14/623 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَاللَّفْظُ لَهُ.
(وَعَنْهُ) أَي: أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ) أَي: الكَذِبَ (وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ) أَيْ: السَّفَهَ (فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ) أَيْ: إرَادَةٌ (فِي أَنْ يَدَعَ شَرَابَهُ وَطَعَامَهُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ).
الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الكَذِبِ وَالعَمَلِ بِهِ وَتَحْرِيمِ السَّفَهِ عَلَى الصَّائِمِ,وَهُمَا مُحَرَّمَانِ عَلَى غَيْرِ الصَّائِمِ أَيْضاً, إلاَّ أَنَّ التَّحْرِيمَ فِي حَقِّهِ آكَدُ كَتَأَكُّدِ تَحْرِيمِ الزِّنَى مِن الشَّيْخِ وَالخُيَلاءِ مِن الفَقِيرِ.
وَالمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: ((فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ)) أَيْ: إرَادَةٌ، بَيَانُ عِظَمِ ارْتِكَابِ مَا ذُكِرَ وَأَنَّ صِيَامَهُ كَلا صِيَامٍ, وَلا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ المَفْهُومِ هُنَا فَإِنَّ اللَّهَ لا يَحْتَاجُ إلَى أَحَدٍ هُوَ الغَنِيُّ سُبْحَانَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ.وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ القَبُولِ كَمَا يَقُولُ المُغْضَبُ لِمَنْ رَدَّ شَيْئاً عَلَيْهِ: لا حَاجَةَ لِي فِي كَذَا. وَقِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَ الصِّيَامِ لا يُقَاوِمُ فِي حُكْمِ المُوَازَنَةِ مَا يَسْتَحِقُّ مِن العِقَابِ لِمَا ذُكِرَ.
هَذَا وَقَدْ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ الآخَرِ: ((فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ سَابَّهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ)) فَلا تَشْتُمْ مُبْتَدِئاً وَلا مُجَاوِباً.