دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > جمال القراء وكمال الإقراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو القعدة 1431هـ/26-10-2010م, 10:09 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الكتاب الثامن: كتاب مراتب الأصول وغرائب الفصول



الكتاب الثامن


كتاب


مراتب الأصول وغرائب الفصول

حدثني أبو المظفر بن فيروز الجوهري رحمه الله قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر قال: ثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري قال: ثنا أبو علي الحسين بن ميمون بن محمد بن عبد الغفار، ثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه، حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي، أخبرنا سليمان بن داود عن ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عباس كان يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل كالريح المرسلة".
قال النسائي: وأخبرنا نصر بن علي عن معتمر عن أبيه عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: قال لنا ابن عباس: "أي القراءتين تقرءون؟ قلنا: قراءة عبد الله.
قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه القرآن في كل عام مرة، وإنه عرض عليه العام الذي قبض فيه مرتين، فشاهد عبد الله ما نسخ".
[2/423]
وبالإسناد، أخبرنا عمرو بن منصور، حدثنا عاصم بن يوسف، ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه القرآن في كل رمضان، فلما كان العام الذي قبض فيه النبي صلى الله عليه وسلم عرض عليه مرتين. وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين".
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتاب "القراءات" له: هذه تسمية أهل القرآن من السلف على منازلهم وتسميتهم وآرائهم.
فمما نبدأ بذكره في كتابنا هذا سيد المرسلين وإمام المتقين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أنزل عليه القرآن، ثم المهاجرون والأنصار وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حفظ عنه منهم في القراءة شيء وإن كان ذلك حرفا واحدا فما فوقه.
قال: فمن المهاجرين أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله
[2/424]
بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن السائب قارئ مكة.
ومن الأنصار رضي الله عنهم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو مجمع بن جارية، وأنس بن مالك.
قال: ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلمعائشة وحفصة وأم سلمة.
وقال: وقد علمنا أن بعض من ذكرنا أكثر في القراءة وأعلى من بعض، غير أنا سميناهم على منازلهم في الفضل والإسلام. وإنما خصصنا بالتسمية كل من وصف القراءة وحكي عنه منها شيء وإن كان يسيرا، وأمسكنا عن ذكر من لم يبلغنا عنه منها شيء وإن كانوا أئمة هداة في الدين.
فأما سالم الذي ذكرناه فإنه كان مولى لامرأة من الأنصار، وإنما نسبناه لأبي حذيفة لأنه به يعرف. وأما حذيفة بن اليمان فإنه عداده في الأنصار، وإنما ذكرناه في المهاجرين لأنه خرج مع أبيه مهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن من ساكني المدينة فهو مهاجري الدار أنصاري العداد، ونسبه في عبس بن قيس عيلان.
قال أبو عبيد رحمه الله:
ثم التابعون: فمنهم من أهل المدينة سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير،
[2/425]
وسالم بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز قد كان بالمدينة والشام، وسليمان بن يسار، وعبد الرحمن بن هرمز الذي يعرف بالأعرج، وابن شهاب، وعطاء بن يسار، ومعاذ بن الحارث الذي يعرف بمعاذ القارئ، وزيد بن أسلم.
قال: ومن أهل مكة عبيد الله بن عمير الليثي، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس، وعكرمة مولى ابن عباس، وعبد الله بن أبي مليكة.
ومن أهل الكوفة علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، ومسروق
[2/426]
ابن الأجدع، وعبيدة السلماني، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس، والربيع بن خثيم، وعمرو بن ميمون، وأبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، وسعيد بن جبير، وإبراهيم بن يزيد النخعي، وعامر الشعبي وهو عامر بن شراحيل.
ومن أهل البصرة: عامر بن عبد الله وهو الذي يعرف بابن عبد قيس، كان يقرئ الناس، وأبو العالية الرياحي، وأبو رجاء العطاردي، ونصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر، ثم انتقل إلى خراسان، وجابر
[2/427]
بن زيد، والحسن بن أبي الحسن، ومحمد بن سيرين، وقتادة بن دعامة.
ومن أهل الشام: المغيرة بن شهاب المخزومي صاحب عثمان بن عفان في القراءة. قال: كذلك حدثني هشام بن عمار الدمشقي، قال: حدثني عراك بن خالد المري قال: سمعت يحيى بن الحارث الذماري يقول: ختمت القرآن على عبد الله بن عامر اليحصبي، وقرأ عبد الله بن عامر على المغيرة بن شهاب المخزومي، وقرأ المغيرة على عثمان ليس بينه وبينه أحد.
قال: فهؤلاء الذين سميناهم من الصحابة والتابعين هم الذين يحكى عنهم عظم القراءة، وإن كان الغالب عليهم الفقه والحديث
قال: ثم قام من بعدهم بالقرآن قوم ليست لهم أسنان من ذكرنا ولا قدمتهم، غير أنهم تجردوا للقراءة واشتدت بها عنايتهم ولها طلبهم، حتى صاروا بذلك أئمة يأخذها الناس عنهم ويقتدون بهم فيها، وهم خمسة عشر رجلا من هذه الأمصار المسماة، في كل مصر منهم ثلاثة رجال:
فكان من قراء المدينة أبو جعفر القارئ واسمه يزيد بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وشيبة بن نصاح مولى أم سلمة زوج النبي
[2/428]
صلى الله عليه وسلم، ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم وكان أقدم هؤلاء الثلاثة أبو جعفر، قد كان يقرئ الناس بالمدينة قبل وقعة الحرة، حدثنا ذلك إسماعيل بن جعفر عنه.
ثم كان بعده شيبة على مثل منهاجه ومذهبه، ثم ثلثهما نافع بن أبي نعيم وإليه صارت قراءة أهل المدينة، وبها تمسكوا إلى اليوم، فهؤلاء قراء أهل الحجاز في دهرهم.
وكان من قراء مكة عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الذي يقال له الأعرج، ومحمد بن محيصن، فكان أقدم هؤلاء الثلاثة ابن كثير، وإليه صارت قراءة أهل مكة، وأكثرهم به اقتدوا فيها. وكان حميد بن قيس قرأ على مجاهد قراءته فكان يتبعها لا يكاد يعدوها إلى غيرها، وكان ابن محيصن أعلمهم بالعربية وأقومهم عليها. فهؤلاء قراء أهل مكة في زمانهم.
وكان من قراء الكوفة يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النجود، والأعمش، وكان أقدم الثلاثة وأعلاهم يحيى، يقال: إنه قرأ على عبيد الله بن نضيلة صاحب عبد الله، ثم تبعه عاصم وكان أخذ القراءة عن أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش، ثم كان الأعمش فكان إمام الكوفة المقدم في زمانه عليهم حتى بلغ إلى أن قرأ عليه طلحة بن مصرف وكان أقدم من الأعمش، فهؤلاء الثلاثة
[2/429]
هم رؤساء الكوفة في القراءة، ثم تلاهم حمزة بن حبيب الزيات رابعا، وهو الذي صار عظم أهل الكوفة إلى قراءته من غير أن يطبق عليه جماعتهم، وكان ممن اتبع حمزة في قراءته سليم بن عيسى وممن وافقه، وكان ممن فارقه أبو بكر بن عياش فإنه اتبع عاصما وممن وافقه. وأما الكسائي فإنه كان يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا. فهؤلاء قراء أهل الكوفة.
وكان ممن قراء أهل البصرة عبد الله بن أبي إسحق الحضرمي، وأبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر الثقفي، وكان أقدم الثلاثة ابن أبي إسحق، وكانت قراءته مأخوذة عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، وكان عيسى بن عمر عالما بالنحو غير أنه كان له اختيار في القراءة على مذاهب العربية يفارق قراءة العامة ويستنكرها الناس، وكان الغالب عليه حب النصب ما وجد إليه سبيلا، منه
[2/430]
قوله: {حمالة الحطب} و{الزانية والزاني}، {والسارق والسارقة}، وكذلك قوله: {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم}.
والذي صار إليه أهل البصرة فاتخذوه إماما أبو عمرو بن العلاء، فهؤلاء قراء أهل البصرة، وقد كان لهم رابع وهو عاصم الجحدري، لم يرو عنه في الكثرة ما روي عن هؤلاء الثلاثة.
وكان من قراء أهل الشام عبد الله بن عامر اليحصبي، ويحيى بن الحارث الذماري، وثالث قد سمي لي بالشام ونسيت اسمه. فكان أقدم هؤلاء الثلاثة عبد الله بن عامر، وهو إمام أهل دمشق في دهره، وإليه صارت قراءته، ثم اتبعه يحيى بن الحارث الذماري وخلفه في القراءة وقام مقامه. قال: وقد ذكروا لي الثالث بصفة لا أحفظها، فؤلاء قراء الأمصار الذين كانوا بعد التابعين.
قلت: هو خليد بن سعد صاحب أبي الدرداء، لكن أطبق أهل الشام
[2/431]
على ابن عامر يحيى بن الحارث وأهل الآفاق، ورجع يحيى إلى قراءته والنقل عنه والتعويل عليه.
وهذا الذي ذكره أبو عبيد رحمه الله يعرفك كيف كان هذا الشأن من أول الإسلام إلى آخر ما ذكره.
فلما كان العصر الرابع سنة ثلاثمائة وما قاربها كان أبو بكر بن مجاهد رحمه الله قد انتهت إليه الرئاسة في علم القراءة، وتقدم في ذلك على أهل ذلك العصر، اختار من القراءات ما وافق خط المصحف، ومن القراء بها ما اشتهرت عدالته وفاقت معرفته، وتقدم أهل زمانه في الدين والأمانة والمعرفة والصيانة، واختاره أهل عصره في هذا الشأن وأطبقوا على قراءته، وقصد من سائر الأقطار، وطالت ممارسته للقراءة والإقراء، وخص في ذلك بطول البقاء، ورأى أن يكونوا سبعة تأنسا بهذه المصاحف الأئمة، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف من سبعة أبواب)) فاختار هؤلاء القراء السبعة أئمة الأمصار، فكان أبو بكر رحمه الله أول من اقتصر على هؤلاء السبعة وصنف كتابه في قراءتهم، واتبعه الناس على ذلك ولم يسبقه أحد إلى تنصيف قراءة هؤلاء السبعة.
وقد تكلم محمد بن جرير الطبري في قراءة ابن عامر رحمه الله فقال: وقد زعم بعضهم أن عبد الله بن عامر أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي وعليه قرأ القرآن، وأن المغيرة قرأ على عثمان بن عفان. قال: وهذا غير معروف عن
[2/432]
عثمان، وذلك أنا لا نعلم أحدا ادعى أن عثمان أقرأه القرآن، بل لا نحفظ عنه من حروف القرآن إلا أحرفا يسيرة، ولو كان سبيله في الانتصاب لأخذ القرآن على من قرأ عليه السبيل التي وصفها الراوي عن المغيرة بن أبي شهاب ما ذكرنا، كان لا شك قد شارك المغيرة في القراءة عليه والحكاية عنه غيره من المسلمين، إما من أدانيه وأهل الخصوص به، وإما من الأباعد والأقاصي، فقد كان له من أقاربه وأدانيه من هو أمس رحما وأوجب حقا من المغيرة كأولاده وبني أعمامه ومواليه وعشيرته، ومن الأباعد من لا يحصى عدده كثرة، وفي عدم مدعي ذلك عن عثمان الدليل الواضح على بطول قول من أضاف قراءة عبد الله بن عامر إلى المغيرة بن أبي شهاب، ثم إلى أن أخذها المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان قراءة عليه.
قال: وبعد، فإن الذي حكى ذلك وقاله رجل مجهول من أهل الشام، لا يعرف بالنقل في أهل النقل، ولا بالقرآن في أهل القرآن يقال له عراك بن خالد المري، ذكر ذلك عنه هشام بن عمار، وعراك لا يعرفه أهل الآثار، ولا نعلم أحدا روى عنه غير هشام بن عمار، قال: وقد حدثني بقراءة عبد الله بن عامر كلها العباس بن الوليد البيروتي، وقال: حدثني عبد الحميد بن بكار عن أيوب بن تميم عن يحيى بن الحارث عن عبد الله بن عامر اليحصبي أن هذه حروف أهل الشام التي يقرءونها، قال: فنسب عبد الله بن عامر قراءته إلى أنها حروف أهل الشام في هذه الرواية التي رواها لي العباس بن الوليد ولم يضفها إلى أحد منهم بعينه. ولعله أراد بقوله: إنها حروف أهل الشام أنه قد أخذ ذلك عن جماعة من قرائها، فقد كان أدرك منهم من الصحابة وقدماء السلف خلقا كثيرا، ولو كانت قراءته أخذها كما ذكر عن عراك بن خالد، عن يحيى بن الحارث عنه عن المغيرة بن أبي شهاب، عن عثمان بن عفان لم يكن ليترك بيان ذلك إن شاء الله مع جلالة قدر عثمان ومكانه عند أهل الشام ليعرفهم بذلك فضل حروفه على غيرها من حروف القراء.
[2/433]
وهذا قول ظاهر السقوط: أما قوله: إنا لا نعلم أحدا ادعى أن عثمان أقرأه القرآن فهذا غير صحيح، فإن أبا عبد الرحمن السلمي رحمه الله قرأ على عثمان رضي الله عنه، وروى أنه علمه القرآن، وقرأ أيضا على عثمان رحمه الله أبو الأسود الدؤلي، وروى الأعمش عن يحيى بن وثاب عن زر بن حبيش الأسدي عن أبي عمرو عثمان بن عفان رضي الله عنه وذكر حروفا من القرآن تكون أربعين حرفا. وقال لي شيخنا أبو القاسم الشاطبي رحمه الله: إياك وطعن الطبري على ابن عامر. ثم إن هذا لا يلزم، إذ لا يمتنع أن يكون المغيرة وحده لرغبة المغيرة في ذلك، أو لأن عثمان رحمه الله أراد أن يخصه بذلك، وقد رأينا من العلماء المشهورين من لم يأخذ عنه إلا النفر اليسير، بل منهم من لم يأخذ عنه إلا رجل واحد، هذا لو انفرد المغيرة بالأخذ عنه. وقد أخذ عنه أبو عبد الرحمن، وأبو الأسود الدؤلي، وزر بن حبيش كما تقدم.
وما ذكره من أن عثمان رحمه الله ما انتصب لإقراء القرآن فقد تبين بقراءة من ذكرناه عليه خلاف ذلك.
وأما قوله: قد كان له من أقاربه من هو أوجب حقا من المغيرة، فهذا لا يلزم أيضا، إنما يكون هنا قادحا لو كان غير المغيرة من أقاربه قد سأله ذلك فأبى أن يقرئه، فأما كون أقاربه لم يقرءوا عليه فكثير من العلماء قد أخذ عنهم الأجانب والأباعد دون الأقارب. وعن قتادة: أزهد الناس في العالم أهله. وعن الحسن: أزهد الناس في العالم جيرانه.
وأما قوله في عراك: إنه مجهول لا يعرف بالنقل في أهل النقل، ولا بالقرآن في
[2/434]
أهل القرآن، فكفى به تعريفا وتعديلا أخذ هشام عنه، وهشام ثقة أمين عند أئمة الحديث، وما كان هشام ليقدم على هذه العظيمة فيسند كتاب الله عز وجل عن رجل مجهول غير عدل، فإن كان الطبري لم يعرفه فلا يضره ذلك وقد عرفه هشام.
وأما ما رواه عن ابن عامر أنه قال: هذه حروف أهل الشام التي يقرءونها فليس في ذلك ما يناقض رواية هشام عن عراك، بل في ذلك تأييد لروايته وتقوية لها، إذ كان أهل الشام قد أجمعوا عليها، ولا يلزمه أن يذكر الإسناد في كل وقت، ومن أين للطبري أن كان يقول ذلك في كل وقت ولا يذكر إسنادا.
وفساد قوله ظاهر لمن تأمله، وقد تابعه على ذلك عبد الواحد بن أبي هاشم صاحب ابن مجاهد رحمه الله قال: وكان ممن حفظت عنه تضعيف إسناد قراءة ابن عامر أبو بكر شيخنا ومحمد بن جرير، قال: وهذان كانا علمي زمانهما. وذكر عن الطبري نحوا مما ذكرته ثم قال: وأما أبو بكر شيخنا فإني سمعته يقول: إنما قراءة ابن عامر شيء جاءنا من الشام، ثم قال: يعني بذلك – والله أعلم – أنها لم تجئ القراءة عن الأئمة التي تقوم بأسانيدها الحجة. ثم قال بعد ذلك: ولولا أن أبا بكر شيخنا جعله سابعا لأئمة القراء فاقتدينا بفعله لما كان إسناد قراءته مرضيا، ولكان أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش بذلك أولى منه، إذ كانت قراءته منقولة عن الأئمة المرضيين وموافقة للمصحف المأمور باتباع ما فيه.
[2/435]
فأما قول ابن مجاهد: إنما قراءة ابن عامر شيء جاءنا من الشام، فلا يدل ذلك على ما تأوله ابن أبي هاشم، ومن أين تكون قراءة ابن عامر إلا من تلك الجهة؟ وكيف يريد ذلك ويطعن على رواتها وهم أئمة ثقات!
وأما قوله: إنه كان يبدل منه قراءة الأعمش، فما عرف غرض ابن مجاهد رحمه الله، إنما قصد ابن مجاهد أمرين: أحدهما أن يأتي بسبعة أئمة للمعنى الذي قدمت ذكره. والثاني أن يكون من البقاع التي سير إليها عثمان رضي الله عنه المصاحف، لأن كل من في تلك البقاع إنما قرأ أهلها بما في تلك المصاحف، فأراد رحمه الله أن يأتي بقراءة أهل الشام التي في مصحفهم، ولو جعل الأعمش أو غيره سابعا لم يحصل هذا الغرض، فذكر الأمصار الخمس لهذا المعنى، وذكر ثلاثة من أهل الكوفة للمعنى الآخر وهو مراعاة عدد السبعة الأحرف التي نزل بها القرآن، والسبعة الأبواب التي نزل منها. والدليل على أن ابن مجاهد لم يرد ما تأوله عبد الواجد أنه قال في كتابه: وعلى قراءة ابن عامر أهل الشام وبلاد الجزيرة إلا نفرا من أهل مصر فإنهم ينتحلون قراءة نافع، والغالب على أهل الشام قراءة عبد الله بن عامر اليحصبي.
ثم قال: فهؤلاء السبعة من أهل الحجاز والعراق والشام خلفوا في القراءة التابعين، وأجمع على قراءتهم العوام من أهل كل مصر من هذه الأمصار وغيرها من البلدان التي تقرب من هذه الأمصار، إلا أن يستحسن رجل لنفسه حرفا شاذا فيقرأ به من الحروف التي رويت عن بعض الأوائل منفردة، فذلك غير داخل في قراءة العوام، ولا ينبغي لذي لب أن يتجاوز ما مضت عليه الأئمة والسلف بوجه يراه جائزا في العربية، أو مما قرأ به قارئ غير مجمع عليه.
وقد أضاف قوم بعد ابن مجاهد إلى هؤلاء السبعة يعقوب الحضرمي، كأن
[2/436]
فاعل ذلك نسب ابن مجاهد إلى التقصير في اقتصاره على السبعة، ولم بكن عالما بغرض ابن مجاهد. وقراءة يعقوب خارجة عن غرض ابن مجاهد لنزول الإسناد، لأنه قرأ على سلام بن سليمان، وقرأ سلام على عاصم، ولما في قراءته من الخروج على قراءة العامة. وكذلك من صنف العشرة.
فإن قيل: فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أراد أن يقرأ القرآن غضا فليقرأ بقراءة ابن أم عبد)) يعني ابن مسعود رحمه الله؟. قيل: معنى ذلك أن ابن مسعود كان يرتل القرآن إذا قرأ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ترتيل القراءة لا غير، وهذا قول الحسين بن علي الجعفي. وقراءة الكوفيين هي قراءة عبد الله، لأن عمر رضي الله عنه بعث إلى الكوفة ليعلمهم فأخذت عنه قراءته، ولم تزل قراءته معروفة ينقلها الناس عن أصحابه مثل علقمة، والأسود بن يزيد، ومسروق بن الأجدع، وأبي وائل، وأبي عمرو الشيباني، وزر بن حبيش، وعبيدة فلما جمع عثمان رضي الله عنه الناس على حرف كان أول من قرأ به بالكوفة أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، فأقرأ بجامع الكوفة أربعين سنة إلى أن مات في زمن الحجاج، وكان قد أخذ القراءة عن عثمان، وعلي، وابن مسعود، وزيد، وأبي، وقرأ على علي رضي الله عنه، وقرأ عليه علي وهو يمسك المصحف، وأقرأ الحسن والحسين. وعن عطاء بن السائب قال: كنا نقرأ على أبي عبد الرحمن وهو يمشي. وقال ابن عون الثقفي: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وكان الحسن بن علي يقرأ عليه. وقال أبو حصين: كنا نذهب بأبي عبد الرحمن من مجلسه وكان أعمى.
فلما مات أبو عبد الرحمن خلفه عاصم، وكان عاصم ممن أخذ عنه وعن
[2/437]
زر، وانتهت قراءة ابن مسعود إلى الأعمش، وقرأ عليه حمزة وعلى جماعة قد ذكرناهم في "فتح الوصيد". وممن قرأ عليه حمزة جعفر بن محمد الصادق، وقرأ جعفر عليه السلام على أبي الأسود الدؤلي، وقرأ أبو الأسود على علي عليه السلام، وقرأ علي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقراءة حمزة رحمه الله ترجع إلى عبد الله بن مسعود وإلى علي عليه السلام، فكان إذا حقق روى ذلك عن ابن أبي ليلى عن علي عليه السلام، وكان إذا حدر روى ذلك عن أبي محمد الأعمش عن عبد الله بن مسعود.
وحدثني الشيخ أبو البركات داود بن أحمد البغدادي رحمه الله، حدثنا الشيخ أبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد الشهرزوري رحمه الله قال: قرأت على الشريف أبي محمد أحمد بن علي بن محمد الهاشمي قال: قرأت على أبي علي الأهوازي، ثنا أبو عبد الله بن زاذان الكرخي، ثنا أبو العباس محمد بن الحسن بن يونس قال: قرأت على جعفر بن محمد الوزان قال: قرأت على سليم قال: قرأت على حمزة بن حبيب قال: قرأت على جعفر الصادق بالمدينة فقال. ما قرأ علي أقرأ منك، ولست أخالفك في شيء من قراءتك إلا في عشرة أحرف، فإني لست أقرأ بها وهي جيدة في العربية. قال: قلت: جعلت فداك، فيم تخالفني؟ قال: أنا أقرأ في سورة النساء {والأرحام} نصبا، وأقرأ {يبشر} بالتشديد، وأقرأ {تفجر}
[2/438]
بالتشديد، وأقرأ {وحرام على قرية} (بألف) وأقرأ {ويتناجون} بألف، وأقرأ {وما أنتم بمصرخي} بفتح الياء، وأقرأ {سلام على ال ياسين} مقطوعا، وأقرأ {ومكر السيء} بالخفض، وأظهر اللام عند التاء والثاء والسين نحو: {بل تأتيهم} و{هل تنقمون} و{هل ثوب}، و{بل سولت}، وأفتح الواو من قوله تعالى: {ولدا} و{ولده} في جميع القرآن، هكذا قراءة علي بن أبي طالب: وفي طريق أخرى: هكذا كان يقرأ علي بن أبي طالب. قال حمزة: فهممت أن أرجع عنها. وخيرت أصحابي فيها.
فتبين أن هذه المواضع المذكورة جاءت في قراءة حمزة رحمه الله من قراءة عبد الله
[2/439]
بن مسعود رحمه الله. قال الوزان: وأنا إذا قرأت لنفسي لا أقرأ إلا بها. كذا وقع في أصل السماع، وأظنه: لا أقرأ بها.
وقد قال سليم: سمعت حمزة يقول: ما قرأت حرفا إلا بأثر. وقال حمزة لشعيب بن حرب وقد قرأ عليه: يا أبا صالح، الزم هذه القراءة فما منها حرف إلا ولو شئت رويت لك فيه حديثا. وقال حسين الجعفي وقد ذكر له هذا عن حمزة: وهل يجوز إلا ذاك، وهل يتوهم عليه إلا ذاك. وقال أبو بكر بن عياش رحمه الله: وذكر حمزة عند الأعمش، فقال: ذاك تفاحة القراء، أو سيد القراء. وقال فيه أيضا: ما قرأ حرفا إلا بأثر. وقال سفيان الثوري رحمه الله: ما أراه قرأ حرفا إلا بأثر.
وقد اختار قوم قراءة عاصم ونافع فيما اتفقا عليه وقالوا: قراءة هذين الإمامين أصح القراءات سندا، وأفصحها في العربية، وبعدها في الفصاحة قراءة أبي عمرو والكسائي، وإذا اجتمع للحرف قوته في العربية وموافقة المصحف واجتماع العامة عليه فهو المختار عند أكثرهم. وإذا قالوا: قرأه العامة فإنما يريدون: ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة، فهو عندهم سبب قوي يوجب الاختيار، وربما اختاروا ما اجتمع عليه أهل الحرمين وسموه أيضا بالعامة.
وأدرك عاصم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرين، وهو أكثر السبعة رواية للحديث والآثار، وروى عن أبي رمثة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وممن روى عن عاصم عطاء بن أبي رباح، ومات عاصم رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائة.
وأما الكسائي فإن قراءته راجعة إلى حمزة وإلى حروف رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن علي رضي الله عنه، وعن عبد الله بن عباس وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما.
[2/440]
وحدثنا أبو البركات داود بن أحمد البغدادي، ثنا أبو الكرم الشهرزوري، أنا أبو القاسم علي بن أحمد، عن أبي الحسين الحمامي، عن أبي طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، ثنا أحمد بن فرج قال: سمعت محمد بن أبي عمر المقرئ يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت يعيني هاتين أصدق لهجمة من الكسائي. وكان الكسائي يجلس في مجلس حمزة متشحا بكساء، فإذا أراد حمزة القيام قال: اعرضوا على صاحب الكساء، فسمي لذلك الكسائي. ومما يؤيد هذا أنه أحرم في كساء، وقيل له: لم سميت بالكسائي؟ فقال: لأنني أحرمت في كساء.
وأما ابن كثير فكان إمام الناس في القراءة بمكة إلى أن مات سنة عشرين ومائة، وهو ينقل قراءته عن مجاهد بن جبر، عن عبد الله بن عباس، عن أبي بن كعب، وقرأ أبي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو طاهر عبد الواحد: وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيضا. فإن كان أراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ على أبي كما تقول: قرأ ابن عباس علي أبي، فذلك غلط عظيم وخطأ في دين الله عز وجل، إنما كان المعلم في ذلك الوقت يقرأ على المتعلم ليأخذ عنه قراءته، فأمره الله عز وجل أن يقرأ على أبي ليأخذ عنه القراءة عناية من الله عز وجل بأبي، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لعبد الله بن مسعود: ((اقرأ علي)). قال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((إني أريد أن أسمعه من غيري)). فأعظم عبد الله قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)) لما ألفه من قراءة المعلم على المتعلم. وقرأ مجاهد بن جبر أيضا على عبد الله بن السائب، وقرأ ابن السائب على أبي. وقال مجاهد بن جبر: كنا نفخر على الناس بقراءتنا على عبد الله بن السائب. وقال مجاهد: ختمت القرآن على ابن عباس تسع عشرة ختمة. ولو لم يكن لابن كثير إلا أن الشافعي رحمه الله قرأ بقراءته، قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: أخبرنا الشافعي رحمه الله قال: قرأت على ابن
[2/441]
قسطنطين، وأخبرني ابن قسطنطين أنه قرأ على شبل بن عباد، وأخبرني شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبره عبد الله أنه قرأ على مجاهد، وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب، وقرأ أبي على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبد الحكم: وأخبرنا الشافعي رحمه الله أنه قرأ على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، وقرأ إسماعيل على شبل، وقرأ شبل على ابن كثير، وقرأ ابن كثير على مجاهد وقرأ مجاهد على عبد الله بن السائب، وقرأ عبد الله بن السائب على أبي، وقرأ أبي على النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روى جماعة من الأئمة عن ابن كثير الحروف اليسيرة من قراءته مثل أبي عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، وحماد بن سلمة، وابن جريج وغيرهم.
وأما نافع رحمه الله فإنه أدرك جماعة من الأئمة المقتدى بهم في القرآن: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج مولى محمد بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع القارئ مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وشيبة بن نصاح مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وسالم بن جندب، ويزيد بن رومان وغيرهم.
قال نافع: فنظرت إلى ما اجتمع عليه أكثر من واحد فأخذت به وما شذ فيه واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة في هذه الحروف التي اجتمعوا عليها. قال قالون: وكان نافع أكثر اتباعا لشيبة من اتباعه لأبي جعفر. وقال الأصمعي: قال لي نافع: تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفا.
قال سليمان بن مسلم: سمعت أبا جعفر يحكي لنا قراءة أبي هريرة في: {إذا الشمس كورت} يحزنها شبه الرثاء.
[2/442]
قال سليمان: ورجع شيبة إلى قراءة أبي جعفر بعد ما مات أبو جعفر. قال نافع: لما غسل أبو جعفر رحمه الله نظر فإذا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف. قال: فما شك من حضر أنه نور القرآن.
وقال الليث بن سعد رحمه الله: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة وإمام الناس في القراءة نافع بن أبي نعيم. وقال أبو عبد الله محمد بن إسحق المسيبي: سأل الكسائي أمير المؤمنين أن يجمع بينه وبين أبي، فسأله عن {ما لي لا أعبد} و{ما لي لا أرى الهدهد}، {ولي نعجة} {ولي الدين} فنصب: {ما لي لا أعبد}، و{ولي دين} ووقف على: {ما لي لا أرى الهدهد} و{لي نعجة}.
فقال الكسائي: هذا مما لا أعلمه بعلمي ولا يعلمه أحد إلا بالتعلم. ثم سأله عن حروف: كيف كان أبو جعفر يقرأها؟ وكيف كان شيبة يقرأها؟ فقال له: قراءة نافع فيها كذا وكذا، وهي قراءتنا وإنه قد كفانا المؤنة حتى لو أدركنا من أدرك ما عدونا نافعا أنه أخبرنا أنه أدرك هؤلاء القوم، فنظر إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذه، وما شذ فيه واحد فتركه. قال: فإني على حال أحب أن تعلمني، فأبى،
[2/443]
فكلم الكسائي الفضل، وذكر أنه إنما سأل أمير المؤمنين هارون هذا المجلس لهذا المعنى، فقال له الفضل: أحب أن تجيبه إن خف عليك، فإن له من أمير المؤمنين ومنا مكانا. فقال: ما يثقل علي أن أكون أعلمه إلا أنه شيء قد أمتناه بالمدينة واجتمعوا على قراءة نافع. قال: فإني أحب أن تفعل، قال: سل عما بدا لك، فأخذ يسأله وهو يجيبه: قال فيها أبو جعفر، وشيبة، وفلان.
وقال محمد بن إسحق: أخبرني أبي أنه لما صلى بالناس بالمدينة جهر بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} قال: فأتاني الأعشى أبو بكر، ابن أخت مالك بن أنس رحمه الله فقال: إن أبا عبد الله يقرأ عليك السلام ورحمة الله ويقول لك: من خفته على خلاف أهل المدينة، فإنك ممن لم أخف، وقد كان منك شيء.
قلت: وما هو ؟ قال: الجهر بـ {بسم الله الرحمن الرحيم}. قال: فأبلغه عني السلام كما أبلغتني وقل له: إني كثيرا ما سمعتك تقول: لا تأخذوا عن أهل العراق، فإني لم أدرك أحدا من أصحابنا يأخذ عنهم، وإنما جئت في تركها عن حميد الطويل، فإن أحببت أخذنا عن أهل العراق أخذنا هذا وغيره من قولهم، وإلا تركنا حميدا مع غيره فلم يكن علي به حجة، وقد سمعتك كثيرا ما تقول: خذوا كل علم عن أهله، وعلم القرآن بالمدينة عن نافع، فسألته عن قراءة {بسم الله الرحمن الرحيم} فأقرأني بها وقال: أشهد أنها من السبع المثاني، وأن الله عز وجل أنزلها.
وحدثني عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر أنه كان يبتدئ بها ويفتتح كل سورة. وحدثني ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، قال: مضت السنة بقراءة {بسم الله الرحمن الرحيم}. وقال ابن وهب: قال مالك: استشارني نافع بن أبي نعيم في الإمامة فأشرت عليه ألا يفعل وقلت له: إنك إمام، وتزل، وتحمل زلتك في الآفاق.
وقال أبو قرة موسى بن طارق: قرأت على نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم
[2/444]
المدني بالمدينة، وقال نافع حين قرأت عليه: إنه قرأ على سبعين من التابعين. وقال ابن وهب رحمه الله: قراءة أهل المدينة سنة، فقيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم.
وقال ابن أبي أويس: قال لي مالك: قرأت على نافع بن أبي نعيم.
[2/445]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثامن, الكتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir