مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة جمع القرآن
المجموعة الثالثة:
س1: متى كان جمع عثمان رضي الله عنه؟
نظراً لكثرة الفتوحات الإسلامية في زمن عثمان رضي الله عنه ،وإتساع البلدان الإسلامية، وإقبال الناس على قراءة القرآن وإختلاف القراءات ، ظهر الخصام والتجادل فيه ، وأشتد الخلاف حتى ظهر التكفير من بعض الجهال لبعض ، فبلغ ذلك سيدنا عثمان رضي الله عنه ، فخطب خطبة واستشار الصحابة في جمع القرآن على مصحف واحد وقراءة واحدة ، وقال إسماعيل بن عليّة: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين.
قال أيوب: لا أعلمه إلا قال: حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان، فقام خطيبا فقال: «أنتم عندي تختلفون فيه فتلحنون، فمن نأى عني من الأمصار أشد فيه اختلافا، وأشد لحنا، اجتمعوا يا أصحاب محمد واكتبوا للناس إماما» رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف، وهو منقطع.
وأيضاً ، وقال عبد الله بن وهب: حدثني عمرو بن الحارث أن بكيرا، حدثه: (أن ناساً كانوا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية، فإذا قرأها قال: فإني أكفر بهذه، ففشا ذلك في الناس، واختلفوا في القراءة، فكُلِّمَ عثمانُ بن عفان رضي الله عنه في ذلك، فأمر بجمع المصاحف فأحرقها، وكتب مصاحف ثم بثها في الأجناد). رواه عمر بن شبة وابن أبي داوود.
وكان ذلك بعد عهد النبي الكريم ب خمسة عشرة سنة ،في سنة خمس وعشرين في السنة الثالثة أو الثانية من خلافة عثمان رضي الله عنه ، عن مصعب بن سعد قال: : جلس عثمان بن عفان رضي الله عنه على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " إنما عهدكم بنبيكم صلى الله عليه وسلم منذ ثلاث عشرة سنة..). رواه عمر بن شبة وابن أبي داوود.
س2: لخّص ما صحّ في كتابة المصاحف العثمانية.
-لما بلغ الخليفة عثمان رضي الله عنه ، من إختلاف القراء ، وقد بلغ الجهل منهم أن كفر بعضهم بعض ، وقف رضي الله عنه خطيباً على المنبر ، وذكر لهم ذلك ، وأمر بجمع القرآن على لسان ومصحف واحد فوافقوه على ذلك .
-أمر عثمان رضي الله عنها بأن ترسل بالمصحف الذي كتب في عهد أبي بكر وكان محفوظاً عندها .
-أمر بكل من بيده صحيفة أو مصحف أن يأتي به ، إلا ابن مسعود امتنع ، ثم أذعن بعد ذلك وأقره .
- طلب عثمان رضي الله عنه البينة على كل آية ، وجعل لها شاهدين وإنها من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم .
-أخذ رضي الله عنه المصاحف التي قامت عليها البينة ، ومصحف أبي بكر وجمعها في مصحف واحد .
-أوكل عثمان ابن عفان زيد بن ثابت بجمعه ، وأملى عليه سعيد بن العاص وبعض الكتبة أختلف في عددهم .
- أجتهد عثمان ومن معه من قرّاء الصحابة في الاختيار بين الأحرف المختلفة بما يوافق لسان قريش والعرضة الأخيرة.
-كان رضي الله عنه يتعاهدهم ويشرف عليهم ، وجمعت النسخة الأولى على عثمان وأقرها مع جمع من الصحابة ..
-أمر رضي الله عنه بنسخ منها ، وإرجاع المصحف إلى حفصة ، وأمر ببقية المصاحف أن تحرق .
_قيل أنها أربعة مصاجف ,أبقي واحدا منها في المدينة ,وبعث إلى الكوفة واحدا إلى الشام والبصرة .
س3: هل كان مصحف عثمان نسخة مطابقة لمصحف أبي بكر؟
في الأثر صحيح الإسناد ذكر أنه جعل مصحف أبي بكر أصلاً تنسخ منه المصاحف ، بدليل قول زيد بن ثابت فيما رواه الطحاوي: (وأرسل عثمان إلى حفصة أن تعطيه الصحيفة وحلف لها ليردنها إليها، فأعطته؛ فعرضت المصحف عليها فلم يختلفا في شيء؛ فردها عليها وطابت نفسه، وأمر الناس أن يكتبوا المصاحف)، فجمع عثمان رضي الله عنه ، هو نقل مافي تلك الصحف التي جمعت في عهد أبي بكر على مصحف واحد .
س4: هل تعدّ البسملة من آيات السور؟
هي آية في كتاب الله عند أول كل سورة ،وليست من آيات السور ، بها تستفتح كل سورة ،ويعرف بها نهاية كل سورة ،قال ابن عباس رضي الله عنهما: « كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم » رواه أبو داوود والحاكم وغيرهما
- لم يختلف في نزولها وأنها آية من القرآن ، ولكن اختلف في عدد نزولها ،قال أبو بكر البيهقيُّ : (لم يختلف أهل العلم في نزول {بسم الله الرحمن الرحيم} قرآنا، وإنما اختلفوا في عدد النزول).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فيه أنها نزلت للفصل، وليس فيه أنها آية منها، و {تبارك الذي بيده الملك} ثلاثون آية بدون البسملة؛ ولأن العادين لآيات القرآن لم يعدّ أحد منهم البسملة من السورة) .
وقال في موضع آخر: (توسّط أكثر فقهاء الحديث كأحمد ومحققي أصحاب أبي حنيفة، فقالوا: كتابتها في المصحف تقتضي أنها من القرآن؛ للعلم بأنهم لم يكتبوا فيه ما ليس بقرآن، لكن لا يقتضي ذلك أنها من السورة، بل تكون آية مفردة أنزلت في أول كل سورة، كما كتبها الصحابة سطرا مفصولا، كما قال ابن عباس: " كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل بسم الله الرحمن الرحيم".
س5: لخّص القول في مصحف أبيّ بن كعب، وبيّن أنواع ما يٌنسب إليه.
حينما أمر الخليفة عثمان بجمع المصاحف ، جعل منها المصحف الإمام ، وأمر بإحراق المصاحف الأخرى من ضمنها مصحف أبي بن كعب .
أنواع ماينسب إليه :
- عمن رأيى المصحف قبل أن يقبضه عثمان إليه ،وهذا الصنف لا يكاد يصحّ منه إلا النادر فيما وقفت عليه.
-ماروي عن أبي بن كعب بما يخالف المصاحف العثمانية ، وهو مالايصح عنه وهو كثير ،وما صح عنه قد يكون أقرأه قبل جمع عثمان ، ومنها مايكون قد نسخ ، أو ممن ترك قراءته بما خالف المصاحف العثمانية
-مانسب إلى مصحف بالعراق ،قيل أنه لأبي بن كعب ، وقد أختلف فيه على أقوال :
& أنه مصحف لأنس بن مالك أملاه عليه أبي بن كعب ، قال القاضي أبو بكر الباقلاني: (قد رأينا مصحف أنسٍ الذي ذُكر أنه مصحفُ أُبيّ وكان موافقا لمصحفِ الجماعة بغيرِ زيادةٍ ولا نقصان).
& أنه مصحف مستنسخ من مصحف أبيّ قبل الجمع العثماني، من المصاحف التي بلغت الآفاق ولم تُتلف فيما أتلف من المصاحف.
& أنه مصحف أبي بن كعب ، وهو غير صحيح ، فليس لهذا الصحابي أن يخالف الخليفة عثمان ، بل أقره ولم ينازعه ، وأمر الخليفة بإحراق المصاحف بعد جمعها على لسان ولغة واحدة .
س6: ما الجواب عن خبر (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة)؟
هي عبارة رويت عن عمر رضي الله عنه وزيد بن ثابت وهي لاتصح عنهم ، وهي منكرة
بدلالة أن ترتيب السور والآيات هو أمر توقيفي ، بالإجماع ، وقد صحّ أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم قد جمعوا القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يجهلون موضع هاتين الآيتين، وقد تقدّم نصّ أبيّ بن كعب رضي الله عنه على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه إياهما بعد قوله تعالى: {ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}
يقصد بالآيتين هي ، قوله تعالى :( {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآية