دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب النفقات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:59 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي نفقة الرقيق

( فصلٌ ) وعليه نَفقةُ رقيقِه طعامًا وكِسوةً وسُكْنَى، وألا يُكَلِّفَه مَشَقًّا كثيرًا، وإن اتَّفَقَا على الْمُخارَجَةِ جازَ، ويُريحُه وقتَ القائِلةِ والنومِ والصلاةِ، ويُرْكِبُه في السفَرِ عَقَبَةً، وإن طَلَبَ نِكاحًا زوَّجَه أو باعَه، وإن طَلَبَتْه أَمَةٌ وَطِئَها أو زَوَّجَها أو باعَها.


  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:32 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:33 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ
في نَفَقَةِ الرقيقِ

(و) يَجِبُ (عليه)- أي: على السيِّدِ- (نَفَقَةُ رَقِيقِهِ)، ولو آبقاً أو ناشِزاً (طعاماً) من غالِبِ قُوتِ البلدِ (وكِسْوَةٌ وسُكْنَى) بالمعروفِ، (وأنْ لا يُكَلِّفَهُ مَشَقًّا كثيراً)؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلاَ يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لاَ يُطِيقُ) رَوَاهُ الشافعيُّ في مُسْنَدِهِ، (وإنِ اتَّفَقَا على المُخارَجَةِ)، وهي جَعْلُه على الرقيقِ كلَّ يومٍ أو كلَّ شهرٍ شيئاً معلوماً له، (جازَ) إنْ كانَتْ قَدْرَ كَسْبِهِ فأقلَّ بعدَ نَفَقَتِهِ.
رُوِيَ أنَّ الزُّبَيْرَ كانَ له أَلْفُ مملوكٍ، على كلِّ واحدٍ كلَّ يومٍ دِرْهَمٌ، (ويُرِيحُهُ) سَيِّدُهُ (وقتَ القائلةِ)، وهي وَسَطُ النهارِ، (و) وقتَ (النومِ، و) وقتَ الصلاةِ (المفروضةِ)؛ لأنَّ عليهم في تَرْكِ ذلك ضَرَراً، وقد قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ). (وإنْ طَلَبَ) الرقيقُ (نِكاحاً زَوَّجَه) السيِّدُ (أو بَاعَهُ)؛ لقولِهِ تعالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}. (وإنْ طَلَبَتْه) - أي: التزويجَ - أَمَةٌ (وَطِئَها) السيِّدُ، (أو زَوَّجَها، أو باعَها)؛ إزالةً لضررِ الشهوةِ عنها، ويُزَوِّجُ أَمَةَ صَبِيٍّ أو مجنونٍ مَن يَلِي مالَه، إذا طَلَبَتْه. وإنْ غابَ سيِّدٌ عن أمِّ ولدِهِ، زُوِّجَتْ لحاجةِ نَفَقَةٍ أو وَطْءٍ، وله تأديبُ رقيقِه وزَوْجَتِهِ ووَلَدِهِ، ولو مُكَلَّفاً مُزَوَّجاً، بضربٍ غيرِ مُبَرِّحٍ، ويُقَيِّدُهُ إنْ خافَ إباقَه، ولا يَشْتِمُ أَبَوَيْهِ، ولو كَافِرَيْنِ، ولا يَلْزَمُهُ بيعُه بطَلَبِه معَ القيامِ بحقِّه، وحَرُمَ أنْ تُسْتَرْضَعَ أَمَةٌ لغيرِ وَلَدِها إلاَّ بعدَ رِيِّهِ، ولا يُتَسَرَّى عبدٌ مُطْلَقاً.


  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل في نفقة الرقيق([1])

(و) يجب (عليه) أي على السيد (نفقة رقيقه)([2]) ولو آبقا أو ناشزا([3]) (طعاما) من غالب قوت البلد([4]) (وكسوة وسكنى) بالمعروف([5]) (وأن لا يكلفه مشقا كثيرًا)([6]).
لقوله صلى الله عليه وسلم: «للملوك طعامه وكسوته بالمعروف([7]) ولا يكلف من العمل ما لا يطيق»([8]) رواه الشافعي في مسنده([9]) (وإن اتفقا على المخارجة) وهي: جعله على الرقيق كل يوم، أو كل شهر شيئا معلوما له (جاز)([10]).
إن كانت قدر كسبه فأقل بعد نفقته([11]) روي أن الزبير كان له ألف مملوك على كل واحد كل يوم درهم([12]) (ويريحه سيده) وقت القائلة، وهي وسط النهار (و) وقت (النوم([13]) و) وقت (الصلاة) المفروضة لأن عليهم في ترك ذلك ضررا([14]) وقد قال صلى الله عليه وسلم «لا ضرر لا ضرار»([15]) (ويركبه السيد) (في السفر عقبة)([16]) لحاجة لئلا يكلفه ما لا يطيق([17]).
(وإن طلب) الرقيق (نكاحا زوجه) السيد (أو باعه([18])) لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}([19]).
(وإن طلبته) أي التزويج (أمة وطئها) السيد (أو زوجها، أو باعها)([20]) إزالة لضرر الشهوة عنها([21]) ويزوج أمة صبي، أو مجنون، من يلي ماله إذا طلبته([22]) وإن غاب سيد عن أم ولده، زوجت لحاجة نفقة أو وطء([23]) وله تأديب رقيقه، وزوجته، وولده ولو مكلفا مزوجا، بضرب غير مبرح([24]).
ويقيده إن خاف إباقه([25]) ولا يشتم أبويه ولو كافرين([26]) ولا يلزمه بيعه بطلبه مع القيام بحقه([27]) وحرم أن تسترضع أمة لغير ولدها إلا بعد ريه([28]) ولا يتسرى عبد مطلقًا([29]).


([1]) أي: في بيان أحكام نفقة الرقيق، وتزويجه، وتأديبه وغير ذلك.

([2]) قال الموفق: نفقة المملوكين على ملاكهم، ثابتة بالسنة والإجماع.
([3]) أي ولو كان رقيقه آبقا أو مريضا، أو انقطع كسبه، أو كان أمة ناشزا، أو كان ابن أمته من حر، لأنه تابع لأمه، حيث لا شرط ولا غرور.
([4]) سواء كان قوت سيده، أو دونه أو فوقه، وأدمه مثله، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الواجب إطعام الخادم، من غالب قوت البلد، الذي يأكل منه مثله في تلك البلد؛ ولمسلم «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» أي كفى به عن كل إثم سواه.
([5]) ويلزمه غطاء ووطاء وماعون غنيا، كان المالك، أو فقيرا أو متوسطا، من غالب الكسوة لأمثاله من العبيد، بذلك البلد وحكاه ابن المنذر وغيره إجماعا، وما يأتي مما يأكل ويلبس فلعله للندب، أو أنه خطاب مع من ألبستهم وأطعمتهم غليظة وخشنة، قال الشيخ: ولا يجب التمليك للمملوك إجماعا، وإن قيل إنه يملك بالتمليك.
([6]) وهو ما يشق عليه مشقة كثيرة، بحيث يقرب من العجز عنه.
([7]) أي للمملوك، وكذا المملوكة على المالك، طعامه من غالب قوت البلد، وكسوته من غالب كسوة البلد، وكذا سكناه بالمعروف.
([8]) أي لا يكلف عملا مشقا كثيرا، وفي الصحيحين من حديث أبي ذر «إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم» أي ما لا يطيقون الدوام عليه.
([9]) كتاب مشهور له رحمه الله تعالى، المسند في اصطلاحهم هو الذي يأتي فيه بأحاديث الرجل المروية عنه متتابعة، ثم بالآخر بعده، وهذا الخبر رواه مسلم وغيره، من حديث أبي هريرة، وفيه وغيره: دليل على وجوب نفقة الرقيق، ولا نزاع في ذلك وقال تعالى: {وَمَوَالِيكُمْ} فهذا في التسمية عوضا عما فاتهم من النسب وقال: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} أي ما أوجبنا من الأحكام، في ملك اليمين، غير ذلك من الأصول الشرعية، الدالة على وجوب النفقة للمملوك.
([10]) وما فضل للعبد، ذلك لأن لهما به نفع، فالعبد يحرص على الكسب، وربما فضل معه شيء يزيده في النفقة ويتسع به، قال ابن القيم: وللعبد التصرف بما زاد على خراجه.
([11]) وإن كانت أكثر من كسبه بعد نفقته لم يجز، وكذا إن كلف من لا كسب له، لأنه إذا كلف ذلك كان قد كلفه ما يغلبه، وفي الخبر «لا تكلفوهم ما يغلبهم» وربما حمله أن يأتي به من غير وجهه.
([12]) وروي أن أبا طيبة حجم النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه أجرة، وأمر مواليه أن يخففوا عنه من خراجه، وروي أن كثيرا من الصحابة، يضربون على رقيقهم خراجهم، وجاء أبو لؤلؤة إلى عمر، يسأله أن يسأل المغيرة يخفف عنه من خراجه.
([13]) لأنها العادة.
([14]) وتركا لما أوجب الله عليهم، ولا يحل الإضرار بهم، ولأن العادة جارية بذلك.
([15]) فدل عمومه، على تحريم الإضرار بالمملوك.
([16]) بوزن غرف أي يركبهم تارة ويمشيهم أخرى.
([17]) لما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك، روي عن أحمد أنها ستة أميال، والمعتبر العرف.
([18]) وهذا أحد قولي الشافعي.
([19]) والأمر يقتضي الوجوب، ولا يجب إلا عند الطلب، ولأنه مكلف محجور عليه، دعا إلى تزويجه، فلزمت إجابته، والنكاح مما تدعو الحاجة إليه غالبا، ويتضرر بفواته، فأجبر عليه، كالنفقة، لأنه يخاف من ترك إعفافه، الوقوع في المحظور.
([20]) فهو مخير في ذلك بين تزويجها إذا طلبت ذلك، وبين الاستمتاع بها، فيغنيها باستمتاعه عن غيره.
([21]) لأن المقصود قضاء الحاجة وإزالة ضرر الشهوة، وذلك يحصل بأحدهما فلم يتعين الآخر.
([22]) للآية، ولما يخاف من ترك إعفافها من الوقوع في المحظور.
([23]) اختاره أبو الخطاب وجزم به غير واحد.
([24]) أي وللسيد تأديب رقيقه إذا أذنب بالتوبيخ، وله تأديب زوجته وولده، ولو كان مزوجا مكلفا، ويسن العفو أولا مرة أو مرتين، وله تأديبه بضرب غير مبرح وليس له ضربه على غير ذنب، ولا أن يضربه ضربا مبرحا وإن أذنب ولا لطمه في وجهه، وروي أن أبا مسعود ضرب غلاما له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك على هذا الغلام» وقد دلت الأحاديث على جواز الزيادة في الرقيق على الزوجة، ويؤدبه على ترك الفرائض، وعلى ما إذا كلفه ما يطيق، فامتنع من امتثاله.
([25]) نص عليه، وقال: يباع أحب إلي.
([26]) قال أحمد لا يعود لسانه الخناء، ولا يدخل الجنة سيء الملكة، هو الذي يسيء إلى مماليكه.
([27]) وإلا لزمه، لما رواه أحمد وغيره: عن أبي هريرة مرفوعا: «جاريتك تقول: أطعمني، واستعملني، وإلا فبعني» وروي من حديث أبي ذر «من لاءمكم من مملوككم فأطعموهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تكتسون ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله».
([28]) أي: وحرم أن تسترضع أمة لها ولد، لغير ولدها، لأن فيه إضرارا بالولد، لنقصه عن كفايته، ومؤونته، إلا بعد ري ولدها، فيجوز بما زاد، لاستغناء ولدها عنه، كالفاضل من كسبها.
([29]) أي سواء قلنا يملك بالتمليك أولا، وسواء أذن له سيده، أولا: وعنه: يجوز بإذن سيده، نقلها جماعة، واختاره أكثر المحققين، وصححه في الإنصاف وجعله المذهب فإذا قال تسرها وأذنت لك في وطئها، أو ما دل عليه أبيح له؛ ولا يملك السيد الرجوع بعد التسري، نص عليه.


  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:47 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ

وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ طَعَاماً، وَكِسْوَةً، وَسُكْنَى، وَأَنْ لاَ يُكَلِّفَهُ مُشِقّاً كَثِيراً، وَإِنِ اِتَّفَقَا عَلَى المُخَارَجَةِ جَازَ، وَيُريحُهُ وَقْتَ الْقَائِلَةِ، وَالنَّوْمِ، وَالصَّلاَةِ، وَيُرْكِبُهُ في السَّفَر عُقْبَةً، وَإِنْ طَلَبَ نِكَاحاً زَوَّجَهُ، أَوْ بَاعَهُ، وَإِنْ طَلَبَتْهُ أَمَةٌ وَطِئَهَا، أَوْ زَوَّجَهَا، أَوْ بَاعَهَا.

قوله: «وعليه» أي: على المالك السيد.
قوله: «نفقة رقيقه» أي: المملوك من ذكر وأنثى، والرق له أسباب منها الكفر، فالكفار إذا حاربناهم وسبيناهم، فمن كان من أهل القتال خير الإمام فيه، ومن لم يكن من أهل القتال فهو رقيق.
وإذا تزوج الحر بالرقيقة صار أولاده أرقاء يباعون؛ ولهذا قال الإمام أحمد: إذا تزوج الحر رقيقة رَقَّ نصفُه؛ لأن الأولاد يكونون أرقاء، إلا إذا شرط أنهم أحرار فهم أحرار.
قوله: «طعاماً» عليه أن يوفر لرقيقه طعاماً مطبوخاً، وكذلك شراباً، ولم يذكره المؤلف؛ لأنه داخل في الطعام.
قوله: «وكسوة وسكنى» بالمعروف، أي: بما جرى به العرف، وليس بلازم أن يسكنه كما يسكن نفسه، أو يلبسه كما يلبس نفسه، وإنما الواجب بالمعروف، ولا شك أن الكمال أن يكون مما اكتسى، ومما سكن.
قوله: «وأن لا يكلفه» يعني وعليه ألاَّ يكلفه، وكيف نقدر «أن» المصدرية هنا؟ التقدير وعدمُ تكليفه؛ لأنهم يقولون: إن حرف النفي يقدر بـ (عدم) فإذا دخل حرف مصدري على حرف نفي، فإذا أردت أن تحوّله إلى مصدر فقدر بدلاً عن أداة النفي (عدم) أي: عدم تكليفه.
قوله: «مشقاً» المُشق هو الذي يبلغ به المشقة والتعب، ولكن قال:

«كثيراً» وأما أصل المشقة فلا بد منها، لكن أن يكون مشقاً كثيراً لا يطيقه ويتعب منه، فهذا لا يجوز، والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق» [(239)]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يكلف» يجوز الرفع على الاستئناف، ويجوز بالنصب بتقدير (أن).
وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق» دليل على أنه يجوز أن يكلفه من العمل ما يطيق، فلو أمره أن يفعل شيئاً، كأن يكلفه أن يحرث مثلاً، فقال المملوك: لن أفعل، أنا لا أعرف إلاّ الخياطة، تريدني أن أخيط سأفعل، أما أن أحرث فلا، فهل له أن يلزمه؟ نعم، فإن قال له: خُطْ، وهو لا يعرف إلاّ الحراثة، فهنا يجب عليه أن يخيط، والمسؤولية على السيد، فإن خاط خياطة سيئة فلا شيء عليه.
قوله: «وإن اتفقا على المخارجة جاز» المخارجة مأخوذة من الخراج، ويقال: الخرج، وهو الرزق، قال تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] ، والمخارجة هي أن يتفق السيد والرقيق على شيء معلوم، يدفعه الرقيق كل يوم، أو كل أسبوع، أو كل شهر لسيده، فهذا جائز، ولكن بشرط أن يكون ذلك القدر من كسبه فأقل، فإذا كان هذا الرقيق يكسب كل يوم عشرة ريالات في الغالب، واتفقا على المخارجة بثمانية فإنه جائز، فإن كان من عادته أن يكتسب عشرة واتفقا على المخارجة باثني عشر فإنه لا يجوز؛ لأنه أكثر مما يتحمل، ويقال: إنه كان للزبير ألف رقيق، وقد اتفق معهم على المخارجة، كل يوم يأتي له كل واحد منهم بدرهم[(240)]، فيأتيه كل يوم ألف درهم، وهو على فراشه.
فما فائدة المخارجة؟ اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إن فائدتها أن الرقيق إذا حصَّل القدر الذي اتفق عليه فهو حُرٌّ في بقية وقته، إن شاء عمل، وإن شاء نام، وإن شاء ذهب مع إخوانه وزملائه، ولنفرض أنهما اتفقا على المخارجة كل يوم عشرة ريالات، وصار هذا الرقيق يحصل عشرة ريالات من الصبح إلى الظهر، فهنا الرقيق حر في بقية يومه من الظهر إلى العصر، إن شاء نام، أو طلب العلم، أو خرج للبَرِّ، ولنفرض أن هذا الرقيق حصَّل في آخر النهار خمسة ريالات، فقال السيد: أعطنيها، أنت ملكي وما ملكتَ، فأخذها منه، فهل يجوز؟
المذهب أنه يجوز، وعلى هذا ففائدة المخارجة على المذهب أنه إذا حصَّل القدر الذي اتفق عليه يرتاح، إن شاء عمل وإن شاء لم يعمل، بينما لو لم يكن بينهما مخارجة لكان السيد يملك أن يشغِّله من الصباح إلى آخر النهار.
وقال بعض أهل العلم: إن فائدة المخارجة أن ما اكتسبه العبد زائداً على القدر الذي اتفق عليه فهو له، وهو حر فيه، فمثلاً هذا العبد الذي اكتسب خمسة ريالات في آخر النهار، وقال السيد: أعطنيها، هي لي، فرفض المملوك، فالمذهب أن المملوك لا يملك ذلك، وأن للسيد أخذها.
والقول الصحيح أنه يملك ذلك، وأن ما كسبه زائداً على القدر المتفق عليه فهو له، ولا يرد على ذلك أن العبد لا يملك؛ لأن ملكه لسيده، فإذا وافق سيده على أن يكون ما ملكه له فإن الحق له وقد أسقطه، لكن لو شاء السيد فيما بعد وأبطل المخارجة فهل يجوز؟ نعم؛ لأنها عقد جائز، وليست عقداً لازماً والعبد مملوك.
قوله: «ويريحه وقت القائلة» القائلة التي تكون في منتصف النهار قبل الظهر، ولكن الظاهر أن مرادهم في الأيام الطويلة دون أيام الشتاء؛ لأن أيام الشتاء قصيرة، والراحة قد حصلت بنوم الليل، ثم ليس هناك تعب ولا مشقة، لكن في أيام الصيف تكون الحاجة ماسة إلى إراحته في وقت القائلة حتى وإن لم يشق عليه، فمثلاً لو كان يتمكن من الشغل في وقت القائلة بدون أن يشق عليه كثيراً فإنه يجب أن يريحه.
قوله: «والنوم» هل المراد نوم الليل أو النهار وقد قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[الروم: 23] ؟ لكن سبق أن عماد النوم الليل بلا شك، فيريحه وقت النوم.
قوله: «والصلاة» أي: يريحه أيضاً وقت الصلاة، أي: المفروضة؛ لأن التطوع الحق للسيد، فإن قال: أنا سأصلي التراويح ـ قيام رمضان ـ فللسيد منعه وأمره بأن يشتغل.
قوله: «ويركبه في السفر عقبة» الناس فيما مضى مراكبهم إبل، وحمير، وبغال، وخيل، وهذه الأشياء المركوبة قد لا تحتمل أن يركبها اثنان، فيجب عليه أن يركبه عقبة، والعُقبة أن يتعاقب معه فيركب السيد قليلاً، والعبد قليلاً.
وظاهر كلام المؤلف سواء كان ذلك يشق على الرقيق أو لا يشق، ولكننا إذا نظرنا إلى الحديث السابق: «ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق» [(241)]، قلنا: إذا كان هذا الرقيق نشيطاً لا يهمه أن يمشي فإنه لا يلزمه أن يعقبه، ولكنه على سبيل الأفضل والتواضع.
قوله: «وإن طلب نكاحاً زوَّجه أو باعه» إذا طلب العبد نكاحاً وجب عليه أن يزوجه؛ لأن تزويجه من الإنفاق، أو يبيعه على من يغلب على ظنه أنه يزوجه، أما أن يبيعه على شخص لا يزوجه أو قد يكون أقسى من صاحبه الأول، فهذا لا فائدة في بيعه.
قوله: «وإن طلبته أمة وطئها أو زوَّجها أو باعها» إذا طلبت الأمة الزواج فإنه يتخلص من الواجب عليه في إعفافها بواحد من أمور ثلاثة: إما بأن يطأها، أو يزوجها، أو يبيعها.
وقوله: «أو باعها» ليس على إطلاقه، بل لا بد أن يبيعها على من يمكنه أن يعفها إما بوطئها أو بكونه صاحب تقوى، فعلم أنه إذا لم يقدر على وطئها فإنه لن يتركها هملاً، أما أن يبيعها على من لا يقوم بالواجب فهذا لا يجوز؛ لأنه لا فرق بين أن تبقى عنده مهجورة، أو تباع على رجل يهجرها.
هذا الفصل في نفقة البهائم، والبهائم جمع بهيمة، وهي تقال مطلقة ومقيدة، فيقال: بهائم، ويقال: بهيمة الأنعام، فإذا قيدت ببهيمة الأنعام فتكون من الأصناف الأربعة التي ذكرها الله عزّ وجل في سورة الأنعام، فقال سبحانه: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ *ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 142، 143] الآية، ثم قال سبحانه: {وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 144] ، فبهيمة الأنعام عند الإضافة يراد به هذه الأصناف الأربعة.
وأما إذا أطلقت الأنعام فالمراد بها كل الدواب، وسميت بذلك من البُهم؛ لأن هذه البهائم لا تستطيع أن تعبِّر عما في نفسها، فإذا جاعت أو عطشت لا تتكلم، وتقول: أريد ماءً أو علفاً، بل غاية ما عندها أن تمد صوتها، لكن هل لها لغة معروفة فيما بينها؟ نعم، كل البهائم ـ بإذن الله ـ لها لغة معروفة فيما بينها من جنسها، ولهذا قال داود وسليمان عليهما السلام: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16] ، وسبب وجوب النفقة على البهائم هو الملك.


[239] أخرجه مسلم في النذر/ باب إطعام المملوك مما يأكل.. (1662) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[240] ذكره ابن قدامة في المغني (8/203).
[241] سبق تخريجه ص(523)
[242] أخرجه أحمد (2/160)، وأبو داود في الزكاة/ باب في صلة الرحم (1692) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وصححه الألباني في الإرواء (3/406).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرقيق, نفقة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir