دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 26 محرم 1436هـ/18-11-2014م, 09:42 AM
عبير ماجد عبير ماجد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 233
افتراضي اجابة أسئلة فضل علم التفسير والحاجة إليه

1: اذكر ثلاثًا من فضائل تعلم التفسير ؟
1- أنه معين على فهم كلام الله عز وجل؛ ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيراً كثيراً.
وفي صحيح البخاري وغيره من حديث أبي جحيفة السوائي قال: قلت لعلي رضي الله عنه
هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟
قال: « لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهمًا يعطيه الله رجلًا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافرٍ ».
ففهم القرآن معين لا ينضب، إذ يستخرج به من العلم شيء كثير مبارك، والناس يتفاوتون في فهم القرآن تفاوتاً كبيراً.
قال ابن القيم: « والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص وأن منهم من يفهم من الآية حكما أو حكمين ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام أو أكثر من ذلك ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتباره وأخص من هذا وألطف ضمه إلى نص آخر متعلق به فيفهم من اقترانه به قدرا زائدا على ذلك اللفظ بمفرده وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يتنبه له إلا النادر من أهل العلم فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه به وهذا كما فهم ابن عباس من قوله وحمله وفصاله ثلاثون شهرا مع قوله والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين أن المرأة قد تلد لستة أشعر وكما فهم الصديق من آية الفرائض في أول السورة وآخرها أن الكلالة من لا ولد دله ولا والد »

2: أن أشرف الكلام وأحسنه وأصدقه وأعظمه بركة وفضلا هو كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وقد روي أن فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.
فالاشتغال بالتفسير اشتغال بأفضل الكلام وأحسنه وأعظمه بركة، وهو كلام الله جل وعلا، ولا يزال العبد ينهل من هذا العلم ويستزيد منه حتى يجد بركته في نفسه وأهله وماله {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب}.

3- أنه يدل صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة وقد قال الله تعالى: {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم} ، وقال تعالى: {فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيما}
وقد بين الله تعالى في كتابه كيف يكون الاعتصام به، والمفسر من أحسن الناس علماً بما يكون به الاعتصام بالله.
ومما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم خطبة في الإسلام في أشرف جمع على كان وجه الأرض وذلك في خطبته في حجة الوداع قال: « وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله. وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون ». قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس « اللهم اشهد اللهم اشهد ». ثلاث مراتٍ)). رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
ونحن نشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ونصح، وقد ترك لنا كتاب الله عصمة من الضلالة.
فمن اعتصم به فلن يضل بإذن الله.
والمقصود أن الاعتصام بكتاب الله لا يكون إلا بفهم ما أنزل الله فيه، واتباع ما فيه من الهدى، وسبيل ذلك معرفة تفسيره؛ وكلما كان المؤمن أكثر نصيباً من فهم مراد الله تعالى واتباعاً لما بينه الله من الهدى كان أعظم حظاً من الهداية والعصمة من الضلالة.


2: بين بالدليل حاجة الأمة إلى فهم القرآن ؟
من المهم تنبيه طلاب العلم إلى حاجة الأمة إلى تفسير القرآن وبيان معانيه ودعوتهم بالقرآن وتذكيرهم به وإنذارهم بما فيه من الوعيد، وتبشيرهم بما تضمنه من البشائر لمن آمن به واتبع ما فيه من الهدى، وإرشادهم إلى ما بينه الله في كتابه من الهدى الذي يفرقون به بين الحق والباطل، ومخرجاً لهم من الظلمات إلى النور، كما قال الله تعالى: {الر . كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد . الله الذي له ما في السموات وما في الأرض}
- وقال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولـكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ . صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}
- وقال تعالى: { قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراطٍ مستقيمٍ (16)}
- وقال تعالى: { هو الذي ينزل على عبده آياتٍ بيناتٍ ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم}
- وقال تعالى: { فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرًا (10) رسولًا يتلو عليكم آيات الله مبيناتٍ ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحًا يدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا قد أحسن الله له رزقًا (11)}
فحاجة الأمة إلى فهم القرآن والاهتداء به ماسة، وكم من فتنة ضل بها العبد ، وضلت بها طوائف من الأمة بسبب مخالفتها لهدى الله عز وجل وما بينه في كتابه، وقد قال الله تعالى: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}.
وقال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}، وقال تعالى: {فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون}.
فحاجة الناس إلى معرفة ما بينه الله في القرآن من الهدى، والحذر مما حذرهم منه أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب والنفس؛ لأن انقطاع هذه الأمور أقصى ما يصيب الإنسان بسببها أن يموت، والموت أمر محتم على كل نفس.
وأما ضلاله عن هدى الله تعالى فيكون بسبب خسران آخرته التي هي حياته الحقيقية كما قال الله تعالى: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} ، وقال تعالى: {يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي}.
فكأن ما مضى من الحياة الدنيا لا يعد شيئا بالنسبة للحياة الآخرة الأبدية.
وهذا له نظائر في القرآن الكريم كما في قول الله تعالى: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم} ، وقوله تعالى: {إذا زلزلت الأرض زلزالها}.
والمقصود أن حاجة الأمة إلى فهم القرآن معرفة معانيه والاهتداء به ماسة بل ضرورية.
لأنهم لا نجاة لهم ولا فوز ولا سعادة إلا بما يهتدون به من هدى الله جل وعلا الذي بينه في كتابه.



3: كيف يستفيد الداعية وطالب العلم من علم التفسير في الدعوةِ إلى الله تعالى
- أن يدعو إلى الله على بصيرة بما تعلم من معاني القرآن وبذلك يكون من خاصة أتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}.
ولو لم يحصل للداعية إلا واو المعية هذه مع النبي صلى الله عليه وسلم لكفى بها شرفاً.
فمن عاش حياته بهذه المعية في الدنيا وهي معية بالمحبة والاتباع والدعوة إلى ما كان يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يكون في معية النبي صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة.
- قد يكون طالب العلم في مجتمع تفشو فيه فتنة من الفتن أو منكر من المنكرات فيتعلم من كتاب الله ما يعرف به الهدى ويدعو به من حوله لعلهم يهتدون.
- وكذلك المرأة في المحيط النسائي قد تبصر ما لا يبصره كثير من الرجال أو لا يعرفون قدره من أنواع المنكرات والفتن التي افتتن به كثير من النساء فتتعلم طالبة العلم كيف تدعو بالقرآن في محيطها النسائي، وكيف تكشف زيف الباطل، وتنصر الحق، وتعظ من في إيمانها ضعف وفي قلبها مرض.
- وكذلك إذا كثرت الفتن فإن الحاجة تزداد إلى تدبر القرآن والاهتداء به، ويكون أسعد الناس بالحق أحسنهم اسنتباطاً لما يهتدي به في تلك الفتنة كما قال الله تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}.
وهذا فيه وعد من الله بأن يخص بعض عباده بعلم ما تهتدي به الأمة.
- كذلك قد يبتلى طالب العلم بأن يكون في مجتمع يكثر فيه أصحاب ملة من الملل أو نحلة من النحل، فيجد في كتاب الله تعالى ما يرشده إلى ما يعرف به ضلالهم، ويبصره بسبل دعوتهم إلى الحق ، ومعاملتهم على الهدى الرباني الذي لا وكس فيه ولا شطط.
والمقصود أن مجالات الدعوة بالتفسير مجالات كثيرة متنوعة، فليجتهد كل واحد منكم في محاولة تأهيل نفسه لسد حاجة الأمة في مجال من تلك المجالات، أو يسهم فيها.
والدعوة بالتفسير وببيان معاني القرآن دعوة حسنة مباركة لتعلقها بكلام الله جل وعلا،
وقد قال أبو وائل شقيق بن سلمة: استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا). ذكره ابن كثير في تفسيره.
وقال ابن حجر: (وروى يعقوب أيضا بإسناد صحيح عن أبي وائل قال قرأ بن عباس سورة النور ثم جعل يفسرها فقال رجل لو سمعت هذا الديلم لأسلمت ورواه أبو نعيم في الحلية من وجه آخر بلفظ سورة البقرة وزاد انه كان على الموسم يعني سنة خمس وثلاثين كان عثمان أرسله لما حصر).




الخريطة الذهنية للمحاضرة للفائدة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



رد مع اقتباس
  #52  
قديم 26 محرم 1436هـ/18-11-2014م, 01:28 PM
عبير ماجد عبير ماجد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 233
افتراضي اجابة أسئلة لقاء علمي عن تفسير ابن كثير

س1: بيّن خصائص تفسير ابن كثير.
خصائص هذا التفسير باختصار هي:
1: التنبيه على الإسرائيليّات.
2: المعرفة الواسعة بفنون الحديث وأحوال الرجال.
3: شدّة العناية بتفسير القرآن بالقرآن.

س2: بيّن باختصار أهم مصادر ابن كثير من دواوين السنّة ومن كتب التفسير ومن كتب اللغة.
ما يتعلّق بالتفسير:

هو ينقل عمّن سبقه من المفسرين
1- إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري، لكنه نقل البصير، ويكثر عن الطبري
2- وينقل عن ابن أبي حاتم، ويأخذ شيئا من تفسير الرازي
3- وأحيانا يأخذ عن الكشاف وأحيانا يأخذ منه لينقده نقدا، وإذا كان استشهاد ابن كثير لشيء من كلام الزمخشري يقول قال كذا ويبجّله، أما إذا انتقده يقول: وما حمله على ذلك إلا اعتزاله
4- ويأخذ كذلك عن الرازي ويردّ عليه؛ لأن الرازي صاحب علم كلام
5- ينقل عن ابن عطية –يعني في تفسيره
6- وعن الماوردي، والهداية في التفسير لمكي بن أبي طالب
الخلاصة : يهتم بالتفاسير التي تُعنى بالأثر، وما وُجد من تفاسير أُخرى نقل عنها ابن كثير إنما يستفيد منها في جوانب يعلّق عليها إما استفادة، أو أنه ينقدها ويوجّه، كما نقل عن الرازيّ، ونقل عن الزمخشري.

مصادره من دواوين السنة:
لاشك أنها الأمهات الست، وكأنه استظهر مسند الإمام أحمد، فكثيرا ما يذكره ويقدّمه في الذكر قبل الصحيحين.
ويأخذ من كتاب (الإشراف على معرفة الأطراف) لابن عساكر، و (التمهيد) لابن عبد البر، ودواوين السنة المتعددة.


ومصادر ابن كثير في اللغة: (إعراب القرآن) للنحّاس، و (الزّاهر) لابن الأنباري، و (الصحاح) لأبي نصر الجوهري، ويكثر من الأخذ عنه، و (معاني القرآن) لابن الزجاج.
وبمناسبة كتب اللغة: يذكر ابن كثير يقول: لا أذكر في التفسير فيما يتعلق باللغة؛ إلا ما يتوقف عليه في بيان المعنى، أما حشو التفسير بشيء من اللغة هذا لا ينبغي، واللغة مؤلفاتها لها مجال،


س3: بيّن منهج ابن كثير في إيراد الإسرائيليات.
تعامل الحافظ ابن كثير مع الإسرائيليات على شكلين:
أولا: الإعراض عنها؛ فيترك من الإسرائيليات ما أورده غيره إعراضا عنها دون إشارة إليها.
الثاني: الإيراد، وما أورده الحافظ ابن كثير من الإسرائيليات، له منه ثلاثة مواقف:
-النقد العام الإجمالي.
-النقد الخاص التفصيلي.
-السكوت وعدم النقد.

رد مع اقتباس
  #53  
قديم 26 محرم 1436هـ/18-11-2014م, 01:45 PM
عبير ماجد عبير ماجد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 233
افتراضي اجابة اسئلة الفهرسة العلمية

س1: ملاك العلم بثلاثة أمور، اذكرها مع بيان أهميّة كل أمر وبم يتحقّق.

ملاك العلم بثلاثة أمور:
1: حسن الفهم.
أهميته
: ملكة من رُزقها فقد أوتي خيراً كثيراً، فإنه يستجلب بها من البركة في مسائل العلم شيئاً عظيماً إذا صلحت نيّته وزكت نفسه.
وحسن الفهم له أمور تعين عليه،:
1- أن تكون دراسة طالب العلم على منهج صحيح يراعى فيه التدرّج العلمي ومناسبته لحال الطالب،
2- وضبط أصول العلم الذي يدرسه،
3- وأن تكون دراسته تحت إشراف علمي من عالم أو طالب علم متمكّن ليرشده إلى ما ينفعه ويجيب على ما يشكل عليه من الأسئلة .


2: وقوة الحفظ
مما يعين على قوّة الحفظ:

1- تنظيم الدراسة،
2- ومداومة النظر
3- وكثرة التكرار
4- وأن يكون للطالب أصل مختصر في العلم الذي يدرسه إما أن ينتقي كتاباً مختصراً أو يتّخذ لنفسه ملخّصاً جامعاً يدمن النظر فيه حتى ترسخ مسائله في قلبه.

3: وسَعَة الاطلاع
- اذا حاوله الطالب بجهد فردي قد يكون شاقاً عسراً، وقد لا يحصل له إلا بمعاناة القراءة الكثيرة سنوات عديدة ، كما فعل ذلك بعض العلماء
- بيان فائدة الفهرسة المفصّلة لمسائل العلوم، وأنّها تختصر على الدارس شيئاً كثيراً بإذن الله تعالى، وتعين على حسن فهم المسائل العلمية وتصوّرها وحفظها.


س2: بين أهمية الفهرسة العلمية لطالب العلم.
أن الفهرسة العلمية تفيد الدارس في استجلاء المسائل العلمية في العلم الذي يدرسه بتفصيل حسن وترتيب وتنظيم يعينه على حسن الفهم وقوة الحفظ إذا داوم على المطالعة وتعاهد هذا الفهرس بالقراءة والإضافة والتحسين.
وأن طالب علم التفسير يحتاج إلى الاطلاع الواسع الحسن على مسائل علوم القرآن، ومما يسهّل عليه ذلك أن يطّلع على الأعمال المعدّة في فهرسة تلك العلوم؛ فإنّها تفيده في اكتساب المعرفة الشاملة للمسائل التي تناولها العلماء بالحديث والدراسة في ذلك العلم.
وإذا واصل طالب العلم الاطلاع على مسائل علوم القرآن بهذه الطريقة وكان ذا فهم حسن وحرص على ضبط المسائل العلمية فإنّه يرجى له أن يكون واسع الاطلاع في هذه العلوم في مدّة غير طويلة بإذن الله تعالى.



س3: حاجة الأمة إلى إعداد العلماء ماسة ، وضح ذلك بالدليل.
إنَّ حاجة الأمة إلى العلماء ماسة، وإنّ العناية بإعداد العلماء وتهيئة السبل المعينة لطلاب العلم على حسن التحصيل وقوة التأصيل من أهمّ الواجبات العامّة على الأمّة؛ فإنّ العلماء هم رؤوس الناس؛ يصدرون عن أقوالهم وبيانهم وفتاويهم، فإن أرشدوهم بما بيّنه الله من الهدى رشدوا وأفلحوا، وإن كتموا الحقّ ولبّسوا عليهم ضلّوا وأضلّوا.
ولذلك اشتدّ الوعيد على هذين النوعين من العلماء:
النوع الأول: الذين يكتمون الحقّ عند الحاجة إلى بيانه، كما قال الله تعالى: {إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}
قال ابن جرير رحمه الله: (وهذه الآية وإن كانت نزلت في خاصٍّ من النّاس؛ فإنّها معنيٌّ بها كلّ كاتمٍ علمًا فرض اللّه تعالى بيانه للنّاس).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سُئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار). رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.

والنوع الآخر: الذين يلبسون الحقّ بالباطل؛ فيضل بتلبيسهم بعض الناس، فيكون هؤلاء الملبّسون المضلّون ممن يصد عن سبيل الله، وقد قال الله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحقّ وأنتم تعلمون}.

وحاجة الناس إلى من يرشدهم ويبصّرهم حاجة ماسّة لا بدّ لهم منها، فإذا لم يجدوا علماء صالحين يرشدونهم إلى الحقّ ؛ عظّموا بعض المتعالمين وصدروا عن رأيهم، ويدلّ لذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتّخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا )). رواه البخاري ومسلم.
فلمّا كانت حاجة النّاس للسؤال حاجة دائمة باقية ما بقوا ولم يجدوا علماء يسألونهم اتّخذوا رؤوساً جهّالاً فسألوهم.
وهذا يفيدنا أن حاجة الأمّة إلى من يرشدها ويبصّرها ويبيّن لها الحق حاجة ملحّة باقية، ولا سيّما في الفتن ومدلهمّات الأمور وما تبرأ به الذمّة.
ولهذا كان من أهمّ الواجبات العامّة على الأمّة إعداد العلماء الذين يسدّون هذه الحاجة، ويقومون بهذا الواجب الكفائي.
ومما يعين على ذلك ويمهّد الطريق إليه إعداد طلبة علم يحسنون فهم مسائل العلم، والاستدلال لها، ويعرفون الأدلة وأقوال العلماء في أبواب العلم وأصول دراسة المسائل العلمية، ويتمكّنون من دعوة الناس لما ينفعهم ويرشدهم، ويكون لديهم من العلم بأصول ردّ الشبهات ما ينفعهم وينفعون به الأمّة – بإذن الله – فيثبُتُون عند ورود فتن الشبهات، ويثبّتون غيرهم، ويبصّرونهم بما تنجلي به تلك الشبه.
وأصل بلاء الشبهة ناتج عن آفتين خطيرتين وقد تجتمعان:
الآفة الأولى: الجهل.
والآفة الثانية: اتّباع الهوى.
وأكثر من يثير الشبهة من يتّبع الهوى، وأكثر من يتأثّر بها الجهلة، وقد قال الله تعالى: {ولا تتبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله إنّ الذين يضلّون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}.
والشبه خطّافة، ويزيّنها بعض الفاتنين من شياطين الإنس والجنّ بزخرف القول ليغرّوا بها الجهلة الذين لا يميّزون صحيح القول من فاسده، ولا حقّه من باطله.
وقد يتركّب مع الجهل حماس شديد يؤدّي بصاحبه إلى الظلم والعدوان، فيظلم نفسَه ويظلم غيره؛ ويجتمع بهذه الفتنة عليه وعلى الأمّة أنواع من الشرور، والعياذ بالله.
ومن تأمّل الأحداث التي ابتليت بها الأمّة ، وافتراق الفرق واختلاف الأهواء، ونشوء الأحزاب التي أشرب أصحابها الفتن في قلوبهم حتى جرّ ذلك بعضهم إلى سفك الدماء وانتهاك الحرمات، والمولاة والمعاداة على الأحزاب، والغلو في تعظيم بعض الأشخاص، والتهاون في شأن التكفير، وتسويغ موالاة الكفار ، كلّ ذلك سببه الجهل واتّباع الهوى في الأصل.
وعلاج هاتين الآفتين: الصبر واليقين، واليقين لا يُنال إلا بالعلم.
واليقين معين على الصبر ؛ فإنّه يسهل منه على صاحب اليقين ما لا يسهل على غيره ممن ضعف يقينه.

رد مع اقتباس
  #54  
قديم 26 صفر 1436هـ/18-12-2014م, 01:47 PM
عبير ماجد عبير ماجد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 233
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (130) إلى الآية (134) ]


تفسير سورة البقرة [من الآية (130) إلى الآية (134) ]

تفسير قوله تعالى:*{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)}



تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)}


معنى الآية ك
قال ابن كثير: يقول تبارك وتعالى ردًّا على الكفّار فيما ابتدعوه وأحدثوه من الشّرك باللّه، المخالف لملّة إبراهيم الخليل، إمام الحنفاء، فإنّه جرد توحيد ربّه تبارك وتعالى، فلم يدع معه غيره، ولا أشرك به طرفة عينٍ، وتبرّأ من كلّ معبودٍ سواه، وخالف في ذلك سائر قومه، حتّى تبرّأ من أبيه
ولهذا وأمثاله قال تعالى: {ومن يرغب عن ملّة إبراهيم} أي: عن طريقته ومنهجه. فيخالفها ويرغب عنها {إلا من سفه نفسه} أي: ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحقّ إلى الضّلال، حيث خالف طريق من اصطفي في الدّنيا للّهداية والرّشاد، من حداثة سنّه إلى أن اتّخذه اللّه خليلًا وهو في الآخرة من الصالحين السّعداء -فترك طريقه هذا ومسلكه وملّته واتّبع طرق الضّلالة والغيّ، فأيّ سفهٍ أعظم من هذا؟ أم أيّ ظلمٍ أكبر من هذا؟

سبب نزول الآية ك
قال ابن كثير: وقال أبو العالية وقتادة: نزلت هذه الآية في اليهود؛ أحدثوا طريقًا ليست من عند اللّه وخالفوا ملّة إبراهيم فيما أخذوه، ويشهد لصحّة هذا القول قول اللّه تعالى: {ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين* إنّ أولى النّاس بإبراهيم للّذين اتّبعوه وهذا النّبيّ والّذين آمنوا واللّه وليّ المؤمنين} [آل عمران: 67، 68]


المراد ب (من ) ومعناها وإعرابها ج ط
قال الزجاج : معنى*{من}التقرير والتوبيخ، ولفظها لفظ الاستفهام وموضعها رفع بالابتداء،
قال ابن عطية : من استفهام في موضع رفع بالابتداء، ويرغب خبره

معنى (ومن يرغب عن ملة إبراهيم) ط ج ك
قال الزجاج: والمعنى ما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه
قال ابن عطية: والمعنى يزهد فيها ويربأ بنفسه عنها


معنى (الملة ) ج ط :
الطريقة والمنهج والمذهب
قال الزجاج: وهي السّنّة والمذهب
قال ابن عطية: والملة الشريعة والطريقة،
قال ابن كثير أي: عن طريقته ومنهجه.

معنى (سفه نفسه ) ج ط ك
سفه : من السفه وهو الخفة والرقة
قال ابن عطيه:
1- فقال الزجاج: سفه بمعنى جهل وعداه بالمعنى، أي لم يفكر في نفسه
2- وقال غيره: سفه بمعنى أهلك نفسه وأوبقها

قال ابن كثير: أي: ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحقّ إلى الضّلال

معنى ( اصطفيناه) ج ط
أي اختاره ونبأه واتخذه خليلا

قال الزجاج : معناه:اخترناه ، ولفظه مشتق من الصفوة.
قال ابن عطيه : و «اصطفى» «افتعل» من الصفوة معناه تخير الأصفى، وأبدلت التاء طاء لتناسبها مع الصاد في الإطباق، ومعنى هذا الاصطفاء أنه نبأه واتخذه خليلا،
قال ابن كثير: اتّخذه اللّه خليلًا


معنى (الصالح) ج ط
قال الزجاج :فالصالح في الآخرة الفائز



تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)}


معنى الآية ك
قال ابن كثير: أي: أمره اللّه بالإخلاص له والاستسلام والانقياد، فأجاب إلى ذلك شرعًا وقدرًا

معنى (اذ قال له ربه أسلم) ج
قال الزجاج: أي: في ذلك الوقت


متى كان وقت هذا القول لابراهيم ط
قال ابن عطية : وكان هذا القول من الله حين ابتلاه بالكوكب والقمر والشمس. والإسلام هنا على أتم وجوهه



تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)}

معنى الآية ك
قال ابن كثير: :(وقوله: {ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب
1- أي: وصّى بهذه الملّة وهي الإسلام للّه [
2- أو يعود الضّمير على الكلمة وهي قوله: {أسلمت لربّ العالمين}]. لحرصهم عليها ومحبّتهم لها حافظوا عليها إلى حين الوفاة ووصّوا أبناءهم بها من بعدهم

القراءات في (ووصى ) ومعناها ط ج
قال ابن عطية
1- وقرأ نافع وابن عامر «وأوصى»،
2- وقرأ الباقون ووصّى، والمعنى واحد، إلا أن وصى يقتضي التكثير

قال الزجاج : ووصى أبلغ من أوصى، لأن أوصى جائز أن يكون قال لهم مرة واحدة، ووصّى لا يكون إلا لمرات كثيرة.


مرجع الضمير في (بها) ج ط ك
قال ابن كثير:
1- أي: وصّى بهذه الملّة وهي الإسلام للّه [
2- أو يعود الضّمير على الكلمة وهي قوله: {أسلمت لربّ العالمين}]. لحرصهم عليها ومحبّتهم لها حافظوا عليها
قال ابن عطية: والأول أصوب لأنه أقرب مذكور


القراءات في (ويعقوب) ومعناها ط ك
1- قال ابن عطية: واختلف في إعراب رفعه، فقال قوم من النحاة: التقدير ويعقوب أوصى بنيه أيضا، فهو عطف على إبراهيم، وقال بعضهم: هو مقطوع منفرد بقوله يا بنيّ، فتقدير الكلام ويعقوب قال يا بني
2- قال ابن كثير : وقد قرأ بعض السّلف "ويعقوب" بالنّصب عطفًا على بنيه، كأنّ إبراهيم وصّى بنيه وابن ابنه يعقوب بن إسحاق وكان حاضرًا ذلك، وداخل فيمن أوصى

متى ولد يعقوب ك
قال ابن كثير:
1- وقد ادّعى القشيريّ، فيما حكاه القرطبيّ عنه أنّ يعقوب إنّما ولد بعد وفاة إبراهيم، ويحتاج مثل هذا إلى دليلٍ صحيحٍ؛
2- والظّاهر، واللّه أعلم، أنّ إسحاق ولد له يعقوب في حياة الخليل وسارّة؛ لأنّ البشارة وقعت بهما في قوله: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} [هودٍ: 71]
أدله هذا القول :
1- وقد قرئ بنصب يعقوب هاهنا على نزع الخافض، فلو لم يوجد يعقوب في حياتهما لما كان لذكره من بين ذرّيّة إسحاق كبير فائدةٍ،
2- وأيضًا فقد قال اللّه تعالى في سورة العنكبوت: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} [الآية: 27] وقال في الآية الأخرى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلةً} [الأنبياء: 72] وهذا يقتضي أنّه وجد في حياته،
3- وأيضًا فإنّه باني بيت المقدس، كما نطقت بذلك الكتب المتقدّمة، وثبت في الصّحيحين من حديث أبي ذرٍّ قلت: يا رسول اللّه، أيّ مسجدٍ وضع أوّل؟ قال: "المسجد الحرام"، قلت: ثمّ أيّ؟ قال: "بيت المقدس". قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنةً" الحديث. فزعم ابن حبّان أنّ بين سليمان الذي اعتقد أنّه باني بيت المقدس -وإنّما كان جدّده بعد خرابه وزخرفه -وبين إبراهيم أربعين سنةً، وهذا ممّا أنكر على ابن حبّان، فإنّ المدّة بينهما تزيد على ألوف سنين، واللّه أعلم،
4- وأيضًا فإنّ ذكر وصيّة يعقوب لبنيه سيأتي ذكرها قريبًا، وهذا يدلّ على أنّه هاهنا من جملة الموصين.


معنى (اصطفى لكم الدين) ط
قال ابن عطية: واصطفى هنا معناه تخير صفوة الأديان، والألف واللام في الدّين للعهد، لأنهم قد كانوا عرفوه، وكسرت إنّ بعد وصّى لأنها بمعنى القول
ولذلك سقطت «إن» التي تقتضيها «وصى» في قوله «أن يا بني»، وقرأ ابن مسعود والضحاك «أن يا بني» بثبوت أن.


معنى (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) ج ط ك
الالتزام بالإسلام والإحسان في الدنيا حتى يأتيكم الموت عليه

قال الزجاج : ألزموا الإسلام، فإذا أدرككم الموت ، صادفكم مسلمين
قال ابن عطية: وقوله تعالى: فلا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون إيجاز بليغ، وذلك أن المقصود منه أمرهم بالإسلام والدوام عليه، فأتى ذلك بلفظ موجز يقتضي المقصود ويتضمن وعظا وتذكيرا بالموت، وذلك أن المرء يتحقق أنه يموت ولا يدري متى؟ فإذا أمر بأمر لا يأتيه الموت إلا وهو عليه، فقد توجه من وقت الأمر دائبا لازما،
قال ابن كثير: أحسنوا في حال الحياة والزموا هذا ليرزقكم اللّه الوفاة عليه. فإنّ المرء يموت غالبًا على ما كان عليه، ويبعث على ما مات عليه..


مسألة ج
قال الزجاج: إن قال قائل: كيف ينهاهم عن الموت، وهم إنما يماتون، فإنما وقع هذا على سعة الكلام، وما تكثر استعماله " العرب " نحو قولهم: " لا أرينك ههنا "، فلفظ النهي إنما هو للمتكلّم، وهو في الحقيقة للمكلّم.
المعنى: لا تكونن ههنا ، فإن من كان ههنا - رأيته

مسألة العمل الصالح والموت عليه ك
قال ابن كثير: وقد أجرى اللّه الكريم عادته بأنّ من قصد الخير وفّق له ويسّر عليه. ومن نوى صالحًا ثبت عليه. وهذا لا يعارض ما جاء، في الحديث [الصّحيح] "إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الجنّة حتّى ما يكون بينه وبينها إلّا باعٌ أو ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النّار فيدخلها. وإنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل النّار حتّى ما يكون بينه وبينها إلّا باعٌ أو ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنّة فيدخلها"؛ لأنّه قد جاء في بعض روايات هذا الحديث: "فيعمل بعمل أهل الجنّة فيما يبدو للنّاس، ويعمل بعمل أهل النّار فيما يبدو للنّاس


تفسير قوله تعالى:{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}



معنى الآية ك
قال ابن كثير: يقول تعالى محتجًّا على المشركين من العرب أبناء إسماعيل، وعلى الكفّار من بني إسرائيل -وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السّلام -بأنّ يعقوب لمّا حضرته الوفاة وصّى بنيه بعبادة اللّه وحده لا شريك له، فقال لهم: {ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق}


المراد ب (أم ) في الآية
قال ابن عطية:
1- وأم تكون بمعنى ألف الاستفهام في صدر الكلام لغة يمانية، وحكى الطبري أن أم يستفهم بها في وسط كلام قد تقدم صدره، وهذا منه، ومنه أم يقولون افتراه
2- وقال قوم: أم بمعنى بل، والتقدير بل شهد أسلافكم يعقوب وعلمتم منهم ما أوصى به، ولكنكم كفرتم جحدا ونسبتموهم إلى غير الحنيفية عنادا،
والأظهر أنها التي بمعنى بل وألف الاستفهام معا


الخطاب في الآية ط ك
الخطاب لمشركي العرب وكفار بني إسرائيل
قال ابن عطية: هذا الخطاب لليهود والنصارى الذين انتحلوا الأنبياء صلوات الله عليهم ونسبوهم إلى اليهودية والنصرانية، فرد الله تعالى عليهم وكذبهم، وأعلمهم أنهم كانوا على الحنيفية والإسلام، وقال لهم على جهة التقريع والتوبيخ: أشهدتم يعقوب وعلمتم بما أوصى فتدعون عن علم؟، أي لم تشهدوا بل أنتم تفترون،
قال ابن كثير: يقول تعالى محتجًّا على المشركين من العرب أبناء إسماعيل، وعلى الكفّار من بني إسرائيل


معنى (شهداء) ط
قال ابن عطية: و «شهداء» جمع شاهد أي حاضر

معنى (إذ حضر يعقوب الموت) ط
قال ابن عطية: ومعنى الآية حضر يعقوب مقدمات الموت، وإلا فلو حضر الموت لما أمكن أن يقول شيئا،

فائدة تقديم (يعقوب ) ط
قال ابن عطية: وقدم يعقوب على جهة تقديم الأهم،

قصة موت يعقوب ط
قال ابن عطية: وحكي أن يعقوب عليه السلام حين خير كما يخير الأنبياء اختار الموت، وقال أمهلوني حتى أوصي بنيّ وأهلي، فجمعهم وقال لهم هذا فاهتدوا وقالوا: نعبد إلهك الآية، فأروه ثبوتهم على الدين ومعرفتهم بالله تعالى

فائدة من صيغة سؤال يعقوب لأبناءه (ما تعدون من بعدي) ط
قال ابن عطية: وعبر عن المعبود بما تجربة لهم، ولم يقل من لئلا يطرق لهم الاهتداء، وإنما أراد أن يختبرهم، وأيضا فالمعبودات المتعارفة من دون الله تعالى جمادات كالأوثان والنار والشمس والحجارة فاستفهمهم عما يعبدون من هذه، ومن بعدي أي من بعد موتي

سبب ذكر إسماعيل وتقديمه ط ك
قال ابن عطية: ودخل إسماعيل في الآباء لأنه عمّ.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في العباس: «ردوا علي أبي، إني أخاف أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود».
وقال عنه في موطن آخر: «هذا بقية آبائي»، ومنه قوله عليه السلام: «أنا ابن الذبيحين» على القول الشهير في أن إسحاق هو الذبيح.
يقال قدم إسماعيل لأنه أسن من إسحاق
قال ابن كثير: وهذا من باب التّغليب لأنّ إسماعيل عمّه.
قال النّحّاس: والعرب تسمّي العمّ أبًا، نقله القرطبيّ

سبب تكرار لفظ إله ط
قال ابن عطية: وإلهاً بدل من إلهك، وكرره لفائدة الصفة بالوحدانية،

معنى( إلها واحدا) ك
قال ابن كثير: وقوله: {إلهًا واحدًا} أي: نوحّده بالألوهيّة، ولا نشرك به شيئًا غيره

معنى (ونحن له مسلمون ) ط ك
قال ابن كثير: {ونحن له مسلمون} أي: مطيعون خاضعون

مسالة جل الجد أبا في الميراث ك
قال ابن كثير: ؛ وقد استدلّ بهذه الآية من جعل الجدّ أبًا وحجب به الإخوة، كما هو قول الصّديق -حكاه البخاريّ عنه من طريق ابن عبّاسٍ وابن الزّبير، ثمّ قال البخاريّ: ولم يختلف عليه، وإليه ذهبت عائشة أمّ المؤمنين، وبه يقول الحسن البصريّ وطاوسٌ وعطاءٌ، وهو مذهب أبي حنيفة وغير واحدٍ من علماء السّلف والخلف؛ وقال مالكٌ والشّافعيّ وأحمد في المشهور عنه أنّه يقاسم الإخوة؛ وحكى مالكٌ عن عمر وعثمان وعليٍّ وابن مسعودٍ وزيد بن ثابتٍ وجماعةٍ من السّلف والخلف، واختاره صاحبا أبي حنيفة القاضي: أبو يوسف، ومحمّد بن الحسن، ولتقريرها موضعٌ آخر.


تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)}

معنى خلت ج ط ك
قال الزجاج وابن كثير: خلت :مضت
قال ابن عطية: ومعناه ماتت وصارت إلى الخلاء من الأرض

المراد بالأمة ط
قال ابن عطية: ويعني بالأمة الأنبياء المذكورون


المخاطبين بالآية ومعناها ط ك
قال ابن عطية: والمخاطب في هذه الآية اليهود والنصارى، أي أنتم أيها الناحلون اليهودية والنصرانية، ذلك لا ينفعكم، لأن كل نفس لها ما كسبت من خير وشر، فخيرهم لا ينفعكم إن كسبتم شرا،


الرد على الجبرية بهذه الآية ط
قال ابن عطية: وفي هذه الآية رد على الجبرية القائلين لا اكتساب للعبد، ولا تسألون عمّا كانوا يعملون فتنحلوهم دينا

معنى( لها ما كسبت ولكم ما كسبتم)ك
قال ابن كثير: {لها ما كسبت ولكم ما كسبتم} أي: إنّ السّلف الماضين من آبائكم من الأنبياء والصالحين لا ينفعكم انتسابكم إليهم إذا لم تفعلوا خيرًا يعود نفعه عليكم، فإنّ لهم أعمالهم التي عملوها ولكم أعمالكم: {ولا تسألون عمّا كانوا يعملون}

معنى (ولا تسألون عما كانوا يعملون) ج
قال الزجاج: المعنى:إنما تسألون عن أعمالكم)

رد مع اقتباس
  #55  
قديم 27 صفر 1436هـ/19-12-2014م, 12:02 AM
عبير ماجد عبير ماجد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 233
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (135) إلى الآية (138) ]

تفسير سورة البقرة [من الآية (135) إلى الآية (138) ]

تفسير قوله تعالى:*{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)}


تفسير قوله تعالى: {َقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)}



معنى قوله تعالى (كونوا هودا أو نصارى تهتدوا) ج
قال الزجاج :
المعنى:قالت اليهود: كونوا هودا، وقالت النصارى: كونوا نصارى.
وجزم تهتدوا على الجواب للأمر، وإنما معنى الشرط قائم في الكلمة.
المعنى:إن تكونوا على هذه الملة تهتدوا

سبب نزول الآية ك
قال ابن كثير: عن ابن عبّاسٍ، قال: قال عبد اللّه بن صوريا الأعور لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما الهدى إلّا ما نحن عليه، فاتّبعنا يا محمّد تهتد. وقالت النّصارى مثل ذلك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا}

إعراب تهتدوا ج
قال الزجاج: وجزم تهتدوا على الجواب للأمر، وإنما معنى الشرط قائم في الكلمة.


القراءات في ملة وإعرابها ومعناها ج ط
ذكر الزجاج وابن عطية فيها وجهان :
1- نصب الملة :
1- تنصب الملة على تقدير:
- بل نتبع ملة إبراهيم ج ط
- ويجوز أن تنصب على معنى: بل نكون أهل ملة إبراهيم ج
- وقيل نصبت على الإغراء ط

2- الرفع : وقرأ الأعرج وابن أبي عبلة «بل ملة» بالرفع
1- والتقدير بل الهدى ملة ط
2- ومجاز الرفع على معنى: قل: ملتنا وديننا ملة إبراهيم ج



إعراب حنيفا ج ط
قال ابن عطية :
1- وحنيفاً حال ج ط
2- وقيل نصب بإضمار فعل، لأن الحال تعلق من المضاف إليه ط

معنى حنيفاً ج ط ك

معنى الحنف في اللغة :
قال ابن عطية :
1- والحنف الميل، ومنه الأحنف لمن مالت إحدى قدميه إلى الأخرى، والحنيف في الدين الذي مال عن الأديان المكروهة إلى الحق ج ط
2- وقال قوم: الحنف الاستقامة، وسمي المعوج القدمين أحنف تفاؤلا ط

معنى حنيفا في الشرع :
1- قال القرظي : مستقيما . ك ط ج
2- قال مجاهد : مخلصا . ك
3- عن مجاهد والربيع بن أنس : حنيفا أي متبعا . ك
4- قال قتاده : الحنيفيّة: شهادة أن لا إله إلّا اللّه. يدخل فيها تحريم الأمّهات والبنات والخالات والعمّات وما حرّم اللّه، عزّ وجلّ والختان. ك
ه - خصص بعض المفسرين الحنيف : قال قوم: الحنيف الحاج، وقال آخرون: المختتن، وهذه أجزاء الحنف. ك ط
خلاصة الأقوال : قال ابن عطية وابن كثير والزجاج : الحنيف في الدين المستقيم على جميع طاعات الله عز وجل،


معنى قوله تعالى (بل مله إبراهيم حنيفا) ج ك
قال الزجاج : بل نتبع ملة إبراهيم في حال حنيفته،
قال ابن كثير: لا نريد ما دعوتم إليه من اليهوديّة والنّصرانيّة، بل نتّبع {ملّة إبراهيم حنيفًا}





تفسير قوله تعالى: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)}

سبب نزول الآية ك
قال ابن كثير: وقال البخاريّ: عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التّوراة بالعبرانيّة ويفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنّا باللّه وما أنزل إلينا "

الخطاب في الآية ط
قال ابن عطية: هذا الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، علمهم الله الإيمان، وما أنزل إلينا يعني به القرآن، وصحت إضافة الإنزال إليهم من حيث هم المأمورون المنهيون فيه،

معنى الآية ط ك
قال ابن كثير: أرشد اللّه تعالى عباده المؤمنين إلى الإيمان بما أنزل إليهم بواسطة رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم مفصّلًا وبما أنزل على الأنبياء المتقدّمين مجملًا ونصّ على أعيانٍ من الرّسل، وأجمل ذكر بقيّة الأنبياء، وأن لا يفرّقوا بين أحدٍ منهم، بل يؤمنوا بهم كلّهم، ولا يكونوا كمن قال اللّه فيهم: {ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقًّا} [النّساء: 150، 151].

الجمع في (إبراهيم وإسماعيل) ط
قال ابن عطية: وإبراهيم وإسماعيل يجمعان
1- براهيم وسماعيل، هذا هو اختيار سيبويه والخليل،
2- وقال قوم «براهم»،
3- وقال الكوفيون: «براهمة وسماعلة»،
4- وقال المبرد: «أباره وأسامع»، وأجاز ثعلب «براه» كما يقال في التصغير «بريه»،

المراد ب ( الأسباط) ط ك
هم ولد يعقوب عليه السلام وتفرعت منه قبائل بني إسرائيل .
قال ابن عطية: والأسباط هم ولد يعقوب، وهم روبيل وشمعون ولاوي ويهوذا وربالون ويشحر ودنية بنته وأمهم ليا، ثم خلف على أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين، وولد له من سريتين ذان وتفثالي وجاد وأشرو، والسبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في ولد إسماعيل
قال ابن كثير: وقال أبو العالية والرّبيع وقتادة: الأسباط: بنو يعقوب اثنا عشر رجلًا؛ ولد كلّ رجلٍ منهم أمّةً من النّاس، فسمّوا الأسباط.
وقال الخليل بن أحمد وغيره: الأسباط في بني إسرائيل، كالقبائل في بني إسماعيل؛ وقال الزّمخشريّ في الكشّاف: الأسباط: حفدة يعقوب ذراري أبنائه الاثنى عشر، وقد نقله الرّازيّ عنه، وقرّره ولم يعارضه. وقال البخاريّ: الأسباط: قبائل بني إسرائيل، وهذا يقتضي أنّ المراد بالأسباط هاهنا شعوب بني إسرائيل، وما أنزل اللّه تعالى من الوحي على الأنبياء الموجودين منهم، كما قال موسى لهم: {اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكًا وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين} [المائدة: 20] وقال تعالى: {وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطًا أممًا}


سبب تسمية الأسباط ومعناها بذلك ط ك
قال ابن كثير: وقال القرطبيّ:
1- وسمّوا الأسباط من السّبط، وهو التّتابع، فهم جماعةٌ متتابعون.
2- وقيل: أصله من السّبط، بالتّحريك، وهو الشّجر، أي: هم في الكثرة بمنزلة الشّجر الواحدة سبطةٌ.
قال القرطبيّ: والسّبط: الجماعة والقبيلة، الرّاجعون إلى أصلٍ واحدٍ.
وذكره ابن عطيه

الأنبياء وعددهم ك
قال ابن كثير: قال الزّجّاج: ويبيّن لك هذا: م،ن ابن عبّاسٍ، قال: كلّ الأنبياء من بني إسرائيل إلّا عشرةً: نوحٌ وهودٌ وصالحٌ وشعيبٌ وإبراهيم ولوطٌ وإسحاق ويعقوب وإسماعيل ومحمّدٌ -عليهم الصّلاة والسّلام.

المراد بقوله تعالى (وما أوتي موسى وعيسى ) ط
قال ابن عطية: وما أوتي موسى هو التوراة وآياته، و «ما أوتي عيسى» هو الإنجيل وآياته

المراد بالإيمان بما أوتي الرسل ك
قال ابن كثير: قال قتادة: أمر اللّه المؤمنين أن يؤمنوا به، ويصدقوا بكتبه كلّها وبرسله.
وقال سليمان بن حبيبٍ: إنّما أمرنا أن نؤمن بالتّوراة والإنجيل، ولا نعمل بما فيهما.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن محمّد بن مصعب الصّوريّ، حدّثنا مؤمّل، حدّثنا عبيد الله بن أبي حميدٍ، عن أبي المليح، عن معقل بن يسارٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "آمنوا بالتّوراة والزّبور والإنجيل وليسعكم القرآن"


معنى قوله تعالى (لا نفرق بين أحد منهم ) ج ط
قال الزجاج: المعنى:*لا نكفر ببعض ، ونؤمن ببعض)


مرجع الضمير في (له مسلمون ) ط
قال ابن عطية : والضمير في له عائد على اسم الله عز وجل

الحذف في (لا نفرق بين أحد منهم ) وسببه ط
قال ابن عطية : وفي الكلام حذف تقديره: بين أحد منهم وبين نظيره، فاختصر لفهم السامع

مسألة : اختلاف شرائع الأنبياء و اتفاقها وحكم العمل بما سبق ج ط
قال الزجاج :
قال عزّ وجلّ:*{إنّ الدّين عند اللّه الإسلام} فلم يبعث نبي إلا به.
وإن اختلفت شرائعهم، فالعقد توحيد اللّه عزّ وجلّ والإيمان برسله وإن اختلفت الشرائع، إلا أنّه لا يجوز أن تترك شريعة نبي، أو يعمل بشريعة نبي قبله تخالف شريعة نبي الأمة التي يكون فيها،

قال ابن عطية : فالمعنى أنا نؤمن بجميع الأنبياء لأن جميعهم جاء بالإيمان بالله، فدين الله واحد وإن اختلفت أحكام الشرائع، ولا نفرّق بين أحدٍ منهم أي لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما تفعلون



تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)}


الخطاب في الآية ط
قال ابن عطية: خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته.

معنى قوله تعالى (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا) ج ط ك
قال ابن عطية:
1- والمعنى إن صدقوا تصديقا مثل تصديقكم
وذكر الزجاج وابن كثير نحو ذلك

مسألة المماثلة بين الإيمانين ط
قال ابن عطية:
1- المعنى إن صدقوا تصديقا مثل تصديقكم فالمماثلة وقعت بين الإيمانين 2- وقيل الباء زائدة مؤكدة، والتقدير آمنوا مثل
3- وقيل «مثل» زائدة كما هي في قوله ليس كمثله شيءٌ
4- وقالت فرقة: هذا من مجاز الكلام، تقول هذا أمر لا يفعله مثلك أي لا تفعله أنت، فالمعنى فإن آمنوا بالذي آمنتم به، هذا قول ابن عباس، وقد حكاه عنه الطبري قراءة، ثم أسند إليه أنه قال: «لا تقولوا فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، فإنه لا مثل لله تعالى، ولكن قولوا فإن آمنوا بالذي آمنتم أو بما آمنتم به».


معنى اهتدوا ج ك
قال الزجاج: أي: فقد صاروا مسلمين مثلكم.
قال ابن كثير: أي: فقد أصابوا الحقّ، وأرشدوا إليه


القراءات في قوله تعالى( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به) ط
قال ابن عطية: هذا قول ابن عباس، وقد حكاه عنه الطبري قراءة، ثم أسند إليه أنه قال: «لا تقولوا فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، فإنه لا مثل لله تعالى، ولكن قولوا فإن آمنوا بالذي آمنتم أو بما آمنتم به».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا على جهة التفسير، أي هكذا فليتأول، وحكاهما أبو عمرو الداني قراءتين عن ابن عباس فالله أعلم.

معنى تولوا ط ك
قال ابن عطية: وإن تولّوا أي أعرضوا
قال ابن كثير: أي: عن الحقّ إلى الباطل

مرجع الضمير في آمنوا - تولوا - به ك ط
قال ابن كثير وابن عطية: تولوا آمنوا يعني به اليهود والنصارى
قال ابن عطية : به والضمير في به عائد كالضمير في له، فكأن الكلام فإن آمنوا بالله مثل ما آمنتم به، ويظهر عود الضمير على ما

معنى قوله تعالى (فإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ) ك
قال ابن كثير: {وإن تولّوا} أي: عن الحقّ إلى الباطل، بعد قيام الحجّة عليهم {فإنّما هم في شقاقٍ فسيكفيكهم اللّه} أي: فسينصرك عليهم ويظفرك بهم {وهو السّميع العليم}


معنى شقاق واشتقاقها ج ط
قال الزجاج وابن عطية: المشاقة و العداوة والمخالفة
قال ابن عطية:
1- أي في شقاق لك هم في شق وأنت في شق ذكره الزجاج
2- وقيل: شاق معناه شق كل واحد وصل ما بينه وبين صاحبه


معنى قوله تعالى (فسيكفيكهم الله) ج ط ك
هذا وعد بالنصر والغلبه من الله تعالى

قال الزجاج : هذا ضمان من اللّه عزّ وجلّ في النصر لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إنما يكفيه إياهم بإظهار ما بعثه به على كل دين سواه،
قال ابن عطية: ثم وعده تعالى أنه سيكفيه إياهم ويغلبه عليهم، فكان ذلك في قتل بني قينقاع وبني قريظة وإجلاء النضير.
وهذا الوعد وانتجازه من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم،
قال ابن كثير: أي: فسينصرك عليهم ويظفرك بهم


شبهه قتل الأنبياء وهل هي ضد النصر ؟ ج
قال الزجاج: فإن قال قائل : فإن من الرسل من قتل.
فإن تأويل ذلك - والله أعلم - :
1- أن اللّه غالب هو ، ورسله بالحجة الواضحة، والآية البينة، ويجوز أن تكون غلبة الآخرة ؛ لأن الأمر هو على ما يستقر عليه في العاقبة.
2- وقد قيل: إن الله لم يأمر رسولاً بحرب ، فاتبع ما أمره الله به في حربه إلا غلب، فعلى هذا التأويل : يجوز أن يكون لم يقتل رسول قط محارباً


معنى قوله تعالى (السميع العليم ) ط
قال ابن عطية: والسّميع لقول كل قائل، العليم بما يجب أن ينفذ في عباده




تفسير قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)}


إعراب ( صبغة الله) ج ط ك
1- الرفع قال الزجاج :
يجوز أن ترفع الصبغة على إضمار هي، كأنهم قالوا: هي صبغة اللّه ،
2- النصب قال ابن عطية:
1- نصب الصبغة على الإغراء أي الزموا ذلك ك
2- وقيل بدل من ملة ج ك
3- وقيل نصب على المصدر المؤكد لأن ما قبله من قوله فقد اهتدوا هو في معنى يلبسون أو يتجللون صبغة الله ك
4- وقيل: التقدير ونحن له مسلمون صبغة الله، فهي متصلة بالآية المتقدمة


القراءات في (صبغة الله) ط
قال ابن عطية: وقال الطبري من قرأ برفع «ملة» قرأ برفع «صبغة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقد ذكرتها عن الأعرج وابن أبي عبلة.

سبب التسمية بالصبغة ج ط
قال ابن عطية:
1- قال كثير من المفسرين: وذلك أن النصارى لهم ماء يصبغون فيه أولادهم، فهذا ينظر إلى ذلك وقال الزجاج : ويقولون هذا تطهير كما أن الختان تطهير لكم
2- وقيل: سمي الدين صبغة استعارة من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين كما يظهر الصبغ في الثوب وغيره

معنى الصبغة والمراد ب( صبغه الله ) في الآية ج ط ك
قال الزجاج وابن عطية وابن كثير:
أي دين الله وشريعته وفطرته وهي ملة إبراهيم عليه السلام
وقال الزجاج قولان آخران
1- أي:التطهير الذي أمر به مبالغ في النظافة.
2- ويجوز أن يكون - واللّه أعلم - صبغة الله،أي:خلقة اللّه جلّ وعزّ الخلق، فيكون المعنى:. أن اللّه ابتدأ الخلق على الإسلام، ويكون دليل هذا القول قول الله عزّ وجلّ:*{وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى}


إعراب (ونحن له عابدون) ط
قال ابن عطية: ونحن له عابدون ابتداء وخبر

رد مع اقتباس
  #56  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 06:21 PM
عبير ماجد عبير ماجد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 233
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (139) إلى الآية (141) ]

تفسير سورة البقرة [من الآية (139) إلى الآية (141) ]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)}




تفسير قوله تعالى:{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)}


القراءات في (أتحاجوننا) ج ط
فيها وجهين : أتحاجوننا – أتحاجونا
قال الزجاج :
فأجودها:*{أتحاجوننا}*بنونين ، وإن شئت بنون واحدة*{أتحاجونّا}*على إدغام الأولى في الثانية ، وهذا وجه جيد
قال ابن عطية: وقرأ ابن محيصن «أتحاجونا» بإدغام النون في النون، وخف الجمع بين ساكنين لأن الأول حرف مد ولين، فالمد كالحركة،

معنى الآية ج ط ك
قال الزجاج: أن الله عزّ وجلّ أمر المسلمين أن يقولوا لليهود الذين ظاهروا من لا يوحد اللّه عزّ وجلّ من النصارى وعبدة الأوثان، فأمر الله أن يحتج عليهم بأنكم تزعمون أنكم موحدون، ونحن نوحّد ، فلم ظاهرتم من لا يوحّد الله جلّ وعزّ:{وهو ربّنا وربّكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم}: ثم أعلموهم : أنهم مخلصون، وإخلاصهم إيمانهم بأن الله عزّ وجلّ واحد، وتصديقهم جميع رسله، فاعلموا أنهم مخلصون، دون من خالفهم)
قال ابن عطية: قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وادعوا أنهم أولى بالله منكم لقدم أديانهم وكتبهم: أتحاجّوننا في اللّه؟ أي أتجاذبوننا الحجة على دعواكم، والرب تعالى واحد وكل مجازى بعمله، فأي تأثير لقدم الدين؟، ثم وبخوا بقوله ونحن له مخلصون أي ولم تخلصوا أنتم، فكيف تدعون ما نحن أولى به منكم؟.


المخاطب في الآية والمأمورون بخطابهم ك ط ج
الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام وللمسلمين من بعده ، أن يقولوا لمن لم يوحد الله من المشركين وأهل الكتاب
قال الزجاج: أن الله عزّ وجلّ أمر المسلمين أن يقولوا لليهود الذين ظاهروا من لا يوحد اللّه عزّ وجلّ من النصارى وعبدة الأوثان
قال ابن عطية : قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وادعوا أنهم أولى بالله منكم لقدم أديانهم وكتبهم:
قال ابن كثير: يقول اللّه تعالى مرشدًا نبيّه صلوات اللّه وسلامه عليه إلى درء مجادلة المشركين

معنى (أتحاجوننا) ك ط
المحاجة : هي مجاذبة الحجة والمناظرة
قال ابن كثير: أي: أتناظروننا في توحيد اللّه والإخلاص له والانقياد، واتّباع أوامره وترك زواجره
قال ابن عطية: أي أتجاذبوننا الحجة على دعواكم

مسألة المحاجّة ج ط ك
المحاجة كانت في التوحيد واتباع دينه وعدم مظاهره المشركين
قال الزجاج : فأمر الله أن يحتج عليهم بأنكم تزعمون أنكم موحدون، ونحن نوحّد ، فلم ظاهرتم من لا يوحّد الله جلّ وعز
قال ابن عطية: أي أتجاذبوننا الحجة على دعواكم، والرب تعالى واحد وكل مجازى بعمله، فأي تأثير لقدم الدين؟
قال ابن كثير: أي: أتناظروننا في توحيد اللّه والإخلاص له والانقياد، واتّباع أوامره وترك زواجره

معنى (في الله) ط
قال ابن عطية: وفي اللّه معناه في دينه والقرب منه والحظوة لديه
قال ابن كثير : أي: أتناظروننا في توحيد اللّه والإخلاص له والانقياد، واتّباع أوامره وترك زواجره


معنى (وهو ربنا وربكم) ك
قال ابن كثير: المتصرّف فينا وفيكم، المستحقّ لإخلاص الإلهيّة له وحده لا شريك له

معنى (ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم) ك
قال ابن كثير: أي: نحن برآء منكم، وأنتم برآء منّا

المقصود بالإخلاص ك ج
قال ابن كثير: أي في العبادة والتّوجّه
قال الزجاج: وإخلاصهم إيمانهم بأن الله عزّ وجلّ واحد، وتصديقهم جميع رسله


فائدة الأسلوب في قوله تعالى (ونحن له مخلصون) ط ج
التوبيخ ، وبيان أخلاصهم في التوحيد دون غيرهم
قال الزجاج: فاعلموا أنهم مخلصون، دون من خالفهم
قال ابن عطية: ثم وبخوا بقوله ونحن له مخلصون أي ولم تخلصوا أنتم، فكيف تدعون ما نحن أولى به منكم؟.






تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)}



علاقة الآية بما قبلها ج
قال الزجاج : كأنّهم قالوا لهم: بأيّ الحجتين تتعلّقون في أمرنا؟، أبالتوحيد ، فنحن موحدون، أم باتباع دين الأنبياء ، فنحن متبعون؟

القراءات في (أم تقولون) وإعرابها ط
فيها قراءتان :
1- أم تقولون فتكون أم عطف على ألف الاستفهام المتقدمة
2- أم يقولون فتكون إعراب أم .
أ - وأم على هذه القراءة مقطوعة، ذكره الطبري.
ب - وحكي عن بعض النحاة أنها ليست بمقطوعة لأنك إذا قلت أتقوم أم يقوم عمرو؟ فالمعنى أيكون هذا أم هذا؟. رده ابن عطية

ذكر القراءات ابن عطية وإعرابها ثم قال :
وقيل إن أم في هذا الموضع غير معادلة على القراءتين، وحجة ذلك اختلاف معنى الآيتين وإنهما ليسا قسمين، بل المحاجة موجودة في دعواهم الأنبياء عليهم السلام، ووقفهم تعالى على موضع الانقطاع في الحجة، لأنهم إن قالوا إن الأنبياء المذكورين على اليهودية والنصرانية كذبوا، لأنه قد علم أن هذين الدينين حدثا بعدهم، وإن قالوا لم يكونوا على اليهودية والنصرانية قيل لهم فهلموا إلى دينهم إذ تقرون بالحق.



معنى قوله تعالى ( أم تقولون إن ابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى ) ج ط ك
قال الزجاج: كأنّهم قالوا لهم: بأيّ الحجتين تتعلّقون في أمرنا؟، أبالتوحيد ، فنحن موحدون، أم باتباع دين الأنبياء ، فنحن متبعون؟.
قال ابن كثير: ثمّ أنكر تعالى عليهم، في دعواهم أنّ إبراهيم ومن ذكر بعده من الأنبياء والأسباط كانوا على ملّتهم، إمّا اليهوديّة وإمّا النّصرانيّة

معنى قوله تعالى (قل ءأنتم أعلم أم الله )ج ط ك
استفهام تقرير وإنكار لفساد دعواهم وأن الله يعلم أنهم ما كانوا على اليهودية والنصرانية
قال الزجاج: أن النبي الذي أتانا بالآيات المعجزات ، وأتاكم بها أعلمكم، وأعلمنا أن الإسلام دين هؤلاء الأنبياء.
قال ابن عطية: تقرير على فساد دعواهم إذ لا جواب لمفطور إلا أن الله تعالى أعلم
قال ابن كثير: أنكر تعالى عليهم، في دعواهم أنّ إبراهيم ومن ذكر بعده من الأنبياء والأسباط كانوا على ملّتهم، إمّا اليهوديّة وإمّا النّصرانيّة فقال: {قل أأنتم أعلم أم اللّه} يعني: بل اللّه أعلم، وقد أخبر أنّهم لم يكونوا هودًا ولا نصارى، كما قال تعالى: {ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين} الآية والتي بعدها [آل عمران: 67،68].

المراد بالأسباط ج
قال الزجاج: هم الذين من ذرية الأنبياء، والأسباط اثنا عشر سبطا ً، وهم ولد يعقوب عليه السلام

معنى السبط في اللغة واشتقاقها ج
قال الزجاج : ومعنى السبط في اللغة: الجماعة الذين يرجعون إلى أب واحد، والسبط في اللغة الشجرة، فالسبط، الذين هم من شجرة واحدة.

المقصودين بقوله تعالى(ومن أظلم ممكن كتم شهادة عنده من الله) ومعناها ج ط
قال الزجاج هؤلاء الذين هم علماء اليهود؛ لأنهم قد علموا أن رسالة النبي حق، وإنما كفروا حسداً، كما قال الله عزّ وجلّ، وطلباً لدوام رياستهم ، وكسبهم؛ لأنهم كانوا يتكسبون بإقامتهم على دينهم، فقيل: ومن أظلم ممن كتم أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا أحد أظلم منه
قال ابن عطية: ومن أظلم لفظه الاستفهام والمعنى لا أحد أظلم منهم، وإياهم أراد تعالى بكتمان الشهادة.

المراد بالشهادة ط ك
قال ابن عطية: واختلف في الشهادة هنا ما هي؟
1- فقال مجاهد والحسن والربيع: هي ما في كتبهم من أن الأنبياء على الحنيفية لا على ما ادعوا هم،
2- وقال قتادة وابن زيد: هي ما عندهم من الأمر بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم واتباعه،
والأول أشبه بسياق معنى الآية
ذكر ابن كثير الأول بما استدل به فقال : قال الحسن البصريّ: كانوا يقرؤون في كتاب اللّه الذي أتاهم: إنّ الدّين [عند اللّه] الإسلام، وإنّ محمّدًا رسول اللّه، وإنّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا برآء من اليهوديّة والنّصرانيّة، فشهد اللّه بذلك، وأقرّوا به على أنفسهم للّه، فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك.

تعلق ( من الله) ومعناها ط
قال ابن عطية: واستودعهم الله تعالى هذه الشهادة ولذلك قال: من اللّه:
1- ف من على هذا متعلقة ب عنده، كأن المعنى شهادة تحصلت له من الله
2- ويحتمل أن تتعلق من ب كتم، أي كتمها من الله.

معنى قوله تعالى (وما الله بغافل عما تعملون) ج ط ك
خطاب تهديد ووعيد وإعلام بأن الله يعلم كتمانهم ،وسيجازيهم بها
قال الزجاج: من كتمانكم ما علمته من صحة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
قال ابن عطية: وعيد وإعلام أنه لا يترك أمرهم سدى، وأن أعمالهم تحصل ويجازون عليها
قال ابن كثير: [فيه] تهديدٌ ووعيدٌ شديدٌ، أي: [أنّ] علمه محيطٌ بعملكم، وسيجزيكم عليه

معنى الغافل واشتقاقها ط
قال ابن عطية: والغافل الذي لا يفطن للأمور إهمالا منه، مأخوذ من الأرض الغفل، وهي التي لا معلم بها


تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)}


سبب تكرار الآية و معناها في كل مره ط
قال ابن عطية : كررها عن قرب لأنها تضمنت معنى التهديد والتخويف، أي إذا كان أولئك الأنبياء على إمامتهم وفضلهم يجازون بكسبهم فأنتم أحرى، فوجب التأكيد، فلذلك كررها، ولترداد ذكرهم أيضا في معنى غير الأول

معنى( قد خلت ) ك
قال ابن كثير: أي: قد مضت

معنى قوله تعالى (لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ) ج ك
قال الزجاج: لها ثواب ما كسبت، ولكم ثواب ما كسبتم
قال ابن كثير: : لهم أعمالهم ولكم أعمالكم

معنى قوله تعالى ( ولا تسألون عما كانوا يعملون) ك
قال ابن كثير: وليس يغني عنكم انتسابكم إليهم، من غير متابعةٍ منكم لهم، ولا تغترّوا بمجرّد النّسبة إليهم حتّى تكونوا مثلهم منقادين لأوامر اللّه واتّباع رسله، الّذين بعثوا مبشّرين ومنذرين، فإنّه من كفر بنبيٍّ واحدٍ فقد كفر بسائر الرّسل، ولا سيّما من كفر بسيّد الأنبياء، وخاتم المرسلين ورسول ربّ العالمين إلى جميع الإنس والجنّ من سائر المكلّفين

رد مع اقتباس
  #57  
قديم 25 ربيع الثاني 1436هـ/14-02-2015م, 12:24 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير ماجد مشاهدة المشاركة
الفوائد السلوكية سورة البقرة
[من الآية (2) إلى الآية (5) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}


من الفوائد السلوكية لهذه الآيات :
1- صفات المتقين المذكورة كلما زاد العبد منها زادت هدايته وزاد فلاحه
2- على المسلم الإهتمام بإقامة الصلاة وليس أدائها فقط
3- أن هذا الكتاب فيه سبيل الهداية والرشاد للعباد الموصل للفلاح والنجاة [ أخبر عنه بأنه هدىً للمتقين فتبين أنه لا ينال هداهُ إلا من حقق التقوى وبين بعدها صفاتُ المتقين ثم رتب على هذه الأفعال الفلاح في الدنيا والآخرة ]
4- اشتمال صفات المتقين على أعمال الجوارح وأعمال القلوب وعدم الإتكال على بعضها دون بعض
5- الإيمان بالغيبيات درجات ، وما وقر في القلب لا يطلع عليه إلا الله ، فيجب الإجتهاد في إصلاح القلوب

أحسنتِ جدًا عبير فيما استخرجتِ من فوائد وإليكِ بعض الملحوظات اليسيرة.
- لو رتبتِ الفوائد على ترتيب الآيات لكان أفضل.
- قفي مع كل كلمة وتأمليها وحاولي استنباط الفائدة السلوكية منها ؛ مثلا ما استفدناه من قوله عز وجل : { ومما رزقناهم ينفقون }.
- المصادر الخماسية مثل : الاتكال والاجتهاد ؛ همزتها همزة وصل.
وكذلك المصادر السداسية مثل الاستعاذ.
الدرجة : 10 / 10
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #58  
قديم 4 ربيع الثاني 1437هـ/14-01-2016م, 09:44 PM
عبير ماجد عبير ماجد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 233
افتراضي

مجلس مذاكرة تفسير سور: النبأ، والنازعات، وعبس، والتكوير.


المجموعة الأولى:

السؤال الأول: اذكر المعنى اللغوي للمفردات التالية:-
أ: النبأ العظيم

هو الخبر الهائل المفظع
ب: سباتا

السبات: هو الانقطاع عن الحركة
ج: ثجاجا

الثج: الصّبّ المتتابع الكثير
د: ألفافا

ملتفه بعضها على بعض



السؤال الثاني: استخلص المسائل فقط التي ذكرها المفسّرون في تفسيرهم لقوله تعالى:-
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)) النبأ.



قوله تعالى: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) )
مناسبة الآية
المراد بــ(يوم الفصل)
معنى (ميقاتًا)
سبب تسمية الفصل بهذا الاسم؟


* قوله تعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) )
معنى الصور
المراد بـ (تأتون)
معنى (أفواجًا)
مقدار ما بين النفختين
بعض أهوال يوم القيامة

* قوله تعالى: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) )
المراد بــ (فكانت أبوابًا)
سبب فتح السماء أبوابًا


* قوله تعالى: (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) )
معنى(سُيِّرت الجبال )
معنى (فكانت سرابًا)



السؤال الثالث: اذكر مع الترجيح الأقوال الواردة في تفسير:-
أ: معنى "دهاقا".

1- صافية
2- المتتابعة
3- الملأى ، زاد ابن عباس وصف التتابع فقال: (وكأسًا دهاقًا):مملوءة ممتابعة
الاختلاف من باب التنوع ويمكن الجمع بينها

ب: معنى قوله تعالى: (والنازعات غرقا * والناشطات نشطا * والسابحات سبحا).

قوله تعالى: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا )
1- هي الملائكة حين تنزع أرواح بني آدم
2- هي الملائكة حين تقبض أرواح بني آدم غير أن النزعَ يكون لأرواحِ المؤمنينَ، والنشطَ لأرواحِ الكفارِ،
3- هي أنفُس الكفّار تُنزع، ثم تنشط، ثم تغرق في النار
4- هو الموت
5- هي النجوم
6- هي القسيّ في القتال
قال ابن كثير: " الصّحيح الأوّل، وعليه الأكثرون"

قوله تعالى: (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا )
1- هي الملائكة
2- الموت
3- النجوم
4- السفن
والأظهر الأول لسياق الآية في الملائكة



السؤال الرابع: فسّر باختصار قوله تعالى:-
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)) النبأ.

أي مُمهدة مذللة مهيئة للبشر وجعل الجبال كالأوتاد للأرض لتثبيتها لئلا تميد ، وامتنّ الله سبحانه بأن خلق جنس البشر من ذكر وأنثى ليسكن كل منهما للآخر ويحصل النسل وعمارة الأرض، كما جعل سبحانه النوم راحة لهم
ثم جعل الليل لباسًا يغشى الخلق بظلامه وسواده، أما النهار فقد جعله مشرقًا مُضيئًا ليتمكنوا من السعي في الأرض وعمارتها .



السؤال الخامس: استدلّ لما يلي مما درست عدم فناء النار

قال تعالى: (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)




السؤال السادس: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير قوله تعالى:-
(فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)) النازعات.



- الترهيب من الإغترار بالدنيا والحرص عليها وترك الآخرة
- تعظيم الله سبحانه في نفوس عبادة من أجل العبادات والطاعات
- على الإنسان تهذيب نفسه ونهيها عن معصية الله للوصول بها إلى الجنة ورضا الله تعالى

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التفسير, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir