دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصيام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 03:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي كتاب الصيام (2/19) [النهي عن صيام يوم الشك]


وعن عَمَّارِ بنِ ياسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: مَن صامَ اليومَ الذي يَشُكُّ فِيهِ فقد عَصَى أبا القاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. ذَكَرَهُ البخاريُّ تَعليقًا، ووَصَلَهُ الخمسةُ، وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ وابنُ حِبَّانَ.

  #2  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 05:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


2/611 - وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ تَعْلِيقاً، وَوَصَلَهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
(وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ) مُغَيَّرُ الصِّيغَةِ مُسْنَدٌ إلَى (فِيهِ، فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ. ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ تَعْلِيقاً وَوَصَلَهُ) إلَى عَمَّارٍ (الخَمْسَةُ).
وَزَادَ المُصَنِّفُ فِي الفَتْحِ الحَاكِمَ,وَأَنَّهُمْ وَصَلُوهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ,وَلَفْظُهُ عِنْدَهُمْ:كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ فَقَالَ: كُلُوا. فَتَنَحَّى بَعْضُ القَوْمِ فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ... إلَخْ (وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ).
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ عِنْدَهُمْ لا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى. وَهُوَ مَوْقُوفٌ لَفْظاً مَرْفُوعٌ حُكْماً,وَمَعْنَاهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَن اسْتِقْبَالِ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ وَأَحَادِيثِ الأَمْرِ بِالصَّوْمِ لِرُؤْيَتِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ هُوَ يَوْمُ الثَّلاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا لَمْ يُرَ الهِلالُ فِي لَيْلِهِ بِغَيْمٍ سَاتِرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَكَوْنُهُ مِنْ شَعْبَانَ, وَالحَدِيثُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِهِ, وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ,وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي ذَلِكَ؛ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ صَوْمِهِ, وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مِنْهُ وَعَدَّهُ عِصْيَاناً لأَبِي القَاسِمِ,وَالأَدِلَّةُ مَعَ المُحَرِّمِينَ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ,أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: لَأَنْ أَصُومَ يَوْماً مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْماً مِنْ رَمَضَانَ, فَهُوَ أَثَرٌ مُنْقَطِعٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَوْمِ شَكٍّ مُجَرَّدٍ, بَلْ بَعْدَ أَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ رَجُلٌ عَلَى رُؤْيَةِ الهِلالِ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ, وَقَالَ: لَأَنْ أَصُومَ. إلَخْ.
وَمِمَّا هُوَ نَصٌّ فِي البَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:((فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ وَلا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالاً)) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو يَعْلَى,وَأَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ بِلَفْظِ: ((وَلا تَسْتَقْبِلُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ)) وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ مَا لا يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ, يَصُومُ لِرُؤْيَةِ الهِلالِ ـ أَيْ: هِلالِ رَمَضَانَ ـ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلاثِينَ يَوْماً ثُمَّ صَامَ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعاً: ((لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ أَوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ, ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ أَوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ)) وَفِي البَابِ أَحَادِيثُ وَاسِعَةٌ دَالَّةٌ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ,مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
3/612 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

  #3  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 05:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


540- وعن عَمَّارِ بنِ ياسِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قالَ: مَن صامَ اليومَ الذي يَشُكُّ فِيهِ فقد عَصَى أبا القاسِمِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-. ذَكَرَه البخاريُّ تَعليقًا ووَصَلَه الخمسةُ وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ وابنُ حِبَّانَ.
*درجةُ الحديثِ:
الحديثُ صحيحٌ.
أَخْرَجَه أبو داودَ والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وقالَ التِّرمذيُّ: حديثُ عَمَّارٍ حديثٌ صحيحٌ، والعمَلُ على هذا عندَ أَكْثَرِ أهْلِ العلْمِ مِن أصحابِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ومَن بعْدَهم مِن التابعينَ، وقالَ الدارقُطْنِيُّ: إسنادُه صحيحٌ، ورُواتُه كلُّهم ثِقاتٌ، وصَحَّحَه البَيهقيُّ والعراقيُّ والحاكِمُ، ووَافَقَه الذَّهَبِيُّ.
قالَ ابنُ عبدِ الْبَرِّ: هو مُسْنَدٌ عندَ الْمُحَدِّثِينَ مرفوعٌ، لا يَختلفونَ في ذلك.
*مُفرداتُ الحديثِ:
-الذي يُشَكُّ فيه: إنما أَتَى باسمِ الموصولِ، ولم يَقُلْ: يومُ الشكِّ؛ مبالَغَةً في أنَّ صوْمَ يومٍ يُشَكُّ فيه أَدْنَى شَكٍّ سببٌ لعِصيانِ أبي القَاسِمِ.
-الذي يُشَكُّ فيه: مَبْنِيٌّ للمجهولِ، أي: اليومُ الذي لا يُعْلَمُ هل يكونُ اليومَ الأوَّلَ مِن رمضانَ أو اليومَ الآخِرَ مِن شَعبانَ، وهو يومُ الثلاثينَ مِن شَعبانَ إذا حالَ دُونَ رؤيةِ الهلالِ ما يَمْنَعُ الرؤيةَ.
-أبا القاسِمِ: هو النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُكَنَّى بأَكْبَرِ أبنائِه.
*ما يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- النهيُ عن صِيامِ يومِ الشكِّ مِن شهْرِ رمضانَ، ويومُ الشكِّ مِن رمضانَ هو اليومُ الواقِعُ في أوَّلِه بلا يقينٍ، لا يُدْرَى هل هو منه أو ليسَ منه، وهو ليلةُ الثلاثينَ مِن شعبانَ إذا حالَ دونَ مَنْظَرِ الهلالِ ما يَمْنَعُ الرؤيةَ.
2- تحريمُ صِيَامِ ذلك اليومِ، ما دام أنه مَعصيةٌ للنبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-.
قالَ تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].
3- الحديثُ يَدُلُّ على القاعدةِ الشرعيَّةِ، وهي: أنَّ الأصْلَ بقاءُ ما كانَ على ما كانَ، ومِثالُ القاعدةِ في هذه الْمَسألةِ هي أنَّ الأَصْلَ بقاءُ شَعبانَ، وعَدَمُ دُخولِ شهْرِ رمضانَ، ما دُمْنَا شاكِّينَ في انتهاءِ شَعبانَ، ودُخولُ رمضانَ ما لم نَتَحَقَّقْ انتهاءَ الأَوَّلَ، ودخولُ الثاني.
4- أبا القاسِمِ: هي كُنْيَةُ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كُنِّيَ بابنائِه، والقاسمُ ابنُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِن خديجةَ، قِيلَ: تُوُفِّيَ قبلَ النُّبُوَّةِ، وقيلَ بعْدَها، وأنه لَمَّا ماتَ قالَ بعضُ الْمُشركينَ: أصْبَحَ محمَّدٌ أَبْتَرَ، فأَنْزَلَ اللهُ سورةَ الكَوْثَرِ، والقصْدُ أنَّ عَمَّاراً كَنَّى النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على وجهِ التعظيمِ والتوقيرِ، فهو غيرُ داخِلٍ في قولِه تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا} [النور: 63].
كما أنَّ مِن أوصافِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- القاسمَ، فقد قالَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ، وَاللهُ مُعْطٍ)). والقصْدُ جَوازُ ذِكْرِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بغيرِ صِفَةِ الرسالةِ والنبوَّةِ،؛ لأنَّ بابَ الخبرِ أوْسَعُ مِن بابِ الطلَبِ، فلا يُنَادَى إلاَّ بصفةِ الرسالةِ أو النبوَّةِ، ولكنه يَجوزُ أنْ يُتَحَدَّثَ عنه بغيرِهما مِن أسمائِه.
*خِلاَفُ العُلماءِ:
اختَلَفَ العُلماءُ في تَعيينِ يومِ الشكِّ: فذَهَبَ الحنابِلَةُ إلى: أنَّ يومَ الشكِّ مِن شهْرِ رمضانَ هو يومُ الثلاثينَ مِن شعبانَ، إذا لم يكنْ على مَطْلَعِ الْهِلالِ غَيْمٌ، أو قَتَرٌ، أو دُخانٌ، ونحوَها مما يَمْنَعُ الرؤيةَ، فهذا هو يومُ الشكِّ الذي نُهِيَ عن صِيامِه، فيُكْرَهُ صِيامُه، وأمَّا إنْ حالَ دُونَ مَطْلِعِ الهلالِ تلك الليلةَ غَيْمٌ، أو غُبارٌ، أو دُخانٌ، أو نحوَ ذلك -فيَجِبُ صِيامُه حُكْماً ظَنِّيًّا احتياطيًّا.
وذَكَرَ أصحابُنا -أنَّ هذا هو قولُ عُمرَ، وابنِه عبدِ اللهِ، وعائشةَ وأسماءَ بِنْتَيْ أبي بكرٍ، وأنَسٍ، وأبي هُريرةَ، ومعاويةَ، وعمرِو بنِ العاصِ، ومِن التابعينَ مَيمونُ بْنُ مِهرانَ، وطاوُسٌ، ومجاهِدٌ.
واستدَلُّوا على ذلك: بما رواه أبو داودَ (2320) عن ابنِ عمرَ؛ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: ((إِنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ فَاقْدُرُوا لَهُ)) ومعنى ((اقْدُرُوا لَهُ))، أيْ ضَيِّقُوا، مِن قولِه تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ} [الطلاق: 7] أيْ ضُيِّقَ.
قالَ في (الإنصافِ): وهو الْمَذهبُ عندَ الأصحابِ، ونَصَرُوهُ، وصَنَّفُوا فيه التصانيفَ، ورَدُّوا حُجَجَ الْمُخالِفِ، وقالوا: نصوصُ أحمدَ تَدُلُّ عليه، وهو مِن مُفرداتِ الْمَذْهَبِ.
وذَهَبَ الأَئِمَّةُ الثلاثةُ وجُمهورُ العُلماءِ إلى: أنَّ اليومَ الذي ليس في مَنْظَرِ هلالِه ما يَمْنَعُ الرؤيةَ لا يُسَمَّى يومَ شَكٍّ، وإنما يومُ الشكِّ هو ليلةُ الثلاثينَ مِن شَعبانَ إذا حالَ دونَ رؤيةِ الهلالِ ما يَمنعُ الرؤيةَ مِن سَحابٍ، أو ضَبابٍ، أو قَتَامٍ، أو دُخَانٍ، أو نَحْوَها، فهذا هو يومُ الشكِّ الْمَنْهِيُّ عن صِيامِه في حديثِ عَمَّارٍ وغيرِه.
قالَ التِّرمذيُّ: والعمَلُ على هذا عندَ أهْلِ العلْمِ مِن الصحابةِ والتابعينَ، وبه قالَ سُفيانُ الثَّوريُّ، وابنُ المبارَكِ، وإسحاقُ.
قالَ في (الْمُغْنِي): إنَّ الْمَنْعَ مِن صَوْمِه وعَدَمَ إجزائِه إذا تَبَيَّنَ أنه رمضانُ -هو روايةٌ عن الإمامِ أحمَدَ، وقولُ أكثَرِ أهْلِ العِلْمِ، منهم أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعِيُّ وأتباعُهم.
وقالَ شيخُ الإسلامِ: إذا حالَ دونَ مَنْظَرِه ليلةَ الثلاثينَ حائِلٌ، فهو يومُ شَكٍّ يُنْهَى عن صَوْمِه بلا تَوَقُّفٍ؛ لأنَّ الأَصْلَ والظاهِرَ عدَمُ الهلالِ، فصومُه تَقَدَّمَ لرمضانَ بيومٍ، وقد نَهَى النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عنه، وأصولُ الشريعةِ أدَلُّ على هذا القولِ منها على غيرِه.
وقالَ ابنُ القَيِّمِ: وكانَ مِن هَدْيِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ألاَّ يَدْخُلَ في صوْمِ رَمضانَ إلاَّ برؤيةٍ مُحَقَّقَةٍ، أو شَهادةِ شاهِدٍ واحدٍ، كما صامَ بشهادةِ ابنِ عمرَ، رواه أبو داوُدَ (2342)، وكان إذا حالَ ليلةَ الثلاثينَ دونَ مَنْظَرِه غَيْمٌ، أو سَحَابٌ، أَكْمَلَ عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثينَ يَوْماً، ثم صامَه ولم يكنْ يَصومُ يومَ الغَيْمِ ولا أَمَرَ به، بل أَمَرَ بأن تُكْمَلَ عِدَّةُ شَعبانَ ثلاثينَ إذا غُمَّ، وكان يَفعلُ ذلك، فهذا فِعْلُه، وهذا أَمْرُه.
وهذه الطريقةُ أقْرَبُ إلى مُوَافَقَةِ النصوصِ وقواعِدِ الشرْعِ، وهذا القولُ هو اختيارُ عُلماءِ الدعوةِ السَّلَفِيَّةِ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ حَسَنٍ: إنَّ الْمَنْعَ مِن الصيامِ هو اختيارُ شيخِ الإسلامِ محمَّدِ بنِ عبْدِ الوَهَّابِ.
وقالَ الشيخُ عبدُ اللطيفِ بنُ عبدِ الرحمنِ: ومع مَن مَنَعَ صَوْمَه مِن الأحاديثِ الصحيحةِ النبويَّةِ التي تَعَدَّدَتْ طُرُقها ما لا يَدْفَعُه دافِعٌ، ولا يُعَارِضُه مُعَارِضٌ.
وقالَ الشيخُ محمَّدُ بنُ إبراهيمَ: لا يَجوزُ صِيامُ يومِ الشَّكِّ.
وقالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السعديُّ: الصوابُ إذا كان ليلةَ الثلاثينَ مِن شَعبانَ غَيْمٌ، أو قَتَرٌ أنه لا يَجِبُ صِيامُ ذلك اليَوْمِ، ولا يُسْتَحَبُّ، بل فِطْرُه هو الْمَشروعُ.
وقالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ قاسمٍ: واختارَ عَدَمَ صوْمِ يومِ الشكِّ إمامُ هذه الدعوةِ، ومَن أخَذَ عنه، ونُهُوا عن صِيَامِه؛ لوُجوهٍ منها:
1- أنَّ تلكَ الليلةَ مِن شَعبانَ بحَسْبِ الأَصْلِ.
2- النهيُ الصحيحُ الصريحُ عن تَقَدُّمِ رَمضانَ بيومٍ أو يومينِ.
3- الأحاديثُ الصحيحةُ الصريحةُ بالنهيِ عن صِيامِهِ.
4- أنَّ روايةَ الْمَرْوَزِيِّ عن أحمدَ أنَّ ليلةَ الشكِّ هي ليلةُ الثلاثينَ مِن شَعبانَ إذا غُمَّ الهلالُ.
وهو قولُ جُمهورِ العُلماءِ والأئمَّةِ الأربعةِ، وغيرِهم، وجَزَمَ به شيخُ الإسلامِ وغيرُه.
وأَدِلَّةُ هذا القولِ كثيرةٌ جِدًّا منها:
ما جاءَ في البخاريِّ (1810)، ومسلمٍ (1081) عن أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ)).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصيام, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir