دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > قواعد الأصول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1431هـ/2-04-2010م, 08:39 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 2- قول الصحابي إذا لم يظهر له مخالف

2/ و (قول الصحابي إذا لم يظهر له مخالف) فروي أنه حجة تقدم على القياس ويُخَصُّ به العموم ، وهو قول مالك ، وقديم قول الشافعية ، وبعض الحنفية ، ويُروى خلافه ، وهو قول عامة المتكلمين ، وجديد قول الشافعي واختار أبو الخطاب .
وقيل : الخلفاء الأربعة ، وقيل أبو بكر وعمر .
فإن اختلف الصحابة على قولين لم يجز للمجتهد الأخذ بأحدهما إلا بدليل ، وأجازه بعض الحنفية والمتكلمين ما لم ينكر على القائل قوله .

  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1431هـ/5-04-2010م, 01:50 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تيسير الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

و (قول الصحابي إذا لم يظهر له مخالف) فرويَ أنه حجة، يقدم على القياس، ويُخَصُّ به العموم ، وهو قول مالك، وقديم قولي الشافعية، وبعض الحنفية، ويروى خلافه، وهو قول عامة المتكلمين، وجديد قولي الشافعي واختاره أبو الخطاب، وقيل: الخلفاء الأربعة، وقيل: أبو بكر وعمر.
2 ـ قول الصحابي
قوله: (وقول الصحابي) أي: الأصل الثاني من الأصول المختلف فيها: قول الصحابي، وقد تقدم تعريف الصحابي.
والمراد بقول الصحابي: ما أُثر عن أحد صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير، لا نصّ فيه من الكتاب أو السنة.
قوله: (إذا لم يظهر له مخالف) هذا فيه تحرير محل النزاع، وهو أن الخلاف بين العلماء إنما هو في قول الصحابي الذي لم يثبت فيه اشتهار، ولم يظهر له مخالف من الصحابة، وكان ذلك في المسائل الاجتهادية، وهذا أكثر ما يوجد عن الصحابة رضي الله عنهم.
فإن اشتهر القول بين الصحابة ولم يظهر من أحد إنكار له، ولا موافقة، فهذا هو الإجماع السكوتي، وتقدم الكلام فيه، وإن ظهر له مخالف من الصحابة لم يكن قوله حجة عند جميع الفقهاء، فإن وجد مرجح لأحدهما من كتاب أو سنة أو قياس أو غير ذلك كان الاحتجاج بالدليل، لا بقول الصحابي، وإن كان قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه فله حكم الرفع.
ومن الأمثلة على ذلك[(811)]: ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الطواف بالبيت صلاة، إلا أنَّ الله قد أحل فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير» [(812)]. فهذا روي مرفوعاً وموقوفاً. فإن كان مرفوعاً فالأمر واضح، وإن كان موقوفاً على ابن عباس فهو قول صحابي اشتهر، ولم يعلم له مخالف من الصحابة، فيكون حجة، لا سيما وقد ورد ما يؤيده من الأحاديث الصحيحة، كقوله صلّى الله عليه وسلّم لعائشة: «افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» [(813)]. ولا يقال: إن علة النهي عن طوافها أنَّ الحائض لا تدخل المسجد؛ فإنه قال: (حتى تطهري) ، وفي رواية: (حتى تغتسلي) . ولو كان المراد ما ذكر، لقال حتى ينقطع عنك الدم، والله أعلم.
قوله: (فروي أنه حجة) هذا هو القول الأول ، وهو أن قول الصحابي حجة شرعية مطلقاً، سواء كان من الخلفاء الأربعة أو من غيرهم. وهذا قول الشافعي في القديم، وقال به الإمام مالك، وجمهور أصحابه، وجمهور أهل الحديث، ونقل عن أكثر الحنفية، كالرازي وغيره، وهو المشهور عن الإمام أحمد، وبه قال أكثر أصحابه، وهو مقتضى أجوبته وتصرفاته في كثير من المسائل، قال ابن القيم: (الأصل الثاني من أصول فتاوى الإمام أحمد: ما أفتى به الصحابة، فإنه إذا وجد لبعضهم فتوى لا يُعرف له مخالف منهم فيها، لم يَعْدُ إلى غيرها)[(814)].
قوله: (يقدم على القياس) أي: إذا خالف قول الصحابي القياس فإن قول الصحابي يقدم، لأنه إذا خالف القياس دل على أنه توقيف من صاحب الشرع، فيكون حجة لا لذاته، بل لدلالته على الحجة.
ومثاله: ما نقله أبو طالب عن الإمام أحمد فيمن تسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم ثم علم، يقضي يوماً مكانه، وإن أكل ناسياً فلا شيء عليه، فقيل له: فإذا لم يعلم فهو كالناسي؟ فقال: كذا القياس، ولكن عمر أكل في آخر النهار يظنه ليلاً، فقال: أقضي يوماً مكانه[(815)].
فقدّم الإمام أحمد قول الصحابي على القياس.
قوله: (ويخص به العموم) أي: إن النص العام يُخَصُّ بقول الصحابي، وقد تقدم ذلك في باب «التخصيص»، وذكرتُ أن الراجح أن قول الصحابي لا يُخَصُّ به العموم، إلا إذا كان له حكم الرفع.
قوله: (ويروى خلافه...) هذا القول الثاني ، وهو أن قول الصحابي ليس بحجة، وهو قول الشافعي في الجديد، وأومأ إليه أحمد، واختاره أبو الخطاب [(816)]. وهو اختيار الغزالي، والآمدي، وابن الحاجب، كما اختاره الشوكاني، ونسبه إلى الجمهور[(817)].
على أن ابن القيم رحمه الله نفى نسبة هذا القول إلى الشافعي، وأيَّد ذلك بأدلة قوية لا تقبل الشك[(818)].
قوله: (وقيل: الخلفاء الأربعة) هذا القول الثالث ، وهو التفصيل، وهو أن الحجة قول الخلفاء الأربعة دون غيرهم.
قوله: (وقيل: أبو بكر وعمر) هذا القول الرابع ، وهو التفصيل أيضاً، وهو أن الحجة قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما دون غيرهما.
استدل القائلون بأنه حجة مطلقاً بأن الله تعالى أثنى على الصحابة، فقال تعالى: {{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}} [آل عمران: 110] ، ومدحهم الله بقوله سبحانه: {{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}} [التوبة: 100] . وأَخْذُ قولهم على أنه حجة نوع من الاتّباع.
ثم إن من عَدَّله الله ومدحه فإن العقل لا يقبل مخالفة قوله، والصحابة أقرب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهم شاهدوا مواضع التنزيل، ولهم من الإخلاص والعقل والاتباع للهدي النبوي ما يجعلهم أقدر من غيرهم على معرفة مقاصد الشرع، ولا يبعد أن تكون أقوالهم سنة نبوية، فإن الصحابي إما أن يكون سمعها من النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم أو سمعها ممن سمعها منه، أو فهمها من آية، ولا يقال لو كان حديثاً لرفعه، فإنه لا يلزم، ويحتمل أنه نقله، ولم يبلغنا، أو ظَنَّ نَقْلَ غيرِه له فاكتفى به[(819)].
واستدل القائلون بعدم حجيته: بأن الصحابة غير معصومين عن الخطأ كسائر المجتهدين، فقولهم يكون متردداً يبن الخطأ والصواب، ومحتملاً كقول غيرهم من التابعين المجتهدين، ويدل على ذلك اختلافهم، كما في مسألة الجد مع الإخوة.
واستدل أصحاب القول الثالث: بحديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ...» [(820)]. وهذا يتناول ما أفتوا به وسنّوه للأمة، ومعلوم أنهم لم يسنّوا ذلك وهم خلفاء في آن واحد، فعلم أن المراد: أن ما سَنَّه كل واحد منهم في وقته فهو من سنّة الخلفاء الراشدين.
واستدل أصحاب القول الرابع: بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر» [(821)].
والأظهر ـ والله أعلم ـ أن قول الصحابي ليس حجة ملزمة، ولكنه قول يؤخذ به حيث لا دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو غيرها مما يعتبر، لأن اقتفاء أثر الصحابة والأخذ بما أداه إليه اجتهادهم أولى من اجتهاد من جاء بعدهم؛ لأن قولهم أقرب إلى الصواب لبركة الصحبة، والتخلق بالهدي النبوي، وهم حملة الشرع، وأئمة الأمة، وأصفاها ذهناً.
وقد دل على ذلك قول الإمام الشافعي رحمه الله في حكايته مع مُنَاظِرِه: (قال: أفرأيتَ إذا قال الواحد منهم القول لا يحفظ عن غيره منهم فيه له موافقة ولا خلافاً، أتجد لك حجة باتباعه في كتاب أو سنة أو أمر أجمع عليه الناس فيكون من الأسباب التي قلتَ بها خبراً؟ قلت له: ما وجدنا في هذا كتاباً ولا سنة ثابتة، ولقد وجدنا أهل العلم يأخذون بقول واحدهم مرة ويتركونه أخرى، ويتفرقوا في بعض ما أخذوا به منهم، قال: فإلى أيّ شيء صرتَ من هذا؟ قلتُ: إلى اتباع قول واحد إذا لم أجد كتاباً ولا سنة ولا إجماعاً ولا شيئاً في معناه يُحكم له بحكمه، أو وجد معه قياس، وقلَّ ما يوجد من قول الواحد منهم لا يخالفه غيره من هذا)[(822)].
والإمام أحمد رحمه الله شديد التمسك بما كان عليه الصحابة، شديد الاتباع لهم، وقد روى عنه أبو يعلى في (الطبقات) عن عبدوس بن مالك قال: سمعت أبا عبد الله، أحمد بن حنبل يقول: (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والاقتداء بهم، وترك البدع...)[(823)].
ثم إن القائلين بحجية قول الصحابي اشترطوا لذلك شرطين:
1 ـ ألاَّ يعارضه ما هو أقوى منه من نص أو ما في معناه.
2 ـ ألاَّ يخالفه صحابي آخر.
ويندر أن يتحقق هذان الشرطان في قول الصحابي وفتواه، وعلى هذا فتضيق دائرة الخلاف من حيث النتائج، أما الاختيار من أقوالهم وعدم الخروج عنها جملة، وتقليد بعضهم فهذا باب واسع. والله أعلم[(824)].
فإن اختلف الصحابة على قولين لم يجز للمجتهد الأخذ بأحدهما إلا بدليل، وأجازه بعض الحنفية، والمتكلمين ما لم يُنْكَرْ على القائل قوله.
قوله: (فإن اختلف الصحابة على قولين لم يجز للمجتهد الأخذ بأحدهما إلا بدليل) أي: إذا اختلف الصحابة في مسألة على قولين لم يجز للمجتهد الأخذ بأحد القولين من غير دليل، وذلك لأن قولي الصحابة ليسا بأقوى من دليلين في الكتاب أو السنة تعارضا، ولو تعارض دليلان من الكتاب أو السنة لا يؤخذ بأحدهما دون دليل مرجح فكذا هنا، ذلك أن أحد القولين خطأ، ولا طريق إلى تمييز الصواب من الخطأ إلا بدليل.
يقول الشافعي رحمه الله: (وأقوال الصحابة إذا تفرقوا نصير منها إلى ما وافق الكتاب والسنة أو الإجماع أو ما كان أصح في القياس)[(825)].
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (إذا اختلف أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يجز للرجل أن يأخذ بقول بعضهم على غير اختيار، ينظر أقرب القول إلى الكتاب والسنة)[(826)].
قوله: (وأجازه بعض الحنفية) هذا القول الثاني في المسألة، وهو أنه يجوز الأخذ بأحد قولي الصحابة من غير دليل.
قوله: (ما لم يُنْكَرْ على القائل قوله) أي: بشرط ألا ينكر ذلك القول المأخوذ به على قائله.
واحتج هؤلاء بما رواه ابن أبي شيبة بسنده: أن امرأة غاب عنها زوجها، ثم جاء وهي حامل، فرفعها إلى عمر، فأمر برجمها، فقال معاذ: إن يكن لك عليها سبيل، فلا سبيل لك على الذي في بطنها، فقال عمر: احبسوها حتى تضع، فوضعت غلاماً له ثنيتان، فلما رآه أبوه قال: ابني، فبلغ ذلك عمر فقال: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر[(827)].
وجه الدلالة: أن عمر رضي الله عنه رجع إلى قول معاذ رضي الله عنه في هذه القضية، فأخّر رجمها حتى تضع، بدون أن يستعلم رأي غيره.
والقول الأول أرجح؛ لقوة مأخذه، وأمَّا دليل المجيزين فإن عمر رضي الله عنه رجع إلى قول معاذ رضي الله عنه لما بان له الحق، لا أنه أخذ بقوله تقليداً وتشهياً.
ومن الأمثلة على ذلك: أن عمر وعلياً رضي الله عنهما يريان قتل الجماعة بالواحد، وورد أن الزبير لا يرى قتل الجماعة بالواحد، كا نقله ابن المنذر، فيترجح مذهب الأكثرين منهم؛ لقوله تعالى: {{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}} [البقرة: 179] [(828)]، والله أعلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
2, قول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir