والأَربَعَةَ عَشَرَ البَاقِيَةُ قِسمَانِ:
(1) سَبعَةٌ تَجُرُّ الظَّاهِرَ والمُضمَرِ، وهِيَ: مِنْ، وإِلَى، وعَنْ، وعَلَى، وفِي، والبَاءُ، واللاَّمُ؛ نحوَ: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}([1]). {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُم}([2]). {إِلَيهِ مَرْجِعُكُمْ}([3]). {طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}([4]). {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ}([5]). {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفُلْكِ تُحْمَلُونَ}([6]). {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ}([7]).{وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ}([8]). {آمِنُوا بِاللَّهِ}([9]). {وَآمِنُوا بِهِ}([10]). {للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ}([11]). {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ}([12]).
(2) وَسَبْعَةٌ تَختَصُّ بِالظَّاهِرِ، وتَنقَسِمُ أَربَعَةَ أَقسامٍ:
مَا لا يَختَصُّ بظَاهِرٍ بعَينِهِ، وهو: حَتَّى، والكافُ، والواوُ، وقد تَدخُلُ الكَافُ في الضَّرُورَةِ على الضَّمِيرِ، كقولِ العَجَّاجِ:
291- وأُمَّ أَوعَالٍ كَهَا أَوْ أَقْرَبَا([13]) وقَولِ الآخَرِ:
292- كَهُ ولا كَهُنَّ إلاَّ حَاظِلاَ([14]) ومَا يَختَصُّ بالزَّمَانِ، وهُوَ: مُذْ، ومُنْذُ، فأَمَّا قَولُهُم: (مَا رَأَيْتُهُ مُذْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ) فتَقدِيرُهُ: مُذْ زَمَنِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ، أي: مُذْ زَمَنِ خَلْقِ اللَّهِ إِيَّاهُ.
ومَا يَختَصُّ بالنَّكِرَاتِ، وهُوَ رُبَّ، وقد تَدخُلُ في الكلامِ على ضَمِيرِ غَيْبَةٍ مُلازِمٍ للإفرَادِ والتَّذكِيرِ، والتَّفسِيرِ بتَميِيزٍ بَعدَهُ مُطَابِقٍ لِلمَعنَى، قالَ:
293- رُبَّهُ فِتْيَةً دَعَوْتُ إِلَى مَا([15]) ومَا يَختَصُّ باللَّهِ ورَبِّ مُضَافاً لِلكَعبَةِ أو ليَاءِ المُتَكَلِّمِ، وهُوَ التَّاءُ نَحوَ: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ}([16]) و(تَرَبِّ الكَعبَةِ) و(تَرَبِّي لأَفعَلَنَّ)، ونَدَرَ (تَالرَّحمَنِ) و(تَحَيَاتِكَ).
([1]) سُورَةُ الأحزَابِ، الآيَةُ: 7.
([2])سُورَةُ المَائِدَةِ، الآيَةُ 48.
([3]) سُورَةُ يُونُسَ، الآيَةُ: 4.
([4]) سُورَةُ الانشقَاقِ، الآيَةُ: 19.
([5]) سُورَةُ البَيِّنَةِ, الآيَةُ: 8.
([6]) سُورَةُ المُؤمِنُونَ، الآيَةُ: 22.
([7]) سُورَةُ الذَّارِيَاتِ، الآيَةُ: 20.
([8]) سُورَةُ الزُّخرُفِ، الآيَةُ: 71.
([9]) سُورَةُ الحَدِيدِ، الآيَةُ: 7.
([10]) سُورَةُ الأحقَافِ، الآيَةُ: 31.
([11]) سُورَةُ البَقَرَةِ، الآيَةُ: 284.
([12]) سُورَةُ البَقَرَةِ، الآيَةُ: 255.
([13])291-هذا بيتٌ مِن الرَّجَزِ المَشطُورِ، وهو كما ذَكَرَ المُؤَلِّفُ لِلعَجَّاجِ بنِ رُؤبَةَ، وقبلَ هذا البيتِ قَولُه:
*خَلَّى الذَّنَابَاتِ شَمَالاً كَثَبَا*
اللُّغَةُ: الضَّمِيرُ المُستَتِرُ في (خَلَّى) يَعُودُ على حِمَارٍ وِحشَيٍّ وَصَفَ الرَّاجِزُ أَنَّهُ أرادَ أن يَرِدَ الماءَ فرَأَى صَيَّاداً ففَرَّ مِنهُ، و(الذَّنَابَاتِ) اسمُ مَوضِعٍ بِعَينِهِ، و(أُمَّ أَوعَالٍ) هَضَبَةٌ مَعرُوفَةٌ (شَمَالاً) أَرَادَ نَاحِيَةَ الشَّمَالِ، وقَولُهُ: (كَثَبَا) – بفَتحِ الكَافِ والثَّاءِ جَمِيعاً – أي: قَرِيباً، (كها) يُرِيدُ مِثلَ الذَّنَابَاتِ في البُعدِ، فالكَافُ لِلتَّشبِيهِ، والضَّمِيرُ يعودُ إلى الذَّنَابَاتِ.
الإعرابُ: (خَلَّى) فِعلٌ مَاضٍ مَبنِيٌّ علَى فَتحٍ مُقَدَّرٍ على الألِفِ مَنَعَ مِن ظُهُورِهِ التَّعَذُّرُ، لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، وفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُستَتِرٌ فيه جوَازاً تَقدِيرُهُ هو، يَعُودُ إلى حِمَارِ الوَحشِ المَوصُوفِ بهذه الأبياتِ.
(الذَّنَابَاتِ) مَفعُولٌ به لِخَلَّى مَنصُوبٌ بِالكَسرَةِ نِيَابَةً عَن الفَتحَةِ لأنَّهُ جَمعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٌ، (شَمَالاً) ظَرفُ مَكَانٍ، عَامِلُهُ خَلَّى مَنصُوبٌ بِالفَتحَةِ الظَّاهِرَةِ (كَثَبَا) صِفَةٌ لِشَمَالا مَنصُوبٌ بالفَتحَةِ الظَّاهِرَةِ، (وأُمَّ) الوَاوُ حَرفُ عَطفٍ مَبنِيٌّ على الفَتحِ لا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ، أُمَّ: مَعطُوفٌ على الذَّنَابَاتِ،وهُوَ مُضَافٌ و(أَوعَالٍ) مُضَافٌ إليه مَجرُورٌ بِالكَسرَةِ الظَّاهِرَةِ، (كها) الكَافُ حَرفُ تَشبِيهٍ وجَرٍّ مَبنِيٌّ على الفَتحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرَابِ، وها: ضَمِيرُ غَيبَةٍ يعودُ إلى الذَّنَابَاتِ، مَبنِيٌّ على السُّكُونِ في مَحَلِّ جَرٍّ بالكافِ، والجَارُّ والمَجرُورُ مُتَعَلِّقٌ بمَحذُوفٍ، حَالٌ مِن (أُمَّ أَوعَالٍ)، ومِن العُلَمَاءِ مَن رَوَاهُ بِرَفعِ (أُمَّ) علَى أنَّهُ مُبتَدَأٌ، و(أَوعَالَ) مُضَافٌ إليه، وعلَيهِ يكونُ الجَارُّ والمَجرُورُ مُتَعَلِّقاً بمَحذُوفٍ خَبَرُ المُبتَدَأِ.
(أو) حَرفُ عَطفٍ مَبنِيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، (أَقْرَبَ) مَعطُوفٌ على الضَّمِيرِ المَجرُورِ مَحَلاًّ بالكَافِ، إِن رَوَيْتَ (أُمُّ أَوعَالٍ) بِالرَّفعِ مُبتَدَأٌ، وجَعَلْتَ الجَارَّ والمَجرُورَ خَبَراً، وهو حينئذٍ مَجرُورٌ بالفَتحَةِ نِيَابَةً عن الكَسرَةِ؛ لأنَّهُ لا يَنصَرِفُ للوَصفِيَّةِ ووزنِ الفِعلِ، ومَعطُوفٌ على مَحَلِّ الجَارِّ والمَجرُورِ إن رَوَيْتَ بِنَصبِ (أُمَّ أَوعَالٍ)، وجَعَلْتَ الجَارَّ والمَجرورَ حَالاً، وهو على ذلك مَنصُوبٌ وعلامَةُ نَصبِهِ الفَتحَةُ الظَّاهِرَةُ.
الشَّاهِدُ فيه: قَولُهُ: (كها) حيثُ جَرَّتِ الكَافُ الضَّمِيرَ المُتَّصِلَ، ومِن شَأنِ الكافِ ألاَّ تَجُرَّ إلا الاسمَ الظَّاهِرَ بِاتِّفَاقٍ، أو الضَّمِيرَ المُنفَصِلَ عِندَ جَمَاعَةٍ مِن النُّحَاةِ، والذي وَقَعَ في هذا البيتِ ضَرُورَةٌ مِن ضَرُورَاتِ الشِّعرِ لا يَجُوزُ لِلمُتَكَلِّمِ أن يَرتَكِبَهَا.
قالَ الأعلَمُ في شَرحِ الشَّاهِدِ الذي نَحنُ بِصَدَدِه: (الشَّاهِدُ فيه إِدخالُ الكَافِ على المُضمَرِ تَشبِيهاً لها بـ(مِثل)؛ لأنَّها في مَعنَاها، واستُعمِلَ ذلك عندَ الضَّرُورَةِ) اهـ.
وقالَ النَّحَّاسُ: (هذا عندَ سِيبَوَيْهِ قَبِيحٌ، والعِلَّةُ له أنَّ الإضمارَ يَرُدُّ الشيءَ إلى أَصلِهِ، فالكَافُ في مَوضِعِ (مِثل)، فإذا أَضمَرْتَ ما بعدها وَجَبَ أن تَأتِي بـ(مثل)، وأَبُو العَبَّاسِ – فيما حكَاهُ لنا عَلِيُّ بنُ سُلَيمَانَ – يُجِيزُ الإضمارَ في هذا على القِيَاسِ؛ لأنَّ المُضمَرَ عَقِيبَ المُظهَرِ، وقد نَطَقَت به العربُ، وقد أجازَ بعضُ النَّحْوِيِّينَ: أَنا كأنت، وأنا كإياك. ورَدَّ أَبُو العَبَّاسِ ذلك)اهـ.
ومِن دُخُولِ الكَافِ على الضَّمِيرِ المُتَّصِلِ لِلضَّرُورَةِ – سوى ما ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ – قَولُ أَبِي مُحَمَّدٍ اليَزِيدِيِّ اللُّغَوِيِّ النَّحْوِيِّ مُؤَدِّبِ المَأمُونِ ابنِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ الرَّشِيدِ العَبَّاسِيِّ:
شَكَوْتُمْ إِلَينَا مَجَانِينَكُمْ = ونَشْكُو إِلَيكُمْ مَجَانِينَنَا
فَلَوْلا المُعَافَاةُ كُنَّا كَهُمْ = ولَولا البَلاءُ لكَانُوا كَنَا
وقَولُ الآخَرِ:
لا تَلُمْنِي فَإِنَّنِي كَكَ فِيهَا = إِنَّنَا في المَلامِ مُشتَرِكَانِ
([14])292-هذا الشَّاهِدُ مِن كلامِ رُؤبَةَ بنِ العَجَّاجِ يَصِفُ حِمَاراً وَحشِيّاً وأُتُناً وَحشِيَّاتٍ، وجعلَهُ بَعلَهُنَّ وهُنَّ حَلائِلُهُ، والبَعلُ: الزَّوجُ، والحَلائِلُ – بالحاءِ المُهمَلَةِ – جَمعُ حلِيلَةٍ، وهي الزَّوجَةُ، وقبلَ هذا الشَّاهِدِ قَولُهُ:
*فلا تَرَى بَعلاً ولا حَلائِلا*
الإعرابُ: (لا) حَرفُ نَفيٍ مَبنِيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، (تَرَى) فِعلٌ مُضَارِعٌ مَرفُوعٌ لتَجَرُّدِهِ مِن النَّاصِبِ والجَازِمِ، وعَلامَةُ رَفعِهِ ضَمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألِفِ منَعَ مِن ظُهُورِهَا، التَّعَذُّرُ، وفَاعِلُه ضَمِيرٌ مُستَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنت.
(بَعلاً) مَفعُولٌ به لِتَرَى مَنصُوبٌ بالفَتحَةِ الظَّاهِرَةِ، (ولا) الواو حَرفُ عَطفٍ مَبنِيٌّ على الفَتحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، لا: حَرفٌ مَزِيدٌ لتَأكيدِ النَّفي، (حَلائِلا) مَعطُوفٌ على قَولِه: بَعلاً، مَنصُوبٌ بالفَتحَةِ الظَّاهِرَةِ، والألِفُ لِلإطلاقِ، (كه) الكافُ حَرفُ تَشبِيهٍ وجَرٍّ مَبنِيٌّ على الفتحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، والهَاءُ ضَمِيرُ غَيبَةٍ يعودُ إلى الحِمَارِ الوَحشِيِّ المَوصُوفِ في هذه الأبْيَاتِ مَبنِيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ جَرٍّ بالكافِ، والجَارُّ والمَجرورُ مُتَعَلِّقٌ بمَحذُوفٍ صِفَةٌ لبَعلٍ.
(ولا) الواوُ حرفُ عَطفٍ، لا: حَرفٌ زَائِدٌ لتأكيدِ النَّفيِ، (كهُنَّ) جارٌّ ومَجرُورٌ مَعطُوفٌ على الجَارِّ والمجرورِ السَّابِقِ، (إلا) أَدَاةُ حَصرٍ، حَرفٌ مبنِيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، (حَاظِلا) حَالٌ مِن قَولِه: بَعلاً. السَّابِقِ المَوصُوفِ بالجارِّ والمجرورِ الأوَّلِ، وهذا الوَصفُ هو الذي سَوَّغَ مَجِيءَ الحَالِ منهُ؛ لأنَّهُ نَكِرَةٌ، هذا إن جَعَلْتَ (تَرَى) بَصَرِيَّةً تَكْتَفِي بمَفعُولٍ واحِدٍ، وهو الأظهَرُ، فإِن جَعَلْتَ (تَرَى) عِلْمِيَّةً، فقُولُه: (حَاظِلاَ) مَفعُولٌ ثَانٍ لِتَرَى مَنصُوبٌ، وعَلامَةُ نَصبِهِ الفَتحَةُ الظَّاهِرَةُ.
الشَّاهِدُ فيه: قَولُهُ: (كَهُ) وقَولُه: (كهُنَّ)؛ حيثُ جَرَّ الضَّمِيرَ في المَوضِعَينِ بالكافِ.
([15])293-لَمْ أَقِفْ لِهَذَا الشَّاهِدِ على نِسبَةٍ إلى قَائِلٍ مُعَيَّنٍ، وما ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ ههنا صَدرُ بَيتٍ مِن الخَفِيفِ، وعَجُزُه قَولُهُ:
*يُورِثُ المَجدَ دَائِباً فأَجَابُوا*
اللُّغَةُ: (فِتْيَةً) – بِكَسرِ الفاءِ وسُكُونِ التَّاءِ – جَمعُ فَتًى، وتقولُ: هو فَتًى بينَ الفُتُوَّةِ، والفُتُوَّةُ: الحُرِّيَّةُ والكَرَمُ، (دَعَوتُ) أَرادَ: نَادَيتُ، والدُّعَاءُ والنِّدَاءُ بمعنًى وَاحدٍ، وانظُرْ إلى قولِ الشَّاعرِ:
وَدَاعٍ دَعَا يا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النَّدَى = فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِندَ ذَاكَ مُجِيبُ
(يُورِثُ المَجدَ) المَجدُ: الكَرَمُ، ويُورِثُه؛ أي: يُكسِبُه ويُخْلِفُه، (دَائِبَا) يُرِيدُ مُدَاوِماً على دُعَائِهِم مُجتَهِداً فيه، وتقولُ: دَأَبَ الرَّجُلُ على عَمَلِهِ، ودَأَبَ فيه، إذا ثَابَرَ عليه واجتَهَدَ فيه.
الإعرابُ: (رُبَّهُ) رُبَّ: حَرفُ تَقليلٍ وجَرٍّ شَبِيهٌ بِالزَّائِدِ مبَنِيٌّ على الفَتحِ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعرابِ، والهاءُ ضَمِيرُ غَيبَةٍ يعودُ إلى فِتيَةٍ المُمَيِّزِ له المُتَأَخِّرِ عنه مَبنِيٌّ على الضَمِّ، وله مَحَلاَّنِ؛ أَحَدُهُمَا، جَرٌّ برُبَّ، والثَّانِي؛ رَفعٌ بالابتداءِ، (فِتيَةً) تَميِيزٌ لضَميرِ الغَيبَةِ المَجرُورِ مَحَلاًّ برُبَّ مَنصُوبٌ بِالفتحةِ الظَّاهِرَةِ، (دَعَوتُ) دَعَا: فِعلٌ مَاضٍ مَبنِيٌّ على فَتحٍ مُقَدَّرٍ على آخِرِه لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعرابِ، وتَاءُ المُتَكَلِّمِ فَاعِلُه مَبنِيٌّ على الضَمِّ في مَحَلِّ رَفعٍ، والجُملَةُ مِن الفعلِ وفَاعِلِه في مَحَلِّ نَصبٍ نَعتٌ لفِتيةٍ.
(إلى) حرفُ جَرٍّ مَبنِيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ، (ما) اسمٌ مَوصولٌ مبنِيٌّ على السُّكُونِ في مَحَلِّ جَرٍّ بإلى، والجَارُّ والمَجرُورُ مُتَعَلِّقٌ بدَعوتُ، (يُورِثُ) فِعلٌ مُضَارِعٌ مرفوعٌ لتَجَرُّدِه مِن النَّاصِبِ والجَازِمِ، وعَلامَةُ رَفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وفاعِلُه ضَمِيرٌ مُستَتِرٌ فيه جَوازاً تقديرُهُ هو يَعودُ إلى الاسمِ الموصولِ، (المَجدَ) مفعولٌ به ليُورِثُ مَنصوبٌ بِالفَتحَةِ الظَّاهِرَةِ، والجُملَةُ مِن الفعلِ المُضَارِعِ وفَاعِلِه ومَفعُولِه لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ صِلَةُ الموصولِ.
(دَائباً) حالٌ مِن ضَميرِ المُتَكَلِّمِ في قَولِهِ: دَعوتُ، مَنصُوبٌ بالفَتحَةِ الظَّاهِرَةِ، (فأَجَابُوا) الفَاءُ حَرفُ عَطفٍ مبنِيٌّ على الفَتحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، أَجَابَ: فِعلٌ مَاضٍ مَبنِيٌّ على فَتحٍ مُقَدَّرٍ على آخرِهِ مَنَعَ مِن ظُهُورِهِ اشتِغَالُ المَحَلِّ بِحَرَكَةِ المُنَاسَبَةِ لِوَاوِ الجماعَةِ، ووَاوُ الجَمَاعَةِ فَاعِلُه مَبنِيٌّ علَى السُّكُونِ في مَحَلِّ رَفعٍ، والجُملَةُ مَعطُوفَةٌ بالفاءِ على جُملَةِ دَعوتُ.
الشَّاهِدُ فيه: قَولُهُ (رُبَّهُ فِتْيَةً) حيثُ جَرَّت (رُبَّ) ضَمِيراً مُفرداً مُذَكَّراً معَ أنَّ مُفَسِّرَهُ جَمعٌ, فدَلَّ ذلك على أنَّهُ يَجِبُ إفرادُ الضَّمِيرِ وتَذكِيرُه مهما يَكُنْ مُفَسِّرُهُ، وإنَّمَا كانَ ذلك كذلك؛ لأنَّ هذا التَّميِيزَ لازِمٌ لا يَجُوزُ تَركُهُ، فتَرَكُوا بَيانَ المُرَادِ مِنَ الضَّمِيرِ للتَّميِيزِ.
([16])سُورَةُ الأنبِيَاءُ، الآيَةُ: 57.