دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 09:32 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الربا (5/9) [بيع الحيوانات الحية بعضها ببعض ليس من الربا]


وعنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عنْ بيعِ الحيوانِ بالحيوانِ نَسيئةً. رواهُ الخمسةُ، وصَحَّحَهُ التِّرمذيُّ وابنُ الجَارُودِ.
وعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا، فنَفَدَت الإِبِلُ، فأَمَرَهُ أنْ يَأْخُذَ على قَلائصِ الصَّدَقَةِ. قالَ: فَكُنْتُ آخُذُ البعيرَ بالبعِيرَيْنِ إلى إِبِلِ الصدَقَةِ. رواهُ الحاكِمُ والبيهقيُّ، ورِجالُهُ ثِقَاتٌ.

  #2  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


10/792 - وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْجَارُودِ.
(وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْجَارُودِ).
وَأَخْرُجهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلاَّ أَنَّ الْحُفَّاظَ رَجَّحُوا إرْسَالَهُ؛ لِمَا فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ مِن النِّزَاعِ، لَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَيْضاً، إلاَّ أَنَّهُ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ إرْسَالَهُ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَالطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ عَن ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ يُعَضِّدُ بَعْضُهُ بَعْضاً.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، إلاَّ أَنَّهُ قَدْ عَارَضَهُ رِوَايَةُ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ بَعِيراً بَكْراً وَقَضَى رَبَاعِيًّا. وَسَيَأْتِي.
فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ سَمُرَةَ، فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ أَنْ يَكُونَ نَسِيئَةً مِن الطَّرَفَيْنِ مَعاً، فَيَكُونُ مِنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَهُوَ لا يَصِحُّ. وَبِهَذَا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ جَمْعاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ.
قُلْتُ: لا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ فِي القَرْضِ، ولَيْسَ بِبَيْعٍ، والزِّيادَةُ في القَضاءِ تَفَضُّلاً مِنهُ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، فَلا تَعَارُضَ أَصْلاً.
وَذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ هَذَا نَاسِخٌ لِحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ النَّسْخَ لا يَثْبُتُ إلاَّ بِدَلِيلٍ، وَالْجَمْعُ أَوْلَى مِنْهُ، وَقَدْ أَمْكَنَ بِمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَيُؤَيِّدُهُ آثَارٌ عَن الصَّحَابَةِ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ، قَالَ: اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبُهَا بِالرَّبَذَةِ، وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيراً بِبَعِيرَيْنِ، وَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا وَقَالَ: آتِيكَ بِالآخِرِ غَداً. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: لا رِبَا فِي الْبَعِيرِ بِالْبَعِيرَيْنِ، وَالشَّاةِ بِالشَّاتَيْنِ إلَى أَجَلٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْهَادَوِيَّةَ يُعَلِّلُونَ مَنْعَ بَيْعِ الْحَيَوَانِ الْمَوْجُودِ بِالْحَيَوَانِ الْمَفْقُودِ، بِأَنَّ الْمَبِيعَ الْقِيمِيَّ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَوْجُوداً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِراً مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَمَيِّزاً عِنْدَ الْبَائِعِ؛ إمَّا بِإِشَارَةٍ، أَوْ لَقَبٍ، أَوْ وَصْفٍ.
وأَمَّا مَنْعُهم لِقَرْضِ الحَيَوانِ فيَعُلِّلُونَهُ بِعَدَمِ إمْكَانِ ضَبْطِهِ، وَحَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ يَزْعُمُونَ نَسْخَهُ، وَيَأْتِي تَحْقِيقُ الْكَلامِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الرَّابِعَ عَشَرَ.
14/796 - وَعَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشاً، فَنَفِدَت الإِبِلُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلائِصِ الصَّدَقَةِ. قَالَ: فَكُنْتُ آخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
(وَعَنْهُ)؛ أَي: ابْنِ عَمْرٍو، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشاً، فَنَفَذَت الإِبِلُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلائِصِ الصَّدَقَةِ، قَالَ: فَكُنْتُ آخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ).
ذِكْرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا لأَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ أَنْ لا رِبَا فِي الْحَيَوَانَاتِ، وَإِلاَّ فَبَابُهُ الْقَرْضُ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اقْتِرَاضِ الْحَيَوَانِ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَلاثَةٌ:
الأَوَّلُ: جَوَازُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ عَمَلاً بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَبِأَنَّ الأَصْلَ جَوَازُ ذَلِكَ، إلاَّ جَارِيَةً لِمَنْ يَمْلِكُ وَطْأَهَا؛ فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ لِمَنْ لا يَمْلِكُ وَطْأَهَا؛ كَمَحَارِمِهَا وَالْمَرْأَةِ.
والثَّانِي: يَجُوزُ مُطْلَقاً لِلْجَارِيَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ لابْنِ جَرِيرٍ وَدَاوُدَ.
الثَّالِثُ: لِلْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، أَنَّهُ لا يَجُوزُ قَرْضُ شَيْءٍ مِن الْحَيَوَانَاتِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ قَوْلَهُمْ، وَتَقَدَّمَ دَعْوَاهُم النَّسْخَ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الشَّرْحِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَمْرٍو فِي قَرْضِ الْحَيَوَانِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَرَاجَعْنَا كُتُبَ الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ مَا لَفْظُهُ بَعْدَ سِيَاقِهِ بِإِسْنَادِهِ: قَالَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْشٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إِنَّا بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ وَلا فِضَّةٌ، أَفَأَبِيعُ الْبَقَرَةَ بِالْبَقَرَتَيْنِ، وَالْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ، وَالشَّاةَ بِالشَّاتَيْنِ، فَقَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُجَهِّزَ جَيْشاً... الْحَدِيثَ الْمُصَدَّرَ فِي الْكِتَابِ.
وَفِي لَفْظٍ: فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْتَاعَ ظَهْراً إلَى خُرُوجِ الْمُصَدِّقِ. فَسِيَاقُ الأَوَّلِ وَاضِحٌ أَنَّهُ فِي البَيْعِ، وَلَفْظُ الثَّانِي صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وإذَا عَرَفْتَ هَذَا فَحَمْلُهُ عَلَى الْقَرْضِ خِلافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ، وهو بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ العَاشِرِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا قِيلَ فِيهِ، وَالأَقْرَبُ مِنْ بَابِ التَّرْجِيحِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَمْرٍو أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الإِسْنَادُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ: إنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَرْضُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ قَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَازُهُ أَيْضاً.

  #3  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


716- وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَةً. رواهُ الخَمْسةُ وصحَّحَه التَّرْمِذِيُّ وابنُ الجَارُودِ.

دَرجةُ الحديثِ:
الحديثُ حَسَنٌ.
قالَ في ( التلخيصِ): رواهُ مَالِكٌ وعن مَالِكٍ رَوَى الشافعِيُّ من حديثِ سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ مُرْسلاً، وهو عندَ أبي دَاوُدَ في المَراسيلِ، ووصَلَه الدَّارَقُطْنِيُّ عن مَالِكٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وحَكَمَ بضَعْفِه وصَوَّبَ الروايةَ المُرْسلَةَ التي في المُوَطَّأِ، وتَبِعَه ابنُ عبدِ البَرِّ وابنُ الجَوْزِيِّ، وله شَاهِدٌ من حديثِ ابنِ عُمَرَ رَواهُ البَزَّارُ، وفيهِ ثَابِتُ بنُ زُهَيْرٍ، وهو ضَعِيفٌ، وأخْرَجَهُ من رِوايةِ أبي أُمَيَّةَ بنِ يَعْلَى، عن نَافِعٍ، وأبو أُمِيَّةَ ضَعِيفٌ.
وله شَاهِدٌ أقْوَى منه من رِوايةِ الحَسَنِ، عن سَمُرَةَ، أخْرَجَهُ الحاكِمُ والبَيْهَقِيُّ وابنُ خُزَيْمَةَ.
وقالَ التَّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وسَمَاعُ الحَسَنِ من سَمُرَةَ صَحِيحٌ.
وقالَ ابنُ حَجَرٍ في ( الفَتْحِ): رِجالُه ثِقَاتٌ، إِلاَّ أنَّه اخْتُلِفَ في سماعِ الحَسَنِ، ثم ذَكَرَ له عِدَّةَ طُرُقٍ يُقَوِّي بَعضُها بعضاً.
وجملةُ القولِ: أنَّ الحديثَ بهذهِ الطُّرقِ حَسَنٌ على أقَلِّ الدرجاتِ؛ لذلكَ احْتَجَّ به الإمامُ أحمدُ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
مُفرداتُ الحديثِ:
-نَسِيئَةً: بإِثْباتِ الهَمْزةِ بعدَ الياءِ على وَزْنِ كَرِيمَةٍ، أو بالإدغامِ فهي على وزنِ عَطِيَّةٍ، مَنْصوبٌ على الحالِ.
والنَّسِيئَةُ لُغةً: التَّأْخِيرُ، والمُرادُ هنا بَيْعُ حَيَوانٍ بحَيَوانٍ آخَرَ، مُؤَخَّراً قَبْضُه عن وَقْتِ البَيْعِ.

717- وعن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ أمَرَه أنْ يُجَهِّزَ جَيْشاً فنَفَدَتِ الإِبِلُ، فأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلائِصِ الصَّدَقَةِ، قالَ: فَكُنْتُ آخُذُ البَعِيرَ بالبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ. رواهُ الحاكِمُ والبَّيْهَقِيُّ، ورِجَالُه ثِقَاتٌ.

درجةُ الحديثِ:
إسنادُه قَوِيٌّ، فقَدْ صَحَّحَهُ الحاكِمُ، ووَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ والنَّووِيُّ.
قالَ الشَّوْكانِيُّ: حديثُ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو في إسنادِه مُحَمَّدُ بنُ إِسْحاقَ، وفيه مَقالٌ مَعْروفٌ. قالَ الخَطَّابِيُّ: في إسنادِه مَقالٌ، ولكنْ قَوَّى الحافظُ في الفَتْحِ إسنادَه. اهـ
قالَ في (التلخيصِ): لَكِنْ أَوْرَدَهُ البَيْهَقِيُّ من طَريقِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّه، وصَحَّحَهُ.

مُفرداتُ الحديثِ:
-أَنْ يُجَهِّزَ: جَهَّزَ المُسافِرَ أو الغَازِيَ هَيَّأَ له أدواتَهُ، جِهَازُ المُسافِرِ أو الغَازِي: ما يَحْتاجُ إليه.
-جَيْشاً: الجَيْشُ هو الجُنْدُ، جَمْعُه جُيوشٌ، وأقَلُّه أَرْبَعُمائةٍ، وقيلَ: أربعةُ آلافٍ.
-قَلائِصِ: على وَزْنِ مَفاعِلَ جَمْعُ قَلُوصٍ، وهي الناقَةُ الشابَّةُ المُجْتَمِعَةُ الخَلْقِ.
وذلكَ السِّنُّ من حينِ تُرْكَبُ حَتَّى السنةِ التاسعةِ، ثم تُسَمَّى بعدَ التاسعةِ نَاقَةً.
-البَعِيرُ: مِن الإِبِلِ بمَنْزِلَةِ الإنسانِ، يَقَعُ على الذَّكَرِ والأُنْثَى.
-الصَّدَقةِ: المرادُ بها هنا الزَّكاةُ التي من مَصارِفِها الشَّرْعِيَّةِ التجهيزُ في سبيلِ اللَّهِ.

مَا يُؤْخَذُ من الحديثَيْنِ:
1-تَقَدَّمَ لنا أنَّ الراجِحَ في ضابطِ الرِّبا أنَّه يَقَعُ بينَ المَكِيلِ والمَوْزونِ إذا كَانَا مَطْعومَيْنِ، فإذا فُقِدَ منه الكَيْلُ أو الوَزْنُ معَ الطُّعْمِ، فلَيْسَ فيهِ رِبَا فَضْلٍ ولا رِبَا نَسِيئَةٍ.
2-وبناءً عليهِ فلا رِبَا بينَ الحيواناتِ بَعْضِها ببعضٍ، ولا هي معَ غَيْرِها لفَقْدِ شَرْطِ الرِّبا في ذلكَ.
3-أمَّا اللَّحْمُ ففيهِ الرِّبا؛ لأنَّه مَوْزونٌ ومَطْعومٌ، فلا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِه ببَعْضٍ مُتفاضِلاً إذا كَانَا مِن جِنْسٍ وَاحِدٍ.
4-مَشْروعِيَّةُ الاستعدادِ للجهادِ في سَبيلِ اللَّهِ، وأَخْذِ العُدَّةِ له.
5-صِحَّةُ التوكيلِ فيما تَدْخُلُه النيابةُ مِن الأعمالِ.
6-الصَّدَقَةُ هنا الزَّكاةُ المَفْروضةُ، والجهادُ في سبيلِ اللَّهِ أحَدُ مَصارِفِها، فهو صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يُنْفِقُ عليه منها.
7-جَوازُ ادِّخارِ الزَّكاةِ لوَقْتِ الحاجةِ إليها، وهي مَسْألةٌ خِلافِيَّةٌ، أجازَ ذلكَ أبو حَنِيفَةَ، ومَنَعَهُ الأئمَّةُ الثلاثةُ.
8-إباحةُ الاقتراضِ للحَاجَةِ؛ وأنَّه ليسَ من سؤالِ الناسِ أموالَهم المَذْمومِ.
9-جوازُ التأجِيلِ في أدائِهِ، ولو لَمْ يَكُنْ الأجَلُ مُحَدَّداً بيومٍ مَعْلومٍ.
10-أنَّ بَيْعَ الحَيوانِ الحَيِّ بالحيوانِ الحَيِّ الآخَرِ - نَسِيئَةً - لا يُعَدُّ من بَابِ الرِّبَا؛ ذلك أنَّ الرِّبَا في المَكِيلاتِ والمَوْزوناتِ المَطْعومَةِ، وهذا هو الشَّاهِدُ من الحديثِ.
11-أنَّ الشِّراءَ بالثَّمَنِ المُؤَجَّلِ له وَقْعٌ في زِيَادَةِ الثَّمَنِ على المُثَمَّنِ.
12-أنَّ الرِّبْحَ في التجارةِ ليسَ له حَدٌّ يُحَدُّ به، وإِنَّما هو أمْرٌ خَاضِعٌ لبَابِ العَرْضِ والطَّلَبِ.
13-يُعارِضُ هذا الحديثَ ما تَقَدَّمَ من حديثِ سَمُرَةَ، من أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: " نَهَى عَنْ بَيْعِ الحَيَوَانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَةً " رَوَاهُ أَحْمَدُ ( 5/12 ).
فأجابَ العُلماءُ عن هذا التعارُضِ بترجيحِ أحَدِهما على الآخَرِ؛ فإنَّ هذا الحديثَ أَرْجَحُ من حديثِ سَمُرَةَ، فقَدْ قالَ الإمامُ الشافِعِيُّ: إنَّ حَدِيثَ سَمُرَةَ غَيْرُ ثَابِتٍ عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ.
فراوي حَدِيثِ سَمُرَةَ هو الحَسَنُ، وهو لم يَسْمَعْ منه إلاَّ حَدِيثَ العَقِيقَةِ، وحَدِيثُ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رِجالُه ثِقَاتٌ، كما أنَّ معَه الأَصْلَ، وهو صِحَّةُ المُعاملاتِ وجَوازُها.


خِلافُ العُلماءِ:
اخْتَلَفَ العُلماءُ في جَوازِ قَرْضِ الحيوانِ على قوليْنِ:
الأوَّلُ: أنَّه جَائِزٌ، وهذا هو مَذْهَبُ الأئِمَّةِ؛ مَالِكٍ والشَّافِعِيِّ وأحمدَ وجماهيرِ العلماءِ من السلَفِ والخَلَفِ؛ عَمَلاً بهذا الحديثِ، وبأنَّ الأَصْلَ جوازُ ذلك، فلا يُعْدَلُ عن هذا الأصْلِ إلاَّ بدَلِيلٍ صَرِيحٍ صَحِيحٍ، ولم يُوجَدْ ذلك.
الثاني: أنَّه لا يَجُوزُ، وهو مَذْهَبُ الإمامِ أبي حَنِيفَةَ، وهو قَوْلٌ يُعارِضُ هذا الحديثَ، ويُعارِضُ أصْلَ الإِبَاحَةِ، ولذا فإنَّ الرَّاجِحَ هو القَوْلُ الأَوَّلُ، واللَّهُ أعْلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الربا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir