بابُ الإحرامِ
لُغَةً: نِيَّةُ الدُّخولِ في التحريمِ؛ لأنَّه يُحَرِّمُ على نفسِه بنِيَّتِه ما كانَ مُباحاً له قبلَ الإحرامِ مِن النكاحِ والطِّيبِ ونحوِهِما، وشَرْعاً: (نِيَّةُ النُّسُكِ)؛ أي: نيَّةُ الدُّخُولِ فيه لا نيَّةُ أن يَحُجَّ أو يَعْتَمِرَ.
(سُنَّ لمُرِيدِه)؛ أي: مُرِيدِ الدُّخولِ في النُّسُكِ مِن ذَكَرٍ وأُنْثَى (غُسْلٌ) ولو حائضاً ونُفَسَاءَ؛ (لأنَّ النبِيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ أَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَهِيَ نُفَسَاءُ أَنْ تَغْتَسِلَ) روَاهُ مُسْلِمٌ. وأَمَرَ عَائِشَةَ أن تَغْتَسِلَ لإهلالِ الحَجِّ وهي حائِضٌ. (أو تَيَمُّمٌ لعدمٍ)؛ أي: عدمِ الماءِ أو تَعَذُّرِ استعمَالِه لنحوِ مرضٍ. (و) سُنَّ له أيضاً (تَنَظُّفٌ) بأَخْذِ شَعْرٍ وظُفْرٍ وقَطْعِ رائحةٍ كريهةٍ لئَلاَّ يَحْتَاجَ إليه في إحرامِه فلا يَتَمَكَّنُ منه. (و) سُنَّ له أيضاً (تَطَيُّبٌ) في بَدَنِه بمِسْكٍ أو بخورٍ أو ماءِ وَرْدٍ ونَحْوِها لقَوْلِ عَائِشَةَ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ لإحرَامِه قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، ولحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ، وقَالَت: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى وَبِيصِ المِسْكِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ وهو مُحْرِمٌ. مُتَّفَقٌ عليهِ.
وكُرِهَ أن يَتَطَيَّبَ في ثَوْبِه، وله استِدامَةُ لُبْسِه ما لم يَنْزِعْه فإن نَزَعَه فليسَ له أن يَلْبَسَهُ قبلَ غَسْلِ الطِّيبِ مِنْه، ومتَى تَعَمَّدَ مَسَّ ما على بدنِه مِن الطِّيبِ أو نَحَّاهُ عَن مَوْضِعِه ثُمَّ رَدَّه إليه أو نَقَلَه إلى موضعٍ آخَرَ فَدَى، لا إن سَالَ بعَرَقٍ أو شمسٍ. (و) سُنَّ له أيضاً (تَجَرُّدٌ مِن مَخِيطٍ) وهو كُلُّ ما يُخَاطُ على قَدْرِ الملبوسِ عليه كالقميصِ والسَّرَاوِيلِ؛ لأنَّهُ عليه السَّلامُ تَجَرَّدَ لإهْلالِهِ. رواه التِّرْمِذِيُّ. (و) سُنَّ له أيضاً أن (يُحْرِمَ في إِزَارٍ ورِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ) نظيفَيْنِ ونعلَيْنِ لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ ورِدَاءٍ ونَعْلَيْنِ)) رواه أَحْمَدُ.
والمرادُ بالنعلَيْنِ التَّاسُومَةُ، ولا يَجُوزُ له لُبْسُ السرْمُوزَةِ والجُمْجُمِ. قالَه في (الفُرُوعِ). (و) سُنَّ (إحرامٌ عَقِبَ ركْعتَيْنِ) نفلاً أو عَقِبَ فريضةٍ؛ لأنَّهُ عليه السَّلامُ أَهَلَّ دُبُرَ صَلاةٍ. رواه النَّسَائِيُّ. (ونيَّتُه شرطٌ) فلا يَصِيرُ مُحْرِماً بمُجَرَّدِ التجَرُّدِ أو التلبِيَةِ مِن غيرِ نيَّةِ الدُّخُولِ في النُّسُكِ لحديثِ ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)).