دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 06:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي علم الجنس


ووَضَعُوا لبعضِ الاجناسِ عَلَمْ = كعَلَمِ الأشخاصِ لفظًا وهُوَ عَمْ
مِنْ ذَاكَ أُمُّ عِرْيَطٍ للعَقْرَبِ =وهكذا ثُعالَةُ للثعْلَبِ
ومثلُهُ بَرَّةٌ للمَبَرَّةِ = كذا فَجَارِ عَلَمٌ للفَجْرَةِ


  #2  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:40 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

ووَضَعُوا لِبَعْضِ الاجْنَاسِ عَلَمْ = كعَلَمِ الأَشْخَاصِ لَفظاً وَهْوَ عَمْ([1])
مِنْ ذاكَ أُمُّ عِرْيَطٍ لِلْعَقْرَبِ = وَهَكَذَا ثُعَالَةٌ لِلثَّعْلَبِ([2])
وَمِثْلُهُ بَرَّةُ لِلْمَبَرَّهْ = كَذَا فَجَارِ عَلَمٌ لِلْفَجْرَهْ([3])
العَلَمُ على قِسميْنِ: عَلَمُ شَخْصٍ، وعَلَمُ جِنْسٍ.
فعَلَمُ الشخصِ له حُكمانِ: معنويٌّ؛ وهو أنْ يُرَادَ به واحدٌ بعَيْنِه؛ كزيدٍ وأحمدَ، ولَفْظِيٌّ؛ وهو صِحَّةُ مَجِيءِ الحالِ مُتَأَخِّرَةً عنه، نحوُ: (جَاءَنِي زَيْدٌ ضَاحِكاً)، ومَنْعُهُ مِن الصرفِ معَ سببٍ آخرَ غيرِ العَلَمِيَّةِ، نحوُ: (هذا أحمدُ)، ومَنْعُ دخولِ الألفِ واللامِ عليه، فلا تقولُ: (جاءَ العَمْرُو) ([4]).
وعَلَمُ الجِنْسِ كعَلَمِ الشخصِ في حُكْمِه اللفظيِّ، فتقولُ: (هذا أُسَامَةُ مُقْبِلاً) فتَمْنَعُه مِن الصرفِ وتأتي بالحالِ بعدَه، ولا تُدْخِلُ عليه الألفَ واللامَ، فلا تقولُ: (هذا الأُسَامَةُ) ([5]).
وحُكْمُ عَلَمِ الجِنْسِ في المعنَى كحُكْمِ النَّكِرَةِ مِن جِهَةِ أنه لا يَخُصُّ واحداً بعينِه، فكلُّ أسدٍ يَصْدُقُ عليه أُسامةُ، وكلُّ عَقْرَبٍ يَصْدُقُ عليها أُمُّ عِرْيَطٍ، وكلُّ ثَعْلَبٍ يَصْدُقُ عليه ثُعَالَةُ ([6]).
وعَلَمُ الجِنْسِ يكونُ للشخصِ؛ كما تَقَدَّمَ، ويكونُ للمعنَى؛ كما مَثَّلَ بقولِه: (بَرَّةُ لِلْمَبَرَّةِ، وفَجَارِ للفَجْرَةِ).

([1]) (ووَضَعُوا) الواوُ عاطفةٌ، ووَضَعَ: فعلٌ ماضٍ، والواوُ ضميرُ الجماعةِ فاعلٌ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعٍ، (لبعضِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بوَضَعُوا،، وبعضِ مضافٌ و(الأجناسِ) مضافٌ إليه، (عَلَمْ) مفعولٌ به لوَضَعُوا، وأصلُه منصوبٌ مُنَوَّنٌ فوَقَفَ عليه بالسكونِ على لُغَةِ رَبيعةَ، (كعَلَم) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ صفةٍ لعَلَمْ، وليسَ حالاً منه؛ لأنَّه نكرةٌ وصاحبُ الحالِ إنما يكونُ معرفةً، وعَلَمِ مضافٌ و(الأشخاصِ) مضافٌ إليه، (لفظاً) تَمْيِيزٌ لمعنى الكافِ؛ أي: مِثْلُه مِن جهةِ اللفظِ، (وهو) ضميرٌ منفصِلٌ مبتدأٌ، (عَمْ) يَجُوزُ أنْ يكونَ فِعلاً ماضياً، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى الضميرِ العائدِ إلى عَلَمِ الجنسِ، وعلى هذا تكونُ الجملةُ من الفعلِ والفاعلِ في محلِّ رفعِ خبرِ المبتدأِ، ويجوزُ أنْ يكونَ عَمْ أفعلَ تفضيلٍ وأصلُه أَعَمَّ، فسَقَطَتْ همزتُه لكثرةِ الاستعمالِ كما سَقَطَتْ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ، ويكونُ أفعلُ التفضيلِ على غيرِ بابِه، وهو خبرٌ عن الضميرِ الواقعِ مبتدأً.

([2]) (مِن) حرفُ جرٍّ، (ذَاكَ) ذا: اسمُ إشارةٍ مبنِيٌّ على السكونِ في محلِّ جَرٍّ بمِن، والكافُ حرفُ خِطابٍ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٍ مقدَّمٍ، (أُمُّ) مبتدأٌ مؤخَّرٌ، وأُمُّ مُضافٌ و(عِرْيَطٍ) مضافٌ إليه، (للعقربِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ مِن الضميرِ المُسْتَكِنِّ في الخبرِ، والتقديرُ: أُمُّ عِرْيَطٍ كائنٌ مِن ذاكَ حالَ كَوْنِه عَلَماً للعقربِ، (وهكذا) الواوُ عاطفةٌ، وها: حرفُ تنبيهٍ، والكافُ حرفُ جرٍّ، وذا: اسمُ إشارةٍ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ جرٍّ بالكافِ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٍ مقدَّمٍ، (ثُعَالَةٌ) مبتدأٌ مؤخَّرٌ، (للثَّعْلَبِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ مِن ضميرِ الخبرِ؛ كما تَقَدَّمَ فيما قبلَه.
([3]) (ومثلُه) الواوُ عاطفةٌ، مثلُ: خبرٌ مقدَّمٌ، ومثلُ مضافٌ والهاءُ ضميرُ غائبٍ عائدٌ على المذكورِ قبلَه من الأمثلةِ مضافٌ إليه، مبنيٌّ على الضمِّ في محلِّ جرٍّ، (بَرَّةٌ) مبتدأٌ مؤخَّرٌ، (للمَبَرَّةْ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفِ حالٍ مِن الضميرِ المُسْتَكِنِّ في الخبرِ؛ لأنَّه في تقديرِ مشتَقٍّ، (كَذَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفِ خبرٍ مقدمٍ، (فجَارِ) مبتدأٌ مؤخَّرٌ مبنيٌّ على الكسرِ في محلِّ رفعٍ، (عَلَمٌ) مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ، (لِلْفَجَرَةْ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بذلك الخبرِ المحذوفِ، والتقديرُ: فَجَارِ كذا عَلَمٌ موضوعٌ للفجرةِ، ويَجوزُ أنْ يكونَ قولُه: (لِلْفَجَرَةْ) جارًّا ومجروراً في محلِّ الوصفِ لعَلَمٌ، ويجوزُ غيرُ هذيْنِ الإعرابيْنِ لعَلَمٌ أيضاًً. فتَأَمَّلْ.
([4]) اعْلَمْ أن العَلَمَ بحسَبِ الأصلِ لا تَدْخُلُه الألفُ واللامُ، ولا يُضافُ؛ وذلك لأنَّه معرفةٌ بالعَلَمِيَّةِ، وألْ والإضافةُ وَسِيلَتَانِ للتعريفِ، ولا يجوزُ أنْ يَجْتَمِعَ على الاسمِ الواحدِ مُعَرِّفَانِ، إلاَّ أنه قد يَحْصُلُ الاشتراكُ الاتِّفاقِيُّ في الاسمِ العَلَمِ، فيكونُ لك صَديقانِ اسمُ كلِّ واحدٍ مِنهما زيدٌ أو عمرٌو، مثلاً، وفي هذه الحالةِ يُشْبِهُ العلمُ اسمَ الجنسِ، فتَصِلُ به ألْ، وتُضِيفُه، كما تَفْعَلُ ذلك برجلٍ وغلامٍ، وقد جاءَ ذلك عنهم، فمِن دخولِ (ألْ) على عَلَمِ الشخصِ قولُ أبي النَّجْمِ العِجْليِّ:
باعَدَ أُمَّ العَمْرِو مِن أَسِيرِهَا = حُرَّاسُ أبوابٍ عَلَى قُصُورِهَا
وقولُ الأخطلِ التَّغْلِبِيِّ:
وقد كانَ مِنْهُمْ حَاجِبٌ وابنُ أُمِّهِ = أبو جَنْدَلٍ والزَّيْدُ زَيْدُ المَعَارِكِ
وفي هذا البيتِ اقترانُ العَلَمِ بألْ، وإضافتُه.
ومِن مجيءِ العَلَمِ مضافاً قولُهم: رَبِيعَةُ الفَرَسِ، وأنمارُ الشاةِ، ومُضَرُ الحمراءِ، وقالَ رجلٌ مِن طَيِّئٍ:
عَلاَ زَيْدُنا يومَ النَّقَا رَأْسَ زَيْدِكُمْ = بأَبْيَضَ ماضِي الشَّفرتيْنِ يَمَانِ
وقالَ رَبِيعَةُ الرَّقِّيُّ:
لشَتَّانَ مَا بَيْنَ اليَزِيدَيْنِ فِي النَّدَى = يَزِيدِ سُلَيْمٍ والأَغَرِّ ابنِ حَاتِمِ
وقالَ الراجزُ يُخَاطِبُ أميرَ المؤمنينَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ:
يا عُمَرَ الخَيْرِ جُزِيتَ الجَنَّهْ
=
اكْسُ بُنَيَّاتِي وأُمَّهُنَّهْ
=
أَقْسَمْتُ بِاللهِ لَتَفْعَلَنَّهْ
والشواهدُ على ذلكَ كثيرةٌ.
([5]) ذكَرَ الشارحُ مِن أحكامِ العَلَمِ اللفظيَّةِ ثلاثةَ أحكامٍ يَشْتَرِكُ فيها النوعانِ، وتَرَكَ ثلاثةً أُخْرَى:
(الأوَّلُ) أنه يُبْتَدَأُ به بلا احتياجٍ إلى مُسَوِّغٍ، تقولُ: أُسَامَةُ مُقْبِلٌ، وثُعَالَةُ هَارِبٌ، كما تقولُ: عليٌّ حاضِرٌ، وخالدٌ مسافِرٌ.
(الثاني) أنه لا يُضافُ بحَسَبِ أصلِ وضعِه، فلا يجوزُ أنْ تقولَ: أُسَامَتُنا، كما يَمْتَنِعُ أنْ تقولَ: مُحَمَّدُنا، فإنْ حصَلَ فيه الاشتراكُ الاتفافيُّ صَحَّتْ إضافتُه على ما عَلِمْتَ في عَلَمِ الشخصِ.
(الثالثُ) أنه لا يُنْعَتُ بالنكرةِ؛ لأنَّه معرفةٌ، ومِن شرطِ النعتِ أنْ يكونَ مثلَ المنعوتِ في تعريفِه أو تنكيرِه كما هو معلومٌ.
([6]) ههنا أربعةُ أشياءَ أُريدُ أنْ أُبَيِّنَ لكَ حقيقةَ كلِّ واحدٍ مِنها بياناً قريبَ الفهمِ، وأُفَرِّقَ لكَ بينَ كلٍّ مِنها والآخرينَ، وهي: عَلَمُ الشخصِ، وعَلَمُ الجِنْسِ، واسمُ الجنسِ، والنكرةُ.
أما عَلَمُ الشخصِ فهو اللفظُ الذي وُضِعَ للذاتِ معَ جميعِ مُشَخَّصَاتِها التي تَتَمَيَّزُ بها عن جميعِ ما عَدَاها مِن الذواتِ، نحوُ: مُحَمَّدٍ وعليٍّ وأبي بكرٍ وأمِّ كُلْثُومٍ، فإنَّ كلَّ واحدٍ مِن هذه الألفاظِ قد وَضَعَه أبوه لذاتِ ولدِه، معَ كلِّ الصفاتِ التي تَتَمَيَّزُ بها هذه الذاتُ: مِن طُولٍ أو قِصَرٍ، وبَياضٍ أو سُمْرَةٍ، وعَبالةٍ أو نَحَافَةٍ، وسلامةٍ أو غيرِها، وإذا أُطْلِقَ فُهِمَ مِنه هذه الذاتُ الموجودةُ في الخارجِ معَ كلِّ المُشَخَّصَاتِ ما ذَكَرْنَاهُ مِنها وما لم نَذْكُرْه، وهو يُشْبِهُ الاسمَ المقترِنَ بألْ التي للعَهْدِ في الدَّلالةِ على فردٍ مُعَيَّنٍ، والفرقُ بينَهما أنَّ دَلالةَ مصحوبِ ألْ العهديةِ على تَعَيُّنِ المرادِ حاصلٌ بواسطةِ ألْ، أما دَلالةُ عَلَمِ الشخصِ على تَعَيُّنِ مُسَمَّاهُ فمِن جَوْهَرِ اللفظِ، وهذا يُفْهَمُ من قولِ الناظمِ:
* اسمٌ يُعَيِّنُ المُسَمَّى مُطْلَقَا *
وأمَّا عَلَمُ الجنسِ واسمُ الجنسِ والنكرةُ فإنَّ لكلِّ واحدٍ مِنها حقيقةٍ ـ وهي في أُسامةَ مثلاً وفي أسدٍ أيضاًً: الحيوانُ المفترِسُ ذو الأظفارِ التي يَغْتَالُ بها ـ ولكلِّ واحدٍ منها أفرادٌ متعددةٌ يَصْدُقُ عليها، والفرقُ بينَ هذه الثلاثةِ اعتباريٌّ؛ وذلك أنَّا نُقَدِّرُ أنَّ عَلَمَ الجنسِ قد وُضِعَ للحقيقةِ بشرطِ أنْ تكونَ هذه الحقيقةُ حاضرةً في الذِّهْنِ في حِينِ الوضعِ.
فلفظُ (أُسامةَ) موضوعٌ للحقيقةِ ـ وهي الحيوانُ المفترسُ المتَّصِفُ بما عُرِفَ عنه من الصفاتِ ـ بشرطِ حضورِ هذه الحقيقةِ في ذِهْنِ الواضِعِ، ويُقَدَّرُ اسمُ الجنسِ موضوعاً لهذه الحقيقةِ من غيرِ اشتراطِ حُضُورِها في ذِهْنِ الواضعِ، ولَمَّا كانَتِ الحقيقةُ متحقِّقةً في كلِّ فردٍ صَلَحَ للواحدِ وللكثيرِ، والنكرةُ لم تُوضَعْ للحقيقةِ أصلاً، وإنما وُضِعَتْ للفردِ الواحدِ من الأفرادِ التي تَصْدُقُ على كلِّ واحدٍ مِنها هذه الحقيقةُ.


  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

فَصْلٌ
والعَلَمُ الجِنْسِيُّ: اسْمٌ يُعَيِّنُ مُسَمَّاهُ بِغَيْرِ قَيْدٍ تَعْيِينَ ذِي الأداةِ الجِنْسِيَّةِ أَو الحُضُورِيَّةِ، تَقُولُ: (أُسَامَةُ أَجْرَأُ مِنْ ثُعَالَةَ)؛ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: (الأَسَدُ أَجْرَأُ مِنَ الثَّعْلَبِ) وَ (أَلْ) فِي هَذَيْنِ لِلْجِنْسِ.
وَتَقُولُ: (هَذَا أُسَامَةُ مُقْبِلاً)؛ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: (هَذَا الأَسَدُ مُقْبِلاً) وَ (ألْ) فِي هَذَا لِتَعْرِيفِ الحضورِ، وَهَذَا الْعَلَمُ يُشْبِهُ عَلَمَ الشَّخْصِ منْ جِهَةِ الأَحْكَامِ اللَّفْظِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ (ألْ) وَمِنَ الإضافةِ، وَمِنَ الصرفِ إِنْ كَانَ ذَا سَبَبٍ آخَرَ، كَالتأنيثِ فِي: (أُسَامَةَ) وَ (ثُعَالَةَ)، وَكَوَزْنِ الْفِعْلِ فِي: (بَنَاتِ أَوْبَرَ) وَ (ابْنِ آوَى)، وَيُبْتَدَأُ بِهِ، وَيَأْتِي الْحَالُ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِثَالَيْنِ([1])، وَيُشْبِهُ النَّكِرَةَ منْ جِهَةِ الْمَعْنَى؛ لأَنَّهُ شَائِعٌ فِي أُمَّتِهِ لا يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدٌ دُونَ آخَرَ.
فَصْلٌ: وَمُسَمَّى عَلَمِ الْجِنْسِ ثَلاثَةُ أَنْوَاعٍ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الْغَالِبُ: أَعْيَانٌ لا تُؤْلَفُ، كالسِّبَاعِ، والحَشَرَاتِ. كَأُسَامَةَ، وَثُعَالَةَ، وَأَبِي جَعْدَةَ للذِّئْبِ، وأُمِّ عِرْيَطٍ للعَقْرَبِ.
وَالثَّانِي: أَعْيَانٌ تُؤْلَفُ، كَهَيَّانَ بْنِ بَيَّانَ للمَجْهُولِ الْعَيْنِ وَالنَّسَبِ، وَأَبِي المَضَاءِ للفَرَسِ، وَأَبِي الدَّغْفَاءِ للأَحْمَقِ.
والثالثُ: أُمُورٌ مَعْنَوِيَّةٌ، كَسُبْحَانَ للتَّسْبِيحِ، وَكَيْسَانَ للغَدْرِ([2])، وَيَسَارِ للمَيْسَرَةِ([3])، وَفَجَارِ للفَجْرَةِ، وَبَرَّةَ للمَبَرَّةِ([4]).


([1]) الْمِثَالانِ المُتَقَدِّمَانِ: أَحَدُهُمَا: (أُسَامَةُ أَجْرَأُ مِنْ ثُعَالَةَ)، وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ عَلَمُ الجنسِ مُبْتَدَأً، وَثَانِي المِثَالَيْنِ: (هَذَا أُسَامَةُ مُقْبِلاً)، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ الحالُ مِنْ عَلَمِ الجنسِ.
([2]) وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ضَمْرَةَ بْنِ ضَمْرَةَ:
إذا مَا دَعَوْا كَيْسَانُ كَانَتْ كُهُولُهُم = إِلَى الغَدْرِ أَسْعَى مِنْ شَبَابِهِمُ الْمُرْدِ
([3]) وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشاعرِ:

([4]) قَدْ وَرَدَ بَرَّة وَفَجَار مَعاً فِي قَوْلِ النابغةِ:
إِنَّا اقْتَسَمْنَا خُطَّتَيْنَا بَيْنَنَا = فَحَمَلْتُ بَرَّةَ وَاحْتَمَلْتَ فَجَارِ


  #4  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:43 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني

79- ووضعُوا لِبَعْضِ الأَجْنَاسِ عَلَـمٌ = كعَلَمِ الأشخاصِ لفظًا، وهو عـــمَّ
80- مِنْ ذاك: أُمُّ عِرْيَطٍ للعقـربِ، = وَهَكَذَا ثُعَالَةُ للثعْلـَـــــــبِ
81- ومِثْلُهُ بَرَّةُ لِلْمَبَـــــرَّهْ، = كذَا فَجَارِ عَلَمٌ لِلْفَجَــــــرَهْ
(ووضعُوا لبعضِ الأجناسِ) التي لا تُؤَلَّفُ غالبًا كالسباعِ والوحوشِ والأحناشِ (عَلَمْ) عِوَضًا عمَّا فاتَها مِنْ وضعِ الأعلامِ لأَشْخَاصِهَا لعدَمِ الداعِي إليه، وهذا هو النوعُ الثاني مِنْ نوعي العلمِ، وهو(كعَلَمُ الأشخاصِ لفَظًا)؛ فلا يُضَافُ، ولا يدخُلُ عليه حرفُ التعريفِ، ولا يُنْعَتُ بالنكِرَةِ، ويُبْتَدَأُ به، وتُنْصَبُ النكرةُ بعده على الحالِ، ويُمْنَعُ مِنَ الصرفِ مع سببٍ آخرَ غيرِ العلميَّةِ كالتأنيثِ في "أُسَامَةَ"، و"ثُعَالَةَ"، ووزنِ الفعلِ في "بَنَاتِ أَوْبَرَ"، و"ابْنِ آوى"، والزيادةُ في "سُبْحَانَ" علمُ التسبيحِ، و"كيْسَانَ" علمٌ على الغدرِ.
وعلم: مفعولٌ بوضعُوا، ووقَفَ عليه بالسكونِ على لغةِ ربيعةَ. ولفظًا: تمييزٌ، أي: العلمُ الجنسيُّ كالعَلَمِ الشخصيُّ من حيثُ اللفظُ.
(وهو) مِنْ جهةِ المعنى (عمَّ) وشاعَ في أمَّتِه؛ فلا يختصُّ به واحدٌ دونَ آخرَ، ولا كذلك عَلَمُ الشخصِ، لمَا عرَفْتَ، وهذا معنَى ما ذكَرَه الناظمُ في بابِ النكرةِ والمعرفةِ مِنْ (شرحِ التسهيلِ) مِنْ أنَّ"أسامةَ" ونحوَه: نَكِرَةٌ معنَى، معرفةً لفظًا، وأنَّهُ في الشِّياعِ كأسدٍ. وهو مذهبُ قومٍ مِنَ النحاةِ، لكنَّ تفرقةَ الواضعِ بينَ اسمِ الجنسِ وعلمِ الجنسِ في الأحكامِ اللفظيةِ تُؤْذِنُ بالفرقِ بينهما في المعنى أيضًا، وفي كلامِ سيبويهِ الإشارةُ إلى الفرقِ، فإنَّ كلامَهُ في هذا حاصلُه أنَّ هذه الأسماءَ موضوعةٌ للحقائقِ المتحِدةِ في الذهنِ، ومثلُه بالمعهودِ بينَه وبينَ مخاطِبِهِ، فكما صحَّ أن يُعَرَّفَ ذلك المعهودُ باللام، فلا يَبْعُدُ أن يوضَعَ له عَلَمٌ.
قال بعضُهُمْ: والفَرْقُ بينَ "أسدٍ" و"أسامةَ" أن "أسدًا" موضوعٌ للواحدِ مِنْ آحادِ الجنسِ لا بعينِه في أصلِ وضعِه، و"أسامةَ"موضوعٌ للحقيقةِ المتحِدةِ في الذهنِ، فإذا أَطلقْتَ "أسداً" على واحدٍ أَطْلَقْتَه على أصلِ وضعِه، وإذا أَطلَقْتَ "أسامةَ" على واحدٍ فإنما أردْتَ الحقيقةَ ولزِمَ مِنْ إطلاقِه على الحقيقةِ باعتبارِ الوجودِ التعدُّدِ، فجاءَ التعدُّدُ ضمنًا، لا باعتبارِ أصلِ الوضعِ، قال الأندلسيُّ شارحُ الجزوليَّةِ: وهي مسألةُ مشكِلَةٌ.
(مِنْ ذاك) الموضوعُ علمًا للجنسِ (أُمُ عِرْيَطٍ) وشَبْوَةُ (لِلْعَقْرَبِ* وَهَكَذَا ثُعَالَةُ) وأبو الحُصَيْنِ (للثعلبِوأسامةَ وأبو الحارثِ للأسدِ، وذُؤالَةَ وأبُو جَعْدَةَ للذئبِ، (ومثلُه بَرَّةُ) عَلَمٌ (لِلْمَبَرَّهْ) بمعنى البِرِّ، و(كذا فَجَارِ) بالكسرِ كحِذَامِ (علمٌ للفَجَرَهْ) بمعنى الفجورِ، وهو: الميلُ عنِ الحقِّ، وقد جمعَهما الشاعرُ في قولِه [من الكامل]:
75- إِنَّا اقْتَسَمْنَا خُطَّتَيّنَا بَيْنَنَـــا = فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجَـــارِ
ومثلُهُ "كيسانَ"عَلَمُ الغدرِ، ومنه قولُه [من الطويل]:
76- إِذَا مَا دَعُوا كَيْسَانَ كَانَتْ كُهُولُهُمْ = إِلَى الغدرِ أَدْنَى مِنْ شَبَابِهُمُ المُرْدِ

وكذا"أَمُّ قَشْعَمٍ" لِلْمَوْتِ، و"أُمُّ صَبُورٍ" للأمرِ الشديدِ.
فقد عرَفْتَ أنَّ العَلَمَ الجنِسِيَّ يكونُ للذَّوَاتِ والمعانيِ ويكونُ اسمًا وكنيَّةً.
خاتمةٌ: قد جاءَ عَلَمُ الجنسِ لمَا يُؤَلَّفُ، كقولِهم للمجهولِ العينِ والنسبِ : "هَيَّانُ بنُ بَيَّانَ" وللفرسِ: "أبو المضاءِ"، وللأحَمَقِ: "أبو الدَّغْفَاءِ"، وهو قليلٌ.


  #5  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

عَلَمُ الْجِنْسِ


79- ووَضَعُوا لبعضِ الاجناسِ عَلَمْ = كعَلَمِ الأشخاصِ لفظاً وَهْوَ عَمْ
80- مِن ذاكَ أُمُّ عِرْيَطٍ لِلْعَقْرَبِ = وهكذا ثُعالَةٌ للثَّعْلَبِ
81- ومثلُهُ بَرَّةُ لِلمَبَرَّهْ = كذا فَجَارِ عَلَمٌ لِلْفَجْرَهْ
تَقَدَّمَ أنَّ العَلَمَ قِسمانِ:
1- عَلَمٌ شَخْصِيٌّ: وهو ما يَخُصُّ واحداً بعينِه، وتَقَدَّمَتْ أقسامُه وأحكامُه.
2- عَلَمُ جِنْسٍ: وهو ما لا يَخُصُّ واحداً بعينِه، وإنما يَصْلُحُ للجِنْسِ كلِّه، كقولِكَ: هذا أُسامةُ (للأسَدِ)، فهذا اللفْظُ صالحٌ لكُلِّ أسَدٍ، وقولِكَ: (هذه أُمُّ عِرْيَطٍ) للعَقربِ.
وعَلَمُ الجنْسِ يُشارِكُ عَلَمَ الشخْصِ في الأحكامِ اللفظيَّةِ، ومِنها:
1- صِحَّةُ مَجِيءِ الحالِ مِنه متَأَخِّرَةً، نحوُ: جاءَ خالِدٌ مسروراً، وهذا أُسَامَةُ مُقْبِلاً.
2- المَنْعُ مِن الصرْفِ إذا وُجِدَ معَ العِلَّةِ سببٌ آخَرُ، نحوُ: جاءَ يُوسُفُ، وهذا أُسَامَةُ.
3- الْمَنْعُ مِن دُخولِ الألِفِ واللامِ، فلا يُقالُ: جاءَ الخالدُ، وجاءَ الأسامةُ.
وأمَّا حُكْمُه المعنويُّ فهو كاسمِ الجنْسِ؛ مِثلُ: (رجُلٍ في أنَّ مَدْلُولَه شائِعٌ مِن جِهَةِ أنه لا يَخُصُّ واحداً بعينِه، فكُلُّ أسَدٍ يَصْدُقُ عليه (أُسامةُ)، وكُلُّ عَقْرَبٍ يَصْدُقُ عليها (أمُّ عِرْيَطٍ)، وهكذا.
وعلَمُ الجنْسِ المسموعُ عندَ العرَبِ ثلاثةُ أنواعٍ:
1- حَيواناتٌ أَلِيفَةٌ، مِثلُ: أبو أيُّوبَ (للجمَلِ)، أبو صابِرٍ (للحِمارِ).
2- حيواناتٌ غيرُ ألِيفةٍ، مِثلُ: ثُعالَةَ للثعلَبِ، وأُسامةَ للأسَدِ.
3- أمورٌ مَعْنَوِيَّةٌ، مثلُ: بَرَّةَ، عَلَمٌ على الْمَبَرَّةِ، بمعنى البِرِّ، وفَجَارِ عَلَمٌ للفَجَرَةِ بمعنى الفُجورِ، فكُلُّ نوعٍ مِن أنواعِ الْبِرِّ (بَرَّةُ)، وكلُّ نوعٍ مِن أنواعِ الفُجورِ (فَجَارِ)، ومِثلُه: كَيْسَانُ (علَمٌ للغَدْرِ).
وهذا معنى قولِه: (ووَضَعُوا لبعْضِ الأجناسِ عَلَمْ)؛ أيْ: أنَّ العرَبَ وَضَعَتْ لبعضِ أجناسِ السِّباعِ والحشراتِ ونحوِها أَعلاماً، وهذا فيه إشارةٌ إلى أنَّ عَلَمَ الجنْسِ سَماعيٌّ، وإنما وُضِعَ لها علَمُ جِنسٍ؛ لأنه لم يُوضَعْ لها عَلَمُ شخْصٍ بسببِ عَدَمِ الأُلْفَةِ، لكن وُضِعَ لها علَمُ جِنْسٍ لأَنَّ العَلَمِيَّةَ أحَدُ طُرُقِ التعريفِ.
وقولُه: (عَلَمْ) مفعولٌ به منصوبٌ للفعْلِ قَبْلَه، ووُقِفَ عليه بالسكونِ على لُغةِ رَبِيعَةَ، ثم ذَكَرَ أنَّ علَمَ الجنْسِ كعلَمِ الشخصِ في الأحكامِ اللفظيَّةِ.
قولُه: (وَهْوَ عَمْ)؛ أيْ: مِن جِهةِ المعنى في أنَّ مدلولَه شائعٌ يَعُمُّ جميعَ الأفرادِ، ثم مَثَّلَ ببعضِ الأمثلةِ و(فَجَارِ) علَمٌ للمُؤَنَّثِ ولذا قالَ (لِلفَجْرَةْ)؛ أي: الفجورِ. وقولُه: (وَهْوَ عَمْ) فِعْلٌ ماضٍ؛ أيْ: مدلولٌ عَمَّ جميعَ الأفرادِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجنس, علم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir