أَمَّا وَلَوْلاَ وَلَوْمَا
أَمَّا كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَيْءٍ وَفَا = لِتِلْوِ تِلْوِهَا وُجُوبًا أُلِفَا ([1])
أما: حرفُ تفصيلٍ وهي قائمةٌ مقامَ أداةِ الشرطِ وفعلِ الشرطِ؛ ولهذا فسَّرَها سيبويهِ بمهما يكُ مِنْ شَيْءٍ، والمذكورُ بعدَها جوابُ الشرطِ فلذلك لَزِمَتْهُ الفاءُ نحو: "أَمَّا زَيْدٌ فَمُنْطَلِقٌ" والأصلُ "مهما يكُ مِنْ شَيْءٍ فزيدٌ منطلقٌ" فأُنيبَتْ "أَمَّا" منابَ "مهما يكُ مِنْ شَيْءٍ" فصار: "أَمَّا فَزَيدٌ مُنْطَلِقٌ" ثمَّ أخَّرْتَ الفاءَ إلى الخبرِ فصارَ: "أَمَّا زَيْدٌ فَمُنْطَلِقٌ"؛ وَلِهَذَا قال: (وَفَا لِتِلْوِ تِلْوِهَا وُجُوبًا أُلِفَا).
وَحَذْفُ ذِي الفَا قَلَّ فِي نَثْرٍ إِذَا = لَمْ يَكُ قَوْلٌ مَعَهَا قَدْ نُبِذَا([2])
قد سبَقَ أن هذه الفاءَ ملتَزَمَةُ الذِّكْرِ، وقد جاءَ حذفُها في الشعرِ كقولِه:
349- فَأَمَّا القِتَالُ لا قِتَالَ لَدَيْكُمُ = وَلكِنَّ سَيْرًا فِي عِرَاضِ المَوَاكِبِ([3])
أي: فلا قتالَ، وحُذِفَتْ في النثرِ أيضا: بكثرةٍ وبقلَّةٍ، فالكثرةُ عندَ حذفِ القولِ معها كقولِه عزَّ وجلَّ: { فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ؟} أي: فيقالُ لهم: أكفرَتُم بعدَ إيمانِكم، والقليلُ: مَا كَانَ بخلافِه كقولِه صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَمَّا بَعْدُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ))([4]) هكذا وقعَ في (صَحِيحِ البُخَارِيِّ) ((مَا بَالُ)) بحذفِ الفاءِ والأصلُ أَمَّا بعدُ فما بالُ رجالٍ فحُذِفَتْ الفاءُ.
لَوْلاَ وَلَوْمَا يَلْزَمَانِ الابْتِدَا = إِذَا امْتِنَاعًا بِوُجُودٍ عَقَدَا([5])
لِلَوْلاَ وَلَوْمَا استعمالانِ:
أحدُهما: أنْ يكونا دالَّيْنِ على امتناعِ الشيءِ لوجودِ غيرِهِ، وهو المرادُ بقولِهِ: (إِذِاَ امْتِنَاعًا بِوُجُودٍ عَقَدَا) ويلزمانِ حينئذٍ الابتداءَ، فلا يدخلانِ إلا على المبتدأِ، ويكونُ الخبرُ بعدهما محذوفًا وجوبًا ولا بدَّ لهما من جوابٍ([6]) فإنْ كان مثبتًا قُرِنَ باللامِ غالبًا، وإن كان مَنْفِيًّا بما تجرَّدَ عنها([7]) غالبًا، وإن كان منفيًّا بلم لم يقترنْ بها نحو: " لَوْلاَ زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُكَ، وَلَوْمَا زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُكَ، وَلَوْمَا زَيْدٌ مَا جَاءَ عَمْرٌو، وَلَوْمَا زَيْدٌ لَمْ يَجِئْ عَمْرٌو" فزيدٌ في هذه المثلِ ونحوِها مبتدأٌ وخبرُهُ محذوفٌ وجوبًا، والتقديرُ: لولا زيدٌ موجودٌ، وقد سبقَ ذِكْرُ هذه المسألةِ في بابِ الابتداءِ.
وَبِهِمَا التَّحْضِيضُ مِزْ، وَهَلاَّ = أَلاَّ أَلاَ وَأَوْلِيَنْهَا الفِعْلاَ([8])
أشارَ في هذا البيتِ إلى الاستعمالِ الثاني للَوْلاَ ولَوْمَا، وهو الدَّلاَلَةُ على التحضيضِ، ويختصَّانِ حينئذٍ بالفعلِ نحو: " لَوْلاَ ضَرَبْتَ زَيْدًا وَلَوْمَا قَتَلْتَ بَكْرًا" فإنْ قصدْتَ بهما التوبيخَ، كانَ الفعلُ ماضيًا، وإن قصدْتَ بهما الحثَّ على الفعلِ كان مستقبلاً بمنزلةِ فعلِ الأمرِ كقولِهِ تعالى: { فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا} أي: لينفِرْ، وبقيَّةُ أدواتِ التحضيضِ حكمُها كذلك فتقول: "هلاَّ ضربْتَ زيدًا، وألا فعلْتَ كذَا" وألاَ مخففَّةٌ كألاَّ مشدَّدَةٌ.
وَقَدْ يَلِيَها اسْمٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرِ = عُلِّقَ أَوْ بِظَاهِرٍ مُؤَخَّرَ([9])
قد سبقَ أنَّ أدواتِ التحضيضِ تُخْتَصُّ بالفعلِ فلا تدخُلُ على الاسمِ، وذكَرَ في هذا البيتِ أنَّه قد يقعُ الاسمُ بعدَها، ويكونُ معمولاً لفعلٍ مضمرٍ أو لفعلٍ مؤخَّرٍ عن الاسمِ، فالأولُ كقولِه:
هلاَّ التقدُّمُ والقلوبُ صحاحُ([10])
فـ "التقدُّمُ" مرفوعٌ بفعلٍ محذوفٍ، وتقديرُه هلا وُجِدَ التقدُّمِ، ومِثْلُه قولُه:
351- تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ = بَني ضَوْطَرَى، وَلَوْلا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا([11])
فـ "الكَمِيَّ" مفعولُ بفعلِ محذوفٍ، والتقديرُ لولا تَعُدُّونَ الكميَّ المقنَّعَ، والثاني كقولِك: "لولا زيدًا ضربْتُ" فزيدًا مفعولُ "ضربْتَ".
([1])(أما) قصد لفظه: مبتدأ (كمهما يك من شيء) المقصود حكاية هذه الجملة التي بعد الكاف الجارة أيضا، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (وفا) قصر للضرورة: مبتدأ (لتلو) جار ومجرور متعلق بقوله (ألفا) الآتي في آخر البيت وتلو مضاف وتلو من (تلوها) مضاف إليه وتلو مضاف وها: مضاف إليه (وجوبا) حال من الضمير المستتر في قوله (ألفا) الآتي (ألفا) ألف: فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى (فا) الواقع مبتدأ، والألف للإطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
([2]) و(حذف) مبتدأ، وحذف مضاف و(ذي) اسم إشارة مضاف إليه (الفا) قصر للضرورة: بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة (قل) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف، والجملة من قل وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ (في نثر) جار ومجرور متعلق بقوله (قل) السابق (إذا) ظرف تضمن معنى الشرط (لم) نافية جازمة (يك) فعل مضارع ناقص، مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف (قول) اسم يك (معها) مع ظرف متعلق بقوله (نبذ) الآتي ومع مضاف وها مضاف إليه (قد) حرف تحقيق (نبذا) نبذ: فعل ماض مبني للمجهول والألف للإطلاق ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قول، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل نصب خبر يك، وجملة يك واسمه وخبره في محل جر بإضافة (إذا) إليها، وهي جملة الشرط، والجواب محذوف يدل سابق الكلام عليه، والتقدير: إذا لم يك قول فحذف الفاء قليل.
([3])349- هذا البيت مما هجي به بنو أسد ابن أبي العيص قديما, وهو من كلام الحارث بن خالد المخزومي, وقبله:
فضحتم قريشا بالفرار وأنتم = قمدون سودان عظام المناكب
اللغة: "قمدون" جمع قمد، وهو – بضم القاف والميم وتشديد الدال بزنة عتل – الطويل وقيل: الطويل العنق الضخمة "سودان" أراد به الأشراف وقيل: هو جمع سود، وهو جمع أسود، وهو أفعل تفضيل من السيادة "عراض" جمع عرض – بضم العين وسكون الراء المهملة وآخره ضاد معجمة – بمعنى الناحية (المواكب) الجماعة ركبانا أو مشاة، وقيل: ركاب الإبل للزينة خاصة.
الإعراب: (أما) حرف يتضمن معنى الشرط والتفصيل (القتال) مبتدأ (لا) نافية للجنس (قتال) اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب (لديكم) لدى: ظرف متعلق بمحذوف خبر لا، ولدى مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه، والجملة من لا واسمه وخبره في محل رفع خبر المبتدأ والرابط بين جملة المبتدأ والخبر هو العموم الذي في اسم لا، كذا قيل، ورده الجمهور واستظهر جماعة منهم أن الرابط هنا إعادة المبتدأ بلفظه فهو كقوله تعالى {الحاقة ما الحاقة} {القارعة ما القارعة} {وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} و(لكن) حرف استدراك ونصب، واسمه محذوف، أي: ولكنكم (سيرا) مفعول مطلق لفعل محذوف، أي تسيرون سيرا وجملة هذا الفعل المحذوف مع فاعله في محل رفع خبر لكن ويجوز أن يكون قوله (سيرا) هو اسم لكن، وخبره محذوف والتقدير: ولكن لكم سيرا – إلخ (في عراض) جار ومجرور متعلق بالفعل المحذوف على الأول، وبقوله (سيرا) على الثاني، وعراض مضاف و(المواكب) مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله (لا قتال لديكم) حيث حذف الفاء من جواب أما، مع أن الكلام ليس على تضمن قول محذوف وذلك للضرورة ومثله قول الآخر:
فأما الصدور لا صدور لجعفر = ولكن أعجازا شديدا صريرها
فحذف الفاء من (لا صدور لجعفر) وليس على تقدير القول، وقوله (ولكن أعجازا) تقديره "ولكن لهم أعجازا" نظير ما ذكرناه في قول الحارث (ولكن سيرا) في أحد الوجهين.
([4])يمكن تخريج هذا الحديث على تقدير القول، فتكون من النوع الذي يكثر فيه حذف الفاء كالآية، والتقدير: أما بعد فأقول: ما بال رجال، وقد روي أن السيدة عائشة – رضي الله تعالى عنها! – قالت: (أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا) فهذا على حذف الفاء، وليس على تقدير قول قطعا، لأنه إخبار عن شيء مضى.
([5])(لولا) قصد لفظه: مبتدأ (ولوما) معطوف على لولا (يلزمان) فعل مضارع وألف الاثنين فاعل والنون علامة الرفع والجملة في محل رفع خبر المبتدأ (الابتدا) مفعول به ليلزمان (إذا) ظرف تضمن معنى الشرط (امتناعا) مفعول به تقدم على عامله وهو قوله (عقدا) الآتي (بوجود) جار ومجرور متعلق بعقد الآتي أيضا (عقدا) عقد: فعل ماض، وألف الاثنين فاعل، والجملة من الفعل وفاعله في محل جر بإضافة إذا إليها.
([6])قد يحذف جواب لولا لدليل يدل عليه، نحو قوله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم} التقدير: لولا فضله عليكم لهلكتم.
([7])ومن غير الغالب قد يخلو الجواب المثبت من اللام، وذلك نحو قول الشاعر:
ولا زهير جفاني كنت معتذرا = ولم أكن جانحا للسلم إن جنحوا
وقد يقترن الجواب المنفي بما باللام نحو قول الشاعر:
لولا رجاء لقاء الظاعنين لما = أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا.
([8])(وبهما) الواو عاطفة أو للاستئناف بهما: جار ومجرور متعلق بقوله (مز) الآتي (التحضيض) مفعول به لمز تقدم عليه (مز) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (وهلا) معطوف على الضمير المجرور محلا بالباء في قوله (بهما) (ألا ألا) معطوفان أيضا على الضمير المجرور محلا بالباء بعاطف مقدر و(أولينها) أول: فعل أمر، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب وها: مفعول أول (الفعلا) مفعول ثان.
([9]) و(قد) حرف تقليل (يليها) يلي: فعل مضارع، مرفوع بضمة مقدرة على الياء وها: مفعول به ليلي (اسم) فاعل يلي (بفعل) جار ومجرور متعلق بقوله (علق) الآتي (مضمر) نعت لفعل (علق) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم والجملة في محل رفع نعت لاسم (أو) عاطفة (بظاهر) معطوف على قوله (بفعل) السابق مع ملاحظة منعوت محذوف، أي: أو بفعل ظاهر – إلخ (مؤخر) نعت لظاهر.
([10])350 - هذا عجز بيت لا يعرف قائله، وصدره:
اللغة: "لجاجتي" بفتح اللام: مصدر لجج في الأمر – من باب تعب – إذا لازمه وواظب عليه، وداوم على فعله "تلحونني" تلومونني (صحاح) جمع صحيح أي: والقلوب خالية من الغضب والحقد والضغينة.
المعنى: تقول: أبعد لجاجتي وغضبي وامتلاء قلوبنا بالغل والحقد تلومونني وتعذلونني وتتقدمون إلي بطلب الصلح وغفران ما قدمتم من الإساءة، وهلا كان ذلك منكم قبل أن تمتلئ القلوب إحنة، وتحمل الضغينة عليكم بسبب سوء عملكم.
الإعراب: (ألآن) الهمزة للإنكار، والآن: ظرف زمان متعلق بقوله (تلحونني) الآتي (بعد) ظرف زمان بدل من الظرف السابق، وبعد مضاف ولجاجة من (لجاجتي) مضاف إليه، ولجاجة مضاف وياء المتكلم مضاف إليه (تلحونني) تلحو: فعل مضارع، وواو الجماعة فاعل والنون علامة الرفع والنون الثانية للوقاية، وياء المتكلم مفعول به (هلا) أداة تحضيض (التقدم) فاعل بفعل محذوف، أي: هلا حصل التقدم (والقلوب) الواو للحال القلوب: مبتدأ (صحاح) خبر المبتدأ وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال.
الشاهد فيه: قوله (هلا التقدم) حيث ولي أداة التخصيص اسم مرفوع، فيجعل هنا فاعلا لفعل محذوف، لأن أدوات التحضيض مخصوصة بالدخول على الأفعال وهذا الفعل ليس في الكلام فعل آخر يدل عليه كما في نحو: "زيدا أكرمته" ونظير هذا البيت قول الشاعر:
ألا رجلا جزاه الله خيرا = يدل على محصلة تبيت
فإن "رجلا" منصوب بفعل محذوف، وذلك في بعض تخريجاته، وهذا الفعل المحذوف ليس في الكلام فعل يفسره، وتقدير الكلام: ألا تعرفونني رجلا، أو نحو ذلك.
([11])351 - البيت لجرير من قصيدة له يهجو فيها الفرزدق.
اللغة: (تعدون) قد اختلف العلماء في هذا الفعل، هل يتعدى إلى مفعول واحد فقط، أو يجوز أن يتعدى إلى مفعولين؟ فأجاز قوم تعديته إلى مفعولين ومنع ذلك آخرون والبيت بظاهره شاهد للجواز (عقر) مصدر قولك:عقر الناقة أي: ضرب قوائمها بالسيف (النيب) جمع ناب، وهي الناقة المسنة (مجدكم) عزكم وشرفكم (ضوطرى) هو الرجل الضخم اللئيم الذي لا غناء عنده، والضوطرى أيضا: المرأة الحمقاء (الكمي) الشجاع المنكمي في سلاحه، أي المستتر فيه (المقنعا) بصيغة اسم المفعول: الذي على رأسه البيضة والمغفر.
المعنى: يقول: إنكم تعدون ضرب قوائم الإبل المسنة – التي لا ينتفع بها ولا يرجى نسلها – بالسيف أفضل عزكم وشرفكم، هلا تعدون قتل الفرسان أفضل مجدكم!؟
الإعراب: (تعدون) تعد: فعل مضارع وواو الجماعة فاعل، والنون علامة الرفع (عقر) مفعول أول وعقر مضاف و(النيب) مضاف إليه (أفضل) مفعول ثان، وأفضل مضاف ومجد من (مجدكم) مضاف إليه، ومجد مضاف وكاف المخاطب مضاف إليه (بني) منادى بحرف نداء محذوف، منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وبني مضاف و(ضوطرى) مضاف إليه (لولا) أداة تحضيض (الكمي) مفعول أول لفعل محذوف يدل عليه ما قبله على تقدير مضاف أي: لولا تعدون قتل الكمي (المقنعا) صفة للكمي، والمفعول الثانى المحذوف يدل عليه الكلام السابق، والتقدير: لولا تعدون قتل الكمي المقنع أفضل مجدكم.
الشاهد فيه: قوله (لولا الكمي المقنعا) حيث ولي أداة التحضيض اسم منصوب، فجعل منصوبا بفعل محذوف لأن أدوات التحضيض مما لا يجوز دخولها إلا على الأفعال.
ونحب أن ننبهك إلى أن العامل في الاسم الواقع بعد أدوات التحضيض على ثلاثة أقسام تفصيلا:
أولها: أن يكون هذا الفعل العامل في ذلك الاسم متأخرا عن الاسم نحو: "هلا زيدا ضربت".
وثانيها: أن يكون هذا العامل محذوفا مفسرا بفعل آخر مذكور بعد الاسم، نحو: "ألا خالدا أكرمته" تقدير هذا الكلام: ألا أكرمت خالدا أكرمته.
وثالثها: أن يكون هذا الفعل العامل محذوفا، وليس في اللفظ فعل آخر يدل عليه ولكن سياق الكلام ينبئ عنه فيمكنك أن تتصيده منه وقد استشهدنا لهذا النوع في شرح الشاهد رقم 350.