دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > مراقي السعود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 محرم 1430هـ/12-01-2009م, 01:03 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي المجاز

المجاز

203- ومنه جائز وما قد منعوا= وكل واحد عليه أجمعوا
204- ما ذا اتحاد فيه جاء المحمل= وللعلاقة ظهور أولُ
205- ثانيهما ما ليس بالمفيد = لمنع الانتقال بالتعقيد
206- وحيثما استحال الاصل يُنْتَقَلْ= إلى المجاز أو لأقربَ حصل
207- وليس بالغالب في اللغات = والخلف فيه لابن جنِّيآت
208- وبعدَ تخصيصٍ مجازٌ فيلي= الاضمار فالنقل على المعول
209- فالاشتراك بعده النسخ جرى = لكونه يُحتاط فيه أكثرا
210- وحيثما قصدُ المجاز قد غلب = تعيينه لدى القرافي مُنتخَب
211- ومذهب النعمان عكس ما مضى = والقول بالإجمال فيه مُرتضَى
212- أجمَع إن حقيقة تمات = على التقدم له الأثبات
213- وهوحقيقة أو المجاز = وباعتبارين يجي الجواز
214- واللفظ محمول على الشرعي= إن لم يكن فمطلق العرفي
215- فاللغوي على الجلِي ولم يجب = بحث عن المجاز في الذي انتُخب
216- كذاك ما قابل ذا اعتلال = من التأصل والاستقلال
217- ومن تأسس عموم وبقا = الافرادُ والإطلاق ممايُنتقى
218- كذاك ترتيب لإيجاب العمل = بما له الرجحان ممايُحتمل
219- وإن يجي الدليل للخلاف = فقَدِّمنَّه بلاخلاف
220- وبالتبادر يُرى الأصيل = إن لم يكُ الدليل لاالدخيل
221- وعدمِ النفيِ والاطِّراد = إن وسم اللفظ بالانفراد
222- والضد بالوقف في الاستعمال = وكون الاطلاق على المحال
223- وواجب القيد وما قد جمعا = مخالفَ الأصل مجازا سُمعا


  #2  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 01:08 AM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي نشر البنود للناظم عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي

.........................

  #3  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 08:25 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي نثر الوورد على مراقي السعود للإمام محمد الأمين الجكني الشنقيطي

المجاز
هو في اللغة مكان الجواز.
وفي الاصطلاح هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة بينهما مع قرينة صارفة عن قصد المعنى الأصلي.
وهذا تعريف المجاز المفرد لأنه هو المقصود عند الأصولين؛ أما المجاز المركب والمجاز العقلي فليس لهما ذكر في الأصول وإنما يذكران في فن البيان.
203 ومنه جائز وما قد مَنَعوا = وكلٌ واحدٍ عليه أجمعوا
يعني أن من المجاز ما هو جائز بالإجماع ومنه ما هو ممنوع بالإجماع وقد قدمنا قسما مختلفاً فيه وهو: الجمع بين حقيقتين أو مجازين أو حقيقة ومجاز فتحصل أنه باعتبار المنع والجواز ثلاثة أقسام.
قسم جائز وقسم ممنوع وقسم مختلف فيه وأشار إلى القسم الجائز بقوله:
204 ما ذا اتحاد فيه جاء المَحمَل = ولِلعلاقةِ ظهورٌ أولُ
قوله: (ما) مبتدأ وخبره (أول) يعني أن أول القسمين المذكورين وهو الجائز اتفاقاً هو: ما كان له محمل واحد وكانت علاقته ظاهرة بينة كقولك: (رأيت أسداً يرمي) فمحمل هذا الكلام واحد إذ لا يحتمل غير الرجل الشجاع والعلاقة بين الأسد والرجل ظاهرة وهي الشجاعة.
وقول المؤلف: (ذا) حال من المحمل أي ما جاء فيه المحمل حال كونه (ذا اتحاد) أي متحداً؛ واحترز باتحاد المحمل من الحقيقة والمجاز والحقيقتين والمجازين؛ لأن المحمل متعدد في كلها.
وقوله: (المَحمَل) بفتح الميمين وهو المعنى الذي يحمل عليه اللفظ.
وظاهر المؤلف أن مثل هذا المجاز مجمع عليه وليس كذلك؛ لأن قوماً منهم الفارسي وأبو إسحاق الإسفراييني أنكروا المجاز في اللغة من أصله؛ وقالوا: إن ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً ليس بمجاز وإنما هو أسلوب من أساليب اللغة العربية ونفاه قوم في خصوص القرآن منهم ابن خويز منداد من المالكية وابن القاصّ من الشافعية ومنعه الظاهرية في الكتاب والسنة معاً.
قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر لي عدم جواز إطلاقه في القرآن لأن المجاز يجوز نفيه؛ كما يأتي للمؤلف أن من علامات الحقيقة عدم جواز النفي فيلزم على القول بالمجاز في القرآن أن في القرآن ما يجوز نفيه وكل ما يلزم المحظور فهو محظور؛ والعلم عند الله تعالى.
205 ثانيهما ما ليس بالمفيد = لمنع الانتقال بالتعقيد
يعني أن ثاني القسمين وهو القسم الممنوع اتفاقاً هو ما كان غير مفيد للمقصود لما فيه من التعقيد المعنوي المانع من فهم المراد كما لو قلت: «رأيت أسداً يرمي» تريد رجلاً أبخر؛ فإن الأسد وإن كان أبخر فاستعارته للرجل الأبخر بعلاقة البَخَر غير متعارفة في اللسان العربي.
وعدم تعارفها يمنع من فهم المراد فهذا التعقيد المعنوي يمنع المجاز.
وقوله: (لمنع الانتقال) أي الانتقال من المعنى الحقيقي إلى المجازي بحيث يستعمل اللفظ الموضوع للحقيقي في المجازي وذلك المنع بسبب التعقيد المعنوي وهو عدم ظهور المعنى.
206 وحيثما استحال الأصل يُنتقل = إلى المجاز أو لأقرب حَصَل
يعني أنه إذا تعذرت الحقيقة يجب عند المالكية الانتقال إلى المجاز إذا كان واحداً أو إلى أقرب المجازين إن تعدد ومثلوا لهذا بقوله تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] قالوا: حقيقة المأمور بمسحه جلدة الرأس ولهذه الحقيقة مجازان: أحدهما: أبعد وهو العمامة والثاني: أقرب للحقيقة وهو شعر الرأس فيجب الأقرب فيمسح على الشعر لا العمامة وما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من مسحه على العمامة حملوه على ما إذا خيف بنزعها ضرر كما قال خليل: (وعمامة خيف بنزعها ضرر).
207 وليس بالغالب في اللغات = والخلف فيه لابن جني آت
يعني أن المجاز ليس بغالب في اللغات أي المفردات والمركبات خلافاً لابن جني – بالجيم وسكون الياء معرب كني بين الكاف والجيم – في قوله: إنه غالب في كل لغة على الحقيقة زاعماً أنه ما من لفظ إلا واستعماله مجازاً مقروناً بالقرينة أكثر من استعماله حقيقة بالاستقراء قائلاً: أكثر كلام البلغاء تشبيهات واستعارات وإسناد الأفعال إلى من لا يصح أن يكون فاعلاً كالحيوانات والدهر والأطلال ونحو ذلك وأن عُرف التخاطب كذلك كقولهم: سافرت إلى البلاد ورأيت العباد ولبست الثياب وملكت العبيد مع أنه لم يسافر إلى كل البلاد ولم ير كل العباد... إلخ.
ولا يخفى سقوط قول ابن جِني بأن الغالب في اللغات المجاز وأن ما سماه مجازاً حقائق لغوية.
208 وبعد تخصيص مجاز فيلي = الإضمار فالنقل على المعول
209 فالاشتراك بعده النسخ جرى = لكونه يحتاط فيه أكثرا
يعني أن التخصيص والمجاز والإضمار والنقل والاشتراك والنسخ إذا تعارضت فالمقدم التخصيص ثم المجاز ثم الإضمار ثم النقل ثم الاشتراك ثم النسخ على خلاف في بعضها سنذكره إن شاء الله.
أما التخصيص فسيأتي تعريفة في قول المؤلف: (قصر الذي عم) إلخ.
وأما المجاز فقد تقدم الكلام عليه. وأما الإضمار فهو دلالة الاقتضاء المتقدمة في قوله: (وهو دلالة الاقتضاء أن يدل) إلخ.
وأما النقل فهو نقل كلمة إلى معنى آخر والظاهر أنه نوع من المجاز إذ لا يكاد يعقل الفرق بينهما وأما الاشتراك فقد تقدم الكلام عليه في قوله: (في رأي الأكثر وقوع المشترك).
وأما النسخ فسيأتي في قوله: (رفع لحكم أو بيان الزمن) إلخ. ومثال تقديم التخصيص على المجاز – كما رجحه المؤلف وغيره – قوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] فهو مخصوص عند الجمهور بغير الناسي للتسمية فتؤكل ذبيحته، وحمله الشافعي على المجاز وأن المراد به ما أهل به لغير الله أو ما مات من غير تذكية فيقدم التخصيص على المجاز على الراجح، ورجحانه من وجهين:
الأول: أن اللفظ يبقى في بعض الحقيقة كلفظ المشركين في: {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} خرج أهل الذمة وبقي الحربيون وهم بعض المشركين فعلى أنه تخصيص فهو أقرب للحقيقة.
الثاني: إذا خرج بعض بالتخصيص بقي اللفظ مستصحباً في الباقي من غير احتياج إلى القرينة، قال القرافي: وهذان الوجهان لا يوجدان في غير تخصيص.
قال مقيدة عفا الله عنه: هذا الوجه الأخير يدل على أن العام المخصوص حقيقة في الباقي بعد التخصيص كما يأتي تحقيقه عند قول المؤلف: (وذاك للأصل وفرع ينمى).
ومثال تقديم المجاز على الإضمار: قول السيد لعبده الذي هو أكبر منه سناً: أنت أبي، فإنه يحتمل المجاز من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم أي أنت عتيق، لأن الأبوة يلزمها العتق شرعا واللازمية والملزومية كلتاهما من علاقات المجاز المرسل كما هو مقرر في محله ويحتمل الإضمار أي أنت مثل أبي في الشفقة والتعظيم فيكون من التشبيه البليغ فعلى الأول يعتق وهو الذي رجحه المؤلف وعلى الثاني لا يعتق ورجح بعضهم الثاني.
حجة من رجح المجاز على الإضمار أن المجاز أكثر قال القرافي: (والكثرة تدل على الرجحان) وحجة من رجح الإضمار على المجاز أن قرينة الإضمار متصلة به لما قدمنا من أن قرينة الاقتضاء – الذي هو الإضمار – هي توقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه وذلك غاية الاتصال بخلاف قرينة المجاز فإنها منفصلة خارجة عنه.
وقال بعض العلماء: هما سيّان لاحتياج كل منهما إلى قرينة وهو وجيه لأن قرينة المجاز قد تكون استحالة الحقيقة والاستحالة لا تقصر عن قرينة الاقتضاء كما هو ظاهر.
ومثال تقديم الإضمار على النقل: قول الحنفي: إن درهم الربا إذا أسقط صح العقد لأن قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} {البقرة: 275} يحتمل الإضمار أي: أخذ الربا كما حمله عليه أبو حنيفة فلو حذف درهم الربا صح العقد، ويحتمل النقل، أي نقل (الربا) – الذي هو لغة الزيادة – إلى العقد شرعاً فيكون المعنى تحريم العقد وفساده مطلقاً ولو حُذِف الدرهم الزائد المؤدي إلى التحريم.
حجة من قال بتقديم الإضمار على النقل هي سلامة الإضمار من نسخ المعنى الأول، بخلاف النقل فإنه ينسخ المعنى الأصلي.
قال مقيدهُ عفا الله عنه: ذَكَرَ هذة الحجة لتقديم الإضمار على النقل المؤلفُ في (الشرح) تَبَعاً لغيره، ولا يخفى أن هذه الحجة تقتضي تقديم الإضمار على المجاز، لأن المجاز فيه نسخ المعنى الأصلي أيضاً، ولما قدمنا من أن النقل مجاز فانظره، لأن تقديم المجاز على الإضمار وتأخير النقل عنه مع أن النقل مجاز لا يخلو من إشكال.
ومثال تقديم النقل على الاشتراك: لفظ (الزكاة) إذا أريد به الجزء المخرجُ من المال فإنه يحتمل النقل عن المعنى الأصلي الذي هو النماء، ويحتمل الاشتراك بينه وبين الجزء المخرج فيُحمَل على النقل لأن الاشتراك يخل بالفهم اليقينيّ.
وقول المؤلف: (بعده النسخ) إلخ، يعني أن الاشتراك مقدم على آخر المراتب الذي هو النسخ، لأن النسخ يحتاط فيه أكثر لتصييره اللفظ باطلاً فتكون مقدماته أكثر. قاله في (التنقيح).
ولم أر من مثل لتعارض الاشتراك والنسخ والذي يظهر لي أنه لا يتأتى إلا في المشتركَين المتضادين كقوله تعالى: {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} لأن القُرءَ مشترك بين الطهر والحيض وهما ضدان، كما أن الناسخ والمنسوخ ضدان فيحمل الضدان على الاشتراك ولا يحملان على النسخ إلا بدليل على النسخ، كما يأتي للمؤلف من أن النسخ لا بد له من دليل خاص في قوله: (الإجماع والنص على النسخ) إلخ.
تنبيه: هذا الذي ذكره المؤلف من تقديم التخصيص ثم المجاز ثم الإضمار.. إلخ لا ينافي ترجيح المتأخر المرجوح في بعض الصور بِمُدرَك يخصه كترجيح النقل على الإضمار في آيه: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} ونحو ذلك.
وقول المؤلف: (فيلي الإضمار) هو بالرفع فاعل (يلي) والمفعول محذوف أي يلي الإضمار المجاز. وجمع بعضهم هذه المسائل في بيتين فقال:
يُقدم تخصيصٌ مجازٌ ومضمرٌ = ونَقلٌ يليه واشتراكٌ على النسخ
وكلٌ على ما بعده متقدمٌ = وقدم أضداد الجميع ذوو الرسخ
قال مقيده عفا الله عنه: قول ناظم البيتين: (وقدم أضداد الجميع) وجيه في غير التخصيص، أما التخصيص فلا يقدم عليه ضده الذي هو العموم بل يقدم هو على العموم كما سيأتي.
210 وحيثما قصدُ المَجاز قد غَلَبْ = تعيينُه لدى القرافي مُنْتَخَبْ
211 ومذهبُ النعمانِ عكس ما مضى = والقوْلُ بالإجمال فيه مُرْتضى
يعني أن اللفظ إذا دار بين الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح بكثرة الاستعمال، كلفظ (الدابة) الذي هو حقيقة مرجوحة في كل ما دب، مجاز راجح في ذوات الحافر في أكثر البلاد وفي بعضها للحمار وفي بعضها للحية فإن في ذلك ثلاثة مذاهب:
الأول: تعيين حمل اللفظ على المجاز لرجحانه بكثرة الاستعمال، وعزاه المؤلف في (الشرح) لأبي يوسف واختاره القرافي وهو معنى قول المؤلف: (تعيينه لدى القرافي منتخب) أي مختار ولا يحمل على الحقيقة إلا ببينة أو قرينة.
الثاني: حمله على الحقيقة لرجحانها بالأصالة ولا يحمل على المجاز إلا بنيته أو قرينة وهو قول أبي حنيفة وهو مراد المؤلف بقوله: (ومذهب النعمان عكس ما مضى).
الثالث: وهو قول الإمام، واختاره السبكي في (جمع الجوامع) أن اللفظ يكون مجملاً فلا يحمل على المجاز لرجحان الحقيقة بالأصالة ولا على الحقيقة لرجحان المجاز بكثرة الاستعمال فيتساوى الاحتمالان لأن لكل منهما مرجحاً فيكون اللفظ مجملاً وهو مراد المؤلف بقوله: (والقول بالإجمال فيه مرتضى).
212 أجْمَعَ إنْ حقيقةٌ تُماتُ = على التقدمِ له الأثباتُ
يعني أن الأثبات – أي العلماء – أجمعوا على تقديم المجاز على الحقيقة إن أُميتت الحقيقة أي هُجِرت بالكلية فمن حلف: لا يأكل من هذه النخلة حَنَث بثمرها دون خشبها الذي هو الحقيقة لأنها مُمَاته مهجورة.
وقوله: (الأثبات) بفتح الهمزة جمع ثَبَت فاعل (أجمعَ) و(إن) شرطية و(حقيقة) نائب فاعل (تُمات) محذوفة دل عليها (تمات) المذكورة، لما تقرر من أن أدوات الشرط لا تتولاها إلا الجمل الفعلية، وهو الصحيح عند النحويين خلافاً لبعضهم زاعماً أن الشرط ربما ولي جملة اسمية، وجعل بعضهم منه قوله تعالى: {قل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ} [الإسراء:100] الآية.
213 وهو حقيقةٌ أو المجازُ = وباعتبارَيْن يجي الجوازُ
يعني أن اللفظ المستعمل في معنى لا يخلو إما أن يكون حقيقة فقط، أو مجازاً فقط، كالأسد للحيوان المفترس أو للرجل الشجاع، ويجوز أن يكون حقيقة ومجازاً معاً باعتبارين كالصوم – مثلاً – فإنه حقيقة لغوية مجاز شرعي في كل إمساك، وحقيقة شرعية مجاز لغوي في خصوص إمساك البطن والفرج. وكالدابة فإنها حقيقة لغوية مجاز عرفيّ في كل ما دَبّ، حقيقة عرفية مجاز لغويّ في ذوات الحافر مثلاً، وهذا مراده بقوله: (وباعتبارين يجي الجواز).
قال مُقَيّدهُ عفا الله عنه: حَصْر المؤلف اللفظ في الحقيقة والمجاز لا يستقيم إلا على القول بأن الكناية حقيقة أو أنها مجاز، وأما على القول بأنها لا حقيقة ولا مجاز، فهي واسطة يختل بها الحَصْر الذي ذكره المؤلف هنا، والعلم عند الله تعالى.
214 واللفظُ محمولٌ على الشرعيّ = إن لم يكن فمطلَقُ العرفيّ
215 فاللغوي على الجَلي...... =...........................
يعني أن اللفظ يُحمل على معناه الشرعيّ إن كان من الشارع، فالصوم في كلام الشارع – مثلاً- يجب حمله على خصوص إمساك البطن والفرج، دون غيره من الإمساكات، وهذا معنى قوله: (واللفظ محمول على الشرعيّ).
فإن لم يكن في اللفظ استعمال شرعي خاص وجب حمله على معناه العرفيّ كما قدمنا عن أبي يوسف والقرافِيّ، كالدابة – مثلاً- فمن أوصى بدابة حُمِل على المتعارف في الدابة عند الناس، وهذا هو مراده بقوله: (إن لم يكن فمطلق العرفي) ومراده بالإطلاق في العرف يعني سواءٌ كان عرفاً عاماً أو خاصاً بأهل بلد، وسواءٌ كان عرفاً قوليًّا أو فعليًّا خلافاً لخليل القائل بعدم اعتبار العرف الفعلي تَبَعًا للقرافي.
ومثال العُرْف الفعليّ: أن يكون أهل بلد لم يأكلوا قط إلا خبز البر، فَحَلَف أحدهم لا يأكل خبزاً، فأكل خبزَ شعير، فإنه يحنث عند القرافي وخليل لعدم اعتبارهما العرف الفعلي. أما العُرْف القولي فواضح.
وقوله: (فاللغوي) يعني أنه إن لم يوجد في اللفظ اصطلاح شرعي ولا عرفيّ فإنه يجب حمله على معناه اللغوي.
وقوله: (على الجلي) أي على القول الظاهر خلافاً لمن قدم اللغويّ كما تقدم عن أبي حنيفة، وخلافاً لمن يجعله مجملاً كما تقدم عن الإمام والسبكي، وخلافاً لمن لا يعتبر العرف الفعلي كالقرافي وخليل، وخلافاً لمن أخر الشرعي كخليل وانتصر له الرهوني.
وتسكين (ياء) اللغوي والجلي لضرورة الوزن.
............ ولم يَجِبْ = بحثٌ عن المجازِ في الذي انتُخِبْ
يعني أنه يجوز حمل اللفظ على معناه الحقيقي قبل البحث عنه هل هو مستعمل في معناه المجازي، لأن الأصل عدم المجاز بلا قرينة كما يدل عليه كلام الفِهْرِي.
وقوله: (انتُخِب) بالبناء للمفعول بمعنى اختير، ومقابلة قول القرافي: إنه لا يصح التمسك بالحقيقة إلا بعد الفحص عن المجاز. وهذا الخلاف يجري في العام مع الخاص، هل يجوز التمسك بالعام قبل البحث عن المخصص أو لا؟ والحق جوازه لأن الأصل لا ينتقل عنه إلا بموجب.
216 كذاك ما قابل ذا اعتلال = من التأصلِ والاستقلال
217 ومِنْ تأسسٍ عمومٍ وبقا = الإفرادُ والإطلاقُ مما يُنْتقَى
218 كذاك ترتيبٌ لإيجاب العمل = بما له الرجحانُ مما يُحْتَمَل
يعني أن هذه الأمور الثمانية المذكورة في هذه الأبيات الثلاثة تُقدم على مقابلاتها، كما قدم الشرعي ثم العرفي.
الأول: التأصل، فإنه يقدم على مقابله الذي هو الزيادة، ومثاله قولة تعالى: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد] قيل: (لا) زائدة وقيل: نافية.
الثاني: الاستقلال، يقدم على مقابله الذي هو الإضمار، ومثاله قوله تعالى: {أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ} [المائدة: 33] الآية.
قال الشافعي وغيره: يُقتلون إن قَتَلوا وتُقطع أيديهم إن سرقوا، والمالكية يقولون: الأصل عدم الإضمار أي الحذف فيخير الإمام بين الأمور المذكورة، فيجوز القتل وإن لم يَقْتلوا والقطع وإن لم يسرقوا.
الثالث: التأسيس، يقدم على مقابله الذي هو التوكيد كقوله: {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} في سورة الرحمن وقوله: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} في المرسلات، فيحمل على تنوع الآلاء في الأول، والمكَذب به في الثاني فلا يتكرر.
الرابع: العموم، فإنه يقدم على مقابله الذي هو التخصيص، وقيده المؤلف في (الشرح) بكونه قبل البحث عن المخصص، ولا معنى له عندي لأنه قبل العثور على المخصص لم يكن هناك مقابل للعموم موجوداً وبعد العثور على المخصص فهو مقدم على العام فاتضح أن ذكر العموم هنا فيه نظر، وكذلك ذكر الإطلاق الآتي قريباً.
الخامس: البقاء، يقدم على مقابله الذي هو النسخ ومثل له المالكية بذي الناب من السباع، وذي المخلب من الطير، دل قوله تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145] الآية على إباحته، وثبت عنه صلى الله عليه السلام النهي عنه، فاختلف فيه هل النهي ناسخ للآية أم لا؟ فيكون المصدر مضافاً إلى فاعله، فيكون الحديث مثل قوله تعالى: {ومَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: 3].
قال مقيده عفا الله عنه: جعل النسخ والبقاء متقابِلَيْن فيه عندي نظر، لأن النسخ أيضاً قبل ثبوته لم يكن مقابلاً للبقاء، وبعد ثبوته فهو مقدم على البقاء، كما هو ظاهر.
219 وإن يجي الدليل للخلاف = فقدمنه بلا خلاف
يعني أن محل ترجيح المذكورات على مقابلاتها المرجوحة حيث لا دليل لخلاف الأصل يعضده (فقدمنه) أي خلاف الأصل على الأصل (بلا خلاف).
220 وبالتبادر يُرَى الأصيلُ = إن لم يكُ الدليلُ لا الدخيلُ
يعني أن المعنى الأصيل وهو الحقيقة (يُرى) أي يُعرف بالتبادر إلى الفهم (إن لم يكُ الدليل) أي حيث فُقِدت القرينة فالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن من اللفظ عند عدم القرينة هو المعنى الحقيقي له. قوله: (لا الدخيل) يعني أن المعنى الدخيل وهو المجاز لا يتبادر إلى الذهن إلا بالقرينة.
221 وعدم النفي والاطّراد = إن وُسِم اللفظُ بالانفراد
يعني أن الأصل يُعرف بعدم صحة نفيه في نفس الأمر لا لفظاً ولا لغة، وبه احترز عن قوله: ما أنت بإنسان لصحته لغة. قاله العضد. ويُعرف أيضاً بوجوب الاطراد فيما يدل عليه (إن وسم اللفظ بالانفراد) أي عُرف بعدم الترادف وإلا فلا يجب الاطراد لجواز التعبير بكل من المترادفين مكان الآخر، مع أن كلاً منهما حقيقة فما لا يطرد أصلاُ مجاز. قال المحلي: كما في {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي أهلها ولا يقال: واسأل البساط أي صاحبه.
222 والضد بالوقف في الاستعمال = وكون الاطلاق على المحال
يعني أن ضد الحقيقة وهو المجاز يُعرف (بالوقف) أي توقف اللفظ في إطلاقه عليه واستعماله فيه على المسمى الآخر الحقيقي، وهذا هو المسمى عند أهل البديع بالمشاكلة نحو: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ} فقوله: {وَمَكَرُواْ} حقيقة وقوله {وَمَكَرَ اللّهُ} مجاز.
وعلامة كونه مجازاً توقف صحة إطلاقه على الله على تقدم {مَكَرُواْ} عليه لأن إطلاق اللفظ على معناه الحقيقي لا يتوقف على شيء.
ويُعرف أيضاً المعنى المجازي بكون إطلاق اللفظ على المعنى الحقيقي إطلاقاً على المستحيل عليه ذلك الإطلاق نحو {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أطلق سؤال القرية على معنى هو استفهامها وهو مستحيل واستحالته يعرف بها أن المراد سؤال أهلها.
223 وواجبِ القيدِ وما قد جُمعا = مُخالفَ الأصل مجازاً سُمِعا
يعني أن المعنى المجازي يُعرف بوجوب تقييد اللفظ الدال عليه كـ (جناح الذل) و(نار الحرب) الأول بمعنى لين الجانب، والثاني بمعنى شدة الحرب، فإنه التزم تقييد كل من الجناح والنار بما أضيف إليه وتلك الإضافة قرينة المجاز، والتزامها علامة تمييز المجاز عن الحقيقة.
قوله: (وما قد جُمعا) إلخ يعني أن اللفظ الذي يجمع على خلاف جمع الحقيقة سُمِع حالَ كونه مجازاً، لأن جمعَه على خلاف جمع الحقيقة علامة كونه مجازاً كالأمر بمعنى الفعل مجازاً يجمع على أمور بخلافه بمعنى القول حقيقة فإنه يُجمع على أوامر، وهذا مقيد بما عُلِم له معنى حقيقي وتُردد في معناه الآخر فيستدل على أنه مجاز باختلاف الجمع دفعاً للاشتراك.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجاز

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir