دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 جمادى الآخرة 1442هـ/17-01-2021م, 09:38 PM
سارة المري سارة المري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 125
افتراضي

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله .
وبعد:

فالإيمان هو تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
فالايمان إقرار قلبي وتصديق، وذلك يبعث النفس إلى البذل والقيام بما أمر به الشرع والانتهاء عما نهى عنه وزجر.
وقد ذكر الإمام البخاري في مقدمة كتاب الإيمان: أنه قول وفعل ويزيد وينقص، فلا إقرار دون عمل ، فالمؤمن الحق من يبادر إلى الأعمال الصالحة التي تثبت حقيقة إيمانه وتظهره ، فقد رتّب سبحانه على ذلك أجورًا عظيمة وفضائل عديدة:
قال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" فقد عقد سبحانه خيرية البشر على عملهم بمقتضى إيمانهم، وقد ذكر القرطبي وابن كثير رحمهما الله أن من العلماء من يستدل بهذه الآية على خيرية المؤمنين على الملائكة الذين هم عباد الرحمن الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
ورتب سبحانه على ذلك أجرًا غير مقطوع ولا ممنون لمن أتبع إيمانه بالعمل فقال سبحانه " فلهم أجر غير ممنون" ، فمن حقه سبحانه على خلقه أن يشكروه سبحانه بأداء ما افترضه عليهم وأن يتقربوا له بما يحبه .
فسيدنا محمد ﷺ أول من تفتح له أبواب الجنة قال عنه عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا متفق عليه.
فالعبد يترجم إيمانه بعمله لا بمجرد تصديق قلبه ، وقد أقترن الإيمان بالعمل الصالح في مواضع عدة من القرآن يمدح فيه على ذلك ورتب له حسن الجزاء:
- ﴿فَأَمَّا الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَيُوَفّيهِم أُجورَهُم وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهِ ﴾ [النساء: 173]
فالمؤمن يفرح بفضل ربه وأنه سبحانه يزيد ذلك بعمل عبده بالاعمال الصالحة، وقال تعالى في سورة المؤمنون " قد أفلح المؤمنون " ماذا جاء بعدها " الذين هم في صلاتهم خاشعون .." فذكر أعمال الجوارح بعد تأكيد مسمى الإيمان لهم.
- ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظيمٌ﴾ [المائدة: 9]، فالمؤمن العامل موعود بالاجر العظيم ، فالله سبحانه عظيم وإذا وعد بعظيم فهو أكبر من أن يتصوره العبد .
- ﴿الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ طوبىٰ لَهُم وَحُسنُ مَـٔابٍ﴾ [الرعد: 29] فالمرجع الحسن والحياة الطيبة من فضل الله على خير البرية.

فالمرء بلا إيمان في خسران حتى يهديه ربه تعالى إلى الإيمان ويتبعه بالعمل ، فقد جاء في سورة العصر " إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" فكل إنسان في خسر مالم يؤمن ويعمل .
وجاء عند البخاري باب من قال أن الإيمان هو العمل لقول الله تعالى " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون" وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون" عن قول لا إله إلا الله " لمثل هذا فليعمل العاملون".

وقد أشار الطاهر ابن عاشور إلى فائدة لطيفة في قوله تعالى " أولئك هم خير البرية " فقال : وقدم الثناء عليهم على بشارتهم على عكس نظم الكلام المتقدم في ضدهم ليكون ذكر وعدهم كالشكر لهم على إيمانهم وأعمالهم فإن الله شكور .

فشكر العبد لربه بقيامه بالصالحات قوبل بالشكر من الله بأن قدم الثناء عليهم على بشارتهم، فالعقد الذي يسعى لإكمال إيمانه هو الذي يبادر لعمل الصالحات ليحظى بالخيرية والأجر العظيم ، بغض النظر عن ما إذا كانت الخيرية عامة أو الخيرية في أهل زمانه على اختلاف الاقوال التي ذكره القرطبي.

ختامًا فالمؤمن الحق الذي يصدق بقلبه ويقر بذلك ، وينطق به بلسانه ويعمل بمقتضى الإيمان بجوارحه فإنه تعالى سيسأل المرء عما عمله ويجازيه عليه فالتفاضل في الأعمال هو تفاضل في الإيمان .

المصادر :
صحيح البخاري
تفسير القرطبي
تفسير الطاهر ابن عاشور
تفسير ابن كثير

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 رجب 1442هـ/23-02-2021م, 09:00 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة المري مشاهدة المشاركة
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله .
وبعد:

فالإيمان هو تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
فالايمان إقرار قلبي وتصديق، وذلك يبعث النفس إلى البذل والقيام بما أمر به الشرع والانتهاء عما نهى عنه وزجر.
وقد ذكر الإمام البخاري في مقدمة كتاب الإيمان: أنه قول وفعل ويزيد وينقص، فلا إقرار دون عمل ، فالمؤمن الحق من يبادر إلى الأعمال الصالحة التي تثبت حقيقة إيمانه وتظهره ، فقد رتّب سبحانه على ذلك أجورًا عظيمة وفضائل عديدة:
قال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" فقد عقد سبحانه خيرية البشر على عملهم بمقتضى إيمانهم، وقد ذكر القرطبي وابن كثير رحمهما الله أن من العلماء من يستدل بهذه الآية على خيرية المؤمنين على الملائكة الذين هم عباد الرحمن الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
ورتب سبحانه على ذلك أجرًا غير مقطوع ولا ممنون لمن أتبع إيمانه بالعمل فقال سبحانه " فلهم أجر غير ممنون" ، فمن حقه سبحانه على خلقه أن يشكروه سبحانه بأداء ما افترضه عليهم وأن يتقربوا له بما يحبه .
فسيدنا محمد ﷺ أول من تفتح له أبواب الجنة قال عنه عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا متفق عليه.
فالعبد يترجم إيمانه بعمله لا بمجرد تصديق قلبه ، وقد أقترن الإيمان بالعمل الصالح في مواضع عدة من القرآن يمدح فيه على ذلك ورتب له حسن الجزاء:
- ﴿فَأَمَّا الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَيُوَفّيهِم أُجورَهُم وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهِ ﴾ [النساء: 173]
فالمؤمن يفرح بفضل ربه وأنه سبحانه يزيد ذلك بعمل عبده بالاعمال الصالحة، وقال تعالى في سورة المؤمنون " قد أفلح المؤمنون " ماذا جاء بعدها " الذين هم في صلاتهم خاشعون .." فذكر أعمال الجوارح بعد تأكيد مسمى الإيمان لهم.
- ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظيمٌ﴾ [المائدة: 9]، فالمؤمن العامل موعود بالاجر العظيم ، فالله سبحانه عظيم وإذا وعد بعظيم فهو أكبر من أن يتصوره العبد .
- ﴿الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ طوبىٰ لَهُم وَحُسنُ مَـٔابٍ﴾ [الرعد: 29] فالمرجع الحسن والحياة الطيبة من فضل الله على خير البرية.

فالمرء بلا إيمان في خسران حتى يهديه ربه تعالى إلى الإيمان ويتبعه بالعمل ، فقد جاء في سورة العصر " إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" فكل إنسان في خسر مالم يؤمن ويعمل .
وجاء عند البخاري باب من قال أن الإيمان هو العمل لقول الله تعالى " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون" وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون" عن قول لا إله إلا الله " لمثل هذا فليعمل العاملون".

وقد أشار الطاهر ابن عاشور إلى فائدة لطيفة في قوله تعالى " أولئك هم خير البرية " فقال : وقدم الثناء عليهم على بشارتهم على عكس نظم الكلام المتقدم في ضدهم ليكون ذكر وعدهم كالشكر لهم على إيمانهم وأعمالهم فإن الله شكور .

فشكر العبد لربه بقيامه بالصالحات قوبل بالشكر من الله بأن قدم الثناء عليهم على بشارتهم، فالعقد الذي يسعى لإكمال إيمانه هو الذي يبادر لعمل الصالحات ليحظى بالخيرية والأجر العظيم ، بغض النظر عن ما إذا كانت الخيرية عامة أو الخيرية في أهل زمانه على اختلاف الاقوال التي ذكره القرطبي.

ختامًا فالمؤمن الحق الذي يصدق بقلبه ويقر بذلك ، وينطق به بلسانه ويعمل بمقتضى الإيمان بجوارحه فإنه تعالى سيسأل المرء عما عمله ويجازيه عليه فالتفاضل في الأعمال هو تفاضل في الإيمان .

المصادر :
صحيح البخاري
تفسير القرطبي
تفسير الطاهر ابن عاشور
تفسير ابن كثير
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
الدرجة: أ

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir