17/1317 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ يَقْعُدَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ يَقْعُدَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ).
وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ، كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَفِيهِ كَلامٌ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إنَّهُ كَثِيرُ الْغَلَطِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ قُعُودِ الْخَصْمَيْنِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ، وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُسْلِمٍ؛ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْمُسْلِمَ، كَمَا فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَ غَرِيمِهِ الذِّمِّيِّ عِنْدَ شُرَيْحٍ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ بِسَنَدِهِ، قَالَ: وَجَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دِرْعاً لَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ الْتَقَطَهَا، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: دِرْعِي سَقَطَتْ عَنْ جَمَلٍ لِي أَوْرَقَ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: دِرْعِي وَفِي يَدِي.
ثُمَّ قَالَ الْيَهُودِيُّ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَتَوْا شُرَيْحاً، فَلَمَّا رَأَى عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُقَدْ أَقْبَلَ تَحَرَّفَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَجَلَسَ عَلِيٌّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: لَوْ كَانَ خَصْمِي مِن الْمُسْلِمِينَ لَسَاوَيْتُهُ فِي الْمَجْلِسِ، لَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجْلِسِ)) وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
قَالَ شُرَيْحٌ: مَا تَشَاءُ يَا أَمِيرَ الْمُومِنِينَ، قَالَ: دِرْعِي سَقَطَ عَنْ جَمَلٍ لِي أَوْرَقَ، فَالْتَقَطَهَا هَذَا الْيَهُودِيُّ. قَالَ شُرَيْحٌ: مَا تَقُولُ يَا يَهُودِيُّ؟ قَالَ: دِرْعِي وَفِي يَدِي.
قَالَ شُرَيْحٌ: صَدَقْتَ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّهَا لَدِرْعُكَ، وَلَكِنْ لا بُدَّ لَكَ مِنْ شَاهِدَيْنِ، فَدَعَا قَنْبَراً وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَشَهِدَا إنَّهَا لَدِرْعُهُ.
فَقَالَ شُرَيْحٌ: أَمَّا شَهَادَةُ مَوْلاكَ فَقَدْ أَجَزْنَاهَا، وَأَمَّا شَهَادَةُ ابْنِكَ لَكَ فَلا نُجِيزُهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَمَا سَمِعْتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، قَالَ: اللَّهُمَّ، نَعَمْ. قَالَ: أَفَلا تُجِيزُ شَهَادَةَ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟
ثُمَّ قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: خُذ الدِّرْعَ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ جَاءَ مَعِي إلَى قَاضِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَضَى لِي، وَرَضِيَ، صَدَقْتَ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّهَا لَدِرْعُكَ سَقَطَتْ عَنْ جَمَلٍ لَكَ، الْتَقَطْتُهَا، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، فَوَهَبَهَا لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَجَازَهُ بِتِسْعِمِائَةٍ، وَقُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ صِفِّينَ. ا هـ.
وَقَوْلُ شُرَيْحٍ: وَاللَّهِ إنَّهَا لَدِرْعُكَ، كَأَنَّهُ عَرَفَهَا، وَيَعْلَمُ أَنَّهَا دِرْعُهُ، لَكِنَّهُ لا يَرَى الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ، كَمَا أَنَّهُ لا يَرَى شَهَادَةَ الْوَلَدِ لأَبِيهِ، فَانْظُرْ مَا أَبْرَكَ الْعَمَلَ بِالْحَقِّ مِن الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَمَا آلَ إلَيْهِ مِن الْخَيْرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ.