النوع السادس والأربعون: معرفة رواية السابق واللاحق

[عبد العزيز الداخل]

النَّوْعُ السَّادِسُ وَالأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ رِوَايَةِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ

وَقَدْ أَفْرَدَ لَهُ الخَطِيبُ كِتَابًا. وَهَذَا إِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ رِوَايَةِ الأَكَابِرِ عَنِ الأَصَاغِرِ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ المَرْوِيِّ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ.
كَمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ تِلمِيذِهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ, وَقَدْ تُوُفِّيَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ, وَمِمَّنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ زَكَرِيَّا بْنُ دُوَيْدٍ الكِنْدِيُّ, وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ الزُّهْرِيِّ بِمِائَةٍ وَسَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ. قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ.
وَهَكَذَا رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ, وَرَوَى عَنِ السَّرَّاجِ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الخَفَّافُ النَّيْسَابُورِيُّ, وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا مِائَةٌ وَسَبْعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً, فَإِنَّ البُخَارِيَّ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ, وَتُوُفِّيَ الخَفَّافُ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ.
قلت: وَقَدْ أَكْثَرَ مِنَ التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ شَيْخُنَا الحَافِظُ الكَبِيرُ أَبُو الحَجَّاجِ المِزِّيُّ فِي كِتَابِهِ (التَّهْذِيبِ). وَهُوَ مِمَّا يَتَحَلَّى بِهِ كَثِيرٌ مِنَ المُحَدِّثِينَ, وَلَيْسَ مِنَ المُهِمَّاتِ فِيهِ.

[محمد أبو زيد]

النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ

مَعْرِفَةُ رِوَايَةِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ:
وَقَدْ أَفْرَدَ لَهُ الْخَطِيبُ كِتَابًا. وَهَذَا إِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ.
كَمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ تِلْمِيذِهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَدْ تُوُفِّيَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَمِمَّنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ زَكَرِيَّا بْنُ دُوَيْدٍ الْكِنْدِيُّ[1]، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ الزُّهْرِيِّ بِمِائَةٍ وَسَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ. قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ.
وَهَكَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ، وَرَوَى عَنِ السَّرَّاجِ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَفَّافُ النَّيْسَابُورِيُّ، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا مِائَةٌ وَسَبْعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ الْخَفَّافُ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ[2].
(قُلْتُ): وَقَدْ أَكْثَرَ مِنَ التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي كِتَابِهِ "التَّهْذِيبِ". وَهُوَ مِمَّا يَتَحَلَّى بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ فِيهِ.

---

[1] دويد: بدالين مهملتين مصغر، وزكريا هذا، قال ابن حجر في اللسان: (كذاب، ادعى السماع من مالك والثوري والكبار، وزعم أنه ابن 130 سنة، وذلك بعد الستين ومائتين). فهذا المثال من المؤلف غير جيد، والصواب أن يذكر: (أحمد بن إسماعيل السهمي) فقد عُمر نحو مائة سنة، وروى الموطأ عن مالك، وهو آخر من روى عنه من أهل الصدق، وروايته للموطأ صحيحة في الجملة، ومات سنة 259، ومات الزهري سنة 124 فبينهما 135 سنة.

[2] قال ابن حجر في شرح النخبة: (وأكثر ما وقفنا عليه من ذلك بين الراويين فيه في الوفاة مائة وخمسون سنة، وذلك: أن الحافظ السلفي سمع منه أبو علي البرداني أحد مشايخه حديثا ورواه عنه، ومات على رأس خمسمائة، ثم كان آخر أصحاب السلفي بالسماع سبطه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي، وكانت وفاته سنة 650).

[محمد أبو زيد]

...........

[محمد أبو زيد]

القارئ:
النوع السادس والأربعون: معرف رواية السابق واللاحق
وقد أفرد له الخطيب كتابا،وهذا إنما يقع عند رواية الأكابر عن الأصاغر،ثم يروي عن المروي عنه المتأخر كما روي الزهري عن تلميذه مالك بن أنس،وقد توفي الزهري سنهأربع وعشرين ومائة، وممن روى عن مالك زكريا بن دويد الكندي،وكانت وفاته بعد وفاة الزهري بمائة وسبع وثلاثين سنة أو أكثر،قاله ابن الصلاح.
وهكذا روى البخاري عن محمد بن إسحاق السراج،وروى عن السراج أبو الحسن أحمد بن محمد الخفاف،وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة؛فإن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين،وتوفي الخفاف سنة أربع أو خمس وتسعين وثلاثمائة،كذا قال ابن الصلاح.
قلت: وقد أكثر من التعرض لذلك شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي في كتابه (التهذيب)،وهو مما يتحدى به كثير من المحدثين،وليس من المهمات فيه.
الشيخ: كما قال ابن كثير رحمه الله هذا الموضوع معرفة السابق واللاحق،ملخصه أن يروي عن شخص واحد اثنان،وتكون المدة بين وفاتيهما متباعدة جدًّا،هذا هو المقصود،والمقصود منه هو يدخل في أي موضع؟
ومثلوا لذلك بأمثلة،لكن المقصود الأول منه هو ألا يظن أن في الإسناد انقطاع؛لأنك إذا نظرت مثلا تقول: هذا الشخص يروي عنه فلان،وهو متوفى سنه 100 مثلًا،ثم تنظر فإذا قد روى عنه فلان المتوفى سنة مائتين،فحينئذ قد نظن في رواية الأول فيه انقطاعًا،ألف الخطيب البغدادي رحمه الله كتاب سماه السابق واللاحق،وهو كتاب مطبوع محقق،ولكن أيضًا هذا كما ذكرت يقع فيه نوع من التسامح عند الجمع.
فمثلًا الآن معنا زكريا بن دويد هذا،الزهري روى عن مالك أصله كيف يقع التباعد هذا في الغالب كما يقول ابن كثير، أن يروي الشيخ عن التلميذ في الغالب،أن الشيخ يتوفى قبل التلميذ،ثم يعمر التلميذ حتى يروي عنه شخص ما،فيعمر هذا الشخص حتى تكون المدة بين وفاته وبين وفاة الشيخ الذي روى عن تلميذه متباعدة،فهذا فن مليح كما قال ابن كثير: حلى به المزي كتابه تهذيب الكمال،لكنه أنصف وقال: إنه ليس من المهمات، زكريا بن دويد هذا كذاب،هو ادعى السماع من مالك وأنه عمر،ولكنه كذاب،ويعني لكن يوردونه؛لأنهم رحمهم الله تعالى عند الجمع يقولون: قمش ثم فتش،ما معنى قمش؟ يعني أجمع،وبعد الجمع بعد أن تستقر الأمور أبدًا بالتنقية والاختيار.

تمت مراجعته وتهذيبه بواسطة ام العنان