دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب التوحيد لابن خزيمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1434هـ/22-04-2013م, 12:07 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي باب البيان من سنن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على تثبيت السّمع والبصر للّه

قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (باب البيان من سنن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على تثبيت السّمع والبصر للّه، موافقًا لما يكون من كتاب ربّنا، إذ سننه صلّى الله عليه وسلّم إذا ثبتت بنقل العدل عن العدل موصولًا إليه لا تكون أبدًا إلّا موافقةً لكتاب اللّه، حاشا للّه أن يكون شيءٌ منها أبدًا مخالفًا لكتاب اللّه أو لشيءٍ منه، فمن ادّعى من الجهلة أنّ شيئًا من سنن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا ثبت من جهة النّقل مخالفٌ لشيءٍ من كتاب اللّه، فأنا الضّامن بتثبيت صحّة مذهبنا على ما أبوح به منذ أكثر من أربعين سنةً
[التوحيد: 1/110]
حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن وهبٍ، قال: ثنا عمّي، قال: حدّثني يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، قال: حدّثني عروة بن الزّبير، أنّ عائشة، رضي اللّه عنها زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حدّثته أنّها قالت لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: هل أتى عليك يومٌ كان أشدّ من يوم أحدٍ؟ فقال: " لقد لقيت من قومك، وكان أشدّ
[التوحيد: 1/110]
ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثّعالب، فرفعت رأسي، فإذا بسحابةٍ قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السّلام، فناداني فقال: يا محمّد، إنّ اللّه عزّ وجلّ، قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد بعث اللّه ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال: فناداني ملك الجبال: فسلّم عليّ، ثمّ قال: يا محمّد: إنّ اللّه عزّ وجلّ قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربّك إليك لتأمرني أمرك، وبما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت "، فقال له رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «بل أرجو أن يخرج اللّه من أصلابهم من يعبد اللّه، لا يشرك به شيئًا»
[التوحيد: 1/111]
حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشّهيد، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت أبي يقول: ثنا أبو عثمان، عن أبي موسى، وثنا محمّد بن بشّارٍ، والحسين بن الحسن، وغيرهما، قالا: قال بندارٌ، ثنا، وقال الحسين: أخبرنا مرحومٌ العطّار، قال: ثنا أبو نعامة السّعديّ، عن أبي عثمان النّهديّ، عن أبي موسى الأشعريّ، وهذا حديث مرحومٍ قال: كنت مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في غزاةٍ، فلمّا أقبلنا وأشرفنا على المدينة كبّر النّاس تكبيرةً رفعوا بها أصواتهم، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ ربّكم ليس بأصمّ ولا غائبٍ»، وقال المعتمر في حديثه: فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا»
[التوحيد: 1/112]
حدّثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا عاصمٌ، عن أبي عثمان، عن أبي موسى، فذكر الحديث، وقال: فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " أيّها النّاس: إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنّما تدعون سميعًا قريبًا "
[التوحيد: 1/113]
خرّجت طرق هذا الخبر في كتاب الذّكر والتّسبيح قال أبو بكرٍ: فاسمعوا يا ذوي الحجا ما نقول في هذا الباب، ونذكر بهت الجهميّة وزورهم وكذبهم على علماء أهل الآثار، ورميهم خيار الخلق بعد الأنبياء بما اللّه قد نزّههم عنه، وبرّأهم منه بتزوّر الجهميّة على علمائنا إنّهم مشبّهةٌ، فاسمعوا ما أقول وأبيّن من مذاهب علمائنا تعلموا وتستيقنوا بتوفيق خالقنا أنّ هؤلاء المعطّلة يبهتون العلماء ويرمونهم بما اللّه نزّههم عنه نحن نقول: لربّنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثّرى، وتحت الأرض السّابعة السّفلى، وما في السّماوات العلى، وما بينهما من صغيرٍ وكبيرٍ، لا يخفى على خالقنا خافيةٌ في السّماوات السّبع والأرضين السّبع، ولا ممّا بينهم ولا فوقهم، ولا أسفل منهنّ لا يغيب عن بصره من ذلك شيءٌ، يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الّذي هو مستوٍ عليه وبنو آدم وإن كانت لهم عيونٌ يبصرون بها فإنّهم إنّما يرون ما قرب من أبصارهم، ممّا لا حجاب ولا ستر بين المرئيّ وبين أبصارهم، وما يبعد منهم، إن كان يقع اسم القرب عليه في بعض الأحوال، لأنّ العرب الّتي خوطبنا بلغتها قد تقول: قرية كذا منّا قريبةٌ، وبلدةٌ كذا قريبةٌ منّا، ومن بلدنا، ومنزل فلانٍ قريبٌ منّا،
[التوحيد: 1/114]
وإن كان بين البلدين وبين القريتين وبين المنزلين فراسخ والبصير من بني آدم لا يدرك ببصره شخصًا آخر، من بني آدم، وبينهما فرسخان فأكثر، وكذلك لا يرى أحدٌ من الآدميّين ما تحت الأرض إذا كان فوق المرئيّ من الأرض والتّراب قدر أنملةٍ، أو أقلّ منها بقدر ما يغطّى ويوارى الشّيء، وكذلك لا يدرك بصره إذا كان بينهما حجابٌ من حائطٍ، أو ثوبٍ صفيقٍ، أو غيرهما ممّا يستر الشّيء عن عين النّاظر، فكيف يكون يا ذوي الحجا مشبّهًا من يصف عين اللّه بما ذكرنا، وأعين بني آدم بما وصفنا ونزيد شرحًا وبيانًا نقول: عين اللّه عزّ وجلّ قديمةٌ، لم تزل باقيةً، ولا يزال محكومٌ لها بالبقاء، منفيٌّ عنها الهلاك، والفناء، وعيون بني آدم محدثةٌ مخلوقةٌ، كانت عدمًا غير مكوّنةٍ، فكوّنها اللّه، وخلقها بكلامه الّذي هو: صفةٌ من صفات ذاته، وقد قضى اللّه وقدّر أنّ عيون بنى آدم تصير إلى بلاءٍ، عن قليلٍ، واللّه نسأل خير ذلك المصير، وقد يعمي اللّه عيون كثيرٍ من الآدميّين فيذهب بأبصارها قبل نزول المنايا بهم، ولعلّ كثيرًا من أبصار الآدميّين فيذهب بأبصارها قبل نزول المنايا بهم، ولعلّ كثيرًا من أبصار الآدميّين قد سلّط خالقنا عليها ديدان الأرض حتّى تأكلها، وتفنيها بعد نزول المنيّة بهم، ثمّ ينشئها اللّه بعد، فيصيبها ما قد ذكرنا قبل في ذكر الوجه، فما الّذي يشبّه - يا ذوي الحجا - عين اللّه الّتي هي موصوفةٌ بما ذكرنا عيون بني آدم الّتي وصفناها بعد؟
[التوحيد: 1/115]
ولست أحسب: لو قيل لبصيرٍ لا آفة ببصره، ولا علّة بعينه، ولا نقص، بل هو أعين، أكحل، أسود الحدق، شديد بياض العينين، أهدب الأشفار: عينك كعين فلانٍ الّذي هو صغير العين، أزرق، أحمر بياض العينين، قد تناثرت أشفاره، وسقطت، أو كان أخفش العين، أزرق، أحمر بياض العينين، قد تناثرت أشفاره، وسقطت، أو كان أخفش العين، أزرق، أحمر بياض شحمها، يرى الموصوف الأوّل: الشّخص من بعيدٍ، ولا يرى الثّاني مثل ذلك الشّخص من قدر عشر ما يرى الأوّل، لعلّةٍ في بصره، أو نقصٍ في عينه، إلّا غضب من هذا وأنف منه، فلعلّه يخرج إلى القائل له ذلك إلى المكروه من الشّتم والأذى ولست أحسب عاقلًا يسمع هذا المشبّه عيني أحدهما بعيني الآخر، إلّا هو يكذّب هذا المشبّه عين أحدهما بعين الآخر، ويرميه بالعته، والخبل والجنون، ويقول له: لو كنت عاقلًا يجري عليك القلم: لم تشبّه عيني أحدهما بعيني الآخر، وإن كانا جميعًا يسمّيان بصيرين، إذ ليسا بأعميين، ويقال: لكلّ واحدٍ منهما عينان يبصر بهما، فكيف لو قيل له: عينك كعين الخنزير، والقرد، والدّبّ، والكلب، أو غيرها من السّباع، أو هوامّ الأرض، والبهائم، فتدبّروا يا ذوي الألباب أبين عيني خالقنا الأزليّ الدّائم الباقي، الّذي لم يزل ولا يزال، وبين عيني الإنسان من الفرقان أكثر، أو ممّا بين أعين بني آدم وبين عيون ما ذكرنا؟
[التوحيد: 1/116]
تعلموا وتستيقنوا أنّ من سمّى علماءنا مشبّهةً غير عالمٍ بلغة العرب، ولا يفهم العلم، إذ لم يجز تشبيه أعين بني آدم بعيون المخلوقين، من السّباع والبهائم، والهوامّ، وكلّها لها عيونٌ يبصرون بها، وعيون جميعهم محدثةٌ مخلوقةٌ، خلقها اللّه بعد أن كانت عدمًا، وكلّها تصير إلى فناءٍ وبلى، وغير جائزٍ إسقاط اسم العيون والأبصار عن شيءٍ منها، فكيف يحلّ لمسلمٍ - لو كانت الجهميّة من المسلمين - أن يرموا من يثبت للّه عينًا بالتّشبيه، فلو كان كلّ ما وقع عليه الاسم كان مشبهًا لما يقع عليه ذلك الاسم، لم يجز قراءة كتاب اللّه، ووجب محو كلّ آيةٍ بين الدّفّتين فيها ذكر نفس اللّه، أو عينه، أو يده، ولوجب الكفر بكلّ ما في كتاب اللّه عزّ وجلّ من ذكر صفات الرّبّ، كما يجب الكفر بتشبيه الخالق بالمخلوق، إلّا أنّ القوم جهلةٌ، لا يفهمون العلم، ولا يحسنون لغة العرب، فيضلّون ويضلّون واللّه نسأل العصمة والتّوفيق والرّشاد في كلّ ما نقول وندعو إليه
[التوحيد: 1/117]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البيان, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir