دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > أسباب النزول > الصحيح المسند للوادعي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 رجب 1432هـ/17-06-2011م, 10:46 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي مقدمة المؤلف

قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعود بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
أما بعد فقد اخترت أن يكون بحثي الذي أقدمه للجامعة الإسلامية في الصحيح المسند من أسباب النزول وذلك لأمور منها:
1- ارتباطه بفنين عظيمين وهما تفسير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللذان هما أساس ديننا.
2- أن معرفة سبب نزول الآية يعين على فهم معناها فقد أشكلت بعض الآيات على بعض الصحابة فمن بعدهم حتى عرفوا سبب نزولها فمما أشكل عليهم {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} حتى أخبرهم أبو أيوب
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 9]
الأنصاري رضي الله عنه بسبب نزولها كما سيأتي إن شاء الله تعالى فظهر لهم معناها. ومما أشكل عليهم قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} حتى نزل علي رواية كما سيأتي إن شاء الله تعالى {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وقد أشكل على عروة قوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} حتى أخبرته عائشة رضي الله عنها بسبب نزولها.
3- هذا ومما حدا بي إلى اختيار هذا الموضوع أن أسباب النزول قد دخلها الدخيل كغيرها من سائر الفنون قال الواحدي رحمه الله في مقدمة كتاب أسباب النزول بعد ذكره كلام عبيدة السلماني لما سئل عن آية من القرآن فقال: اتق الله فقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن:
"أما اليوم فكل أحد يخترع شيئا ويختلق إفكا وكذبا ملقيا زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية، وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبو هذا الشأن والمتكلمون في نزول القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب" إلى آخر كلامه رحمه الله ص5.
وقال السيوطي في الإتقان ج2 ص190 بعد ذكره جماعة ممن يذكرون التفسير بالأسانيد كابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما "ثم ألف في التفسير خلائق فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال تترى فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من يسنح له قول يورده ومن يخطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن يرجع إليهم في التفسير حتى رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 10]
الضَّالِّينَ} نحو عشرة أقوال
وتفسيرها باليهود والنصارى هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجميع التابعين وأتباعهم حتى قال ابن أبي حاتم لا أعلم في ذلك اختلافا بين المفسرين ا.هـ.
المراد من الإتقان. قلت وهذا هو الذي حملني على ذكر الأسانيد ما وجدت إلى ذلك سبيلا وإن كان فيه من المشقة ما هو معروف لدى أهل هذا الفن.
وإليك مثالا واحدا يصدق ما قاله هذان الإمامان من أنه قد وقع التساهل في نقل ما لم يثبت في كتب التفسير، وهذا المثال هو قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عنه تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} ويمكن أنه لا يوجد تفسير إلا وهي مذكورة فيه وقل من نبه على عدم صحتها.
أما جهابذة علماء الحديث ونقاده فإليك ما قالوه فيها: قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله بعد ذكره لها من طريق مسكين بن بكير نا معان بن رفاعة السلمي عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة قال: جاء ثعلبة بن حاطب بصدقته إلى عمر فلم يقبلها وقال: لم يقبلها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أبو بكر ولا أقبلها. قال أبو محمد وهذا باطل بلا شك لأن الله تعالى أمر بقبض زكاة أموال المسلمين وأمر عليه السلام عند موته
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 11]
ألا يبقى في جزيرة العرب دينان فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولا بد ولا فسحة في ذلك وإن كان كافرا ففرض ألا يقر في جزيرة العرب فسقط هذا الأثر بلا شك وفي رواته معان بن رفاعة والقاسم بن عبد الرحمن وعلي بن يزيد وهو أبو عبد الملك الألهاني وكلهم ضعفاء ومسكين بن بكير ليس بالقوي ا.هـ. ج11من المحلى ص 208
وقال السيوطي في لباب النقول إن سندها ضعيف وقال الحافظ في تخريج الكشاف إن في سندها علي بن يزيد الألهاني وهو واه وقال في الفتح ج3 ص8 بعد ذكر بعض القصة لكنه حديث ضعيف لا يحتج به ا.هـ. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج7 ص32 رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك. وقال فيه الذهبي في تجريد أسماء الصحابة إنه حديث منكر بمرة. وقال المناوي في فيض القدير ج4 ص527 قال البيهقي في إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور بين أهل التفسير ا.هـ. وأشار في الإصابة إلى عدم صحة هذا الحديث فإنه ساق هذا الحديث في ترجمة ثعلبة هذا ثم قال وفي كونه صاحب هذه القصة إن صح الخبر –ولا أظنه يصح- هو البدري نظر. ا.هـ كلام المناوي وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء ج3 ص338 سندها ضعيف وإنما مثلت بهذه القصة لشهرتها في كتب التفاسير ولأن كثيرا من إخواننا المشتغلين بالوعظ والإرشاد وفقني الله وإياهم يستحسنونها ويلقونها على العامة غير منتبهين مع عدم صحتها سندا فهي لا تصح معنى إذ فيها مخالفة لأصل من أصول الشريعة وهو أن التائب لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب، تاب الله عليه.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 12]
4- ومن الدوافع لي على اختيار هذا الموضوع الرغبة في التعرف على أسرار هذا التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي، وذلك كقصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك وما حصل لنبي الهدى من الأذى بسببه وكذا لأم المؤمنين إذ بكت حتى ظن أبواها أن البكاء فالق كبدها. فيأتي الفرج بعد الشدة. وكقصة هلال بن أمية إذ رمى زوجته بالزنى فقال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((البينة أو حد في ظهرك)) فقال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فأراد الرسول أن يأمر بضربه فأنزل الله آية اللعان وأبر قسمه وأتى بالعلاج بعد تفاقم الداء فخاب وخسر من ظن أنه يستطيع أن يستغني عن هذا التشريع الحكيم.
5- ومنها رجاء الاستفادة من مراحل التشريع فإننا في أمس الحاجة إلى أن نعتبر أنفسنا مجددين وأن نبدأ الدعوة من جديد وفي أسباب النزول الكثير الطيب من بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال إلى غير ذلك من الفرق بين المكي والمدني كما هو معروف.
تنبيه:
وقد حاولت بقدر الاستطاعة أن أجمع طرق الحديث لما فيه من الفوائد من معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا وقد قال ابن
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 13]
الصلاح في علوم الحديث ص82: وروى عن علي بن المديني قال: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ا.هـ. وإليك المثال على ذلك: قال الحاكم رحمه الله ج3 ص324 حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: لما جاء أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رق لها رقة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا)) قالوا نعم يا رسول الله وردوا عليها الذي لها قال: وقال العباس يا رسول الله إني كنت مسلما فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فالله يجزيك فافد نفسك وبني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر)). فقال: ما ذاك عندي يا رسول الله قال: "فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم" فقال والله يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أفعل)). ففدى العباس نفسه وبني أخويه وحليفه وأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي ا.هـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج7 ص28 رواه الطبراني في
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 14]
الكبير والأوسط ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع ا.هـ. ثم بعد الاطلاع على سنن البيهقي ج6 ص322 ظهر أن قصة العباس مدرجة على هذا السند. قال البيهقي رحمه الله: كذا فيما حدثنا به شيخنا أبو عبد الله في كتاب المستدرك ثم ذكره الحافظ البيهقي على الصواب مبينا أن قصة العباس لها سند آخر وأنها مرسلة وقال الحافظ في الفتح ج9 ص382 بعد ذكره هذه القصة وفي طريق عطاء محمد بن إسحاق، وليست هذه القصة عنده مسندة بل معضلة وصنيع إسحاق يعني ابن راهوية وتبعه الطبراني وابن مردويه يقتضي أنها موصولة والعلم عند الله ا.هـ.
وقال في المطالب العالية ج3 ص337 وأظن ذلك مدرجا في الخبر من كلام ابن إسحاق وحديث عباس على هذا معضل وأما على ظاهر السياق أولا فهو مسند وعلى ذلك عمل إسحاق ا.هـ. والأمثلة على هذا كثيرة.
اعتذار: لم آل جهدا في الحرص على العزو إلى أئمة الحديث وكتبهم وقد يضيق علي الوقت فأكتفي بالعزو إلى بعضهم وربما اكتفيت بعزو بعض المؤلفين إليهم وهذا قليل وربما صعب علي الوقوف على سند الحديث إذا كان في الكتب المفقودة أو العزيزة الوجود فإن صححه إمام تطمئن النفس إلى تصحيحه كتبته بدون سند وإلا توقفت فيه حتى يسهل الله بالعثور على سنده. والله سبحانه أسأل أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع بهذا المؤلف الإسلام والمسلمين آمين.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 15]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 رجب 1432هـ/17-06-2011م, 10:47 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

قواعد أصولية:
لأسباب النزول قواعد أصولية نشير إلى بعضها حسبما رسمه شيخنا محمود بن عبد الوهاب فائد حفظه الله مقتصرين على المشهور منها وما لا بد منه رغبة في الاختصار:
1- تعريف سبب النزول: سبب النزول يكون قاصرا على أمرين:
أحدهما: أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} كما سيأتي إن شاء الله.
الثاني: أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان كما سيأتي إن شاء الله.
2- طريقة معرفته: أما طريقة معرفته فالعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو عن الصحابي فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا له حكم الرفع قال ابن الصلاح رحمه الله في كتابه علوم الحديث:
الثالث: ما قيل إن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول الآية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك كقول جابر رضي الله عنه: كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 16]
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمعدود في الموقوفات. والله أعلم ا.هـ. ص46.
وأما قول التابعي نزلت في كذا فهو مرسل فإن تعددت طرقُه قُبِلَ وإلا فلا على الراجح عند المحدثين.
3- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والدليل على ذلك أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟ ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال: ((بل لأمتي كلهم)).
أما صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام. ا.هـ. من مذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله باختصار ص209 و210.
4- قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان وغيرها من الآيات كما ستجده إن شاء الله في مواضعه وكذا قد تتعدد الآيات النازلة والسبب واحد كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه)) فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} والأمثلة على ذلك كثيرة ستمر بك إن شاء الله.
5- صيغة سبب النزول إما أن تكون صريحة في السببية وإما أن تكون محتملة. فتكون نصا صريحا إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
فهاتان صيغتان صريحتان في السببية وسيأتي لهما أمثلة إن شاء الله
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 17]
وتكون الآية محتملة للسببية ولما تضمنته الآية من الأحكام إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.
وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب فهاتان صيغتان تحتملان السببية وغيرها وسيأتي لهما أمثلة إن شاء الله ا.هـ. مختصرا من كتاب مباحث في علوم القرآن لمناع القطان.
"فائدة":
من القرآن ما نزل لسبب ومنه ما نزل ابتداء بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع وإنما ذكرت هذا لأن بعضهم طالبني في ذات مرة أن أذكر له سببا آخر لقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية – عندما قلت له إن القصة التي وردت في ثعلبة ضعيفة. وكذا قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} إلى آخر الآيات عندما قلت لبعضهم: إن ما ورد أنها نزلت في علي وفاطمة ليس بصحيح وقد ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات ووافقه السيوطي فأحببت التنبيه على هذا لئلا يظن من لم يمارس سبب النزول أن لكل آية سببا.
هذا ما تيسر لي وإن كنت تريد المزيد فعليك بمراجعة الإتقان للحافظ السيوطي رحمه الله والله أسأل أن يثبت شيخنا المشرف على حسن توجيهه وتنبيهه على ما وقع مني من الأخطاء فإنه حفظه الله قد أتعب نفسه ولاحظ ملاحظة دقيقة فجزاه الله خيرا وبارك له في عمله وولده وماله آمين.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 18]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مقدمة, المؤلف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir