درس القرآن محكم ومتشابه :
الأحكام والتشابه تتنوع في القرآن الكريم الى ثلاثة انواع هي :_
1/النوع الأول: الإحكام العام الذي وصف به القرآن كله، مثل قوله تعالى: {الر تلك آيات الكتاب الحكيم} [يونس: 1]
ومعنى هذا الإحكام الإتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه فهو في غاية الفصاحة والبلاغة، أخباره كلها صدق نافعة، ليس فيها كذب، ولا لغو ، وأحكامه كلها عدل، وحكمه ليس فيها جور ولا تعارض ولا حكم سفيه.
2/النوع الثاني: التشابه العام الذي وصف به القرآن كله، مثل قوله تعالى: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه} [الزمر: 23
ومعناه أن القرآن كله يشبه بعضه بعضا في الكمال والجودة والغايات الحميدة .
3/النوع الثالث: الإحكام الخاص ببعضه، والتشابه الخاص ببعضه، مثل قوله تعالى: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلّا اللّه والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا وما يذّكّر إلّا أولو الألباب} [آل عمران: 7].
ومعنى هذا الإحكام أن يكون معنى الآية واضحا جليا، لا خفاء فيه، مثل قوله تعالى: {وأحلّ اللّه البيع}
أنواع التشابه في القرآن :_
التشابه الواقع في القرآن نوعان:
أحدهما: حقيقي وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات الله عز وجل، فإننا وإن كنا نعلم معانيها، لكننا لا ندرك حقائقها، وكيفيتها لقوله تعالى{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير} [الأنعام: 10, وهذا النوع لا يسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه.
النوع الثاني: نسبي وهو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون بعض، فيكون معلوما للراسخين في العلم دون غيرهم، وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه؛ لإمكان الوصول إليه،قال الله تعالى: {{ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكلّ شيءٍ} [النحل: الآية 89]
موقف الراسخين في العلم والزائغين من المتشابه :
موقف الراسخين في العلم من المتشابه وموقف الزائغين منه بينه الله تعالى فقال في الزائغين:{فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} [آل عمران: الآية 7] وقال في الراسخين في العلم: {والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا} [آل عمران: الآية 7] فالزائغون يتخذون من هذه الآيات المشتبهات وسيلة للطعن في كتاب الله، وفتنة الناس عنه، وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به، وأما الراسخون في العلم يؤمنون بأن ما جاء في كتاب الله تعالى فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله سبحانه .
الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه :
لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه،ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا، وهدى للناس،ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات، يرجع إليهن عند التشابه، وآخر متشابهات امتحانا للعباد، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ وانحراف .