دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الفتوى الحموية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 04:42 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أقسام الطوائف الممكنة في نصوص الصفات ستة أقسام

وَجِمَاعُ الأَمْرِ: أَنَّ الأَقْسَامَ الْمُمْكِنَةَ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا سِتَّةُ أَقْسَامٍ، كُلُّ قِسْمٍ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ.
قِسْمَانِ يَقُولانِ: تُجْرَى عَلَى ظَوَاهِرِهَا.
وَقِسْمَانِ يَقُولانِ: هِيَ عَلَى خِلافِ ظَاهِرِهَا.
وَقِسْمَانِ يَسْكُتُونَ.
أَمَّا الأَوَّلاَنِ: فَقِسْمَانِ:
أَحَدهُمَا: مَنْ يُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَيَجْعَلُ ظَاهِرَهَا مِنْ جِنْسِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَهَؤُلاءِ الْمُشَبِّهَةُ، وَمَذْهَبُهُمْ بَاطِلٌ، أَنْكَرَهُ السَّلَفُ، وَإِلَيْهِ تَوَجَّهَ الرَّدُّ بِالْحَقِّ.
وَالثَّانِي: مَنْ يُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا اللاَّئِقِ بِجَلالِ اللَّهِ، كَمَا يُجْرِي ظَاهِرَ اسْمِ الْعَلِيمُ، وَالْقَدِيرُ، وَالرَّبُّ، وَالإِلَهُ، وَالْمَوْجُودُ، وَالذَّاتُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، عَلَى ظَاهِرِهَا اللاَّئِقِ بِجَلالِ اللَّهِ، فَإِنَّ ظَوَاهِرَ هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ: إِمَّا جَوْهَرٌ مُحْدَثٌ، وَإِمَّا عَرَضٌ قَائِمٌ بِهِ.
فَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْكَلامُ وَالْمَشِيئَةُ وَالرَّحْمَةُ وَالرِّضَا، وَالْغَضَبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ: فِي حَقِّ الْعَبْدِ أَعْرَاضٌ.
وَالْوَجْهُ وَالْيَدُ وَالْعَيْنُ فِي حَقِّهِ أَجْسَامٌ.
فَإِذَا كَانَ اللَّهُ مَوْصُوفًا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الإِثْبَاتِ بِأَنَّ لَهُ عِلْمًا وَقُدْرَةً وَكَلاَمًا وَمَشِيئَةً - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَرَضًا، يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ - جَازَ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ اللَّهِ وَيَدَاهُ صفات لَيْسَتْ أَجْسَامًا يَجُوزُ عَلَيْهَا مَا يَجُوزُ عَلَى صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ(1).
وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلاَمُ جُمْهُورِهِمْ، وَكَلاَمُ الْبَاقِينَ لاَ يُخَالِفُهُ، وَهُوَ أَمْرٌ وَاضِحٌ، فَإِنَّ الصِّفَاتِ كَالذَّاتِ فَكَمَا أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ ثَابِتَةٌ حَقِيقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَصِفَاتُهُ ثَابِتَةٌ حَقِيقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ.
فَمَنْ قَالَ: لاَ أَعْقِلُ عِلْمًا وَيَدًا إِلاَّ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ وَالْيَدِ الْمَعْهُودَيْنِ.
قِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ تَعَقِلُ ذَاتًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ ذَوَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ صِفَاتِ كُلِّ مَوْصُوفٍ تُنَاسِبُ ذَاتَهُ وَتُلاَئِمُ حَقِيقَتَهُ، فَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ - الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ - إِلاَّ مَا يُنَاسِبُ الْمَخْلُوقَ فَقَدْ ضَلَّ فِي عَقْلِهِ وَدِينِهِ.
وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا قَالَ لَك الْجَهْمِيُّ: كَيْفَ اسْتَوَى، أوَ كَيْفَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، أو كَيْفَ يَدَاهُ أو نَحْوَ ذَلِكَ؟ فَقُلْ لَهُ: كَيْفَ هُوَ فِي نَفْسِهِ؟ فَإِذَا قَالَ لَك: لاَ يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلاَّ هُوَ، وَكُنْهُ الْبَارِي غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلْبَشَرِ. فَقُلْ لَهُ: فَالْعِلْمُ بِكَيْفِيَّةِ الصِّفَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ الْمَوْصُوفِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تَعْلَمَ كَيْفِيَّةِ صِفَةِ الْمَوْصُوفِ، وَلَمْ تَعْلَمْ كَيْفِيَّتَهُ، وَإِنَّمَا تُعْلَمُ كيفية الذَّاتُ وَالصِّفَاتُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ التي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي [ يَنْبَغِي لَك بَلْ هَذِهِ ] الْمَخْلُوقَاتُ فِي الْجَنَّةِ قَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: ( لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلاَّ الأَسْمَاءُ ).
وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تعالى: ( أَنَّهُ لاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ )، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ).
فَإِذَا كَانَ نَعِيمُ الْجَنَّةِ وَهُوَ خَلْقٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ كَذَلِكَ فَمَا الظَّنُّ بِالْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى(2).
وَهَذِهِ الرُّوحُ الَّتِي فِي بَنِي آدَمَ قَدْ عَلِمَ الْعَاقِلُ اضْطِرَابَ النَّاسِ فِيهَا، وَإِمْسَاكَ النُّصُوصِ عَنْ بَيَانِ كَيْفِيَّتِهَا، أَفَلاَ يَعْتَبِرُ الْعَاقِلُ بِهَا عَنِ الْكَلامِ فِي كَيْفِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى؟ مَعَ أَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الرُّوحَ فِي الْبَدَنِ، وَأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنَّهَا تُسَلُّ مِنْهُ وَقْتَ النَّزْعِ كَمَا نَطَقَتْ بِذَلِكَ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ، لاَ نُغَالِي فِي تَجْرِيدِهَا غُلُوَّ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ حَيْثُ نَفَوْا عَنْهَا الصُّعُودَ وَالنُّزُولَ، وَالاتِصْالَ بِالْبَدَنِ والانْفِصَالَ عَنْهُ، وَتَخَبَّطُوا فِيهَا حَيْثُ رَأَوْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْبَدَنِ وَصِفَاتِهِ، فَعَدَمُ مُمَاثَلَتِهَا لِلْبَدَنِ لاَ يَنْفِي أَنْ تَكُونَ هذه الصِّفَاتُ ثَابِتَةً لَهَا بِحَسْبِهَا، إِلاَّ أَنْ يُفَسِّرُوا كَلامَهُمْ بِمَا يُوَافِقُ النُّصُوصَ، فَيَكُونُونَ قَدْ أَخْطَئُوا فِي اللَّفْظِ، وَأَنَّى لَهُمْ بِذَلِكَ؟
ولا نقول: إنها مجرد جزء من أجزاء البدن كالدم والبخار مثلا، أو صفة من صفات البدن والحياة، وأنَّها مختلفة الأجساد ومساوية لسائر الأجساد في الحد والحقيقة، كما يقول طوائف من أهل الكلام: بل يتقن أن الروح عين موجودة غير البدن، وأنَّها ليست مماثلة له، وهي موصوفة بما نطقت به النصوص حقيقة لا مجازا.
فإذا كان مذهبنا في حقيقة الروح وصفاتها بين المعطلة والممثلة فكيف الظن بصفات رب العالمين(3).

وَأَمَّا الْقِسْمَانِ اللَّذَانِ يَنْفِيَانِ ظَاهِرَهَا، أَعْنِي الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَيْسَ لَهَا فِي الْبَاطِنِ مَدْلُولٌ هُوَ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى قَطُّ، وَأَنَّ اللَّهَ لاَ صِفَةَ لَهُ ثُبُوتِيَّةً، بَلْ صِفَاتُهُ إِمَّا سَلْبِيَّةٌ وَإِمَّا إِضَافِيَّةٌ، وَإِمَّا مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا، أَوْ يُثْبِتُونَ بَعْضَ الصِّفَاتِ – وهي الصفات السَّبْعَةَ، أَو الثَّمَانِيَةَ أَو الْخَمْسَ عَشْرَةَ - أَوْ يُثْبِتُونَ الأَحْوَالَ دُونَ الصِّفَاتِ، ويقرون من الصفات الخبرية بما في القرآن دون الحديث على ما قد عُرِفَ مِنْ مَذَاهِبِ الْمُتَكَلِّمِينَ. فَهَؤُلاءِ قِسْمَانِ: ( قِسْمٌ ) يَتَأَوَّلُونَهَا وَيُعَيِّنُونَ الْمُرَادَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: اسْتَوَى بِمَعْنَى اسْتَوْلَى، أَوْ بِمَعْنَى عُلُوِّ الْمَكَانَ وَالْقَدْرِ، أَوْ بِمَعْنَى ظُهُورِ نُورِهِ لِلْعَرْشِ، أَوْ بِمَعْنَى انْتِهَاءِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الْمُتَكَلِّمينَ.
وَ( قِسْمٌ ) يَقُولُونَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِهَا، لَكِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِثْبَاتَ صِفَةٍ خَارِجَةٍ عَمَّا عَلِمْنَا(4).

وَأَمَّا ( الْقِسْمَانِ ) الْوَاقِفَانِ: ( فَقِسْمٌ ) يَقُولُونَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهَا الأَلْيَقَ بِجَلالِ اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ لاَ يَكُونَ الْمُرَادُ صِفَةً الِلَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَوْمٌ يُمْسِكُونَ عَنْ هَذَا كُلِّهِ، وَلا يَزِيدُونَ عَلَى تِلاوَةِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ، مُعْرِضِينَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ عَنْ هَذِهِ التَّقْدِيرَاتِ.
فَهَذِهِ الأَقْسَامُ السِّتَّةُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ عَنْ قِسْمٍ مِنْهَا.

وَالصَّوَابُ فِي كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا، الْقَطْعُ بِالطَّرِيقَةِ الثَّابِتَةِ كَالآيَاتِ والأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وتعالى فَوْقَ عَرْشِهِ، وَتُعْلَمُ طَرِيقَةُ الصَّوَابِ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ بِدَلالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ دَلالَةً لاَ تَحْتَمِلُ النَّقِيضَ، وَفِي بَعْضِهَا قَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ النَّقِيضِ، وَتَرَدُّدُ الْمُؤْمِنِ فِي ذَلِكَ هُوَ بِحَسْبِ مَا يُؤْتَاهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ.


  #2  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 04:45 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تعليق سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله

(1) والمعنى: أنَّا نُثْبِتُ صفاتِ اللَّهِ وأسماءَه على الوجهِ اللائِقِ به، سواءٌ كانَتْ مِن أسماءِ المعاني كالعِلْمِ والقُدْرَةِ، ونحوِ ذلك، أو مِن أسماءِ الذواتِ كالوجهِ واليَدِ والقَدَمِ، والسمعِ والبصرِ ونحوِ ذلكَ، كلُّها يَجِبُ إثباتُها للهِ على الوجهِ اللائقِ به، مِن غيرِ أنْ يُشَابِهَ خَلْقَه في شيءٍ مِن صفاتِه، فصفاتُ المخلوقينَ مِن وُجُوهِهِم وأيديهم وعُلُومِهم يَعْتَرِيها النَّقْصُ والعَدَمُ والضَّعْفُ، فالمخلوقُ يَمُوتُ ويَعْمَى ويُصِيبُه ما يُصِيبُه من الآفاتِ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فهو مُنَزَّهٌ عن هذا كلِّه، لا يَعْتَرِي صِفَاتِه نَقْصٌ بوجهٍ مِن الوجوهِ، بل له الكمالُ المطلقُ مِن كلِّ الوجوهِ؛ في ذاتِه وأسمائِه وصفاتِه، لا شَبِيهَ له، ولا كُفْءَ له، ولا نِدَّ له سبحانه وتعالى.
(2) يعني: أنَّ ما في الجنَّةِ مِن النعيمِ لا يُشْبِهُ ما في الدنيا، بل بينَهما فرقٌ عظيمٌ، فكيفَ بحالِ الخالِقِ سبحانه وتعالى، فاللَّهُ أَوْلَى بأنْ يكونَ مُخَالِفاً لما عليه المخلوقونَ، وله الكمالُ الكاملُ سبحانه وتعالى، ولا يُشَابِهُ مخلوقاتِه،.
(3) المقصودُ مِن هذا أنَّ الرُّوحَ بها عِبْرَةٌ للعاقِلِ، هذه الرُّوحُ التي بها حياةُ الإنسانِ، وبها تَصَرُّفَاتُه وعِلْمُه وغيرُ ذلكَ عِبْرَةٌ، فجَهْلُه بها يَكْفِيه أنْ يَقِفَ عندَ حَدِّهِ، ولا يَتَكَلَّفَ ما لا عِلْمَ له به، إذا جَهِلَ رُوحَه فكيفَ يَطْلُبُ أنْ يَعْلَمَ كَيْفِيَّةَ الربِّ وكُنْهَه سبحانه وتعالى؟!
واللَّهُ قد نَهاه عن هذا، وبَيَّنَ له أنَّه لا مَثِيلَ له، ولا كُفْءَ له، فهو بهذا يُكَابِرُ ويَطْلُبُ شيئاً مُنِعَ منه، ولا سَبِيلَ له إليه، فهو أعْجَزُ وأقلُّ مِن أنْ يَعْرِفَ كيفيَّةَ رَبِّهِ وكُنْهَهُ سبحانه وتعالى، وهذه رُوحُه بينَ جَنْبَيْهِ، وما يَعْرِفُ حَقِيقَتَها ولا كُنْهَهَا، وإنَّما يَعْرِفُ شيئاً مِن صفاتِها؛ مِن خُرُوجِها ورُجُوعِها، وغيرِ ذلكَ مما أَخْبَرَ اللَّهُ به عنها: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} معَ أنَّها هي قِوَامُ هذا البَدَنِ، بخُرُوجِها يكونُ كسائرِ الجماداتِ.
(4) وهذا القِسْمُ يُسَمُّونه المُفَوِّضَةَ الأَوَّلِينَ، المُعَطِّلَةُ عَطَّلُوا صفاتِه، وهؤلاء فَوَّضُوها، زَعَمُوا أنَّ اللَّهَ خَاطَبَهُم بما لا يَعْلَمُونَ، وهذه الطائفةُ أقبحُ أيضاً مِن الطائفةِ الأولى من بعضِ الوجوهِ. وأهلُ السنَّةِ يقولون: إنَّها حقٌّ، وإنَّها صفاتٌ معلومةٌ، لكن لا يَعْلَمُ كَيْفِيَّتَها إلا اللَّهُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أقسام, الطوائف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir