دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1431هـ/8-05-2010م, 03:02 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي كتاب الطلاق

كتابُ الطلاقِ


يُباحُ للحاجةِ، ويُكْرَهُ لعَدَمِها، ويُسْتَحَبُّ للضَّرَرِ، ويَجِبُ للإيلاءِ، ويَحْرُمُ للبِدعةِ، ويَصِحُّ من زوجٍ مكَلَّفٍ ومُمَيِّزٍ بعَقْلِه، ومَن زالَ عَقْلُه مَعذورًا لم يَقَعْ طلاقُه وعَكْسُه الآثِمُ، ومَن أُكْرِهَ عليه ظُلْمًا بإيلامٍ له أو لولدِه أو أَخْذِ مالٍ يَضُرُّه أو هَدَّدَه بأَحَدِها قادرٌ يَظُنُّ إيقاعَه به فطَلَّقَ تَبَعًا لقولِه لم يَقَعْ، ويَقَعُ الطلاقُ في نِكاحٍ مختلَفٍ فيه، ومن الغَضبانِ، ووَكيلِه كهو، ويُطَلِّقُ واحدةً ومتى شاءَ إلا أن يُعَيِّنَ له وقتًا وعَددًا وامرأتُه كوكيلِه في طَلاقِ نَفْسِها.


  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

كتابُ الطلاقِ

وهو في اللُّغَةُ: التَّخْلِيَةُ، يُقالُ: طَلَقَتِ النَّاقةُ. إذا سَرَحَتْ حيثُ شَاءَتْ، والإطلاقُ: الإرسالُ، وشَرْعاً: حَلُّ قَيْدِ النكاحِ أو بَعْضِه، (يُباحُ) الطلاقُ (لِلْحَاجَةِ)؛ كسُوءِ خُلُقِ المرأةِ والتضرُّرِ بها معَ عدمِ حُصُولِ الغَرَضِ، (ويُكْرَهُ) الطلاقُ (لِعَدَمِها)؛ أي: عندَ عدمِ الحاجةِ؛ لحديثِ: ((أَبْغَضُ الْحَلاَلِ إِلَى اللهِ الطَّلاَقُ))؛ ولاشتمالِهِ على إزالةِ النكاحِ المُشْتَمِلِ على المصالِحِ المندوبِ إليها، (ويُسْتَحَبُّ للضررِ)؛ أي: لِتَضَرُّرِها باستدامةِ النِّكاحِ في حالِ الشِّقاقِ وحالِ تَحَوُّجِ المرأةِ إلى المُخَالَعَةِ؛ لِيَزُولَ عنها الضررُ، وكذا لو تَرَكَتْ صلاةً أو عِفَّةً أو نَحْوَهما، وهي كالرجلِ، فيُسَنُّ أنْ تَخْتَلِعَ إنْ تَرَكَ حَقًّا للهِ تعالَى، (ويَجِبُ) الطلاقُ (للإيلاءِ) على الزوجِ المُولِي إذَا أَبَى الفَيْئَةِ.
(ويَحْرُمُ للبِدْعَةِ), ويأتي بيانُه، (ويَصِحُّ من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ و) زوجٍ (مُمَيِّزٍ بعَقْلِهِ)؛ أي: الطلاقُ؛ بأَنْ يَعْلَمَ أنَّ النِّكَاحَ يَزُولُ به؛ لِعُمُومِ حديثِ: ((إِنَّمَا الطَّلاَقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ)) وتَقَدَّمَ. (ومَن زالَ عَقْلُه معذوراً) كمجنونٍ ومُغْمًى عليهِ، ومن به بِرْسَامٌ أو نشافٌ, ونَائِمٍ، ومَن شَرِبَ مُسْكِراً كُرْهاً, أو أَكَلَ بِنْجاً ونَحْوَه لِتَدَاوٍ أو غيرِهِ (لم يَقَعْ طَلاقُه)؛ لقولِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (كُلُّ الطلاقِ جائزٌ إلاَّ طَلاَقَ المَعْتُوهِ). ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ في صحيحِهِ، (وعكسُه الآثِمُ), فيَقَعُ طلاقُ السكرانِ طَوْعاً، ولو خَلَطَ في كلامِه أو سَقَطَ تَمْيِيزُه بينَ الأعيانِ، ويُؤَاخَذُ بسائرِ أقوالِه، وكلُّ فعلٍ يُعْتَبَرُ له العقلُ؛ كإقرارٍ, وقَذْفٍ, وقتلٍ, وسَرِقَةٍ. (ومَن أُكْرِهَ عليهِ)؛ أي: على الطلاقِ (ظُلماً)؛ أي: بغيرِ حقٍّ, بخلافِ مُولٍ أَبَى الفَيْئَةَ, فأَجْبَرَهُ الحاكِمُ (بإيلامٍ)؛ أي: بعُقوبةٍ؛ مِن ضربٍ أو خَنْقٍ أو نَحْوِهما، (له)؛ أي: للزوجِ، (أو لِوَلَدِهِ, أو أَخْذِ مالٍ يَضُرُّه، أو هَدَّدَهُ بأَحَدِها)؛ أي: أحدِ المذكوراتِ من إيلامٍ له أو لولدِه، أو أخذِ مالٍ يَضُرُّه, (قادِرٌ) على ما هَدَّدَهُ بهِ بسُلْطةٍ أو تَغَلُّبٍ؛ كلِصٍّ ونحوِهِ، (يَظُنُّ) الزوجُ (إيقاعَه)؛ أي: إيقاعَ ما هَدَّدَهُ (به، فطَلَّقَ تَبَعاً) لقولِهِ - لم يَقَعِ الطلاقُ؛ حيثُ لم يُرْفَعْ عنه ذلكَ حتى يُطَلِّقَ؛ لحديثِ عَائِشَةَ مرفوعاً: ((لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي إِغْلاَقٍ)). رَوَاهُ أحمدُ وأبو دَاوُدَ وابنُ ماجَهْ. والإغلاقُ: الإكراهُ.
ومَن قَصَدَ إيقاعَ الطلاقِ دونَ دفعِ الإكراهِ, وَقَعَ طلاقُه، كمَن أُكْرِهَ على طَلْقَةٍ, فطَلَّقَ أكثرَ، (ويَقَعُ الطلاقُ) بائناً- لا الخُلْعُ- (في نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فيهِ)؛ كبِلاَ وَلِيٍّ, ولو لم يَرَهُ مُطَلِّقٌ، ولا يَسْتَحِقُّ عِوَضاً سُئِلَ عليه، ولا يَكُونُ بِدْعِيًّا في حَيْضٍ، (و) يَقَعُ الطلاقُ (مِن الغضبانِ) ما لم يُغْمَ عليهِ كغيرِهِ.
(ووكيلُه)؛ أي: الزوجِ في الطلاقِ (كهو)، فيَصِحُّ توكيلُ مكلَّفٍ ومُمَيِّزٍ يَعْقِلُه، (ويُطَلِّقُ) الوكيلُ (واحدةً) فقطْ، (و) يُطَلِّقُ في غيرِ وقتِ بِدْعَةٍ (مَتَى شاءَ، إلاَّ أنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَقتاً وعَدَداً), فلا يَتَعَدَّاهما، ولا يَمْلِكُ تعليقاً إلاَّ بجَعْلِهِ له. (وامْرَأَتُه) إذا قالَ لها: طَلِّقِي نَفْسَكِ. (كوكيلِهِ في طلاقِ نفسِها)، فلها أنْ تُطَلِّقَ نفسَها طَلْقَةً متَى شَاءَتْ، ويَبْطُلُ بِرُجُوعٍ.


  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


كتاب الطلاق([1])

وهو في اللغة التخلية، يقال: طلقت الناقة؛ إذا سرحت حيث شاءت([2]) والإطلاق الإرسال([3]) وشرعا: حل قيد النكاح أو بعضه([4]) (يباح) الطلاق (للحاجة) كسوء خلق المرأة، والتضرر بها مع عدم حصول الغرض([5]) (ويكره) الطلاق (لعدمها) أي عند عدم الحاجة([6]).

لحديث «أبغض الحلال إلى الله الطلاق»([7]) ولاشتماله على إزالة النكاح، المشتمل على المصالح المندوب إليها([8]) (ويستحب للضرر) أي لتضررها باستدامة النكاح في حال الشقاق([9]) وحال تحوج المرأة إلى المخالعة، ليزول عنها الضرر([10]) وكذا لو تركت صلاة، أو عفة، أو نحوهما([11]) وهي كالرجل، فيسن أن تختلع إن ترك حقا لله تعالى([12]) (ويجب) الطلاق (للإيلاء) على الزوج المولي، إذا أبى الفيئة([13]).

(ويحرم للبدعة)([14]) ويأتي بيانه([15]) (ويصح من زوج مكلف([16]) و) زوج (مميز يعقله) أي الطلاق([17]) بأن يعلم أن النكاح يزول به([18]) لعموم حديث «إنما الطلاق لمن أخذ بالساق» وتقدم([19]) (ومن زال عقله معذورا) كمجنون، ومغمى عليه([20])
ومن به برسام([21]) أو نشاف، ونائم([22]) ومن شرب مسكرا كرها([23]) أو أكل بنجا ونحوه، لتداو أو غيره([24]) (لم يقع طلاقه)([25]) لقول علي رضي الله عنه: كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه. ذكره البخاري في صحيحه([26]).

(وعكسه الآثم)([27]) فيقع طلاق السكران طوعا([28]) ولو خلط في كلامه([29]) أو سقط تمييزه بين الأعيان([30]).
ويؤاخذ بسائر أقواله([31]) وكل فعل يعتبر له العقل([32]) كإقرار، وقذف، وقتل، وسرقة([33]) (ومن أُكره عليه) أي على الطلاق (ظلما) أي بغير حق([34]) بخلاف مول أبي الفيئة، فأَجبره الحاكم([35]).

(بإيلام) أي بعقوبة من ضرب([36]) أو خنق، أو نحوهما([37]) (له) أي للزوج (أو لولده([38]) أو أخذ مال يضره([39]) أو هدده بأحدها) أي أحد المذكورات من إيلام له، أو لولده، أو أخذ مال يضره (قادر) على ما هدده به([40]) بسلطة، أو تغلب، كلص ونحوه([41]) (يظن) الزوج (إيقاعه) أي إيقاع ما هدده (به([42]).

فطلق تبعا لقوله، لم يقع) الطلاق([43]) حيث لم يرفع عنه ذلك حتى يطلق([44]) لحديث عائشة مرفوعا «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه([45]) والإغلاق الإكراه([46]) ومن قصد إيقاع الطلاق، دون دفع الإكراه، وقع طلاقه([47]).

كمن أُكره على طلقة، فطلق أكثر([48]) (ويقع الطلاق) بائنا لا الخلع([49]) (في نكاح مختلف فيه) كبلا ولي([50]) ولو لم يره مطلق([51]) ولا يستحق عوضا سئل عليه([52]) ولا يكون بدعيا في حيض([53]) (و) يقع الطلاق (من الغضبان) ما لم يغم عليه، كغيره([54]).
(ووكيله) أي الزوج في الطلاق (كهو)([55]) فيصح توكيل مكلف، ومميز يعقله([56]) (ويطلق) الوكيل (واحدة) فقط([57]) (و) يطلق في غير وقت بدعة (متى شاء([58]).

إلا أن يعين له وقتا وعددا) فلا يتعداهما([59]) ولا يملك تعليقا إلا بجعله له([60]) (وامرأته) إذا قال لها: طلقي نفسك (كوكيله في طلاق نفسها)([61]) فلها أَن تطلق نفسها طلقة متى شاءت([62]) ويبطل برجوع([63]).



([1]) الأصل في جوازه الكتاب، والسنة، والإجماع، قال تعالى ]الطَّلاقُ مَرَّتَانِ[ وقال ]فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[ وقال صلى الله عليه وسلم «إنما الطلاق لمن أخذ بالساق» وغير ذلك، والإجماع حكاه جماعة.

([2]) وقال الأزهري: طلقت المرأة فطلقت، وأطلقت الناقة فانطلقت. هذا الكلام الجيد. وقال غيره: الطلاق والطلقة مصدر: طلقت المرأة. بفتح اللام وضمها، بانت من زوجها، والجمع طلقات، بفتح اللام، فهي طالق، وطلقها زوجها، فهي مطلقة.

([3]) وحبس الإنسان في السجن بغير قيد.

([4]) أي والطلاق شرعا: حل قيد النكاح بإيقاع نهاية عدده، أو حل بعض قيده، بإيقاع ما دون النهاية.

([5]) أي بالزوجة.

([6]) بأن كانت حال الزوجين مستقيمة، قال الوزير: أجمعوا على أن الطلاق في حال استقامة الزوجين مكروه، إلا أبا حنيفة قال: هو حرام مع استقامة الحال.

([7]) رواه أبو داود، وابن ماجه، ورجاله ثقات، وفي رواية «ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق» وإنما يكون مبغوضا من غير حاجة إليه، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالا.

([8]) فيكون مكروها.

([9]) بينهما، وعبر بعضهم: بـ"يسن".

([10]) كبغضها لزوجها.

([11]) أي ويستحب الطلاق لو تركت صلاة، بتأخيرها عن وقتها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تركت عفة، أو فرطت في حقوق الله تعالى، قال الشيخ: إذا كانت تزني، لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال، وإلا كان ديوثًا، ويجب فراقها، وله عضلها في هذه الحال، والتضييق عليها لتفتدي منه، وتقدم.

([12]) أي والزوجة كالزوج، فيسن لها أن تختلع منه إن ترك حقا لله تعالى، كصلاة، وصوم، وعفة، ونحو ذلك.

([13]) أي الوطء بعد الأربعة الأشهر، ويأتي.

([14]) كفي الحيض، والنفاس، وطهر وطئ فيه، ويجب إذا أمره به أبوه لمصلحة وإن أمرته به أمه فقال أحمد: لا يعجبني طلاقه. قال الشيخ: وكلام أحمد – في وجوب طلاق الزوجة بأمر الأب – مقيد بصلاح الأب.

([15]) في هذا الباب، قريبًا إن شاء الله تعالى.

([16]) بلا نزاع، لأنه عقد معاوضة، فصح منه كالبيع.

([17]) ولو دون عشر، هذا المذهب.

([18]) وأن زوجته تبين منه، وتحرم عليه، فليس مبنيا على التكليف، بل هو من قبيل ربط الأحكام بأسبابها، كالزكاة ونحوها.

([19]) أي في باب الخلع، وتقدم أنه يسوى فيه بين العقد والفسخ، وأن كل من ملك العقد ملك الفسخ، وذكر الشيخ أنه موجب شهادة الأصول، وأنه يندرج فيه الوصي المزوج، والأولياء إذا زوجوا المجنون، ومن حاكم ... الخ، ومن زوج عبده أمته، ثم أراد أن يفرق بينهما لم يقع طلاقه، ويعضد الخبر ]إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ[ وقوله ]إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ[.
وعن أحمد: لا يقع طلاق مميز وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأما السفيه فيقع طلاقه في قول أكثر أهل العلم، ويعتبر لوقوع الطلاق إرادة لفظه لمعناه، فلا طلاق لفقيه يكرره، وحاك ولو عن نفسه.

([20]) ومن به غشي، والإغماء: امتلاء بطون الدماغ، من بلغم بارد غليظ أو
سهو يلحق الإنسان، مع فتور الأعضاء لعلة، والغشي: تعطل القوى المتحركة، لضعف القلب، بوجع شديد، أو برد، أو جوع مفرط، وقيل الغشي الإغماء.


([21]) وهو ورم حار، يعرض للحجاب الذي بين الكبد والمعاء، ثم يتصل بالدماغ.

([22]) وأجمعوا على أنه لا يقع من مجنون، ولا نائم، لأنه غير فاهم ما يقوله، وقال الموفق وغيره: من كان جنونه النشاف، أو كان مبرسما، فإن ذلك يسقط حكم تصرفه، مع أن معرفته غير ذاهبة بالكلية، فلا يضر ذكره للطلاق.

([23]) قال ابن عباس: طلاق السكران والمستكره ليس بجائز، ذكره البخاري وذكر عن عثمان أنه قال: ليس لمجنون، ولا سكران طلاق.

([24]) ممن لا يعقله، لعدم المناط الذي تدور عليه الأحكام، فلا يعتد بطلاقه، والبنج، كفلس: نبات له حب يخلط العقل، ويورث الخبال، أي الفساد أو الجنون وربما أسكر إذا شربه الإنسان بعد ذوبه، وقيل: إنه يورث النسيان.

([25]) وقيس عليه الباقي، لزوال التكليف، فلا يصح من غير مكلف، ولا ممن زال تكليفه، وغير المكلف غير فاهم، والفهم شرط التكليف، كما هو مقرر في الأصول.

([26]) وروي عن أبي هريرة، مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه «والمغلوب على عقله» وحكى الطحاوي الإجماع، على أن طلاق المعتوه لا يقع.

([27]) أي بشربه ما يسكره، من نحو خمر، مما يحرم استعماله، كالحشيشة المسكرة، وألحقها الشيخ بالشراب المسكر، حتى في الحد، وفرق بينها وبين البنج بأنها تشتهى وتطلب.

([28]) بخلاف من أكره عليه.

([29]) أي هذي في كلامه؛ وقيل: هو الذي يختل في كلامه المنظوم، ويبيح بسره المكتوم.

([30]) قيل: فلا يعرف متاعه من متاع غيره؛ أو لا يعرف السماء من الأرض، ولا الذكر من الأنثى، هذا المذهب، وعنه: لا يقع. وقد فرق بعض أهل العلم بين السكر المحرم وغيره، والقائلون بعدم وقوع طلاق السكران احتجوا بزوال التكليف، والله تعالى نهى عن قربان الصلاة، وقال ]حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ[ والسكران لا يعلم ما يقول، ومن كان كذلك فكيف يكون مكلفا وهو غير فاهم ما يقول، فالأحكام لا تختلف بين أن يكون ذهاب عقله بسبب من جهته، أو من جهة غيره، وليس إسقاطًا منهم لحكم المعصية، بل لعدم مناط التكليف، وحمزة لما ثمل، وقال: ما أنتم إلا عبيد أبي؛ لم يلزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم تلك الكلمة، وقال ابن المنذر: ثبت عن عثمان، ولا نعلم أحدًا من الصحابة خالفه.
وقال الشيخ: لا يقع طلاق السكران، ولو بسكر محرم، وهو رواية عن أحمد. قال الزركشي: ولا يخفى أن أدلة هذه الرواية أظهر. ونقل الميموني الرجوع عما سواها، فقال: كنت أقول: يقع طلاق السكران. حتى تبينته فغلب علي أنه لا يقع.
وقال ابن القيم: زائل العقل إما بجنون، أو إغماء أو شرب دواء أو شرب مسكر؛ لا يعتد به، واختلف المتأخرون فيه، والثابت عن الصحابة – الذي لا يعلم فيه خلاف بينهم – أنه لا يقع طلاقه، وثبت في الصحيح عن عثمان، وابن عباس في السكران ونحوه، ولا يعرف عن رجل من الصحابة أنه خالفهما في ذلك، وذكر رجوع أحمد كما قال الشيخ، وقال عقبه: لا يجوز طلاق الموسوس.

([31]) أي من حق وباطل، كطلاقه لأن المعنى في الجميع واحد.

([32]) ويؤاخذ به العاقل، يؤاخذ به السكران، وروي عن عمر أنه قال: استقرؤه القرآن، أو ألقوا رداءه في الأردية، فإن قرأ أم القرآن، أو عرف رداءه، وإلا فأقم عليه الحد.

([33]) وزنا، وظهار، وإيلاء، وبيع، وشراء، وإسلام ونحوه، كوقف، وعارية، وقبض أمانة، وهذا على المذهب.

([34]) فطلق، لم يقع طلاقه عند جمهور العلماء، وقال الموفق: لأنه قول من سمينا من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم، فكان إجماعًا، وقال ابن القيم: قد أتى باللفظ المقتضي للحكم، ولم يثبت عليه حكمه، لكونه غير قاصد له، وإنما قصد دفع الأذى عن نفسه، فانتفى الحكم، لانتفاء قصده، وإرادته لموجب اللفظ.

([35]) فيقع طلاقه، وبخلاف اثنين زوجهما وليان، ولم يعلم السابق منهما، فأكرههما الحاكم على الطلاق، لأنه إكراه بحق.

([36]) شديد، لا يسير في حق من لا يبالي به، بخلاف ذي المروءات، فهو كالضرب الكثير.

([37]) أي أو هدده بخنق، ولا يرفع عنه ذلك حتى يطلق، أو نحو الضرب أو الخنق، كعصر ساق، وغط في الماء، وكالحبس والقيد الطويل، والإخراج من الديار.

([38]) أو والده، قال ابن رجب: ويتوجه: أو بقية أقاربه.

([39]) أي أخذه منه، ضررا كثيرًا، وإلا فليس بإكراه.

([40]) أي خوفه به، فالوعيد المذكور إكراه.

([41]) كقاطع طريق، وفي الاختيارات: إن سحره ليطلق فإكراه.

([42]) ويظن عجزه عن دفعه، والهرب منه، والاختفاء، فهو بشروطه إكراه، وقال مالك، والشافعي، وأحمد: لا يقع التوعد في الجملة إكراها. وقال الشيخ: الإكراه يحصل إما بالتهديد، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه، أو ماله بلا تهديد. وقال: كونه يغلب على ظنه تحقق تهديده، ليس بجيد، بل الصواب أنه لو استوى الطرفان لكان إكراها.

([43]) أي فطلق المكره، تبعا لقول المكره بكسر الراء، لم يقع الطلاق، وتجب الإجابة إذا كان التهديد بقتله، أو قطع طرف، لئلا يلقي بيده إلى التهلكة المنهي عنها، وروى سعيد وغيره: أن رجلا تدلى على حبل يشتار عسلا فأقبلت أمرأته فجلست على الجبل وقالت: ليطلقها ثلاثًا وإلا قطعت الحبل، فذكرها الله والإسلام، فأبت، فطلقها ثلاثا ثم خرج إلى عمر، فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك، فليس هذا طلاقا. وكذا قال مالك، والشافعي: لا يقع إذا نطق به دافعا عن نفسه. وتقدم قول ابن القيم في أن المكره إنما قصد دفع الأذى عن نفسه، فانتقى الحكم.

([44]) وإلا فما فات منه لا إكراه به، لانقضائه.

([45]) وأبو يعلى، والحاكم وصححه، ولحديث «عفي عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه» وفي الآية الكريمة ]إِلا مَنْ أُكْرِهَ[ والكفر أعظم من الطلاق.

([46]) أي والإغلاق – بكسر الهمزة – الإكراه، وقيل: الغضب. وقال أبو عبيدة: الإغلاق: التضييق. فكأنه يغلق عليه، ويحبس، ويضيق عليه، حتى يطلق، فدل الحديث على أن طلاق المكره لا يقع، قال الشيخ: وهو قول جماهير العلماء كمالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم.

([47]) وقاله الشيخ وغيره، ونص عليه أحمد.

([48]) وقع، لأنه لم يكره على الثلاث، وإن اكره على طلاق امرأة، فطلق غيرها وقع، لأنه غير مكره عليه.

([49]) فلا يقع في نكاح فاسد، لخلوه عن العوض، وذلك أنه لو أعادها بعد ذلك إلى نكاحه، كانت معه على بقية عدده، ولو أوقع في النكاح المذكور ثلاثا، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

([50]) أو بولاية فاسق، أو شهادة فاسقين، أو نكاح الأخت في عدتها، أو في نكاح الشغار، والمحلل، أو بلا شهود، ونحو ذلك.

([51]) أي ولو لم ير المطلق صحة النكاح، نص عليه، فإن كان يرى صحة النكاح المختلف فيه، وقع طلاقه رجعيا، واستحق العوض في الخلع، ولا يقع الطلاق في نكاح باطل إجماعًا، كمعتدة، وخامسة، ولا في نكاح فضولي قبل إجازته.

([52]) أي ولا يستحق عوضا، سئل المطلق عليه الطلاق، في نكاح مختلف فيه.

([53]) ولا نفاس، ولا طهر وطئ فيه، لأن استدامة هذا النكاح غير جائزة.

([54]) قال الشيخ: إن لم يزل عقله، ويغيره الغضب لم يقع، وتقدم خبر «لا طلاق في إغلاق» قال الشيخ: هو ما أغلق عليه قلبه، فلا يدري ما يقول،
وأما مجرد الغضب فقل من يطلق حتى يغضب، والغضب على ثلاثة أقسام، ما يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه ما يقول، فهذا لا يقع طلاقه، أو يستحكم الغضب ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه، فهذا محل نظر، وعدم وقوعه أقوى، أو يكون الغضب في مبادئه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول، فيقع طلاقه.

وأما طلاق الهازل، فقال الشيخ: واقع، لأنه قصد التكلم بالطلاق، وإن لم يقصد إيقاعه. وقال ابن القيم: يقع عند الجمهور، ونكاحه صحيح، كما صرح به النص، وهو المحفوظ عن الصحابة، والتابعين، وقول الجمهور.

([55]) لأنه إزالة ملك، فصح التوكيل فيه كالعتق.

([56]) أي فيصح توكيل مكلف، في طلاق زوجته ولو كافرا، لصحته لنفسه، أو امرأة، لأنه يصح توكيلها في العتق، وهذا مذهب جمهور العلماء ويصح توكيل مميز يعقل الطلاق، هذا المذهب، وينبني على صحة طلاقه لنفسه، وتقدم، وأما الطفل والمجنون، فلا يصح توكيلهما بلا نزاع.

([57]) لأن الأمر المطلق يتناول ما يقع عليه الاسم، ولو وكله في ثلاث فطلق واحدة، أو وكله في واحدة فطلق ثلاثا، طلقت واحدة، قال في الإنصاف: بلا خلاف أعلمه.

([58]) لأن لفظ التوكيل يقتضي ذلك، لأنه وكله توكيلا مطلقا.

([59]) لأن الأمر إلى الموكل في ذلك، لكون الحق له، والوكيل نائبه، فتنسب له الوكالة، على ما يقتضيه لفظ الموكل.

([60]) أي إلا أن يجعل الزوج للوكيل التعليق، فيملكه، والتعليق كأن يقول الوكيل: إن دخلت الدار فأنت طالق.

([61]) فإن نوى عددًا، فهو على ما نوى، وإن أطلق من غير نية، لم تملك إلا واحدة، قال أحمد: لو نوى ثلاثا، فطلقت نفسها ثلاثا، فهي ثلاث، وإن كان نوى واحدة، فواحدة.

([62]) لأنه مقتضى اللفظ والإطلاق، إلا أن يعين لها وقتا وعددا، وصفة طلاقها نفسها، أن تقول: طلقت نفسي.

([63]) أي ويبطل توكيل الزوج في الطلاق برجوعه عنه، ويصدق في رجوعه، وقيل: لا يملكه إلا ببينة كسائر الوكالات، واختاره الشيخ وغيره، وقال: وكذا دعوى عتقه ورهنه.


  #5  
قديم 24 ربيع الثاني 1432هـ/29-03-2011م, 03:27 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم



كِتَابُ الطَّلاَقِ


قوله: «الطلاق» اسم مصدر طلَّق، واسم المصدر يوافق المصدر في المعنى لكن يخالفه في الحروف، وهو مأخوذ من التخلية والإطلاق الذي هو ضد القيد؛ وذلك لأن النكاح عقد وقيد، فإذا فورقت المرأة انطلق ذلك القيد؛ ولهذا نقول: إن تعريفه في الاصطلاح «هو حل قيد النكاح أو بعضه»، إن كان بائناً فهو حل لقيد النكاح كله، وإن كان رجعياً فهو حل لبعضه، ولهذا إذا طلق مرة نقص فيبقى له طلقتان، وإذا طلق ثنتين بقي له واحدة.
وإذا تأملت وجدت أن الزوج هو الذي بيده الأمر، وأن المرأة عنده كالناقة المعقولة؛ ولهذا أمر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن نتقي الله في النساء، وقال: ((إنهن عوان عندكم)) [(1)]، والعاني هو الأسير، وبه يظهر ما فضل الله به الرجل على المرأة، ونعرف أن الذين ينادون بتسوية الرجل والمرأة قد ضادُّوا الله ـ تعالى ـ في حكمه الكوني والشرعي؛ لأن المرأة لا تساوي الرجل، لا من حيث الخِلقة، ولا من حيث الخُلُق، ولا من حيث العقل، فلا تساويه بأي حال من الأحوال.
لكن أولئك قوم ـ والعياذ بالله ـ تشبَّعوا بما عند أعداء المسلمين، من تقديس المرأة وتسييدها حتى إنهم يقدِّمونها على الرجال حينما تذكر مع الرجل، فصار هؤلاء الجهَّال والسفهاء التابعون لكل ناعق يقلدونهم، ويرون أنهم إنما صنعوا الطائرات والمراكب والدبابات والأسلحة الفتاكة؛ لأنهم ساووا المرأة بالرجل، فظنوا أن انحطاطهم في الأخلاق هو الذي أرقاهم إلى هذا، وأنَّ تأخرنا نحن بسبب أننا تمسَّكنا بهذا الدين، الذي يزعم بعض الملاحدة أنه أفيون الشعوب ـ والعياذ بالله ـ يعني مخدر الشعوب، والحقيقة أن الذي أخَّرنا ليس هو الإسلام ولكن تخلفنا عن الإسلام، وتعطيلنا لتوجيهات الإسلام، وإلا فالرب عزّ وجل يقول: {{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}} [الأنفال: 60] .
ولما كانت الأمة الإسلامية من قبل متمسكة بالإسلام صار لها من الظهور والعظمة ما جعل أولئك يقلدونها، حتى إنهم يقولون: إن هارون الرشيد لما أهدى إلى شارلمان ملك فرنسا ساعة، وشُغِّلت عنده نفر وهرب، وقال: إن هذا سحر من العرب! والآن انقلبت المسألة وصارت آلاتهم التي يجلبونها لنا نقول: هذه سحر! هذا كله بسبب تخلفنا عن الإسلام، فلو أننا أنزلنا القرآن في قلوبنا منزلة الشيء المحبوب المرغوب، وفي أعمالنا منزلة المنهاج الذي نسير عليه ما غلبتنا قوة في الأرض، لكن بالتخلف حصل ما حصل.
فالمهم أن الواجب علينا نحن طلبة العلم أن نكرس جهودنا ضد هذا السيل الجارف، الذي ينادي بتسوية المرأة بالرجل، والذي حقيقته هدم أخلاق المرأة وفساد الأسرة، وانطلاق المرأة في الشوارع متبرجة متبهية بأحسن جمال وثياب والعياذ بالله، حتى تتفكك الأسرة، وشَرُّ هذا ليس هذا موضع بسطه، إنما نحن طلبة العلم نعرف أن لطالب العلم مقاماً عند العامة، فإذا تكلم في كل مناسبة ضد هذه المبادئ الخبيثة صار في هذا خير كثير ودرء لمفاسد كثيرة.
واعلم أن الطلاق لا يكون إلا بعد نكاح؛ لأنه حل قيد النكاح، فقبل النكاح لا طلاق، فلو قال رجل لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق فتزوجها، ما تطلق، أو رجل قالت له زوجته: سمعت أنك تريد أن تتزوج وهذا لا يرضيني، وضيقت عليه، فقال لها: ترضين أن أقول: إن تزوجت امرأة فهي طالق؟ قالت: يكفي ورضيت، فقالها، وما تزوج، فلو تزوج لم تطلق؛ لأنه قبل النكاح.
ولو قال لرقيق: إن ملكتك فأنت حر، فملكه، لا يقع قياساً على الطلاق، فالطلاق قبل عقد النكاح لا يقع، والعتق قبل الملك لا يقع، وإلى هذا ذهب كثير من العلماء، وقالوا: إن الإنسان ليس عليه عتق فيما لا يملك، ولا طلاق فيما لا يملك.
ولكن الإمام أحمد رحمه الله ذهب إلى أن العتق يقع، وفَرَّق بينه وبين الطلاق بأن الملك يراد للعتق، يعني أن الإنسان يشتري العبد ليعتقه، لكن النكاح لا يراد للطلاق ، فلا يمكن أن يقال: إنه نكح فلانة ليطلقها، اللهم إلا في نكاح التحليل، ولا يصح أصلاً.
أما حكم الطلاق فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة، فيكون واجباً، وحراماً، وسنَّة، ومكروهاً، ومباحاً، وما هو الأصل؟ الأصل الكراهة، والدليل قوله تعالى في الذين يؤلون من نسائهم، يعني يحلف أنه ما يطؤها قال: {{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *}} [البقرة] ، ففي الطلاق قال: {{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *}}، وهذا فيه شيء من التهديد، لكن في الفيئة قال: {{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *}} فدل هذا على أن الطلاق غير محبوب إلى الله عزّ وجل، وأن الأصل الكراهة، وأما حديث: ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق)) [(2)]، فهو ضعيف ولا يصح، حتى من حيث المعنى، يغني عنه قوله تعالى: {{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *}} [البقرة].

يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، ......................................
قوله: «يباح للحاجة» أي: حاجة الزوج، فإذا احتاج فإنه يباح له، مثل أن لا يستطيع الصبر على امرأته، مع أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أشار إلى أن الصبر أولى فقال: {{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}} [النساء: 19] ، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر» [(3)]، لكن أحياناً لا يتمكن الإنسان من البقاء مع هذه الزوجة، فإذا احتاج فإنه يباح له أن يطلق، والدليل قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}} [الطلاق: 1] ، ولم يقل: يا أيها النبي لا تطلقوا النساء، وقال: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}} [الأحزاب: 49] ، ولأن الذين طلقوا في عهد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يكن ينهاهم عنه، ولو كان حراماً لمنعهم، ولو كان مكروهاً لاستفصل منهم، ثم عندنا قاعدة فقهية معروفة عند أهل العلم، وهي أن المكروه يزول عند الحاجة، وهذا من حكمة الله عزّ وجل، وقد كان أعداء المسلمين يطعنون على المسلمين في جواز الطلاق؛ لأنهم ما يودون أن تحزن المرأة، مع أن هذا هو العيب حقيقة؛ لأننا نعلم علم اليقين أن الرجل إذا أمسكها على هون، وهو لا يريدها ولا يحبها، يحصل لها من التعاسة شيء لا يطاق، لكن إذا طلقها يرزقها الله {{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ}} [النساء: 130] ، فكان ما جاء به الإسلام هو الحكمة، والرحمة أيضاً، وإلا فإلزام الإنسان بمعاشرة من لا يحب من أصعب الأمور حتى قال المتنبي:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدواً له ما من صداقته بُدُّ
فمن نكد الدنيا أنك ترى عدواً لك، لكن لا بد أن تصادقه.
وقوله: «للحاجة» اللام يحتمل أن تكون للتعليل، ويحتمل أن تكون للتوقيت، فيحتمل أن يكون المعنى يباح الطلاق إذا احتاج إليه، ويحتمل أن يكون المعنى يباح وقت الحاجة، فتكون للتوقيت.

وَيُكْرَهُ لِعَدَمِهَا،.........................................
ثانياً : قوله: «ويكره لعدمها» أي: عدم الحاجة، فمع استقامة الحال يكره، وقد ذكرنا أن قوله تعالى: {{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *}} [البقرة] فيه الإيماء والتنبيه على أن الطلاق مكروه عند الله وهذا دليل أثري.
والدليل النظري: أن الطلاق يترتب عليه تشتت الأسرة، وضياع المرأة وكسر قلبها، لا سيما إذا كان معها أولاد أو كانت فقيرة أو ليس لها أحد في البلد، فإنه يتأكد كراهة طلاقها، وربما يترتب عليه ضياع الرجل أيضاً، فقد لا يجد زوجة، ثم إنه إذا عُلم أن الإنسان مِطْلاق فإنه لا يزوجه الناس، فَلِعلل كثيرة نقول: إنه يكره.

وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّرَرِ، ...............................
ثالثاً: قوله: «ويستحب للضرر» أي: ضرر المرأة، فإذا رأى أنها متضررة فإنه يستحب أن يطلقها، ولو كان راغباً فيها، كما لو فرض أن المرأة لما تزوجها أصابها مرض نفسي، كما يقع كثيراً ـ نسأل الله العافية ـ وضجرت وتعبت، ولا استقامت الحال مع زوجها، وهو يحبها، نقول هنا: يستحب أن تطلقها لما في ذلك من الإحسان إليها بإزالة الضرر عنها، أما ما يفعله بعض الجبابرة ـ والعياذ بالله ـ يقول: أنا ما أطلق حتى ترد عليَّ ما أمهرتها أو أكثر، فهذا ـ والعياذ بالله ـ ظلم، فالذي ينبغي إذا رأى أنها متضررة أن يُطْلِق سراحها.
وهل نقول: في هذه الحال ينبغي أن يشاورها، أو لا؟ وهل نقول: إنه ينبغي أن يقول لها: أنت ـ مثلاً ـ كما ترين أُصبتِ بهذا الأمر، فإن رغبت أن أطلقك فلا حرج؟ في هذه الحال أنا أتردد، هل يستحب أن يشاورها أو لا يستحب؟ والسبب أنها ربما تكون عندها رغبة في الزوج وتقول: أرغب أن أبقى، وبقاؤها يكون ضرراً عليها وهدماً لصحتها، فقد يقال: إنه يجعل المسألة من جهته هو على أنه معالج وطبيب، وإذا رأى أن مصلحتها تقتضي أن يطلقها طلقها.
ولو تضجرت منه لقلة ذات اليد، كإنسان فقير، وهي ـ مثلاً ـ من بيت أغنياء، ورأى أن المرأة متضجرة من فقره، فهنا نقول: يستحب أن يشاورها، مثل ما أمر الله نبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ في قوله: {{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً *وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا *}} [الأحزاب] ، فأول من بدأ بها عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهي أصغرهن، وخاف ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنها لصغرها تريد الحياة الدنيا، فقال: ((ما عليك ألا تستأذني أبويك في هذا)) ، أي: شاوري أبويك في هذا الأمر ـ فقالت: يا رسول الله أفي هذا أشاور أبوي؟! إني أريد الله والدار الآخرة[(4)]، رضي الله عنها.
فالمهم إذا كان السبب هو قلة ذات يد الرجل، أو سوء عشرته، أو ما أشبه ذلك؛ لأن بعض الناس يكون أحمق ضيق النفس، فهذه نرى أنه يشاورها، وأما إذا كان ذلك لسبب فيها هي فنرى أنه ينزل نفسه في هذه الحال منزلة الطبيب المعالج، وينظر ما تقتضيه المصلحة.
نعم إذا كرهته لدينه ـ يعني لاستقامته ـ فإنه لا يخيرها أبداً، بل يبقيها عنده لعل الله يهديها بعد ذلك، وهذا إن كان يمكن العلاج؛ لأن الناس يختلفون، فبعض الناس تكون صورته صورة رجل، لكن معناه امرأة، تغلبه المرأة، فأخشى أن تفسد دينه، فالمسألة ترجع إلى قوة الرجل وصلابته.

وَيَجِبُ لِلإِيلاَءِ، وَيَحْرُمُ لِلْبِدْعَةِ،......................
قوله: «ويجب للإيلاء» الإيلاء مصدر آلى يولي بمعنى حلف يحلف، وهو أن يحلف الرجل على ترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر، بأن يقول: والله لا أجامعك، إما لمدة سنة، أو يُطْلِق، قال الله تعالى: {{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *} {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *}} [البقرة] ، فحدد الله ـ سبحانه وتعالى ـ أربعة أشهر، فإذا تمَّت الأربعة وجب عليه واحد من أمرين: إما الرجوع ويكفِّر كفارة يمين، وإما الطلاق، وإذا لم يفعل ألزم أو طلق عليه الحاكم.
كذلك يجب عليه أن يطلق إذا اختلَّت عفة المرأة ولم يمكنه الإصلاح، فلو كانت المرأة ـ والعياذ بالله ـ تفعل الفاحشة وهو لا يستطيع أن يمنعها، فإنه يجب عليه أن يطلق، فإن لم يفعل صار ديوثاً.
قوله: «ويحرم للبدعة» يعني إذا كان طلاق بدعة، وهذا من التعبير الغريب؛ لأن المعروف عند أهل العلم أن البدع تطلق على عبادة لم تشرع، أو على وصف زائد عما جاءت به الشريعة، أو في جانب الاعتقاد، وهنا جعلوها في جانب العمليات.
ولكنهم جعلوها بدعة لمخالفة الشرع، والظاهر أن هذا التعبير قديم من عهد السلف، يسمون الطلاق الموافق للمأمور سنة والمخالف للمأمور بدعة.
وطلاق البدعة يكون في العدد وفي الوقت، يعني إما أن يكون بدعة لوقوعه في وقت محرم، أو بدعة لكونه بعدد محرم، فالبدعة في الوقت، مثل أن يطلق من تلزمها العدة بالحيض وهي حائض، أو في طهر جامعها فيه وهي من ذوات الحيض ولم يتبين حملها، فإن تبين حملها جاز طلاقها، ولو كان قد جامعها في الطهر، كذلك إذا كانت لا تلزمها العدة كغير المدخول بها، فإن طلقها وهي حائض فالطلاق سنة، أو كانت ممن لا يحيض، كصغيرة أو عجوز كبيرة فلا بأس أن يطلقها.
وأما البدعة في العدد فأن يطلقها أكثر من واحدة، مثل أن يطلقها ثنتين فيقول: أنت طالق طلقتين، أو يقول: أنت طالق ثلاثاً؛ لأن السنة أن يطلقها واحدة، وهل يقع أو لا يقع؟ أكثر العلماء على أنه يقع، والقول الراجح أنه لا يقع، فإذا طلق إنسان زوجته فقال: أنت طالق، أنت طالق، تطلق على القول الراجح واحدة فقط؛ لأن الثانية بدعة، والبدعة لا يجوز إقرارها، ولو قلنا بوقوع الطلاق لزم من ذلك إقرار البدعة، وإقرار البدعة منكر، ثم إن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) [(5)]، يقتضي أن الطلقة الثانية مردودة لا تقع؛ لأنها غير مأمور بها فهي طلقة بدعة، والبدعة لا يمكن أن تقع، فكل بدعة ضلالة، وهذا ما أقرره، وهو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية واختاره شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وقال: إن من تأمل هذا القول وجد أنه القول الذي لا يسوغ القول بخلافه؛ لأن أدلته قوية وواضحة.
وظاهر كلام أهل العلم: أن الطلاق في النفاس مثل الطلاق في الحيض؛ لأنهم قالوا في باب النفاس: إنه كالحيض فيما يحل ويحرم ويجب ويسقط، إلا ما استثنوا، وهي ثلاث مسائل وليس منها الطلاق، وعندي أنه يصح أن يطلقها في النفاس؛ لأن النفاس ما يحسب من العدة، بخلاف الحيض، فهو إذا طلقها تشرع في عدتها، أما الحيض فإنها لا تشرع في عدتها مباشرة، هذا هو الفرق بينهما، والمسألة ليست إجماعية، فلو أن الإجماع ثبت بأن الطلاق في حال النفاس حرام ما وسعنا أن نخرج عنه، فالراجح أنه إذا طلقها في النفاس وقع الطلاق.
فصار الطلاق تجري فيه الأحكام الخمسة: يباح للحاجة، ويكره لعدمها، ويستحب للضرر، ويجب للإيلاء، ويحرم للبدعة، وذكرنا ـ أيضاً ـ أنه يجب فيما إذا اختلت عفة الزوجة، ولم يتمكن من إصلاحها.

وَيَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ، وَمُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ، .........
قوله: «ويصح من زوج مكلف ومميز يعقله» يصح الطلاق بهذه الشروط:
أولاً: «من زوج»، فغير الزوج لا يصح منه الطلاق، إلا أن يقوم مقام الزوج بوكالة فلا بأس، فلو طلق امرأة قبل أن يتزوجها فلا يصح، ولو قال لامرأة واجهها: أنت طالق، ثم تزوجها ما يقع، وكذلك لو قال: إن تزوجتك فأنت طالق ما يقع؛ لأن الله يقول في القرآن: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}} [الأحزاب: 49] ، و{{ثُمَّ}} للترتيب، ولأنه لا يتصور طلاق بلا عقد، وكيف يكون طلاقاً وهو لم يتزوج؟!
فإذا قال قائل: المعروف في مذهب الإمام أحمد أنه إذا قال لعبد: إن ملكتك فأنت حر، ثم ملكه أن العبد يعتق، بخلاف إن تزوجتك فأنت طالق.
قالوا: إن الفرق بينهما كما سبق، أن شراء العبد يراد للعتق لكن زواج المرأة لا يراد به الطلاق، فشراء العبد يراد للعتق فيكون مقصوداً شرعياً، فصح تعليق العتق عليه؛ ولهذا من وجب عليه إعتاق رقبة، وعنده دراهم وليس عنده رقبة، فالطريق إلى إعتاقها الشراء، لكن النكاح لا يراد للطلاق، ومن ثَمَّ كان نكاح المحلل باطلاً؛ لأن المحلل لا يريدها للاستمتاع بل يريدها للطلاق، فهذا هو الفرق بينهما، وهو فرق وجيه وواضح.
ولو تزوج رجل امرأة بدون شهود ثم طلقها، فإن قلنا: إن الإشهاد شرط للصحة لم يقع الطلاق؛ لأن النكاح لم يصح أصلاً، ولو تزوج رجل امرأة في عدتها ثم طلقها لم يصح الطلاق؛ لأنه ليس من زوج، إذ إن العقد في العدة غير صحيح، وكذا لو تزوجها بنكاح شغار ثم طلقها فلا يصح الطلاق؛ لأن العقد غير صحيح فهي ليست زوجة، وليس قولنا: لا يصح الطلاق أنه لا يفرق بينهما، فهي ليست زوجته أصلاً، فهي حكماً مُفَرَّقٌ بينها وبين زوجها، فلا بد أن تفارقه، لكن هذا الطلاق لا يعتبر.
ثانياً: قوله: «مكلف» وهو البالغ العاقل، فخرج بالبالغ الصغير، وخرج بالعاقل المجنون، لكن في الصغير قال:
«ومميز يعقله» فصار الصغير المميز الذي يعقل الطلاق يصح طلاقه.
والمميز سبق أن المذهب أنه محدود بالسن وهو سبع سنوات، والقول الثاني: أنه محدود بالحال، بأن يقال: إن المميز هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب، لكن اشترط المؤلف أيضاً في المميز أن يعقله، وينبغي أن نجعل «يعقله» عائدة على كل الأوصاف، على «مكلف» وعلى «مميز» ؛ لأن من لا يعقل معنى الطلاق لا يقع منه الطلاق ولو كان مكلفاً، فلو فرضنا أن رجلاً أعجمياً لا يعرف معنى الطلاق، وتكلم به باللسان العربي، وهو لا يعقله فلا يقع طلاقه؛ لأنه ما يعقل معناه، وكذلك الصبي المميز إذا قال لزوجته: أنت طالق، قلنا: أتدري معنى «أنت طالق؟» قال: معناه أنها ما رُبطت، فهل هذا يعقل الطلاق أو لا؟ الجواب: ما يعقله، إذاً لا يقع طلاقه.
لكن لو سألناه قلنا: أتعرف الطلاق؟ قال: نعم، الطلاق معناه أنه حصلت المفارقة بيني وبينها، وأصبحت غير زوجة لي، فهذا يعقله فيقع طلاقه.
ودليل اشتراط كونه يعقله قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) [(6)]، ومن لا يعقل الشيء لا ينويه.

وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ مَعْذُوراً لَمْ يَقَعْ طَلاَقُهُ،..................
قوله: «ومن زال عقله معذوراً لم يقع طلاقه» زوال العقل في الحقيقة له أقسام وصور كثيرة؛ منها أن يزول عقله بالنوم، فإذا نام إنسان وسمعناه يقول لزوجته: أنت طالق، أو يقول: فلانة بنت فلان زوجتي طالق، فلا تطلق؛ لأنه لا عقل له، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((رفع القلم عن ثلاثة...)) ومنهم ((النائم حتى يستيقظ)) [(7)] ، ومنها أن يزول عقله بإغماء مثل إنسان أغمي عليه وطلق زوجته في حال إغمائه فلا يقع طلاقه، ومنها أن يزول عقله بالبنج مثل: إنسان بنج للدواء، وفي حال البنج طلق زوجته فلا يقع طلاقه؛ لأنه معذور، ومنها أن يزول عقله بالخرف، كعجوز وصل إلى التخريف والهذر وصار لا هَمَّ له إلا تطليق زوجته، وكلما أتت له بالشاي أو القهوة قال: أنت طالق، فلا يقع طلاقه؛ لأنه لا عقل له؛ ولو أن رجلاً شرب الخمر جاهلاً أنه خمر، فسكر، فطلق لا يقع طلاقه؛ لأنه معذور، وكذا لو أكره على شرب الخمر فشربه فسكر فطلق، فكذلك لا يقع طلاقه؛ لأنه معذور.
فالحاصل أنه إذا زال العقل بعذر شرعي، أو بعذر عادي كالنوم، أو بعذر طارئ كالمرض فإنه لا يقع الطلاق.

وَعَكْسُهُ الآثِمُ،..............................
قوله: «وعكسه الآثم» يعني يقع طلاقه، فمن زال عقله غير معذور فإنه يقع طلاقه؛ لأنه لا عذر له، مثاله السكران باختياره، كإنسان ـ والعياذ بالله ـ شرب وسكر، فإنه يقع طلاقه؛ لأنه ليس بمعذور، فالسكر محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إن السكران غير المعذور يقع طلاقه، وهذا هو المذهب؛ وعللوا ذلك بأنه ليس بمعذور فيه، فيكون كالصاحي، وبأن هذا أنكى له وأزيد في عقوبته، وربما لا يردعه عن شرب الخمر إلا الخوف من هذا الأمر، فيكون في ذلك مصلحة الردع.
وقال بعض أهل العلم: إن السكران لا يقع طلاقه؛ لأنه إذا أثم عوقب على إثمه، لكن إذا تكلم بدون عقل، فكيف نلزمه بمقتضى كلامه وهو لا يعقله؟! فهذا يخالف قول الرسول عليه الصلاة والسلام:((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) [(8)]، فإن هذا السكران حينما تكلم وقال: أنت طالق، ما نوى، فهذا لا يقع طلاقه، وكونه آثماً له عقوبة خاصة وهي التعزير بالجلد، أما التعزير باعتبار كلامه مع عدم عقله، فهذا زيادة، ولا يجوز أن نزيد على العقوبة التي جاءت بها السنة، وهذا هو الذي صح به الأثر عن عثمان رضي الله عنه[(9)]، وكان عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يقضي على السكران بالتأديب والإلزام بالطلاق إذا طلق، فلما ذكر له الأثر عن عثمان رضي الله عنه رجع فصار يؤدبه ولا يقضي بطلاقه[(10)]، وهذا القول أصح، وهو الذي رجع إليه الإمام أحمد رحمه الله، وكان الإمام أحمد رحمه الله يقول بطلاق السكران حتى تبينه ـ يعني تأمله ـ وتبين له أنه لا يقع، وقال: إني إذا قلت: يقع، أتيت خصلتين، حرمتها عليه وأحللتها لغيره، وإذا قلت: لا يقع فإنما أتيت خصلة واحدة وهي أنني أحللتها له، فعلى هذا يكون مذهب الإمام أحمد شخصياً أنه لا يقع، أما مذهبه الاصطلاحي فإنه يقع، لكن لا شك أن هذا أصح دليلاً وأظهر، كما قاله صاحب الإنصاف.
لكن هل يجوز للإنسان أن يلزم به السكران لعله يرتدع؟!
نقول: إذا لم يتضمن ضرراً على الزوجة؛ لأنه أحياناً يكون ضرر على الزوجة، فقد تكون الزوجة ذات أولاد منه، فيقع الإشكال في المستقبل، ثم إننا لا نأمن ـ أيضاً ـ ولا نجزم أن يكون في ذلك إصلاح له، فربما أنه رجل لا يهتم، فلا يهمه أن تبقى زوجته أو لا تبقى، فالظاهر لي أنه لا ينبغي الإفتاء بوقوع الطلاق ما دام أن الأصح من حيث النظر عدم الوقوع، اللهم إلا فيما لو كانت الزوجة هي التي تطلب الفراق، وكان بقاؤها معه متعباً لها، فلو أننا أخذنا بهذا القول من باب التأديب وردع الناس فإنه لا بأس به، كما كان ذلك من سياسة عمر رضي الله عنه، فعمر إذا لم يرتدع الناس عن الشيء ألزمهم بمقتضاه، مثل ما ألزمهم بالطلاق الثلاث، فكان الطلاق الثلاث واحدة، لكن لما تهاونوا في هذا الأمر وصاروا يطلقون ثلاثاً قال: فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم[(11)].

وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ ظُلْماً بِإيلاَمٍ لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ يَضُرُّهُ، أَوْ هَدَّدَهُ بِأَحَدِهَا قَادِرٌ يَظُنُّ إِيقَاعَهُ بِهِ فَطَلَّقَ تَبَعاً لِقَوْلِهِ لَمْ يَقَعْ، .........
قوله: «ومن أكره عليه» أي: أكرهه أحد على الطلاق.
قوله: «ظلماً» مصدر في موضع الحال، أي: أكره عليه مظلوماً، أي: بغير حق، كشخص قال له إنسان: يجب أن تطلق زوجتك، ففعل، لكن طلَّق تبعاً لقوله، لا قاصداً الطلاق فإنه لا يقع؛ لأنه لم ينوِه، وإنما نوى دفع الإكراه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) [(12)]، وهذا ما نوى الطلاق.
وقوله: «ظلماً» احترازاً مما لو أكره عليه حقاً، وذلك مثل المولي إذا تمَّت عليه أربعة أشهر، وأبى أن يرجع، وأبى أن يطلق، فأكرهه الحاكم عليه وطلق فإن الطلاق يقع؛ لأنه بحق، وكل محرم يكون بحق فإنه يزول التحريم فيه؛ لأن الشيء لا يحرم إلا لأنه باطل، فإذا انقلب الشيء حقاً صار غير محرم.
كذلك لو أكره عليه لكونه لا يقوم بالنفقة الواجبة للزوجة، وقيل له: أنفق، فماطل وأبى، فإننا نكرهه ونلزمه أن يطلق، فإن أبى في هذه الحال أن يطلق فإن القاضي يتولى التطليق عنه.
ومن هذا ما سبق في باب الخلع إذا كرهت المرأة البقاء مع الزوج، وقالت: أنا لا أعيب عليه في خُلُق ولا دين، لكن ما أقدر أن أبقى معه أبداً، فقد سبق أنه يُكره ـ على الصحيح ـ على المخالعة، بشرط أن يُرد إليه ما أنفق على زوجته من المهر.
وقوله: «بإيلام له» هذا تمثيل للإكراه، يعني أن المُكرِه آلمه بضرب أو حبس، أو قيده ـ مثلاً ـ بالرمضاء في أيام الصيف والقيظ، أو بمنع ما ينقذه، مثل ما ذُكر أن رجلاً في عهد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ خرج يشتار عسلاً يأخذه من الجبال، فدلَّت إليه امرأته الحبل لينزل به، فلما وصل إلى المكان وأراد أن يصعد، قالت له امرأته: لن أعطيك الحبل حتى تطلقني، فطلقها فذهب إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال: المرأة امرأتك[(13)]، ولم ينفذ الطلاق لأنه مُكرَه.
قوله: «أو لولده» أي: إيلاماً لولده، كأن يمسكوا ولده ويؤذوه أمامه، وقالوا: لن نُطْلِقَ الولد حتى تطلِّق فطلق.
فلو قال قائل: هو ما تألم، نقول: صحيح أنه ما تألم بدناً، لكن تألم قلباً، وهذا قد يكون أشد عليه مما لو كان هذا الفعل به.
قوله: «أو أخذ مال يضره» الضرر يختلف بحسب الناس، فشخص لو أخذت منه مليون ريال ما يضره، وآخر لو أخذت منه عشرة ريالات يضره، فالإنسان الذي عنده مائة مليون إذا أخذ منه مليون، يقول: الحمد لله عندي تسعة وتسعون مليوناً، لكن من عنده عشرة ريالات وأخذت منه فإنها تضرهُ، فالقاعدة إذاً تعود على الضرر، ولهذا فالمؤلف رحمه الله لم يقل: أُخذت منه عشرة دراهم أو عشرون درهماً أو مائة درهم، بل قال: «أخذ مال يضره» ومِن المال الذي يضر لو كان عليه ثوب في أيام الشتاء يقيه من البرد، وهذا الثوب يساوي درهمين، وهو رجل عنده ملايين الدراهم، فوافقه في برِّيَّة ويريد أن يأخذ منه الثوب إلا أن يطلق، فأخذ الثوب يضره مع أنه من الناحية المالية ليس بشيء عنده، لكن الكلام على الضرر.
قوله: «أو هدَّده بأحدها» أي: الإيلام أو أخذ مال يضره.
قوله: «قادر يظن إيقاعه به» اشترط شرطين في المكره، أولاً: أن يكون قادراً، ثانياً: أن يظن المكرَه إيقاع المكرِه ما هدَّدَه به.
فخرج بقوله «قادر» ما لو هدده إنسان عاجز، كرجل شاب يمتلئ شباباً وقوة جاءه شيخ كبير عاجز، وقال له: طلِّقِ امرأتك وإلا كسرت العصا عليك، فهذا هدده لكنه غير قادر، فلا يعتبر إكراهاً؛ لكن لو كان مع هذا الشيخ الكبير مسدس فهو قادر.
قوله: «يظن إيقاعه به» فإن كان يظن أنه لا يوقع ما هدده به، إما لقوة الحكم، أو لأي سبب من الأسباب، فلا إكراه.
فعندنا فعل، وتهديد بالفعل، فالفعل قال المؤلف: «بإيلام له أو لولده أو أخذ مال يضره» وفي التهديد اشترط أن يكون المهدِّد قادراً، وأَنْ يظن إيقاعه بالمهدَّد.
قوله: «فطلق تبعاً لقوله لم يقع» «طلق» الضمير يعود على المُكرَه «تبعاً» مفعول لأجله، يعني طلق متابعة لقوله لا قصداً للطلاق، فحينئذٍ يكون قصده بالطلاق دفعاً للإكراه فقط، وما نوى الطلاق، فإنه لا يقع لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) [(14)]، ولأن الاختيار في جميع العقود والفسوخ شرط، قال الله تعالى: {{إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}} [النساء: 29] ، فلا بد في جميع العقود والفسوخ أن تكون صادرة عن رضاً واختيار، إلا أن يكون الإكراه بحق.
وعلم من قوله: «تبعاً لقوله» أنه لو طلق بقصد إيقاع الطلاق فإنه يقع الطلاق، وهذه المسألة مسألة كبيرة عظيمة لا تختص بمسألة الطلاق، تأتي حتى في مسألة الإكراه على الكفر، قال الله تعالى: {{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *}} [النحل] ، فهل يشترط في الإكراه أن يكون قصد المُكرَه متابعة المُكرِه، بمعنى أنه لا يقصد إلا دفع الإكراه، أو نقول: إن الإكراه موجب لرفع الحرج عن المُكرَه ولو نوى، ما دام قلبه لم يطمئن؛ لأن المُكرَه في تلك الحال يكون ملجأ مغلقاً عليه؟ الجواب:
أولاً: لو كان عامياً، فهو ما يتصور الفرق بين أن يقصد دفع الإكراه، أو يقصد إيقاع الطلاق، فلا فرق ويقول: هذا ألزمني أن أطلق وطلقت، فلا يقول: ألزمني أن أطلق فطلقت تبعاً لقوله، لا قصداً للطلاق.
ثانياً : إذا كان طالب علم يفرق بين دفع الإكراه، وبين إرادة ما أكره عليه، فإن الإنسان بشر، ومقام المضايقات أمر لا يعلمه إلا من وقع فيه، والإنسان ما دام في سعة يجد نفسه مسيطراً، أو يحس من نفسه أنه مسيطر على كل الأمور، لكن إذا وقع في الشدة زال عنه التفكير، ولهذا ذهب بعض أهل العلم ـ وقولهم أقرب إلى الصواب ـ إلى أنه بالإكراه يزول الحكم مطلقاً، ما لم يطمئن إلى الشيء، وهذا بعيد، فهنا ثلاث حالات:
الأولى: أن لا يقصده مطلقاً، وإنما قصد دفع الإكراه.
الثانية: أن يقصده من أجل الإكراه.
الثالثة: أن يطمئن به فيكون فاعلاً له أكره عليه أم لم يكره.
ففي الأخيرة يقع الشيء ويحكم له بالاختيار قولاً واحداً، وفي الأولى لا يقع قولاً واحداً، وفي الثانية قولان، والراجح أنه لا يقع؛ لأنه قد طلق مغلقاً عليه، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لا طلاق في إغلاق)) [(15)].

وَيَقَعُ الطَّلاَقُ في نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، ......................
قوله: «ويقع الطلاق في نكاح مختلف فيه» يعني مختلفاً في صحته؛ وذلك أن النكاح ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم متفق على صحته، وقسم متفق على بطلانه، وقسم مختلف فيه.
المتفق على صحته يقع فيه الطلاق، ولا إشكال فيه بإجماع المسلمين.
والمتفق على بطلانه لا يقع فيه الطلاق؛ لأنه باطل، والطلاق فرع عن النكاح، فإذا بطل النكاح فلا طلاق، مثل ما لو تزوج أخته من الرضاع غير عالم، فهذا النكاح باطل بإجماع المسلمين، لا يقع الطلاق فيه، وكذلك لو تزوج امرأة وهي معتدة فإنه لا يقع الطلاق فيه؛ لأن العلماء مجمعون على أن المعتدة لا يجوز نكاحها لقوله تعالى: {{وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}} [البقرة: 235] .
وأما النكاح المختلف فيه فلا يخلو من حالين:
الأولى: أن يرى المتزوج صحته، فإن رأى صحته فإن الطلاق يقع ولا إشكال في ذلك، مثاله: رجل تزوج امرأة رضعت من أمه ثلاث رضعات، وهو يرى أن الرضاع المحرم خمس رضعات، فالنكاح في رأيه صحيح، فهذا يقع فيه الطلاق بلا شك.
وكذلك لو تزوج امرأة بدون شهود وهو يرى أن الشهادة في النكاح ليست بشرط فالطلاق يقع.
الثانية : أن لا يرى المتزوج صحة النكاح، فاختلف أهل العلم في وقوع الطلاق، فقال بعضهم: إنه يقع فيه الطلاق، وقال بعضهم: إنه لا يقع، فالذين قالوا: لا يقع، قالوا: لأن الطلاق فرع عن النكاح، وهذا لا يرى صحة النكاح فلا يقع الطلاق منه، وهذا تعليل جيد لا بأس به، والذين قالوا: إنه يقع، قالوا: لأنه وإن لم يَرَ هو صحة النكاح، لكن قد يكون غيره يرى صحته، فإذا فارقها بدون طلاق، وأتاها إنسان يرى صحة النكاح فلن يتزوجها، فالطلاق يصح في النكاح المختلف فيه وإن لم يَرَ المطلق صحته؛ لأنه إذا لم يطلق فسوف يعطل هذه المرأة.
فإذا قال قائل: لماذا يقع الطلاق وهو لا يرى أن النكاح صحيح والطلاق فرع عليه؟ قلنا: من أجل أن لا يحجزها عن غيره؛ لأنه قد يريدها من يرى أن النكاح صحيح، فإذا لم يطلقها هذا الزوج لن يتزوجها غيره؛ لأنه يرى أنها لا زالت باقية في عصمته، ولهذا قال المؤلف: «ويقع الطلاق في نكاح مختلف فيه» قال في الروض: «ولو لم يره مطلق» [(16)].


التوقيع :

  #6  
قديم 24 ربيع الثاني 1432هـ/29-03-2011م, 03:30 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تابع الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله


وَمِنَ الغَضْبَانِ،..................................
قوله: «ومن الغضبان» الغضب فسره أهل الكلام بأنه غليان دم القلب لطلب الانتقام، والظاهر أن هذا التعريف لم يزده إلا جهالة وغموضاً، ولهذا لو قلنا: الغضب معروف لكان أوضح، ويعرف بعلامات أشار إليها النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث قال: ((إن الغضب جمرة توقد في قلب الإنسان، ألم تروا إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟)) [(1)]، فعرَّفه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بأصله ونتائجه، أصله جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم، حرارة يجدها الإنسان في نفسه، ثم تنتفخ الأوداج ـ يعني العروق ـ ويحمر الوجه وربما ينتشر الشعر ويقف، ويجد الإنسان نفسه كأنه يغلي، فإذا غضب الإنسان على زوجته وطلقها في حال الغضب، يقول المؤلف: إن الطلاق يقع؛ لأن الغضبان له قول معتبر، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:((لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)) [(2)]، ومعنى ذلك أن حكمه معتبر، وإلا لما كان للنهي محل، فالحكم نافذ مع الغضب بنص السنة، وقد حكم النبي صلّى الله عليه وسلّم بين الزبير ورجل من الأنصار في السقي، فقال الرجل المحكوم عليه: أن كان ابن عمتك يا رسول الله؟ يعني حكمت له لأنه ابن عمتك، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: ((يا زبير: اسق حتى يصل الماء الجدر ثم أرسله إلى جارك)) [(3)] ، فهنا نفذ الحكم مع الغضب، فإذا نفذ الحكم مع الغضب وهو بين الناس، فالحكم بين الإنسان وبين زوجته من باب أولى، فيقع طلاق الغضبان.
وقوله: «ومن الغضبان» المؤلف أطلق ولم يفرق بين الغضب الشديد والغضب الخفيف، وقد ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ أن الغضب ثلاث درجات:
الأولى : أن يصل به إلى حد لا يدري ما يقول، وربما يصل إلى الإغماء، فهذا لا يقع طلاقه بالاتفاق؛ لأنه لا يعقل ما يقول، فيقول: أنا طلقتها وما أدري هل أنا بالسماء أو بالأرض؟ وهل أمامي زوجتي أو أمي أو جدي أو جدتي.
الثانية : ابتداء الغضب لكن يعقل ما يقول، ويمكن أن يمنع نفسه، فهذا يقع طلاقه بالاتفاق؛ لأنه صدر من شخص يعقله غير مغلق عليه، وكثيراً ما يكون الطلاق في الغالب نتيجة للغضب.
الثالثة : بَيْنَ بَيْنَ، كإنسان يدري أنه بالأرض، ويدري أنه ينطق بالطلاق، لكنه مغصوب عليه، فلقوة الغضب عجز أن يملك نفسه، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((ليس الشديد بالصرعة)) يعني الذي يصرع الناس ((وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) [(4)]، فهذا يدري ويعي ما يقول، وأنه يخاطب امرأته ويطلقها، لكن الغضب سيطر عليه كأنه يغصبه غصباً أن يطلق، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إن طلاقه يقع؛ لأن له قصداً صحيحاً، وهو يشعر بما يقول، ويعلم المرأة التي أوقع عليها الطلاق، فلا عذر له.
ومنهم من قال: إنه لا طلاق عليه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((لا طلاق ولا عتاق في إغلاق)) [(5)]، وهذا لا شك أنه مغلق عليه، فكأن أحداً أكرهه حتى طلق، وعلى هذا فيكون الطلاق غير واقع، وهذا هو الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام وابن القيم في كتابه «إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان» وذكر ستة وعشرين وجهاً تدل على عدم وقوعه.
فالقول بعدم وقوع طلاق الغضبان نظرياً هو القول الراجح، لكن عملياً وتربوياً هل نقول بالفتوى به، أو نمنع الفتوى به إلا في حالات معينة نعرف فيها صدق الزوج؟ الثاني؛ لأننا لو أطلقنا القول بأن طلاق الغضبان لا يقع لَكَثُرَ من يقول: أنا غضبت وطلقت، وهو لا يفرق بين الدرجة الأولى والدرجة الثانية فيقع التلاعب، ولهذا فإطلاق الفتوى بعدم وقوع الطلاق من الغضبان يؤدي إلى أن يتتابع الناس في الطلاق، فإذا رأى الإنسان من الزوج أنه رجل مستقيم لا يمكن أن يتهاون فحينئذٍ يتوجه القول بالفتوى أنه لا يقع الطلاق، وإذا رأى أنه متهاون يريد أن ترجع إليه زوجته بأي سبيل، فهنا ينبغي أن يفتى بوقوع الطلاق، وهذا من باب سياسة الخلق، والسياسة لها شأن عظيم في الشريعة الإسلامية حتى في الأمور الحسية، فربما نمنع هذا الرجل من أكل هذا الطعام المعين وهو حلال؛ لأنه يضره، ولا نمنع الآخر لأنه لا يضره.
ومن الإغلاق ما يكون من الموسوسين، فالموسوس يغلق عليه حتى إنه يطلق بدون قصد، حتى إن بعضهم ـ نسأل الله العافية ـ يقول: إني إذا فتحت الكتاب كأني أقول: امرأتي طالق، وإذا رفعت اللقمة إلى فمي كأني أقول: امرأتي طالق، وكل شيء يُبْدِي له أن امرأته طالق، فهذا لا شك أنه لا يقع طلاقه حتى لو طلق؛ لأن بعضهم إذا رأى الضيق العظيم قال: سأطلق وأستريح، ثم يطلق فهذا لا يقع طلاقه؛ لأنه بلا شك مغلق عليه، وهذا من أعظم ما يكون من الإغلاق، فالذي يبتلى بهذا الوسواس، سواء في عباداته أو في نكاحه يتعب تعباً عظيماً، حتى إنه إذا شك أحدث أو لا؟ قال: سأحدث ليتيقن، وإذا شك هل نوى الدخول في الصلاة أو ما نوى؟ قال: إذاً أنا أقطعها وأنوي من جديد، ثم إن نوى ودخل في الصلاة شك ثم قطعها، وقال: أنوي من جديد وهكذا، فمثل هذا يجب أن يفتى بأن يقال له: لو قالت لك نفسك: إنك ما نويت الصلاة فأنت ناوٍ، ولو قالت لك نفسك: إنك محدث فأنت غير محدث، حتى يزول عنه هذا الأمر؛ لأن هذا يعتبر تصرفه تصرفاً لاغياً، ومن ذلك الطلاق، فطلاق الموسوس لا يعتد به؛ وذلك لأنه إما أن يكون غير واقع، كما لو كان يظن أنه طلق، وإما أن يكون واقعاً بالإغلاق والإكراه كأن شيئاً يغصبه أن يقول فيقول.

وَوَكِيلُهُ كَهُوَ، ..................................
قوله: «ووكيله كهو» أي: وكيل الزوج في الطلاق كالزوج يقوم مقامه، لكن كيف قال: «كهو» و «هو» ضمير منفصل للرفع؟
هذا التعبير جائز في اصطلاح النحويين، وفيه استعارة ضمير الرفع لضمير الجر؛ لأن ضمير الجر في مثل هذا هو الهاء فقط، تقول: مررت به، وصلت إليه، لكن لما تعذر وجود الضمير المتصل مع الكاف فإنه يستعار ضمير الرفع، وإن كان الضمير المتصل قد يتصل بالكاف، كما قال ابن مالك:
وما رَوَوْا مِنْ نحو رُبَّهُ فَتَى
نَزْرٌ كَذَا كَمَا وَنَحْوُهُ أَتَى
لكن الأكثر في اللغة العربية أن الكاف لا تدخل على ضمير متصل.
وقوله: «ووكيله كهو» علم منه أنه يصح التوكيل في الطلاق وهو كذلك؛ لأن ما جاز أن يصح التوكيل في عقده جاز أن يصح التوكيل في فسخه، ولأنه تصرف لا يتعلق بالشخص نفسه، فليس عملاً بدنياً لا بد أن يقوم به الشخص نفسه، فيجوز للزوج أن يوكل شخصاً في طلاق زوجته، فيقول له: وكلتك أن تطلق زوجتي، ولكن لا بد أن يعيِّنَها إذا كان له أكثر من زوجة.
ويشترط في الفرع ما يشترط في الأصل، فمثلاً لا يملك الوكيل أن يطلق الزوجة وهي حائض، حتى لو علمنا أن زوجها لم يأتها لمدة سنوات؛ لأن الوكيل فرع عن الزوج، والزوج لا يجوز أن يطلق امرأته وهي حائض فكذلك الوكيل، ولهذا قال: «ووكيله كهو» ، لكن يختلف عن الزوج في أنه محدد.

ويُطَلِّقُ وَاحِدَةً وَمَتَى شَاءَ، إِلاَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَقْتاً وَعَدَداً، ............
قوله: «ويطلق واحدة» يعني أنه يتقيد بما قيده به، فإن أطلق فما له إلا واحدة فقط، فلا يُطلِّق أكثر.
مثال ذلك: قال زيد لعمرو: وكلتك في طلاق زوجتي، فذهب الوكيل وقال لها: أنت طالق ثلاثاً فما تطلق؛ لأنه تصرف تصرفاً غير مأذون فيه، ولأنه لم يقل له: طلق ثلاثاً، والوكالة مطلقة، فلا يملك إلا أقل ما يقع عليه اسم الطلاق وهو واحدة.
قوله: «ومتى شاء، إلا أن يعين له وقتاً وعدداً» أي: يطلق متى شاء، اليوم أو غداً، أو بعد غدٍ أو بعد شهر، أو بعد شهرين، لكن بشرط ألا يكون في حيض أو في طهر جامع فيه الزوج؛ وذلك لأن الزوج لا يملك ذلك وهو الأصل، فالفرع كذلك لا يملك، فيطلق متى شاء إلا إذا قال: لا تطلقها إلا في هذا الشهر، أو أنت وكيلي في طلاق امرأتي في هذا الشهر، فإنه لا يطلق إذا خرج الوقت.
فلو قال: أنت وكيلي في طلاق زوجتي في عشر ذي الحجة فطَلَّقَها في آخر ذي القعدة فما يقع؛ لأنه حدد له الوقت، ولو قال: أنت وكيلي في طلاق امرأتي في شهر محرم فطلقها في شهر ربيع فما يقع؛ وذلك لأن تصرف الوكيل مبني على إذن الموكل، وإذا كان مبنياً على إذن الموكل تقيد بما أذن له فيه، وهذه قاعدة مهمة في كل الوكالات، سواء في الطلاق أو النكاح أو البيع أو الشراء أو التأجير أو غير ذلك.
فإذا قيل: لماذا تفرقون بين الوقت والعدد؟ ففي العدد تقولون: واحدة، وفي الوقت: متى شاء، فلماذا لا تقولون: الوقت في حينه، فإن طلق في حين التوكيل، وإلا فلا يطلق؟
نقول: الفرق أن العدد يصدق فيه الطلاق بواحدة، فالزائد غير مأذون فيه، أما مسألة الزمن فالفعل غير مقيد، ما قال: اليوم، أو غداً، أو بعد شهر، أو بعد سنة.
ويقول الوكيل: طلقت زوجة موكلي فلان، أو يقول: أنت طالق بوكالتي عن زوجك.
فإن قال قائل: ما الداعي للتوكيل؟
فالجواب: ربما يكون الإنسان سيغيب، والطلاق ـ مثلاً ـ يكون بعد شهر أو شهرين، فيتأنى في الأمر، أو ربما أنه لا يحب أنه يجابهها بالطلاق.
فإذا رجع الزوج فإن كان قبل أن يطلق الوكيل انفسخت الوكالة؛ لأن له أن يفسخ، وإن كان بعد أن طلق فقد مضى الطلاق، وإذا فسخ الوكالة قبل أن يطلق الوكيل، والوكيل لم يعلم وطلَّق، فهل نقول: إن الطلاق لم يقع، أو نقول: إنه وقع؛ لأن الوكيل بنى على أصل لم يثبت زواله؟ في هذا رأيان للعلماء، منهم من قال: إنه إذا عزله ـ وإن لم يعلم ـ انعزل، فإذا طلَّقَ طَلَّقَ وهو غير وكيل، فلا يقع طلاقه.
ومنهم من قال: إذا طلق قبل العلم بالعزل فإن المرأة تطلق؛ لأنه بنى على أصل ـ وهو التوكيل ـ لم يثبت زواله.
والأقرب أنه لم يقع الطلاق؛ لأنه بفسخه الوكالة زال ملك الوكيل أن يطلق، لكن لو ادعى بعد أن طلق الوكيل أنه عزله قبل فلا بد من بينة، ولهذا إذا عزل الوكيل فلا بد أن يشهد؛ حتى لا ينكر أهل الزوجة إذا كانوا يريدون فراق الزوج.
وليس للوكيل أن يوكل آخر، ولهذا قال: «ويطلق» أي: يطلق الوكيل نفسه، وليس له أن يوكل.

وَامْرأَتُهُ كَوَكِيلِهِ فِي طَلاَقِ نَفْسِهَا.
قوله: «وامرأته كوكيلِهِ في طلاق نفسها» أفادنا المؤلف أنه يجوز أن يوكل امرأته في طلاق نفسها؛ وهذه أغرب من الأولى، فيجوز أن يقول: وكلتكِ أن تطلقي نفسك؛ لأنها تتصرف كما يتصرف الوكيل، فلها أن تطلق نفسها، كما خير النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ نساءه بين أن يبقين معه أو يفارقهن[(6)]، وكما أن للإنسان أن يخير امرأته بين الطلاق وبين بقاء النكاح فإن هذا مثله؛ لأنه جعل الأمر بيدها بواسطة الوكالة، فالمذهب أنه يملك أن يوكل زوجته في طلاق نفسها، وتوكيل المرأة في طلاق نفسها مع أنها لا تملكه مستثنى من قولهم في باب الوكالة: «ومن له التصرف في شيء صح أن يوكل ويتوكل فيه» إلا في مسائل عدوها، منها هذه المسألة أنه يجوز توكيل المرأة في الطلاق وهي لا تملك الطلاق.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم سلفاً وخلفاً، فمنع منها أهل الظاهر وجماعة من السلف والخلف، وقالوا: ما يمكن أن يكون الطلاق بيد الزوجة بالوكالة، لأن الزوجة تختلف عن الأجنبي بأنها سريعة العاطفة والتأثر ولا تتروَّى في الأمور، فلو يأتيها أدنى شيء من زوجها قالت: طلَّقْتُ نفسي بالوكالة، ولهذا وصفها النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ((لو أحسنت إليها الدهر كله، ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت منك خيراً قط)) [(7)] ، بخلاف وكيل الزوج، فعلى هذا لا يصح أن يوكل زوجته في طلاق نفسها؛ وبناء على هذا الرأي قالوا: لو علق طلاقها على فعل لها لم يقع الطلاق، مثل أن يقول: لو فعلت كذا فأنت طالق، ففعلت فإنها لا تطلق؛ لأنها ما عندها تروٍّ، ولو جاءها أدنى شيء قالت: الحمد لله سأطلق، سأفعل هذا الفعل من أجل أن أطلق.
فحتى على القول بالجواز ـ كما هو المذهب ـ لا ينبغي للإنسان أن يوكل امرأته في طلاق نفسها أبداً؛ لأنها كما علل المانعون ضعيفة التفكير، سريعة التأثر والعاطفة، فكل هذه الأسباب توجب أن يتوقف الإنسان في توكيلها.



[1] أخرجه الترمذي في الرضاع/ باب ما جاء في حق المرأة على زوجها (1163)، وابن ماجه في النكاح/ باب حق المرأة على الزوج (1851) عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
[2] أخرجه أبو داود في الطلاق/ باب في كراهية الطلاق (2178)، وابن ماجه في الطلاق/ باب (2018) عن ابن عمر رضي الله عنهما، انظر: التلخيص (1590)، والإرواء (2040).
[3] أخرجه مسلم في النكاح/ باب الوصية بالنساء (1467) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[4] أخرجه البخاري في المظالم/ باب الغرفة والعُلِّيَّة... (2468)، ومسلم في الطلاق/ باب بيان أن تخييره امرأته لا يكون طلاقاً إلا بالنية (1475) عن عائشة رضي الله عنها.
[5] أخرجه مسلم في الأقضية/ باب نقض الأحكام الباطلة... (1718) (18) عن عائشة رضي الله عنها.
[6] أخرجه البخاري في بدء الوحي/ باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ (1)، ومسلم في الإمارة/ باب قوله: ((إنما الأعمال بالنيات)) (1907) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
[7] أخرجه أبو داود في الحدود/ باب في المجنون يسرق... (4401)، والترمذي في أبواب الحدود/ باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد (1423) عن علي رضي الله عنه، وأخرجه النسائي في الطلاق/ باب من لا يقطع طلاقه... (6/156) عن عائشة رضي الله عنها.
[8] سبق تخريجه ص(17).
[9] علقه البخاري في الطلاق/ باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران...، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (1/311)، وابن أبي شيبة (4/75)، والبيهقي (7/359) ووصله عنه الحافظ في التغليق (4/453).
[10] أخرجه ابن أبي شيبة (4/77)، والبيهقي (7/359) وصححه في الإرواء (7/112).
[11] أخرجه مسلم في الطلاق/ باب طلاق الثلاث (1472) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[12] سبق تخريجه ص(17).
[13] أخرجه البيهقي (7/357)، وضعفه الحافظ في التلخيص (3/216)، والألباني في الإرواء (2048).
[14] سبق تخريجه ص(17).
[15] أخرجه الإمام أحمد (6/276)، وأبو داود في الطلاق/ باب في الطلاق على غَلَطَ (2193)، وابن ماجه في الطلاق/ باب طلاق المكره والناسي (2046) عن عائشة رضي الله عنها.
[16] الروض مع حاشية ابن القاسم (6/491).
[17] أخرجه أحمد (3/19)، والترمذي في الفتن/ باب ما جاء ما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة (2191)، والطبراني في الأوسط (4/140)، والحاكم (4/551)، والبيهقي في الشعب (6/310).
[18] أخرجه البخاري في الأحكام/ باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان؟ (7158)، ومسلم في الأقضية/ باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان (1717) عن أبي بكرة رضي الله عنه.
[19] أخرجه البخاري في المساقاة/ باب سَكْر الأنهار (2360)، ومسلم في الفضائل/ باب وجوب اتباعه صلّى الله عليه وسلّم (2357) عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
[20] أخرجه البخاري في الأدب/ باب الحذر من الغضب... (6114)، ومسلم في الأدب/ باب فضل من يملك نفسه عند الغضب... (2609) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[21] سبق تخريجه ص(24).
[22] سبق تخريجه ص(11).
[23] أخرجه البخاري في الإيمان/ باب كفران العشير وكفر دون كفر (29)، ومسلم في الصلاة/ باب ما عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الكسوف... (907) عن ابن عباس رضي الله عنهما.


التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطلاق, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir