحب لا يعذب حبيبه، ولتصيروا إلى ما يصير إليه أولياء الله، والخلوص من هذه الدار، فكان هذا الأمر إظهارا لكذبهم، فلم يقلها منهم أحد لعلمهم بصدق النبي، وعنادا منهم بعدم الإيمان.

وكانت هذه الآية معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وآية عظيمة له، وقد روى الإمام أحمد عن ابن عباس، قال: قال أبو جهل لعنه الله إن رأيت محمداً عند الكعبة، لآتينه حتى أطأ على عُنُقه، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو فعل لأخذته الملائكة عياناً، ولو أن اليهود تمنوا الموت، لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً ".

وذكر ابن عطية في تفسيره: أنه لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبت يهود المدينة ليهود خيبر: إن اتبعتم محمداً أطعناه وإن خالفتموه خالفناه، فقالوا نحن أبناء خليل الرحمن ومنا عزيز ابن الله والأنبياء ومتى كانت النبوة في العرب نحن أحق بها من محمد ولا سبيل إلى اتباعه فنزلت {قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُواْ} الآية.

ثم قال تعالى: {وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ} تحديا لهم وإقامة للحجة عليهم، وفي هذه الآية إخبار بالغيب في المستقبل، فما تمناه منهم أحد، لثقتهم بصدق النبي وما يوحى إليه، وخوفهم من الموت، ولعلمهم بسوء حالهم عند الله بما اكتسبوه من الآثام والظلم وما اجترحوا من السيئات والفجور وتحريف ما أنزل الله، فكان ذلك دليل على بطلان ما ادعوه من أنهم أولياء لله، وظهور شكهم في هم عليه، كما ورد في الحديث أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية: "والذي نفس محمد بيده لو تمنَّوا الموت ما بقي على ظهرها يهودي إلا مات"، مع شدة تمنيهم الحياة ولو ألف سنة، فقد يئسوا من الآخرة، وأيقنوا بالهلاك ودخول النار، مصداقا لقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاة} (البقرة: 96).

ونسبت الأفعال إلى اليد لكثرة استخدمها من بين الجوارح الأخرى، وفي ذلك أيضا بيان لشؤم المعاصي على الإنسان التي تكون سببا إلى دخول النار.

ثم كان تذييل الآية بقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بالظَّالِمِينَ}، أي ذو علم وإحاطة بمن ظلم نفسه فأوبقها، واللفظ وإن كان عاما، فإن دخول اليهود فيه أوليا لعنادهم ومكابرتهم، فيجازيهم على ظلمهم وكفرهم، وهذا بيان لذمهم واستحقاقهم العذاب، وشدة الوعيد لهم.

المراجع:
- جامع البيان للطبري
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
- فتح القدير للشوكاني
- المحرر الوجيز لابن عطية
- التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 4 جمادى الآخرة 1439هـ/19-02-2018م, 08:57 PM
سارة عبدالله سارة عبدالله غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 438
افتراضي

اسلوب الحجاج

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 جمادى الآخرة 1439هـ/23-02-2018م, 03:11 AM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

انتفاء المساواة بين المسلمين والمشركين

كان المشركين من أهل مكة يرون ما هم فيه من وفرة الأموال والأولاد وانفتاح الدنيا عليهم فاغتروا بذلك، وكانوا إذا سمعوا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم على الإيمان بالبعث والنشور، استهزءوا بذلك وقالوا: إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد ومن معه لم يكن حالنا وحالهم إلا مثل ما هي في الدنيا، وإلا لم يزيدوا علينا ولم يفضلونا، وأقصى أمرهم أن يساوونا.

فأبطل سبحانه وتعالى زعمهم هذا بإنزال قوله تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۙ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ(41) ).

فحصرت هذه الآيات احتمالات مصدر زعمهم الباطل، ليتبين خطأ زعمهم عقلياً ونقلياً، وهي أربع احتمالات ، وقد ورد في هذه الآيات كذلك من الأساليب والحروف الدالة على خطأ قولهم، سنأتي على بيان ذلك كله عند تفصيلنا في كل آية على حدة:

قال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)، وهذ استفهام إنكاري قرعهم به سبحانه وتعالى على قولهم المناقض للعقل، فكيف يستوي من يؤمن بالله ولا يشرك به شيئاً ويؤمن بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويؤمن القدر، ويعمل الصالحات ويجتنب السيئات ويطيع الله ورسوله، بمن يشرك بالله وكذب رسله وكتبه واليوم الآخر، وافترى على الله ابشع الأقوال وقال على الله بغير علم، لا والله يستوون، وقد قال سبحانه وتعالى (المجرمين) ولم يقل المشركين ولا الكافرين، لينبه على سبب عدم المساواة بينهم.
(وفي الآية كناية عن إعطاء المسلمين جزاء الخير في الآخرة، وحرمان المشركين منه، لأن نفي التساوي وارد في معنى التضاد بين الخير والشر في القرآن ، قال تعالى: (أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار)، وإذا انتفى أن يكون للمشركين حظ في جزاء الخير انتفى ما قالوه من أنهم أفضل حظاً في الآخرة من المسلمين كما هو حالهم في الدّنيا بطريق فحوى الخطاب.) منقول عن ابن عاشور بتصرف.

وكذلك هذه الآية بما فيها من استفهام انكاري فيها رد على كل من زعم أن دين الإسلام دين المساواة ورد على من نادى بوحدة الأديان، وهذا مخالف للشريعة؛ لأنه يقتضي المساواة بين أحكام المسلم وأحكام الكافر سواء في الدنيا أو الآخرة، وهو ما جاءت الشريعة بالتفريق بينهما أشد التفريق، بل هو أساس الدعوة إلى الله، فمن غير التفريق بين المسلم والكافر، لا حاجة بنا إلى الدعوة إلى الله وإلى توحيده، ولا إلى الجهاد في سبيل الله، فدين الإسلام دين العدل وليس دين المساواة.
قال تعالى: (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)، في الآية استفهامين انكاريين، الأول (ما لكم) أي: أي شيء حصل لكم حتى ادعيتم هذه الدعوى؟، الثاني (كيف تحكمون) أي: كيف تحكمون بهذا الحكم ما حجتكم فيه ودليلكم عليه؟، فلا تحكموا بأفضليتكم على المسلمين ولا مساواتهم لكم في جزاء الآخرة وكأنه مفوض إليكم الجزاء.

ثم بين سبحانه أن حكمهم وزعمهم هذا له أربع احتمالات واحتجاجات لا يخرج عنها: فإما أن يكون سنده كتاباً سماوياً نزل من عنده سبحانه، وإما أن يكون سنده عَهْداً من عنده بأنه يعطيهم ما يقترحون ، وإما أن يكون لهم كفيل على الله ، وأما أن يكون اغتراراً بنصر شركائهم لهم، ذكرهم سبحانه فيما يأتي من الآيات:

قال تعالى: (أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ)، انتقل سبحانه وتعالى من التوبيخ إلى الاحتجاج على كذبهم ، فهذا هو الاحتجاج الأول على كذبهم، فقد نفى سبحانه وتعالى بالاستفهام الانكاري أن يكون قد نزل عليهم من قبل كتاباً سماوياً يدرسونه، وقد خص لفظ الدراسة وليس القراءة، ليدل على الدراسة العميقة التي تبصر بما يحويه الكتاب، وليس القراءة السريعة التي قد لا تفيد غالباً، وهذا فيه إشارة إلى أنهم كانوا أمييون ليسوا أهل كتاب، ولما جاءهم كتاب ليهديهم ويبصرهم ويلحقهم بأهل الكتاب كفروا نعمة هذا الكتاب وكذبوه.

قال تعالى: (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ)، أي: أنه يذكر في ذلك الكتاب أن لكم ما تختارون من خير الجزاء، فتختارون كل ما تهواه نفوسكم بلا ممانع ومعارض من النعيم الدائم ودخول الجنات وغيرها.

قال تعالى: (أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۙ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ)، وهذا هو الاحتجاج الثاني على كذبهم، فقد انكر سبحانه وتعالى زعمهم بالاستفهام الانكاري على أن يكون لهم أيمان أي: عهود ومواثيق مؤكدة مؤبدة أخذوها على الله بأن لهم ما يشتهون في الآخرة وما يحكمون ويأمرون به بدون مراجعة ونظر فيه.

قال تعالى: (سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ)، وهذه الآية كذلك قد بدأت بالاستفهام الانكاري وفيها ذكر الاحتجاج الثالث على كذبهم، وهي آية مستأنفه تبين الآية السابقة ، فالعهود والمواثيق يحتاج فيها إلى كفلاء عادةً، فلما أنكر أن يكون لهم عهود ومواثيق طلب منهم بل تحداهم بأن يظهروا من هم الكفلاء والزعماء الذين هم منهم لتلك العهود والمواثيق، وقد حدد بأنه منهم تهكماً بهم وزيادة في الانكار عليهم، فكيف يكون الكفيل بذلك واحد منهم وهم الضعفاء الأذلاء المحتاجين لغيرهم في جميع أمورهم، الذين لا يملكون النفع ولا الضر لأنفسهم ولا لغيرهم، فالمتعاهدَين لهم حالتين:
1. إما أن يكونا متكافئين، فيلتزم كل منهما بالعهد والميثاق مقابل مصلحة أو فائدة يأخذها كل واحد منهما من الآخر، فما هي المصلحة التي ستلزمه سبحانه وتعالى القوي العزيز الذي بيده ملك كل شيء القادر على كل شيء على التعاهد مع هذا الضعيف المحتاج الذي لا يملك أي شيء بيده.
2. وإما أن يكون أحد الطرفين قوي والآخر ضعيف، فيلتزم الضعيف بما يشترطه القوي مقابل الحصول على العفو والمغفرة، ولا يخفى على أحد بأن الله سبحانه وتعالى يستحيل بأن يكون هو الطرف الضعيف المحتاج إلى العفو والمغفرة فكيف يكون الخالق المالك محتاج إليهم وهو الذي خلقهم من العدم وهم مقرون بربوبيته له، ففي هذا خطأ منطقي لا يقبله العقل السليم، فلم يبقى إلا احتمال أن يكونوا هم الطرف الضعيف المحتاج إلى العفو والمغفرة والصفح ليتمكنوا من الحصول على جزيل المثوبات والعطيات، فيتحول الأمر من حجه لهم إلى حجة ودليل على زيغهم وضلالهم.

قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ)
، وهنا كذلك انكر عليهم زعمهم بالاستفهام الانكاري وعرض الاحتجاج الرابع على كذبهم، وللآية معنيان:
الأول: أن يكون لهم شركاء مع الله يشفعون لهم ويكشفون عنهم الضر يوم القيامة ويحفظونهم في الدنيا كذلك، فعجزهم بأمرهم بالإتيان بهم واحضارهم، وبعضهم ربط بين هذه الآية والتي بعدها (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) فيكون التعجيز بأن يأتوا بهم يوم القيامة يوم يكشف عن ساق يوم يفر المرء من أهله وأحبائه، ويتبرأ كل واحد من الآخر، ويجوز بأن تكون هذه الآية تذكير وزجر بذكر يوم القيامة بتقدير كلمة اذكر قبل هذه الآية.
و المعنى الآخر: أن لهم شهداء يشهدون لهم بصدق ما ادّعوه ويوافقونهم على أقوالهم، فليأتوا بهؤلاء الشهداء ليشهدوا لهم على صدقهم في دعواهم، ويستحيل هذا لأن قولهم هذا مليء بالمناقضات العقلية التي لا يوافق عليها حتى الطفل، فالطفل عندما يأمره مربيه ويأمر غيره بإحسان السلوك والأخلاق ووعده بالمكافئة على ذلك، ثم التزم بذلك فكافئه ولكنه كافئ معه غيره ممن لم يلزم بما امر به، فإنه يشعر بعدم العدل وبأن ذلك الطفل لا يستحق المكافئة بل الذم والتوبيخ، فإذا كان الطفل يفرق بين المحسن والمسيء فكيف لكم أن لا تفرقوا أنتم بينهم وتريدون كذلك من يشهد لكم على صحة ادعائكم؟ كلا لن يقبل صاحب عقل سليم بهذا، فما سبب مقولتهم هذه إلا الكبر والغرور، أعاذنا الله منهما.

ومما يلاحظ في أسلوب هذه الآيات الإنكار والتقريع الشديد على قولهم هذا، فقد احتوى المقطع سبعة استفهامات انكارية على وجازة المقطع وقصره، فدل هذا على شدة بعد هذه الدعوى عن العقل السليم من الشهوات والشبهات المضلة، والله أعلم.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


المصادر:
1. جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري.
2. الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان للقرطبي.
3. التحرير والتنوير لابن عاشور.
4. القرآن العظيم لابن كثير.
5. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي.
6. تفسير زبدة التفسير لمحمد سليمان الأشقر.
7. التسهيل لتأويل التنزيل (تفسير جزء تبارك) في سؤال وجواب لمصطفى العدوي.
8. التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم إعداد نخبة من العلماء بإشراف أ.د. مصطفى مسلم.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 جمادى الآخرة 1439هـ/23-02-2018م, 11:52 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقويم تطبيقات على درس أسلوب الحجاج

o فاطمة إدريس شتوي.د+
بارك الله فيكِ ، أسلوب الحجاج يرتكز على أمرين :
1: وجود شبهة لدى الخصم.
2: العمل على دحض هذه الشبهة بإقامة الحجج والبراهين لإبطالها بأساليب متنوعة .
ورسالتك لا تتعلق بهذا الأسلوب لأن الآية التي اخترتها ليس فيها احتجاج على شبهة ؛ فهي أقرب للأسلوب الاستنتاجي .
** بانتظار تعديلك وفقكِ الله.

o عبدالعزيز ارفاعي
أحسنت وفقك الله ومما فاتك بيان الآية التي تدل على شبهتهم وهي التكذيب بالبعث في قوله تعالى :{يقولون
أإنا لمردودون في الحافرة O إئذا كنّا عظاما نخرة قالوا تلك إذا كرة خاسرة }، وفي تفسير ابن عاشور بيان واضح لطريقة محاجتهم فاتك ذكر شيء منها .

o للا حسناء شنتوفي.أ+
أحسنتِ وفقكِ الله .

o هيثم محمد.أ
أحسنت بارك الله فيك.
تم خصم نصف درجة للتأخير.

o سارة عبدالله.ب
أحسنت وفقكِ الله .
عند اقتباسك لبعض كلام المفسرين ضعي كلامهم بين أقواس مع نسبتها لهم.
لا نقول احتمالاتهم بل شبهات افتروها على النبي صلى الله عليه وسلم.
تحتاج رسالتك لمزيد من البيان والتنظيم ببيان جيد للسبر والتقسيم بحيث تعرضي كل شبهة ثمّ الردّ عليها مع الاستشهاد بشكل مرتب.

تمّ بفضل الله
سددكم الله ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 جمادى الآخرة 1439هـ/25-02-2018م, 07:45 AM
فاطمة إدريس شتوي فاطمة إدريس شتوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 311
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) } [التوبة : 6]

يخاطب الله نبيه فيقول: أي مشرك من المشركين الذين أمرتك بقتالهم، وأحللت لك استباحة نفوسهم وأموالهم، استجارك: استعاذ بك واستأمنك بعد انسلاخ الأشهر الحرم؛ فأجبه إلى طلبته وأعذه وأمنه ؛ حتى يسمع القرآن يُقرأ عليه، فتقوم عليه حجة الله ، ويتبين له دين الله عز وجل ، فإن أسلم فقد نال عز الإسلام وخير الدنيا والآخرة وصار رجلاً من المسلمين ، وإن إن لم يسلم أبلغه الموضع الذي يأمنُ فيه وهو دار قومه، فإن قاتلك بعد ذلك ، وقدرت عليه فاقتله، فهم قوم لا يعلمون دين الله وتوحيده، ومحتاجون إلى سماع كلام الله؛ ليعلموا دين الله، وتنتشر دعوة الله في عباده .

قال السعدي: "وفي هذا -أي الآية- حجة صريحة لمذهب أهل السنة والجماعة، القائلين بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، لأنه تعالى هو المتكلم به، وأضافه إلى نفسه إضافة الصفة إلى موصوفها، وبطلان مذهب المعتزلة ومن أخذ بقولهم: أن القرآن مخلوق"

فاستدل أهل السنة والجماعة بهذه الآية على أن القرآن غير مخلوق، لأن الله هو المتكلم به، فالكلام صفة لله، وصفات الله كذاته غير مخلوقة، وقد الله سمى القرآن كلامًا، ولم يسمِّه خَلقًا، والآيات على ذلك كثيرةٌ، منها: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ﴾ [البقرة: 37]، وقال تعالى: ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 75].
وإذا كان الله تعالى سماه كلامًا، ولم يسمِّه خَلقًا، فلا يكون داخلاً في قوله سبحانه: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]، فلا يكون مخلوقًا.

وقد أثبت الله الكلام لنفسه، خلافًا لما يعتقده الضالون، فقال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [الأعراف: 143]، وكذلك أثبته لنفسه في الآخرة بعد دخول أهل الجنة، وبوَّب البخاري في صحيحه على ذلك فقال: "باب كلام الرب تبارك وتعالى مع أهل الجنة"، وقال لأهل النار: ﴿ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108].
والوصف بالتكلم من أوصاف الكمال، وضده من أوصاف النقص؛ قال تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ﴾ [الأعراف: 148]؛ فعدمُ الكلام نقص.

ومسألة خلق القرآن من المسائل التي استفاض العلماء في الحديث عنها، وتقرر فيها مذهب أهل السنة والجماعة، ومجمل ذلك: أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، وأن كلام الله صفة لله، قائمة بذاته، على ما يليق بجلاله وعظمته، وأنه تعالى لم يزل متكلما، إذا شاء، ومتى شاء، وكيف شاء، وهو متكلم بحرف وصوت يُسمع، ومن قال بخلق القرآن فهو كافر

سُئل الإمام أحمد بن حنبل ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله غير مخلوق. فقيل: بم أكفرته؟ قال: بآيات من كتاب الله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } [البقرة: 120] فالقرآن علم الله , فمن زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر .
وكان الإمام مالك بن أنس وجماعة من العلماء بالمدينة وذكروا القرآن فقالوا: كلام الله وهو منه وليس من الله شيء مخلوق

قال البيهقي: " مذهب السلف والخلف من أصحاب الحديث أن القرآن كلام الله عز وجل، وهو صفة من صفات ذاته ليست ببائنة منه"

وقد أخبر سبحانه أنه منزل من الله ولم يخبر عن شيء أنه منزل من الله إلا كلامه؛ بخلاف نزول الملائكة والمطر والحديد، مما يدل على أن ليس كل ما ينزل من السماء غير مخلوق، فإن الله أنزل من السماء ماء وهو مخلوق، وأنزل الحديد كما في قوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25] ، وهو مخلوق، وقال تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج} ، [الزمر: من الآية6] ، والأنعام مخلوقة، فإذا كان المنزل من عند الله وصفا مضافا إلى الله، وصفة لا تقوم بذاتها; وإنما تقوم بغيرها; لزم أن يكون غير مخلوق; لأنه من صفات الله.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } [الأنعام: 114] { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } [النحل: 102] {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الزمر: 1].

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 جمادى الآخرة 1439هـ/26-02-2018م, 12:02 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشة إبراهيم الزبيري مشاهدة المشاركة
انتفاء المساواة بين المسلمين والمشركين

كان المشركين من أهل مكة يرون ما هم فيه من وفرة الأموال والأولاد وانفتاح الدنيا عليهم فاغتروا بذلك، وكانوا إذا سمعوا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم على الإيمان بالبعث والنشور، استهزءوا بذلك وقالوا: إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد ومن معه لم يكن حالنا وحالهم إلا مثل ما هي في الدنيا، وإلا لم يزيدوا علينا ولم يفضلونا، وأقصى أمرهم أن يساوونا.

فأبطل سبحانه وتعالى زعمهم هذا بإنزال قوله تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۙ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ(41) ).

فحصرت هذه الآيات احتمالات مصدر زعمهم الباطل، ليتبين خطأ زعمهم عقلياً ونقلياً، وهي أربع احتمالات ، وقد ورد في هذه الآيات كذلك من الأساليب والحروف الدالة على خطأ قولهم، سنأتي على بيان ذلك كله عند تفصيلنا في كل آية على حدة:

قال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)، وهذ استفهام إنكاري قرعهم به سبحانه وتعالى على قولهم المناقض للعقل، فكيف يستوي من يؤمن بالله ولا يشرك به شيئاً ويؤمن بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويؤمن القدر، ويعمل الصالحات ويجتنب السيئات ويطيع الله ورسوله، بمن يشرك بالله وكذب رسله وكتبه واليوم الآخر، وافترى على الله ابشع الأقوال وقال على الله بغير علم، لا والله يستوون، وقد قال سبحانه وتعالى (المجرمين) ولم يقل المشركين ولا الكافرين، لينبه على سبب عدم المساواة بينهم.
(وفي الآية كناية عن إعطاء المسلمين جزاء الخير في الآخرة، وحرمان المشركين منه، لأن نفي التساوي وارد في معنى التضاد بين الخير والشر في القرآن ، قال تعالى: (أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار)، وإذا انتفى أن يكون للمشركين حظ في جزاء الخير انتفى ما قالوه من أنهم أفضل حظاً في الآخرة من المسلمين كما هو حالهم في الدّنيا بطريق فحوى الخطاب.) منقول عن ابن عاشور بتصرف.

وكذلك هذه الآية بما فيها من استفهام انكاري فيها رد على كل من زعم أن دين الإسلام دين المساواة ورد على من نادى بوحدة الأديان، وهذا مخالف للشريعة؛ لأنه يقتضي المساواة بين أحكام المسلم وأحكام الكافر سواء في الدنيا أو الآخرة، وهو ما جاءت الشريعة بالتفريق بينهما أشد التفريق، بل هو أساس الدعوة إلى الله، فمن غير التفريق بين المسلم والكافر، لا حاجة بنا إلى الدعوة إلى الله وإلى توحيده، ولا إلى الجهاد في سبيل الله، فدين الإسلام دين العدل وليس دين المساواة.
قال تعالى: (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)، في الآية استفهامين انكاريين، الأول (ما لكم) أي: أي شيء حصل لكم حتى ادعيتم هذه الدعوى؟، الثاني (كيف تحكمون) أي: كيف تحكمون بهذا الحكم ما حجتكم فيه ودليلكم عليه؟، فلا تحكموا بأفضليتكم على المسلمين ولا مساواتهم لكم في جزاء الآخرة وكأنه مفوض إليكم الجزاء.

ثم بين سبحانه أن حكمهم وزعمهم هذا له أربع احتمالات واحتجاجات لا يخرج عنها: فإما أن يكون سنده كتاباً سماوياً نزل من عنده سبحانه، وإما أن يكون سنده عَهْداً من عنده بأنه يعطيهم ما يقترحون ، وإما أن يكون لهم كفيل على الله ، وأما أن يكون اغتراراً بنصر شركائهم لهم، ذكرهم سبحانه فيما يأتي من الآيات:

قال تعالى: (أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ)، انتقل سبحانه وتعالى من التوبيخ إلى الاحتجاج على كذبهم ، فهذا هو الاحتجاج الأول على كذبهم، فقد نفى سبحانه وتعالى بالاستفهام الانكاري أن يكون قد نزل عليهم من قبل كتاباً سماوياً يدرسونه، وقد خص لفظ الدراسة وليس القراءة، ليدل على الدراسة العميقة التي تبصر بما يحويه الكتاب، وليس القراءة السريعة التي قد لا تفيد غالباً، وهذا فيه إشارة إلى أنهم كانوا أمييون ليسوا أهل كتاب، ولما جاءهم كتاب ليهديهم ويبصرهم ويلحقهم بأهل الكتاب كفروا نعمة هذا الكتاب وكذبوه.

قال تعالى: (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ)، أي: أنه يذكر في ذلك الكتاب أن لكم ما تختارون من خير الجزاء، فتختارون كل ما تهواه نفوسكم بلا ممانع ومعارض من النعيم الدائم ودخول الجنات وغيرها.

قال تعالى: (أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۙ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ)، وهذا هو الاحتجاج الثاني على كذبهم، فقد انكر سبحانه وتعالى زعمهم بالاستفهام الانكاري على أن يكون لهم أيمان أي: عهود ومواثيق مؤكدة مؤبدة أخذوها على الله بأن لهم ما يشتهون في الآخرة وما يحكمون ويأمرون به بدون مراجعة ونظر فيه.

قال تعالى: (سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ)، وهذه الآية كذلك قد بدأت بالاستفهام الانكاري وفيها ذكر الاحتجاج الثالث على كذبهم، وهي آية مستأنفه تبين الآية السابقة ، فالعهود والمواثيق يحتاج فيها إلى كفلاء عادةً، فلما أنكر أن يكون لهم عهود ومواثيق طلب منهم بل تحداهم بأن يظهروا من هم الكفلاء والزعماء الذين هم منهم لتلك العهود والمواثيق، وقد حدد بأنه منهم تهكماً بهم وزيادة في الانكار عليهم، فكيف يكون الكفيل بذلك واحد منهم وهم الضعفاء الأذلاء المحتاجين لغيرهم في جميع أمورهم، الذين لا يملكون النفع ولا الضر لأنفسهم ولا لغيرهم، فالمتعاهدَين لهم حالتين:
1. إما أن يكونا متكافئين، فيلتزم كل منهما بالعهد والميثاق مقابل مصلحة أو فائدة يأخذها كل واحد منهما من الآخر، فما هي المصلحة التي ستلزمه سبحانه وتعالى القوي العزيز الذي بيده ملك كل شيء القادر على كل شيء على التعاهد مع هذا الضعيف المحتاج الذي لا يملك أي شيء بيده.
2. وإما أن يكون أحد الطرفين قوي والآخر ضعيف، فيلتزم الضعيف بما يشترطه القوي مقابل الحصول على العفو والمغفرة، ولا يخفى على أحد بأن الله سبحانه وتعالى يستحيل بأن يكون هو الطرف الضعيف المحتاج إلى العفو والمغفرة فكيف يكون الخالق المالك محتاج إليهم وهو الذي خلقهم من العدم وهم مقرون بربوبيته له، ففي هذا خطأ منطقي لا يقبله العقل السليم، فلم يبقى إلا احتمال أن يكونوا هم الطرف الضعيف المحتاج إلى العفو والمغفرة والصفح ليتمكنوا من الحصول على جزيل المثوبات والعطيات، فيتحول الأمر من حجه لهم إلى حجة ودليل على زيغهم وضلالهم.

قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ)
، وهنا كذلك انكر عليهم زعمهم بالاستفهام الانكاري وعرض الاحتجاج الرابع على كذبهم، وللآية معنيان:
الأول: أن يكون لهم شركاء مع الله يشفعون لهم ويكشفون عنهم الضر يوم القيامة ويحفظونهم في الدنيا كذلك، فعجزهم بأمرهم بالإتيان بهم واحضارهم، وبعضهم ربط بين هذه الآية والتي بعدها (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) فيكون التعجيز بأن يأتوا بهم يوم القيامة يوم يكشف عن ساق يوم يفر المرء من أهله وأحبائه، ويتبرأ كل واحد من الآخر، ويجوز بأن تكون هذه الآية تذكير وزجر بذكر يوم القيامة بتقدير كلمة اذكر قبل هذه الآية.
و المعنى الآخر: أن لهم شهداء يشهدون لهم بصدق ما ادّعوه ويوافقونهم على أقوالهم، فليأتوا بهؤلاء الشهداء ليشهدوا لهم على صدقهم في دعواهم، ويستحيل هذا لأن قولهم هذا مليء بالمناقضات العقلية التي لا يوافق عليها حتى الطفل، فالطفل عندما يأمره مربيه ويأمر غيره بإحسان السلوك والأخلاق ووعده بالمكافئة على ذلك، ثم التزم بذلك فكافئه ولكنه كافئ معه غيره ممن لم يلزم بما امر به، فإنه يشعر بعدم العدل وبأن ذلك الطفل لا يستحق المكافئة بل الذم والتوبيخ، فإذا كان الطفل يفرق بين المحسن والمسيء فكيف لكم أن لا تفرقوا أنتم بينهم وتريدون كذلك من يشهد لكم على صحة ادعائكم؟ كلا لن يقبل صاحب عقل سليم بهذا، فما سبب مقولتهم هذه إلا الكبر والغرور، أعاذنا الله منهما.

ومما يلاحظ في أسلوب هذه الآيات الإنكار والتقريع الشديد على قولهم هذا، فقد احتوى المقطع سبعة استفهامات انكارية على وجازة المقطع وقصره، فدل هذا على شدة بعد هذه الدعوى عن العقل السليم من الشهوات والشبهات المضلة، والله أعلم.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


المصادر:
1. جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري.
2. الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان للقرطبي.
3. التحرير والتنوير لابن عاشور.
4. القرآن العظيم لابن كثير.
5. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي.
6. تفسير زبدة التفسير لمحمد سليمان الأشقر.
7. التسهيل لتأويل التنزيل (تفسير جزء تبارك) في سؤال وجواب لمصطفى العدوي.
8. التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم إعداد نخبة من العلماء بإشراف أ.د. مصطفى مسلم.
أحسنتِ في عرضك وفقك ِالله .
الدرجة:أ
تم خصم نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 12 جمادى الآخرة 1439هـ/27-02-2018م, 08:59 AM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى : ( وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحرٌ مبين * أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم * قل ما كنت بدعاً من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذيرٌ مبين * قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فأمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) سورة الأحقاف

في هذه الآيات من سورة الأحقاف يورد الله سبحانه وتعالى قول أهل الباطل والزيف في كتابه وفي رسوله ويدمغها بحججه , ويرد عليهم شبههم ويقتلعها من أصلها , قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ) فإذا تليت آيات الكتاب فلا غلبة للباطل أمام حقه ولا ثبات للشك أمام يقينه ولا دوام لظلمة شبهة أمام نور برهانه.

وكان مما واجه به كفار قريش ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي زعمهم أنه سحر بين وأنه مفترى قد افتراه بنفسه ونسبه إلى الله سبحانه وتعالى . فرد عليهم سبحانه وتعالى مقالتهم في هذه الآيات ما يبن به بطلان دعواهم . استخرجناها في نقاط بعد مطالعة كتب المفسرين وكل منهم قد فتح الله عليه بفهم ومعنى لا تجده عند غيره وأسرار كتاب الله ملئ وكنوزه لا تنفذ :

1) فذكر سبحانه أنهم إذا أتتهم الآيات البينات الواضحات النيرات العظيمة بعظم قائلها وأضافها هنا إليه سبحانه فقال : ( آياتنا ) قالوا : هذا سحر , وما حصل لقلوبنا من تأثر بمعانيها إنما هو بمفعول هذا السحر ثم أضافوا وزادوا على قولهم الباطل بهتان آخر وزعموا أنه سحر بين واضح لا شك فيه , فردوا أحق الحق بدعوى هي من أبطل الباطل . وقال الشيخ السعدي في ذلك : " وهذا من قلب الحقائق الذي لا يروج إلا على ضعفاء العقول , وإلا فبين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وبين السحر من المنافاة والمخالفة أعظم مما بين السماء والأرض , وكيف يقاس الحق الذي علا واتفع على الأفلاك وفاق بضوئه ونوره نور الشمس وقامت الأدلة الأفقية والنفسية عليه , وأقرت به وأذعنت أولو البصائر والعقول الرزينة بالباطل الذي لا يصدر إلا من ضال ظالم خبيث النفس خبيث العمل ؟ "

2) لم يضمر سبحانه وتعالى في هذه الآية بضمير في قوله : ( قال الذين كفروا ) مع إن المقام مقام إضمار كما ذكرابن عاشور , ليبين أن كفرهم هو الذي حملهم على هذا القول .

3) وقوله تعالى : ( للحق ) اللام هنا لام العلة أي لأجله وفي شأنه , والحق المراد في الآية هي الآيات التي جاءتهم ولكنه سبحانه عمد إلى عدم الإضمار عنها بضمير ووصفها بالحق لبيان شناعة قولهم وبهتانهم .


4) وفي وصفه سبحانه اعتراض هؤلاء الكفار لهذه الآيات البينات قال : (لما جاءهم ) أنهم فور سماعهم للآيات وما إن جاءتهم أطلقوا أحكامهم الجائرة عليها بالسحر المبين , وفيه إشارة لعدم تفكرهم ولاإعمال عقلهم حين تلقيها إنما حملهم كفرهم وردهم للحق فلم ينصفوه ولو بحسن استماع فضلاً عن إستجابة .

(أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هوأعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم **)

ثم قابل سبحانه قولهم في الوحي ( هذا سحرٌ مبين ) بقوله : ( أم يقولون افتراه)

5) وهو إضراب انتقالي يراد به بيان بطلان زعمهم , ( أم يقولون افتراه ) و" أم " هنا للإستفهام الإنكاري والتعجب وللإضراب , والتقدير : ألا أخبرك بما هو أعجب من هذا القول ؟ ولا شك أن في هذا الإنتقال من التوبيخ والتقريع ما الله به عليم .
قال الزمخشري في كشافه : " وذلك أن محمداً كان لا يقدر عليه حتى يقوله ويفتريه على الله , ولو قدر عليه دون أمة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة , وإذا كانت معجزة كانت تصديقاً من الله له "

6) أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بالرد على هذه المقالة وهذا الزعم بما يقلعها من أصلها , فقال : ( قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً ) , شيئاً يملك : أي يستطاع , فلن تمنعوا عني عقاب الله إن أنا افتريت على الله القول ,ولعل المعنى الذي يوجبه هذا الرد: إن افتريته عاقبني الله معاقبة لا تملكون ردها .

7) العلاقة بين الشرط وجوابه في قوله تعالى : ( قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً ) أن الله سبحان وتعالى لن يتوانى في عقوبة من افترى عليه قول , لما في هذا من فساد عظيم لكل الخليقة , ومبارزة لله ولألوهيته , لأنه يلزم الناس بالإذعان والتسليم لقول يفتريه من عنده وينسبه لله .والله رب العالمين ومتولي أمرهم ويغار على خليقته , وعلاقة البشرية بربهم قائمة على صدق هذا الرسول , اصطفاه من بين كل خليقته لهذا الرسالة , فكيف سيجرأ على مثل هذا ؟ وهذا ما دل عليه قوله تعالى في سورة الحاقة : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين* ثم لقطعنا منه الوتين *فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين )


8) في ذكر أداة الشرط " إن " في قوله تعالى : ( قل إن افتريته ) معنى لا تجده عندي باقي أدوات الشرط , فكما يذكر البلاغيون : أن حرف " إن " يستعمل غالباً فيما يرى المتكلم أن ما دلت عليه جملة الشرط أمر نادر الوقوع ومستبعد , فكيف للنبي الصادق المصدوق الذي شهد له ألد أعدائه بالصدق والأمانة أن يأتي بحديث من عنده ثم ينسبه لله , ولقد تحداهم الله أن يأتوا ولو بسورة من مثله وهو فصحاء زمانهم وأدباء العرب فعجزوا وبهتوا, قال تعالى : ( قل ليئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً )

9) ( هوأعلم بما تفيضون فيه ) الإفاضة في الشئ : هي الاندفاع والخوض والاستمرار , فالله يعلم ما خضتم فيه من الاتهامات والبطلان في شأن كتابه ورسوله ,. ثم قال سبحانه : ( كفى به شهيداً بيني وبينكم ) فمن أقوى الحجج هيا شهادة الملك العليم بي وبكم المطلع على حالي وحالكم , وبصدقي وكذبكم وعند الحكم ستعلمون من تكون شهادة الله له ومن ستكون عليه وفي هذا تهديد لهم وتخويف واستنصار بالله من نبيه وتفويض لربه .


10) ( وهو الغفور الرحيم ) مقابلة التهديد السابق بدعوة للتوبة والعودة عن اتهاماتهم بالإذعان والتصديق لأمر الله .

( قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذيرٌ مبين )

11) أمره سبحانه أن يحتج عليهم أيضاً بقوله ( ما كنت بدعاً من الرسل ) أي قد جاء غيري قبلي , قاله ابن عباس والحسن وقتادة , والبديع : الاول , ومالم يرى مثله , فأنا رسول من رسل الله أوحى لي فبلغت عنه , جئتكم بما جاء به الرسل قبلي , فأي أمري تنكرون ؟ وعلام تعادونني ؟ وإن كنت بطبيعتي البشرية ( لا أدري ما يفعل بي ولا بكم ) من أمور الدنيا على أحد أقوال المفسرين من غنى وفقر ورزق وفقر وحياة وموت , وهذا كقوله تعالى : ( قل لا املك لنفسي نفعاً ولا ضرا) , فأنا بشراً مثلكم فكيف سآتي بما لا تستطيعونه , ولا أستطيعه وأنسبه لنفسي , لكنه وحي من الله سبحانه وما أنا إلا ( نذير مبين ) بين النذارة , وهذا استثناء قصر , بعد أن ذكر أقوالهم ومزاعمهم , وأشهد الله عليهم وعليه وأخبرهم بطبيعته البشرية التي لا تخرج عن طبيعتهم إلا بما يوحيه عليه الله من الوحي .

(* قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد على بني إسرائيل على مثله فأمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )

12) وهذه حجة أخرى عليكم وهي موافقة ما جئت به لما عند أهل الكتاب فأخبرتكم بما أخبرت به هذه الكتب السماوية وبشرتُ بما بشرت به وأنذرتكم بما أنذرت به , وشهد شاهد من بني إسرائيل بما عنده من الحق في كتابهم على صدق خبره وصدقي فآمن هو واستكبرتم فهل هذا إلا أظلم الظلم ؟
وهذا الشاهد هو عبد الله بن سلام على أحد الأقوال وهو رأي الحسن ومجاهد وقتادة وعكرمة .

المراجع :
تفسير ابن عطية
الكشاف للزمخشري
التحرير والتنوير لابن عاشور
تفسير القرطبي
نظم الدرر للبقاعي
فتح القدير للشوكاني
تفسير السعدي
أضواء البيان للشنقيطي

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 14 جمادى الآخرة 1439هـ/1-03-2018م, 02:52 PM
ابتسام الرعوجي ابتسام الرعوجي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 341
افتراضي

https://1drv.ms/w/s!AiyOjPsqV0_Nfc4SWlXf0b7ZcUY

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 15 جمادى الآخرة 1439هـ/2-03-2018م, 12:06 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا عطية الله اللبدي مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في قوله تعالى : ( وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحرٌ مبين * أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم * قل ما كنت بدعاً من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذيرٌ مبين * قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فأمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) سورة الأحقاف

في هذه الآيات من سورة الأحقاف يورد الله سبحانه وتعالى قول أهل الباطل والزيف في كتابه وفي رسوله ويدمغها بحججه , ويرد عليهم شبههم ويقتلعها من أصلها , قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ) فإذا تليت آيات الكتاب فلا غلبة للباطل أمام حقه ولا ثبات للشك أمام يقينه ولا دوام لظلمة شبهة أمام نور برهانه.

وكان مما واجه به كفار قريش ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي زعمهم أنه سحر بين وأنه مفترى قد افتراه بنفسه ونسبه إلى الله سبحانه وتعالى . فرد عليهم سبحانه وتعالى مقالتهم في هذه الآيات ما يبن به بطلان دعواهم . استخرجناها في نقاط بعد مطالعة كتب المفسرين وكل منهم قد فتح الله عليه بفهم ومعنى لا تجده عند غيره وأسرار كتاب الله ملئ وكنوزه لا تنفذ :

1) فذكر سبحانه أنهم إذا أتتهم الآيات البينات الواضحات النيرات العظيمة بعظم قائلها وأضافها هنا إليه سبحانه فقال : ( آياتنا ) قالوا : هذا سحر , وما حصل لقلوبنا من تأثر بمعانيها إنما هو بمفعول هذا السحر ثم أضافوا وزادوا على قولهم الباطل بهتان آخر وزعموا أنه سحر بين واضح لا شك فيه , فردوا أحق الحق بدعوى هي من أبطل الباطل . وقال الشيخ السعدي في ذلك : " وهذا من قلب الحقائق الذي لا يروج إلا على ضعفاء العقول , وإلا فبين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وبين السحر من المنافاة والمخالفة أعظم مما بين السماء والأرض , وكيف يقاس الحق الذي علا واتفع على الأفلاك وفاق بضوئه ونوره نور الشمس وقامت الأدلة الأفقية والنفسية عليه , وأقرت به وأذعنت أولو البصائر والعقول الرزينة بالباطل الذي لا يصدر إلا من ضال ظالم خبيث النفس خبيث العمل ؟ "

2) لم يضمر سبحانه وتعالى في هذه الآية بضمير في قوله : ( قال الذين كفروا ) مع إن المقام مقام إضمار كما ذكرابن عاشور , ليبين أن كفرهم هو الذي حملهم على هذا القول .

3) وقوله تعالى : ( للحق ) اللام هنا لام العلة أي لأجله وفي شأنه , والحق المراد في الآية هي الآيات التي جاءتهم ولكنه سبحانه عمد إلى عدم الإضمار عنها بضمير ووصفها بالحق لبيان شناعة قولهم وبهتانهم .


4) وفي وصفه سبحانه اعتراض هؤلاء الكفار لهذه الآيات البينات قال : (لما جاءهم ) أنهم فور سماعهم للآيات وما إن جاءتهم أطلقوا أحكامهم الجائرة عليها بالسحر المبين , وفيه إشارة لعدم تفكرهم ولاإعمال عقلهم حين تلقيها إنما حملهم كفرهم وردهم للحق فلم ينصفوه ولو بحسن استماع فضلاً عن إستجابة .

(أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هوأعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم **)

ثم قابل سبحانه قولهم في الوحي ( هذا سحرٌ مبين ) بقوله : ( أم يقولون افتراه)

5) وهو إضراب انتقالي يراد به بيان بطلان زعمهم , ( أم يقولون افتراه ) و" أم " هنا للإستفهام الإنكاري والتعجب وللإضراب , والتقدير : ألا أخبرك بما هو أعجب من هذا القول ؟ ولا شك أن في هذا الإنتقال من التوبيخ والتقريع ما الله به عليم .
قال الزمخشري في كشافه : " وذلك أن محمداً كان لا يقدر عليه حتى يقوله ويفتريه على الله , ولو قدر عليه دون أمة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة , وإذا كانت معجزة كانت تصديقاً من الله له "

6) أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بالرد على هذه المقالة وهذا الزعم بما يقلعها من أصلها , فقال : ( قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً ) , شيئاً يملك : أي يستطاع , فلن تمنعوا عني عقاب الله إن أنا افتريت على الله القول ,ولعل المعنى الذي يوجبه هذا الرد: إن افتريته عاقبني الله معاقبة لا تملكون ردها .

7) العلاقة بين الشرط وجوابه في قوله تعالى : ( قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً ) أن الله سبحان وتعالى لن يتوانى في عقوبة من افترى عليه قول , لما في هذا من فساد عظيم لكل الخليقة , ومبارزة لله ولألوهيته , لأنه يلزم الناس بالإذعان والتسليم لقول يفتريه من عنده وينسبه لله .والله رب العالمين ومتولي أمرهم ويغار على خليقته , وعلاقة البشرية بربهم قائمة على صدق هذا الرسول , اصطفاه من بين كل خليقته لهذا الرسالة , فكيف سيجرأ على مثل هذا ؟ وهذا ما دل عليه قوله تعالى في سورة الحاقة : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين* ثم لقطعنا منه الوتين *فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين )


8) في ذكر أداة الشرط " إن " في قوله تعالى : ( قل إن افتريته ) معنى لا تجده عندي باقي أدوات الشرط , فكما يذكر البلاغيون : أن حرف " إن " يستعمل غالباً فيما يرى المتكلم أن ما دلت عليه جملة الشرط أمر نادر الوقوع ومستبعد , فكيف للنبي الصادق المصدوق الذي شهد له ألد أعدائه بالصدق والأمانة أن يأتي بحديث من عنده ثم ينسبه لله , ولقد تحداهم الله أن يأتوا ولو بسورة من مثله وهو فصحاء زمانهم وأدباء العرب فعجزوا وبهتوا, قال تعالى : ( قل ليئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً )

9) ( هوأعلم بما تفيضون فيه ) الإفاضة في الشئ : هي الاندفاع والخوض والاستمرار , فالله يعلم ما خضتم فيه من الاتهامات والبطلان في شأن كتابه ورسوله ,. ثم قال سبحانه : ( كفى به شهيداً بيني وبينكم ) فمن أقوى الحجج هيا شهادة الملك العليم بي وبكم المطلع على حالي وحالكم , وبصدقي وكذبكم وعند الحكم ستعلمون من تكون شهادة الله له ومن ستكون عليه وفي هذا تهديد لهم وتخويف واستنصار بالله من نبيه وتفويض لربه .


10) ( وهو الغفور الرحيم ) مقابلة التهديد السابق بدعوة للتوبة والعودة عن اتهاماتهم بالإذعان والتصديق لأمر الله .

( قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذيرٌ مبين )

11) أمره سبحانه أن يحتج عليهم أيضاً بقوله ( ما كنت بدعاً من الرسل ) أي قد جاء غيري قبلي , قاله ابن عباس والحسن وقتادة , والبديع : الاول , ومالم يرى مثله , فأنا رسول من رسل الله أوحى لي فبلغت عنه , جئتكم بما جاء به الرسل قبلي , فأي أمري تنكرون ؟ وعلام تعادونني ؟ وإن كنت بطبيعتي البشرية ( لا أدري ما يفعل بي ولا بكم ) من أمور الدنيا على أحد أقوال المفسرين من غنى وفقر ورزق وفقر وحياة وموت , وهذا كقوله تعالى : ( قل لا املك لنفسي نفعاً ولا ضرا) , فأنا بشراً مثلكم فكيف سآتي بما لا تستطيعونه , ولا أستطيعه وأنسبه لنفسي , لكنه وحي من الله سبحانه وما أنا إلا ( نذير مبين ) بين النذارة , وهذا استثناء قصر , بعد أن ذكر أقوالهم ومزاعمهم , وأشهد الله عليهم وعليه وأخبرهم بطبيعته البشرية التي لا تخرج عن طبيعتهم إلا بما يوحيه عليه الله من الوحي .

(* قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد على بني إسرائيل على مثله فأمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )

12) وهذه حجة أخرى عليكم وهي موافقة ما جئت به لما عند أهل الكتاب فأخبرتكم بما أخبرت به هذه الكتب السماوية وبشرتُ بما بشرت به وأنذرتكم بما أنذرت به , وشهد شاهد من بني إسرائيل بما عنده من الحق في كتابهم على صدق خبره وصدقي فآمن هو واستكبرتم فهل هذا إلا أظلم الظلم ؟
وهذا الشاهد هو عبد الله بن سلام على أحد الأقوال وهو رأي الحسن ومجاهد وقتادة وعكرمة .

المراجع :
تفسير ابن عطية
الكشاف للزمخشري
التحرير والتنوير لابن عاشور
تفسير القرطبي
نظم الدرر للبقاعي
فتح القدير للشوكاني
تفسير السعدي
أضواء البيان للشنقيطي
أحسنتِ وفقكِ الله وبارك فيكِ.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 15 جمادى الآخرة 1439هـ/2-03-2018م, 01:51 AM
ابتسام الرعوجي ابتسام الرعوجي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 341
افتراضي

اعتذر فقط للتو قرأت رسالتي بعد الكتابه فوجدت اخطاء في الكتابه وهي

قامعاً لتلك الشبهه
أهم من إثبات البعث

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15 جمادى الآخرة 1439هـ/2-03-2018م, 10:30 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة إدريس شتوي مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في قوله الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) } [التوبة : 6]

يخاطب الله نبيه فيقول: أي مشرك من المشركين الذين أمرتك بقتالهم، وأحللت لك استباحة نفوسهم وأموالهم، استجارك: استعاذ بك واستأمنك بعد انسلاخ الأشهر الحرم؛ فأجبه إلى طلبته وأعذه وأمنه ؛ حتى يسمع القرآن يُقرأ عليه، فتقوم عليه حجة الله ، ويتبين له دين الله عز وجل ، فإن أسلم فقد نال عز الإسلام وخير الدنيا والآخرة وصار رجلاً من المسلمين ، وإن إن لم يسلم أبلغه الموضع الذي يأمنُ فيه وهو دار قومه، فإن قاتلك بعد ذلك ، وقدرت عليه فاقتله، فهم قوم لا يعلمون دين الله وتوحيده، ومحتاجون إلى سماع كلام الله؛ ليعلموا دين الله، وتنتشر دعوة الله في عباده .

قال السعدي: "وفي هذا -أي الآية- حجة صريحة لمذهب أهل السنة والجماعة، القائلين بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، لأنه تعالى هو المتكلم به، وأضافه إلى نفسه إضافة الصفة إلى موصوفها، وبطلان مذهب المعتزلة ومن أخذ بقولهم: أن القرآن مخلوق"

فاستدل أهل السنة والجماعة بهذه الآية على أن القرآن غير مخلوق، لأن الله هو المتكلم به، فالكلام صفة لله، وصفات الله كذاته غير مخلوقة، وقد الله سمى القرآن كلامًا، ولم يسمِّه خَلقًا، والآيات على ذلك كثيرةٌ، منها: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ﴾ [البقرة: 37]، وقال تعالى: ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 75].
وإذا كان الله تعالى سماه كلامًا، ولم يسمِّه خَلقًا، فلا يكون داخلاً في قوله سبحانه: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]، فلا يكون مخلوقًا.

وقد أثبت الله الكلام لنفسه، خلافًا لما يعتقده الضالون، فقال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [الأعراف: 143]، وكذلك أثبته لنفسه في الآخرة بعد دخول أهل الجنة، وبوَّب البخاري في صحيحه على ذلك فقال: "باب كلام الرب تبارك وتعالى مع أهل الجنة"، وقال لأهل النار: ﴿ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108].
والوصف بالتكلم من أوصاف الكمال، وضده من أوصاف النقص؛ قال تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ﴾ [الأعراف: 148]؛ فعدمُ الكلام نقص.

ومسألة خلق القرآن من المسائل التي استفاض العلماء في الحديث عنها، وتقرر فيها مذهب أهل السنة والجماعة، ومجمل ذلك: أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، وأن كلام الله صفة لله، قائمة بذاته، على ما يليق بجلاله وعظمته، وأنه تعالى لم يزل متكلما، إذا شاء، ومتى شاء، وكيف شاء، وهو متكلم بحرف وصوت يُسمع، ومن قال بخلق القرآن فهو كافر

سُئل الإمام أحمد بن حنبل ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله غير مخلوق. فقيل: بم أكفرته؟ قال: بآيات من كتاب الله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } [البقرة: 120] فالقرآن علم الله , فمن زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر .
وكان الإمام مالك بن أنس وجماعة من العلماء بالمدينة وذكروا القرآن فقالوا: كلام الله وهو منه وليس من الله شيء مخلوق

قال البيهقي: " مذهب السلف والخلف من أصحاب الحديث أن القرآن كلام الله عز وجل، وهو صفة من صفات ذاته ليست ببائنة منه"

وقد أخبر سبحانه أنه منزل من الله ولم يخبر عن شيء أنه منزل من الله إلا كلامه؛ بخلاف نزول الملائكة والمطر والحديد، مما يدل على أن ليس كل ما ينزل من السماء غير مخلوق، فإن الله أنزل من السماء ماء وهو مخلوق، وأنزل الحديد كما في قوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25] ، وهو مخلوق، وقال تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج} ، [الزمر: من الآية6] ، والأنعام مخلوقة، فإذا كان المنزل من عند الله وصفا مضافا إلى الله، وصفة لا تقوم بذاتها; وإنما تقوم بغيرها; لزم أن يكون غير مخلوق; لأنه من صفات الله.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } [الأنعام: 114] { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } [النحل: 102] {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الزمر: 1].
بارك الله فيكِ وسددكِ.
ولو عدتِ لمسألة خلق القرآن وكيف بنى الإمام أبو عبدالله الأذرمي مناظرته لأحمد بن أبي دؤاد بطريقة المجاراة والإعثار لكان أتمّ بيان لأسلوب الحجاج .
الدرجة : ب
تم خصم نصف درجة للتأخير .

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 15 جمادى الآخرة 1439هـ/2-03-2018م, 01:50 PM
إجلال سعد علي مشرح إجلال سعد علي مشرح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 275
افتراضي

أسلوب الحجاج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدى والصلاة والسلام على رسول الهدى ،أما بعد فإن الآيات المختارة لهذا الأسلوب هي قوله تعالى :{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}من سورة القيامة .
تضمنت هذه الآيات القدرة على البعث بعد الموت وسهولة ذلك على الله تعالى .
وبيانها كالآتي:
أولاً :قوله تعالى : :{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3)}
بين تعالى قدرته لمخلوقاته بإنه قادر على أن يحييهم بعد موتهم وقدر أورد براهين عقيلة في كتابه لإثبات ذلك ،منها قوله تعالى :{ يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج } الحج -5.
فأثبت تعالى بأنه قادر على أحياء الميت ،بدليل حسي عقلي وهو أحيائه الأرض بعد موتها ،فلما أثبت للناس ذلك دل على قدرته على أحياء الموتى .
ومنها قوله تعالى :{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)}،من سورة يس.
فأستدل على الإعادة بالبدأة ،فكما خلقهم أول مرة قادر على أن يعيدهم مرة أخرى، فهو القائل سبحانه :{ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} الروم .

وهو ما أكده في هذه الآية بعدما أقسم في قوله تعالى :{ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} ليدل على أن المقسم عليه أمر مهم ينبغي الأنتباه له ،(فلاأيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة)(1).


ثانياً:قوله تعالى :{ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}
رد تعالى على المنكرين للبعث ،وأكد بقوله بلى( قدرتنا صالحة لجمعها ، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان ، فنجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه – مستوية).(2)
عن سعيد بن جُبير، قال: قال لي ابن عباس: سل، فقلت: ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) قال: لو شاء لجعله خفا أو حافرا.(3)
وقدر ذكر النابلسي : (أن هذا الإبْهام دَرَسَهُ العلماء فَوَجدوا فيه مائة نقْطة، ومائة علامة، وطَبَعوا إبْهاماً بِحَجْم مائة مُرَبَّع، وطَبَعوا مائة ألف إبْهام، ومَرَّروا هذه المائة ألف على هذا الإبْهام فلم يكن يَجِدوا ولا واحِداً يُوافق الآخر).(4)
وهذا يدل على قدرته سبحانه حيث أنه لن يعيد أجسادهم فقط بل وهذا الإبهام الذي يميز المرء عن غيره ،ولا يمكن أن يتوافق أبهامين لشخصين مختلفين ،وهناك الملايين من الناس ،فهذا الإبهام مع دقته وتميزه ولا يمكن تكراره ،فالله قادر على أن يعيده كما كان .والله أعلم
وقد قال الزمخشري في هذا المقام :( وقرئ قادرون، أى: نحن قادرون، بَلْ يُرِيدُ عطف على أَيَحْسَبُ فيجوز أن يكون مثله استفهاما، وأن يكون إيجابا على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر. أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب).(5)

المراجع :
ينبغي التنبه على أن ما بين القوسين هو الكلام المنقول عن أهل العلم .
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(2) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(3) جامع البيان في تأويل القرآن للطبري.
(4)موقع الشيخ محمد راتب النابلسي.
(5)الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل للزمخشري.


هذا والحمد لله رب العالمين .

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 15 جمادى الآخرة 1439هـ/2-03-2018م, 06:31 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابتسام الرعوجي مشاهدة المشاركة
أحسنتِ وفقكِ الله .
الأولى ذكر الآية التي أنتِ بصدد تفسيرها قبل ذكر الاستدلال ؛كما ذكرتِ في الوجه الرابع .
أشيري في رسالتك إلى المصادر التي تناولتِ منها المعلومات فذلكِ أوثق.
الدرجة: أ
نأسف لخصم نصف درجة على التأخير .

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 15 جمادى الآخرة 1439هـ/2-03-2018م, 06:42 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إجلال سعد علي مشرح مشاهدة المشاركة
أسلوب الحجاج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدى والصلاة والسلام على رسول الهدى ،أما بعد فإن الآيات المختارة لهذا الأسلوب هي قوله تعالى :{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}من سورة القيامة .
تضمنت هذه الآيات القدرة على البعث بعد الموت وسهولة ذلك على الله تعالى .
وبيانها كالآتي:
أولاً :قوله تعالى : :{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3)}
بين تعالى قدرته لمخلوقاته بإنه قادر على أن يحييهم بعد موتهم وقدر أورد براهين عقيلة عقلية في كتابه لإثبات ذلك ،منها قوله تعالى :{ يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج } الحج -5.
فأثبت تعالى بأنه قادر على أحياء الميت ،بدليل حسي عقلي وهو أحيائه الأرض بعد موتها ،فلما أثبت للناس ذلك دل على قدرته على أحياء الموتى .
ومنها قوله تعالى :{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)}،من سورة يس.
فأستدل فاستدل على الإعادة بالبدأة ،فكما خلقهم أول مرة قادر على أن يعيدهم مرة أخرى، فهو القائل سبحانه :{ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} الروم .

وهو ما أكده في هذه الآية بعدما أقسم في قوله تعالى :{ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} ليدل على أن المقسم عليه أمر مهم ينبغي الأنتباه الانتباه له ،(فلاأيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة)(1).


ثانياً:قوله تعالى :{ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}
رد تعالى على المنكرين للبعث ،وأكد بقوله بلى( قدرتنا صالحة لجمعها ، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان ، فنجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه – مستوية).(2)
عن سعيد بن جُبير، قال: قال لي ابن عباس: سل، فقلت: ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) قال: لو شاء لجعله خفا أو حافرا.(3)
وقدر ذكر النابلسي : (أن هذا الإبْهام دَرَسَهُ العلماء فَوَجدوا فيه مائة نقْطة، ومائة علامة، وطَبَعوا إبْهاماً بِحَجْم مائة مُرَبَّع، وطَبَعوا مائة ألف إبْهام، ومَرَّروا هذه المائة ألف على هذا الإبْهام فلم يكن يَجِدوا ولا واحِداً يُوافق الآخر).(4)
وهذا يدل على قدرته سبحانه حيث أنه لن يعيد أجسادهم فقط بل وهذا الإبهام الذي يميز المرء عن غيره ،ولا يمكن أن يتوافق أبهامين لشخصين مختلفين ،وهناك الملايين من الناس ،فهذا الإبهام مع دقته وتميزه ولا يمكن تكراره ،فالله قادر على أن يعيده كما كان .والله أعلم
وقد قال الزمخشري في هذا المقام :( وقرئ قادرون، أى: نحن قادرون، بَلْ يُرِيدُ عطف على أَيَحْسَبُ فيجوز أن يكون مثله استفهاما، وأن يكون إيجابا على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر. أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب).(5)

المراجع :
ينبغي التنبه على أن ما بين القوسين هو الكلام المنقول عن أهل العلم .
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(2) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(3) جامع البيان في تأويل القرآن للطبري.
(4)موقع الشيخ محمد راتب النابلسي.
(5)الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل للزمخشري.


هذا والحمد لله رب العالمين .
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
وددت لو بيّنت أكثر طريقة الرد على شبة إنكار البعث وبيان أسلوب الإضراب الإبطالي لمزاعمهم والتركيز أكثر على أسلوبك في الاحتجاج فقد كان قليلا أمام النقول .
الدرجة: ب
تم خصم نصف درجة للتأخير .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir