دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 ذو الحجة 1429هـ/12-12-2008م, 09:55 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي بيان الغيبة وذمها

13-
وَيَحْرُمُ : بُهْتٌ وَاغْتِيَابٌ نَمِيْمَةٌ ................ وَإِفْشَاءُ سِرٍّ، ثُمَّ لَعْنُ مُقَيَّدِ


  #2  
قديم 14 ذو الحجة 1429هـ/12-12-2008م, 10:20 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي غذاء الألباب للشيخ : محمد بن أحمد السفاريني

مطلب فِي ذَمِّ الغِيبَةِ

وَيَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (اغْتِيَابٌ) لِأَحَدٍ مِنْ المُسْلِمِينَ
قَالَ فِي القَامُوسِ : غَابَهُ ذَكَرَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ السُّوءِ كَاغْتَابَهُ، وَالغِيبَةُ فَعِلَةٌ مِنْهُ
وَفِي النِّهَايَةِ: قَدْ تَكَرَّرَ فِي الحَدِيثِ ذِكْرُ الغِيبَةِ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الإِنْسَانَ فِي غِيبَتِهِ بِسُوءٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ، فَإِذَا ذَكَرْته بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ البُهُتُ وَالبُهْتَانُ قَالَ تَعَالَى {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}
- وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ " إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْت "
-وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ "
- وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَطِ عَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " الرِّبَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ بَابًا أَدْنَاهَا مِثْلُ إتْيَانِ الرَّجُلِ أُمِّهِ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا اسْتِطَالَةُ الرَّجُلِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ "
- وَفِي كِتَابِ ذَمِّ الغِيبَةِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " أَنَّ الدِّرْهَمَ يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنْ الرِّبَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الخَطِيئَةِ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ زِنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ المُسْلِمِ "
- وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوعًا " إنَّ الرِّبَا نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَهْوَنُهُنَّ بَابًا مِنْ الرِّبَا مِثْلُ مَنْ أَتَى أُمَّهُ فِي الإِسْلَامِ، وَدِرْهَمُ رِبَا أَشَدُّ مِنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ زِنْيَةً وَأَشَدُّ الرِّبَا وَأَرْبَى الرِّبَا وَأَخْبَثُ الرِّبَا انْتِهَاكُ عِرْضِ المُسْلِمِ وَانْتِهَاكُ حُرْمَتِهِ "
- وَالبَزَّارُ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوِيٌّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " مِنْ أَرْبَى الرِّبَا اسْتِطَالَةُ المَرْءِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ " وَهُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ " إنَّ مِنْ الكَبَائِرِ اسْتِطَالَةَ الرَّجُلِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنْ الكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ " وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِلَفْظِ " الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا وَأَيْسَرُهَا كَنِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّهُ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ المُسْلِمِ " قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَالحُوبُ بِضَمِّ المُهْمَلَةِ هُوَ الإِثْمُ
- وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ " لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الجِيَفَ، قَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَرَأَى رَجُلاً أَحْمَرَ أَزْرَقَ جِدًّا قَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ " وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْشِمُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ "
- وَفِي حَدِيثِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ المُقْرَائِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ الحَدِيثَ وَفِيهِ " ثُمَّ مَرَرْت عَلَى نِسَاءٍ وَرِجَالٍ مُعَلَّقِينَ بِثَدْيِهِنَّ فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ هَؤُلَاءِ اللَّمَّازُونَ وَالهَمَّازُونَ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةٍ ثُمَّ رَوَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: الهَمْزُ بِالعَيْنِ وَالشَّدْقِ وَاليَدِ، وَاللَّمْزُ بِاللِّسَانِ قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ اللَّيْثِ أَنَّهُ قَالَ: الهُمَزَةُ الَّذِي يَعِيبُك فِي وَجْهِك، وَاللُّمَزَةُ الَّذِي يَعِيبُك بِالغَيْبِ
- وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَرُوَاةُ الإِمَامِ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ عَنْ جَابِرِ بن عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَارْتَفَعَتْ رِيحٌ مُنْتِنَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ الرِّيحُ، هَذِهِ رِيحُ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ المُؤْمِنِينَ "
- وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ " بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدَيْ وَرَجُلٌ عَنْ يَسَارِهِ فَإِذَا نَحْنُ بِقَبْرَيْنِ أَمَامَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَبَكَى، فَأَيُّكُمْ يَأْتِينَا بِجَرِيدَةٍ، فَاسْتَبَقْنَا فَسَبَقْته فَأَتَيْته بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا نِصْفَيْنِ فَالقَى عَلَى ذَا القَبْرِ قِطْعَةً وَعَلَى ذَا القَبْرِ قِطْعَةً، قَالَ إنَّهُ يُهَوِّنُ عَلَيْهِمَا مَا كَانَتَا رَطْبَتَيْنِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ إلَّا فِي الغِيبَةِ وَالبَوْلِ " .
- وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ يَعْلَى بْنِ شَبَابَةَ رضي الله عنه " أَنَّهُ عَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَتَى عَلَى قَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ فَقَالَ إنَّ هَذَا كَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ فَوَضَعَهَا عَلَى قَبْرِهِ وَقَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُ مَا دَامَتْ هَذِهِ رَطْبَةً " .
- وَأَخْرَجَ الأَصْبَهَانِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " الغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ يَحُتَّانِ الإِيمَانَ كَمَا يَعْضِدُ الرَّاعِي الشَّجَرَةَ " .
- وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَبُهُتُ مُؤْمِنٍ، وَالفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَيَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالاً بِغَيْرِ حَقٍّ " .
- وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَة الخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ " وَرَوَى الحَاكِمُ نَحْوَهُ وَقَالَ صَحِيحُ الإِسْنَادِ . قَالَ المُنْذِرِيُّ: رَدْغَةُ الخَبَالِ هِيَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ . كَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا مَرْفُوعًا وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ المُهْمَلَةِ وَبِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ . وَالخَبَالُ بِفَتْحِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ وَبِالمُوَحَّدَةِ .

مطلب مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ

- وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالغَيْبِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنْ النَّارِ " وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِلَفْظِ " مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ " وَقَالَ حَسَنٌ . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ التَّوْبِيخِ بِلَفْظِ " مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ . وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ} " .
- وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ فِي التَّوْبِيخِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " مِنْ اُغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ المُسْلِمُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ نَصْرَهُ أَدْرَكَهُ إثْمُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ " . وَرَوَاهُ الأَصْبَهَانِيُّ بِلَفْظِ " مَنْ اُغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ المُسْلِمُ فَاسْتَطَاعَ نُصْرَتَهُ فَنَصَرَهُ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْصُرْهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ " .
- وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الخَلَائِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ " .
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: الغِيبَةُ مَرْعَى اللِّئَامِ .
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: لَا يَذْكُرُ فِي النَّاسِ مَا يَكْرَهُونَهُ إلَّا سَفَلَةٌ لَا دِينَ لَهُ .

مطلب هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ؟
وَاعْلَمْ أَنَّ الكَلَامَ فِي الإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ قَدْ لَا يَكُونُ غِيبَةً مُحَرَّمَةً، كَأَنْ يَكُونَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِلَقَبِهِ كَالأَعْرَجِ وَالأَعْمَشِ .
وَقَدْ سُئِلَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه عَنْ رَجُلٍ يُعْرَفُ بِلَقَبِهِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهِ، فَقَالَ رضي الله عنه: الأَعْمَشُ إنَّمَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ هَكَذَا، فَسَهَّلَ فِي مِثْلِ هَذَا إذَا كَانَ قَدْ شُهِرَ .
وَقَالَ فِي شَرْحِ خُطْبَةِ مُسْلِمٍ: قَالَ العُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيثِ وَالفِقْهِ وَغَيْرِهِمْ: يَجُوزُ ذِكْرُ الرَّاوِي بِلَقَبِهِ وَصِفَتِهِ وَنَسَبِهِ الَّذِي يَكْرَهُهُ إذَا كَانَ المُرَادُ تَعْرِيفَهُ لَا تَنْقِيصَهُ لِلْحَاجَةِ كَمَا يَجُوزُ الجَرْحُ لِلْحَاجَةِ .
قَالَ فِي الآدَابِ الكُبْرَى: وَيَمْتَازُ الجَرْحُ بِالوُجُوبِ فَإِنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الوَاجِبَةِ بِالإِجْمَاعِ .
وَفِي المُسْتَوْعِبِ: الهِجْرَانُ الجَائِزُ هَجْرُ ذَوِيَ البِدَعِ، أَوْ مُجَاهِرٍ بِالكَبَائِرِ وَلَا يَصِلُ إلَى عُقُوبَتِهِ وَلَا يَقْدَمُ عَلَى مَوْعِظَتِهِ أَوْ لَا يَقْبَلُهَا، وَلَا غِيبَةَ فِي هَذَيْنِ فِي ذِكْرِ حَالِهِمَا .
قَالَ فِي الفُصُولِ: لِيَحْذَرْ مِنْهُ أَوْ يَكْسِرْهُ عَنْ الفِسْقِ، وَلَا يَقْصِدْ بِهِ الإِزْرَاءَ عَلَى المَذْكُورِ وَالطَّعْنَ فِيهِ وَلَا فِيمَا يُشَاوَرُ فِيهِ مِنْ النِّكَاحِ أَوْ المُخَاطَبَةِ .
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الإِمَامَ أَحْمَدَ رضي الله عنه عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَخْطُبُ إلَيْهِ فَيَسْأَلُ عَنْهُ فَيَكُونُ رَجُلَ سُوءٍ فَيُخْبِرُهُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لِفَاطِمَةَ: مُعَاوِيَةُ عَائِلٌ، وَأَبُو جَهْمٍ عَصَاهُ عَلَى عَاتِقِهِ، يَكُونُ غِيبَةٌ إنْ أَخْبَرَهُ؟ قَالَ: المُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ يُخْبِرُهُ بِمَا فِيهِ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَلَكِنْ يَقُولُ مَا أَرْضَاهُ لَك وَنَحْوَ هَذَا أَحْسَنُ .
وَعَنْ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَأَلَ الإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ مَعْنَى الغِيبَةِ يَعْنِي فِي النَّصِيحَةِ، قَالَ إذَا لَمْ تُرِدْ عَيْبَ الرَّجُلِ .
وَقَالَ الخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي حَرْبٌ سَمِعْت أَحْمَدَ رضي الله عنه يَقُولُ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ فَلَيْسَتْ لَهُ غِيبَةٌ .
وَقَالَ أَنَسٌ وَالحَسَنُ: مَنْ القَى جِلْبَابَ الحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ فِيهِ .
قَالَ فِي الآدَابِ الكُبْرَى: الأَشْهَرُ عَنْهُ يَعْنِي الإِمَامَ أَحْمَدَ الفَرْقُ بَيْنَ المُعْلِنِ وَغَيْرِهِ .
وَظَاهِرُ الفُصُولِ وَالمُسْتَوْعِبِ أَنَّ مَنْ جَازَ هَجْرُهُ جَازَتْ غِيبَتُهُ .
قَالَ وَمُرَادُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ لَا فَلَا .
وَقَدْ احْتَجَّ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَلَى غِيبَةِ أَهْلِ الفَسَادِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ لَمَّا اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ " بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ " .
مطلب هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَصْلَحَةٍ؟


قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي التَّحْرِيرِ فِي الفَرْقِ بَيْنَ النُّصْحِ وَالتَّعْبِيرِ: اعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إنَّمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَ المَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الذَّمِّ وَالعَيْبِ وَالتَّنْقِيصِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ خَاصَّةٌ لِبَعْضِهِمْ وَكَانَ المَقْصُودُ مِنْهُ تَحْصِيلَ تِلْكَ المَصْلَحَةِ فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ .
قَالَ وَقَدْ قَرَّرَ عُلَمَاءُ الحَدِيثِ هَذَا فِي كُتُبِهِمْ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَذَكَرُوا الفَرْقَ بَيْنَ جَرْحِ الرُّوَاةِ وَالغِيبَةِ، وَرَدُّوا عَلَى مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا مِنْ المُتَعَبِّدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يَتَّسِعُ عِلْمُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّعْنِ فِي رُوَاةِ الفَاظِ الحَدِيثِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ مَنْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ مِنْهُمْ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ، وَبَيْنَ تَبَيُّنِ خَطَأِ مَنْ أَخْطَأَ فِي فَهْمِ مَعَانِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَتَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ أَوْ تَمَسَّكَ مِنْهُمَا بِمَا لَا يُتَمَسَّكُ بِهِ لِيَحْذَرْ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِيمَا أَخْطَأَ بِهِ . قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا .
قُلْت: وَقَدْ مَرَّ قَرِيبًا عَنْ صَاحِبِ الآدَابِ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ، لَكِنَّ مُرَادَ الحَافِظِ بِالجَوَازِ مَا لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ فَيَشْمَلُ الوَاجِبَ .
قَالَ الحَافِظُ : وَلِهَذَا تَجِدُ كُتُبَهُمْ المُصَنَّفَةَ فِي أَنْوَاعِ العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ التَّفْسِيرِ وَشُرُوحِ الحَدِيثِ وَالفِقْهِ وَاخْتِلَافِ العُلَمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مُمْتَلِئَةً مِنْ المُنَاظَرَاتِ وَرَدِّ أَقْوَالِ مَنْ تَضْعُفُ أَقْوَالُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالخَلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَلَا ادَّعِي أَنَّ فِيهِ طَعْنًا عَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَا ذَمًّا وَلَا تَنْقِيصًا .
قَالَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ المُصَنِّفُ يَفْحُشُ فِي الكَلَامِ يُسِيءُ الأَدَبَ فِي العِبَارَةِ فَيُنْكِرُ عَلَيْهِ إفْحَاشَهُ وَإِسَاءَتَهُ دُونَ أَصْلِ رَدِّهِ، قَالَ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عُلَمَاءَ الدِّينِ كُلَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى قَصْدِ إظْهَارِ الحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ .
وَأَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَأَنْ تَكُونَ كَلِمَتُهُ هِيَ العُلْيَا، وَكُلُّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الإِحَاطَةَ بِالعِلْمِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ شُذُوذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَيْسَ هُوَ مَرْتَبَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا ادَّعَاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ المُتَقَدِّمِينَ وَالمُتَأَخِّرِينَ، فَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ المُجْمَعِ عَلَى عِلْمِهِمْ وَفَضْلِهِمْ يَقْبَلُونَ الحَقَّ مِمَّنْ أَوْرَدَهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا وَيُوصُونَ أَتْبَاعَهُمْ وَأَصْحَابَهُمْ بِقَبُولِ الحَقِّ إذَا ظَهَرَ فِي غَيْرِ قَوْلِهِمْ، كَمَا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَمَّا خَطَبَ وَنَهَى عَنْ المُغَالَاةِ فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ وَرَدَّتْ تِلْكَ المَرْأَةُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا} فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَقَالَ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ .
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ .
وَذَكَرَ مِنْ هَذَا أَشْيَاءَ نَفِيسَةً جِدًّا ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ هَذَا يَعْنِي النَّظَرَ لِلْمَقَاصِدِ وَالمَصْلَحَةِ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ مَا يَكْرَهُهُ طَبْعُهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ فَهُوَ حَسَنٌ .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الغيبة, بيان

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir