دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو القعدة 1440هـ/4-07-2019م, 03:15 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الخامس: مجلس مذاكرة القسم العشرين من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم العشرين من تفسير سورة البقرة
(الآيات: 275- 286)


بالاستعانة بالتفاسير الثلاثة المقرّرة اكتب رسالة تفسيرية في واحد من الأقسام التالية:
1: آيات الربا،
بأسلوب التقرير العلمي.
2: آيات الدين بالأسلوب الاستنتاجي.
3: آخر ثلاث آيات من سورة البقرة، بأسلوب الحجاج.



إرشادات:
- مصادر الرسائل هي التفاسير الثلاثة المقرّرة للدراسة، ويمكن الاستعانة بتفاسير أخرى من باب توسيع دائرة الاطّلاع.
- تراجع الإرشادات الخاصّة بكل أسلوب تفسيري في دورة أساليب التفسير، وكذلك خطة إعداد الرسالة التفسيرية (هنا).
- يمكن أن يضاف للأسلوب الأساسي للرسالة غيره من الأساليب مما يستدعيه المقام ويعين على تحسين الرسالة.



والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات..

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 ذو القعدة 1440هـ/5-07-2019م, 12:48 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

2

: آيات الدين بالأسلوب الاستنتاجي.


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا:

قال تعالى :{يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم}:

هاتان الآيتان من أواخر سورة البقرة التي تضمنت الكثير من الأحكام , بل قيل بأنها تضمنت أكثر من ألف حكم , لذلك كان من يحفظها من السلف يعظم في عيون الناس : لأنه ما حفظها إلا بعد أن علم أحكامها وأتقنها وعمل بها.

وهذه محاولة لاستخراج بعض ما جاء فيها من فوائد متنوعة , لعل الله أن ينفعنا بها وينفع بها , إنه ولي ذلك والقادر عليه.

فمما جاء فيها من فوائد :

الفائدة الأولى: في الآية رد على كل من اتهم الإسلام بعدم الشمولية , أو اتهمه بعدم الصلاحية لكل زمان , أو اتهمه بعدم ضبط المعاملات المالية , فقد تضمنت الآية تأكيدا على أن الإسلام يحرص على المعاملات الخاصة بتنظيم حياة الناس ، ومنها: المعاملات المالية، والعلاقات الاقتصادية كحرصه على بيان التشريعات الخاصة بالعبادات.

الثانية: قوله تعالى :{يا أيها الذين آمنوا} فيه تصدير الآية بنداء الإيمان لبيان الاختصاص , وللتنبيه والإشعار بأهمية المذكور في الآية , وبأن العمل به من لوازم الإيمان , وبأن تركه نقص في الإيمان.

الثالثة: قوله :{إذا تداينتم بدين }: فيه مشروعية الدين في الإسلام , لكن لا كما كان عليه العمل في الجاهلية : بل جاء الإسلام وجعل الدين من عقود الإرفاق بالغير , فلا يجوز أن يجر منفعة وإلا دخل في دائرة القرض الربوي , وقد حثت الشريعة على إنظار المعسر كما في قوله تعالى : {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرة} , ورتبت عظيم الأجر على ذلك كما جاء من حديث حذيفة المتفق عليه , من قوله عليه الصلاة والسلام :"أتى اللّه بعبدٍ من عبيده يوم القيامة، قال: ماذا عملت لي في الدّنيا؟ فقال: ما عملت لك يا ربّ مثقال ذرّةٍ في الدّنيا أرجوك بها، قالها ثلاث مرّاتٍ، قال العبد عند آخرها: يا ربّ، إنّك أعطيتني فضل مالٍ، وكنت رجلًا أبايع النّاس وكان من خلقي الجواز، فكنت أيسّر على الموسر، وأنظر المعسر. قال: فيقول اللّه، عزّ وجلّ: أنا أحقّ من ييسّر، ادخل الجنّة" , وهذا لما في ذلك من عظيم الأثر في زرع التراحم بين أفراد الأمة مما يزيد في تماسكها واجتماعها وثباتها.

