قال الله تعالى :" ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا) [النساء : 36].
معنى الواو في" واعبدوا"
واو حرف عطف ؛عطف جملة على جملة .
-معنى العبادة
العبادة الذل والخضوع
يقال طريق : طريق معبد ، وبعير معبد ، إذا كانا معلمين
عبادة الله عزوجل الذل والخضوع له بالطاعة
أمر بإفراد الله بالعبادة
أمر الله عباده بعبادته ونهى عن الإشراك به فيها؛ ففيه بيان أن الواجب على العباد إفراد الله بالعبادة ؛ ولا يصح ولا يجوز عبادة الله وعبادة غيره معه ؛فضلا عن ترك عبادة الله وعبادة غيره .
الشرك يفسد عبادة الله
من عبد الله وعبد غيره معه لم تنفعه عبادة الله لأن الشرك مفسد ومحبط ومبطل للعمل " قال تعالى :" {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر: 65]
إفراد العبادة حق لله تعالى
و إفراد الله عزوجل بالعبادة و الذل والخضوع حق له واجب على عباده لأنه سبحانه ولي النعمة عليهم والمتفضل عليهم في جميع الآنات والحالات
محل إعراب" وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا "
[انطلقي في صياغة المسائل من ألفاظ الآية، مثلا دلالة الأمر في قوله {واعبدوا الله}، ودلالة عطف النهي {ولا تشركوا} على الأمر {واعبدوا الله} وهكذا ...]
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا عطف على ما سبق؛ عطف على "واعبدوا الله"
وقدر الزجاج فعل محذوف "أوصى" ؛ قال رحمه الله : والمعنى أوصاكم الله بعبادته، وأوصاكم بالوالدين إِحساناً،" اهـ
وحجته في ذلك؛ حمل الآية على نظيرتها في القران وهو قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). قال رحمه الله :" لأن معنى
قضى ههنا أمرَ ووَصَّى." اهـ
وهو ظاهر صنيع ابن كثير قال رحمه الله " ُثم أوصى بالإحسان إلى الوالدين" اهـ
{ إحساناً } نصب على المصدر ، والعامل فعل مضمر تقديره : وأحسنوا بالوالدين إحساناً .
[وهناك اختلاف في الإعراب بين هذه والتي قبلها]
المراد بالإحسان إلى الوالدين
القيام بحقوق الوالدين اللازمة لهما من التوقير والصون والإنفاق إذا احتاجا واجب ، وسائر ذلك من وجوه البر والألطاف ، وحسن القول . لأن الله جعلهما سببا لخروج العبد من العدم إلى الوجود
حق الوالدين أعظم الحقوق بعد حق الله وحق الرسول
لورود عدة آيات في كتاب الله يقرن الله فيها بين عبادته والإحسان إلى الوالدين؛
كَقَوْلِهِ: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} .
وَكَقَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} .
وكقوله :{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }.
وكقوله :" { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}
فأحق الناس بعد الخالق المنان بالشكر والإحسان من قرن الله الإحسان إليه بعبادته وطاعته، وشكره بشكره، وهما الوالدان. لهذا كان أعظم الحقوق بعد حق الله هو حق الوالدين .
قال ابن عطية :" ..التصنع لهما بالبر والإحسان مندوب إليه مؤكد فيه . .".
بر الأم مقدم على بر الأب
مسألة تفضيل الأم وتقديمها على الأب في البر ذكرها ابن عطية بقوله :"
وهو البر الذي تفضل فيه الأم على الأب "
واحتج لقوله بحديث رواه الإمام أحمد من طريق بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: " أُمَّكَ ". قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " ثُمَّ أُمَّكَ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " أُمَّكَ ". قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ " و رواه أيضا البخاري في الأدب المفرد والترمذي أبو داوود وابن ماجة إلا أنه قال " قَالَ: «الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى»
وقد ورد الحديث في صحيح مسلم لكن في بيان من أحق الناس في الصحبة
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ»
وقد سوى الله تعالى في كتابه بالإحسان لهما وبشكرهما وبطاعتهما . وبمصاحبتهما بالمعروف إذا كانا مشركين ؛ قال الله تعالى :" وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا "
معنى "وَبِذِي الْقُرْبَى "
الواو : عَطَفَ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدَيْنِ الْإِحْسَانَ ؛ أمر بالإحسان إلى ذوي القربى.. والمعنى وأحسنوا إلى القرابات من الرجال والنساء
المراد ب "ذي القربىّ"
هو قريب النسب سواء كان من جهة الأم أو من جهة الأب .
وهذا من الأمر بصلة الرحم وحفظها ؛وهذا مما يوافق ويناسب بدأ السورة بالأمر بتعظيم الأرحام وصلتها والتحذير من قطعها
الإحسان إلى ذوى القرابات في الكتاب والسنة
وقد ورد في آيات كثيرة الحث على الإحسان إلى ذوي القربى
كقوله تعالى :{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى } .
كقوله تعالى :" {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}. وكقوله تعالى :"{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى "}
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد ِ: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِم صَدَقَةٌ وصِلَةٌ" .
معنى اليتامى .
اليتامى : جمع يتيم ، وهو فاقد الأب قبل البلوغ.
وقد تطلق العرب اليتيم على من فقد أمه مجازا واستعارة .
معنى الواو في "واليتامى"
الواو حرف عطف على ما سبق والمعنى:" وأحسنوا إلى اليتامى"
وجعل الزجاج "واليتامى " في محل جر والتقدير" وباليتامى أوصاكم" ثم قال "وكذلك جميع ما ذكر في الآية"
و خص اليتامى بالأمر بالإحسان إليهم والحنو عليهم لأنهم فَقَدُوا مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ، وَمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ.
المراد ب "والمساكين
والمساكين أصحاب الحاجات الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ بِمُسَاعَدَتِهِمْ بِمَا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَتُهُمْ وَتَزُولُ بِهِ ضَرُورَتُهُمْ. ذكره ابن كثير
وخصهم ابن عطية بالمسلمين
ولعل حجته في ذلك أن "المساكين" من مستحقي الزكاة كما دلت عليه آية سورة براءة و الزكاة لا تحل لكافر
كما زاد تخصيصهم بالذين جاهروا بالسؤال ولم أجد له توجيها لقوله.
ولعل مبنى قوله معنى المسكين لغة : "مسكين هو الذي قد ركبه ذل الفاقة والحاجة فيتمسكن لذلك"
والتمسكن يكون بإظهاره للناس إما بالقول أو بالفعل ..- والله أعلم-
قال رحمه الله :" المقترون من المسلمين الذين تحل لهم الزكاة ، وجاهروا بالسؤال ."
معنى الجنب
الجنب : البعيد
قال ابن فارس :" (جَنَبَ)الْجِيمُ وَالنُّونُ وَالْبَاءُ أَصْلَانِ مُتَقَارِبَانِ أَحَدُهُمَا: النَّاحِيَةُ، وَالَآخَرُ الْبُعْدُ."اهـ
، ومنه قيل : اجتنب فلان فلانا : إذا بعد منه . وتجنبه غيره : إذا منعه إياه
والاجتناب أن يترك الشيء جانبا
و الجنابة البعد أيضا وسميت كذلك لابتعاد ومجانبة صاحبها الصلاة حتى يغتسل
قال الأعشى:
أتَيْتُ حُرَيْثا زَائِرا عَنْ جَنابَةٍ ***فكانَ حُرَيْثٌ فِي عَطائيَ جامِدَا
يعني بقوله : «عن جنابة » : عن بعد وغربة.
[لاحظي تفريق أهل اللغة بين معنى ( الجُنُبِ) بضم الجيم والنون، وقد ذُكِرت كوصف للجار، وبين (الجَنْبِ) بفتح الجيم وسكون النون وقد جاءت كوصف للصاحب]
المراد ب {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ}
في ذلك أقوال:
الأول: الْجَارِ ذِي الْقُرْبَى يَعْنِي الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ، وَالْجَارِ الْجُنُبِ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قُرَابَةٌ.
وهو قول ابْنِ عَبَّاسٍ (68) ، ومُجَاهد(104)، وَالضَّحَّاكِ(105) و عِكْرِمةَ(105) وقتادة (117) وَمُقَاتِلِ بْنِ حيَّان (150)
وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ(182).
عن قتادة :" { والجارِ ذِي القُرْبَي } إذا كان له جار له رحم ، فله حقان اثنان : حقّ القرابة ، وحقّ الجار
التخريج
قول ابن عباس أخرجه ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عنه
وأخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي من طرق
قول ومُجَاهد أخرجه عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح
قول الضحاك أخرجه ابن جرير من طريق جويبر
قول عكرمة أخرجه ابن جرير من طريق جار
قول قتادة أخرجه ابن جرير من طريق سعيد
وأخرجه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن قتادة
وَزَيْدِ بْنِ أَسْلم أخرجه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه
التوجيه
- قوله "ذي القربى "صفة للجار فالمراد هو الجار الذي له قرابة ؛ فهو الذي يتصل بالإنسان بصلة الرحم والقرابة ، فاجتمع له حق الجوار حق الرحم ، فقد ثبت له الإحسان من ناحيتين فكان ما يقابله" الجار الجنب" الذي ليس له قرابة وصلة رحم
وأخرج ابن جرير من طريق ليث عن ميمون قال قال :"والجار ذي القربى الرجل" يتوسل إليك بجوار ذي قرابتك"
وقد رد ابن جرير هذه القول –قول ميمون - مسندا إلى اللغة والعقل قال رحمه الله :"وهذا القول قولٌ مخالفٌ المعروفَ من كلام العرب. وذلك أن الموصوف بأنه"ذو القرابة" في قوله:"والجار ذي القربى"،"الجار" دون غيره. فجعله قائل هذه المقالة جار ذي القرابة. ولو كان معنى الكلام كما قال ميمون بن مهران لقيل:"وجار ذي القربى"، ولم يُقَل:"والجار ذي القربى". فكان يكون حينئذ = إذا أضيف"الجار" إلى"ذي القرابة" = الوصية ببرّ جار ذي القرابة، دون الجار ذي القربى. وأما و"الجار" بالألف واللام، فغير جائز أن يكوى"ذي القربى" إلا من صفة"الجار". وإذا كان ذلك كذلك، كانت الوصية من الله في قوله:"والجار ذي القربى" ببرّ الجار ذي القربى، دون جار ذي القرابة. وكان بينًا خطأ ما قال ميمون بن مهران في ذلك.اهـ
* * *
الثاني: : {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} يَعْنِي الْمُسْلِمَ {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} يَعْنِي الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ وهو قول نَوْف البِكَالِي الشامي
تخريجه أخرجه ابن جرير و وابنُ أَبِي حَاتم.من طريق أبي إسحاق عنه.
وفي تفسير الثعلبي هو الكافر
توجيه القول :
أن المراد به بالقرابة قرابة الإسلام و بالأجنبية أجنبية الكفر.
رد ابن جرير هذا القول بكونه مخالف لمعهود المعروف من كلام العرب ؛والقران لا يجوز تفسيره إلا على المعهود من كلامهم لأنه نزل بلغتهم
قال رحمه الله :" وهذا أيضا مما لا معنى له ، وذلك أن تأويل كتاب الله تبارك وتعالى غير جائز صرفه إلا إلى الأغلب من كلام العرب ، الذين نزل بلسانهم القرآن المعروف فيهم دون الأنكر الذي لا تتعارفه ، إلا أن يقوم بخلاف ذلك حجة يجب التسليم لها . وإذا كان ذلك كذلك ، وكان معلوما أن المتعارف من كلام العرب إذا قيل فلان ذو قرابة ، إنما يعني به : إنه قريب الرحم منه دون القرب بالدين ، كان صرفه إلى القرابة بالرحم أوّلَى من صرفه إلى القرب بالدين ."اهـ
وبنحوه قال ابن عطية
الثالث:"الجار ذي القربي "الجار القريب المسكن و "الجار الجنب" الجار البعيد المسكن رواه الضحاك ، عن ابن عباس .وهو اختياره الزجاج ذكره الثعلبي و ابن عطية ولم ينسباه إلى أحد
- إلا أن الثعلبي خصه بالملاصق لدارك ؛وسمى كذلك" بالجار الجنب "لأنه إلى جنبك .قال رحمه الله :" وقال بعضهم : الجار الجُنب هو الجار اللاصق داره بدارك ، فهو إلى جنبك"
توجيه هذا القول
ما رواه البخاري في صحيحه والإمام أحمد وغيرهما عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا»
القول الرابع
{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} يَعْنِي الْمَرْأَةَ.وهو قول ابنِ مَسْعُودٍ.(32)و علي (40)
تخريج
قول ابن مسعود وعلي أخرجهما ابن أبي حاتم من طريق عامر قال : قال علي وابن مسعود : { والجار ذي القربى } : المرأة
قال ابن أبي حاتم :" وروي عن الحسن وسعيد بن جبير نحو ذلك ..
توجيه
أن العرب تطلق على المٍرأة جارة
قال الأعشى :...... أيا جارتي بيني...
وهى أقرب ما تكون للرجل لملازمتها ومصاحبتها ومخالطتها له.لذلك صح تسميتها ب "الجار ذي القربى"
القول الخامس
المراد "الجار الجنب" المرأة وهو قول هلال الوزان
أخرجه عبد الله بن وهب من طريق شعبة بن الحجاج عنه
التوجيه:
وهو كاسبقه العرب تطلق لفظ جارة على المرأة
وقيل للمرأة "الجار الجنب" لأنها تنام إلى جنب الرجل؛ وعليه
يكون المراد بالجنب على هذا القول الناحية لا البعد
قال الجوهري : والجنب: الناحية." اهـ
وقال ابن فارس :" (جَنَبَ)الْجِيمُ وَالنُّونُ وَالْبَاءُ أَصْلَانِ مُتَقَارِبَانِ أَحَدُهُمَا: النَّاحِيَةُ، وَالَآخَرُ الْبُعْدُ."اهـ
القول السادس
الجار الجنب" هو الرفيق في السفر وهو قول مجاهد
التخريج
أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج ، عن سليم هو أبو عبيد الله أنه سمع مجاهدا يقول في : { الجار الجنب } قال : هو رفيقك في السفر في بياتك ، ويده في يدك .
الترجيح
أفادت الآثارُ اختلاف السلف في المراد بالجار ذي القربى على
على أربعة أقوال
1- الذي بينك وبينه قرابة وصلة رحم
2- المسلم
3- القريب من بيتك
4- المرأة
و المراد بالجار الجنب على خمسة أقوال:
1-البعيد الذي لا قرابة بينك وبينه
2- الكافر أو المشرك
3- الجار البعيد المسكن منك
4-الصاحب في السفر
5- المرأة
وقد رجح ابن جرير القول الأول أن الجار ذي القربى الجار ذي القرابة و الجار الجنب من لا قرابة بينك وبينه وذلك حتى يكون الأمر عام وشامل بالإحسان لكل أنواع الجيران
قال رحمه الله:" الجار ذي القربى :هو الجار ذو القرابة والرحم ، والواجب أن يكون الجار ذو الجنابة الجار البعيد ، ليكون ذلك وصية بجميع أصناف الجيران ، قريبهم وبعيدهم"
واعتمد في ترجيحه هذا على اللغة لأن الجنب في الكلام العرب هو البعيد ؛ فالجار ذي القربى هو القريب والجار الجنب هو البعيد عن القرابة
قال رحمه الله :" فإن الجُنب في كلام العرب البعيد كما قال أعشى بني قيس :
أتَيْتُ حُرَيْثا زَائِرا عَنْ جَنابَةٍ ***فكانَ حُرَيْثٌ فِي عَطائيَ جامِدَا
يعني بقوله : «عن جنابة » : عن بعد وغربة ،......إلى أن قال . . فمعنى ذلك : والجار المجانب للقرابة ." اهـ
[وعند نظركِ وإعمالك لقواعد الجمع بين الأقوال والترجيح
ما الذي يمنع الجمع بين الأقوال الثلاثة الأولى، إن تحقق في كل منها وصف القربى من وجه في قوله (ذي القربى) ووصف البعد من وجه في قوله (الجُنُب)؟ ]
حد الجيرة
أثار هذه المسألة ابن عطية وذكر اختلاف أهل العلم فيها
-قيل حده أربعون دارا من كل ناحية جيرة نسبه للأوزاعي
- وقيلمن سمع إقامة الصلاة فهو جار ذلك المسجد ، وبقدر ذلك في الدور لم ينسبه إلى أحد
- وقيل من ساكن رجلاً في محلة أو مدينة فهو جاره ، لم ينسبه إلى أحد
ولم يرجح ابن عطية شيئا لكن الذي يظهر من كلامه كأنه قبلها كلها لأنه جعل المجاورة مراتب أدنها الزوج وبعد ذلك كل من يخالطك
وإن كان الجميع يطلق عليه لفظ المجاورة إلا أنها درجات
قال رحمه الله :" والمجاورة مراتب بعضها ألصق من بعض ، أدناها الزوج كما قال الأعشى : [ الطويل ]
أَيَا جَارَتِي بِينِي .
وبعد ذلك الجيرة الخلط ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ]
سَائِلْ مُجَاوِرَ جرْمٍ هَلْ جَنَيت لَها حَرْباً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجِيرَةِ الخُلُطِ اه
جمع خليط خلطاء وخلط
والخليط الذي يخالطك ويعاشرك
الحث على الإحسان إلى الجار
من الأحكام التي جاءت بها الشريعة الحث على الإحسان إلى الجار وإعطاء حقوقه والتحذير من أذيته بل فيها الوعيد الشديد لمن تعدي عليه ولم يعطه حقوق
وجمع ابن كثير عددا منها؛ وسأسرد بعضها
- ما وراه البخارى في صحيحه والإمام أحمد في مسندهعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا زَالَ جِبرِيل يُوصِينِي بالْجَارِ حَتِّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِثُه".
-ما رواه الإمام أحمد عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عُمَر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَشْبَعُ الرَّجُلُ دُونَ جَارِهِ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ
-ما رواه الإمام أحمد عن المقداد بْنَ الْأَسْوَدِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ " قَالُوا: حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللهُ ورسُولُه، فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ: رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لأنْ يَزني الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَة، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَن يزنيَ بامرَأَةِ جَارِهِ". قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَة؟ قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ. قَالَ "لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِن عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يسرِقَ مِنْ جَارِهِ"." .
المراد بالصحاب بالجنب
ورد في ذلك أقوال
القول الأول:الزوجة..وهو قول : وابن مسعود(32) ، علي(40) ، وإبراهيم النخعي(96)؛ والحسن(110) ، وابن أبي ليلى(148)
تخريج
**قول ابن مسعود: رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عامر أو القاسم عنه و رواه سفيان الثوري في تفسيره من طريق القاسم بن عبد الرحمان عنه
**قول علي رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عامر أو القاسم عنه
ورواه عبد ابن حميد كما عند السيوطي
قول ابراهيم النخعي رواه الصنعاني و ابن جرير وابن المنذر وسعيد بن منصور في سننه من طريق أبي الهيثم عنه
قول ابن أبي ليلى رواه عبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق هلال عنه .
توجيه:
وجه هذا القول أن المرأة تكون مع الرجل وتضجع إلى جنبه . فيلصق جنبها جنب الرجل ؛ كما أن جنب الرجل يلصق جنب المرأة
وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الزَّوْجَةَ صَاحِبَةً فِي قَوْلِهِ: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} .
قال رشيد رضا رحمه الله تعالى :.."وَجْهَهُ أَنَّهُ الْمَرْأَةُ، أَيْ: لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي قَضَتِ الْفِطْرَةُ وَنِظَامُ الْمَعِيشَةِ أَنْ تَكُونَ بِجَنْبِ بَعْلِهَا" اهـ
.
القول الثاني::الصاحب الملازم وهو قول ، عن ابن عباس(68) ، عكرمة (105)؛ ابن جريج(150) ؛ ابن زيد(182) وهو قول أبي عبيدة
- الصاحب الملازم لك ..يكون معاك سفرا وحضرا.
قال مقاتل : هو رفيقك حضرا وسفرا . .
و قيد بأنه بصاحب الْحَاجَةِ.. قال ابن زيد : هو الذي يلصق بك ؛ وهو إلى جبنك ويكون معك رجاء خيرك .ونفعك
ولا تنافي بين القولين إذ لا يتصور صحبة وملازمة دون نفع وهو من لوازم الملازمة.
تخريج:
قول ابن عباس رواه ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عنه
ورواه ابن جرير من طريق العوفي عنه
قول ابن جريج ذكره الثعلبي في تفسيره وكذا البغوي قال ابن جريرج قال :"هو الذي يصحبك رجاء نفعك "
قول ابن زيد ابن أسلم ٍرواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد قال الذي يلصق بك و وهو إلى جنبك؛ و يكون معك إلى جنبك رجاء خيرك ونفعك .
توجيه
سمي الصاحب الملازم ب الصاحب بالجنب لأنه يمشي بجانب صاحبه
قال أبو عبيدة :" يصاحبك في سفرك ، ويلزَمُك ، فينزل إلى جنبك".
القول الثالث: أنه الرفيق في السفر
القائلون به، قاله ابن عباس(68) ؛ سعيد بن جبير(95). الضحاك(105)، قتادة(117) ، السدي(127) ؛ وهو اختيار ابن قتيبة( 276)
تخريج:
قول ابن عباس رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب من طريق علي ابن أبي طلحة عنه
قول سعيد بن جبير
رواه الصنعاني والطبري في تفسيرهما من طريق سفيان الثوري عن أبي بكير عن سعيد بن جبير في قوله تعالى {والصاحب بالجنب} قال: الرفيق في السفر، كما روى مثله النهدي عن مورق أو مرزوق مولى الشّعبيّ عن سعيد بن جبيرٍ.
قول الضحاك رواه ابن جرير من طريق جويبر عنه
قول عكرمة رواه ابن المنذر من طريق عطاء بن دينار عن الضحاك ؛ورواه ابن أبي حاتم من طريق جابر عن الضحاك .
قول قتادة رواه عبد الرزاق من طريق معمر عنه ؛ورواه ابن جرير من طريق سعيد عنه
قول السدي رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه
توجيه:
وجه هذا القول أن الرفيق في السفريَرْكَبُ بِجَانِبِ رَفِيقِهِ فِي الشُّقْدُفِ عَلَى الْبَعِيرِ.
ومنهم قول العرب .جَانَبَهُ بِمَعْنَى سَارَ إِلَى جَنْبِهِ.
النقاش :
أقوال المذكورة في الآية تنصب على معنى واحد..لا تنافر ولا تعارض بينهما
فلفظ " الصاحب الجنب" يشمل كل من يصاحب العبد ويكون إلى جنبه؛سواء في أمر ديني أو أمر دنيوي
فالمرأة تصاحب الرجل وتكون إلى جنبه وهو أيضا يصاحبها ويكون لجنبها
وكذا المسافر يصاحب صاحبه ولازمه في سفره ويكون إلى جنبه
وكذا الرفيق والملازم في أمور الدنيا أو أمور الدين ملازم لصاحبه يكون إلى جنبه لحصول النفع وتحقيق الانتفاع
قال ابن جرير : " يقال : فلان بجنب فلان وإلى جنبه ، وهو من قولهم : جَنَب فلان فلانا فهو يَجْنُبُهُ جَنْبا ، إذا كان لجنبه ، ومن ذلك : جَنَبَ الخَيْلَ ، إذا قاد بعضها إلى جنب بعض . وقد يدخل في هذا الرفيق في السفر ، والمرأة ، والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاء نفعه ، لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه ، وقد أوصى الله تعال بجميعهم لوجوب حقّ الصاحب على المصحوب ."
قال ابن عاشور :" قَوْلُهُ: وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ هُوَ الْمُصَاحِبُ الْمُلَازِمُ لِلْمَكَانِ، فَمِنْهُ الضَّيْفُ، وَمِنْهُ الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ، وَكُلُّ مَنْ هُوَ مُلِمٌّ بِكَ لِطَلَبِ أَنْ تَنْفَعَهُ" اهـ
بل معنى الآية أوسع من ذلك فيدخل في معناه : كل من صدق عليه أنه صاحب بالجنب أي : بجنبك كمن يقف بجنبك في تحصيل علم ، أو تعلم صناعة ، أو مباشرة تجارة ، أو نحو ذلك .
قال الزمخشري :" هو الذي صحبك بأن حصل بجنبك ، إما رفيقاً في سفر ، وإما جاراً ملاصقاً ، وإما شريكاً في تعلم علم أو حرفة . وإما قاعداً إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك ، من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه . فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه ، وتجعله ذريعة إلى الإحسان "
وقال أبو زهرة :"وإن من الإحسان إلى الصاحب الذي يكون بجنبك ، ألا تؤذيه بمنظر كريه أو ريح كريهة ، وان تحافظ على الحياء في مجلسك ، فلا تجعل نعلك يحف بثيابه أو بحيث يؤذيه ، وأن تعاونه عن كان محتاجا إلى معاونتك ".
ولا يشترط في الصاحب الجنب طول الصحبة ؛أو موافق الدين
قال شيخ الإسلام بن تيمية : { معلومأَنَّ لَفْظَ " الصَّاحِبِ " فِي اللُّغَةِ يَتَنَاوَلُ مَنْ صَحِبَ غَيْرَهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى أَنَّهُ وَلِيُّهُ، أَوْ عَدُوُّهُ، أَوْ مُؤْمِنٌ، أَوْ كَافِرٌ، إِلَّا لِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ...وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الرَّفِيقَ فِي السَّفَرِ وَالزَّوْجَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى إِيمَانٍ، أَوْ كُفْرٍ ."
وقال رحمه الله :"..قد قيل: هو الرفيق في السفر وقيل: هو الزوجة ومعلوم أن صحبة الرفيق وصحبة الزوجة قد تكون ساعة فما فوقها وقد أوصى الله به إحسانا ما دام صاحبا.......وقد دخل في ذلك قليل الصحبة وكثيرها وقليل الجوار وكثيره " اهـ
. قال ابن القيم: "وَكُلُّ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَحَقُّهُ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا."
و مما يقوى هذا المعنى ما رواه ابن جرير من طريق ابن أبي أوفى عن فلان بن عبد الله عن الثقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن كل صاحب يصحب صاحبا مسؤول عن صحابته ؛ولو ساعة من نهار"
فالذي يظهر –والله أعلم- أن قوله الصاحب الجنب كناية عن القرب... فكأن هذا الشخص صار قريبا منك قرب جنبك منك..فمن كان هذه حاله فحقه الإحسان إليه؛ ولا يشترط طوال ملازمة ولا موافق الدين بالعبرة بالقرب والمخالطة
والله أعلم
المراد "وابن السبيل"
ورد فيه أقوال
الأول:المسافر المجتاز مَارّاً ، وهذا قول مجاهد( 104) ، وقتادة (117)، والربيع بن أنس البكري . (139)
وهو قول أبي عبيدة وعبر عنه " بالغريب" .
تخريج
قول مجاهد رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عنه ؛ ورواه عبد الرزاق أيضا من طريق قتادة عن مجاهد قال: " ابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر"
قول قتادة رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه
قول الربيع رواه ابن جرير من طريق أبي جعفر عن الربيع قال ابن السبيل هو المار عليك وإن كان في الأصل غنيا
القول الثاني : الضيف ، وهو قول ابن عباس (68) ؛ سعيد ابن جبير (95) ؛ مجاهد (104) ؛ الضحاك .(105) ؛ قتادة (117) وهو قول مقاتل والزجاج
قال مقاتل: { وابن السبيل } ، يعني الضيف ينزل عليك أن تحسن إليه ."
قال الزجاج : هو الضيف يجب قراه؛ و أن يبلغ حيث يريد
تخريج:
قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحه عن ابن عباس قال:" ابن السبيل هو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين"
قول سعيد بن جبير علقه ابن أبي حاتم
قول مجاهد رواه ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد قال:" ابن السبيل الضيف له حق في السفر وفي الحضر"
قول الضحاك رواه ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك قال:" ابن السبيل هو الضيف"
قول قتادة رواه ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة قال:" ابن السبيل هو الضيف"
الترجيح:
والسبيل الطريق ، و قيل لصاحب الطريق ابن السبيل ، كما قيل لطير الماء ابن ماء .
قال الشاعر :
وردت اعتسافاً والثريا كأنها *** على قمة الرأس ابن ماءٍ مُلحقُ.
رجح ابن جرير أن المراد ابن السبيل المسافر المار بك واستظهره ابن كثير
واستند ابن جرير في ترجيحه إلى دلالة اللغة أن ابن السبيل هو صاحب الطريق قال رحمه الله :" والصواب من القول في ذلك : أن ابن السبيل : هو صاحب الطريق ، والسبيل : هو الطريق ، وابنه : صاحبه الضارب فيه ، فله الحقّ على من مرّ به محتاجا منقطعا به إذا كان سفره في غير معصية الله أن يعينه إن احتاج إلى معونة ، ويضيفه إن احتاج إلى ضيافة ، وأن يحمله إن احتاج إلى حُمْلان.
وحاول ابن كثير الجمع بين القولين فقال رحمه الله :" ، وإن كان مراد القائل بالضيف : المار في الطريق ، فهما سواء.
وقال ابن عطية بعدما ذكر القولين :" وهذا كله قول واحد"
وقوله : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }
المراد : بملك اليمين"
العبيد الأرقاء...هذه وصية من الله بالإحسان إلى الأرقاء لأنهم ضعفاء لا حيلة لهم أسارى في أيدي الناس
ونسب الملك إلى اليمين
ونسب الملك إلى اليمين إذ هي في المعتاد جارحة البطش والتغلب والتملك ، فأضيفت هذه المعاني وإن لم تكن بها إليها تجوزاً . ذكره ابن عطية
وعبر عنه ابن جرير بقوله كما يقال :" تكلم فوك ؛ ومشت رجلك؛ وبطش يدك."
الأحاديث التي تحث على الإحسان إلى العبيد والأرقاء
ورد كثير من الأحاديث التي تحض وتحث على الإحسان إلى العبيد والأرقاء ؛حتى جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من أواخر ما وصى به في مرض موته
روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يُوصِي أُمَّتَه في مرضِ الموت يقول : " الصلاةَ الصلاةَ وما ملكتْ أيمانُكُم " . فجعل يُرَدِّدُها حتى ما يَفِيضُ بها لسانه.رواه أبو داود في السنن برقم (5154) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
روى الإمام أحمد : عن الْمِقْدَامِ بن مَعْدِ يكَرِب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أطعمت نَفْسَك فهو لك صدقةٌ ، وما أطعمتَ وَلَدَكَ فهو لك صدقة ، وما أطعمت زَوْجَتَكَ فهو لك صَدَقَةٌ ، ومَا أطعَمْتَ خَادِمَكَ فهو لَك صَدَقَهٌ "
ورواه النسائي من حديث بَقِيَّة ، قال ابن كثير وإسناده صحيح ولله الحمد .
وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو أنه قال لِقَهْرَمَانَ له : هل أعطيت الرقيق قُوتَهم ؟ قال : لا . قال : فانطلق فأعطهم ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوتهم " .
وروى مسلم أيضا وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " للمملوك طعامه وكِسْوتُه ، ولا يكلَّف من العمل إلا ما يُطيق " . .
-قوله : { إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا }
معنى المختال
يقال خال الرجل يخول خلاً إذا تكبر وأعجب بنفسه .
قال الراغب:" والخُيَلَاء: التّكبّر.
قال الجوهري:" والخال والخيلاء والخيلاء: الكبر. تقول منه: اخْتالَ فهو ذو خُيَلاءَ، وذو خالٍ، وذو مَخْيَلَةٍ،، أي ذو كِبْرٍ. قال العجاج:
والخالُ ثَوْبٌ من ثياب الجهال *
وقد خال الرجلُ فهو خائِلٌ، أي مُخْتالٌ.
قال الشاعر: فَإنْ كَنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا *** وإنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فاذهَبْ فَخَلْ
وجمع الخائل خالة، مثل بائع وباعة.اهـ
معنى الفخور
قال ابن سيده : الفَخَر، والفِخْر، والفُخْر، والفَخَار، والفَخارة، والفَخِّيري، والفِخِّيراءُ: التمدُّح بالخصال.اهـ..
الفخور على وزن فعول مبالغة في الفخر
فالفخر عنده التمدح بالخصال –الأخلاق- التي يتملكها العبد كالكرم والشجاعة.
قال الراغب:" الفَخْرُ: المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال والجاه؛ ويقال: له الفَخَرُ، ورجل فَاخِرٌ، وفُخُورٌ، وفَخِيرٌ، على التّكثير." اهـ
الفخر عنده هو التمدح بما يملك مما ليس من خصاله وأخلاقه كالمال و الجاه والشرف و النسب
قال ابن عطية:" : والفخر عد المناقب تطاولاً بذلك.اهـ
ابن عطية أضاف قيدا آخر وهو "تطاولا" أي أن يعد العبد محاسنه على جهة التطاول لا على جهة " {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]
فتحصل مما سبق أن الفخر عد الخصال الحميدة والأخلاق النبيلة الجميلة والصفات الخلقية ؛ وكذا بما ينعم الله على عباده ويوسع عليهم من رزق ومال وشرف وجاه مما لا يدخل في صفات العبد وأخلاقه على جهة التطاول والمباهاة والتمدح.
أقوال السلف في المراد بالمختال الفخور
قول مجاهد:
الفخور المتكبر
الفخور يعد ما أعطى ؛ وهو لا يشكر الله
التخريج :
رواه ابن جرير من طريق أبي نجيح عن مجاهد
مناسبة ختم الآية بذكر المختال الفخور
جملة " إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا" وردت كالتعليل للأمر السابق وهو الإحسان للأصناف التي سبق ذكرها؛ وهذان الوصفان متلازمان ، فحيث كان الكبر كان الفخر الكاذب.
-قال أبو رجاء الهروي : لا تجده سيء الملكة إلا وجدته مختالاً فخوراً وتلا قوله تعالى :"{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } [النساء: 36] ، ولا عاقاً إلا وجدته جباراً شقياً ، وتلا قوله :" {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } [مريم: 32] اهـ رواه ابن جرير من طريق محمد بن كثير.عنه
وخص هاتين الصفتين إذ هما الحاملان بالإخلال بحقوق الأصناف التي تقدم ذكرها والإحسان إليهم.. فالمتكبر يأنف عن أقاربه وجيرانِه وأصحابِه ولا يلتفت إليهم والفخور يتفاخرُ عليهم . فالجملةُ تعليلٌ للأمر السابق .
قال ابن عطية: وخص هاتين الصفتين هنا إذ مقتضاهما العجب والزهو ، وذلك هو الحامل على الإخلال بالأصناف الذين تقدم أمر الله بالإحسان إليهم. اهـ
قال أبو زهرة.:" والله تعالى لا يحب هؤلاء ؛ لأنهم يستنكفون عن الاتصال بالناس ، ويغمطون حقوق الناس ، ولا يقومون بحق النعمة التي أنعم الله بها عليهم ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام :"الكبر بطر وغمط الناس" .
وكان ذكر ذلك النص الكريم بعد طلب الإحسان للإشارة إلى أن المتصف بهاتين الصفتين لا يمكن أن يكون محسنا لأحد – هو إيذاء بصفاته وبأفعاله ، وهو مصدر الشر والتفرق في الجماعات .اهـ
في الآية وعيد
ونفي محبة الله لمن هذه صفته فيه تنبيه وإماء أنه متوعد بالعذاب ؛فعدم المحبة دليل على عدم الرضى وعدم الرضى مقتض للعذاب.
قال القاضي أبو محمد : ونفي المحبة عمن هذه صفته ضرب من التوعد .
( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) [النساء : 37]
القراءات
البخل :فيه قراءتان :
قراءة الجمهور"البُخْل "ضم الباء وإسكان الخاء
وقرأ حمزة و الكسائي و خلف العاشر ب " البَخَل " فتح الباء و الخاء
و هما لغتان فصيحتان بمعنى واحد؛فبأيتهما قرئ صح
وفيه لغتان غير هاتين ، يقال : البُخُل والبَخْل ؛ وقرئ بهما في الشواذ
" البُخُل" بضم الباء والخاء قراءة عيسى بن عمر والحسن، و " البَخْل" بفتح الباء وسكون الخاء وهي قراءة الزبير وقتادة وهي لغة بكر بن وائل.
نزول الآية:
المراد "بالذين يبخلون ":
[لم يتضح لي تفصيلكِ للقولين في هذه المسألة حتى ظننت أنكِ حملتِ معنى الآية على قول واحد، فلو ذكرتِ ملخصًا في سطر واحد قبل التفصيل
كأن تقولي اختلف المفسرون في المراد بالذين في هذه الآية على قولين، الأول: اليهود والثاني المؤمنين
القول الأول: ... قال به ..
لأن طول الفصل بتوضيح المسائل على كل قول قد لا يظهر هذا الخلاف بداية]
القول الأول: المراد بهم اليهود وهو قول ابن عباس(68) سعيد بن جبير (95) ومجاهد (104) الضحاك (105)وعكرمة (105) الحسن البصري (110) وقتادة (117)السدي (127) وحضرمي( ) ابن زيد ابن أسلم (182) وهو قول مقاتل (150)
الْيَهُودِ كَتَمُوا صفة محمد صلى اللَّه عليه وسلم، وَلَمْ يُبَيِّنُوهَا لِلنَّاسِ، وَهُمْ يَجِدُونَهَا مَكْتُوبَةً عِنْدَهُمْ فِي كُتُبِهِمْ.وأمروا الناس بكتمه .
معنى الآية على هذا القول
ما ورد في سبب نزولها
-عنابن عباس قال: كان كَرْدَم بن زيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار وكانوا يخالطونهم ينصحون لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون فأنزل الله فيهم {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، أي: من النبوة التي فيها تصديق ما جاء به محمد.
التخريج:
رواه ابن جرير وابن المنذر من طريق محمد ابن إسحاق عن ابن عباس
و وراه ابن المنذر عن محمد ابن إسحاق ولم يخرجه عن ابن عباس
المراد "بالذين يبخلون "
هم اليهود وهو قولابن عباس(68) سعيد بن جبير (95) ومجاهد (104) الضحاك (105)وعكرمة (105) الحسن البصري (110) وقتادة (117)السدي (127) وحضرمي( ) عبد الرحمان بن زيد ابن أسلم (182) وهو قول مقاتل (150) والزجاج
تخريج الأقوال
قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال "هي في أهل الكتاب يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان"
قول سعيد ابن جبير ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق جعفر عن سعيد بن جبير قال" هذا في العلم ؛ليس في الدنيا"
رواه ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن أبي المغيرة عنه
قول مجاهد رواه ابن جرير و ابن المنذر من طريق جريج وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال" نزلت في اليهود"
ورواه عبد بن حميد كما عند السيوطي
قول الضحاك رواه ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك قال: هم أهل الكتاب كتموا محمدا و ما أنزل عليه
قول عكرمة رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد مولى آل زيد بن ثابت عن عكرمة :" قال النبوة التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
قول الحسن البصري ذكره يحي بن سلام كما في تفسير بن أبي زمنين قال:" هم اليهود منعوا حقوق الله في أموالهم وكتموا محمدا وهو يعلمون أنه رسول الله "
قول قتادة رواه ابن جرير و أبي أبي حاتم من طريق سعيد عنه
قول السدي رواه ابن جرير و أبي أبي حاتم من طريق أسباط
قول حضرمي رواه ابن جرير من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عنه
قول عبد الرحمان بن زيد ابن أسلم رواه ابن جرير من طريق ابن مهب عن عبد الرحمان بن زيد قال في قوله:"الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل"، قال: هؤلاء يهود. وقرأ:"ويكتمون ما آتاهم الله من فضله"، قال: يبخلون بما آتاهم الله من الرزق، ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب. إذا سئلوا عن الشيء وما أنزل الله كتموه. وقرأ: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا) من بخلهم.
محل إعراب "الذين يبخلون"
في محل رفع
إما على الابتداء واختلف في خبره قيل هو محذوف دل عليه ما بعده والتقدير " الذين يبخلون قرناء الشيطان" أو " الذين يبخلون معذبون أو مجازون"
وقيل الخبر هو ( اِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ). قاله الزجاج .قال ابن عطية " وفي هذا تكلف ما "
-ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ؛أي: هم الذين يبخلون .
المراد بالبخل
البخل بالعلم ؛بما عندهم من العلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفته
معنى" وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ"
في ذلك قولان:
1-أن اليهود قالت لأتباعهم وعوامهم : اجحدوا أمر محمد ، وابخلوا به؛.. وعليه يكون المراد "بالبخل" كتمان أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته.. ويكون المراد "بالناس" هم إخوانهم من اليهود
-قال ابن عباس :"هي في أهل الكتاب يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان " رواه ابن أبي حاتم من طريق العوفي
2- قالت اليهود للأنصار : لم تنفقون أموالكم على هؤلاء المهاجرين فتفتقرون ؟
وعليه يكون المراد بالبخل؛ البخل بالمال و عدم إنفاقه .
ويكون المراد "بالناس" النصارى
-"وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"
المراد بالذي أتاهم الله
هو ما أعطاهم الله بالعلم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم
أسباب كتمان العلم
بين ابن تيمية رحمه الله أن اليهود في كتمانها للعلم لها أحد ثلاثة أسباب
قال رحمه الله :" فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم: تارة بخلا به وتارة اعتياضا عن إظهاره بالدنيا، وتارة خوفا في أن يُحتج عليهم بما أظهروه منه.اهـ "الاقتضاء"
قوله { وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً }
أي أعد الله لليهود عذابا مهينا ؛و اليهود كفار لأن من كتم الدين والنبوة وحجدهما فهو كافر
ووضع المظهر "الكافرين" موضع المضمر "لهم" إشعاراً بأن من هذا شأنه فهو كافر لنعم الله تعالى ، ومن كان كافراً لنعمه فله عذاب يهينه.
معنى " وأعتدنا"
في معجم الوسيط: أَعْتَدَ الشيءَ : هَيَّأَه وأعَدَّهُ . وفي التنزيل العزيز : " وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا"
-وفي القاموس :" عَتيدُ : الحاضِرُ المُهَيَّأ ."
قال ابن عطية :" وأعتدنا معناه : يسرنا وأعددنا وأحضرنا ، والعتيد ، الحاضر اهـ
وهو .كقوله تعالى :" {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }
ويجوز "وأعتدنا" مشتق من العتاد و العدة؛كأن العذاب جعله عتادا لهم.
قال الزجاج:" أي جعلنا ذلك عتادا لهم ؛ أو مثبتا لهم "
معنى المهين
العذاب المهين : الذي يقترن به خزي وذل ، وهو أنكى وأشد على المعذب .(ذكره ابن عطية)
مناسب ذكر العذاب المهين
-وخص العذاب المهين لهؤلاء دون غيره من العذاب كالأليم والعظيم و غيرهما ؛ لأنه من باب الجزاء من جنس العمل ؛ كما أهان هؤلاء النعم بالبخل والإخفاء ، استحقوا العذاب المهين الذي يهينهم
القول الثاني :المراد بهم المؤمنين وهو قول طاووس (106)زيد ابن أسلم (136) وهو اختيار ابن كثير
الذين يبخلون بالإنفاق في طاعة الله عز وجل ويأمرون الناس بذلك .
التخريج
قول طاووس رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابنه عنه وعلقه ابن المنذر
قال ابن طاوس، عن أبيه في قوله:"الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل"، قال: البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه ="والشح": أن يشٍح على ما في أيدي الناس. قال: يحبّ أن يكون له ما في أيدي الناس بالحِلِّ والحرام، لا يقنع.
قول زيد بن أسلم رواه ابن أبي حاتم من طريق حفص بن مسيرة عن زيد بن اسلم قال :" إن البخيل الذي لا يؤدى حق الله في ماله"
المراد :" بالذين يبخلون"
هم الذين سبق ذكرهم في الآية السابقة المختال الفخور
محل إعراب "الذين يبخلون"
- في موضع نصب بدل من { من } في قوله { من كان مختالاً فخوراً } ؛ أي إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا وهم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل
-و يجوز أنه انتصب على الذم .أي أذم الذين يبخلون
-المراد بالبخل
يبخلون بأموالهم ويأمرون الناس بالبخل؛ فلا تنفق في شيء من وجود الإحسان إلى من ذكر
المراد بالناس
- يعني إخوانهم ، ومن هو مظنة طاعتهم بالبخل بالأموال .
- قوله { ويكتمون ما آتاهم من فضله }
المراد ب يكتمون
يسترون نعم الله ؛ لا يظهرونها ولا ينفقونها. لا على أنفسهم ولا على غيرهم ؛لأن البخيل جاحد لنعم الله
ولا يتحدثون بها والله عزوجل يقول: " وأما بنعمة ربك فحدث"
قال ابن كثير:" فَالْبَخِيلُ جَحُود لِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا تَظْهَرُ عَلَيْهِ وَلَا تَبِينُ، لَا فِي أَكْلِهِ وَلَا فِي مَلْبَسِهِ، وَلَا فِي إِعْطَائِهِ وَبَذْلِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الإنْسَاَن لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ. وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} أَيْ: بِحَالِهِ وَشَمَائِلِهِ، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} وَقَالَ هَاهُنَا: {وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}اهـ.
المراد " ما آتاهم من فضله"
- من الرزق والمال
البخيل لا يحبه الله
على هذا المعنى تدل الآية أن الباخلين منفية عنهم محبة الله " ؛ لأن الله أخبر أنه لا يحب المختال الفخور ثم بين ر أن من صفاتهم البخل ..فلزم من ذلك أن البخيل لا يحبه الله
قوله { وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً }
هذا الجزء من الآية ذهب ابن عطية أنه خاص بالكفار ؛ فبعدما أمر المؤمنين بالإحسان إلى من سمى و عاتب المتكبر الفخور البخيل ذكر الكفار و ما أعد لهم من العذاب المهين
قال رحمه الله :" ..والآية إذاً في المؤمنين ، فالمعنى : أحسنوا أيها المؤمنون إلى من سمي ، فإن الله لا يحب من فيه الخلال المانعة من الإحسان إليهم من المؤمنين ، وأما الكافرون فإنه أعد لهم { عذاباً مهيناً } ، ففصل توعد المؤمنين من توعد الكافرين ، بأن جعل الأول عدم المحبة ، والثاني { عذاباً مهيناً }"اهـ
أما ابن كثير فقد كان له نظر آخر؛ حيث جعل الآية كلها في المؤمنين؛ ففيها توعد للبخيل ؛
وحمل قوله تعالى " الكافرين " على المعنى اللغوي ؛ فالكفر لغة : الستر والتغطية ؛ فالبخيل ساتر لنعم الله وآلائه وعظيم فضله فلم يظهرها ولم ينفقها في مراضى الله وطاعته.
قال رحمه الله :" وَالْكَفْرُ هُوَ السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ، فَالْبَخِيلُ يَسْتُرُ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَيَكْتُمُهَا وَيَجْحَدُهَا، فَهُوَ كَافِرٌ لِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ. " اهـ
الترجيح
الزجاج :اكتفي بذكر قول واحد وهو أن المراد بالبخل هو بخل العلم وأن المراد بالذين يبخلون هو اليهود
وابن عطية لم يرجح شيئا؛ لكن الذي يظهر من صنيعه أنه يميل أن الآية في المؤمنين والمراد بالبخل في الآية بخل المال إلا قوله "وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا" فهي في الكفار ؛ وذلك لتصديره هذا القول.
و رجح ابن جرير أن المراد بالبخل بخل العلم وأن المراد ب الذين يبخلون اليهود
أما ابن كثير فذهب أن البخل في الآية يحتمل أن يكون بخل العلم كما أنه يحتمل أن يكون بخل المال؛ ثم رجح رحمه الله مستندا إلى سياق الآية وسباقها أن المراد بالبخل في الآية بخل المال و المراد بالذين يخلون المؤمنون
--فإن سياق الآية في الكلام على الْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالضُّعَفَاءِ ؛ ومما قوى به ترجيحه الآية التي بعدها وهو قوله تعالى:{والَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ} ؛ ففيه جمع بين الممسكين المانعين لنعم الله وبين المنفقين المرائين
قال رحمه الله :" وَالظَّاهِرُ أَنَّ السِّيَاقَ فِي الْبُخْلِ بِالْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْبُخْلُ بِالْعِلْمِ دَاخِلًا فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ فَإِنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالضُّعَفَاءِ، وَكَذَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ: {والَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ} فَذَكر الْمُمْسِكِينَ الْمَذْمُومِينَ وَهُمُ الْبُخَلَاءُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاذِلِينَ الْمُرَائِينَ الَّذِي يَقْصِدُونَ بِإِعْطَائِهِمُ السُّمْعَةَ وَأَنْ يُمدَحوا بِالْكَرَمِ، وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ" اهـ
وابن تيمية جعل الآية مشتملة على معاني البخل
قال رحمه الله :" قَدْ تُؤُوِّلَتْ فِي الْبُخْلِ بِالْمَالِ وَالْمَنْعِ وَالْبُخْلِ بِالْعِلْمِ وَنَحْوِهِ وَهِيَ تَعُمُّ الْبُخْلَ بِكُلِّ مَا يَنْفَعُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مِنْ عِلْمٍ وَمَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ." المجموع..
ثم قال مرجحا :" وإن كان السياق يدل على أن البخل بالعلم هو المقصود الأكبر" الاقتضاء.
معنى البخل والفرق بينه وبين الشح
فرق بينهما طاووس رحمه الله بأن البخل منع ما في اليد ؛ والشح: هو البخل تقترن به الرغبة فيما في أيدي الناس قال ابن طاوس، عن أبيه في قوله:"الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل"، قال: البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه ="والشح": أن يشٍح على ما في أيدي الناس. قال: يحبّ أن يكون له ما في أيدي الناس بالحِلِّ والحرام، لا يقنع.اهـ
وبه قال ابن عطية
في الآية ذم البخل
وقد دلت الآية على ذم البخل ؛ وقد ورد هذا المعنى في عدد من نصوص الكتاب والسنة
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأ مِنَ الْبُخْلِ؟ ". وَقَالَ: "إِيَّاكُمْ والشّحَ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَمَرَهُمْ بالقطيعةِ فقطعوا، وأمرهم بالفجور فَفَجَرُوا".
استحباب إظهار نعم الله
لما ذم الله الذين يكتمون نعم الله عليهم ؛ ولا يظهرونها فُهم منه أنه يُستحب إظهار نعم الله . وقد دل على هذا المفهوم عدد من نصوص الكتاب و السنة
كقوله تعالى :" وأما بنعمة ربك فحدث"
وفِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ نِعْمَةً عَلَى عبدٍ أحبَّ أَنْ يَظْهَرَ أثرُها عَلَيْهِ" .
وَفِي الدُّعَاءِ النَّبَوِيِّ: "وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ، مُثِنِينَ بِهَا عَلَيْكَ قَابِلِيهَا -وَيُرْوَى: قَائِلِيهَا-وَأَتْمِمْهَا عَلَيْنَا" .
في الآية أداب طالب العلم وتعليمه
دلت الآية على صفات مذمومة يجب على العالم وطالب العلم تركها والابتعاد عنها وهي:
-البخل..فلا يبخل العالم وطالب العلم بالعلم الذي تفضل الله به عليهما
- المختال : والمختال في العلم له صورتان إما أَنْ يَخْتَالَ فَلَا يَطْلُبُهُ وَلَا يَقْبَلُهُ وَإِمَّا أَنْ يَخْتَالَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فَلَا يَبْذُلُهُ.
-الفخور...الفخر بالعلم أن يتباهى به أمام الناس
فدل مفهوم الآية أن على طالب العلم أن يتصف بضد تلك الصفات وهو التواضع وبذله للناس
قال ابن تيمة :" ... وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْمُخْتَالَ الْفَخُورَ الْبَخِيلَ بِهِ-يقصد العلم- فَالْبَخِيلُ بِهِ الَّذِي مَنَعَهُ وَالْمُخْتَالُ إمَّا أَنْ يَخْتَالَ فَلَا يَطْلُبُهُ وَلَا يَقْبَلُهُ وَإِمَّا أَنْ يَخْتَالَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فَلَا يَبْذُلُهُ وَهَذَا كَثِيرًا مَا يَقَعُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ يَبْخَلُ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ وَيَخْتَالُ بِهِ وَأَنَّهُ يَخْتَالُ عَنْ أَنْ يَتَعَدَّى مِنْ غَيْرِهِ وَضِدُّ ذَلِكَ التَّوَاضُعُ فِي طَلَبِهِ وَبَذْلِهِ وَالتَّكَرُّمُ بِذَلِكَ."اهـ
( وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا) [النساء : 38]
نزول الآية
قيل نزلت في اليهودوهو قول مجاهد ( 104) ؛ وهو قول مقاتل (150)
التخريج رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عنه
قال مقاتل:" { والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس } ، يعني اليهود ، { ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } ، يقول : لا يصدقون بالله أنه واحد لا شريك له ، ولا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال بأنه كائن ، { ومن يكن الشيطان له قرينا } ، يعني صاحبا ، { فساء قرينا } ، يعني فبئس الصاحب .اهـ
وقيل نزلت في المنافقينوهو قول السدي ( 127)كما في تفسير الثعلبي وتفسير البغوي وهو اختيار الزجاج و صححه ابن عطية ونسبه إلى الجمهور
والحجة في ذلك قوله تعالى :" وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ" فإن المنافقين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر
قال الزجاج:وهُؤلاء يُعْنَى بهم المنافِقُون، كانوا يُظهرونَ الِإيمانَ ولا يؤمنون باللَّه
واليوم الآخر.اهـ
ترجيح
وقد رد الطبري قول مجاهد بحجة أن اليهود يؤمنون بالله واليوم الآخر؛والآية نفت الإيمان بالله واليوم الآخر عن هؤلاء
قال رحمه الله :"....لأن اليهود كانت توحِّد الله وتصدّق بالبعث والمعاد. وإنما كان كفرُها، تكذيبَها بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم."
واستدرك ابن عطية عليه موجها قول مجاهد فقال :"وقول مجاهد متجه على المبالغة والإلزام ، إذ إيمانهم باليوم الآخر كلا إيمان من حيث لا ينفعهم اهـ
أما ابن كثير الذي يظهر .-والعلم عند الله - أنه حمل الآية على السياق السابق فأدخل فيها المؤمنين والمنافقين
لأن الله أمر بالإحسان إلى الأصناف إلى سماها ثم ذكر أنواعا و أصنافا من الناس من شأنهم أنهم لا يمتثلون أمره وهم من يمتنع ويبخل عن الإحسان وهو المختال الفخور و الذين ينفقون ويحسنون لكن رياء وسمعة ويدخل فيهم المؤمنون و المنافقون
فالجميع لم يؤد ما أمر الله به من الإحسان إلى أولئك الأصناف
قال رحمه الله :"فإن سياق الكلام في الإنفاق على الأقارب والضعفاء ، وكذا الآية التي بعدها ، وهي قوله : { والَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ } فَذَكر الممسكين المذمومين وهم البخلاء ، ثم ذكر الباذلين المرائين الذي يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يُمدَحوا بالكرم ، ولا يريدون بذلك وجه الله ،"اهـ
محل إعراب " وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ"
الواو :واو عطف
-فيجوز أن يكون عطفا على " الكافرين " فيكون في موضع خفض ؛ وهو اختيار ابن جرير
والمعنى أن الله أعد للكافرين عذابا مهينا وكذا للذين ينفقون أموالهم رئاء الناس أعد لهم عذابا مهينا
-ويجوز أن يكون عطفا على "الذين يبخلون " في النصب والرفع
قال ابن عطية:" ويصح أن يكون في موضع رفع على العطف وحذف الخبر ، وتقديره : بعد اليوم الآخر معذبون" اهـ
المراد بالإنفاق
وهو ما كان ينفقه المنافقون من زكاة أموالهم ، و ما كانوا ينفقونه في السفر مع رسول الله صلى الله عليه
إعراب رياء
نصبا على الحال من الضمير ينفقون
معنى رياء
ينفقون أموالهم من أجل السمعة وأن يحمدوا بالكرم ولا يريدون بذلك وجه الله
قال ابن عطية :" "رياء" ودفاعا عن أنفسهم لا إيمانا بالله" اهـ
معنى القرين"
قرين فعيل بمعنى فاعل؛بمعنى المقارن، كالجليس والخليط، أي: المجالس، والمخالط. والجمع: قرناء. وهو من المقارنة وهي الملازمة والاصطحاب ، ومنه قيل لما يلزمان الإبل والبقر قرينان ، وقيل للحبل الذي يشدان به : قرن
محل إعراب "قرينا"
{ قريناً } نصب على التمييز
معنى كون الشيطان قرين الإنسان
وهي هاهنا مقارنة مع خلطة وتواد .
والإنسان كله يقارنه الشيطان ، وهي مقارنه مع خلطة و تواد ؛ لكن الموفق عاص له ، .
معنى قوله وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا
فالمعنى : ومن يكن الشيطان له مصاحباً وملازماً ، أو شك أن يطيعه فتسوء عاقبته ،
لأن الشيطان هو يحمل على صنع القبيح وترك الطاعة و العدول عنها ؛بما يوسوس لقرينه ويملى له ويسول له ؛حتى يحسن لهم القبائح ..فن مقارنة السيء لا تأتي إلا بالسوء
قال الشاعر :" عَن المَرْء لَا تَسْأل وسَلْ عَنْ قَرينه ... فكلُّ قَرِينٍ بِالْمَقَارَنِ يَقْتَدي
فاعل ساء
-الفاعل ل «ساء » مضمر ، تقديره ساء القرين قريناً ، على حد بئس
ذم الرياء
الرياء مناف للاخلاص ومناقض له؛ بل هو معارض لأصل رسالة الأنبياء وهو إخلاص الله بالعبادة وإفراده بها كما قال تعالى :" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء" وقال تعالى " ألا لله الدين الخالص"
وقد ورد جملة من الأحاديث في ذم الرياء
-منها حديث الذي فيه الثلاثة الذين هم أول من تُسَجَّرُ بهم النار ، وهم : العالم والغازي والمنفق ، والمراءون بأعمالهم ، يقول صاحب المال : ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت في سبيلك . فيقول الله : كذبت ؛ إنما أردت أن يقال : جواد فقد قيل . أي : فقد أخذت جزاءك في الدنيا وهو الذي أردت بفعلك .
- ومنها حديث : أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لِعَدِيّ : " إن أباك رامَ أمرًا فبلغه " .
-ومنها حديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن عبد الله بن جُدعان : هل ينفعه إنفاقُه ، وإعتاقُه ؟ فقال : " لا إنه لم يقل يوما من الدهر : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " .