دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 06:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي صيغة الأذان وآدابه

وهو خَمْسَ عشرةَ جملةً يُرَتِّلُها على عُلُوٍّ مُتَطَهِّرًا مُستقبِلَ القِبلةِ جاعلًا أُصبعَيْهِ في أُذُنَيْه غيرَ مُستَدْيِرٍ مُلْتَفِتًا في الْحَيْعَلَةِ يَمينًا وشِمالًا قائلًا بعدَهما في أَذانِ الصبْحِ ( الصلاةُ خيرٌ من النومِ ) مَرَّتينِ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 05:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 05:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(وهو)؛ أي: الأذانُ المُخْتَارُ (خَمْسُ عَشْرَةَ جُمْلَةً)؛ لأنَّه أذانُ بِلالٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه مِن غَيْرِ تَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ، فإنْ رَجَّعَهُمَا, فلا بَأْسَ.
(يُرَتِّلُهَا)؛ أي: يُسْتَحَبُّ أنْ يَتَمَهَّلَ في أَلْفَاظِ الأَذَانِ، ويَقِفَ على كُلِّ جُمْلَةٍ، وأن يَكُونَ قَائِماً (على عُلُوٍّ)؛ كالمَنارَةِ؛ لأنَّه أَبْلَغُ في الإعلامِ، وأنْ يَكونَ (مُتَطَهِّراً) مِن الحَدَثِ الأصغَرِ والأَكْبَرِ، ويُكْرَهُ أَذَانُ جُنُبٍ، وإِقَامَةُ مُحْدِثٍ, وفي (الرِّعَايَةِ): يُسَنُّ أن يُؤَذِّنَ مُتَطَهِّراً مِن نَجَاسَةِ بَدَنِه وثَوْبِه مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ؛ لأنَّها أَشْرَفُ الجِهَاتِ.
(جَاعِلاً أُصْبَعَيْهِ) السَّبَّاتَيْنِ (في أُذُنَيْهِ)؛ لأنَّه أَرْفَعُ للصَّوْتِ, (غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ), فلا يُزِيلُ قَدَمَيْهِ في مَنَارَةٍ ولا غَيْرِهَا, (مُلْتَفِتاً في الحَيْعَلَةِ يَمِيناً وشِمَالاً)؛ أي: يُسَنُّ أن يَلْتَفِتَ يَمِيناً لـ: حَيَّ علَى الصَّلاةِ، وشِمَالاً لـ: حَيَّ علَى الفَلاَحِ، ويَرْفَعُ وَجْهَهُ إلى السَّمَاءِ فيهِ كُلِّه؛ لأنَّه حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ, (قَائِلاً بَعْدَهُمَا)؛ أي: يُسَنُّ أنْ يَقُولَ بَعْدَ الحَيْعَلَتَيْنِ (في أَذَانِ الصُّبْحِ), ولو أَذَّنَ قَبْلَ الفَجْرِ: (الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ. مَرَّتَيْنِ)؛ لحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وغَيْرُه، ولأنَّهُ وَقْتٌ يَنَامُ النَّاسُ فيهِ غَالِباً، ويُكْرَهُ في غَيْرِ أَذَانِ الفَجْرِ وبَيْنَ الأذَانِ والإقَامَةِ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 02:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وهو) أي الأذان المختار (خمس عشرة جملة)([1]) لأنه أذان بلال رضي الله عنه([2]).


من غير ترجيع الشهادتين([3]) فإن رجعهما فلا بأس([4]) (يرتلها) أي يستحب أن يتمهل في ألفاظ الأذان([5]).


ويقف على كل جملة([6]) وأن يكون قائما([7]) (على علو) كالمنارة([8]) لأنه أبلغ في الإعلام([9]).


وأن يكون (متطهرا) من الحدث الأصغر والأكبر([10]) ويكره أذان جنب([11]) وإقامة محدث([12]) وفي الرعاية: يسن أن يؤذنه متطهرا من نجاسة بدن وثوبه([13]) (مستقبل القبلة)([14]) لأنها أشرف الجهات([15]) (جاعلا إصبعيه) السبابتين (في أذنيه)([16]).


لأنه أرفع للصوت([17]) (غير مستدير)([18]) فلا يزيل قدميه في منارة ولا غيرها([19]) (ملتفتا في الحيعلة يمينا وشمالا) ([20]) أي يسن أن يلتفت يمينا حي على الصلاة، وشمالا حي على الفلاح([21]).


ويرفع وجهه إلى السماء فيه كله([22]) لأنه حقيقة التوحيد([23]) (قائلا بعدهما) أي يسن أن يقول بعد الحيعلتين (في أذان الصبح) ولو أذن قبل الفجر (الصلاة خير من النوم مرتين)([24]) لحديث أبي محذورة رواه أحمد وغيره([25]).

ولأنه وقت ينام الناس فيه غالبا([26]) ويكره في غير أذان الفجر([27]) وبين الأذان والإقامة([28])
________________
([1]) أي المختار عند أحمد، وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم خمس عشرة جملة أي كلمة، والجملة بالضم جماعة الشيء، وإنما اختيارهم له لأجل أنه الذي كان يفعل بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما.

([2]) ابن رباح الحبشي المؤذن المشهور، وهو بلال بن حمامة، وهي أمه، اشتراه أبو بكر من المشركين لما كانوا يعذبونه فأعتقه، فلزم النبي صلى الله عليه وسلم وأذن له، وشهد المشاهد كلها، مات بالشام سنة عشرين، وله ثلاث وستون أو سبعون.

([3]) أي تكرير: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، بأن يخفض بهما صوته، ثم يعيدهما رافعا بهما صوته، سمي ترجيعا لرجوعه من السر إلى الجهر، والمراد بالخفض أن يسمع من بقربه، والأذان بغير الترجيع هو المشهور من حديث عبد الله بن زيد، قال: طاف بي وأنا نائم رجل، فقال: تقول الله أكبر، فذكر الأذان إلى آخره بتربيع التكبير بغير ترجيع، قال: وكان بلال يؤذن كذلك إلى أن مات، وعليه عمل أهل المدينة، وقال أحمد: هو آخر الأمرين.

([4]) لأنه فعل أبي محذورة، وعليه عمل أهل مكة، وقال الشيخ: كل منهما أذان صحيح عند جميع سلف الأمة وعامة خلفها، وكل واحد منهما سنة، سواء رجع أو لم يرجع، ومن قال: إن الترجيع واجب لا بد منه، أو إنه مكروه منهي عنه، فكلاهما مخطئ، واختيار أحدهما من مسائل الاجتهاد، والصواب تسويغ كل ما ثبت في ذلك، ومن تمام السنة في مثل هذا أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، لأن هجر ما وردت به السنة وملازمة غيره، قد يفضي إلى أن يجعل السنة بدعة، فيجب مراعاة القواعد الكلية التي فيها الاعتصام بالكتاب والسنة والجماعة، وأصح الناس في ذلك طريقة هم علماء الحديث الذين عرفوا السنة واتبعوها، والإمام أحمد رحمه الله له أصل مستمر في جميع صفات العبادات، أقوالها وأفعالها، ييستحب كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير كراهة لشيء منه، مع علمه بذلك واختياره للبعض، أو تسويته بين الجميع.

([5]) بلا نزاع لحديث إذا أذنت فترسل، والمترسل الذي يتمهل في تأذينه ويبينه بيانا يفهمه من سمعه، من غير تمطيط ولا مد مفرط، وهو من قولهم: جاء فلان على رسله، أي على هيئته غير عجل ولا متعب لنفسه، ضد المسرع، ولأن الأذان إعلام للغائبين، فالتثبت فيه أبلغ في الإعلام.

([6]) فيكون التكبير في أوله أربع جمل، والتكبير في آخره جملتين، فيقف على كل تكبيرة، لأن التكبيرة الثانية إنشاء ثان، لا توكيد فيقول: الله أكبر، ويقف وكذلك التكبيرات الباقية، قال النخعي: شيئان مجزومان لا يعربان الأذان والإقامة، وقال الشيخ: ومن الناس من يجعل التكبيرات الأربع جملتين، يعرب التكبيرة الأولى في الموضعين، وهو صحيح عند جميع سلف الأمة وعامة خلفها، سواء ربع في أوله أو ثناه، وقال: المراد الجملة النحوية المركبة من مبتدأ وخبر، فيكون التكبير في الأذان في أوله وآخره ست.

([7]) أي يسن أن يؤذن قائما، وحكى ابن المنذر وغيره إجماع من يحفظ عنه أنه من السنة، ويكره من قاعد وماش لغير عذر، وميل الشيخ إلى عدم إجزاء أذان القاعد، والعلماء كافة على أنه لا يجوز قاعدا، ذكره القاضي عياض وغيره، وكرهه أهل العلم لمخالفة ما عليه السلف، ولا يكرهان لمسافر راكبا وماشيا، لأنه عليه الصلاةوالسلام أذن في السفر على راحلته، صححه الترمذي، ولا يشرع بغير العربية، لعدم وروده، قال في الإنصاف، مطلقا على الصحيح من المذهب.

([8]) لما روى أبو داود أن بلالا يؤذن الفجر على بيت امرأة من بني النجار من أطول بيت حول المسجد، والعلو المرضع العالي، وعلو الشيء أرفعه والمنارة مفعلة بفتح الميم، والجمع المناور بالواو، ومن قال: مناير فقد شبه الأصلي بالزائد وهو شاذ، ويقال لها أيضا المئذنة وجوز إبدال الهمزة ياء، ولم تكن المنارة في زمنه صلى الله عليه وسلم وقالت أم زيد بنت ثاتب: كان بيت أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن فوقه، من أول ما أذن إلى أن بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده، فكان يؤذن بعد على ظهر المسجد، وقد رفع له شيء فوق ظهره، وبنا سلمة المنابر للأذان بأمر معاوية ولم تكن قبل ذلك.

([9]) ومن أذن لنفسه أو جماعة حاضرين لا يسن له المكان العالي لعدم الحاجة إليه.

([10]) أي يستحب كونه في الأذان والإقامة متطهرا من الحدثين إجماعا، لحديث أبي هريرة لا يؤذن إلا متوضئ رواه الترمذي وغيره، إلا أن الصحيح وقفه قال في الإنصاف وغيره: ولا تجب الطهارة الصغرى له بلا نزاع.

([11]) قال الشيخ: للخلاف في صحته، ولو بمسجد لحصول المقصود، والتحريم بمعنى آخر، ولا يكره نص عليه، وفي الفروع، ويصح وفاقا على الأصح، ووجه أن الجنابة أحد الحدثين فلم تمنع صحته كالآخر.

([12]) بلانزاع للفصل بين الإقامة والصلاة بالوضوء.

([13]) قياسا على الطهارة من الحدثين.

([14]) لأن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة قال ابن المنذر، أجمع أهل العلم على أن من السنة أن يستقبل القبلة بالأذان، فإنأخل كره وصح، ويستثنى المسافر الراكب أو الماشي فإلى جهة سيره.

([15]) ولأن استقبالها هو المنقول سلفا وخلفا، ومستحب في كل طاعة إلا بدليل كالخطبة.

([16]) وفاقا لحديث أبي جحيفة: أن بلالا وضع إصبعيه في أذنيه، رواه أحمد والترمذي وصححه، وقال: العمل عليه عند أهل العلم يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان، وسميا سبابتين لتحريكهما وقت السب، وقيل: لا يتعينان وهما أولى.

([17]) فروى ابن ماجه أنه عليه الصلاة والسلام أمر بلالا بذلك، وقال: ((إنه أرفع لصوتك)).

([18]) أي غير مول ظهره القبلة، سواء كان على ظهر الأرض، أو في منارة، من دار الشيء يدور دورا، تحرك وعاد على ما كان عليه.

([19]) وعنه يزيل قدميه في منارة ونحوها مع كبر البلد للحاجة وفاقا، واختاره المجد وجمع، وصوبه في الإنصاف، وهو المعمول به في الأمصار، لأنه أبلغ في الأعلام.

([20]) عبر بالحيعلة تبعا للجوهري وغيره، أخذوا الحاء والياء من حي، والعين واللام من علي.

([21]) برأسه وعنقه وفاقا، وصدره حال ترسله، لحديث أبي جحيفة: وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يقول يمينا وشمالا، حي على الصلاة، حي على الفلاح، متفق عليه ولأبي داود لوى عنقه يمينا وشمالا، حي على الصلاة، حي على الفلاح، لا يلتفت بصدره، وإنما اختصتا بذلك، لأن غيرهما ذكر وهما خطاب لآدمي كالسلام في الصلاة يلتفت فيه دون ما عداه، وقيل: وكذا الإقامة، وجزم الآجري وغيره بعدمه فيها، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب، صححه ابن نصر الله، والمرداوي في تصحيح الفروع وغيرهما، وقال شيخ الإسلام: السنة في الإقامة أن يقولها وهو مستقبل القبلة، ولم يستثن العلماء إلا الحيعلة في الأذان وقوله حي أي هلم وأقبل إلى الصلاة، وإلى الفلاح وهو الفوز والبقاء والخلود في النعيم المقيم، ويقال للفائز مفلح، والمراد هلموا وعجلوا إلى طلب ذلك.

([22]) أي في كل من الأذان والإقامة، قال في الإنصاف: يرفع وجهه إلى السماء في الأذان كله نص عليه، وجزم به في الفائق، واقتصر عليه الموفق والشارح، واختاره الشيخ.

([23]) أي لأن التهليل والتكبير حقيقة التوحيد، وإعلان بذكر الله عز وجل، لا يصلح إلا لله وحده، نفقد بدئ بالتكبير لله، فالله أكبر من كل شيء، وأكبر من أن ينسب إليه تعالى ما لا يليق بجلاله، وثني بتوحيده الذي خلق الخليقة لأجله، ثم ختم بلا إله إلا الله، ولم يزد على مرة إشارة إلى وحدانيته تعالى، فاستحب الإشارة له، كما تستحب بالإصبع في التشهد والدعاء، وهذا بخلاف الصلاة، إذ المستحب فيها خفض الصوت.

([24]) إجماعا مستقبلا القبلة كغيرها من كلمات الأذان، قال الشيخ: السنة أن يقولها مستقبل القبلة، وقوله: ولو أذن قبل الفجر، لقول بلال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب بالفجر، رواه أحمد وغيره، وكان بلال يؤذن بليل.

([25]) فرواه أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم، وصححه ابن خزيمة وغيره ولفظ أحمد فإذا كان أذان الفجر فقل: الصلاة خير من النوم، مرتين. وأخرج الترمذي حديث بلال لا تثويب في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر، وقال: وهو الذي اختاره أهل العلم، وصح عن أنس أنه قال: من السنة، واسم أبي محذورة أوس، وقيل سمرة بن معير بن سعد بن جمح، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة أمره به منصرفة من حنين وتوفي سنة تسع وخمسين.

([26]) فسن تنبيههم بقول (الصلاة خير من النوم).

([27]) لقول بلال: ونهاني أن أثوب في العشاء، رواه أحمد وغيره، وهو مذهب جمهور العلماء، وعمل المسلمين عليه، والعمدة ما في الصحيحين من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.

([28]) لقول عمر لأبي محذورة: ويحك أمجنون؟ أما كان في دعائك الذي دعوتنا وكذا بالنداء بالصلاة بعد الأذان في الأسواق وغيرها، ومثل أن يقول: الصلاة أو الإقامة، قال الشيخ: هذا إذا كانوا قد سمعوا النداء الأول، وإلا فلا ينبغي أن يكره، فإن تأخر الإمام أو أماثل الجيران فلا بأس أن يمضي إليه منبه يقول قد حضرت الصلاة ويكره قوله قبل الأذان (وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) الآية، وكذا إن وصله بعده بذكر، لأنه محدث وكذلك قوله قبل الإقامة: اللهم صل على محمد، ونحو ذلك، وما سوى التأذين قبل الفجر من التسبيح والنشيد والدعاء مما يفعله بعض المؤذنين، يرفعون أصواتهم به ليس مسنونا عند أحد من العلماء، بل من البدع المكروهة.



  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 02:31 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَهو خَمسَ عَشْرَةَ جُمْلَةً يُرَتِّلُها عَلَى عُلْوٍ .............
قوله: «وَهو خَمْسَ عَشْرَةَ جُمْلَةً يُرَتِّلُها عَلَى عُلْوٍ» ، هو: ضمير منفصل يعود على الأذان مبتدأ، و«خمس عشرة» بالفتح؛ اسم مبني على فتح الجزئين في محل رفع خبر للمبتدأ. و«جملة»: تمييز. فالتَّكبير في أوَّله أربع، والشَّهادتان أربع، والحيعلتان أربع، والتَّكبير في آخره مرَّتان، والتَّوحيد واحدة. فالمجموع خمسَ عشرةَ جملة، وهذا أوَّلُ الشروط في الأذان، ألا يَنْقُصُ عن خمسَ عَشْرةَ جملة، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، والمسألة فيها خلاف.
ونقول: كلُّ ما جاءت به السُّنَّة من صفات الأذان فإنه جائز، بل الذي ينبغي: أنْ يؤذِّنَ بهذا تارة، وبهذا تارة إن لم يحصُل تشويش وفتنةٌ.
فعند مالك سبعَ عَشْرةَ جملة، بالتكبير مرتين في أوَّله مع الترجيع ـ وهو أن يقول الشهادتين سِرًّا في نفسه ثم يقولها جهراً ـ.
وعند الشافعي تسعَ عَشْرَة جملة، بالتكبير في أوَّله أربعاً مع الترجيع، وكلُّ هذا مما جاءت به السُّنَّة، فإذا أذَّنت بهذا مرَّة وبهذا مرَّة كان أولى. والقاعدة: «أن العبادات الواردة على وجوه متنوِّعة، ينبغي للإنسان أن يفعلها على هذه الوجوه»، وتنويعها فيه فوائد:
أولاً: حفظ السُّنَّة، ونشر أنواعها بين النَّاس.
ثانياً: التيسير على المكلَّف، فإن بعضها قد يكون أخفَّ من بعض فيحتاج للعمل.
ثالثاً: حضور القلب، وعدم مَلَله وسآمته.
رابعاً: العمل بالشَّريعة على جميع وجوهها.
وقوله: «يُرَتِّلُها»، أي: يقولها جملةً جملةً، وهذا هو الأفضل على المشهور.وهناك صفة أخرى: أنه يقرُ ِ نُ بين التَّكبيرتين في جميع التَّكبيرات فيقول: اللَّهُ أكبرُ اللَّهُ أكبرُ، ثم: اللَّهُ أكبرُ اللَّهُ أكبرُ، ويقول في التَّكبير الأخير: اللَّهُ أكبرُ اللَّهُ أكبرُ. والأفضل أن يعمل بجميع الصِّفات الثابتة عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم إلا أن يخاف تشويشاً أو فتنة، فليقتصر على ما لم يحصُل به ذلك؛ لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم تَرَكَ بناءَ الكعبة على قواعد إبراهيم خوفاً من الفتنة. ولكن ينبغي أن يُروَّض النَّاسُ بتعليمهم بوجوه العبادة الواردة، فإذا اطمأنت قلوبُهم وارتاحت نفوسُهم؛ قام بتطبيقها عمليّاً؛ ليحصُل المقصود بعمل السُّنَّة من غير تشويش وفتنة.
وقوله: «على عُلْو»، أي: ينبغي أن يكون الأذان على شيء عالٍ؛ لأنَّ ذلك أبعد للصَّوت، وأوصل إلى النَّاس، ومن هنا نأخذ أن الأذان بالمكبِّر مطلوبٌ؛ لأنَّه أبعد للصَّوت وأوصل إلى النَّاس.

مُتَطَهِّراً مُسْتَقبلَ القِبْلَةِ ................
قوله: «متطهِّراً» ، أي: من الحَدَث الأكبر والأصغر وهو سُنَّة، ولكن قال الفقهاء رحمهم الله: إنه يُكره أذان الجُنب دون أذان المُحْدِث حَدَثاً أصغر، هذا إذا لم تكن المنارةُ في المسجد، فإن كانت في المسجد فإنَّه لا يجوز أن يمكُثَ في المسجد إلا بوُضُوء، فالمراتب ثلاث:
1 ـ أن يكون متطهِّراً من الحدثين، وهذا هو الأفضل.
2 ـ أن يكون محدثاً حدثاً أصغر، وهذا مباح.
3 ـ أن يكون محدثاً حدثاً أكبر، وهذا مكروه.
قوله: «مستقبل القِبْلَة» ، أي: يُسَنُّ أن يكون مستقبل القِبلة حال الأذان؛ لأن هذا هو الذي وَرَدَ.
ولأنَّ الأذان عبادة، والأفضل في العبادة أن يكون الإنسان فيها مستقبل القِبْلَة ما لم يَرِدْ خلافه، على ما قاله صاحب «الفروع» فإنه علَّق على قول الفقهاء رحمهم الله: إنه يُسَنُّ أن يتوضَّأ وهو مستقبل القِبْلَة بقوله: «وهو متوجِّه في كلِّ طاعة إلا بدليل».ولكن هذا فيه مناقشة؛ لأن استحبابه في كلِّ طاعة إلا بدليل يحتاج إلى دليل.

جَاعلاً إِصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ غَيْرَ مُسْتديرٍ مُلْتَفِتاً فِي الحَيْعَلة يَمِيْناً وشِمَالاً قَائِلاً بَعْدَهما في أَذَانِ الصُّبحِ: الصَّلاةُ خَيرٌ من النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ.
قوله: «جَاعلاً إِصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ» ، أصبعيه يعني: السَّبَّابتين؛ لحديث أبي محذورة؛ ولأنَّ في ذلك فائدتين:
الأولى: أنه أقوى للصَّوت.
الثانية: ليراه من كان بعيداً، أو مَنْ لا يسمع فيعرف أنه يؤذِّن، والفائدة الأولى لا تزال موجودة حتى الآن، والثانية قد تكون موجودة وقد لا تكون.
قوله: «غيرَ مستدير» ، أي: لا يستدير على المنارة، قاله المؤلِّف رَدًّا على قول بعض الفقهاء: إنه إذا كان في منارة ـ أي: لها طوق ـ فإنه يستدير لكي يُسمِعَ النَّاس من كلِّ جهة، فنفى المؤلِّف القول بهذا.
قوله: «ملتفتاً في الحي علة يميناً وشمالاً» ، الحيعلة: أي: قول «حَيَّ على الصَّلاة»، وهي مصدر ويُسمَّى مثله: المصدر المصنوع؛ لأنه مركَّب من عِدَّة كلمات: حيعلة: مِنْ حَيَّ على، ومثلها: بسملة، وحوقلة، وحمدلة، وهيللة، ففي الحيعلتين يلتفت يميناً وشمالاً.
والمؤلِّف رحمه الله أجملَ كيفيَّة الالتفات.
فقال بعضهم: إنه يلتفت يميناً لـ«حيَّ على الصَّلاة» في المرَّتين جميعاً، وشمالاً لـ«حيَّ على الفلاح» في المَرَّتين جميعاً.
وقال بعضهم: إنه يلتفت يميناً لـ«حيَّ على الصَّلاة» في المَرَّة الأولى، وشمالاً للمرَّة الثانية؛ و«حيَّ على الفلاح» يميناً للمرَّة الأولى، وشمالاً للمرَّة الثانية ليُعطي كلَّ جهة حَظَّها من «حَيَّ على الصَّلاة» و«حَيَّ على الفلاح».
ولكن المشهور وهو ظاهر السُّنَّة: أنه يلتفت يميناً لـ«حيَّ على الصَّلاة» في المرَّتين جميعاً، وشمالاً لـ«حيَّ على الفلاح» في المَرَّتين جميعاً. ولكن يلتفت في كُلِّ الجملة.
وما يفعله بعض المؤذِّنين أنَّه يقول: «حيَّ على» مستقبل القبلة ثم يلتفت، لا أصل له. ومثلها التَّسليم، فإن بعض الأئمة يقول: السَّلام عليكم قبل أن يلتفت، ثم يقول: ورحمة الله حين يلتفت. ولا أصل لهذا ولا لهذا.
تنبيه: الحكمة من الالتفات يميناً وشمالاً إبلاغ المدعوين من على اليمين وعلى الشمال، وبناءً على ذلك: لا يلتفت من أذَّن بمكبر الصَّوت؛ لأنَّ الإسماع يكون من «السَّمَّاعات» التي في المنارة؛ ولو التفت لَضَعُف الصَّوت؛ لأنه ينحرف عن «الآخذة».
قوله: «قَائِلاً بَعْدَهما في أَذَانِ الصُّبحِ: الصَّلاةُ خَيرٌ من النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ» ، قائلاً بعدهما ـ أي: بعد الحيعلتين ـ: الصَّلاة خيرٌ من النَّوم في أذان الصُّبْحِ مَرَّتين.
وقوله: «الصَّلاة خيرٌ من النَّوم» مبتدأ وخبر، ولم يذكر العلماء أنه يجوز فيه الوجهان الرَّفع والنَّصب، وكما قالوا في: «الصَّلاةُ َ جامعة» في صلاة الكُسوف.
وقوله: «مَرَّتين»، أي: يُرَدِّدُها مَرَّتين، ولم يذكر العلماء هل يلتفت يميناً وشمالاً، أو يبقى مستقبل القبلة؟ والأصل إذا لم يُذكر الالتفات أن يبقى على التوجّه إلى القِبلة. وهذا القول يُسمَّى التثويب، من ثاب يثوب إذا رجع؛ لأن المؤذِّنَ ثاب إلى الدَّعوة إلى الصلاة بذكر فضلها.
وقوله: «في أذان الصُّبْح» «أذان» مضاف و«الصُّبْح» مضاف إليه من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي: الأذان الذي سببه طلوع الصُّبح، ويجوز أن يكون من باب إضافة الشيء إلى نوعه، أي: الأذان من الصُّبح، وأذان الصُّبْح: هو الأذان الذي يكون بعد طلوع الفجر، واختُصَّ بالتثويب لأن كثيراً من النَّاس يكون في ذلك الوقت نائماً، أو متلهِّفاً للنَّوم.
وقد توهَّمَ بعض النَّاس في هذا العصر أن المُرَاد بالأذان الذي يُقال فيه هاتان الكلمتان هو الأذان الذي قبل الفجر، وشُبهتُهم في ذلك: أنه قد وَرَدَ في بعض ألفاظ الحديث: «إذا أذَّنت الأوَّلَ لصلاة الصُّبْحِ فقل: الصلاة خيرٌ من النَّوم»، فزعموا: أن التثويب إنما يكون في الأذان الذي يكون في آخر الليل؛ لأنهم يُسمُّونه «الأوَّل»، وقالوا: إن التثويب في الأذان الذي يكون بعد الفجر بدعة.
فنقول: إنَّ الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام يقول: «إذا أذَّنت الأوَّلَ لصلاة الصُّبح»، فقال: «لصلاة الصُّبح»، ومعلوم أن الأذان الذي في آخر الليل ليس لصلاة الصُّبْح، وإنما هو كما قال النبيُّ عليه الصلاة والسَّلام: «ليوقظ النَّائمَ ويرجع القائمَ».أما صلاة الصُّبح فلا يُؤذَّن لها؛ إلا بعد طلوع الصُّبح، فإن أذَّنَ لها قبل طُلوع الصُّبْح فليس أذاناً لها؛ بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا حضرت الصَّلاةُ فليؤذِّنْ لكم أحدُكُم...». ومعلومٌ أنَّ الصَّلاة لا تحضُر إلا بعد دخول الوقت، فيبقى الإشكال في قوله: «إذا أذَّنت الأوَّل» فنقول: لا إشكال، لأنَّ الأذان هو الإعلام في اللُّغة، والإقامةُ إعلامٌ كذلك، فيكون الأذان لصلاة الصُّبحِ بعد دخول وقتها أذاناً أوَّل.
وقد جاء ذلك صريحاً فيما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها في صلاة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في الليل قالت: «كان ينام أوَّل الليل ويُحيي آخره، ثم إن كان له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأوَّلِ (قالت) وَثَبَ (ولا والله: ما قالت: قام) فأفاض عليه الماءَ (ولا والله: ما قالت اغتسل) وإن لم يكن جُنباً توضَّأ وُضُوءَ الرَّجل للصَّلاة، ثم صلَّى الرَّكعتين». والمراد بقولها: «عند النداء الأوَّل» أذان الفجر بلا شَكٍّ، وسُمِّي أولاً بالنسبة للإقامة، كما قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «بين كُلِّ أذانين صلاة»، والمراد بالأذانين: الأذان والإقامة. وفي «صحيح البخاري» قال: «زاد عثمان الأذان الثالث في صلاة الجمعة»، ومعلوم أنَّ الجمعة فيها أذانان وإقامة؛ وسَمَّاه أذاناً ثالثاً، وبهذا يزول الإشكال، فيكون التثويب في أذان صلاة الصُّبْحِ.
وقالوا أيضاً: إنه قال: «الصَّلاة خيرٌ من النَّوم»، فدلَّ هذا على أنَّ المراد في الأذان الأوَّل هو ما قبل الصُّبحِ لقوله: «الصَّلاةُ خيرٌ من النَّوم»، أي: صلاة التهجُّد وليس صلاة الفريضة، إذ لا مفاضلة بين صلاة الفريضة وبين النوم، والخيرية إنما تُقال في باب الترغيب. فقالوا: هذا أيضاً يرجِّحُ أنَّ المراد بالأذان الأذان في آخر الليل.
فنقول لهم: هذا أيضاً يُضاف إلى الخطأ الأوَّل؛ لأن الخيريَّة قد تُقال في أوجب الواجبات كما قال تعالى؛ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنَجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الصف: 10، 11] ، فذكر اللَّهُ الإيمانَ والجهادَ بأنه خير؛ أي: خيرٌ لكم مما يُلهيكم من تجارتكم، والخيريَّة هنا بين واجب وغيره.
وقال تعالى في صلاة الجمعة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة: 9] ، أي: خير لكم من البيع، ومعلومٌ أن الحضور إلى صلاة الجُمعة واجب ومع ذلك قال: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} ففاضل بين واجبٍ وغيره. وعلى هذا؛ لو ثَوَّبَ في الأذان الذي قبل الصُّبْحِ لقلنا: هذا غير مشروع.


  #6  
قديم 19 رجب 1432هـ/20-06-2011م, 09:11 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي شرح الزاد للشيخ حمد الحمد

قال : ( وهو خمس عشرة جملة )
وهو : أي الأذان .
" خمس عشرة جملة " : وهو الأذان المشهور عندنا وهو أذان بلال الثابت في الصحاح والسنن والمسانيد، وقد اختاره الإمام أحمد وأبو حنيفة .
واختار الشافعي ومالك أذان أبي محذورة الثابت في مسلم وهو كذلك ثابت في السنن .
وعدد جمله تسع عشرة جملة " 19 " وفيها خفض الشهادتين بأن يقول بعد قوله " الله أكبر أربعاً " يقول : " أشهد ألا إله إلا الله ، أشهد ألا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله " خافضاً صوته ثم يرفع صوته " أشهد ألا إله إلا الله ، أشهد ألا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله "
وفي مسلم أنه قال : ( أشهد ألا إله إلا الله ، أشهد ألا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله – خافضاً صوته – ثم: أشهد ألا إله إلا الله أشهد ألا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله رافعاً بها صوته " ) ويكون الخفض بحيث يسمع نفسه ويسمع القريب منه .
- واختار أبو حنيفة إقامة أبي محذورة ، وهي سبع عشرة جملة ، كأذان بلال بزيادة " قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة " بعد الحيعلتين .
* واعلم أن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم على أوجه مختلفة فإن السنة أن يفعل هذا تارة وهذا تارة – كما قرر هذا شيخ الإسلام وغيره – وهذا كذلك .
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بأذان بلال وأُذن له به ، وثبت أنه أمر بأذان أبي محذورة وأذن له به وكان هو أذان أهل مكة ، وأذان بلال هو أذان أهل المدينة .
فعلى ذلك : السنة أن يفعل هذا تارة وهذا تارة ما لم يكن في ذلك فتنة ، لذا الإمام أحمد نص على أنه لا بأس بأذان أبي محذورة لثبوت ذلك .
قال : ( يرتلها )
يترسل بها ترسلاً ويتمهل في الأذان لأن المقصود منه إعلام الغائبين فكان المستحب فيه الترسل .
وقد روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لبلال : (( إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر )) أي أسرع وتعجل ، والحديث إسناده ضعيف لكن العمل عليه كما قال ذلك الترمذي ، وكذلك المعنى يدل عليه فإن المقصود من الأذان إعلام الغائبين فكان المشروع فيه الترسل والتمهل.
وأما الإقامة فإنها إعلام لمن حضر في المسجد بإقامة الصلاة فكان المشروع فيها الحدر والإسراع .
قال : ( على علو )
على منارة ونحوها ، لأن ذلك أبلغ في الإعلام .
ويدل عليه ما رواه أبو داود مبوباً عليه بقوله " باب الأذان على المنارة " ثم روى أن بلالاً كان يؤذن على أرفع بيت حول المسجد.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبد الله بن شقيق هو تابعي قال : (من السنة أن يؤذن على المنارة ، وأن يقيم في المسجد ) والإسناد صحيح إلى عبد الله – والتابعي إذا قال " من السنة " فهو مرفوع .
وأما مع ظهور رافعات الصوت فإن استعمالها كاف عن ذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً .
* ويستحب للمؤذن أن يؤذن قائماً إجماعاً وهو كذلك أرفع لصوته وأبلغ في الإعلام ، فإن أذن جالساً فأذانه صحيح بالإجماع.

قال : ( متطهراً )
يستحب أن يؤذن متطهراً وفي الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يؤذن إلا متوضئ )) لكن الحديث إسناده ضعيف .
وروى موقوفاً إلى أبي هريرة وإسناد ضعيف أيضاً فلا يصح موقوفاً ولا مرفوعاً .
لكن يستدل له بما روى أبو داود بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر )) فإن أذن بغير وضوء فأذانه صحيح باتفاق العلماء .
قال : ( مستقبل القبلة )
إجماعاً – وهذا ما عليه العمل عند أهل العلم – فإن أذن لغير القبلة فصحيح ، لكن المستحب أن يؤذن إلى القبلة ، وقد أجمع أهل العلم على القول به .
قال : ( جاعلاً إصبعيه في أذنيه )
لما ثبت في حديث بلال وفيه : ( وجعل إصبعيه في أذنيه ) والحديث ليس فيه ذكر الإصبع أهي السبابة أم غيرها ، ولكن قد جزم غير واحد من أهل العلم كالنووي وغيره أن المستحب أن تكون السبابة . وهذا حسن ، ولكن الحديث لم يعين ذلك ، والأحرى أن تكون هي السبابة فهي أنسب من غيرها في ذلك .
قال : ( غير مستدير )
أي لا يستدير ببدنه ، وفي أبي داود من حديث بلال وفيه : ( ولم يستدر ) فلا يشرع له أن يستدير بل ينبغي له أن يبقي بدنه على استقبال القبلة ، ولا تشرع له الاستدارة لما فيها من التحول عن القبلة .
قال : ( ملتفتاً في الحيعلتين يميناً وشمالاً )
وظاهر المذهب أنه يقول " حي على الصلاة ، حي على الصلاة " عن اليمين ، ثم " حي على الفلاح ، حي على الفلاح " عن الشمال – هذا هو المصرح به في المذهب .
- وذهب بعض أهل العلم : إلى أن المستحب أن يقول " حي على الصلاة " عن اليمين ، ثم " حي على الفلاح " عن الشمال ، ثم " حي على الصلاة " عن اليمين ،ثم " حي على الفلاح " عن الشمال. وهو أولى ، وممن اختار هذا القول ابن دقيق العيد في شرحه للعمدة .
وهذا أولى ، لأن كلاً من الجهتين تأخذ نصيبها من هاتين الجملتين ، فتنال جهة اليمين التي يصل الصوت منها إلى أهل اليمين تصل إليهم " حي على الصلاة " وكذلك " حي على الفلاح " وكذلك من كان عن شماله .
ومعلوم أنه ربما لا يسمع أهل الجهة اليسرى مثلاً ما يؤديه المؤذن إلى الجهة اليمنى مع البعد .
والمناسب أن تصل كل جملة من الجملتين إلى أهل كل جهة فكان الأنسب ما اختاره ابن دقيق العيد .
ودليل ذلك : ما ثبت في أبي داود أن بلالاً كان يلوي عنقه ويقول : ( حي على الصلاة حي على الفلاح يميناً وشمالاً ) .
وهذا الحديث ظاهره ما ذهب إليه ابن دقيق فإنه جمع للجملتين كليهما جهة اليمين وجهة الشمال ، فقال : " حي على الصلاة حي على الفلاح يميناً وشمالاً " ، وظاهره أن كل جملة ثبت لها جهة اليمين وجهة الشمال .
قال : ( قائلاً بعدها في صلاة الصبح الصلاة خير من النوم مرتين )
وهل هو في الأذان الأول أم في الثاني ؟
ظاهر إطلاقات الفقهاء – كما قال ذلك الشيخ على بن محمد بن عبد الوهاب وغيره – أنه يقول ذلك بالأذانين كليهما .
ودليل ذلك : ما ثبت في ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أنس بن مالك قال : ( من السنة أن يقول المؤذن في أذان الفجر بعد حي على الصلاة حي على الفلاح : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ) وهنا قال " في أذان الفجر " والأول والثاني كلاهما أذان للفجر .
وقد ثبت أن هذا من أذان بلال وأنه كان يقولها في أذانه كما ورد هذا عن بلال من طرق ترتقي إلى درجة الحسن في مسند أحمد وغيره ، وبلال كان يؤذن تارة أذان الفجر الأول ، وتارة أذانه الثاني ، وكان يقول في أذانه " الصلاة خير من النوم " .
فإن قيل : فما الجواب : عما ورد في النسائي من حديث أبي محذورة ؟ قال : ( كنت أؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة فكنت أقول في أذان الفجر الأول : " الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم " )
فالجواب : أن في هذا الحديث راو مجهول وهو أبو سليمان وهو مجهول الحال – فعلى ذلك الحديث يتوقف في قبوله لوجود هذه الجهالة – وما كان كذلك فهو في حكم المردود .
وأما ما ثبت في البيهقي بإسناد جيد عن ابن عمر أنه قال : ( كان يقال : في الأذان الأول بعد : حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم ) فالجواب على ذلك : أن ذلك ليس بظاهر في أنه أذان الفجر الأول ، بل قال : " في الأذان الأول " وأذان الفجر هو الأذان الأول ، بدليل أن العصر هي الصلاة الوسطى ، وهذا أمر ظاهر فإن الفجر أول النهار فكان هو الأذان الأول .
ومع ذلك فإنه لو كان من اكتفاء به في أحد الأذانين كما يفعله الناس اليوم من كونهم يكتفون بهذا في أذان الفجر الثاني – فلو كان من اكتفاء لكان الأولى به هو أذان الفجر الأول الذي إنما شرع لإيقاظ النائم كما ورد هذا في الحديث المتفق عليه – في أذان بلال قال : ( ليوقظ نائمكم ) فشرع لإيقاظ النائم أي " أذان الفجر الأول " فكان أحق أن يقال فيه هذه اللفظة ، بخلاف أذان الفجر الثاني لأنه يؤذن وقد استيقظ الناس فهم يستعدون لصلاة الفجر .
وما يفعله الناس من الفارق البعيد بين الأذان الأول والأذان الثاني من الفجر خلاف السنة وسيأتي الدليل عليه في باب المواقيت إن شاء الله .
إذن : المستحب أن يقولها في الأذانين كليهما ، ولو كان من اكتفاء بها في أحد الأذانين ، فالمستحب أن يكون هو الأول لما فيه من المعنى المتقدم وهو إيقاظ النائم ليستعد للصلاة وليتسحر إن أراد الصيام .
وما ذكرته هو ما قرره الشيخ علي بن محمد بن عبد الوهاب في مسألة له في مجموعة المسائل النجدية.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأذان, صيغة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir