دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب القضاء

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الآخرة 1431هـ/26-05-2010م, 06:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي كتاب القضاء

كتابُ القضاءِ
وهو فَرْضُ كِفايةٍ، يَلْزَمُ الإمامَ أن يَنْصِبَ في كلِّ إقليمٍ قاضيًا، ويَختارُ أَفْضَلَ مَن يَجِدُه عِلْمًا ووَرَعًا، ويَأْمُرُه بتَقوى اللهِ، وأن يَتَحَرَّى العدْلَ ويَجتهِدَ في إقامتِه فيَقولَ: " وَلَّيْتُكَ الْحُكْمَ" أو " قَلَّدْتُكَ " ونحوَه، ويُكاتِبُه في البُعْدِ.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


كِتَابُ القَضَاءِ

لُغَةً: إِحكامُ الشيءِ والفَرَاغُ مِنه، ومنه: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}. واصطلاحاً: تَبْيِينُ الحُكْمِ الشرعِيِّ والإلزامُ به, وفَصْلُ الحُكُومَاتِ.
(وهو فَرْضُ كِفَايَةٍ)؛ لأنَّ أمرَ الناسِ لا يَسْتَقِيمُ بِدُونِهِ، و(يَلْزَمُ الإمامَ أنْ يُنَصِّبَ في كلِّ إِقليمٍ)- بكسرِ الهمزةِ- (قاضِياً)؛ لأنَّ الإمامَ لا يُمْكِنُهُ أنْ يُبَاشِرَ الخُصُومَاتِ في جميعِ البُلْدانِ بنفسِه، فوَجَبَ أنْ يُرَتِّبَ في كلِّ إقليمٍ مَن يَتَوَلَّى فَصْلَ الخُصُومَاتِ بينَهم؛ لئلاَّ تَضِيعَ الحقوقُ.
(ويَخْتَارُ) لِنَصْبِ القَضَاءِ (أفضلَ مَن يَجِدُهُ عِلْماً وَوَرَعاً)؛ لأنَّ الإمامَ ناظرٌ للمُسْلِمِينَ، فيَجِبُ عليهِ اختيارُ الأصلحِ لهم. (ويَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللهِ)؛ لأنَّ التقوَى رأسُ الدِّينِ، (و) يَأْمُرُهُ (بأنْ يَتَحَرَّى العدلَ)؛ أي: إعطاءَ الحقِّ لمُسْتَحِقِّهِ مِن غيرِ مَيْلٍ. (ويَجْتَهِدُ) القَاضِي (في إقامتِه)؛ أي: إقامةِ العدلِ بينَ الأخصامِ، ويَجِبُ على مَن يُصْلِحُ ولم يُوجَدْ غيرُه مِمَّن يُوثَقُ بهِ, أنْ يَدْخُلَ فيه إنْ لم يَشْغَلْهُ عمَّا هو أهمُّ مِنه.
ويَحْرُمُ بَذْلُ مالٍ فيهِ, وأخذُه, وطَلَبُه, وفيهِ مُبَاشِرٌ أهلٌ، (فيَقولُ) المُوَلِّي لِمَن يُوَلِّيهِ: (وَلَّيْتُكَ الحُكْمَ, أو: قَلَّدْتُكَ) الحُكْمَ. (ونحوَه)؛ كفَوَّضْتُ, أو رَدَدْتُ, أو جَعَلْتُ إليكَ الحُكْمَ، أو اسْتَنَبْتُكَ, أو اسْتَخْلَفْتُكَ في الحُكْمِ. والكنايةُ - نحوُ: اعْتَمَدْتُ أو عَوَّلْتُ عليكَ - لا يُنْعَقَدُ بها, إلاَّ بِقَرِينَةٍ، نحوَ: فاحْكُمْ.
(وبكتابةٍ) بالوَلايةِ (في البُعْدِ)؛ أي: إذا كانَ غَائِباً فيَكْتُبُ له الإمامُ عَهْداً بما وَلاَّهُ، ويُشْهِدُ عَدْلَيْنِ عليها.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


كتاب القضاء([1])

لغة: إحكام الشيء، والفراغ منه([2]) ومنه (فقضاهن سبع سموات في يومين)([3]).
واصطلاحا تبيين الحكم الشرعي([4]) والإلزام به([5]) وفصل الحكومات([6]) (وهو فرض كفاية)([7]) لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه([8]) و(يلزم الإمام أن ينصب في كل إقليم) بكسر الهمزة (قاضيا)([9]).

لأن الإمام لا يمكنه أن يباشر الخصومات، في جميع البلدان بنفسه([10]) فوجب أن يرتب في كل إقليم، من يتولى فصل الخصومات بينهم لئلا تضيع الحقوق([11]) (ويختار) لنصب القضاء (أفضل من يجد علما وورعا)([12]) لأن الإمام ناظر للمسلمين، فيجب عليه اختيار الأصلح لهم([13]) (ويأمره بتقوى الله)([14]).

لأن التقوى رأس الدين([15]).
(و) يأمره بـ (أن يتحرى العدل) أي إعطاء الحق لمستحقه، من غير ميل([16]) (ويجتهد القاضي في إقامته) أي إقامة العدل بين الأخصام([17]) ويجب على من يصلح، ولم يوجد غيره، ممن يوثق به، أن يدخل فيه([18]) إن لم يشغله عما هو أهم منه([19]) ويحرم بذلك مال فيه وأخذه([20]) وطلبه وفيه مباشر أهل([21]).
(فيقول) المولي لمن يوليه([22]) (وليتك الحكم، أو قلدتك الحكم([23]) ونحوه) كفوضت أو رددت، أو جعلت إليك الحكم([24]) أو استنبتك، أو استخلفتك في الحكم([25]) والكناية نحو: اعتمدت أو عولت عليك([26]) لا ينعقد بها إلا بقرينة نحو: فاحكم([27]).

(ويكاتبه) بالولاية (في البعد)([28]) أي إذا كان غائبا، فيكتب له الإمام عهدا بما ولاه([29]) ويشهد عدلين عليها([30])


([1]) والفتيا قال الشيخ: والواجب اتخاذ ولاية القضاء، دينا وقربة، فإنها من أفضل القربات، وإنما فسد حال الأكثر، لطلب الرياسة والمال بها، والفتيا هي: تبيين الحكم الشرعي للسائل عنه، وقال أحمد: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا، حتى يكون فيه خمس خصال، وأن يكون له نية، وإلا لم يكن عليه ولا على كلامه نور، وأن يكون له حلم، ووقار وسكينة، وأن يكون قويا على ما هو فيه، وعلى معرفته، والكفاية وإلا مضغه الناس، والخامس معرفة الناس اهـ.
وينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص مهما أمكن، فإنه يتضمن الحكم والدليل، مع البيان التام، وكان الصحابة والتابعون، يتحرون ألفاظ النصوص، وهي حجة وعصمة، بريئة من الخطأ والتناقض والتعقيد والاضطراب.
ويحرم عليه الفتيا بخلاف النص، ولا يجوز له التزويج، وتخيير السائل، والقاؤه في الإشكال والحيرة، بل عليه أن يبين بيانا مزيلا للإشكال، كافيا في حصول المقصود، لا فرق بين القاضي والمفتي، في جواز الإفتاء، بما تجوز الفتيا به، ووجوبها إذا تعينت ومنصب الفتيا داخل في منصب القضاء، عند الجمهور.
([2]) والقضاء: مصدر قضى يقضي، فهو قاض، إذا حكم، وإذا فصل وإذا أمضى، وقضى فلان واستقضى صار قاضيا.
([3]) وبمعنى أوجب قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} وبمعنى إمضاء الحكم ومنه {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} الآية: أي: أمضينا
وأنهينا وسمي الحاكم قاضيا، لأنه يمضي الأحكام ويحكمها، أو لإيجابه الحكم على من يجب عليه.

([4]) وهذا مشترك بين القاضي والمفتي.
([5]) أي إن كان فيه إلزام، وهذا مختص بالقاضي، وقد يكون إباحة كحكم الحاكم، بأن الموات إذا بطل إحياؤه، صار مباحا لجميع الناس، وقال الشيخ: هو من جهة الإثبات شاهد، ومن جهة الأمر والنهي مفت، ومن جهة الإلزام بذلك ذو سلطان.
([6]) والأصل فيه الكتاب والسنة، وإجماع المسلمين على نصب القضاة للفصل بين الناس.
([7]) وفاقا، كالإمامة العظمة، وقال أحمد: لا بد للناس من حاكم، لئلا تذبه حقوق الناس، وقال الشيخ: قد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع، القليل العارض في السفر، وهو تنبيه على أنواع الاجتماع اهـ ويتعين على المجتهد الدخول فيه، إذا لم يوجد غيره، وفيه فضل عظيم لمن قوي عليه، وخطر عظيم لمن لم يؤد الحق فيه.
([8]) وإذا أجمع أهل بلد على تركه أثموا.
([9]) قال ابن رشد: وتوليته للقاضي، شرط في صحة قضائه، لا خلاف أعرفه فيه، قال الشيخ: والوكالة يصح قبولها على الفور والتراخي، بالقول والفعل، والولاية نوع منها.
([10]) قال ابن رشد: ولا خلاف في جواز حكم الإمام الأعظم، اهـ ولأن الإمام الأعظم هو القائم بأمر الرعية، المتكلم بمصلحتهم، المسئول عنهم.
([11]) ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وللحاجة إلى ذلك، ولئلا يتوقف الأمر على السفر إلى الإمام، ولما في السفر إليه من المشقة، وكلفة النفقة، وقال الشيخ: تولية قاضيين في بلد واحد، إما أن يكون على سبيل الاجتماع، بحيث ليس لأحدهما الانفراد كالوصيين، والوكيلين، وإما على سبيل الانفراد، أما الأول فلا مانع منه، إذا كان فوقهما من يرد مواضع تنازعهما والثاني يجوز مطلقا.
([12]) لأن القضاء بالشيء فرع عن العلم به، والأفضل أثبت وأمكن، وكذا من ورعه أشد لأن سكون النفس إلى ما يحكم به أعظم.
([13]) وإن لم يعرف الإمام الأفضل، سأل عمن يصلح، فإن ذكر له من لا يعرفه أحضره وسأله، ليكون على بصيرة، ولأن ربما كان للمسئول غرض غير المطلوب، وكانوا يمتحنون العمال بالفرائض، ونحوها من الغوامض، فإن عرف عدالته ولاه، وإلا لم يوله إلا عند الضرورة.
([14]) ليأتمر بأمره وينتهي عما نهى عنه.
([15]) أمر الله بها نبيه، وحث عليها، ووعد من اتقاه أعظم الجزاء.
([16]) ويأمره بالاجتهاد في إقامة الحق، لأن ذلك تذكرة له بما يجب عليه فعله، وإعانة له في إقامة الحق، وتقوية لقلبه، وتنبيه على اعتناء الإمام بأمر الشرع، وأهله.
([17]) والعدل محمود محبوب باتفاق أهل الأرض، وهو من المعروف الذي تعرفه القلوب، كما أن الظلم من المنكر الذي تبغضه القلوب وتذمه، قال الشيخ: ومن فعل ما يمكنه، لم يلزمه ما يعجز عنه.
([18]) لأن القضاء فرض كفاية، ولا قدرة لغيره على القيام به إذا، فتعين عليه، ولئلا تضيع حقوق الناس، فإن لم يطلب له، أو وجد موثوق به غيره، لم يلزمه الدخول فيه، وإلا لزمه.
([19]) أي إن لم يشغله الدخول في القضاء عما هو أهم منه، كأمر دينه فلا يلزمه إذا الدخول فيه، ومع وجود غيره، الأفضل أن لا يجيب، وكره له طلبه إذا.
([20]) بأن يبذله طالب القضاء، وكذا أخذ الوالي لذلك، وهو من أكل المال بالباطل.
([21]) أي ويحرم طلب القضاء، وفيه مباشر أهل، أي صالح له، ولو كان الطالب أهلا، وإلا جاز بلا مال، وظاهر تخصيص الكراهة بالطلب، أنه لا يكره
تولية الحريص، ولا ينفي أن غيره أولى، ووجه في الفروع، يكره، وصوبه في الإنصاف.

ويحرم الدخول في القضاء على من لا يحسنه، ولم تجتمع فيه شروطه، والشفاعة له وإعانته على التولية، ويحرم الدخول فيه، إذا لم يمكنه القيام بالواجب، لظلم السلطان أو غيره، ويتأكد الامتناع، ويصح تولية مفضول مع وجود أفضل منه، لفعل الصحابة رضي الله عنهم.
([22]) أي فيقول الإمام أو نائبه، ولو غير عدل، لمن يوليه القضاء.
([23]) أي ألفاظ التولية الصريحة: وليتك الحكم، وقلدتك الحكم.
([24]) أي ونحو وليتك، وقلدتك: فوضت إليك الحكم، أو رددت إليك الحكم، أو جعلت إليك الحكم.
([25]) أي: أو استنبتك في الحكم، أو استخلفتك في الحكم، فإذا وجد أحد هذه الألفاظ، وقبل المولى الحاضر في المجلس، أو الغائب بعده، أو شرع الحاضر، أو الغائب في العمل، انعقدت الولاية.
([26]) ووكلت إليك، وأسندت الحكم إليك.
([27]) أي: لا تنعقد الولاية بكناية منها إلا بقرينة، نحو: فاحكم، أو فتول ما عولت عليك، وما أشبهه، لأن هذه الألفاظ، تحتمل التولية وغيرها، فلا تنصرف إلى التولية إلا بقرينة تنفي الاحتمال.
([28]) لأن التولية تحصل بذلك، كالتوكيل.
([29]) لأن النبي صلى الله عليه وسلم: كتب لعمرو بن حزم، وكتب عمر إلى أهل الكوفة، وجرى على ذلك ولاة المسلمين.
([30]) فيقول: أشهد أني قدوليت فلانا قضاء كذا، فيقيما الشهادة هناك، وقال غير واحد: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يشهد ولا خلفاؤه، وإنما يكتبون ويختمون بما يعلم ضرورة أنه كتاب منهم بالتولية، وجرى على ذلك عمل المسلمين.

  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 12:51 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كِتَابُ القَضَاءِ

قوله: «القضاء» في اللغة إحكام الشيء والفراغ منه، ويطلق بمعنى التقدير، فإذا كان أمراً شرعياً فالقضاء بمعنى الإحكام، وإذا كان أمراً مُقدراً فإما أن يراد به التقدير الأزلي، أو الفراغ من الشيء، فقوله تعالى: {{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}} [فصلت: 12] ، أي: فرغ منهن، وقوله: {{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ}} [الإسراء: 4] أي: قدرناه في الأزل، وقوله: {{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}} [الإسراء: 23] ، أي: شرع شرعاً محكماً، فرضاً على العباد.
أما في الشرع فالقضاء يتضمن ثلاثة أمور: تبيين الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الحكومات أو الخصومات.
فقولنا: «تبيين الحكم الشرعي» جنس يدخل فيه الفتيا؛ لأن المفتي يبين الحكم الشرعي، ولهذا لو قلت: القضاء شرعاً تبيين الحكم الشرعي، ما صح الحد والتعريف؛ لأنه غير مانع فيدخل في المُعرَّف ما ليس منه كالفتيا، فإن المفتي يبين الحكم الشرعي.
وقولنا: «الإلزام به وفصل الخصومات» يخرج به الفتيا، فإن المفتي لا يُلزم، وهل يفصل الحكومات أو لا؟ لا يفصلها، لكن لو أن المفتي حُكِّمَ ـ أي: تحاكم إليه اثنان ـ وقالا: رضيناك حكماً بيننا، وحكم بينهما صار حكمه كحكم القاضي ملزماً، ولكنه إذا لم يُحكَّم، ولم ينصب من قبل ولي الأمر، فإنه مُبيِّن لا ملزم، هذا هو الفرق بين المفتي والقاضي.

وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَلْزَمُ الإِمَامَ أَنْ يَنْصِبَ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ قَاضِياً،.......
قوله: «وهو فرض كفاية» أما كونه
فرضاً فلأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمر به، فقال: {{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ}} [ص: 26] ، وقال تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}} [النساء: 58] ، فأمرنا إذا حكمنا أن نحكم بالعدل، وأمر نبيه داود عليه الصلاة والسلام أن يحكم بين الناس، وهذا يدل على أنه فرض، وأما كونه فرض كفاية فلأن المقصود به الفعل دون الفاعل، وقد بيناه في نظم القواعد[(176)]، وأنه إذا كان المقصود الفعل فهو فرض كفاية، وإن كان المقصود الفاعل فهو فرض عين، أو سنة كفاية وسنة عين، حسب الأمر، فالقضاء فرض كفاية؛ لأن المقصود إيجاد قاضٍ يحكم بين الناس، وليس المقصود أن كل واحد من الناس يكون قاضياً، فالمقصود به الفعل، أي: أن يوجد الحكم بين الناس، بقطع النظر عن عين الفاعل.
قوله: «يلزم الإمام» انتقل المؤلف إلى من يوجه إليه هذا الفرض، فيوجه إلى طائفتين: إلى الإمام، وإلى المأمور، يعني إلى الإمام الذي هو الآمر، وإلى المأمور الذي هو المُولَّى، فإذا قال الإمام لشخص: كن قاضياً في هذا البلد، صار القضاء في حق هذا الشخص فرض عين كما سيأتي.
وقوله: «يلزم الإمام» فمن الإمام؟
الإمام ولي الأمر، يعني السلطان الأعلى في الدولة، والآن الدول تختلف، بعضها السلطان الأعلى في الدولة يُسمى ملكاً، وبعضها يسمى رئيساً، وبعضها أميراً، وبعضها سلطاناً، وبعضها شيخاً، فالمهم المعاني، فإذا كان هذا هو السلطة العليا في الدولة فهو الإمام.
وقوله: «يلزم الإمام» لأن الإمام في الحقيقة خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، واختلف العلماء، هل يجوز أن أقول: خليفة الله أو لا يجوز؟
فقال بعض العلماء: يجوز أن تقول: خليفة الله، لكنه من باب إضافة الشيء إلى فاعله، بمعنى مخلوف الله، يعني أن الله استخلفك في الأرض، وجعلك خليفةً، وليس المعنى أن الله ـ تعالى ـ وكَّلك على عباده؛ لأنه عاجز عن تدبيرهم، كلا، لكن المعنى أن الله جعلك خليفة في الأرض، تخلفه في عباده، بمعنى أن تقيم شرعه فيهم، وقد قال الله تعالى لداود عليه السلام: {{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ}} [ص: 26] .
وقال الشاعر يخاطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
خليفة الله ثم اللَّه يحفظه
واللَّه يصحبك الرحمن في سفر
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا
من الخليفة ما نرجو من المطرِ
فقال: خليفة الله، وأقره ـ حسب الرواية ـ وما أنكره.
وقال بعض العلماء: لا يجوز؛ لأن خليفة الإنسان لا يكون إلا عند غيبة الإنسان المُخلِّف، ولهذا قال موسى لهارون ـ عليهما الصلاة والسلام ـ: {{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي}} [الأعراف: 142] ؛ لأنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ غاب لميقات ربه.
ولكن الصحيح الأول، وأنه يجوز أن نقول: خليفة الله، لأن الله استخلفه في عباده ليقوم بعدله، ولا يعني ذلك أن الله تعالى ليس بحاضر، فالله ـ عزّ وجل ـ فوق عرشه، ويعلم كل شيء، وفرق بين استخلاف موسى لهارون عليهما السلام، وبين استخلاف الله ـ تعالى ـ هذا الخليفة في الأرض.
والذين يقولون: لا يجوز، يقولون: إنك تقول: خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنك خلفت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أمته علماً، وعملاً، ودعوة، وسياسة، يعني أن الخليفة يجب أن يكون خالفاً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هذه الأمور الأربعة، العلم، والعمل، والدعوة، والسياسة، فمسؤولية الخليفة ليست هينة.
فالعلم بمعنى أن يكون عالماً بالشريعة، ولهذا كان الخلفاء في عهد السلف الصالح هم العلماء، فإن عجز فإنه يجب أن يكون له بطانة ذات علم بشريعة الله، ويجب أن تكون هذه البطانة عالمةً بأحوال العصر، وأن يكون لها قدرة على تطبيق الحوادث العصرية على الأصول الشرعية؛ لأن بعض الناس عالم، لكن لا يعلم أحوال الناس ومتطلبات العصر، فتجده يريد أن يفرض ما يعلمه دون النظر إلى الواقع، وهذا خطأ، بل الواجب على العالم أن يكون مع علمه مربياً، بمعنى أنه ينظر إلى الواقع ليطبقه على الأصول الشرعية، ولسنا نقول: ينظر إلى الواقع ليلوي أعناق الأصول الشرعية إليه، بل ليحمل الواقع على الأصول الشرعية، والحمد لله، فإن الدين الإسلامي لا يمكن أن تحدث أي حادثة إلى يوم القيامة إلا وفيها حَلٌّ في الدين الإسلامي، علمه من علمه، وجهله من جهله، لكن الذي يفوتنا إما القصور وإما التقصير، أما أن توجد حادثة إلى يوم القيامة لا يوجد لها حل في الشريعة! فهذا مستحيل؛ لأن الله جعل هذا الدين باقياً إلى قيام الساعة، فلا بد أن يكون فيه حلول لمشاكل العالم، وإلا ما صح أن يكون ديناً، أو شريعة إلى يوم القيامة.
وأما أن يخلف النبي صلّى الله عليه وسلّم في العمل، يعني أن يكون قدوة صالحة في عمله، وعباداته، ومعاملاته، وأخلاقه، وسلوكه؛ ليكون أسوة؛ لأن اسمه خليفة وإمام، خليفة لمن سبقه، وإمام لمن لحقه.
وأما الدعوة فأن يكون إماماً في الدعوة إلى الإسلام، فيكاتب زعماء الكَفرة، يدعوهم إلى الإسلام، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكاتبهم يدعوهم إلى الإسلام.
فإنه كاتب الملوك والزعماء والأمراء في عهده، كتب إلى المقوقس في مصر، وإلى هرقل في الشام، وإلى كسرى في العراق[(177)]، وإلى غيرهم، وهذا من وظائف الإمام، فإن لم يباشره بنفسه فليجعل من يباشره وينوب عنه، بأن يكوِّن لجنةً من أهل العلم يتولون هذا الأمر، ويكون لديهم العلم بالشرع والواقع، وسعة الأفق، وحسن الأسلوب، وعرض الدين الإسلامي على الوجه الأكمل، الذي يجعل القلوب تميل إليه؛ لأنه دين الفطرة.
كذلك ـ أيضاً ـ مما يتصل بالدعوة حماية الإسلام، بالدفاع عنه بكل ما يستطيع، أولاً: بمنع ما ينقص الإسلام أو ينقضه، وذلك بمنع الحرب التي تقام بين حين وآخر، إن صح أن أقول: بين حين وآخر؛ لأن الصواب أن الحرب قائمة بين الإسلام والكفر منذ بدأ الإسلام.
والحرب التي حورب بها الإسلام تنقسم إلى قسمين: حرب مادية بالسلاح والعتاد، وهذا لا أعتقد أن أحداً من المسلمين يتقاعس عنه، بل لو رأوا العدو يأتي الأرض ينقصها من أطرافها، لقاموا إليه وعرفوا عداوته، وهذا واجب على الإمام والخليفة أن يكوِّن جيشاً قادراً على دفاع العدو بقدر المستطاع؛ لقوله تعالى: {{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}} [الأنفال: 60] .
وهناك حرب بسلاح أخفى وأنكى وأشد، وهي الحرب في الفكر والعقيدة والأخلاق، في الفكر يغزون المسلمين بأفكار هدامة يأخذونها، إما من ملحدين، وإما من منافقين.
في العقيدة ـ أيضاً ـ هناك عقائد تنتمي إلى الإسلام غير الأفكار التي ترد من الملاحدة والزنادقة، عقائد منحرفة كما ذكرها شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية في الأصول الخمسة التي كان أهل السنة وسطاً فيها بين طوائف هذه الأمة، فلا بد أن تحارب هذه العقائد الفاسدة.
الحرب بالأخلاق هذا ـ أيضاً ـ صعب؛ لأن النفوس ميالة إلى ما تدعو إليه هذه الفئة، التي تسلِّط شررها ـ ولا أقول: أضواءها ـ على أهل المروءة والأخلاق العالية؛ لتهدم مروءتهم وأخلاقهم، ويتمثل هذا في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، ولذلك تجد أعداء المسلمين يغزون المسلمين بمثل هذا، تأمَّل صحفهم، تأمَّل إذاعاتهم، وتأمَّل ـ أيضاً ـ ما ينشرونه بين المسلمين من المجلات التي فيها أزياء، لا أقول: إنها جديدة على أزيائنا، واستعمالها مخالف لعاداتنا، ولكني أقول: إنها أحياناً تخالف اللباس الشرعي، فيجب أن يحمى الإسلام من هذه الأشياء.
هناك ـ أيضاً ـ شيء آخر يغزون المسلمين به وهو الاكتساب، بحيث يغرون الناس على الميسر والربا وغير ذلك، بطرق كثيرة، فيدخل في حماية الدين الإسلامي أن نبين هذا القسم الثاني، الذي هو حرب الفكر والعقيدة والأخلاق والمعاملات، وذلك بأن نبين فساد هذه الأشياء؛ لأن بيان فسادها كسر لهذه الأسلحة، ثم نأتي بما هو أحسن منها فيما جاء به الإسلام؛ لأن كوننا نهاجم هذه الأسلحة بدون ذكر البديل خطأ؛ لأن الناس يقولون: أين البديل؟ ولهذا جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يرشد إلى هذه الطريق، وهي أنك إذا أبطلت منكراً فاذكر ما يحل محله من المعروف، قال الله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا}}، هذا منكر، والبديل: {{وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}} [البقرة: 104] ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ لمن جاءه بالتمر الجيد الذي كان يأخذ الصاع منه بالصاعين، والصاعين بالثلاثة ـ قال: «لا تفعل» ، وفي رواية: «عينُ الربا» [(178)] رده، ثم أرشده قال: بع التمر الجمع ـ أي: الرديء ـ بالدراهم، ثم اشتر «بالدراهم جنيباً» [(179)] ـ يعني تمراً طيباً ـ فهكذا ينبغي للداعية إذا سد على الناس باب الشر أن يفتح بدله من أبواب الخير، حتى لا يقع الناس في حيرة.
كذلك ـ أيضاً ـ مما يتصل بالدعوة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، هذا من وظيفة الإمام، والمعروف كل ما أمر به الشرع، والمنكر كل ما نهى عنه الشرع، هذا هو الضابط، وسمي الأول معروفاً؛ لأن الشرع عرفه وأقره، والثاني منكراً؛ لأن الشرع أنكره، فإن لم يقم بذلك بنفسه وكله إلى من به الكفاية، فيكون نائباً عنه في ذلك، ولا يمكن أبداً أن تقوم الأمة الإسلامية، أو تتحد إلا بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: {{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}} [آل عمران: 110] ، وقال تعالى: {{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *}{وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}} [آل عمران: 104، 105] .
فأشار بقوله: {{وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا}}، بعد قوله: {{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ}}، إلى أنه إذا لم يكن ذلك تَفرَّق الناس، وهذا واضح، فإذا لم يكن أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، كل واحد يسلك سبيلاً، حينئذ تتفرق الأمة، ولا يجمع الأمة إلا شريعة ربها عزّ وجل، وذلك لا يكون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولا بد أولاً: أن تكون الأمة أو الطائفة التي يقيمها الإمام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لها علم بأن هذا معروف وهذا منكر، وتعلم ذلك عن طريق الشرع.
ثانياً: أن يكون لديها علم بأن هذا الرجل ترك المعروف أو فعل المنكر، فإن لم تعلم فإنه لا يجوز أن تنكر لا أمراً ولا نهياً، فلو أنك رأيت رجلاً يمشي مع امرأة في السوق فقلت له: ألا تخاف الله؟ تمشي مع الحريم بالسوق! فهذا لا يسوغ ولا يجوز! اسأله أولاً: من هذه المرأة؟ ما علاقتك بها؟ فإذا قال: هذه أختي، هذه أمي، هذه بنتي، كُفْ وانتهِ، اللهم إلا أن يكون هناك قرائن قوية تخالف ما ادعاه، فهذا شيء آخر، ولهذا كان الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا ينكر الشيء إلا بعد أن يعلم أنه منكر، ولما دخل رجل والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة جلس، فهل قال له: قم صلِّ ركعتين؟ لا، بل قال: «أصليت؟» لأن فيه احتمالاً أنه صلى، والرسول صلّى الله عليه وسلّم ما رآه، فلما قال: لا، قال: «قم فصلِّ ركعتين» [(180)].
ولو خرجت من المسجد ووجدت شخصاً يمشي في السوق، هل تقول له: تعالَ، أنت ما تخاف الله، الناس يصلون بالمسجد، وأنت تمشي بالأسواق! هذا خطأ، بل تقول: أصليت يا أخي؟ فإذا قال: ما صليت! جئت الآن من العمل، تقول: يا أخي الصلاة مهمة، وتنصحه بلطف.
ثالثاً: لا بد أن يكون عند الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر حكمة، بأن يدفع الأشر بالشر، والشر بالخير؛ لأن دفع الأشر بالشر أهون، يعني ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وهذه قاعدة عند أهل العلم، مثل لو رأى رجلاً يشرب الدخان فنهاه عنه، فترك شرب الدخان وذهب يشرب خمراً، فهذا لو تُرك يشرب الدخان لكان أفضل من أن يشرب الخمر، فإذا علمت أنني إذا نهيته عن الدخان راح ليشرب الخمر، أتركُه يشرب الدخان، وإذا انتهى قلت له: هذا يا أخي حرام، ولا يجوز، ولعل الله أن يهديه، ولهذا يذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما دخل التتار الشام مرّ هو وصاحب له بقومٍ يشربون الخمر من التتار، ولم ينههم شيخ الإسلام، فقال له صاحبه في ذلك، فقال له: لو نهيناهم عن هذا تركوا الخمر، وراحوا يهتكون أعراض المسلمين؛ لأنهم قوم مفسدون، فدعهم يلهون بخمرهم التي هي عليهم ولا يتعدون، فانظر كيف الحكمة؟ فاستعمال الحكمة أمر ضروري للإنسان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
رابعاً: استعمال الرفق، وهو ـ أيضاً ـ كمال للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ومرّ رجل يهودي على النبي صلّى الله عليه وسلّم وعنده عائشة رضي الله عنها، فقال: السام عليك يا محمد! فقالت عائشة رضي الله عنها ـ غيرةً لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ـ: عليك السام واللعنة! فقال الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «إن الله رفيقٌ يحب الرفق» [(181)]، وقال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» [(182)]، فإن كانوا قالوا: السلام فهو عليهم، وإن كانوا قالوا: السام فهو عليهم ، هذا هو العدل، وقال: «إن الله رفيق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» [(183)]، الله أكبر! غيرتنا تأبى إلا أن نعنف ونستعمل العنف، ونظن أن هذا هو الذي يحل المشكلة! ولكن الأعلم منا والأنصح محمداً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول ـ وهو صادق بار ـ: «إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» .
ويذكر أن رجلاً مر على صاحب نخل وأذَّن المغرب، والعامل يغني على إبله؛ لأن الإبل تطرب للغناء فوقف عليه وقال: أما تستحي؟ كيف لا تصلي؟ فغضب العامل وشتمه، وقال له: لن أصلي، وصلاتي لي! فجاءه أحد العلماء ـ جزاه الله خيراً وغفر له ـ وكلمه بكلام لين هادئ، وقال: الصلاة خير من هذا العمل، وأنت تصلي ـ إن شاء الله ـ وترجع إلى عملك، فقال له العامل: جزاك الله خيراً، أنت الوجه المبارك، فترك عمله وراح وصلى، فهذا شاهد واقعي يصدق ذلك، وإن كان قول الرسول صدقاً بلا تصديق؛ لأنه الصادق المصدوق، لكن الواقع يزيدك إيماناً بأن الرفق خير من العنف، لكن ـ الله يعفو عنا ـ فالحقيقة أننا أحياناً تأخذنا الغيرة، ونعجز أن نملك أنفسنا، فنعنف ونغضب وتتوتر أعصابنا، ولكن الأولى لنا أن نهدأ وننظر.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه» [(184)] مثال ذلك: رجل مر بصاحب عود يعزف به، فأول ما يجب عليه أن يكسره، فليغيره بيده، إذا لم يستطع فبلسانه، بمعنى أن يتكلم عند من يمكنه أن يكسره، فإن لم يستطع فبقلبه، يكرهه، وينكره، ولا يصاحبُ صاحبَه، وهذه المسألة تخفى على كثير من الناس، يظنون أنك إذا كرهت المنكر بقلبك فاجلس مع أهله! وهذا خطأ؛ لأن الله ـ عزّ وجل ـ يقول: {{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَىءُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}}، ثم قال تعالى: {{إِنَّكُمْ إِذًا}} يعني إن قعدتم {{مَثَلُهُمْ}} [النساء: 140] فالمُنكِر بالقلب ما يقعد، وهل يُعقل أن إنساناً يكره شيئاً ويجلس عند من يفعله؟! ما يعقل أبداً.
هذه ثلاثة أمور: دعوة، وأمر، وتغيير، تشتبه على بعض طلبة العلم، يظنون أنها واحدة ولكنها مختلفة، فالدعوة عرض وترغيب وترهيب، والأمر توجيه الأمر أي: طلب الفعل، أو الكف على وجه الاستعلاء، والتغيير مباشرة إزالة المنكر باليد، فبينها فرق يجب على طالب العلم أن يعرفه؛ حتى لا تختلط عليه الأشياء.
وعلى الإمام أن يكون قائماً بالسياسة، وهي سلوك كل ما يصلح به الخلق، وهي إما داخلية، وإما خارجية.
أما الداخلية فأن يسوس رعيته بالعدل واجتناب الجَوْرِ، والعمل بالقرائن والبيِّنات وغير ذلك، فمثلاً لا يفرق بين القريب والبعيد، والغني والفقير، والشريف والوضيع، وما أشبه ذلك، إلا إذا اقتضت المصلحة أن يعفو ـ مثلاً ـ عن رجل له شرف وجاه، وهذا في غير الحدود، وأن يقيم التعزير على آخر مجرم يعتدي على الناس دائماً، ولا ينفع فيه أن يمن عليه بالعفو، ولهذا قال الله تعالى: {{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}} [الشورى: 40] والسياسة انقسم الخلفاء فيها إلى ثلاثة أقسام:
قسم أخذ بسياسة الجور، وكان كلما قرأ أن هذا مما يصلح الناس عمل به ولو خالف الشرع، مثل أئمة الجور الذين يعتدون على الناس بالضرب والحبس في أمور بسيطة، لا يجيز الشرع أن يعزر فيها بهذا التعزير.
وقسم ثانٍ: أهمل السياسة نهائياً، ولم يعملوا بقرائن الأحوال، ولا عملوا بالمصالح العامة التي راعاها الشرع، فالأولون أفرطوا، وهؤلاء فرّطوا.
وقسم ثالث: أخذ بالسياسة، وهي رعاية المصالح التي لا تخالف الشرع، مع أننا نقول: لا يمكن لأي شيء يسمى مصالح أن يخالف الشرع، بل كل ما خالف الشرع فهو مفسدة، لكننا نقول ذلك من حيث يتراءى للناظر أن هذا مصلحة، ويخفى عليه أنها داخلة في الشرع.
فالسياسة الداخلية يجب على الإمام أو الخليفة أن ينظر إلى ما فيه المصلحة فيتبعه.
أما السياسة الخارجية فهي معاملة غير المسلمين، وله معهم مقامات أربعة: عهد، وأمان، وذمة، وحرب.
أولاً: الحربيون وأمرهم ظاهر، يجب عليه أن يقاتلهم حتى يكون الدين لله عزّ وجل، بأن يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ولا فرق في ذلك على القول الراجح بين أهل الكتاب وغيرهم، فأما قوله تعالى: {{قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }} [التوبة:29] ، فإن هذا لا يمنع أن يتعدى الحكم إلى غيرهم، لا سيما أنه قد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذ الجزية من مجوس هجر[(185)]، وثبت في صحيح مسلم[(186)] أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه بمن معه من المسلمين خيراً، وذكر الحديث، وفيه أنه إذا لقي عدوه دعاه إلى الإسلام، فإن أبى أخذ منه الجزية، فإن أبى قاتله، وهذا عام، بل قال صلّى الله عليه وسلّم: «إذا لقيت عدوك من المشركين» ، وهذا هو الصحيح أن الجزية تؤخذ من كل كافر، فصار الحربيون ما لنا معهم إلا حالان: القتال، أو الاستسلام للجزية، إلا إذا أسلموا.
ثانياً: المعاهدون، وهم الذين نعقد بيننا وبينهم عهداً أن لا يعتدوا علينا، ولا نعتدي عليهم، وأن لا يعينوا علينا ولا نعين عليهم، وهؤلاء لا يخلو أمرهم من ثلاث حالات:
الأولى: أن يستقيموا على العهد وينفذوه تماماً، وفي هذه الحال يجب علينا أن نستقيم لهم؛ لقوله تعالى: {{إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُّمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}} [التوبة: 7] ، والوفاء بعهدهم لا شك أنه من محاسن الإسلام.
الثانية: أن يخونوا وينقضوا العهد، وفي هذه الحال يكونون حربيين، يعني ينتقض عهدهم، ودليل ذلك ما جرى لقريش حين عاهدهم النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديبية، ومن جملة شروط العهد أن لا يعينوا عليه وعلى حلفائه أحداً، فنقضوا العهد بأن أعانوا حلفاءهم على حلفاء النبي صلّى الله عليه وسلّم[(187)].
الثالثة: أن لا ينقضوا العهد، ولكننا لا نأمنهم، ونخاف منهم نقض العهد، فهؤلاء نعاملهم معاملة وسطاً، بأن ننبذ إليهم عهدهم، فنقول: ليس بيننا وبينكم عهد، والعهد الذي بيننا وبينكم مفسوخ منبوذ، ودليل ذلك قوله تعالى: {{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ *}} [الأنفال: 58] .
ثالثاً: أهل الذمة، وهم الذين عقدنا لهم الذمة التي تتضمن حمايتهم وإعطاءهم حقوقهم الشرعية على أن يبذلوا لنا الجزية، وهي شيء يجعله الإمام على كل واحد منهم، وتفصيلها معروف في كتب الفقه، فهؤلاء يجب علينا نحوهم أن نعطيهم كل الحق الذي يقتضيه عقد الذمة.
رابعاً: المستأمنون الذين طلبوا الأمان على أنفسهم وعلى أموالهم لمدة معينة، فهؤلاء دون المعاهدين، ودون أهل الذمة، وفوق الحربيين، ولهذا يصح الأمان حتى من غير الإمام؛ لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ» [(188)]، فيمكن لأي واحد من الناس أن يدخل أحداً من الكفار إلى بلاد الإسلام بأمان، وما دام مُؤمِّناً له فإنه لا يجوز لأحد أن يعتدي عليه، ودليل هذا قوله تبارك وتعالى: {{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}} [التوبة: 6] .
والمهم أن الإمام يقوم بهذه الأمور الأربعة: العلم، والعمل، والدعوة، والسياسة.
ويكون نصب الإمام بواحد من أمور ثلاثة، إما أن يعهد به الخليفة السابق، وإما أن يجتمع عليه أهل الحلِّ والعقد، وإما أن يأخذ ذلك بالقوة والقهر.
مثال الأول: عهد أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ بالخلافة[(189)]، فإذا قال قائل: من خلّف أبا بكر رضي الله عنه؟
نقول: خلّف أبا بكر رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن يشكل على هذا أن يقول قائل: أين النص من الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ؟ وهل قال لأبي بكر: أنت خليفتي على أمتي بهذا اللفظ؟ لا، لكن قال بعضهم: خلّفه بالإشارة، يعني فعل أفعالاً تشير إلى أنه الخليفة من بعده، وقال آخرون: بل ثبتت خلافته بإجماع أهل الحل والعقد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على ذلك.
والصحيح أن خلافته ثبتت بالنص إما صريحاً، وإما إيماء وإشارة.
أولاً: خلّف النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر إماماً للناس في مرض موته في الصلاة، حتى أنه لما دعوا عمر رضي الله عنه غضب، وقال: «إنكن صواحبات يوسف» ، يعني زوجاته اللاتي دعون عمر، ثم أمر أن يدعى أبو بكر، فجاء فخلّفه على أمته في الصلاة[(190)].
ثانياً: خلّفه على الناس أميراً في الحج في السنة التاسعة من الهجرة[(191)]؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يحج، وهذه إمامة أكبر من الإمامة الأولى وأوسع؛ لأنها إمامة لجميع المسلمين، كل من حج، ومعلوم أن الذين حجوا أكثر من الذين يصلون في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذه إشارة إلى أنه الخليفة من بعده.
ثالثاً: قال في مرض موته: «لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر» [(192)]، إشارةً إلى أنه الخليفة من بعده؛ ليكون بيته قريباً من المسجد الذي هو مثابة الناس.
رابعاً: أن امرأة أتته في حاجة لها فقال: «إيتيني في العام المقبل» ، فقالت: إن لم أجدك، قال: «إيتي أبا بكر» [(193)]، وهذا كالنص الصريح على أنه الخليفة من بعده.
خامساً: أنه قال صلّى الله عليه وسلّم: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» [(194)] وهذا نص أو شبه نص على أنه سيكون الإجماع عليه، وعلى هذا فنقول: إن خلافة أبي بكر ثبتت بنص إيمائي أو صريح، حسب ما يفهمه العلماء من هذه النصوص.
فإن قال قائل: هذه النصوص يهدمها نص واحد، وهو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أهله حين غزا تبوكاً، فقال: يا رسول الله تجعلني في النساء والصبيان؟ قال له: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» [(195)]؟ وقد قال موسى لهارون: {{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}} [الأعراف: 142] ، وهذا يدل على أن الخليفة بعد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو علي بن أبي طالب، وأن أبا بكر رضي الله عنه ليس الخليفة.
فالجواب على هذا أن نقول: هذا نص من النصوص المتشابهة، والأدلة التي ذكرناها لأبي بكر من النصوص المحكمة، وأهل العلم الراسخون فيه، يردون المتشابه إلى المحكم؛ لتكون النصوص كلها محكمة، ولا يتبع المتشابه ويعرض عن المحكم إلا من كان في قلبه زيغ؛ لقول الله تعالى: {{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}} [آل عمران: 7] .
فإذا قال قائل: كيف نزيل مشتبه هذا الحديث؟
فالجواب: أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يصرح بأن علياً هو الخليفة من بعده، بل قال: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ، حين خلّفه على أهله، كما خلف موسى هارون على قومه في حياته، وهذا كالاستنابة والوكالة، يعني كما لو غاب إنسان إلى بلد، وقال لشخص آخر: اخلفني في أهلي، اقضِ حوائجهم، فإن هذا لا يعني أنه وصيٌّ من بعده، وإنما يدل على أنه نائبه في حياته لمدة محدودة، أما الخلافة فإنها تكون بعد موت الأول نهائياً ومفارقته الدنيا، ولا يمكنه أن يعزل الخليفة من بعده؛ لأنه ميت، أما هذا فيمكن أن يعزله، فيرسل له ويقول: رفعتُ خلافتك على أهلي.
وإذا ثبتت خلافة أبي بكر ثبتت خلافة عمر، وإذا ثبتت خلافة عمر ثبتت خلافة عثمان ـ رضي الله عنهم ـ، ولذلك فالرافضة لا يقرون بخلافة أبي بكر؛ لأجل أن يهدموا خلافته، وخلافة عمر، وخلافة عثمان، وينتهوا إلى خليفة لم يُخلَّف، إلى خليفة هو بنفسه ـ رضي الله عنه ـ بايع أبا بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ، وكان يقول ـ رضي الله عنه ـ: «إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر»[(196)].
إذاً تثبت الخلافة بالنص، يعني نص الخليفة الأول على أن الخليفة بعده فلان.
الثاني: اجتماع أهل الحل والعقد، وهذا له صورتان:
الأولى: أن يعين الخليفةُ السابقُ أهلَ الحلِّ والعقدِ، فيقول مثلاً: فلان وفلان وفلان وفلان يتشاورون في الخليفة، كما فعل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ، فإن عمر انتخب من الصحابة الستة الذين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو عنهم راضٍ[(197)]، وجعل الخلافة دائرةً بينهم على أن يختاروا لأنفسهم من يختارونه من هؤلاء.
الثانية: أن يدع الخليفة الوصية بالخلافة لأحد، يعني لا يوصي لأحد بالخلافة، ولكن الناس بعده يجتمعون ويولون خليفة، وهذا جائز؛ لأن الأمر يرجع إلى الناس، فإذا اختاروا أحداً من بينهم يكون خليفة عليهم تمت خلافته.
الثالث: القهر، فإذا قهر إنسان خليفةً واستولى عليه وقتله أو حبسه، وزالت خلافته نهائياً، واستولى هذا على الخلافة صار خليفةً، ووجب على الناس أن يبايعوه ويطيعوه؛ لأنهم لو نابذوه في تلك الحال لحصل بذلك من الشر والفساد، وسفك الدماء، وانتهاك الأعراض ما يربو على مبايعة هذا الرجل.
والإمام أو الخليفة عليه مسؤوليات عظيمة؛ لأنه مسؤول عن كل من ولاه الله عليهم في جميع أحوالهم العامة، أما الأحوال الخاصة فهذه ليست إليه، اللَّهم إلا إذا كانت من الأمور التي لا بد من النظر فيها كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. ومن مسؤوليات الإمام العظيمة ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى بقوله:
«أن ينصب في كل إقليم قاضياً» فيلزم الإمام أن ينصب في كل إقليم قاضياً، والأقاليم في الدنيا كلها سبعة، فيجب عليه أن ينصب في الدنيا كلها سبعة قضاة، في كل إقليم قاضٍ، والناس الآن يريدون في كل حي قاضياً! ولكن هؤلاء القضاة يجب أن يجعلوا لهم نواباً بمقدار الحاجة.
والعلماء ذهبوا هذا المذهب؛ لئلا تكون المسألة مركزية، ترجع إلى أصل واحد؛ لأن رجوعها إلى أصل واحد لا سيما في ذلك الزمن متعب وشاق، قالوا: فنجعل في كل إقليم قاضياً، هذا القاضي يجعل له نواباً في كل مدينة، أو في كل قرية، حسب الحاجة، فمثلاً إذا قدرنا أن الإقليم واسع، قد يحتاج إلى عشرة نواب، أو عشرين نائباً يرجعون إلى القاضي الإقليمي، والقاضي الإقليمي إن جرى مشكل يرفعه إلى الإمام؛ لأنه المسؤول، فحينئذ يزول الإشكال؛ لأننا لو قلنا: إنه لا يجب أن ينصب في كل إقليم إلا قاضياً ضاعت المصالح، لا سيما في الزمن الأول، فإذا كان بين اثنين خصومة، وكان بينهما وبين القاضي الإقليمي مسيرة شهر، لاحتاجوا إلى شهرين، وربما إذا وصلوا إليه وجدوه مشغولاً بقضايا قبلهما، انتظرا، ثم إذا كان الشهود فيهم نظر، وطلب تعديلهم، يرجعان شهراً يبحثان عمن يزكيهم في بلادهم؛ لأنهم في البلاد الأخرى لا يُعرفون، وهكذا، لكنهم قالوا: إنه يجب على هؤلاء القضاة الإقليميين أن يجعلوا لهم نواباً في كل قرية.
وعمل الناس الآن يشبه هذا في الواقع، فهناك مثلاً فروع لوزارة العدل في كل منطقة، يرجع إليها، وهناك محاكم وكل محكمة لها رئيس، وهناك محكمة كبرى ومحكمة مستعجلة صغرى.

وَيُختَارَ أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُهُ عِلْماً، وَوَرَعاً، وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللهِ، وَأَنْ يَتَحَرَّى الْعَدْلَ، وَيَجْتَهِدَ فِي إقَامَتِهِ فَيَقُولُ: وَلَّيْتُكَ الْحُكْمَ، أَوْ قَلَّدْتُكَ وَنَحْوَهُ، وَيُكَاتِبُهُ فِي الْبُعْدِ،.....
قوله: «ويختار» بالنصب، يعني ويلزمه أن يختار.
قوله: «أفضل من يجده علماً» أي: بالأحكام الشرعية، بل نقول: بالأحكام الشرعية وبأحوال الناس، بل ولنا أن نزيد الذكاء والفراسة؛ لأن الذكاء والفراسة مهمان في مسألة القضاء؛ لأن الناس فيهم المحق وفيهم المبطل، وفيهم من يعجز عن التعبير، وفيهم من هو فصيح بليغ، فيضيع الحق إذا لم يكن عند القاضي علمٌ بأحوال الناس، وفراسةٌ وذكاء، ولا يخفى ما في قصة سليمان وداود عليهما السلام في المرأتين اللتين خرجتا إلى البر ومعهما ابنان لهما، فأكل الذئب ابن الكبيرة، فجاءتا إلى داود ـ عليه الصلاة والسلام ـ تحتكمان إليه، فحكم بالابن للكبيرة، لعله ظن ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنها أقرب إلى الصدق، أو قال: هذه صغيرة يمكن أن تلد فيما بعد، وهذه كبيرة قد تتوقف عن الولادة وهي أحق بالشفقة، ثم خرجتا من عنده وصادفهما سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ وسألهما فقالتا: كذا وكذا، فقال: لا، الحكم أن آتي بالسكين فأشقه نصفين فتأخذ الكبيرة نصفه، والصغيرة نصفه، فقالت الكبيرة: لا مانع، وأما الصغيرة فقالت له: يا رسول الله لا تشقه هو لها، فالفراسة تقضي أنه للصغيرة، والدليل الحنان والشفقة فحكم به للصغيرة[(198)]، وقصص الذكاء في القضاة كثيرة، ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الطرق الحكمية جملةً صالحة منها في أقضية القضاة.
قوله: «وورعاً» الورع والزهد كلاهما ترك، لكن الورع ترك ما يضر في الآخرة، والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، وبينهما فرق، فالورع أن يدع الإنسان كل ما يضره، فلا يأكل ما لا ينبغي بحق، ولا يظلم أحداً، ولا يضيع شيئاً من عمله، وما أشبه ذلك، والزهد ترك ما لا ينفع، فيدع المباحات من أجل أن يرتقي إلى الكمالات، وعلى هذا فيكون الزهد أعلى من الورع، يعني مقام الزهد أعلى من مقام الورع؛ لأن الزهد ترك ما لا ينفع، مثال ذلك لدينا ثلاث حالات:
الأولى: رجل يأكل الحرام.
الثانية: رجل لا يأكل الحرام، لكنه لا يتورع من الأشياء التي ليس فيها خير ولا ضرر.
الثالث: رجل يدع كل شيء لا نفع فيه فلا يأكله.
فالأول ليس فيه ورع ولا زهد، والثاني فيه ورع لا زهد، والثالث فيه ورع وزهد؛ لأن من زهد فيما لا ينفع كان لتركه ما يضر من باب أولى، والشيء الذي يجب أن يكون في القاضي أن يكون ورعاً، أما الزهد فهو من الكمال، وأما الورع فإنه لا بد منه، فلا بد أن يكون القاضي ورعاً ـ أي: بعيداً عن أكل الحرام ـ كالرِّشوة، والمحاباة، وما أشبه ذلك.
وقوله: «علماً وورعاً» إكمالٌ لركني الولاية، بل لركني كل عمل، وهما: القوة، والأمانة؛ لأن جميع الأعمال تنبني على هذين الركنين: القوة على أداء العمل، والأمانة في أداء العمل، قال الله تبارك وتعالى: {{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}} [القصص: 26] ، وقال: {{قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ *}} [النمل] وفي تقديم القوة على الأمانة دليل على أنها أهم من الأمانة؛ لأنه كم من إنسان أمين ولا يخشى منه الخيانة أبداً، لكنه ضعيف لا ينتج ولا يثمر، وكم من إنسان قوي في أداء عمله لكنه ضعيف في أمانته، فالثاني أحسن لإقامة العمل، ولهذا تجد كثيراً من الناس الذين لديهم قوة وحزم وتصرف، تجدهم ينتجون من الأعمال أكثر بكثير من قوم ضعفاء، وعندهم أمانة، ولهذا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأبي ذر: «إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمَّرَنَّ على اثنين، ولا تولين مال يتيم» [(199)]، فالإنسان لا بد أن يكون قوياً، وأن يكون أميناً، ولهذا بدأ المؤلف هنا بالعلم؛ لأن به القوة على القضاء، ثم ثنَّى بالورع الذي هو الأمانة فقال:
«ويأمرُهُ بتقوى الله» «يأمرُهُ» بالضم على الاستئناف؛ لأنه لا يجب عليه أن يأمره، ولكنه ينبغي له أن يأمر القاضي بتقوى الله ـ عزّ وجل ـ؛ لأن تقوى الله وصية الله ـ سبحانه وتعالى ـ للأولين والآخرين: {{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}} [النساء: 131] ؛ ولأن في تقوى القاضي لله عزّ وجل تيسيراً لأمره، وتسهيلاً لمهمته، لقوله تعالى: {{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}} [الطلاق] ؛ ولأن في تقوى القاضي لله ـ عزّ وجل ـ سبباً لمعرفة الحق، ومعرفة المحق لقول الله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ *}} [الأنفال] والقاضي محتاج إلى ذلك، ولأن في تقوى القاضي لله ـ عزّ وجل ـ سبباً لأن يجعل الله له من كل همٍّ فرجاً، قال تعالى: {{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}} [الطلاق: 2، 3] فمن ثَمَّ قلنا: إنه ينبغي للإمام أن يكتب في تسطير التولية، أو أن يصدر وثيقة التولية بالأمر بتقوى الله ـ عزّ وجل ـ.
قوله: «وأن يتحرى العدل» تحري العدل من تقوى الله ـ عزّ وجل ـ، لكن عطفه على التقوى من باب عطف الخاص على العام؛ لأهمية العدل في باب الحكومة؛ لقوله تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}} [النساء: 58] .
قوله: «ويجتهدَ في إقامته» لأنه ليس كل من تحرى العدل وعرف العدل يقيم العدل، إذاً يأمره بأمرين: الأول: تحري العدل، الثاني: الاجتهاد في إقامته.
والعدل يشمل أمرين: العدل في الحكم، والعدل في المحكوم عليه.
أولاً: العدل في الحكم بأن يحكم بما تقتضيه شريعة الله؛ لأن كل ما تقتضيه شريعة الله فهو عدل بلا شك، وبناء على ذلك يرفض جميع الأحكام القانونية التي تخالف شريعة الله، مهما كانت قوتها، فإنه يجب على القاضي رفضها وطرحها؛ لأنه خلاف العدل، فكل ما خالف شرع الله فإنه خلاف العدل.
ثانياً: العدل في المحكوم عليه، بأن لا يفرق بين صغير وكبير، وشريف ووضيع، وغني وفقير، وقريب وبعيد، وسيأتينا ـ إن شاء الله تعالى ـ بيان أنه يجب أن يعدل بين الخصمين في لحظه، ولفظه، ومجلسه، ودخولهما عليه، فلا يكون القاضي ممن إذا رفعت إليه قضية تتعلق بأحد من أقاربه حاول أن يتخلص من الحكم عليه، وإذا رفعت إليه قضية تتعلق بأحد ممن بينه وبينهم عداوة شخصية حاول أن يحكم بها عليه، فإن نبينا محمداً صلّى الله عليه وسلّم حين رفع إليه أمر المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده، أمر بقطع يدها، والمخزومية من بني مخزوم من أشراف قريش، فأَهَمَّ قريشاً شأنها، وقالوا: كيف تقطع يد امرأة من بني مخزوم، وتصبح أمام الناس عاراً؟! فطلبوا من يشفع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فاستقر رأيهم على ندب أسامة بن زيد، فانتدب لذلك وطلب من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يرفع الحكم عنها، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أتشفع في حد من حدود الله» ؟! والاستفهام هنا للإنكار، فأنكر، وأشار إلى العلة، أنكر في قوله: «أتشفع؟» ، وأشار إلى العلة في قوله: «في حد من حدود الله» ، كأنه يقول: أنا لا أملك أن أغير حدّاً من حدود الله، فلا شفاعة في حد من حدود الله؛ لأن الحكم كله لله ـ عزّ وجل ـ، ثم قام النبي صلّى الله عليه وسلّم فخطب وقال: «أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»[(200)] ، اللهم صل وسلم عليه، أقسم وهو الصادق البار بدون قسم لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع يدها، مع أنها سيدة نساء أهل الجنة، وأفضل النساء نسباً، وذكر فاطمة ـ رضي الله عنها ـ دون غيرها؛ لأن القضية في امرأة.
ثم بيَّن المؤلف صيغة التولية فقال:
«فيقول» أي: الإمام، أو من ينيبه الإمام، كوزير العدل ـ مثلاً ـ في زمننا هذا.
قوله: «ولَّيتك الحكم، أو قلدتك، ونحوه» أي: ما يشبهه مما يدل على التولية، فلو قال مثلاً: نصبتك قاضياً في المكان الفلاني، انعقدت الولاية، ولو قال: جعلتك حاكماً في البلد الفلاني، كذلك؛ وذلك لأن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ، فالألفاظ جُعلت قوالب للمعاني، فكل ما دل على المعنى فهو مما تنعقد به العقود، وليس هناك لفظ يتعبد به، بحيث لا يجزئ الناس إلا العقد به، حتى النكاح على القول الصحيح، فكل لفظ يدل على العقد فإن العقد ينعقد به.
قوله: «ويكاتبه في البعد» يعني إذا كان بعيداً يكتب إليه بالولاية: «من فلان إلى فلان، السلام عليكم ورحمة الله وبعد، فقد وليتك كذا وكذا»، والبرقية تقوم مقام الكتابة، والهاتف يقوم مقام اللفظ؛ لأنه يشافهه مشافهة.
واستفدنا من قول المؤلف: «يكاتبه في البعد» أنه لا يحتاج الإمام أن يُشهد على تولية القاضي، ولكن لا بد أن نعلم بأن هذا صادر من الإمام، ونعلم ذلك إما بالختم، أو التوقيع المعروف، أو ما أشبه ذلك.
إذاً ينعقد القضاء باللفظ والكتابة، واللفظ ليس له لفظ محدد شرعاً، بل كل ما دل على التولية فإنه تثبت به الولاية، أما الكتابة فيكتب له بما يدل على التولية.
والمؤلف ـ رحمه الله ـ هنا لم يذكر أنه يشترط فيها الإشهاد، وستأتي المسألة ـ إن شاء الله تعالى ـ في باب كتاب القاضي إلى القاضي، هل يشترط الإشهاد أو لا؟ والصحيح أنه لا يشترط، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يكتب الكتب إلى الملوك والرؤساء ولا يشهد شاهدين.


[176] منظومة أصول الفقه وقواعده ص(7).
[177] انظر: المصنف لابن أبي شيبة (7/347)، والسيرة لابن هشام (4/253، 254)، والطبقات الكبرى لابن سعد (1/134)، والسيرة لابن حبان (292).
[178] أخرجه البخاري في الوكالة/ باب إذا باع الوكيل شيئاً فاسداً فبيعه مردود (2312)، ومسلم في المساقاة/ باب بيع الطعام مثلاً بمثل (1594) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[179] أخرجه البخاري في البيوع/ باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه (2201) (2202)، ومسلم في المساقاة/ باب بيع الطعام مثلاً بمثل (1593) (95) عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما.
[180] أخرجه البخاري في الجمعة/ باب إذا رأى الإمام رجلاً وهو يخطب... (930)، ومسلم في الصلاة/ باب التحية والإمام يخطب (975) عن جابر رضي الله عنه.
[181] أخرجه البخاري في استتابة المرتدين/ باب إذا عرَّض الذمي وغيره بسب النبي صلّى الله عليه وسلّم... (6927) عن عائشة رضي الله عنها.
[182] أخرجه البخاري في الاستئذان/ باب كيف يرد على أهل الذمة السلام (6258)، ومسلم في السلام/ باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب السلام... (2163) عن أنس رضي الله عنه.
[183] أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب/ باب فضل الرفق (2593) عن عائشة رضي الله عنها.
[184] أخرجه مسلم في الإيمان/ باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان (49) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[185] أخرجه البخاري في الجزية/ باب الجزية والموادعة (3157) عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
[186] أخرجه مسلم في الجهاد/ باب تأمير الإمام الأمراء على الجيوش (1731) عن بريدة رضي الله عنه.
[187] انظر: تفسير الطبري (10/91) ط. دار إحياء، وتفسير ابن كثير (2/339) ط. دار الفكر.
[188] أخرجه البخاري في الصلاة/ باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفاً به... (357)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها/ باب تستر المغتسل بثوب ونحوه (336) عن أم هانئ رضي الله عنها.
[189] أخرجه البخاري في الأحكام/ باب الاستخلاف (7218)، ومسلم في الإمارة/ باب الاستخلاف وتركه (1823) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
[190] أخرجه البخاري في الأذان/ باب حدِّ المريض أن يشهد الجماعة (664) ومسلم في الصلاة/ باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر... (418) عن عائشة رضي الله عنها.
[191] أخرجه البخاري في الحج/ باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك (1622)، ومسلم في الحج/ باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان... (1347).
[192] أخرجه البخاري في الصلاة/ باب الخوخة والممر في المسجد (466)، ومسلم في فضائل الصحابة/ باب من فضائل أبي بكر رضي الله عنه (2382) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، واللفظ للبخاري.
[193] أخرجه البخاري في المناقب/ باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لو كنت متخذاً خليلاً» (3659)، ومسلم في فضائل الصحابة/ باب من فضائل أبي بكر رضي الله عنه (2386) عن جبير بن مطعم رضي الله عنه.
[194] أخرجه البخاري في المرض/ باب قول المريض إني وجع... (5666)، ومسلم في فضائل الصحابة/ باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه (2378) عن عائشة رضي الله عنه، وهذا لفظ مسلم.
[195] أخرجه البخاري في المناقب/ باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي... (3706)، ومسلم في فضائل الصحابة/ باب من فضائل علي بن أبي طالب (2404) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، واللفظ للبخاري.
[196] أخرجه البخاري في المناقب/ باب قوله النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لو كنت متخذاً خليلاً» (3671) عن محمد بن الحنفية، ولفظه: «قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول: عثمان، فقلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين».
[197] أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم/ باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رضي الله عنه (3700).
[198] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب {{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ}} (3427)، ومسلم في الأقضية/ باب اختلاف المجتهدين (1720) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[199] أخرجه مسلم في الإمارة/ باب كراهة الإمارة بغير ضرورة (1826) عن أبي ذر رضي الله عنه.
[200] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب {{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}}... (3475)، ومسلم في الحدود/ باب قطع السارق الشريف وغيره... (1688) عن عائشة رضي الله عنها.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القضاء, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir