9/618 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) هُوَ أَبُو العَبَّاسِ سَهْلُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَنْصَارِيٌّ خَزْرَجِيٌّ يُقَالُ: كَانَ اسْمُهُ حَزْناً؛ فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْلاً، مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَمَاتَ سَهْلٌ بِالمَدِينَةِ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ. وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِن الصَّحَابَةِ بِالمَدِينَةِ.
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).زَادَ أَحْمَدُ: ((وَأَخَّرُوا السُّحُورَ)). زَادَ أَبُو دَاوُدَ: ((لأَنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ الإِفْطَارَ إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ)).
قَالَ فِي شَرْحِ المَصَابِيحِ: ثُمَّ صَارَ فِي مِلَّتِنَا شِعَاراً لِأَهْلِ البِدْعَةِ وَسِمَةً لَهُمْ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يَجُوزُ العَمَلُ بِقَوْلِهِ, وَقَدْ ذَكَرَ العِلَّةَ وَهِيَ مُخَالَفَةُ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى.
قَالَ المُهَلَّبُ: وَالحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لا يُزَادُ فِي النَّهَارِ مِن اللَّيْلِ؛وَلأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ وَأَقْوَى للعِبَادَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: تَعْجِيلُ الإِفْطَارِ مُسْتَحَبٌّ وَلا يُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ إلاَّ لِمَنْ تَعَمَّدَهُ وَرَأَى الفَضْلَ فِيهِ.
قُلْتُ: فِي إبَاحَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُوَاصَلَةَ إلَى السَّحَرِ ـكَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ـمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا كَرَاهَةَ إذَا كَانَ ذَلِكَ سِيَاسَةً لِلنَّفْسِ وَدَفْعاً لِشَهْوَتِهَا, إلاَّ أَنَّ قَوْلَهُ:
10/619 - وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَحَبُّ عِبَادِي إلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً)).
(وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَحَبُّ عِبَادِي إلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً) دَالٌّ عَلَى أَنَّ تَعْجِيلَ الإِفْطَارِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَأْخِيرِهِ, وَأَنَّ إبَاحَةَ المُوَاصَلَةِ إلَى السَّحَرِ لا تَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ أَوْ يُرَادُ بِعِبَادِي: الَّذِينَ يُفْطِرُونَ وَلا يُوَاصِلُونَ إلَى السَّحَرِ.
وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ عُمُومِ هَذَا الحَدِيثِ؛ لِتَصْرِيحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُمْ كَمَا يَأْتِي, فَهُوَ أَحَبُّ الصَّائِمِينَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْجَلَهُمْ فِطْراً؛ لأَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي الوِصَالِ وَلَوْ أَيَّاماً مُتَّصِلَةً كَمَا يَأْتِي.