دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > أنموذج جليل لابن أبي بكر الرازي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 ربيع الأول 1432هـ/4-03-2011م, 03:08 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي سورة الشعراء

سورة الشعراء
فإن قيل: كيف قال تعالى: (فظلّت أعناقهم لها خاضعين) والأعناق لا تعقل؟
قلنا: قيل أصل الكلام فظلوا لها خاضعين فأقحمت الأعناق لبيان موضوع أو خضوع وترك الكلام على أصله كقولهم ذهبت أهل اليمامة كان الأهل غير مذكور وثلة قول الشاعر:
رأت مر السنين أخذن منى *** كما أخذ السرار من الهلال
أو لما وصفت الأعناق بالخضوع الذي هو من صفات العقلاء جمعت جمع العقلاء كقوله تعالى: (والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) وقيل: الأعناق رؤساء الناس ومقدموهم شبهوا بالأعناق كما قيل لهم الرؤوس والنواصي والوجوه، وقيل: الأعناق الجماعات يقال جاءني عنق من الناس أي جماعه وقيل: أن ذلك لمراعاة الفواصل.
فإن قيل كيف قال تعالى: (فقولا إنّا رسول ربّ العالمين) فأفراد، وقال تعالى في موضع آخر: (فقولا إنّا رسولا ربّك) فثنى؟
قلنا: الرسول يكون بمعنى المرسل فيلزم تثنيته، ويكون بمعنى الرسالة التي هي المصدر فيوصف به الواحد والاثنان والجماعة كما يوصف بسائر المصادر، والدليل على أنه يكون بمعنى الرسالة قول
[أنموذج جليل: 368]
الشاعر:
قد كذب الواشون ما بحت عندهم = بسر ولا أرسلتهم برسول
أي برسالة، الثاني: أنهما لاتفاقهما في الأخوة والشريعة والرسالة جعلا كنفس واحده، الثالث: أن تقديره: أن كل واحد منا رسول رب العالمين، الرابع: أن موسي عليه الصلاة والسلام كان الأصل وهارون عليه الصلاة والسلام كان تبعًا له فأفرد إشارة إلى ذلك.
فإن قيل: كيف قال موسى عليه الصلاة والسلام معتذرًا عن قتل القبطي والنبي لا يكون ضالًا؟
قلنا: أراد به وأنا من الجاهلين كذا قراءة ابن مسعود رضي الله عنه، وقيل: أراد من المخطئين لأنه ما تعمد قتله كما يقال ضل عن الطريق إذا عدل عن الصواب إلى الخطأ وقيل من الناسين كقوله تعالى: (أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى).
فإن قيل: كيف قال فرعون: (وما ربّ العالمين) ولم يقل ومن رب العالمين؟
قلنا: هو كان أعمي القلب عن معرفه الله تعالى منكرًا لوجوده فكيف ينكر عليه العدول عن "من " إلى "ما" الثاني: إن ما لا تختص بغير المميز بل تطلق عليهما فقال الله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النّساء)
[أنموذج جليل: 369]
وقال تعالى: (ولا أنتم عابدون ما أعبد).
فإن قيل: كيف قال موسي عليه الصلاة والسلام: (ربّ السّماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين) علق كونه تعالى رب السموات والأرض وما بينهما بشرط كون فرعون وقومه موقنين وهذا الشرط منتف والربوبية ثابتة فكيف صح التعليق؟
قلنا: معناه إن كنتم موقنين أن السموات والأرض وما بينهم موجودات وهذا الشرط موجود، الثاني: أن إن نافيه لا شرطيه.
فإن قيل: كيف ذكر السموات والأرض وما بينهم قد استوعب ذكر المخلوقات كلها فما فائدة قوله تعالى بعد ذلك: (ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين) وقوله: (ربّ المشرق والمغرب)؟
قلنا: أعاد ذكرها تخصيصًا وتمييزًا لأن أقرب المنظور فيه من العاقل نفسه ومن ولد منه وما شاهد وعاين من الدلائل على الصانع، والنقل من هيئة إلى هيئة ومن حال إلى حال ومن وقت ولادته إلى وقت وفاته ثم خص المشرق والمغرب لأنه طلوع الشمس من أحدهما وغروبها في الآخر على تقدير مستقيم في فصول السنة وحساب مستوي من أظهر ما يستدل به على وجود
[أنموذج جليل: 370]
الصانع ولظهوره انتقل خليل الله عليه الصلاة والسلام إلى الاحتجاج به عن الاحتجاج بالأحياء والإماتة: (فبهت الّذي كفر).
فإن قيل: كيف قال أولًا: (إن كنتم موقنين) وقال آخرًا: (إن كنتم تعقلون)؟
فإن قيل: قوله " لأسجننك " أخصر من قوله: (لأجعلنّك من المسجونين) فكيف عدل عنه؟
قلنا: كان مراده تعريف العهد فكأنه قال: قال لأجعلنك واحدًا ممن عرفت حالهم في سجني وكان إذا سجن إنسانًا طرحه في هوة عميقة جدًا مظلمة وحده لا يبصر فيها ولا يسمع وكان ذلك أوجع من القتل نكاية.
فإن قيل: قصة موسي عليه الصلاة والسلام مع فرعون والسحرة ذكرت في سورة الأعراف ثم في سورة طه ثم في هذا السورة فما فائدة تكرارها وتكرار غيرها من القصص؟
قلنا: فائدته تأكيد التحدي وإظهار الإعجاز كما أن المبارز إذا خرج
[أنموذج جليل: 371]
من الصف قال نزال نزال هل من مبارز هل من مبارز مكررًا ذلك ولذلك سمى الله تعال القرآن مثاني لأنه ثنيت فيه الأخبار والقصص، الثاني: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان بعضهم حاضرين وبعضهم غائبين في الغزوات وكان يحبون حضور مهبط الوحي فكان إذا رجعوا من غزوهم أكرمهم الله تعالى في بعض الأوقات بإعادة الوحي تشريفا لهم وتفضيلا.
فإن قيل: كيف كرر الله تعالى ذكر قصة موسي عليه الصلاة والسلام أكثر من قصص غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟
قلنا: لأن أحاوله كانت أشبه بأحوال النبي صلي الله عليه وسلم من أحوال غيره منهم في إقامته الحجج وإظهار المعجزات لأهل مصر وإصرارهم على تكذيبه والجفاء عليه كما كان حال النبي صلى لله عليه وسلم مع أهل مكة.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (فلمّا تراءى الجمعان) والترائي تفاعل من الرؤية فيقتضي وجود رؤية كل جمع الجمع الآخر والمنقول أنهم لا ير بعضهم بعض فإن الله تعال أرسل غيما أبيض فحال بين العسكرين حتى منع رؤية بعضهم بعض؟
قلنا: الترائي يستعمل بمعني التداني والتقابل أيضا كما قال صلي الله عليه وسلم المؤمن والكافر لا يترائيان أي لا يتدانيان ويقال دورنا تتراءى أي تتقارب وتتقابل.
فإن قيل: كيف قال: (وإذا مرضت فهو يشفين) ولم يقل وإذا أمرضني،
[أنموذج جليل: 372]
كما قال قبله: (الّذي خلقني فهو يهدين)؟
قلنا: لأنه كان في معرض الثناء على الله تعالى وتعديد نعمه، فأضاف إليه الخير المحض حفظًا للأدب وإن كان الكل مضاف إليه ونظيره قول الخضر عليه الصلاة والسلام: (فأردت أن أعيبها) وقوله: (فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما).
فإن قيل: هذا الجواب يبطل بقوله: (والّذي يميتني) بقول الخضر عليه الصلاة والسلام: (فأردنا أن يبدلهما)؟
قلنا: إنما أضاف الموت إلى الله تعالى لأنه سبب لقائه إياه وانتقاله إلى دار كرامته، فكان نعمه من هذا الوجه، وقيل: إنما أضاف المرض إلى نفسه لأن أكثر الأمراض تحدث بتفريط الإنسان في مطاعمه ومشاربه.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون) والمال الذي أنفق في طاعة الله تعالى وسبيله ينفع والولد الصالح ينفع والولد الذي مات صغيرا يشفع وشواهد ذلك كثيرة من الكتاب والسنة خصوصًا قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم ينقطع عمله إلا من ثلاث... الحديث؟
قلنا: المراد بالآية لا ينفعان غير المؤمن فإنه هو الذي يأتي
[أنموذج جليل: 373]
بقلب سليم من الكفر أو المراد بهما مال لم ينفق في طاعة الله تعالى وولد بالغ غير صالح.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وأزلفت الجنّة للمتّقين) أي قربت والجنة لا تنقل من مكانها ولا تحول؟
قلنا: فيه قلب معناه وأزلفت المتقون إلى الجنة، كما يقول الحجاج إذا دنوا إلى مكة قربت مكة منا، وقيل: معناها أنها كانت محجوبة عنهم فلما رفعت الحجب بينهم وبينها كان ذلك تقريبًا لها.
فإن قيل: كيف جمع الشافع ووحد الصديق في قوله تعالى: (فما لنا من شافعين (100) ولا صديقٍ حميمٍ)؟
قلنا: لكثرة الشفعاء في العادة وقله الصديق لهذا روى أن بعض الحكماء سئل عن الصديق؟
فقال هو اسما لا معني له وارد بذلك عزة وجوده، ويجوز أن يراد بالصديق الجمع كالعدو.
فإن قيل: كيف قرن بين الأنعام والبنين في قوله تعالى: (أمدّكم بأنعامٍ وبنين)؟
قلنا: لأن الأنعام كانت من أعز أموالهم عندهم وكان بنوهم هم الذين يعينونهم على حفظها والقيام عليها فلذا قرن بينهما.
فإن قيل: قوله تعالى: (أوعظت أو لم تعظ) أخصر من قوله (أم لم تكن من الواعظين) فكيف عدل عنه؟
قلنا: مرادهم سواء علينا أفعلت هذا الفعل أم لم تكن من أهله أصلا.
[أنموذج جليل: 374]
وهذا أبلغ في قله اعتدادهم بوعظه من قولهم أم لم تعظ.
فإن قيل: قوله تعالى: (فعقروها فأصبحوا نادمين) كيف أخذهم العذاب بعد ما ندموا على جنايتهم وقد قال صلي الله عليه وسلم: الندم توبة؟
قلنا: قال ابن عباس رضي الله عنهما ندموا حين رأوا العذاب وذلك ليس وقت التوبة كما قال تعالى: (وليست التّوبة للّذين يعملون السّيّئات... الآية) وقيل: كان ندمهم ندم خوف من العقاب العاجل لا ندم توبة فلذلك لم ينفعهم.
فإن قيل: كيف طلب لوط عليه الصلاة والسلام تنجيته من اللواط بقوله: (ربّ نجّني وأهلي ممّا يعملون)
واللواط كبيرة والأنبياء معصومون من الكبائر؟
قلنا: مراده ربي نجيني وأهلي من عقوبة عملهم أو من شؤمهم والدليل على ذلك ضمه أهله إليه في الدعاء، واستثناء الله تعالى امرأته من قبول الدعوة.
فإن قيل: كيف قال تعالى في قصه شعيب عليه الصلاة والسلام: (إذ قال لهم شعيبٌ) ولم يقل أخوهم كما قال تعالى في حق غيره هنا وكما قال في حقه في موضوع آخر؟
قلنا: لأنه هنا ذكر مع أصحاب الأيكة وهو لم يكن منهم إنما كان
[أنموذج جليل: 375]
من نسل مدين، كذا قال مقاتل، وفى الحديث أن شعيبًا أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة، وقال ابن جرير الطبري: أهل مدين هم أصحاب الأيكة، فعلى هذا يكون حذف الأخ تخفيفًا.
فإن قيل: ما الفرق بين حذف الواو في قصة صالح عليه الصلاة والسلام وإثباتها في قصة شعيب عليه الصلاة والسلام في قولهم: (ما أنت إلّا بشرٌ مثلنا) و(وما أنت إلّا بشرٌ مثلنا)؟
قلنا: الفرق بينهما أنه عند إثبات الواو المقصود معنيان كلاهما مناف للرسالة عندهم التسخير والبشرية، وعند حذف الواو المقصود معنى واحد مناف لها، وهو كونه مسخرًا ثم قرروا التسخير بالبشرية.
كذا أجاب الزمخشري رحمه الله تعالى.
فإن قيل: كيف قال تعالى في وصف الكهنة والمتنبئة كشق وسطيح ومسيلمة: (وأكثرهم كاذبون) بعد ما قضى عليهم أن كل واحد
منهم أفاك أثيم، والأفاك: الكذاب، والأثيم: الفاجر، ويلزم من هذا أن يكون كلهم كذابين؟
قلنا: الضمير في قوله: "وأكثرهم " عائد إلى الشياطين لا إلى كل أفاك.
[أنموذج جليل: 376]


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشعراء, سورة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir