دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الظهار

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:10 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي كتاب الظهار

كتابُ الظِّهارِ

وهو مُحَرَّمٌ، فمَن شَبَّهَ زَوْجَتَه أو بعضَها ببعضِ أو بكلِّ مَن تَحْرُمُ عليه أبدًا بنَسَبٍ أو رَضاعٍ مِن ظَهْرٍ أو بَطْنٍ أو عُضْوٍ آخَرَ لا يَنْفَصِلُ بقولِه لها: أنتِ عَلَيَّ أو معي أو مني كظَهْرِ أُمِّي أو كَيَدِ أُخْتِي أو وَجْهِ حَمَاتِي ونحوِه، أو أنتِ عَلَيَّ حرامٌ أو كالْمَيْتَةِ والدمِ فهو مُظاهِرٌ، وإن قالَتْهُ لزوجِها فليسَ بظِهارٍ وعليها كَفَّارَتُه، ويَصِحُّ من كلِّ زَوْجَةٍ.


  #2  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 05:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 05:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


كتابُ الظِّهَارِ
مُشْتَقٌّ من الظَّهْرِ، وخُصَّ بهِ مِن بَيْنِ سائِرِ الأعضاءِ؛ لأنَّه مَوْضِعُ الركوبِ؛ ولذلكَ سُمِّيَ المركوبُ ظَهْراً، والمرأةُ مركوبةٌ إذا غُشِيَتْ، (وهو مُحَرَّمٌ)؛ لقولِهِ تعالَى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً}. (فمَن شَبَّه زَوْجَتَهُ, أو) شَبَّه (بَعْضَها)؛ أي: بعضَ زَوْجَتِهِ (بِبَعْضِ) مَن تَحْرُمُ عليهِ, (أو بِكُلِّ مَن تَحْرُمُ عليه أبداً, بِنَسَبٍ)؛ كأُمِّهِ وأُخْتِهِ, (أو رَضَاعٍ)؛ كأُخْتِهِ مِنه، أو بِمُصَاهَرَةٍ؛ كحَمَاتِهِ, أو بِمَنْ تَحْرُمُ عليه إلى أَمَدٍ؛ كأُخْتِ زَوْجَتِهِ وعَمَّتِها (مِن ظَهْرٍ) بيانٍ للبعضِ؛ كأنْ يقولَ: أنتِ عَلَيَّ كظَهْرِ أُمِّي أو أُخْتِي، (أو) أنتِ عَلَيَّ كـ (بَطْنِ) عَمَّتِي، (أو عُضْوٍ آخَرَ لا يَنْفَصِلُ)؛ كيَدِها أو رِجْلِها (بقولِهِ)- مُتَعَلِّقٌ بـ"شَبَّهَ"- (لها)؛ أي: لزوجتِه: (أنتِ) أو ظَهْرُكِ أو يَدُكِ (عَلَيَّ أو مَعِي أو مِنِّي كظَهْرِ أُمِّي, أو كَيَدِ أُخْتِي, أو وَجْهِ حَمَاتِي ونَحْوِهِ، أو: أنتِ عليَّ حَرَامٌ)، فهو مُظَاهِرٌ، ولو نَوَى طَلاقاً أو يَمِيناً (أو) قالَ: أنتِ عليَّ (كالمَيْتَةِ والدَّمِ) والخِنْزِيرِ, (فهو مُظَاهِرٌ)؛ جوابُ (فمَن). وكذا لو قالَ: أَنْتِ عليَّ كظَهْرِ فُلانةَ الأَجْنَبِيَّةِ, أو كظَهْرِ أبي أو أَخِي أو زيدٍ. وإنْ قالَ: أنتِ عليَّ أو عندِي كأُمِّي أو مِثْلُ أُمِّي. وأَطْلَقَ فظِهَارٌ، وإنْ نَوَى في الكرامةِ ونَحْوِها, دِينَ وقُبِلَ حُكْماً.
وإنْ قالَ: أنتِ أُمِّي, أو: كأُمِّي, فليسَ بِظِهَارٍ، إلاَّ معَ نِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ، وإنْ قالَ: شَعَرُكِ أو سَمْعُكِ ونحوُه كظَهْرِ أُمِّي. فليسَ بِظِهَارٍ، (وإنْ قالَتْ لِزَوْجِهَا)؛ أي: قالَتْ له نَظِيرَ ما يَصِيرُ بهِ مُظَاهِراً منها, (فليسَ بِظِهَارٍ)؛ لقولِه تعالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}. فخَصَّصَهُم بذلكَ، (وعليها)؛ أي: على الزوجةِ إذا قالَتْ ذلكَ لِزَوْجِها, (كَفَّارَتُه)؛ أي: كَفَّارَةُ الظِّهارِ؛ قِياساً على الزوجِ، وعليها التمكينُ قبلَ التكفيرِ، ويُكْرَهُ نِدَاءُ أحدِ الزوجيْنِ الآخَرَ بِمَا يَخْتَصُّ بِذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ؛ كأَبِي وأُمِّي، (ويَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِن كلِّ زوجةٍ)، لا مِن أَمَةٍ, أو أُمِّ وَلَدٍ، وعليهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، ولا يَصِحُّ مِمَّن لا يَصِحُّ طلاقُهُ.


  #4  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 05:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الظهار([1])

مشتق من الظهر([2]) وخص به من بين سائر الأعضاء، لأنه موضوع الركوب([3]) ولذلك سمي المركوب ظهرا([4]) والمرأة مركوبة إذا غشيت([5]) (وهو محرم)([6]).
لقوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}([7]) (فمن شبه زوجته أو) شبه (بعضها) أي بعض زوجته (ببعض) من تحرم عليه([8]) (أو بكل من تحرم عليه أبدا بنسب) كأمه وأخته([9]) (أو رضاع) كأخته منه([10]) أو بمصاهرة، كحماته([11]) أو بمن تحرم عليه إلى أمد([12]) كأخت زوجته وعمتها([13]) (من ظهر) بيان للبعض([14]).
كأن يقول: أنت علي كظهر أمي([15]) أو أختي([16]) (أو) أنت علي كـ (بطن) عمتي([17]) (أو عضو آخر لا ينفصل) كيدها أو رجلها([18]) (بقوله) متعلق بشبه([19]) (لها) أي لزوجته (أنت) أو ظهرك أو يدك([20]) (علي أو معي أو مني كظهر أمي([21]) أو كيد أختي، أو وجه حماتي، ونحوه([22])).
(أو أنت علي حرام) فهو مظاهر([23]) ولو نوى طلاقا أو يمينا([24]) (أو) قال أنت علي (كالميتة والدم) أو الخنزير (فهو مظاهر) جواب «فمن»([25]) كذا لو قال: أنت علي كظهر فلانة الأجنبية([26]) أو ظهر أبي أو أخي أو زيد([27]) وإن قال: أنت علي أو عندي كأمي، أو مثل أمي، وأطلق فظهار([28]).
وإن نوى في الكرامة ونحوها، دين وقبل حكما([29]) وإن قال: أنت أمي؛ أو كأمي؛ فليس بظهار، إلا مع نية أو قرينة([30]) وإن قال: شعرك أو سمعك، ونحوه، كظهر أمي؛ فليس بظهار([31]) (وإن قالته لزوجها) أي قالت له نظير ما يصير به مظاهرا منها (فليس بظهار)([32]) لقوله تعالى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} فخصهم بذلك([33]) (وعليها) أي على الزوجة، إذا قالت ذلك لزوجها([34]).
(كفارته) أي كفارة الظهار، قياسا على الزوج([35]) وعليها التمكين قبل التكفير([36]) ويكره نداء أحد الزوجين الآخر، بما يختص بذي رحم محرم، كأبي وأمي([37]) (ويصح) الظهار (من كل زوجة)([38]) لا من أمة أو أم ولد([39]). وعليه كفارة يمين([40]) ولا يصح ممن لا يصح طلاقه([41]).


([1]) الأصل في الظهار: الكتاب والسنة والإجماع؛ فالكتاب قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآية؛ والسنة: حديث خولة وسلمة بن صخر، والإجماع، حكاه غير واحد من أهل العلم.
([2]) خلاف البطن، مذكر، وجمعه أظهر وظهور وظهران.

([3]) من البعير وغيره.
([4]) وفي الحديث قالت: ما لنا من ظهر، أي مركوب سوى هذا البعير.
([5]) فسمي بذلك، لتشبيه الزوجة بظهر الأم، فقوله: أنت علي ظهر أمي، أي ركوبك للنكاح حرام علي، كركوب أمي للنكاح، فأقام الظهر مقام المركوب وأقام الركوب مقام النكاح، لأن الناكح راكب.
([6]) بالكتاب والسنة والإجماع، حكاه ابن المنذر وغيره.
([7]) أي كلاما فاحشا باطلا، لا يعرف في الشرع، بل كذبا بحتا، وحراما محضا، منكر من القول في الإنشاء، وزورا في الخبر أبطله الشارع، وجعله منكرا، لأنه يقتضي تحريم ما لم يحرم الله، وزورا لأنه يقتضي أن زوجته تكون مثل أمه، وهذا باطل، فإن الزوجة ليست كالأم في التحريم.
([8]) كظهر أو بطن أو رأس، أو وجه، أو يد.
([9]) وكجدته وبنت أخيه أو أخت، وكعمته وخالته وكزوجة ابنه.
([10]) أي من الرضاع، وأمه منه، وجدته، وبنته، وغيرها مما يحرم منه.
([11]) أي من الرضاع، وأمه منه، وجدته، وبنته، وغيرها مما يحرم منه.
([12]) أي إلى غاية ينتهي التحريم إليها.
([13]) وخالتها أو أجنبية ممن يحرم عليه تحريما مؤقتا، وهذا قول أصحاب مالك.
([14]) من قوله: ببعض من تحرم عليه.
([15]) فهو ظهار إجماعا، حكاه الموفق وغيره، كابن المنذر، وقال الوزير وابن رشد، وغيرهما: اتفقوا على أنه إذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي؛ فإنه مظاهر، لا يحل له وطؤها، حتى يقدم الكفارة.
([16]) أو قال أنت علي كظهر أختي، أو بنتي، أو خالتي، أو حماتي، أو غيرهن ممن تحرم عليه على التأبيد، فهو ظهار، في قول أكثر أهل العلم، وحكي إجماعا، لأنهن محرمات بالقرابة، أشبهن الأم.
([17]) أو خالتي أو حماتي، أو غيرهن ممن تحرم عليه على التأبيد، فهو مظاهر في قول أكثر أهل العلم، للآية والأخبار.
([18]) أي أو شبه زوجته بعضو آخر لا ينفصل، ممن تحرم عليه على التأبيد، كيدها أو رجلها، وكرأسها أو عينها فهو مظاهر.
([19]) زوجته أو بعضها ببعض، أو كل إلى آخره.
([20]) أو بطنك أو رأسك أو عينك، أو غيره من عضو لا ينفصل
([21]) فهو مظاهر في قول أكثر أهل العلم، وكذا إن قال عندي، لأن قوله معي، أو مني، أو عندي، بمعنى علي.
([22]) من أمثلة ما سبق، وكذا إن شبه عضوا من امرأته، كرأس أو ظهر، أو بطن، أو غير ذلك بظهر أمه فظهار، عند الأكثر، مالك والشافعي.
([23]) صح عن ابن عباس وغيره، وذلك لأن الله جعل التشبيه بمن تحرم عليه ظهارا، فالتصريح منه بالتحريم أولى، يؤيده أن الله لم يجعل التحريم والتحليل إليه، فإذا قال: أنت علي كظهر أمي؛ أو أنت علي حرام، فقد قال المنكر من الزور، وكذب على الله، وقد أوجب أغلظ الكفارتين عليه، وهي كفارة الظهار.
([24]) وكان الظهار والإيلاء طلاقا في الجاهلية، وذكره جماعة في ظهار المرأة من زوجها، وقال الموفق وغيره: أكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينوبه الظهار فليس بظهار، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي.
([25]) أي فمن شبه زوجته، أو بعضها ببعض، أو كل من تحرم عليه، فهو مظاهر.
([26]) أو كظهر أخت زوجتي، أو عمتها، أو خالتها، ونحو ذلك، فهو مظاهر لأنه شبهها بظهر من تحرم عليه، أشبه ظهر الأم.
([27]) أو كظهر غيرهم، من الرجال الأقارب، أو الأجانب فهو مظاهر.
([28]) لأنه المتبادر من هذه الألفاظ ونحوها.
([29]) أي وإن نوى بقوله: أنت علي، أو عندي كأمي، أو مثل أمي في الكرامة، أو المحبة قبل منه حكما، لاحتماله، وهو أعلم بمراده
([30]) تدل على إرادة الظهار، وإن كان ثم قرينة قدمت عليها النية، لأن النية تعين اللفظ في المنوي، ويتعين حمله على الكرامة، أو المحبة، ونحوهما مع الإطلاق لأنه ليس بصريح في الظهار، وغير اللفظ المستعمل فيه.
([31]) أي وإن قال لزوجته: شعرك أو سمعك ونحوه، كبصرك، وظفرك، وريقك، ولبنك ودمعك وروحك علي كظهر أمي، وكذا نحوه فليس بظهار، لأن المراد به الإدراك لا العضو.
([32]) أي إن قالت الزوجة لزوجها، أنت علي كظهر أبي، ونحوه، مما يصير به مظاهر إذا قاله لها، فليس بظهار، رواية واحدة، وقال الموفق: هو قول أكثر أهل العلم، مالك، والشافعي وغيرهما.,
([33]) فإن معنى الآية، يقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي، ونحو ذلك، وهو منها قول يوجب تحريما، يملك الزوج رفعه، فاختص به، والحل فيها حق للزوج، فلم تملك إزالته، كسائر حقوقه.
([34]) أي إذا قالت: أنت علي كظهر أبي أو أخي ونحوه
([35]) أوجبوه تغليظا، وعنه: كفارة يمين؛ قال الموفق: هذا أقيس وأشبه بأصول أحمد، وعنه: لا تجب عليها كفارة ظهار، وهي مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي.
([36]) لأنه حق للزوج، فلا تمنعه، كسائر حقوقه، ولأنها لا تثبت لها أحكام الظهار من كل وجه؛ قالوا: وليس لها ابتداء القبلة، والاستمتاع ونحو ذلك.
([37]) لخبر: أن رجلا قال لامرأته يا أختي، فقال صلى الله عليه وسلم «أختك هي؟» رواه أبو داود، فكره ذلك، ونهى عنه، ولأنه لفظ يشبه لفظ الظهار، ولا تحرم به، ولا يثبت به حكم الظهار، لأنه ليس بصريح فيه، ولا نواه فلا يثبت به التحريم، وجاء أن الخليل قال: إنها أختي، ولم يعد ظهارا.
([38]) كبيرة كانت أو صغيرة، مسلمة، أو ذمية، يمكن وطؤها أو لا؛ وهو قول مالك، والشافعي، وحكى الوزير وغيره: الاتفاق على الزوج من الزوجة التي في عصمته، وعلى أنه يصح من العبد، وأنه يكفر بالصوم، وبالإطعام عند مالك، إن ملكه السيد اهـ، وإن قال لأجنبية: أنت علي حرام، يريد في كل حال، فكزوجته، وإن أراد بتلك الحال فلا شيء عليه، لأنه صادق، وكذا إذا أطلق.
([39]) وهو مذهب مالك والشافعي لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} وهما ليستا نساء ولأنه لفظ تعلق به تحريم الزوجة، فلا تحرم به الأمة، كالطلاق.
([40]) إذا ظاهر من أمته، أو أم ولده، لأن كل حلال حرم، لم يلزمه فيه إلا كفارة يمين، سوى الزوجة لقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} حين قال: «لن أعود إلى شرب العسل»
وقال الوزير: في الرجل يحرم طعامه، وشرابه وأمته، قال أبو حنيفة وأحمد: هو حالف، وعليه كفارة يمين بالحنث، والحنث يحصل بفعل جزء منه وكذا قال الشافعي: إن حرم أمته فكفارة يمين.
([41]) كالطفل، والمكره والزائل العقل، والمجنون، والمغمى عليه، والنائم، والسكران، لأنهم لا حكم لقولهم.


  #5  
قديم 28 ربيع الثاني 1432هـ/2-04-2011م, 07:01 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كِتَابُ الظِّهَارِ
قوله: «الظهار» مصدر ظاهر يظاهر ظهاراً، مثل قاتل يقاتل قتالاً، وجاهد يجاهد جهاداً، هو مشتق من الظهر؛ لأن الظهر هو محل الركوب والمرأة مركوب عليها، فلهذا سمي هذا النوع من معاملة الزوجة ظهاراً.
والظهار أن يشبه الرجل زوجته بأمه، فيقول: أنت علي كظهر أمي، وهذه الكلمة ظهار بالإجماع، ولو نوى بها الطلاق فإنها تكون ظهاراً، وكانوا في الجاهلية يجعلون الظهار طلاقاً بائناً، ولهذا لو قال إنسان: أنا أريد بالظهار الطلاق، قلنا له: لا نقبل هذه النية؛ لأننا لو قبلنا نيته لرددنا الحكم في الإسلام إلى الحكم في الجاهلية، ولأن لفظه صريح في الظهار، والصريح لا تقبل نية خلافه، كما مر علينا في صريح الطلاق أنه لو قال: أنت طالق، ثم قال: ما أردت الطلاق، فإنه لا يقبل منه، ولو قال: أنت طالق طلقة واحدة وقال: أردت ثلاثاً ما يقبل؛ لأنه لفظ صريح، ولو قال: أنت طالق ثلاثاً وقال: أردت واحدة ما يقبل، كذلك إذا قال: أنت عليَّ كظهر أمي، وقال: أردت الطلاق، فإنه لا يقبل؛ لعلتين:
أولاً : أنه مخالف لصريح اللفظ، وما خالف الصريح فغير مقبول.
ثانياً : أننا لو قبلنا ذلك لرددنا حكم الظهار من الإسلام إلى الجاهلية، وهذا أمر لا يجوز؛ لأن الإسلام أبطله.
فإذا قال: أنت علي كأمي، أي: في المودة والاحترام والتبجيل فليس ظهاراً؛ لأنه ما حرمها، وإذا قال: أنت أمي، فحسب نيته، فإذا أراد التحريم فهو ظهار، وإذا أراد الكرامة فليس بظهار؛ فإذا قال: يا أمي تعالي، أصلحي الغداء فليس بظهار، لكن ذكر الفقهاء ـ رحمهم الله ـ أنه يكره للرجل أن ينادي زوجته باسم محارمه، فلا يقول: يا أختي، يا أمي، يا بنتي، وما أشبه ذلك، وقولهم ليس بصواب؛ لأن المعنى معلوم أنه أراد الكرامة، فهذا ليس فيه شيء، بل هذا من العبارات التي توجب المودة والمحبة والألفة.
مسألة: لو شبهها بغير أمه، فهل هو ظهار؟ لو قال: أنت عليّ كظهر أختي، أيكون ظهاراً؟ من أخذ بظاهر اللفظ قال: ليس بظهار؛ لأن ظهر غير الأم لا يساوي ظهر الأم؛ إذ إن استحلال الأم أعظم من استحلال الأخت، فيكون تشبيه الزوجة التي هي أحل شيء بالأم التي هي أحرم شيء أقبح مما إذا شبهها بالأخت، فلا يقاس عليه، لكن جمهور أهل العلم على خلاف هذا القول، وأن الظهار لا يختص بالأم، بل يشملها ويشمل غيرها.

وَهُوَ مُحَرَّمٌ، فَمَنْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ، أَوْ بَعْضَها بِبَعْضِ، أَوْ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَداً بِنَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ مِنْ ظَهْرٍ، أَوْ بَطْنٍ، ...........................
قوله: «وهو محرَّم» يعني أن الظهار محرَّم، والدليل قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}[المجادلة: 2] فكذبهم الله تعالى شرعاً وقدراً، قدراً في قوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} وشرعاً في قوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} والمنكر حرام، والزور حرام.
فإذا قال قائل: ما وجه وصفه بالمنكر والزور؟
قلنا: هذه الصيغة «أنت علي كظهر أمي» تضمنت خبراً وإنشاءً، فالخبر أن زوجته كظهر أمه وهذا زور وكذب، والإنشاء هو إنشاء تحريمها، وهو حرام، فيكون منكراً، فصار منكراً باعتباره إنشاء للظهار، وزوراً باعتباره كذباً.
أما تعريفه فقال المؤلف:«فمن شبه زوجته أو بعضها ببعض أو بكل من تحرم عليه أبداً، بنسب، أو رضاع من ظهر أو بطن» فقوله: «فمن شبه» عامة تشمل البالغ والصغير، وأما المجنون فما تشمله؛ لأن المجنون لا قصد له، فيصح الظهار من الزوج الصغير.
وعلم من قوله: «شبه زوجته» أنه لا بد أن يكون قد عقد عليها عقداً صحيحاً، فإن ظاهر من امرأة ثم تزوجها بعد فإنه لا يكون ظهاراً؛ لأنه حين ظاهر منها لم تكن زوجته، وهذا الذي يفيده كلام المؤلف هو الحق، أن الظهار لا يصح إلا من الزوجة، والمشهور من المذهب أن الظهار يصح من الأجنبية التي ما تزوجها، فإذا قال لامرأة ما تزوجها: أنت علي كظهر أمي، فإذا تزوجها نقول: لا تجامعها ولا تقربها حتى تكفر كفارة الظهار، والصحيح أنه لا يصح، والدليل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] ولا تكون المرأة من نسائهم إلا بعقد، فهو كقوله: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] .
وقوله: «أو بعضها» أي: شبه بعضها، بأن قال: يدك علي كظهر أمي، نقول: هذا مظاهر؛ لأن التحريم لا يتبعض، فلا يوجد امرأة يدها حلال وجسمها حرام، ولا العكس، ولهذا سبق لنا أنه لو طلق عضواً من أعضائها طلقت؛ لأن الطلاق لا يتبعض.
وقوله: «ببعض أو بكل من تحرم عليه» فالمشبه بها لا فرق بين الكل والبعض، فلو قال: أنت علي كيد أمي صح الظهار، مثل: أنت علي كظهر أمي، فالظهر جزء من الأم، إذاً إذا شبه الزوجة كلها أو بعضها بمن تحرم عليه كلها أو بعضها صح الظهار؛ لأن الظهار لا يمكن أن تبعض؛ إذ لا يمكن أن تكون يد امرأة حلال له وبقية بدنها حرام، فلما لم يكن متبعضاً صار البعض كالكل.
وقوله: «بمن تحرم عليه أبداً» أفاد المؤلف: أنه لا بد أن يكون المشبه بها ممن تحرم عليه أبداً، يعني تحريماً مؤبداً، احترازاً من التي تحرم عليه إلى أمد كأخت زوجته، فلو قال لزوجته: أنت حرام علي كظهر أختك، فأختها حرام عليه ما دامت الزوجة معه، لكن لو بانت الزوجة منه لحلَّت له أختها، فهذا لا يكون ظهاراً.
وقوله: «ببعض أو بكل من تحرم عليه» لو شبهها بأجنبية لم يعقد عليها، قال: أنت علي كفلانة، فلا يكون مظاهراً؛ لأنها لا تحرم عليه.
ولو شبهها بظهر أبيه، قال: أنت علي كظهر أبي فغير ظهار؛ لأن المؤلف يقول: «بمن تحرم عليه» .
إذاً لو شبهها بأي رجل من الرجال فليس بظهار، ولو شبهها بامرأة أجنبية فليس بظهار، ولو شبهها بمن تحرم عليه إلى أمد فليس بظهار.
وقوله: «بنسب أو رضاع» النسب معروف، والمحرمات بالنسب عدَّدَهن الله في القرآن، فقال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] فهن سبع: الأم وإن علت، والبنت وإن نزلت، والأخت، والعمَّة وإن علت، والخالة وإن علت، وبنت الأخ وإن نزلت، وبنت الأخت وإن نزلت، هؤلاء سبع.
ونظير هؤلاء السبع من الرضاع حرام؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» [(118)]، وهذا تبيين للقرآن، فالقرآن يقول: {وَأُمَهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] فجاءت السنة لتبيين هذا، فنقول: الأم من الرضاع وإن علت، والبنت من الرضاع وإن نزلت، والأخت من الرضاع، والعمة من الرضاع وإن علت، والخالة من الرضاع وإن علت، وبنت الأخ من الرضاع وإن نزلت، وبنت الأخت من الرضاع وإن نزلت.
فلو قال الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي من الرضاع صار مظاهراً؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» ، وإن كان بلا شك أن بشاعة ظهر الأم من النسب أعظم من بشاعة ظهر الأم من الرضاع، وبنت الأخت من الرضاع ليست مثل بنت الأخت من النسب، لكن مع ذلك ما دام النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» فالحكم واحد.
بقي صنف ثالث من المحرمات على التأبيد ما ذكره المؤلف، وهو المحرمات بالصهر، فظاهر كلام المؤلف أنه لو شبه زوجته بأمها، فقال: أنت علي كظهر أمك، فظاهر كلامه أنه ليس بظهار؛ لأنه قال: «بنسب أو رضاع» ولكن سيأتي في كلام المؤلف أن المحرمات بالصهر كالمحرمات بالرضاع.
إذاً القاعدة: من شبه زوجته أو بعضها ببعض أو بكل من تحرم عليه تحريماً مؤبداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة فهو مظاهر.
وقوله: «من ظهر» هذا بيان لقوله: «ببعض من تحرم عليه» فيقول: أنت عليَّ كظهر أمي.
وقوله: «أو بطن» كأن يقول: أنت علي كبطن أمي.

أَوْ عُضْوٍ آخَرَ لاَ يَنْفَصِلُ، بِقَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ، أَوْ مَعِي، أَوْ مِنِّي كَظَهْرِ أَمِّي، أَوْ كَيَدِ أُخْتِي، أَوْ وَجْهِ حَمَاتِي وَنَحْوِهِ، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ فَهُوَ مُظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا فَلَيْسَ بِظِهَارٍ، وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ. وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ.
قوله: «أو عضو آخر لا ينفصل» مثل اليد والرجل والأصبع، فلو قال: أنت علي كشعر رأس أمي، فليس مظاهراً؛ لأن الشعر في حكم المنفصل، وإذا انفصل عنها فليس له حكم.
قوله: «بقوله لها: أنت عليَّ أو معي أو مني كظهر أمي، أو كيد أختي، أو وجه حماتي ونحوه» .
التحريم بالمصاهرة كالتحريم بالرضاع والنسب، فيكون التشبيه بالمُحرَّمة بالمصاهرة، كالتشبيه بالمُحرَّمة من النسب والرضاع، والمحرمات بالصهر على الزوج أم زوجته وإن علت، وبنتها وإن نزلت، لكن بشرط أن يكون قد دخل بأمها؛ لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاََّّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] ، فإذا قال لزوجته: أنت عليَّ كبنتك من فلان، فهو مظاهر؛ لأنه شبهها بمن تحرم عليه بالصهر، وإذا قال: أنت عليّ كظهر ابنتك مني فهو مظاهر؛ لأنه شبهها بمن تحرم عليه بالنسب.
وقوله: «حماتي» الحماة أم الزوجة، أو قريباتها، لكن هنا يقصد أمها؛ لأن باقي القريبات تحرم عليه إلى أمد، فإذا قال: أنت علي كظهر أمك أو بطنها، أو يدها، أو رجلها أو أنفها أو شفتها، أو ما أشبه ذلك فهو مظاهر.
قوله: «أو أنت علي حرام» إذا قال: أنت عليّ حرام، فهو مظاهر، وقد سبق لنا في هذه المسألة تفصيل، فالمذهب أنه ظهار في كل حال، ولو نوى الطلاق أو اليمين.
والصواب أن في ذلك تفصيلاً:
أولاً: إذا قال: أنت عليَّ حرام فالأصل أنه يمين، وإذا كان الأصل أنه يمين صار حكمه حكم اليمين، فيكفر كفارة يمين وتحل له، والدليل على هذا قول الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 1، 2] ، والزوجة مما أحل الله له، فإذا حرمها فهو يمين، وما ذهب إليه المؤلف وغيره من الفقهاء قول مرجوح بلا شك، ولهذا صح عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن من حرم زوجته فإنه يمين يكفرها[(119)].
ثانياً: إذا قصد الإنشاء، فإن نوى اليمين فهو يمين، وإن نوى الطلاق صار طلاقاً؛ لأن هذه الكلمة يصح أن يراد بها الطلاق، فإن الطلاق يحرم الزوجة، فيصح أن ينوي بها الطلاق لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» [(120)]، وهذا نوى معنى ينطبق عليه هذا اللفظ، وإن نوى الظهار فهو ظهار؛ لأنه يحتمل كل هذه المعاني.
ثالثاً : أن يقول: أنت علي حرام مخبراً بتحريمها، يعني أنت عليَّ حرام بدل أن تكوني حلالاً، فهنا نقول له: كذبت، إلا أن تكون في حال يحرم عليه جماعها كالحائض والنفساء، والمحرمة بحج أو عمرة، ويريد بذلك الجماع فنقول: صدقت، وهذا القسم ليس فيه كفارة؛ لأنه إما كاذب وإما صادق فلا حنث فيه، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
قوله: «أو كالميتة» إن قال: أنت كالميتة، وقال: أنا أريد ميتة السمك، وميتة السمك حلال، لكنه خلاف الظاهر؛ لأنه عند الإطلاق إذا قيل ميتة فإنما يراد بذلك الميتة المحرمة، فيُدَيَّن، وقد سبق لنا أننا إذا قلنا: يدين، فإننا ننظر إلى حال الزوج، إن كان رجلاً صادقاً يخاف الله ـ عزّ وجل ـ فإنه لا يجوز للمرأة أن تحاكمه، وإن كان أمره بالعكس فإنه يجب عليها أن تحاكمه.
ثم إن قد يكون هناك قرينة تمنع دعواه أنه أراد ميتة السمك، وذلك فيما إذا كان في مغاضبة بينه وبين الزوجة، فقال: أنت عليَّ مثل الميتة، ثم قال: أردت ميتة السمك فهنا القرينة تكذبه.
قوله: «والدم» قال: أنت عليّ كالدم، والدم حرام، لكن يوجد دم حلال، وهو الكبد والطحال، فإذا قال: أنا نويت الحلال دُيِّنَ؛ لأن هذا خلاف الظاهر، وما كان خلاف الظاهر فإنه لا يقبل منه حكماً.
قوله: «فهو مظاهر» لكن سبق لنا في كلام المؤلف أنه إذا نوى بقوله: كالدم، والميتة، والخنزير الطلاق فهو طلاق، وإن نوى اليمين فهو يمين، وكلام المؤلف هنا لا يعارض كلامه فيما سبق، فيحمل كلامه هنا على ما إذا نوى الظهار، أو لم ينوِ شيئاً، أما إذا نوى اليمين فهو يمين، وإذا نوى الطلاق فهو طلاق.
قوله: «وإن قالته لزوجها فليس بظهار» أي: قالت المرأة لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي فهل تكون مظاهرة؟ لا؛ لأن الله قال: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}[المجادلة: 2] ، وقال: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] ولم يقل: يظاهرون من أزواجهن، فجعل الظهار للرجل، فكما أنها لا تطلق نفسها، فلا تظاهر من زوجها.
قوله: «وعليها كفارته» أي: عليها كفارة الظهار، وهذه من المسائل الغريبة أن يقال: ليس بظهار وعليها كفارته! فهذا شيء من عجائب العلم أن يُنفى الشيء، وتترتب آثاره؛ لأن الواجب إذا قلنا: ليس بظهار، أن لا يلزمها كفارة ظهار، وهل يمكن أن يوجد الأثر دون المؤثر؟! فكيف نوجب على المرأة كفارة الظهار ونحن نقول: إنه ليس بظهار؟! فهذا تناقض.
مثال ذلك: قالت لزوجها: أنت علي كظهر أبي، فجاء زوجها في الليل، وطلب منها أن يجامعها، نقول: نعم، تمكنه من الجماع؛ لأنه ليس بظهار، ولكن يجب عليها أن تعتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً.
والقول الثاني في المسألة: أنها ليس عليها كفارة ظهار، وهو الصواب بلا شك، وأن عليها كفارة يمين فقط، فما دمنا حكمنا بأنه ليس بظهار، فكيف نلزمها بحكمه؟! لأن الكفارة فرع عن ثبوت الظهار، فإذا لم يثبت الظهار فكيف نقول بالكفارة؟!
فالصواب: أن عليها كفارة يمين فقط؛ لأنه لا يعدو أن تكون قد حرَّمته ـ أي الزوج ـ فيكون داخلاً في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] ، فإذا قالت لزوجها: أنت علي كظهر أبي، ثم مكنته من جماعها، لزمها كفارة يمين، عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، على التخيير، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
قوله: «ويصح من كل زوجة» يعني يصح أن يظاهر الرجل من كل زوجة، سواء دخل بها أم لم يدخل، وسواء كانت صغيرة أم كبيرة، وسواء كانت يمكن وطؤها أو لا يمكن.
وقوله: «ويصح من كل زوجة» علم منه أنه لا يصح من غير الزوجة، وسبق لنا أن المذهب يصح من الأجنبية، فإذا تزوجها لم يقربها حتى يكفر، وأن الصواب أنه في غير الزوجة لا يصح، ولكن إن عقد عليها لا يجامعها حتى يكفر كفارة يمين، كما لو قال: والله لا أجامع هذه المرأة ثم تزوجها، فإنها تحل له ولكن يكفر كفارة يمين.
* * *


[118] أخرجه البخاري في الشهادات/ باب الشهادة على الأنساب من الرضاع... (2645)، ومسلم في النكاح/ باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة (1447) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[119] أخرجه مسلم في الطلاق/ باب وجوب الكفارة على مَنْ حرم امرأته ولم ينوِ الطلاق (1473) (19).
[120] سبق تخريجه ص(17).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الظهار, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir