دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 صفر 1438هـ/22-11-2016م, 12:53 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب المقاصدي

تطبيقات على درس الأسلوب المقاصدي
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 ربيع الأول 1438هـ/25-12-2016م, 12:23 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ...

إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
قال تعالى :( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ ..)
يبين الله سعة سعة علمه ، وإطلاعه على خلقه بكل صغيرة وكبيرة، وبديع صنعه ، وأنه لاتخفى عليه خافية،فهو وصف لشمول علمه ،قال تعالى :( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ).
المقصد العام لهذه الآية :-
هو تطمين النبي الكريم وتهدئة نفسه وتسكينها ،بأن الله سبحانه لايخفى عليه شيء ، مطلع على عبادة ،عالماً بسرائرهم ،وماتكن صدورهم ،فلا يحزنك قولهم ، وماتخفي صدورهم
-وكذلك تطمين للعبد المسلم ،بقدرة الله وإطلاعه ، وما من عمل يفعله من خير أو شر فإن الله يعلمه وسيجازيه به
-وفيه تهديد ووعيد شديد على الكافرين ،بالعقوبة والمجازاة على أعمالهم ،وأن الله مطلع عليهم ، وهذا بحد ذاته مقصد عظيم ،وإثبات لسعة علم الله سبحانه
-فيها تعجيز ،ومحاجاة للنصارى ، كيف يكون عيسى عليه السلام ابن الله وهو تخفى عليه الأشياء ،وهو كالبشر ، مر بأطوار الحمل وصوره سبحانه كيف يشاء في رحم أمه .
قال تعالى :(فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
المراد بالأرض
هي الكرة الأرضية بما فيها من بحار ومحيطات وجبال وأنهار
-المراد بالسماء
هي السماء بدرجاتها ، ومافيها من كواكب سيارة ، ونجوم ، ومايجري فيها من ملكوته من سحاب ونزول المطر والصواعق المرسلة ،والبرق وغيره لايحصيها إلا هو سبحانه وتعالى
-علة ذكر الأرض قبل السماء
ليتسنَّى التدرّج في العطف إلى الأبعد في الحكم؛ لأنّ أشياء الأرض يعلم كثيراً منها كثيرٌ من الناس ، أما أشياءالسماء فلا يعلم أحد بعضها فضلاً عن علم جميعها ، ابن عاشور
الحكمة من تكرير لا النهي
هو تأكيد نفي خفاء أي شيء عليه سبحانه ،ذكره الوسيط للطنطاوي
عن محمد بن جعفر بن الزبير: " إنّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء "، أي: قد علم ما يريدون وما يَكيدون وما يُضَاهون بقولهم في عيسى، إذ جعلوه ربًّا وإلهًا، وعندهم من علمه غيرُ ذلك، غِرّةً بالله وكفرًا به ، من سيرة ابن اسحاق
المقصد العام لهذه الآية
هو على وجه العموم دون تخصيص ، لإبراز قدرته وتمكينه في ملكوت السموات والأرض ،وشمول علمه وقدرته ، وأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة ،في ملكوته ،قال سبحانه :( الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
في هذه الآية بلاغة عظيمة ، ومقصد عظيم لشمول علمه ،كيف يكون مطلع وعالم بملكوته في الأرض والسماء ،ويعجزه هذا العبد الضعيف مايسره ومايعلنه .
- ذكر الله سبحانه الأرض قبل السماء ،لأن الأرض يعلمها كثير من الناس ، والسماء بمافيها من أسرار لايعلمها إلا هو سبحانه ، وإن بلغوا بعلمهم وتجاربهم ، ووصلوا لبعض الكواكب ، فعلمها عنده دون سواه
قال تعالى :(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)
هذه الآية مقام التعليل لما قبلها ، فبين ماقبلها قدرة الله وسعة علمه ،وإطلاعه على خلقه وملكوته ،لايخفى عليه خافية ، فهو سبحانه يعلم خلقه وهو نطفة في رحم أمه ،قبل أن يكون بشراً سوياً
فذكر الله قدرته على تصويره ،من ذكر أو انثى ، طويل وقصير ، واختلاف عقله وتفكيره وشكله .
المقصد العام لهذه الآية :
- تعظيم لله سبحانه ، وكمال وبراعة خلقه ، وحسن تصويره
-فيها رد وتعجيز للنصارى ، كيف يكون عيسى إله وقد صوره ربه في أطوار الخلق بالرحم ، قال
تعالى : ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون )[ الزمر : 6 ]

- تمام العبودية لله سبحانه وتفرده سبحانه فيها
-أهل العقول السليمة ،إذا تدبر هذه الآيات ومعانيها ، زاد يقينه بعظمة الخالق ،وإخلاصه بالعمل بنية سليمة صافية .
ضرب الله سبحانه هذا المثل ،لأنه من أعظم القدرة والمشيئة ، وبديع صنع الله .
- إرتباط ختم الآية بما قبلها ، فيها نفي الشريك لله ، والعبودية له وحده ،فبعد أن ذكر بديع صنعه بتصوير الإنسان ،ختمها بقوله العزيز الحكيم بتدبيره وخلقه .
-خلق الله البشر من العدم ،وصورهم في الأرحام كيف يشاء ، وعيسى ابن مريم منهم ، فكيف من صُور بالرحم وخُلـــق يكون إلهاً .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الأولى 1438هـ/2-02-2017م, 01:37 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى :{ واصبر نفسَكَ مع الذين يدعونَ ربهم بالغداةِ والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناكَ عنهم تريدُ زينةَ الحياةِ الدنيا ولا تُطعْ من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا }

في هذه الآية بيانٌ لفريقين من الناس ، وأمرٌ للنبي صلى الله عليه وسلم - والأمةُ تبعٌ له - بلزومِ أحدهما ، ونهي عن اتباعِ الآخر.
أمرٌ بلزومِ فريق الصالحين الذين يذكرون الله في جميع أحوالهم ، مخلصين له في ذلك ، ونهي عن اتباع فريق غفل عن ذكر الله ، وكان إلهه هواه ، وأسرف في الضلال حتى هلك !
فريقٌ عدته الإخلاص لله عز وجل : { يريدون وجهه } ، وفريق معه زينة الحياة الدنيا : { ولا تعد عيناك عنهم تريدُ زينة الحياة الدنيا } ، أي تنصرف عن الصالحين تريد الشرف والفخر عند الآخرين.
وما أعظم بلاغة القرآن حين جاء الأمر بقوله { واصبِر نفسَك } لبيان أهمية ملازمة من كانت هذه صفتهم { يدعون ربهم بالغداةِ والعشي يريدون وجهه } حتى وإن كان بهم من الصفات ما تكرهه النفس من الضعف أو الفقر ، فإن ما معهم من ذكر الله والإخلاص له كفيلٌ بأن يجعلهم مقدمين في الصحبة والولاية.
وقوله : { بالغداة والعشي } يدل على أنهم ملازمون لهذه الحال ، وتخصيصه لهم بقوله { يريدون وجهه } بيان لأن المعول على إخلاصهم لله ؛ فليس كل من كان سمته الصلاح كان مخلصًا ، بل كثيرًا ما يقع الشر بتقديم غير المخلصين وتمكينهم زمام الأمور.
وقوله { ولا تعد عيناك عنهم } : جاءت " عيناك " مرفوعة بيانًا لأن الفعل موجه إلى العينين ففيها قيدٌ آخر ، فليس الأمر مجرد صحبتهم ولكن ألا ينصرف ببصره عنه إلى غيرهم ، قال الزجاج : " لا تصرف بصرك إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة ".

ثم جاء بعد ذلك بيان الفريق الآخر وصفاته وهذا من بلاغة القرآن أن يبين الشيء وضده ؛ فيرغب في الخير ويرهب من اتباع الشر ، قال سبحانه :{ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرُطا }
فجمعوا بذلك الشر كله :
1: الغفلة عن ذكر الله.
2: اتباع الهوى :قال تعالى { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين }
3: { وكان أمره فرُطا }
قال ابن القيم في الوابل الصيب : "ومعنى الفرط فسر بالتضييع ، أي أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به وبه رشده وفلاحه : ضائع قد فرط فيه ، وفسر بالإسراف ، أي قد أفرط ، وفسر بالإهلاك وفسر بالخلاف للحق ، وكلها أقوال متقاربة"
فكيف لنا بأن نتبع من كانت هذه صفتهم ومن كان عاقبة أمرهم الهلاك والضياع !
هل يغرنا أن معهم { زينة الحياة الدنيا }
فما هي إلا زينة لا تلبث أن تنكشف حقيقتها ، وما هي إلا " دنيا " لا تلبث أن تنقضي ثم لا نجد أثرًا لتلك اللذة إلا الحسرة والخسران ، والعياذ بالله.

وعلى العكس فإن عاقبة ملازمة الصالحين المخلصين لله عز وجل - وإن كانوا في بادئ الأمر من الضعفاء أو الفقراء - الفوز والفلاح ، وبهم تقوى الجماعة المؤمنة وتتغلب على أعدائهم.
وقد عاب الكفار على نوحٍ - عليه السلام - أن اتباعه من الضعفاء فقالوا : {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين } ( سورة هود : 27 )
فكان عاقبتهم أن غرقوا في الطوفان ، ونجا هؤلاء الضعفاء بأمر الله.
وقال تعالى ممتنا على المؤمنين : { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون } ( آل عمران : 123 )
نصرهم لأنهم أخلصوا لله سبحانه ، { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ( آل عمران : 160 )

فاللهم ارزقنا صحبة الصالحين والإخلاص لوجهك الكريم.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 جمادى الأولى 1438هـ/22-02-2017م, 07:48 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

الأسلوب المقاصدي:
قال تعالى :
((أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))سورة الملك (22)

هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبا على وجهه ، أي يمشي منحنيا لا مستويا على وجهه ،أي لايدري أين يسلك ولا كيف يذهب بل تائه حائر ضال ، ( أمن يمشي سويا ) :أي منتصب القامة على صراط مستقيم أي طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم طريقه مستقيم .

فالناس على قسمين :
القسم الأول :كالمنكب على وجهه لايدري في أي طريق يمشي وتائه ضال، فهو كالمشرك الذي يتوجه إلى عبادة آلهات كثيرة ، كما قال تعالى : ( أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )، وكالإنسان الضال الذي يمشي بدون هدى من الله ويتبع هواه ، كما قال تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ).
القسم الثاني : يمشي بطريقة سوية وواضحة ومستقيم في أقواله وأفعاله وأعماله وجميع أحواله ،كالمتصب القامة ، فهذا مثل الإنسان المؤمن الذي يمشي على هدى من الله متبع للكتاب والسنة ، كما قال تعالى : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي).
وقال تعالى أيضا : ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .

هل يمشي الكافر على وجهه يوم القيامة وكيف ؟!
الجواب ، نعم ، كما قال تعالى : ((لَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا )).
كيف يمشي الكافر على وجهه يوم القيامة ؟!
الجواب : من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ففي الصحيح ، عن أنس : أن رجلا قال : يا رسول الله ، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال : " إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " وهكذا قال مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد من المفسرين.
فنجد أن الجزاء من جنس العمل ، فكما كان الكافر في الدنيا يمشي مكبا على وجهه ، لايهتدي إلى الصراط المستقيم وتائه ، فالله تعالى يحشره يوم القيامة كذلك ، كما قال تعالى أيضا في موضع آخر : (( وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا )).



ماهو الصراط المستقيم :

الصراط المستقيم هو نوعان :
النوع الأول : نوع حسي ، وهو المنصوب على ظهر جهنم والتي يردها المؤمن والكافر ، فالمؤمن يمشي فيها على قدر أعماله ، فمنهم من يشمي سرعة البرق ومنهم من هو بسرعة الراكب ، ومنهم من تخطفه النار بالكلاليب ، قال تعالى ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) [مريم :17].
النوع الثاني : معنوي ، وهو الذي يراد بها الطريق المستقيم الذي أنعم الله به على النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين ، كما قال تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم ) [الفاتحة 5-6].
وهو طريق الإسلام والقرآن والنبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضا، كما قال تعالى : قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70].

جاء في حديث النَّواس بن سمعان مرفوعًا وَصفُ الصراط بأنه هو الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ضرب اللهُ مثلاً صراطًا مُستقيمًا، وعلى جنبتَي الصِّراط سُوران، فيهما أبوابٌ مُفتَّحةٌ، وعلى الأبواب ستُورٌ مُرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقولُ: أيُّها الناسُ، ادخُلُوا الصِّراط جميعًا، ولا تتعرَّجُوا، وداعٍ يدعُو من فوق الصِّراط، فإذا أراد يفتحُ شيئًا من تلك الأبواب؛ قال: وَيحك لا تفتحهُ؛ فإنَّك إن تفتحهُ تلِجهُ، والصِّراطُ: الإسلامُ، والسُّوران: حُدُودُ الله، والأبوابُ المُفتَّحةُ: محارمُ الله، وذلك الدَّاعي على رأس الصِّراط: كتابُ الله، والدَّاعي من فوق الصِّراط: واعظُ الله في قلب كُلِّ مُسلمٍ))، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده .


أعداء الصراط المستقيم :
1) ابليس ، كما قال تعالى : ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16].
2) شياطين الإنس ، كما قال تعالى : (( وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ )) ، وكما جاء وفي الحديث : عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: " هذا سبيل الله "، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: " هذه سبل - قال يزيد: متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه "، ثم قرأ: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل، فتفرق بكم عن سبيله) .رواه الإمام أحمد في مسنده .


طرق الإهتداء إلى الصراط المستقيم :
1) منها موافقة الكتاب والسنة والإعتصام به وترك السبل التي تدعو بخلافه ، كما قال تعالى : (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )، وفي الحديث جاء وفي الحديث : عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: " هذا سبيل الله "، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: " هذه سبل - قال يزيد: متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه "، ثم قرأ: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل، فتفرق بكم عن سبيله) .رواه الإمام أحمد في مسنده .

والدليل على أن الإعتصام بالكتاب والسنة سببا في الهداية إلى الصراط المستقيم ، في قوله تعالى : {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران:101]، وكقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 66 - 68]،وكقوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 175]

2) ومنها الإخلاص لله و حده لاشريك له ،ملة إبراهيم حنيفا ، كما قال تعالى : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} ، وقال أيضا : (( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ))،وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 161]

3) متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛لأنه يهدي إلى الصراط المستقيم كما قال تعالى : قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾،وكقوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].


نسأل الله أن يهدينا إلى الصرط المستقيم ، ويوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 شوال 1438هـ/5-07-2017م, 09:56 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بدرية صالح مشاهدة المشاركة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ...
إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
قال تعالى :( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ ..)
يبين الله سعة سعة علمه ، وإطلاعه على خلقه بكل صغيرة وكبيرة، وبديع صنعه ، وأنه لاتخفى عليه خافية،فهو وصف لشمول علمه ،قال تعالى :( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ).
المقصد العام لهذه الآية :-
هو تطمين النبي الكريم وتهدئة نفسه وتسكينها ،بأن الله سبحانه لايخفى عليه شيء ، مطلع على عبادة ،عالماً بسرائرهم ،وماتكن صدورهم ،فلا يحزنك قولهم ، وماتخفي صدورهم
-وكذلك تطمين للعبد المسلم ،بقدرة الله وإطلاعه ، وما من عمل يفعله من خير أو شر فإن الله يعلمه وسيجازيه به
-وفيه تهديد ووعيد شديد على الكافرين ،بالعقوبة والمجازاة على أعمالهم ،وأن الله مطلع عليهم ، وهذا بحد ذاته مقصد عظيم ،وإثبات لسعة علم الله سبحانه
-فيها تعجيز ،ومحاجاة للنصارى ، كيف يكون عيسى عليه السلام ابن الله وهو تخفى عليه الأشياء ،وهو كالبشر ، مر بأطوار الحمل وصوره سبحانه كيف يشاء في رحم أمه .
قال تعالى :(فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
المراد بالأرض
هي الكرة الأرضية بما فيها من بحار ومحيطات وجبال وأنهار
-المراد بالسماء
هي السماء بدرجاتها ، ومافيها من كواكب سيارة ، ونجوم ، ومايجري فيها من ملكوته من سحاب ونزول المطر والصواعق المرسلة ،والبرق وغيره لايحصيها إلا هو سبحانه وتعالى
-علة ذكر الأرض قبل السماء
ليتسنَّى التدرّج في العطف إلى الأبعد في الحكم؛ لأنّ أشياء الأرض يعلم كثيراً منها كثيرٌ من الناس ، أما أشياءالسماء فلا يعلم أحد بعضها فضلاً عن علم جميعها ، ابن عاشور
الحكمة من تكرير لا النهي
هو تأكيد نفي خفاء أي شيء عليه سبحانه ،ذكره الوسيط للطنطاوي
عن محمد بن جعفر بن الزبير: " إنّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء "، أي: قد علم ما يريدون وما يَكيدون وما يُضَاهون بقولهم في عيسى، إذ جعلوه ربًّا وإلهًا، وعندهم من علمه غيرُ ذلك، غِرّةً بالله وكفرًا به ، من سيرة ابن اسحاق
المقصد العام لهذه الآية
هو على وجه العموم دون تخصيص ، لإبراز قدرته وتمكينه في ملكوت السموات والأرض ،وشمول علمه وقدرته ، وأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة ،في ملكوته ،قال سبحانه :( الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
في هذه الآية بلاغة عظيمة ، ومقصد عظيم لشمول علمه ،كيف يكون مطلع وعالم بملكوته في الأرض والسماء ،ويعجزه هذا العبد الضعيف مايسره ومايعلنه .
- ذكر الله سبحانه الأرض قبل السماء ،لأن الأرض يعلمها كثير من الناس ، والسماء بمافيها من أسرار لايعلمها إلا هو سبحانه ، وإن بلغوا بعلمهم وتجاربهم ، ووصلوا لبعض الكواكب ، فعلمها عنده دون سواه
قال تعالى :(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)
هذه الآية مقام التعليل لما قبلها ، فبين ماقبلها قدرة الله وسعة علمه ،وإطلاعه على خلقه وملكوته ،لايخفى عليه خافية ، فهو سبحانه يعلم خلقه وهو نطفة في رحم أمه ،قبل أن يكون بشراً سوياً
فذكر الله قدرته على تصويره ،من ذكر أو انثى ، طويل وقصير ، واختلاف عقله وتفكيره وشكله .
المقصد العام لهذه الآية :
- تعظيم لله سبحانه ، وكمال وبراعة خلقه ، وحسن تصويره
-فيها رد وتعجيز للنصارى ، كيف يكون عيسى إله وقد صوره ربه في أطوار الخلق بالرحم ، قال
تعالى : ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون )[ الزمر : 6 ]

- تمام العبودية لله سبحانه وتفرده سبحانه فيها
-أهل العقول السليمة ،إذا تدبر هذه الآيات ومعانيها ، زاد يقينه بعظمة الخالق ،وإخلاصه بالعمل بنية سليمة صافية .
ضرب الله سبحانه هذا المثل ،لأنه من أعظم القدرة والمشيئة ، وبديع صنع الله .
- إرتباط ختم الآية بما قبلها ، فيها نفي الشريك لله ، والعبودية له وحده ،فبعد أن ذكر بديع صنعه بتصوير الإنسان ،ختمها بقوله العزيز الحكيم بتدبيره وخلقه .
-خلق الله البشر من العدم ،وصورهم في الأرحام كيف يشاء ، وعيسى ابن مريم منهم ، فكيف من صُور بالرحم وخُلـــق يكون إلهاً .


التقويم : ج
أحسنتِ ، بارك الله فيكِ.
- في الرسالة تكرار لبعض المسائل ، مثل المقصد العام للآية الأولى ، ذُكر في أولها وآخرها ، وكذلك مناسبة ذكر السماء بعد الأرض.
- لم يتبين مناسبة الآيات للحديث عن عيسى ابن مريم عليه السلام فلو بينتِ ما يربط بينهما في تقدمتك للرسالة.
- الآية الثانية ذكرتِ عدة مقاصد تحت قولكِ : " المقصد العام للآية " والأولى قول : " من مقاصد هذه الآية .."
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 شوال 1438هـ/5-07-2017م, 10:01 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
الأسلوب المقاصدي:
قال تعالى :
((أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))سورة الملك (22)

هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبا على وجهه ، أي يمشي منحنيا لا مستويا على وجهه ،أي لايدري أين يسلك ولا كيف يذهب بل تائه حائر ضال ، ( أمن يمشي سويا ) :أي منتصب القامة على صراط مستقيم أي طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم طريقه مستقيم .

فالناس على قسمين :
القسم الأول :كالمنكب على وجهه لايدري في أي طريق يمشي وتائه ضال، فهو كالمشرك الذي يتوجه إلى عبادة آلهات كثيرة ، كما قال تعالى : ( أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )، وكالإنسان الضال الذي يمشي بدون هدى من الله ويتبع هواه ، كما قال تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ).
القسم الثاني : يمشي بطريقة سوية وواضحة ومستقيم في أقواله وأفعاله وأعماله وجميع أحواله ،كالمتصب القامة ، فهذا مثل الإنسان المؤمن الذي يمشي على هدى من الله متبع للكتاب والسنة ، كما قال تعالى : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي).
وقال تعالى أيضا : ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .

هل يمشي الكافر على وجهه يوم القيامة وكيف ؟!
الجواب ، نعم ، كما قال تعالى : ((لَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا )).
كيف يمشي الكافر على وجهه يوم القيامة ؟!
الجواب : من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ففي الصحيح ، عن أنس : أن رجلا قال : يا رسول الله ، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال : " إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " وهكذا قال مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد من المفسرين.
فنجد أن الجزاء من جنس العمل ، فكما كان الكافر في الدنيا يمشي مكبا على وجهه ، لايهتدي إلى الصراط المستقيم وتائه ، فالله تعالى يحشره يوم القيامة كذلك ، كما قال تعالى أيضا في موضع آخر : (( وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا )).



ماهو الصراط المستقيم :

الصراط المستقيم هو نوعان :
النوع الأول : نوع حسي ، وهو المنصوب على ظهر جهنم والتي يردها المؤمن والكافر ، فالمؤمن يمشي فيها على قدر أعماله ، فمنهم من يشمي سرعة البرق ومنهم من هو بسرعة الراكب ، ومنهم من تخطفه النار بالكلاليب ، قال تعالى ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) [مريم :17].
النوع الثاني : معنوي ، وهو الذي يراد بها الطريق المستقيم الذي أنعم الله به على النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين ، كما قال تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم ) [الفاتحة 5-6].
وهو طريق الإسلام والقرآن والنبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضا، كما قال تعالى : قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70].

جاء في حديث النَّواس بن سمعان مرفوعًا وَصفُ الصراط بأنه هو الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ضرب اللهُ مثلاً صراطًا مُستقيمًا، وعلى جنبتَي الصِّراط سُوران، فيهما أبوابٌ مُفتَّحةٌ، وعلى الأبواب ستُورٌ مُرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقولُ: أيُّها الناسُ، ادخُلُوا الصِّراط جميعًا، ولا تتعرَّجُوا، وداعٍ يدعُو من فوق الصِّراط، فإذا أراد يفتحُ شيئًا من تلك الأبواب؛ قال: وَيحك لا تفتحهُ؛ فإنَّك إن تفتحهُ تلِجهُ، والصِّراطُ: الإسلامُ، والسُّوران: حُدُودُ الله، والأبوابُ المُفتَّحةُ: محارمُ الله، وذلك الدَّاعي على رأس الصِّراط: كتابُ الله، والدَّاعي من فوق الصِّراط: واعظُ الله في قلب كُلِّ مُسلمٍ))، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده .


أعداء الصراط المستقيم :
1) ابليس ، كما قال تعالى : ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16].
2) شياطين الإنس ، كما قال تعالى : (( وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ )) ، وكما جاء وفي الحديث : عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: " هذا سبيل الله "، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: " هذه سبل - قال يزيد: متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه "، ثم قرأ: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل، فتفرق بكم عن سبيله) .رواه الإمام أحمد في مسنده .


طرق الإهتداء إلى الصراط المستقيم :
1) منها موافقة الكتاب والسنة والإعتصام به وترك السبل التي تدعو بخلافه ، كما قال تعالى : (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )، وفي الحديث جاء وفي الحديث : عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: " هذا سبيل الله "، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: " هذه سبل - قال يزيد: متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه "، ثم قرأ: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل، فتفرق بكم عن سبيله) .رواه الإمام أحمد في مسنده .

والدليل على أن الإعتصام بالكتاب والسنة سببا في الهداية إلى الصراط المستقيم ، في قوله تعالى : {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران:101]، وكقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 66 - 68]،وكقوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 175]

2) ومنها الإخلاص لله و حده لاشريك له ،ملة إبراهيم حنيفا ، كما قال تعالى : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} ، وقال أيضا : (( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ))،وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 161]

3) متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛لأنه يهدي إلى الصراط المستقيم كما قال تعالى : قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾،وكقوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].


نسأل الله أن يهدينا إلى الصرط المستقيم ، ويوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه .


التقويم : د+ :
بارك الله فيكِ أختي الفاضلة.
لتكن مقدمة الرسالة بالأسلوب المقاصدي في بيان المقصد العام للآية وقد جاءت هذه الآية في معرض التعريف بالله عز وجل بأفعاله وربوبيته ، وفي هذه الآية تعريف به من خلال بيان مصير من اتبع هداه ، ومن ضل عن ذلك ووصف لحال كل منهما ؛ ففيها ترغيب في توحيد الله عز وجل واتباع هداه ، وترهيب من الضلال والشرك به.
ومن هذا المدخل تفسرين الآية ببيان هذه المقاصد دون التشعب إلى مسائل استطرادية تصرف القارئ عن المقصد المطلوب.

وقد أحسنتِ ببيان معنى المثل في بداية رسالتك لكن استطردتِ بعد ذلك في بيان مسائل متعلقة بالصراط المستقيم وكان الأولى بيان علاقة ضرب هذا المثل بمقصد الآية كما بينتُ سابقًا.

زادكِ ربي إحسانًا وتوفيقًا.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 محرم 1439هـ/10-10-2017م, 11:29 AM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

رسالة في الأسلوب المقاصدي لقوله تعالى:
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثيرًا ۝ وَسَبِّحوهُ بُكرَةً وَأَصيلًا ۝)[الأحزاب: 41-43]
هذه الآية ذكرت في سياق قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش ،التي كان قد زوجها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة رضي الله عنه -متبناه قبل النبوة-فمكثت عنده فترة طويلة ثم أخبر الله نبيه بأن زيداً سيطلقها، وأنه عليه الصلاة والسلام سيتزوجها.وبعد أن قضى زيد وطره منها ولم تعد له بها حاجة، زوجها الله نبيه صلى الله عليه وسلم لحكمة إلاهية :هي إبطال عادة الجاهلية في تحريم أزواج الأدعياء وهم المتبنين ، وقد أبطل الله التبني قبل هذ الحكم .عندها قال الذين في قلوبهم مرض :تزوج النبي من زوجة ابنه ؛ فردالله عليهم قولهم ،وجاءت هذه الآية كأنه سبحانه يأمر المؤمنين بالإعراض عن قول المنافقين وسبهم أو جدالهم والإشتغال بما هو أنفع وأجدى لهم من الذكر والتسبيح كما ذكر ابن عاشور .
ونحن في زمن الفتن الذي نعيشه الآن لابد فيه من التمسك والالتحاء بحبل الله .كما جاء في صحيح مسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إليّ ).وأي عبادة من العبادات لا تخلو من الذكر !فالذكر هو لب وأساس العبادات كيف لا وقد شرعت سائر العبادات لأجله قال تعالى:(وأقم الصلاك لذكري) ،و هو مقياس تفاضل العبادات ؛فأي عبادة كان فيها العبد أكثر ذكراً لله كان أجرها أعظم كما جاء فيما روى الإمام أحمد والطبراني عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ أَيُّ الْمُجَاهِدِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا يَا رَسُولُ اللَّه ؟ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرًا ، قَالَ فَأَيُّ الصَّائِمِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا ؟ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ كُلُّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ !! ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجَلْ)).
ذكر المفسرون أنواع الذكر على نوعين :الأول :المقيد بوقت أو مكان أو حال .والثاني المطلق وهو على عكس المقيد لا يحدد له وقت ولا مكان ولا حال .وهذا من فضل الله علينا حتى تلهج ألستنا بذكره سائر الليل والنهار :براً وبحراً وجواً، سقماً وصحةً ،سراً وعلانيةً ،وفي كل حال من أحوالنا ،قال تعالى :﴿الَّذينَ يَذكُرونَ اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِهِم وَيَتَفَكَّرونَ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ رَبَّنا ما خَلَقتَ هذا باطِلًا سُبحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ﴾ [آل عمران: 191]فننال الحسنات والأفضال الكثيرة التي تكون مغنماً لنا يوم القيامة من عمل يسير سهل لا يشق على النفس فالذكر الكثير يأتي بالفوز والفلاح في الدنيا والآخرة ،قال تعالى :﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [الأنفال: 45].وقال تعالى :"فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [الجمعة: 10]
وقد قال ابن القيم في الوابل الصيب :(فأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده، لأن ذكر القلب يثمر المعرفة بالله، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات، والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئاً من هذه الآثار، وإن أثمر شيئاً منها فثمرة ضعيفة.)أ.هـ كما أنه ذكر نحو من مائة فائدة للذكر لابد من الإطلاع عليها في الوابل الصيب .
يا من تلهج الألسن بذكرك وتنبض القلوب بحبك وترجو عفوك وتخاف عقابك فأنت العظيم الذي خلق وأعد الحياة ويسرها وجعل لعباده فيها قوتاً للأرواح قبل الأجساد فإذا انعدم الذكر ماتت القلوب، ففي صحيح البخاري من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ»،
وما أسهله وأيسره من قوت مع سهولته ويسره إلا أنه لا يوفق إليه إلا من سلم قلبه من الغفلة وعدم الإنشغال بالدنيا قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)،والذي ينتفع من الذكر ويتنعم بلذته وبحلاوة مناجاة ربه هو من صلحت عقيدته وأقواله وأعماله وأن لا يكون ممن اقترف جرم أو تقصير أو أكل مالاً حراماً أو غيره من الذنوب والآثام فهي سد تمنع حلاوة الذكر والتلذذ به كما جاء في الأربعين النووية حديث :(أن النبي عليه الصلاة والسلام *ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك ؟)لذلك لا بد من أن تعاهد القلوب ومراقبة الأعمال حتى لا تكون حاجزاً دون الانتفاع من الذكر ؛فهو خير الزاد في هذه الحياة
فاذكروه بقلوبكم ذكراً دائماً كثيراً غير محدود غير غافلين وغير لاهين أقروا فيه بربوبيته وتوحيده واعترفوا له باستسلامكم وخضوعكم التاميين .واذكروه بألسنتكم كثيراً بعدد الأنفاس دعاءً ورغبةً إليه واستعانة به حتى تستقيم الحياة به .
قوله تعالى : {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأصِيلاً}
ذكر الماوردي قول قتادة أن البكرة والأصيل هما صلاة الصبح والعصر .
كما ذكر ثلاثة أوجه في معنى التسبيح:
أحدها: أنه تنزيه الله عما لا يليق به وهو التسبيح الخاص ،والثاني: أنه الصلاة.والثالث: أنه الدعاء،
قال سيد قطب حول المقصد من تخصيص هذه الأوقات :(وفي البكرة والأصيل خاصة ما يستجيش القلوب إلى الاتصال بالله، مغير الأحوال، ومبدل الظلال؛ وهو باق لا يتغير ولا يتبدل، ولا يحول ولا يزول. وكل شيء سواه يتغير ويتبدل، ويدركه التحول والزوال.)أ.هـ

المراجع:
الوابل الصيب لابن القيم
تفسير ابن عاشور
تفسير الماوردي
تفسير سيد قطب

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 ذو القعدة 1441هـ/21-06-2020م, 04:51 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفية الشقيفي مشاهدة المشاركة
رسالة في تفسير قوله تعالى :{ واصبر نفسَكَ مع الذين يدعونَ ربهم بالغداةِ والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناكَ عنهم تريدُ زينةَ الحياةِ الدنيا ولا تُطعْ من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا }

في هذه الآية بيانٌ لفريقين من الناس ، وأمرٌ للنبي صلى الله عليه وسلم - والأمةُ تبعٌ له - بلزومِ أحدهما ، ونهي عن اتباعِ الآخر.
أمرٌ بلزومِ فريق الصالحين الذين يذكرون الله في جميع أحوالهم ، مخلصين له في ذلك ، ونهي عن اتباع فريق غفل عن ذكر الله ، وكان إلهه هواه ، وأسرف في الضلال حتى هلك !
فريقٌ عدته الإخلاص لله عز وجل : { يريدون وجهه } ، وفريق معه زينة الحياة الدنيا : { ولا تعد عيناك عنهم تريدُ زينة الحياة الدنيا } ، أي تنصرف عن الصالحين تريد الشرف والفخر عند الآخرين.
وما أعظم بلاغة القرآن حين جاء الأمر بقوله { واصبِر نفسَك } لبيان أهمية ملازمة من كانت هذه صفتهم { يدعون ربهم بالغداةِ والعشي يريدون وجهه } حتى وإن كان بهم من الصفات ما تكرهه النفس من الضعف أو الفقر ، فإن ما معهم من ذكر الله والإخلاص له كفيلٌ بأن يجعلهم مقدمين في الصحبة والولاية.
وقوله : { بالغداة والعشي } يدل على أنهم ملازمون لهذه الحال ، وتخصيصه لهم بقوله { يريدون وجهه } بيان لأن المعول على إخلاصهم لله ؛ فليس كل من كان سمته الصلاح كان مخلصًا ، بل كثيرًا ما يقع الشر بتقديم غير المخلصين وتمكينهم زمام الأمور.
وقوله { ولا تعد عيناك عنهم } : جاءت " عيناك " مرفوعة بيانًا لأن الفعل موجه إلى العينين ففيها قيدٌ آخر ، فليس الأمر مجرد صحبتهم ولكن ألا ينصرف ببصره عنه إلى غيرهم ، قال الزجاج : " لا تصرف بصرك إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة ".

ثم جاء بعد ذلك بيان الفريق الآخر وصفاته وهذا من بلاغة القرآن أن يبين الشيء وضده ؛ فيرغب في الخير ويرهب من اتباع الشر ، قال سبحانه :{ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرُطا }
فجمعوا بذلك الشر كله :
1: الغفلة عن ذكر الله.
2: اتباع الهوى :قال تعالى { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين }
3: { وكان أمره فرُطا }
قال ابن القيم في الوابل الصيب : "ومعنى الفرط فسر بالتضييع ، أي أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به وبه رشده وفلاحه : ضائع قد فرط فيه ، وفسر بالإسراف ، أي قد أفرط ، وفسر بالإهلاك وفسر بالخلاف للحق ، وكلها أقوال متقاربة"
فكيف لنا بأن نتبع من كانت هذه صفتهم ومن كان عاقبة أمرهم الهلاك والضياع !
هل يغرنا أن معهم { زينة الحياة الدنيا }
فما هي إلا زينة لا تلبث أن تنكشف حقيقتها ، وما هي إلا " دنيا " لا تلبث أن تنقضي ثم لا نجد أثرًا لتلك اللذة إلا الحسرة والخسران ، والعياذ بالله.

وعلى العكس فإن عاقبة ملازمة الصالحين المخلصين لله عز وجل - وإن كانوا في بادئ الأمر من الضعفاء أو الفقراء - الفوز والفلاح ، وبهم تقوى الجماعة المؤمنة وتتغلب على أعدائهم.
وقد عاب الكفار على نوحٍ - عليه السلام - أن اتباعه من الضعفاء فقالوا : {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين } ( سورة هود : 27 )
فكان عاقبتهم أن غرقوا في الطوفان ، ونجا هؤلاء الضعفاء بأمر الله.
وقال تعالى ممتنا على المؤمنين : { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون } ( آل عمران : 123 )
نصرهم لأنهم أخلصوا لله سبحانه ، { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ( آل عمران : 160 )

فاللهم ارزقنا صحبة الصالحين والإخلاص لوجهك الكريم.
أحسنتِ وفقكِ الله ونفع بكِ، وددت لو أتيتِ بشيء من الإيجاز عن مناسبة الآية لما قبلها وما بعدها وعلاقتها بمقاصد السورة العامة.
غاب عنكِ بيان مصادرك في الرسالة، سددكِ الله وزادكِ من فضله.
الدرجة:أ+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir