التعريف ببعض صحف الصحابة رضي الله عنهم:
كان لجماعةٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صحفٌ دوّنوا فيها شيئاً من حديث النبي صلى الله عليه ووصاياه، منها:
1. صحيفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الصدقات، وهي صحيفة وجّه بها أبو بكر إلى أهل البحرين؛ كما في صحيح البخاري وغيره من حديث ثمامة بن عبد الله بن أنس أنَّ أنساً حدَّثه أنَّ أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله؛ فمن سُئلها من المسلمين على وجهها؛ فليُعْطِها ومن سُئل فوقها فلا يعط …) ثمّ ذكر الحديث بطوله.
وقد روي أنّها كتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال عباد بن العوام: حدثنا سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة؛ فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض، فقرنه بسيفه، فلما قبض عمل به أبو بكر حتى قبض، ثم عمر حتى قبض، فكان فيه: ((في خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين ابنة مخاض...)). رواه أحمد، وابن أبي شيبة، وأبو داوود، والترمذي، وغيرهم.
لكن رواية سفيان بن حسين الواسطي عن الزهري معلولة.
2. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكاتب ولاة الأمصار ببعض سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وببعض أقواله ووصاياه مما يأمرهم به، وفي بعض مكاتباته طول كما في رسالته لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه في شؤون القضاء.
3. وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يكاتب الولاة على نحو ما كان يكاتبهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
4. وكان لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه صحيفة كتبها عن النبي صلى الله عليه وسلم اشتملت على بعض الأحكام، ففي صحيح البخاري وغيره من حديث الأعمش قال: حدثني إبراهيم التيمي، حدثني أبي، قال: خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجرّ وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: ( والله ما عندنا من كتابٍ يُقرأ إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة) فنشرها، فإذا فيها أسنان الإبل.
وإذا فيها: «المدينة حرم من عيرٍ إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا»
وإذا فيها: «ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا»
وإذا فيها: «من والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا»
- وفي صحيح البخاري أيضاً من حديث عامر الشعبي عن أبي جحيفة السوائي رضي الله عنه، قال: قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟
قال: «لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة»
قلت: وما في الصحيفة؟
قال: «العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر».
5. وللحسن بن عليّ رضي الله عنهما صحيفة فيها أقوال أبيه وما كان يفتي به، وقد تقدم ذكرها.
6: ولعمرو بن حزم الأنصاري رضي الله عنه صحيفة مشهورة تعددت رواياتها.
7. ولسمرة بن جندب رضي الله عنه صحيفة كتب بها إلى بنيه، وذكر فيها طائفة حسنة من الأحاديث التي سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال ابن سيرين: (في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير).
8. ولعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما صحيفة مشهورة تُسمّى الصادقة، وقد تقدّم ذكرها.
9. ولابن عباس رضي الله عنهما كتب كثيرة بلغت عند موته حِملَ بعير.
10. ولرافع بن خديج رضي الله عنه صحيفة تقدم ذكرها.
فهذه أشهر الصحف المذكورة عن الصحابة رضي الله عنهم، وفيها صحف طويلة كالصحيفة الصادقة، وصحف ابن عباس فيها كثرة ظاهرة.