الرابعة : حرص الإسلام على سد الذرائع الموصلة إلى وقوع التنازع والتخاصم بين الناس : لذلك أرشد إلى توثيق المعاملات المالية والإشهاد عليها , كما قال تعالى :{فَاكْتُبُوهُ} , وهذا من علم الله -سبحانه - الشامل والمحيط بخلقه وما تنطوي عليه صدورهم , وبمواقع النزاع بينهم , كما جاء من قوله :{ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
كذلك في قوله :{إلى أجل مسمى} : فتحديد الأجل مما يمنع الخصومة والنزاع.

الخامسة :
في قوله :{فاكتبوه} بيان لأهمية الكتابة في توثيق المهمات من الأمور , لما في ذلك من حفظ لها , وهذه من أعظم النعم على الأمة , فبالكتابة حفظت نصوص الشريعة , لذلك كان من أسماء القرآن (الكتاب) ففيه إشارة إلى حفظه في السطور لا في الصدور فقط.

السادسة : حثت الشريعة على التكاتف والتعاون بين الناس , وبذل المعروف فيما بينهم خاصة في مواطن الحاجة , وجاءت في ذلك الكثير من النصوص : منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم :( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ... ) الحديث , ومنها كما جاء في هذه الآية :{ ولا يأب كاتب أن يكتب كما علّمه اللّه} , فكما ضبطت الشريعة المعاملات بين العبد والخالق : ضبطت المعاملات بين العبد والخلق .

السابعة : يتفرع من الفائدة السابقة فائدة أخرى وهي بغض الله للظلم , لذلك أمر -سبحانه- بما يسد بابه ليسلم الناس منه , وكذلك تظهر هذه الفائدة من قوله :{ولا يبخس منه شيئا}.

الثامنة : قوله تعالى :{كما علمه الله} فيه إشارة إلى أن النقص صفة ذاتية للإنسان لا تنفك عنه , فهو كما قال الله تعالى فيه :{ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} ثم قال فيه :{علم الإنسان ما لم يعلم } ثم قال فيه :{ ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا} فالعلم عند الإنسان مكتسب بعد جهل , ويلحقه النسيان , أو للضياع بالكلية إن أصابه ما اصابه من الخرف أو الخلط , أو بغير ذلك من الأشياء التي تتسبب في ضياع المخزون العلمي في الذاكرة .

التاسعة : وقد نبه الله على ذلك في هذه الآية : {كما علمه الله} : تذكيرا للإنسان بأصله حتى لا يحمله الكبر على عدم تقديم يد العون للغير , أو الترفع عنهم , خاصة إن الوقت الذي نزلت فيه الآية كان الغالب على أحوال الناس هو الأمية , والكتبة فيهم قليل.

العاشرة : في قوله تعالى : {وليتّق اللّه ربّه} الحرص على تقوى الله , فإنها سبب للنجاة في الدنيا والآخرة , وسبب لولاية الله للعبد , كما قال تعالى :{ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون} وقد ذكر الإيمان والتقوى في هذه الآية.

الحادية عشر: عناية الشريعة بالضعفاء , وهذا واضح جلي في الكثير من النصوص التي تحث على العناية بهم كقوله تعالى :{فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر} بل جاءت سورة النساء تفصل الكثير من الأحكام التي تتعلق بهم : النساء واليتامى والمساكين والسفهاء والعبيد والضعفاء من الأبناء , وهنا قال تعالى :{فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يملّ هو} فأوصى-سبحانه- بمزيد عناية بهم , وهذا من خصائص هذه الشريعة السمحة , فقد اعتنت ممن حال ضعفه من أخذ ما له من حقوق , وأوصت به , بل وتوعدت من حمله جبروته على ظلمهم , قال تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } وقال:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } وقال:{وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} , وغيرها الكثير مما لا يتسع المقام لذكره.

الثانية عشر : ومن عناية الشريعة بالضعفاء : أن من سفه وخف عقله وخيف من ضرره على نفسه أو غيره : وجبت عليه الوصاية لمصلحته ومصلحة غيره , كما قال تعالى :{فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيها }.

الثالثة عشر : مقصد الولاية في الشريعة هو الرعاية والعناية بالضعفاء , لذلك قال تعالى :{فليملل وليّه بالعدل} فالهدف هو الحفاظ على حقوقهم والعناية بهم ابتغاء وجه الله تعالى , وامتثالا لأوامره , وليس الهدف مادي دنيوي .

الرابعة عشر : تحري الحق والعدل من قبل الكاتب , فلا يميل مع أحد لقرابة ولا غيرها، ولا على أحدهما لعداوة ونحوها , لذلك قال تعالى :{وليكتب بينكم كاتب بالعدل}.

الخامسة عشر : عدم جواز شهادة الكافر على المؤمن لقوله تعالى :{شهيدين من رجالكم} إلا ما استثناه الله والمذكور في سورة المائدة.

السادسة عشر : في قوله تعالى :{فرجل وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء} بيان لفضل جنس الرجال على جنس النساء , ولا يعني هذا أن جميع الرجال أفضل من جميع النساء , بل قد تكون امرأة بألف رجل , لكن الله -سبحانه- اختص جنس الرجال بفضائل لم يجعلها في النساء , منها : كمال الخلقة , النبوة , الجهاد , القوامة وغيرها .

السابعة عشر : الأصل في الشهادة أن يقوم بها الرجال العدول لقوله تعالى:{من رجالكم} لذلك في الحدود لا تقبل شهادة النساء , أما المال وما يقصد به المال، كالبيع والقرض وغيره ، فيقبل فيه شهادة الرجلين أو الرجل وامرأتين في حالة تعذر شهادة رجلين , قال تعالى: { فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء}.
وتقبل شهادة المرأة فيما لا يطلع عليه الرجال في الغالب كعيوب النساء والبكارة والرضاع واستهلال المولود , فتقبل شهادة النساء منفردات، وتكفي شهادة امرأة واحدة عدلة.

الثامنة عشر : إثبات الاختلاف الخلقي والنفسي بين المرأة والرجل , وفي هذا رد على من يطالب بالمساواة بين الجنسين , مع كون المساواة بينهما من أعظم الظلم والافتراء , لذلك جاء الإسلام بالعدل بينهما لا بالمساواة , وقد قال تعالى:{أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى} فالعاطفة هي الغالبة على المرأة , وأغلب القرارات التي تأتي بها تكون نتاج العاطفة لا نتيجة إعمال العقل , فحصول الوهم منها والنسيان أقرب من حصول ذلك في الرجل , والاختلاف بينهما حاصل لحكمة عظيمة للخالق :{وربك يخلق ما يشاء ويختار} فمن جهل ذلك , واستمر على عناده : لم يلق إلا الخيبة والخسران والذل والهوان , وهذا هو الحاصل للنساء في الغرب بعد أن تمردن-بمعونة الرجل- على الفطرة التي فطرهن الله عليها , وعلى طبيعة خلقهن!

التاسعة عشر : اشتراط العدالة والمروءة في الشهداء , وهذا هو الأصل لقوله تعالى : {ممّن ترضون من الشهداء} حتى تكون شهادتهم مقبولة عند الناس.

العشرون : تحمّل الشهادة في حقوق الآدميين المالية فرض على الكفاية، فإذا وجد من يقوم بذلك سقط عن الآخرين ، وإن لم يوجد إلا هذا المعين : تعين عليه تحملها لقوله تعالى: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا}.

الحادية والعشرون : أداء الشهادة فرض عين على من تحملها لقوله تعالى :{ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبه} , هذا إن لم يكن في أداء الشهادة ضرر على الشاهد لقوله صلى اللّه عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).

الثانية والعشرون : في قوله تعالى :{ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} دليل على أن الإنسان لا يشهد إلا بما رأى وتيقن , فلفظ (الشهداء) يتضمن تعريف الشهادة وهو إخبار المرء بما رأى والإقرار بما عَلِمَ , أما إن شك ولم يكن هناك يقين : فلا تكون شهادة.

الثالثة والعشرون : في قوله :{وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم} تنبيه على أن خيانة الأمانة من الكبائر التي نهى الله عنها وتوعد فاعلها , بل هي من التشبه باليهود فيما ذكر الله عنهم في كتابه من خيانتهم للعهود والمواثيق .

الرابعة والعشرون : حرص الإسلام على أداء الحقوق وضمانها لا يتعلق بقيمتها المادية , لذلك قال تعالى :{ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا} حتى لا يظن ظان بأن الآية تتعلق بكتابة الحقوق المتعلقة بما عظم من الأموال , فعلة الحكم-وهي حصول النزاع والشقاق والتخاصم- حاصلة في الأموال عامة : صغيرها وكبيرها .

الخامسة والعشرون : في قوله تعالى :{ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله} إثباتا للأسباب خلافا للجبرية الغلاة الذين نفوا تأثيرها بالكلية , والجبرية المتوسطة من الأشاعرة الذين قالوا بالعندية , وحاصل قولهم على الحقيقة هو الجبر.
ومذهب أهل السنة بأن الأسباب مؤثرة بمشيئة الله تعالى لا بنفسها , وقد أمر الله بالأخذ بها مع كمال توكل القلب على الله سبحانه , وامتحن الله العباد بها : فالتعلق بالأسباب قدح في التوحيد , وترك الأخذ بها قدح بالعقل كما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.

السادسة والعشرون : ذكر علة الحكم له فوائد عظيمة , منها :
بيان حكمة الله.
معرفة مقاصد التشريع.
تقوية الحكم الشرعي بإظهار علته.
لذلك قال عالى:{ذلكم أقسط عند اللّه وأقوم للشّهادة وأدنى ألّا ترتابوا }.

السابعة والعشرون : قوله تعالى:{وأدنى ألّا ترتابوا } فيه حرص الشريعة على منع الأمور التي قد يدخل منها الريب إلى القلب , لذلك يجب على المسلم الابتعاد عن مواطن الريبة , وأن يعين العباد على حسن الظن به وعدم الوقوع في غيبته أو عرضه.

الثامنة والعشرون : قوله تعالى:{إلّا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألّا تكتبوها} فيه رفع المشقة والحرج عن العباد , فالمعاملات التجارية المعتادة بينهم , والتي تجري بشكل يومي معتاد يتم فيها التقابض الفوري , ويضمن فيه الجميع حقه : لا حاجة لكتابتها وتوثيقها , وفي هذا مزيد إسراع في إنجازها وعدم الإعراض عنها لما يكون فيها من تطويل إذا ما حصلت الكتابة والتوثيق.

التاسعة والعشرون : قوله تعالى :{ وأشهدوا إذا تبايعتم} مشروعية الإشهاد لحفظ الحقوق , وهذا مما يبين كمال الشريعة وسريانها في جميع شؤون المجتمع لتدل على كل خير وتنهى عن كل شر.

الثلاثون : في قوله تعالى:{ولا يضارّ كاتب ولا شهيد} رفع للحرج والمشقة عن الخلق , وبيان بأن الضرر يزال , فليس الغرض من الأحكام إيقاع الضرر على الناس : بل متى ما وقع الضرر وجبت إزالته كما قال عليه الصلاة والسلام :(لا ضرر ولا ضرار).

الحادية والثلاثون : إثبات اسم الله العليم من قوله : {واللّه بكلّ شيء عليم} خلافا للجهمية المعطلة.

الثانية والثلاثون : إثبات صفة العلم في قوله تعالى:{واللّه بكلّ شيء عليم} خلافا للمعطلة نفاة الصفات بجميع أقسامهم , فهو عليم بعلم , فقد علم الله ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون .

الثالثة والثلاثون : في قوله {واللّه بكلّ شيء عليم} أيضا : إثبات عموم علم الله سبحانه , فعلمه كامل , يشمل العلم بالجزئيات والعلم الكليات خلافا للفلاسفة , ولمن ادعى بأنه يعلم أفعال العباد بعد وقوعها , بل قد دلت جميع نصوص القرآن على إثبات صفة العلم لله: إما بدلالة التضمن أو دلالة اللزوم أو دلالة المطابقة.

الرابعة والثلاثون : حرص العبد على طلب العلم من الله سبحانه , والتبرؤ من حوله وقوته واللجوء إلى حول الله وقوته , فلا يكون كمن قال :{إنما أوتيته على علم عندي} فهو المتفضل به -سبحانه- على خلقه , لذلك قال تعالى :{ويعلمكم الله} .

الخامسة والثلاثون : في قوله :{ويعلمكم الله} دليل على أن العلوم المكتسبة لا بد أن ترد إلى علوم فطرية لم يتحصل عليها الإنسان بالتعلم , ولا هي من تعليم والديه , ولا اكتسبها من البيئة , بل هي مما فطر الله الناس عليها من البداهات العقلية .

السادسة والثلاثون : مشروعية الرهن لقوله تعالى :{فرهانٌ مقبوضةٌ} وهو من المعاملات التي يحتاج لها الإنسان في حياته , والله -سبحانه - يسر على عباده في أمور المعاملات , فالأصل فيها الحل إلا ما جاء الشرع بتحريمه .

السابعة والثلاثون : الرهن يكون في السفر وفي الحضر كذلك , خلافا لمن خصه بالسفر مستدلا بقوله تعالى:{وإن كنتم على سفرٍ ولم تجدوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضة} , بل في الآية دليل على مشروعيته في السفر والحضر , لأن الله تعالى ذكر السفر وعلل الرهن بعدم وجود كاتب , فيكون هذا من الأعذار في عدم الكتابة , والأعذار تكون في الحضر كما تكون في السفر.
وقد دلت السنة كذلك على مشروعية الرهن في غير السفر كما جاء في الصحيحين، عن أنسٍ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة عند يهودي ...الحديث).

الثامنة والثلاثون : الأصل في الأمر أن يكون للوجوب إلا أن تأتي قرينة تصرفه عن الوجوب إلى الاستحباب , وفي هذه الآية جاء قوله تعالى:{فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} فصرف الأمر بكتابة الدين وتوثيقه من الوجوب إلى الاستحباب , وهذه قاعدة أصولية معروفة.

التاسعة والثلاثون :
جاء الحث على تقوى الله في هذه الآية جليا واضحا في أكثر من موضع , كما في تكرار قوله تعالى :{وليتّق اللّه ربّه} لأن مقام المعاملات بين الناس وأداء الحقوق : مما يسهل فيه وقوع الغش وأكل الأموال بالباطل بطرق شتى , لذلك تكرر الأمر بالتقوى ترغيبا بامتثال الأمر وترهيبا من عاقبة تركه .

الأربعون : كتمان الشهادة عند المقدرة من الكبائر لذكر الوعيد المترتب على الكتمان من حصول الإثم :{ومن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبه} , والكبيرة هي ما وجبت فيه الحدود أو توجه إليها الوعيد.

الحادية والأربعون : تخصيص حصول الإثم على القلب في قوله تعالى :{فإنّه آثمٌ قلبه} لأنه الأمير على جميع الأعضاء , كما جاء من حديث النعمان المتفق عليه من قوله عليه الصلاة والسلام :(لَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ).

الثانية والأربعون : يتفرع من الفائدة السابقة : التنبيه على وجوب العناية والاهتمام بالقلب لكونه موضع نظر الرب , ولكون {من جاء الله بقلب سليم } هو الناجي يوم القيامة.

الثالثة والأربعون : إثبات اسمي (الله) و (الرب) في قوله :{اللَّهَ رَبَّهُ} فثبت بهما جميع أنواع التوحيد الثلاثة : فتوحيد العبودية يتضمن توحيد الربوبية , وتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية , والربوبية والألوهية لا يكونان إلا لمن كملت صفاته وأفعاله , فهما يتضمنانه.

الرابعة والأربعون : تباين المعصية في القبح بحسب ما احتف بها من أمور , فأكل أموال الناس بالباطل من الكبائر , لكن وقوعه في محل الائتمان يجعله أقبح , لذلك قال تعالى :{ فإن أمن بعضكم بعضا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته } , فذكرهم بما كان بينهم من ثقة وائتمان .

الخامسة والأربعون : تكرار ذكر صفة العلم لله تعالى كما في قوله:{واللّه بما تعملون عليمٌ} فيه تنبيه للعباد بضرورة مراقبة الله عز وجل , فتضمنت وعيد للعباد ليبتعدوا عما يسخطه , ويجتنبوا مناهيه , وفيه الوعد منه -سبحانه- لكونه يعلم من امتثل الأمر , والتزم التقوىفي أموره : فله من الله حسن الثواب والمكانة.

هذا والله أعلم.
وصل اللهم على عبدك ونبيك وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

-------------------------------------------------------------------
المصادر:
المذكورة في المجلس.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ذو القعدة 1440هـ/24-07-2019م, 09:15 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم العشرين من تفسير سورة البقرة


فداء حسين أ+
أحسنت نفع بك وزادك من فضله.
- تصويب الآية: {من أتى الله بقلب سليم}، أو قوله: {جاء ربه بقلب سليم}.


رزقك الله العلم النافع والعمل الصالح

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir