سورة المزمل
قوله عز وجل: {قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه} (73: 2، 3، 4).
فيه سؤال، وهو: أن «نصفه» إعرابه بدل من «قليلاً» ولا شك أن القليل لا يصل إلى النصف، فقد أبدل الأكثر من الأقل، والأكثر لا يبدل من الأقل في لسان العرب. وقد تكلف الزمخشري لهذا، فقال: المراد بالقليل هاهنا النصف وسماه قليلاً لخلوه من الصلاة، لأن ما اشتمل على طاعة الله تعالى لا يساويه ما لم يشتمل عليها، فهو بدل الشيء من الشيء لا بدل الأكثر من الأقل. وهذا تكلف لا يسوغ إذ مثل هذا التأويل لا يعدم في كثير من الصور مع امتناع الإبدال.
والجواب: أن المراد بالليل هاهنا الليالي بأسرها لأنه لم يكن «ثم» معهود فيصرف إليه الكلام. فيكون معنى الكلام: قم الليالي إلا قليلاً منها، وهي ليالي الأعذار والأسفار ويكون «نصفه» بدلاً مما بقي بعد الاستثناء
[فوائد في مشكل القرآن: 248]
فيكون بدل الأقل من الأكثر.
سؤال: خير الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بين نصف الليل وأقل منه وأكثر، فهل ذلك كسائر الواجبات المخير فيها.
جوابه: ليس هذا كالواجب المخير، لأن الثلث هاهنا متحتم عليه قيامه على كل تقدير. فالثلث واجب وجوبًا مطلقًا، وما عداه مندوب مطلقًا، فما وجد واجب على التخيير في هذه الصورة.
وأما قوله تعالى: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه} (73: 20).
فقرئ بنصب «الثلث» و«النصف» وخفضهما. ولا تدل قراءة الخفض على أن الواجب دون الثلث، لأن ذلك كان يترك على وجه السهو، لأنهم كانوا يجتهدون فيه.
[فوائد في مشكل القرآن: 249]