دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 09:40 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تقدم خبر (ما) وخبر (ليس) عليهما


كذاكَ سَبْقُ خبرٍ ما النافِيَةْ = فجِئْ بها مَتْلُوَّةً لا تَالِيَةْ
ومَنْعُ سَبْقِ خبرٍ ليسَ اصْطُفِي= ................


  #2  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 03:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)



كذاكَ سَبْقُ خَبَرٍ مَا النَّافِيَهْ = فَجِئْ بِهَا مَتْلُوَّةً لاَ تَالِيَهْ ([1])
يعني: أنه لا يَجُوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ الخبرُ على ما النافيةِ، ويَدْخُلُ تحتَ هذا قِسمانِ:
أحدُهما: ما كانَ النفيُ شرطاً في عملِه، نحوُ: (ما زالَ) وأَخَوَاتِها، فلا تقولُ: (قائماً ما زالَ زيدٌ)، وأجازَ ذلك ابنُ كَيْسَانَ والنَّحَّاسُ.
والثاني: ما لم يَكُنِ النفيُ شرطاً في عَمَلِهِ، نحوُ: (ما كانَ زيدٌ قائماً)، فلا تقولُ: (قائماً ما كانَ زيدٌ)، وأجازَه بَعْضُهم([2]).
ومفهومُ كلامِه أنه إذا كانَ النفيُ بغيرِ (ما) يَجُوزُ التقديمُ، فتقولُ: (قائماً لم يَزَلْ زيدٌ، ومُنْطَلِقاً لم يَكُنْ عمرٌوومَنَعَهُما بعضُهم ([3]).
ومفهومُ كلامِهِ أيضاً جوازُ تقديمِ الخبرِ على الفعلِ وَحْدَهُ إذا كانَ النفيُ بما، نحوُ: (ما قائماً زالَ زيدٌ)، و(ما قائماً كانَ زيدٌومَنَعَه بعضُهم.
ومَنْعُ سَبْقِ خَبَرِ لَيْسَ اصْطُفِي = وذو تَمَامٍ ما بِرَفْعٍ يَكْتَفِي ([4])
وما سِوَاهُ نَاقِصٌ والنَّقْصُ في = فَتِئَ لَيْسَ زالَ دَائماً قُفِي ([5])

اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ في جوازِ تقديمِ خبرِ (ليسَ) عليها؛ فذَهَبَ الكُوفِيُّونَ والمُبَرِّدُ والزَّجَّاجُ وابنُ السَّرَّاجِ وأكثرُ المتأخِّرِينَ، ومِنهم المصنِّفُ - إلى المَنْعِ، وذَهَبَ أبو عليٍّ الفارسِيُّ وابنُ بَرْهَانَ إلى الجوازِ، فتقولُ: (قائماً ليسَ زيدٌ).
واخْتَلَفَ النقلُ عن سِيبَوَيْهِ؛ فنَسَبَ قومٌ إليه الجوازَ، وقومٌ المنعَ، ولم يَرِدْ مِن لِسانِ العربِ تَقَدُّمُ خبرِها عليها، وإنما وَرَدَ مِن لِسانِهم ما ظاهِرُه تَقَدُّمُ معمولِ خبرِها عليها؛ كقولِهِ تعالى: {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}. وبهذا اسْتَدَلَّ مَن أجازَ تقديمَ خبرِها عليها، وتقريرُه أنَّ (يَوْمَ يَأْتِيهِمْ) معمولُ الخبرِ الذي هو (مصروفاً)، وقد تَقَدَّمَ على (ليسَ)، قالَ: ولا يَتَقَدَّمُ المعمولُ إلاَّ حيثُ يَتَقَدَّمُ العامِلُ ([6]).



([1])(كذاك) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٌ مُقَدَّمٌ، (سَبْقُ) مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، وسبْقُ مضافٌ و(خبرٍ) مضافٌ إليه، وهو من جهةٍ أخرَى فاعلٌ لِسَبْقُ، (ما) مفعولٌ به لسَبْقُ، (النافية) صفةٌ لِمَا، (فجِئْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (بِهَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بجئْ، (مَتْلُوَّةً) حالٌ من الضميرِ المجرورِ مَحَلاًّ بالباءِ، (لا) عاطفةٌ، (تالِيَةْ) معطوفٌ على متلوةً.
([2])أصلُ هذا الخلافِ مبنيٌّ على خلافٍ آخرَ، وهو: هل تَسْتَوْجِبُ (ما) النافيةُ أنْ تكونَ في صدرِ الكلامِ؟ ذَهَبَ جمهورُ البصريينَ إلى أنها لا تَسْتَوْجِبُ التصديرَ؛ وعلى هذا أَجَازُوا أنْ يَتَقَدَّمَ خبرُ الناسخِ المنفيِّ بها عليها مُطْلَقاً، وَوَافَقَهُم ابنُ كَيْسَانَ والنَّحَّاسُ على جوازِ تقديمِ خبرِ الناسخِ عليها إذا كانَ من النواسخِ التي يُشْتَرَطُ فيها النفيُ؛ لأنَّ نَفْيَها حينَئذٍ إيجابٌ، فكأنه لم يَكُنْ، بخلافِ النوعِ الثاني.
([3])ذَكَرَ ابنُ مالِكٍ في (شرحِ التسهيلِ) أن الذي مَنَعَ ذلك هو الفَرَّاءُ، وهذا المَنْعُ مَرْدُودٌ بقولِ الشاعرِ:
مَهْ عَاذِلِي فَهَائِماً لَنْ أَبْرَحَا = بِمِثْلِ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى
وقالَ ابنُ مالكٍ في (شرحِ الكافيةِ الشافيةِ): إنَّ ذلكَ جائزٌ عندَ الجميعِ.
([4])(ومَنْعُ) مبتدأٌ، ومنعُ مضافٌ و(سَبْقِ) مضافٌ إليه، وسَبْقِ مضافٌ و(خَبَرٍ) مضافٌ إليه من إضافةِ المصدرِ إلى فاعلِه، (ليسَ) قُصِدَ لفظُه: مفعولٌ به لِسَبْقِ، (اصْطُفِي) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى مَنْعُ، والجملةُ في محلِّ رفعِ خبرِ المبتدأِ، (وَذُو) الواوُ للاستئنافِ، ذو: مبتدأٌ، وذو مضافٌ و(تمامٍ) مضافٌ إليه، (ما) اسمٌ موصولٌ خبرُ المبتدأِ، (بِرَفْعٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بيَكْتَفِي الآتي، (يَكْتَفِي) فعلٌ مضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ على ما الموصولةِ، وجملةُ يَكْتَفِي وفاعلِه لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ؛ صِلَةُ الموصولِ.
([5])(وما) اسمٌ موصولٌ مبتدأٌ، (سِوَاهُ) سِوَى: ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ صلةُ ما، وسِوَى مضافٌ والهاءُ مضافٌ إليه، (نَاقِصٌ) خبرُ المبتدأِ، (وَالنَّقْصُ) مبتدأٌ، (فِي فَتِئَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: (قُفِي) الآتي، (لَيْسَ، زَالَ) معطوفانِ على (فَتِئَ) بإسقاطِ حرفِ العطفِ، (دائماً) حالٌ من الضميرِ المستترِ في قولِهِ: (قُفِي) الآتي، (قُفِي) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مستترٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ على (النقصُ)، والجملةُ من قُفِي ونائبِ فاعلِه في محَلِّ رفعِ خبرِ المبتدأِ، وهو (النَّقْصُ). وتقديرُ البيتِ: وما سِوَى ذي التمامِ ناقصٌ، والنقصُ قُفِيَ ـ أي: اتُّبِعَ ـ حالَ كونِه مستمِرًّا في فَتِئَ، وليسَ، وزالَ.
([6])هذه القاعدةُ لَيْسَتْ مُطَّرِدَةً تمامَ الاطِّرَادِ، وإنْ كانَ العلماءُ قد اتَّخَذُوها دليلاً في كثيرٍ من المواطِنِ، وجَعَلُوها كالشيءِ المسلَّمِ به الذي لا يَتَطَرَّقُ إليه النقضُ، ونحنُ نَذْكُرُ لكَ عِدَّةَ مواضِعَ أَجَازُوا فيها تقديمَ المعمولِ، ولم يُجِيزُوا فيها تقدُّمَ العامِلِ:
الموضِعُ الأوَّلُ: إذا كانَ خبرُ المبتدأِ فعلاً، لم يُجِزِ البصريونَ تقديمَه على المبتدأِ؛ لئلاَّ يَلْتَبِسَ المبتدأُ بالفاعلِ، فلا يقولونَ: (ضَرَبَ زيدٌ) على أن يكونَ في ضرَبَ ضميرٌ مستترٌ، وجملتُه خبرٌ مُقَدَّمٌ، لكِنْ أجازوا تقديمَ معمولِ هذا الخبرِ على مبتدئِه في نحوِ: (عمرٌو ضَرَبَ زيداً) فيقولون: (زيداً عمرٌو ضَرَبَ).
الموضِعُ الثاني: خبرُ إنَّ ـ إنْ لم يَكُنْ ظرفاً أو جارًّا ومجروراً ـ لم يُجِيزُوا تقديمَه على اسمِها، فلا يقولونَ: (إنَّ جالسٌ زيداً)، وأجازوا تقديمَ معمولِهِ على الاسمِ، فيقولون: (إنَّ عندكَ زيداً جالسٌ).
الموضِعُ الثالثُ: الفعلُ المنفيُّ بلم أو لنْ ـ نحوُ: (لم أَضْرِبْ، ولنْ أَضْرِبَ) ـ لم يُجِيزُوا تقديمَه على النفيِ، وأجازوا تقديمَ معمولِه عليه، نحوُ: (زيداً لنْ أَضْرِبَ، وعَمْراً لم أُصَاحِبْ).
الموضِعُ الرابِعُ: الفعلُ الواقعُ بعدَ إمَّا الشرطيَّةِ لم يُجِيزُوا إيلاءَهُ لإمَّا، وأجازوا إيلاءَ معمولِه لها، نحوُ قولِهِ تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ}.
والغَرَضُ من القاعدةِ التي أَصْلُها هذا المستنَدُ: أنَّ الغالبَ والكثيرَ والأصلَ هو ألاَّ يَتَقَدَّمَ المعمولُ إلاَّ حيثُ يجوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ العامِلُ فيه، فلا يَضُرُّ أنْ يجوزَ تقديمُ المعمولِ في بعضِ الأبوابِ لنُكْتَةٍ خاصَّةٍ به حيثُ لا يَتَقَدَّمَ عاملُه، ولكلِّ موضعٍ من المواضعِ الأربعةِ نُكتةٌ لا تَتَّسِعُ هذه العُجَالَةُ لِشَرْحِها.


  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 03:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

وإذا نُفِيَ الفعلُ بـ (ما) جَازَ تَوَسُّطُ الخبرِ بينَ النافِي والمَنْفِيِّ([1]) مُطلقاً، نحوُ: (مَا قَائِماً كَانَ زَيدٌ) ويَمْتَنِعُ التقديمُ على (ما) عندَ البَصْرِيِّينَ والفَرَّاءِ، وأجَازَهُ بَقِيَّةُ الكُوفِيِّينَ، وخَصَّ ابنُ كَيْسَانَ المَنْعَ بغيرِ زَالَ وأخَوَاتِها؛ لأنَّ نَفْيَها إيجابٌ، وعَمَّمَ الفَرَّاءُ المنعَ في حروفِ النَّفْيِ([2])، ويَرُدُّه قولُه:

87 - عَلَى السِّنِّ خَيْراً لاَ يَزَالُ يَزِيدُ=



([1]) المرادُ بإطلاقِ النَّفْيِ هنا أنْ يَشْمَلَ ما يَكُونُ النَّفْيُ شَرْطاً لعَمَلِه كزَالَ وما لا يَكُونُ النَّفْيُ شَرْطاً لعملِه مثلُ كَانَ.
([2]) يُرِيدُ أنَّ الفَرَّاءَ ذَهَبَ إلى أنَّ (ما) و(لا) و(إن) و(لن) النافياتِ لها حُكمٌ واحدٌ، وهو أنَّه لا يَجُوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ الخبرَ ولا معمولَه على حرفِ النفيِ. وخَصَّ المُحَقِّقُونَ هذا الحُكمَ بحرفٍ واحدٍ مِن حروفِ النَّفْيِ وهو (ما). وذَهَبَ المُحَقِّقُ الرَّضِيُّ إلى أنَّ (إن) النافِيَةَ لها حُكْمُ (ما).
87 - هذا عَجُزُ بيتٍ مِن الطويلِ، وصدرُه قولُه:


وَرَجِّ الفَتَى لِلخَيْرِ مَا إِنْ رَأَيْتَهُ=
هذا البيتُ مِن كلامِ المَعْلُوطِ القُرَيْعِيِّ.
اللغةُ: (رَجِّ) فعلُ أمرٍ مِن الترجِيَةِ، وهي الأملُ وتَوَقُّعُ الخيرِ، يُرِيدُ أَمِّلْ فيه الخَيْرَ، وتَوَقَّعْهُ مِنْه، وانْتَظِرْ أنْ يَأْتِيَ به، (مَا) هي ههنا الظرفِيَّةُ التي تَدُلُّ على المُدَّةِ ، (عَلَى السِّنِّ) أرَادَ كُلَّمَا زَادَت سِنُّه وتَقَادَمَ به الزمَانُ.
المَعْنَى: يُرِيدُ أنَّك إذا رَأَيْتَ الفَتَى يَزْدَادُ خَيْراً كُلَّمَا عَلَتْ به السِّنُّ وتَقَدَّمَ مِيلادُه فتَرَقَّبْ منه الخيرَ الوافِرَ وأَمِّلْ فيه الأملَ البعيدَ.
الإعرابُ: (رَجِّ) فعلُ أمرٍ مبنيٌّ على حذفِ الياءِ، والكسرَةُ قبلَها دليلٌ عليها، وفاعلُه ضميرٌ مُستتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنت، (الفَتَى) مفعولٌ به لرَجِّ، (لِلخَيْرِ) جَارٌّ ومجرورٌ مُتعلِّقٌ برَجِّ، (مَا) مصدرِيَّةٌ ظرفِيَّةٌ، (إِنْ) حَرفٌ زائدٌ بعدَ ما الظرفِيَّةِ المصدرِيَّةِ لشَبَهِها لَفْظاً بما النافِيَةِ، (رَأَيْتَهُ) فِعْلٌ ماضٍ، وتاءُ المُخَاطَبِ فاعِلُه، وهاءُ الغائبِ العائِدَةُ على الفَتَى مفعولٌ به. (على السِّنِّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتعلِّقٌ بقَوْلِه: يَزِيدُ الآتِي آخِرَ البيتِ. (خَيْراً) مفعولٌ به مُقَدَّمٌ لقولِه: يَزِيدُ الآتِي أيضاً. (لاَ) حَرفُ نَفْيٍ، (يَزَالُ) فعلٌ مُضارعٌ ناقصٌ مَرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرَةِ، واسمُه ضميرٌ مُستتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هو يَعُودُ إلى الفَتَى. (يَزِيدُ) فِعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرَةِ، وفاعِلُه ضميرٌ مُستتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يَعُودُ إلى اسمِ لا يَزَالُ، والجملةُ مِن الفعلِ المُضارعِ وفاعِلِه في مَحَلِّ نَصبٍ خَبَرُ لا يَزَالُ.
الشاهدُ فيه: قولُهُ: (خَيْراً لا يَزَالُ يَزِيدُ) حيثُ قَدَّمَ معمولَ خبرِ لا يَزَالُ، على لا يَزَالُ نَفْسِها، أمَّا خبرُ لا يَزَالُ فهو جُملةُ (يَزِيدُ) وفاعِلِه المُستترِ فيه، وأمَّا معمولُ الخبرِ فهو قولُه: (خَيْراً) فإنَّه مفعولٌ به ليَزِيدُ على ما قد تَبَيَّنَ لك في إعرابِ البيتِ، وقد عَلِمْتَ أنَّ النحاةَ يَسْتَدِلُّونَ بتَقَدُّمِ المعمولِ على جوازِ تقديمِ العاملِ، فإذا تَقَدَّمَ معمولُ الخبرِ على لا يَزَالُ كانَ ذلك دَلِيلاً على صِحَّةِ تَقَدُّمِ الخبرِ نَفْسِه على لا يَزَالُ؛ لأنَّ الأصلَ في المعمولِ أن يَقَعَ بعدَ عَامِلِه.
وفي هذا البيتِ رَدٌّ على مَن زَعَمَ أنَّ خبرَ الناسخِ المَنْفِيِّ بحرفٍ - أي: حرفٍ مِن حروفِ النَّفْيِ - لا يَجُوزُ أن يَتَقَدَّمَ على ذلك الفِعْلِ، ومِمَّن ذَهَبَ إلى ذلك الفَرَّاءُ، وأَصْرَحُ ما يَرِدُ عليه قولُ الشاعِرِ:


مَهْ عَاذِلِيْ فَهَائِماً لَنْ أَبْرَحَا = بِمِثْلِ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى
فإنَّ الشاعرَ في هذا البيتِ قد قَدَّمَ خبرَ الفعلِ الناسخِ المَنفِيِّ بلَنْ على الفِعْلِ، أمَّا الفِعْلُ فهو (لَنْ يَبْرَحَ)، وأمَّا خبرُه فهو قَولُه: (هَائِماً) وقد تَقَدَّمَ عليه، وإنَّمَا كانَ الردُّ بهذا الشاهدِ أَقْوَى؛ لأنَّ الاستدلالَ بتَقَدُّمِ المعمولِ على جوازِ تقديمِ العاملِ مَحَلُّ نِزَاعٍ على ما بَيَّنَّاهُ في كَلامِنَا السابقِ في التعليقِ على الآيةِ الكريمَةِ {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}. (ارجِعْ إلى الوجهِ الأوَّلِ في ص 220).


  #4  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 03:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني



149 - كَذَاكَ سَبْقُ خَبَرٍ مَا النَّافِيَهْ = فَجِئْ بِهَا مَتْلُوَّةً لَا تَالِيَهْ
(كَذَاكَ سَبْقُ خَبَرٍ "مَا" النَّافِيَهْ) أيْ: كما منعُوا أنْ يَسْبِقَ الخبرُ "ما" المصدريَّةَ كذلك منعُوا أنْ يسبقَ "ما" النافيةَ (فَجِئْ بِهَا مَتْلُوَّةً لَا تَالِيَهْ) أيْ: مَتْبُوعَةً لا تابعةً لأنَّ لها الصدرَ ولا فرقَ في ذلك بينَ أنْ يكونَ ما دخلتْ عليهِ يُشترطُ في عَمَلهِ تقدُّمُ النفْيِ؛ كـ"زَالَ" أوْ ؛ كَـ"كَانَ" فَلا تقولُ: "قَائِمًا مَا كَانَ زَيْدٌ" ولا "قَاعِدًا مَا زَالَ عَمْرٌو".
قالَ في (شَرْح الكَافِيَةِ): وكِلاهُما جائزٌ عندَ الكُوفِيِّينَ؛ لأنَّ "ما" عندَهم لا يَلزمُ تصديرُها ووافَقَ ابنُ كَيْسَانَ البَصْرِيِّينَ في "ما كَانَ" ونحوِهِ وخالَفَهُمْ في "مَا زَالَ" ونحوِهِ؛ لأنَّ نَفْيَهَا إيجابٌ.
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: أَفْهَمَ كلامُهُ إنَّهُ إذا كانَ النفيُ بغيرِ "ما" يجوزُ التقديمُ نحوُ "قائمًا لمْ يَزَلْ زَيْدٌ"، و"قاعدُا لمْ يكنْ عمرٌو" قالَ في (شَرْحِ +الكفاية (الكَافِيَةِ) ) عندَ الجميعِ واستدَلَّ لهُ بقولِ الشاعِرِ [مِنَ الطَّوِيلِ]:

186 - وَرَجِّ الفَتَي لِلخَيْرِ مَا إِنْ رَأَيْتَهُ = عَلَى السِّنِّ خَيْرًا لَا يَزَالُ يَزِيدُ
أَرَادَ: لَا يزالُ يزيدُ على السِّنِّ خَيْرًا فقدَّمَ معمولَ الخبرِ – وهو "خيرًا" – على الخبرِ – وهو "يزيدُ" – معَ النفْيِ بـ"لا" وتقديمُ المعمولِ يُؤْذِنُ بجَوَازِ تقديمِ العامِلِ غالِبًا لكِنَّهُ حَكَى في (التَّسْهِيلِ) الخِلافَ عَنِ الفَرَّاءِ قُلْتُ: ومِنْ شَوَاهِدِهِ الصريحةِ قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:

187 - مَهْ عَاذِلِي فَهَائِمًا لَنْ أَبْرَحَا = بِمِثْلِ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى
الثانِي: أَفْهَمَ أيضًا جوازَ توسُّطِ الخبرِ بينَ "ما" والمنفِيِّ بها نحوُ: "مَا قَائِمًا كَانَ زَيْدٌ" و"مَا قَاعِدًا زَالَ عَمْرٌو". ومنَعَهُ بعضُهُمْ والصحِيحُ الجوازُ.
الثالثُ: قولُهُ: "كذاكَ" يُوهِمُ أنَّ هذا المنعَ مُجْمَعٌ عليهِ لِأنَّهُ شَبَّهَهُ بالمُجْمَعِ عليهِ وإنَّمَا أرادَ التشبيهَ في أصلِ المنعِ دونَ وصفِهِ لِمَا عَرَفْتَ مِنَ الخِلافِ

150 - وَمَنْعُ سَبْقِ خَبَرٍ لَيْسَ اصْطُفِي = وَذُو تَمَامٍ مَا بِرَفْعٍ يَكْتَفِي

151 - وَمَا سِوَاهُ نَاقِصٌ وَالنَّقْصُ فِي = فَتِئَ لَيْسَ زَالَ دَائِمًا قُفِي
(وَمَنْعُ سَبْقِ خَبَرٍ لَيْسَ اصْطُفِي) "منْعُ": مصدرٌ رُفعَ بالابتداءِ مضافٌ إلى مفعولِهِ وهو سَبْقٌ – والفاعِلُ محذوفٌ و"سَبْقِ": مصدرٌ جُرَّ بالإضافةِ مضافٌ إلى فاعِلِهِ وهو خبرٌ و"لَيْسَ" في مَحَلِّ نصْبٍ بالمفعولِيَّةِ و"اصْطُفِي" جملةٌ في موضعِ رفْعِ خبرِ المبتدَأِ والتقديرُ: منْعُ مَنْ مَنَعَ أنْ يَسْبِقَ الخبرُ لَيْسَ اصطُفِيَ أي: اخْتِيرَ.
وهو رأيُ الكُوفِيِّينَ والمُبَرِّدِ والسِّيرَافِيِّ والزَّجَّاجِ وابنِ السَّرَّاجِ والجُرْجَانِيِّ وأَبِي عَلِيٍّ في (الحَلَبِيَّاتِ) وأكثرِ المتأخِّرِينَ لضَعْفِهَا بعَدَمِ التصرُّفِ وشِبْهِهَا بـ"مَا" النَّافِيَةِ.
وحُجَّةُ مَنْ أجازَ قولَهُ تعالى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} لِمَا عُلِمَ مِنْ أنَّ تقدِيمَ المعمولِ يُؤذنُ بجوازِ تقديمِ العامِلِ.
وأُجيبَ بأنَّ معمولَ الخبرِ هنا ظرفٌ والظروفُ يُتوسَّعُ فيها.
وأيضًا: فإنَّ: "عَسَى" لا يتقَدَّمُ خبرُها إجماعًا لعَدَمِ تصرُّفِهَا معَ عدمِ الاختلافِ في فِعْلِيَّتِهَا فَلَيْسَ أوْلَى بذلك لمساواتهَا لها في عدمِ التصَرُّفِ معَ الاختلافِ في فِعْلِيَّتِهَا.
تنبيهٌ: خبرٌ في كلامِهِ مُنَوَّنٌ وَلَيْسَ مُضَافًا إلى "لَيْسَ" كما عَرَفْتَ وإلا تَوَالَى خَمْسُ حَرَكَاتٍ وذلك مَمنُوعٌ.


  #5  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 03:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان (مكرر)

تَقَدُّمُ الخبرِ
148- وفي جميعِها تَوَسُّطَ الْخَبَرْ = أَجِزْ وكلٌّ سَبْقَه دامَ حَظَرْ
149- كذاكَ سَبْقُ خبرٍ ما النافِيَهْ = فَجِئْ بها مَتْلُوَّةً لا تَالِيَهْ
150- ومَنْعُ سَبْقِ خبرٍ ليسَ اصْطُفِي = ..... ...... ....
أفعالُ هذا البابِ مِن حيثُ تَقَدُّمُ الخبرِ عليها ثلاثةُ أقسامٍ:
الأوَّلُ: ما دامَ: وهذه لا يَجُوزُ فيها تَقَدُّمُ الخبرِ على (ما) المُتَّصِلةِ بها، فلا تقولُ: لا أَصْحَبُكَ مسافِراً ما دامَ عَلِيٌّ؛ وعَلَّلُوا لذلك بأنَّ تقديمَ الخبرِ على (ما) يَقْتَضِي تقديمَ بعضِ الصِّلَةِ على الموصولِ، وهذا ممنوعٌ.
وأمَّا تَقَدُّمُ الخبرِ على (دامَ) وحْدَها فالظاهِرُ الجوازُ، تقولُ: أتْرُكُ قراءةَ الكتابِ ما دامَ الفِكْرُ مَشغولاً، وتقولُ: أتْرُكُ قراءةَ الكتابِ ما مشغولاً دامَ الفِكْرُ.
القِسْمُ الثاني: ليسَ: وقد وَقَعَ الخِلافُ في جوازِ تقديمِ خَبَرِها عليها، والمنْعُ أرْجَحُ؛ لأنه لم يَرِدْ في لسانِ العرَبِ تقديمُ الخبرِ عليها، والذي يُجيزُ التقديمَ يَسْتَدِلُّ بتقديمِ معمولِ الخبرِ في قولِه تعالى عن عَذَابِ الكُفَّارِ: {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}، ووجهُ الاستدلالِ: أنَّ قولَه: {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ} منصوبٌ بخَبَرِ ليسَ (مَصروفاً)، فهو معمولٌ له، وتَقَدُّمُ المعمولِ يُشْعِرُ بجَوازِ تَقَدُّمِ العاملِ.
وأُجيبَ بأنَّ هذه القاعدةَ غيرُ مُطَّرِدَةٍ، ثُمَّ إنَّ المعمولَ في الآيةِ ظَرْفٌ، وهو يُتَوَسَّعُ فيه ما لا يُتَوَسَّعُ في غيرِه.
القِسْمُ الثالثُ: باقي أفعالِ البابِ، ولها حالتانِ:
الأُولَى: أنْ تَتَقَدَّمَ عليها (ما) النافيةُ، وتحتَ هذا قِسْمانِ:
- الأوَّلُ: ما كانَ النفيُ شَرْطاً في عَمَلِه، وهو (ما زالَ وأَخَوَاتُها).
- الثاني: ما لم يَكُنِ النَّفْيُ شَرْطاً في عَمَلِه، وهو: كانَ، ظلَّ، باتَ، أضْحَى، أصْبَحَ، أمْسَى، صارَ.
فيَجوزُ تَقَدُّمُ الخبرِ على الفعْلِ وحْدَه، فتقولُ: ما مُعْتَرِفاً زالَ خالدٌ، وما بارداً أصْبَحَ الْجَوُّ، والأصْلُ: ما زالَ خَالِدٌ مُعْتَرِفاً، وما أصْبَحَ الجوُّ بارِداً.
وأمَّا تَقَدُّمُه على (ما) النافيةِ فمَن قالَ: لها الصَّدَارَةُ. مَنَعَ تَقَدُّمَ الخبرِ عليها، نحوُ: نَشيطاً ما أصْبَحَ هِشامٌ، ومَن قالَ: ليسَ لها الصَّدَارَةُ. أجَازَ.
فإنْ كانَ النفيُ بغيرِ (ما) - كـ (لنْ) - جازَ تقديمُ الخبرِ عليها؛ لوُرودِه عن العرَبِ، وذكَرَ ابنُ مالِكٍ في (شرْحِ الكافيَةِ) أنه جائزٌ عندَ الجميعِ، فتقولُ: لنْ يُصْبِحَ الذي يَسْهَرُ نَشيطاً، وتقولُ: نَشيطاً لنْ يُصْبِحَ الذي يَسْهَرُ.
الحالةُ الثانيةُ: ألاَّ تَتَقَدَّمَ عليها (ما) النافيةُ، وهذا خاصٌّ بغيرِ (زالَ وأَخَوَاتِها)، ويَجوزُ في هذا تَقَدُّمُ الخبرِ على الفعْلِ الناسِخِ.
واسْتَدَلُّوا بتقَدُّمِ المعمولِ؛ كقولِه تعالى: {أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}، وقولِه تعالى: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ}، ولم يَرِدْ تَقَدُّمُ الخبرِ نفْسِه؛ ولذا قالَ ابنُ السَّرَّاجِ: (القِياسُ جَوازُ ذلك، ولم يُسْمَعْ).
وقد يَجِبُ تَقَدُّمُ الخبرِ على الناسِخِ، وذلك إذا كانَ الخبرُ اسْماً واجِبَ الصَّدارةِ؛ كأسماءِ الاستفهامِ، نحوُ: أينَ كانَ الغائبُ؟ قالَ تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}، فـ (كيفَ) اسمُ استفهامٍ في مَحَلِّ نصْبِ خَبَرِ كانَ مُقَدَّمٌ وُجُوباً، و(عاقِبَةُ) اسْمُها.
قالَ ابنُ مالِكٍ: (وكلٌّ سَبْقَه دامَ حَظَرْ... إلخ)؛ أيْ: أنَّ كلَّ العرَبِ أو كلَّ النُّحاةِ مَنَعَ تَقَدُّمَ خَبَرِ دامَ عليها، والمرادُ تَقَدُّمُه على (ما)، هذا هو المتبادِرُ مِن النَّظْمِ بقَرينةِ ما بَعْدَه، ثم قالَ: (كذاكَ سَبْقُ خَبَرٍ ما النافيَهْ)؛ أيْ: كما مَنَعَ العرَبُ - أو النُّحاةُ - تَقَدُّمَ خَبَرِ (دامَ) على (ما)، كذاك تَقَدُّمُ الخبرِ على (ما) النافيةِ فهو محظورٌ، (فجِئْ بها مَتْلُوَّةً)؛ أي: ائْتِ بما النافيةِ سابقةً يَتْلُوهَا غيرُها، (لا تَالِيَهْ)؛ أيْ: لا مَسبوقةً، وهذا الشرْطُ معَ ما فيه مِن توكيدِ ما قبلَه، ففيه إفادةُ أنَّ (ما) تَلْزَمُ الصدارةَ في جُمْلَتِها أبداً.
ثم قالَ: (ومَنْعُ سَبْقِ خبرٍ ليسَ اصْطُفِي)؛ أي: اخْتِيرَ منْعُ تَقَدُّمِ الخبرِ على ليسَ، و(خبرٍ) يُقرأُ بالتنوينِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تقدم, خبر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir