8/1344 - وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ)). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالأَرْبَعَةُ، وَرَجَّحَ جَمْعٌ مِن الْحُفَّاظِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.
(وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالأَرْبَعَةُ، وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌُ وَقْفَهُ)، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعاً مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ، وَمَوْقُوفاً مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، وَقَالَ: شُعْبَةُ أَحْفَظُ مِنْ حَمَّادٍ، فَالْوَقْفُ حِينَئِذٍ أَرْجَحُ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضاً مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَنْ مَلَكَ.. الْحَدِيثَ. فَوَقَفَهُ عَلَى عُمَرَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يُحَدِّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ إلاَّ حَمَّادٌ، وَقَدْ شَكَّ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يَصِحُّ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ عَن الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَن ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَمْ يُتَابَعْ ضَمْرَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَهْمٌ فِي هَذَا الإِسْنَادِ، وَالْمَحْفُوظُ بِهَذَا الإِسْنَادِ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ.
وَرَدَّ الْحَاكِمُ هَذَا، وَقَالَ: إنَّهُ رَوَى مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ الْحَدِيثَيْنِ بِالإِسْنَادِ الْوَاحِدِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالُوا: ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ لا يَضُرُّ تَفَرُّدُهُ؛ لأَنَّهُ ثِقَةٌ، لَمْ يَكُنْ فِي الشَّامِ رَجُلٌ يُشْبِهُهُ. قُلْتُ: فَقَدْ رَفَعَهُ ثِقَةٌ، فَإِرْسَالُ غَيْرِهِ لَهُ لا يَضُرُّ، كَمَا قَرَرْنَاهُ.
والْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَحَامَةٌ مُحَرِّمَةٌ لِلنِّكَاحِ؛ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ كَالآبَاءِ وَإِنْ عَلَوْا، وَالأَوْلادِ وَإِنْ سَفَلُوا، وَالإِخْوَةِ، وَأَوْلادِهِمْ، وَالأَخْوَالِ، وَالأَعْمَامِ، لا أَوْلادِهِمْ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ؛ مُسْتَدِلِّينَ بِالْحَدِيثِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ لا يُعْتَقُ إلاَّ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ؛ لِلنَّصِّ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ عَن الآبَاءِ، وَقِيَاساً لِلأَبْنَاءِ عَلَيْهِمْ؛ وَبِنَاءً مِنْهُ عَلَى عَدِمَ صِحَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَزَادَ مَالِكٌ الإِخْوَةَ وَالأَخَوَاتِ؛ قِيَاساً عَلَى الآبَاءِ. وَذَهَبَ دَاوُدُ إلَى أَنَّهُ لا يُعْتَقُ أَحَدٌ بِهَذَا السَّبَبِ؛ لِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِي: ((فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ))، فَلا يُعْتَقُ أَحَدٌ إلاَّ بِالإِعْتَاقِ عِنْدَهُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ كَمَا عَرَفْتَ قَدْ صَحَّحَهُ أَئِمَّةٌ، فَالْعَمَلُ بِهِ مُتَعَيَّنٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْمِلْكِ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ، فَيَكُونُ قَرِينَةً لِحَمْلِ: ((فَيُعْتِقَهُ)) عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، فَلا يَكُونُ حُجَّةً لِدَاوُدَ.