مقدمة مهارات التفسير

[عبد العزيز الداخل]

مهارات التفسير

الحمد لله الذي يسّر القرآن للذكر وعلّمه، وخصّ من شاء من عباده بالفقه فيه ففهّمه، ووعد المنيبين إليه بالهداية إلى صراطه المستقيم، والراغبين فيما لديه بالأجر والفضل العظيم.
والصلاة والسلام على رسوله الأمين، الذي بلّغ ما نـُــزّل إليه أحسن البلاغ، وبيّنه أحسن البيان، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتّبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنّ من خير ما يؤتاه العبد من العلم أن يؤتى الفهم في القرآن ، وقد فُسّرت الحكمة في قول الله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكّر إلا أولوا الألباب} بالفهم في القرآن والفقه فيه.
قال أبو الدرداء في تفسير الحكمة: (قراءة القرآن والفكَرة فيه). رواه ابن ابي حاتم.
وقال قتادة: (الحكمة : الفقه في القرآن). رواه ابن جرير.

وهذه دروس ميسّرة في مهارات التفسير أرجو أن تعين على فهم القرآن ، وحسن دراسة مسائل التفسير.
وقد استفدت عامّتها من تأمل طرق حُذّاق المفسّرين في دراسة مسائل التفسير بدءاً من المصادر التي نهلوا منها، وطرق جمعهم للأقوال في التفسير إلى عرض الأقوال ونقدها والترجيح بينها.
ومِن تأمّل سيرهم وطرائق طلبهم للعلم وتدوينهم لمسائله ومذاكرته، وما استفدته من كلام متفرّق كثير لأهل العلم في أصول دراسة المسائل العلمية.

وقد تأمّلت عدداً من التفاسير ووازنت بين أقوال كثيرة للمفسّرين في مسائل متنوّعة في التفسير وعلوم القرآن الكريم؛ فوجدت لدى بعضهم براعة وتمهّراً في بعض أوجه دراسة التفسير، ولدى بعضهم براعة وتمهّراً في أوجه أخرى، فحاولت رصد جوانب الإحسان والتمهّر لديهم، وضمّ هذه الأوجه بعضها إلى بعض وتصنيفها إلى أنواع، والتمثيل لكلّ نوع بأمثلة.
وسأجتهد في هذه الدروس في محاولة شرح هذه المهارات وتيسير عرضها وترتيبها وتوضيحها بالأمثلة والتطبيقات التي يؤديها الطلاب بعد اطلاعهم على الأمثلة.

وسأبدأ في هذه المهارات بالسهل المهمّ ليكون كالأساس لما بعده، فلذلك آمل من الطلاب أن يعتنوا بضبط المهارات الأولى عناية فائقة، لأنها وإن كان يغلب عليها السهولة إلا أنها أصلٌ لما بعدها، فالتهاون فيها قد ينتج عنه ضعف تحصيل المهارات المتقدّمة في التفسير.
فالبناء العلمي مَثَلُه كمثل الصرح العالي إذا أحسن الباني بناءه وسار فيه باجتهاد ومعرفة ومداومة أحكم بنيانه ورفعه وزيّنه؛ فلا يلبث إلا زمناً يسيراً حتى يرى بنيانه حسناً قويّا مرتفعاً يسرّ الناظرين.
وأمّا الذي يتواني في بنائه، ويضعف فيه، أو يخلّ ببناء الأصول ويخالف قواعد الصنعة فإنّ بنيانه لا يتمّ له على أساس قوي فإما أن لا يتمّه أصلاً وإما يوشك أن ينهار به.

وحرص طالب العلم على اكتساب المهارة في دراسة مسائل العلم ومواصلة طلب العلم على نهج حسن يداوم عليه يستفيده به تحصيل علم غزير مع اختصار الجهد والوقت.

والتمهّر في العلم من إتقان العمل الذي يحبه الله كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني

وهذه دروس مهارات التفسير
الدرس الأول: استخلاص مسائل التفسير من كلام المفسّرين.
الدرس الثاني: استنتاج مسائل التفسير من الآيات.
الدرس الثالث: التعرّف على الأقوال وتصنيفها.
الدرس الرابع: التعرّف على حجج الأقوال وتلخيصها.
الدرس الخامس: التمييز بين مسائل العماد ومسائل الاستطراد.
الدرس السادس: استخراج الفوائد السلوكية من الآيات.
الدرس السابع: تلخيص التفسير.
الدرس الثامن: تخريج أقوال المفسّرين.
الدرس التاسع: توجيه أقوال المفسّرين.
الدرس العاشر: دراسة المسائل اللغوية في التفسير.
الدرس الحادي عشر: قواعد في أسانيد التفسير.
الدرس الثاني عشر: تخريج أحاديث التفسير والحكم عليها.
الدرس الثالث عشر: التحقق من صحّة نسبة الأقوال التفسيرية.
الدرس الرابع عشر: التخريجات اللغوية.
الدرس الخامس عشر: جرد التفاسير
الدرس السادس عشر: دراسة حجج القرآن.
الدرس السابع عشر: دراسة أمثال القرآن.
الدرس الثامن عشر: مناظرات المفسّرين.
الدرس التاسع عشر: الردود في التفسير.
الدرس العشرون: الدعوة بالتفسير.
الدرس الحادي والعشرون: علل أقوال المفسّرين.

أسأل الله تعالى أن يتقبّل هذا العمل بقبول حسن، وأن يعين على حسن إتمامه، وينفع به طلاب العلم إنه سميع عليم.



وفّق الله الجميع لما يحبّه ويرضاه.

أم عبد الله آل عثمان شاكر لهذا