دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الأول 1430هـ/8-03-2009م, 10:01 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أحكام قسمة مال المحجور عليه في دين

ويَبيعُ الحاكمُ مالَه ويَقْسِمُ ثَمَنَه بقَدْرِ دُيونِ غُرمائِه، ولا يَحِلُّ مُؤَجَّلٌ بفَلَسٍ ولا بموتٍ إن وَثِقَ وَرَثَتُه برَهْنٍ أو كَفيلٍ مَلِيءٍ، وإن ظَهَرَ غَريمٌ بعدَ القِسمةِ رَجَعَ على الغُرماءِ بقِسطِه، ولا يَفُكُّ حَجْرَه إلا حاكمٌ.


  #2  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:24 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:35 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ويَبِيعُ الحاكمُ مَالَه)؛ أي: مالَ المُفْلِسِ الذي ليسَ مِن جِنْسِ الدَّيْنِ بثَمَنِ مِثْلِه أو أكثَرَ، (ويَقْسِمُ ثَمَنَه) فَوْراً (بقَدْرِ دُيُونِ غُرَمَائِه) الحالَّةِ؛ لأنَّ هذا هو جُلُّ المَقْصُودِ مِن الحَجْرِ عليه، وفي تأخيرِه مَطْلٌ وهو ظُلْمٌ لهم. (ولا يَحِلُّ) دَيْنٌ (مُؤَجَّلٌ بفَلَسِ) مدينٍ؛ لأنَّ الأجلَ حَقٌّ للمُفْلِسِ فلا يَسْقُطُ بفَلَسِه كسائرِ حُقوقِه. (ولا) يَحِلُّ مُؤَجَّلٌ أيضاً (بمَوْتِ) مَدِينٍ (إن وَثَقَ وَرَثَتَه برَهْنٍ) يُحْرَزُ (أو كفيلٍ مَلِيءٍ) بأَقَلِّ الأمرَيْنِ مِن قيمةِ التَّرِكَةِ أو الدَّيْنِ؛ لأنَّ الأجلَ حَقٌّ للمَيِّتِ فوُرِثَ عنه كسائرِ حُقوقِه، فإن لم يُوثَقُوا حَلَّ لغَلَبَةِ الضررِ. (وإن ظَهَرَ غريمٌ) للمُفْلِسِ (بعدَ القِسْمَةِ) لمالٍ لم تَنْقُصْ و (رَجَعَ على الغُرَمَاءِ بقِسْطِه)؛ لأنَّه لو كَانَ حاضراً شَارَكَهم، فكذا إذا ظَهَرَ، وإن بَقِيَ على المُفْلِسِ بَقِيَّةٌ وله صَنْعَةٌ أُجْبِرَ على التكَسُّبِ لوفائِها، كوَقْفٍ وأُمِّ وَلَدٍ يَسْتَغْنِي عَنْهُما. (ولا يَفُكُّ حَجْرَه إلا حاكمٌ)؛ لأنَّه ثَبَتَ بحُكْمِه فلا يَزُولُ إلا به، وإن وَفَّى ما عليه انفَكَّ الحَجْرُ بلا حاكمٍ لزوالِ مُوجِبِه.


  #4  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:36 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ويبيع الحاكم ماله) أي مال المفلس الذي ليس من جنس الدين ([1]) بثمن مثله أو أكثر ([2]).
(ويقسم ثمنه) فورًا (بقدر ديون غرمائه) الحالة ([3])لأن هذا هو جل المقصود من الحجر عليه ([4]) وفي تأخيره مطل، وهو ظالم لهم ([5]).
(ولا يحل) دين (مؤجل بفلس) مدين ([6]) لأن الأجل حق للمفلس فلا يسقط بفلسه كسائر حقوقه([7]) (ولا) يحل مؤجل أيضًا (بموت) مدين([8]) (إن وثق ورثته برهن) يحرز ([9]) (أو كفيل مليء) بأقل الأمرين من قيمة التركة، أو الدين([10]).
لأن الأجل حق للميت، فورث عنه، كسائر حقوقه ([11]) فإن لم يوثقوا حل، لغلبة الضرر ([12]) (وإن ظهر غريم) للمفلس (بعد القسمة) لماله لم تنقض ([13]) و (رجع على الغرماء بقسطه) ([14]).
لأنه لو كان حاضرًا شاركهم، فكذا إذا ظهر([15]) وإن بقي على المفلس بقية ([16]) وله صنعة، أُجبر على التكسب لوفائها ([17]) كوقف، وأُم ولد يستغني عنهما ([18]) (ولا يفك حجره إلا حاكم)([19]).
لأنه ثبت بحكمه، فلا يزول إلا به ([20]) وإن وفى ما عليه، انفك الحجر بلا حاكم، لزوال موجبه ([21]).



([1])أي الذي عليه، بنقد البلد، أو غالبه رواجًا، أو الأصلح، أو الذي من جنس الدين، على ما تقدم في الرهن، وهذا الحكم الرابع، وأما الذي من جنس الدين فلا حاجة إلى بيعه، وإنما يلزم الحاكم قسمه، وإن كان فيهم من دينه من غير جنس الأثمان، ورضي أن يأخذ عوضه من الأثمان جاز، وإلا اشتري له بحصته من الثمن، كدين سلم.
([2])أي بثمن مثل المبيع المستقر في وقته، وهو ما تنتهي إليه رغبات الراغبين، أو أكثر من ثمن مثله على الفور إن حصل راغبًا، قاله الشيخ وغيره، وقال: لأنه محجور عليه في ماله، فلا يتصرف له فيه إلا بالأحظ ويجب الاستقصاء، وعدم العجلة، حتى يبذل في الجميع قيمته في ذلك الوقت، إلا أن الشيخ يرى اختيار عدم الإجبار على البيع، إذا حصل كساد خارج عن العادة، لجدب ونحوه، ويبدأ بأقله بقاء، وأكثره كلفة، ويترك له ما يحتاجه من مسكن، وخادم لمثله بلا نزاع قاله في الإنصاف، وما يتجر به، كمؤنته أو آلة حرفته وله ولعياله أدنى نفقة مثلهم. وفي رواية: ما يقوم به معاشه. ولعله في حق من لا يمكنه التصرف ببدنه. ومذهب أبي حنيفة: يترك له المسن، ومذهب مالك والشافعي: تباع ويكترى له بدلها، لخبر «خذوا ما وجدتم».
([3])لا المؤجلة فلا يشاركون ذوي الديون الحالة و "فورًا"، حال من "قسم" و"بيع" أي من غير تراخ، فأوجبوا الفورية في البيع والقسم. وقول من قال: يقدم العامل في الزرع ونحوه. لا أصل له.
([4])أي لأن بيع المفلس، وقسمه على الغرماء فورًا، هو معظم مقصود الحجر على المفلس.
([5])أي المطل ظلم للغرماء، لأنه صلى الله عليه وسلم لما حجر على معاذ، باع ماله في دينه، وقسم ثمنه بين غرمائه، ولفعل عمر، ولاحتياجه إلى قضاء دينه، فجاز بيع ماله، وقسمه على غرمائه على الفور، وينبغي إحضاره مع غرمائه، ويبدأ بالمجني عليه، ثم بمن له رهن لازم، ثم بمن له عين مال ونحوه، بشرطه. ثم يقسم باقيه بين الغرماء، على قدر ديونهم، لقصة الرجل الذي ابتاع ثمارًا، فكثر دينه، فقال: ((تصدقوا عليه)) فلم يبلغ وفاء دينه، فقال لغرمائه «خذوا ما وجدتم، فليس لكم إلا ذلك».
([6])ذكره القاضي رواية واحدة، وظاهره: دين سلم أو غيره.
([7])ولأنه لا يوجب حلول ماله، فلا يوجب حلول ما عليه، وكما لا يحل الدين الذي له بموته، ولا يوقف له مال، ولا يرجع على الغرماء إذا حل، ويبقى في الذمة إلى وقت حلوله، فإن لم يقسم الغرماء حتى حل، شارك الغرماء، كما لو تجدد على المفلس دين بجناية فإن أدرك بعض المال قبل قسمه شاركهم فيه بجميع دينه، وعنه: إذا وثق برهن أو كفيل ملئ. وعنه: يحل. وهو قول مالك، فالله أعلم.
([8])هذا المذهب عند أكثر الأصحاب، وعنه: يحل بالموت وفاقًا، لأنه لا يخلو إما أن يبقى في ذمة الميت، أو الورثة، أو يتعلق بالمال، واختار القاضي أنه لا يحل بشرطه، فيبقى في ذمة الميت، ويتعلق بعين ماله.
([9])أي إن وثق الورثة أو غيرهم رب الدين، برهن يحرز الأقل من الدين أو التركة، يثق به، لوفاء حقه.
([10])أي أو وثق الورثة «بكفيل مليء، بأقل الأمرين» متعلق «بوثق» من قيمة التركة، أو الدين، لأن الورثة قد لا يكونون أملياء، أو لا يرضى بهم الغريم، فيؤدي إلى فوات حقه، ومثله إن لم يكن له ورثة.
([11])وكما لا تحل الحقوق التي له بموته، ولم يجعل الله الموت مبطلاً للحقوق، وإنما هو ميقات للخلافة، وعلامة على الوراثة، وفي الخبر «من ترك حقًا أو مالاً فلورثته» وقال الشيخ في الأجرة المؤجلة: لا تحل بالموت في أصح قولي العلماء، وإن قلنا يحل الدين، لأن حلولها مع تأخير استيفاء المنفعة ظلم له؛ فيبقى الدين في ذمة الميت، كما كان قبل موته، ويتعلق بعد موته بعين ماله، كتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس، عند الحجر عليه، وتختص أرباب الديون الحالة بالمال، ولا يرجع رب المؤجل عليهم بعد حلوله، بل على من وثقه.
([12])وكذا إن لم يكن ورثة، لئلا يضيع، ويأخذه ربه كله، إن اتسعت التركة له، أو يحاص به الغرماء، ولا يسقط منه شيء في مقابلة الجل، وكذا حكم من طرأ عليه جنون.
([13])أي وإن ظهر غريم للمفلس حال دينه، ليس مؤجلا، بعد قسم مال المفلس، لم تنقض القسمة، وهذا مذهب الشافعي، وحكي عن مالك، لأنهم لم يأخذوا زائدًا على حقهم، وإنما تبين مزاحمتهم فيما قبضوه من حقهم.
([14])أي بقدر حصته، قال الموفق: أشبه ما لو قسم أرضا، أو ميراثًا بين شركاء، ثم ظهر شريك آخر، أو وارث آخر، وظاهره: ولو كانوا قد تصرفوا فيه.
([15])يعني بعد القسمة، كغريم الميت، يظهر بعد قسم ماله، فلو كان للمفلس ألف، اقتسمه غريمان نصفين، ثم ظهر ثالث، دينه كدين أحدهما، رجع على كل واحد بثلث ما قبضه.
([16])أي وإن بقي على المفلس – بتشديد اللام – بعد قسم ماله بقية من الدين.
([17])أي البقية، فيما يليق به، وهذا قول عمر بن عبد العزيز، وإسحاق، وغيرهما، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم باع إنسانًا في دينه، أي آجره لذلك، ولأنها عقد معاوضة، فجاز إجباره عليه، وإيجاره لما يملك إجارته، فيجبر عليها لوفاء دينه.
([18])أي كما يجبر على إيجار وقف عليه، وأم ولد يستغني عنهما، للقدرة على الوفاء، وعنه: لا يجبر. وهو قول مالك، والشافعي، وقدمه، وجزم به غير واحد، لقوله تعالى {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} وقوله صلى الله عليه وسلم ((خذوا ما وجدتهم، فليس لكم إلا ذلك)) ولأنه تكسب للمال، فلم يجبر عليه، كما لا يجبر على قبول صدقة، ولا هدية، ولا وصية، ولا قرض، ولا امرأة على التزويج، لأن في ذلك ضررًا بتحمل المنة التي تأباها قلوب ذوي المروءات.
([19])أي ولا يفك حجر المفلس – إن بقي عليه شيء من الدين – إلا حاكم، جزم به وقدمه الأكثر.
([20])أي لأن الحجر عليه ثبت بحكم الحاكم، فلا ينفك إلا به، كالمحجور عليه لسفه بعد رشده، ولأن فراغ ماله يحتاج إلى معرفة وبحث، فوقف ذلك على الحاكم، ولو طلبوا إعادته لما بقي لم يجبهم.
([21])أي الحجر، وموجبه بكسر الجيم، الأثر الذي أوجبه، فالحكم يدور مع علته، وإن ادَّان من فك حجره، وعليه بقية، فحجر عليه، تشارك غرماء الحجر الأول والثاني، في ماله الموجود، لأن حقوق الجميع متعلقة بذمته، وهو قول الجمهور، ومن فلَّس ثم ادَّان لم يحبس، لوضوح أمره.



  #5  
قديم 3 جمادى الآخرة 1431هـ/16-05-2010م, 12:15 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

ويَبيعُ الحاكمُ مالَه(16) ويَقْسِمُ ثَمَنَه بقَدْرِ دُيونِ غُرمائِه(17)، ولا يَحِلُّ مُؤَجَّلٌ بفَلَسٍ(18) ولا بموتٍ إن وَثِقَ وَرَثَتُه برَهْنٍ أو كَفيلٍ مَلِيءٍ(19)، وإن ظَهَرَ غَريمٌ بعدَ القِسمةِ رَجَعَ على الغُرماءِ بقِسطِه(20)، ولا يَفُكُّ حَجْرَه إلا حاكمٌ(21).

(16) الذي من جنس الدين .
(17) الحالة لأن هذا هو المقصود من الحجر عليه وفي تأخيره مطل وظلم .
(18) لأن الأجل حق للمفلس .
(19) بأقل الأمرين من قيمة التركة أو الدين .
(20) ولا تنقص القسمة ؛ لأنه لو كان حاضراً شاركهم فكذا إذا ظهر بعد القسمة .
(21) لأنه ثبت بحكمه فلا يزول إلا به .


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 01:24 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَيَبِيْعُ الحَاكِمُ مَالَهُ وَيُقَسِّمُ ثَمَنَهُ بَقَدْرِ ديونِ غُرَمَائِهِ،
قوله: «ويبيع الحاكم ماله» هذا هو الحكم الثالث، الحاكم أي: القاضي، وهل المراد أن الحاكم نفسه يتولى بيعه فيقف في السوق ويقول: من يشتري هذا، أو يأمر من يبيع؟
الجواب: الثاني؛ لأن الحاكم عادة ـ الذي هو القاضي ـ لا يقف في الأسواق يقول: من يشتري هذا المال؟ لكن يأمر من يبيع ماله، أي: مال المحجور عليه، لكن بشرط ألا يكون ماله من جنس الدين، فإن كان من جنس الدين فإنه لا يبيعه؛ لأنه لا حاجة للبيع حينئذٍ، ولأن البيع قد يضر هذا المحجور عليه، فربما يباع الشيء بأقل من قيمته، والبيع يحتاج إلى نقل وتفريغ وأجرة دلاَّل، وهذا ضرر على المحجور عليه.
قوله: «ويقسِّم ثمنه بقدر ديون غرمائه» أي: ثمن المبيع يقسم بقدر ديون الغرماء، ولا فرق بين ما ثبت قريباً وما ثبت بعيداً، بمعنى أننا لا نقدم الدين الأول، على الدين الثاني.
وكيفية ذلك أن تَنْسِبَ الموجود للدين، فما حصل من النسبة فهو لكل واحد من دينه بقدر تلك النسبة.
مثال ذلك:الدَّيْنُ عشرة آلاف ريال والموجود ثمانية، انسب الثمانية إلى العشرة تكن أربعة أخماس، فلكل واحد من الغرماء أربعة أخماس ماله، فمن له ألف نعطيه ثمانمائة، ومن له مائة نعطيه ثمانين، وإذا كان دين أحدهم خمسة ريالات فإننا نعطيه أربعة ريالات وهلم جرّاً؛ لأن النسبة هكذا تكون.

وَلاَ يَحِلُّ مُؤَجَّلٌ بِفَلَسٍ وَلاَ بِمَوْتٍ إِنْ وَثَّقَ وَرَثَتُهُ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ وَإنْ ظَهَر غَرِيمٌ بَعْدَ القِسْمَةِ رَجَعَ عَلَى الغُرَمَاءِ بقِسْطِهِ وَلاَ يَفُكُّ حَجْرَهُ إِلاَّ حَاكِمٌ.
قوله: «ولا يحل مؤجل بفلس» يعني إذا كان على الإنسان دين مؤجل وحجر عليه فهل يحل الدين أو يبقى على أجله؟
يقول المؤلف: إنه لا يحل فيبقى على أجله ويطالب إذا حل الأجل.
مثال هذا: إنسان استدان من شخص ديناً لمدة سنة، وفي أثناء السنة حجر على المدين، فجاء صاحب الدين ليطالب مع الغرماء، فنقول: لا حق لك؛ لأنه لم يحل دينك المؤجل؛ لأن الأجل حق للمدين، وحق المدين لا يسقط بفلسه.
فإذا قال صاحب الدين المؤجل: أنتم لما حجرتم عليه سوف تبيعون ماله، ولا يبقى لي شيء، فإننا نقول: لا؛ لأنه لا حق لك فيه، بل أنت على حقك، وربما إذا حل دينك يأتي الله تعالى برزق.
قوله: «ولا بموت» كذلك لا يحل المؤجل بموت، أي موت المدين إلا أن المؤلف استثنى فقال:
«إن وثق ورثته برهن أو كفيل مليء» فإن لم يوثقوا حل.
مثال هذا: رجل عليه عشرة آلاف ريال تحل بعد سنة، ثم مات الرجل فهل يحل الدين؟
الجواب: لا يحل؛ لأن المال انتقل إلى الورثة بأعيانه وأوصافه، ومن أوصافه أنه مؤجل، فالحق للورثة الآن فإذا قالوا: لن نوفيك؛ لأن دينك لم يحل، فالقول قولهم، ولكن اشترط المؤلف «إن وثق ورثته برهن أو كفيل مليء» يعني إذا قالوا: حقك الآن لم يحل ولا تطالبنا بشيء.
فإذا قال: أخشى أن تقتسموا المال ويضيع حقي، قالوا: لك هذا البيت رهناً، والبيت يساوي عشرين ألفاً، والدين عشرة آلاف، وهذا الرهن يكفي للدين، فإذا لم يرهنوه شيئاً، وقال: قدموا لي كفيلاً، قالوا: هذا فلان يكفل دينك، نظرنا فإن كان مليئاً لم يحل الدين، وإن كان غير مليء حل الدين.
والمليء هو القادر على الوفاء بماله وقوله وبدنه.
فالمليء بماله أن يكون عنده أموال تكفي لهذا الدين.
والقادر ببدنه أن يكون ممن يمكن إحضاره لمجلس الحكم عند التحاكم.
والقادر بقوله ألا يكون مماطلاً، فيقول: غداً بعد غد، ويماطل، فإذا أتوا بكفيل غني لو أبى أن يوفي حوكم فالدين لا يحل.
وعلم من قوله: «أو كفيل مليء» أنهم لو جاؤوا بكفيل غير مليء فإن الدين يحل؛ لئلا يضيع حق الدائن، فإذا جاؤوا إليه بكفيل، والكفيل لا يملك إلا ألف ريال، والدين عشرة آلاف، فإنه لا يكفي؛ لأنه ليس مليّاً بماله، وإذا أتوا بكفيل عنده أموال كثيرة، لكنه مماطل لا يكاد يخرج الحق منه، فهذا ـ أيضاً ـ لا يكفي في إحرازه.
فلو أتوا بإنسان غني وعنده مال وغير معروف بالمماطلة، لكن لو ماطل لم نتمكن من إحضاره إلى القضاء، إما لأنه ذو سلطان لا يمكن أن يؤتى به إلى القضاء؛ وإما لأنه قريب للإنسان يخجل أن يجر قريبه إلى القضاء كأبيه ـ مثلاً ـ فهنا نقول: هذا الكفيل لا يكفي فيحل الدين؛ لئلا يضيع حق الدائن، وعلى هذا فإذا توفي رجل وعليه دين لآخر يحل بعد سنة، وجاء صاحب الدين يطالب الورثة، ففيه تفصيل:
إن أعطوه رهناً يكفي، أو أقاموا كفيلاً مليئاً فإن الدين لا يحل، وإلا فإن الدين يحل، ويطالب صاحب الدين الورثة بدينه.
بقي أن يقال: إذا كان هذا الدين ثمن مبيع، فالغالب أن الدين إذا كان ثمن مبيع سوف يزيد على الثمن الحاضر، فإذا كنت أبيع هذه السيارة بعشرة آلاف اليوم، سأبيعها إذا كان الثمن مؤجلاً باثني عشر ألف مثلاً.
مثاله: رجل اشترى سيارة من شخص باثني عشر ألف إلى سنة، وثمنها الحاضر عشرة آلاف ثم مات يوم شرائه، ولم يكن عند الورثة رهن يحرز، ولم يأتوا بكفيل، فحل الدين، فهل للدائن أن يأخذ جميع الدين، أو لا يأخذ إلا ثمنه الحاضر؟
الجواب: على المذهب، أنه يحل بكامله ولا ينزل منه شيء؛ لأنه ثبت في ذمة الميت اثنا عشر ألفاً، والميت لو كان حيّاً لم يوف إلا بعد سنة.
لكن لو قيل: بأنه إذا مات بمثل هذه السرعة في يومه، فينبغي أن يثبت له قيمة السيارة في اليوم الحاضر؛ لأن السعر لم يتغير، أو يقال له: خذ سيارتك لم يأتها شيء.
فالخلاصة الآن: إذا أفلس الرجل المدين فإنه لا يحل دينه ويبقى مؤجلاً.
وإذا مات المدين، فإن فيه تفصيلاً: فإن وثق الورثة من له الدين، برهن يكفي، أو أتوا بكفيل مليء فالدين باق لا يحل؛ لأنه لا ضرر على صاحب الدين، وأما إذا لم يأتوا برهن أو لم يأتوا بكفيل مليء، فإنه يحل الدين؛ لئلا يضيع حقه.
بقي علينا الإشكال الذي أوردناه، هل يحل الدين بكامله، أو يخصم منه ما كان زائداً على الثمن الحاضر؟
فالمذهب أنه يحل الدين بكامله؛ لأنه دين ثبت في ذمة الميت فيبقى على ما هو عليه، والذي ينبغي أن يقال: إنه لا يحل الدين بكامله؛ لئلا نظلم الورثة.
قوله: «وإن ظهر غريم بعد القسمة رجع على الغرماء بقسطه» أي: بعد قسمة ماله، يعني حجرنا على الرجل وقسمنا ماله ولم يبق عنده شيء، ظهر بعد ذلك غريم لم يعلموا به من قبل، وقد سبق دينُهُ الحَجْرَ عليه، قال المؤلف: «رجع على الغرماء بقسطه» وما قسطه؟ ننظر نسبة دينه إلى ما أخذه الغرماء، فإذا وجدناه نصف ما أخذه الغرماء، يرجع على كل واحد بنصف ما أخذ، ولو الربع يرجع على كل واحد بربع ما أخذ.
مثال ذلك: الدين ثمانية آلاف والموجود ستة آلاف، قسمنا الستة بين الغرماء، ثم ظهر غريم دينه أربعة آلاف، فإنك تضمها إلى الدين السابق فيكون مجموع الدين اثني عشر ألفاً، ونسبة الدين الذي ظهر إلى مجموع الدين الثلث، فيرجع على كل واحد بثلث نصيبه.
قوله: «ولا يفك حجره إلا حاكم» أي: حجر المحجور عليه لفلس لا يفكه إلا حاكم، والتعليل: لأنه ثبت بحكم الحاكم، وما ثبت بحكم الحاكم لا يرتفع إلا بحكمه.
فلا نقول: إننا إذا قسمنا ماله بين غرمائه انفك الحجر؛ بل لا بد أن يفكه الحاكم، وعلى الحاكم أن يبادر بفك الحجر عنه فلا يماطل، فمثلاً نحن قسمنا ماله الموجود بين الغرماء يوم السبت، فلا يجوز للقاضي أن يؤخر فك الحجر إلى يوم الجمعة مثلاً؛ لأن في ذلك ضرراً عليه، بل نقول: يجب أن يفكه فور قسمته.



موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحكام, قسمة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir