ثمَّ أَشَارَ بقولِهِ:
وَفَتْحُ ما حَرْفُ حَلْقٍ غَيْرُ أَوَّلِهِ = عَنِ الكِسَائِيِّ فِي ذَا النَّوْعِ قدْ حَصَلا
إلى أنَّهُ إذا بُنِيَ الفعلُ لغلبةِ المفاخرِ مِمَّا ليسَ فيهِ داعِي الكسرِ فلا فَرْقَ عندَ الجمهورِ في لزومِ ضَمِّهِ بينَ أنْ يكونَ غيرُ أَوَّلِهِ وهوَ عَيْنُهُ، وَلَامُهُ حَرْفَ حَلْقٍ أمْ لا.
وَسَتَأْتِي حروفُ الحلقِ المُقْتَضِيَةُ لفتحِ المضارعِ, فتقولُ: صَارَعَنِي فَأَنَا أَصْرُعُهُ بالضمِّ، وَشَاعَرَنِي فَأَنَا أَشْعُرُهُ، ومذهبُ الكِسائِيِّ أنَّ حَرْفَ الحلقِ مَانِعٌ من الضمِّ منْ ذا النوعِ؛ أيْ: المَبْنِيِّ للغلبةِ؛ لأنَّ الفتحَ قدْ سُمِعَ في أفعالٍ منهُ، وَحَمَلَ الجمهورُ ذلكَ على الشذوذِ كَمَا سُمِعَ الكسرُ في أفعالٍ، ولا أَثَرَ عندَهُم لحرفِ الحلقِ.
تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى الصِّحَاحِ مُوَافَقَةُ الكِسائِيِّ في أنَّ حروفَ الحلقِ مَانِعٌ من الضمِّ؛ فإنَّهُ قَالَ: خَصَمَهُ يَخْصِمُهُ: غَلَبَهُ، وهوَ شَاذٌّ، فَإِنَّ فَاعَلْتُهُ فَفَعَلْتُهُ يَرُدُّ يَفْعِلُ منهُ إلىالضمِّ إنْ لمْ تكنْ عينُهُ حرفَ حلقٍ. انْتَهَى.
وقولُهُ: وَفَتْحُ مَا حَرْفُ حَلْقٍ غَيْرُ أَوَّلِهِ.
فَتْحُ: مُبْتَدَأٌ، وقدْ حَصَلَ خَبَرُهُ، وما: موصولةٌ، وحرفُ: خبرٌ مُقَدَّمٌ لغيرُ أَوَّلِهِ، والجملةُ صِلَةُ ما.
مَبْحَثُ ما عَيْنُهُ أوْ لامُهُ حَرْفُ حَلْقٍ منْ فَعَلَ المفتوحِ:
وقدْ ذَكَرْنَا أنَّ فَعَلَ المفتوحَ يَنْقَسِمُ إلى ما قِيَاسُ مُضَارِعِهِ الكسرُ وما قِيَاسُ مُضَارِعِهِ الضمُّ، وقدْ سَبَقَا بِأَنْوَاعِهِمَا، وإلى ما يَجُوزُ فيهِ الضمُّ والكسرُ وَسَيَأْتِي، وما قِيَاسُ مُضَارِعِهِ الفتحُ، وقدْ أَشَارَ إليهِ الناظمُ رَحِمَهُ اللَّهُ بقولِهِ:
في غيرِ هذا لَدَى الحلقيِّ فَتْحاً أَشِعْ = بِالِاتِّفَاقِ كَآتٍ صِيغَ مِنْ سَأَلَا
أيْ: وَأَشِع الفتحَ قِيَاساً في غيرِ الدالِّ على المفاخرةِ منْ مضارعِ فَعَلَ المفتوحِ الحلقيِّ العينِ أو اللامِ باتِّفاقٍ من الكسائيِّ وغيرِهِ، وحروفُ الحلقِ سِتَّةٌ: الهمزةُ والهاءُ والحاءُ والخاءُ والعينُ والغينُ، وَمَثَّلَ لهُ الناظمُ بالآتِي: وَهُوَ المستقبلُ المضارعُ منْ سَأَلَ؛ لأنَّ عَيْنَهُ حَرْفُ حَلْقٍ، فَيُقَالُ: سَأَلَ يَسْأَلُ، وَيَجُوزُ أنْ يُقْرَأَ قَوْلُهُ: (لِذِي الحلقيِّ) بذالٍ معجمةٍ مكسورةٍ وبمهملةٍ مفتوحةٍ، أي: وَأَشِع الفتحَ في مضارعِ فَعَلَ المفتوحِ ذي الحرفِ الحلقيِّ، وعندَ وجودِ الحرفِ الحلقيِّ, مِثَالُ ذلكَ: بَدَأَ اللَّهُ الخلقَ يَبْدَؤُهُ؛ أي: ابْتَدَأَهُ، وبَرَأَهُ يَبْرَؤُهُ: خَلَقَهُ، والبَرِيَّةُ أيْ: الخليقةُ، وكذا بَرَأَ المريضُ يَبْرَأُ، وَجَزَأَ بالشيءِ يَجْزَأُ: اكْتَفَى، وَجَفَأَ السيلُ أو القدرُ يَجْفَأُ: قَذَفَ بالجُفاءِ؛ أي: الزَّبَدِ، وَخَبَأَ الشيءَ يَخْبَؤُهُ: سَتَرَهُ،
وَخَسَأَ الكلبُ يَخْسَأُ: بَعُدَ، وَخَسَأْتُهُ أَيْضاً: طَرَدْتُهُ لازمٌ وَمُتَعَدٍّ، وَدَرَأَهُ يَدْرَؤُهُ: دَفَعَهُ، وَذَرَأَهُ يَذْرَؤُهُ: فَرَّقَهُ، ومنهُ الذَّرِيَّةُ، وَطَرَأَ عَليهم يَطْرَأُ: جَاءَهُم فَجْأَةً، وَفَقَأَ العينَ والبَثْرَةَ يَفْقَؤُهُمَا: قَلَعَهُمَا، وَكَلَأَهَ يَكْلَؤُهُ: حَرَسَهُ، وَمَلأَهُ يَمْلَؤُهُ، وَنَسَأَهُ يَنْسَؤُهُ: أَخَّرَهُ، والمِنْسَأَةُ: العَصَا، وَهَدَأَ يَهْدَأُ: يَسْكُنُ وَدَعَبَ يَدْعَبُ دُعَابَةً: مَزَحَ،
وَذَهَبَ يَذْهَبُ، وَسَحَبَهُ يَسْحَبُهُ: جَرَّهُ على وجهِ الأرضِ، وَشَعَبَ الإناءَ يَشْعَبُهُ: صَدَعَهُ وَأَصْلَحَ شَعْبَهُ من الأضدادِ، وَبَغَتَهُ يَبْغَتُهُ: دَخَلَ عليهِ بَغْتَةً؛ أي: فَجْأَةً، وَسَحَتَ اللحمَ عن العظمِ يَسْحَتُهُ: قَشَّرَهُ، وَبَحَثَ عنهُ يَبْحَثُ، وَبَعَثَهُ مِنْ نَوْمِهِ يَبْعَثُهُ: أَثَارَهُ، وَلَهَثَ يَلْهَثُ: أَخْرَجَ لِسَانَهُ عَطَشاً أوْ إِعْيَاءً، وَجَرَحَهُ يَجْرَحُهُ جُرْحاً وجِرَاحَةً، والشاهدُ: طَعَنَ فيهِ، وَجَرَحَ أيضاً لِعِيَالِهِ: كَسَبَ كَاجْتَرَحَ، وَجَمَعَ الفرسُ يَجْمَعُ: أَسْرَعَ وَغَلَبَ رَاكِبَهُ، وَذَبَحَهُ يَذْبَحُهُ، وَرَشَحَ العرقُ يَرْشَحُ، وَسَبَحَ في النهرِ يَسْبَحُ، وَسَرَحَ الماشيةَ يَسْرَحُهَا: أَسَامَهَا، وَسَرَحَتْ هي: سَامَتْ لازمٌ ومُتَعَدٍّ، وَسَطَحَهُ يَسْطَحُهُ،
وَسَفَحَ الدمَ يَسْفَحُهُ: صَبَّهُ، وَسَفَحَ هوَ: انْصَبَّ, لازمٌ ومتعدٍّ، وَسَمَحَ لهُ بكذا يَسْمَحُ: جَادَ، وَسَنَحَ لهُ يَسْنَحُ: عَرَضَ، وَشَرَحَهُ يَشْرَحُهُ: وَسِعَهُ، وَصَفَحَ عنهُ يَصْفَحُ: أَعْرَضَ، والصفحُ: الجانبُ وَضَبَحَت الخيلُ تَضْبَحُ: صَوَّتَتْ منْ أَجْوَافِهَا عندَ العَدْوِ،
وَطَرَحَهُ يَطْرَحُهُ، وطَفَحَ الإناءُ يَطْفَحُ: امْتَلَأَ، وَطَمَحَ بَصَرُهُ يَطْمَحُ: ارْتَفَعَ، وَفَتَحَهُ يَفْتَحُهُ، وَفَسَحَ يَفْسَحُ: وَسِعَ، وَفَضَحَهُ يَفْضَحُهُ: أَظْهَرَ مَسَاوِئَهُ، وَفَلَحَهُ يَفْلَحُهُ: شَقَّهُ، والفِلاحَةُ: شَقُّ الأرضِ للزراعةِ، وَقَدَحَ فيهِ يَقْدَحُ: خَرَقَهُ، وفي الشاهدِ: عَابَهُ، وَقَرَحَهُ يَقْرَحُهُ: جَرَحَهُ، وَكَدَحَ في عَمَلِهِ يَكْدَحُ: سَعَى، وَكَلَحَ يَكْلَحُ: عَبَسَ وَلَفَحَتْهُ النارُ تَلْفَحُهُ: أَحْرَقَتْهُ بِحَرِّهَا، وَلَمَحَ إليهِ بِطَرْفِهِ يَلْمَحُ: اخْتَلَسَ النظرَ، ولَمَحَ البرقُ يَلْمَحُ: لَمَعَ، وَمَدَحَهُ يَمْدَحُهُ،
وَمَزَحَ يَمْزَحُ مُزَاحًا بالضمِّ، وَمَسَحَهُ بِيَدِهِ يَمْسَحُهُ، وَنَصَحَ الشيءُ يَنْصَحُ: خَلُصَ، ومنهُ: {تَوْبَةً نَصُوحًا}.
وَنَصَحَ لهُ يَنْصَحُهُ: أَخْلَصَ ، وَنَفَحَ الطِّيبُ يَنْفَحُ: انْتَشَرَ، والريحُ: هَبَّتْ، وَرَسَخَ قَدَمُهُ يَرْسَخُ: ثَبَتَ، وَسَلَخَ الجلدَ يَسْلَخُهُ: كَشَطَهُ، وَشَدَخَ رَأْسَهُ يَشْدَخُهُ: كَسَرَهُ، وَلَطَخَهُ بكذا يَلْطَخُهُ: لَوَّثَهُ بهِ، وَمَسَخَهُ اللَّهُ يَمْسَخُهُ: حَوَّلَ صُورَتَهُ، وَنَسَخَهُ يَنْسَخُهُ: أَزَالَهُ، والكتابَ نَقَلَهُ كَانْتَسَخَهُ، وَنَضَخَهُ يَنْضَخُهُ: رَشَّهُ، وَنَضَخَت العينُ: فَارَ مَاؤُهَا، وَجَحَدَهُ حَقَّهُ يَجْحَدُهُ: أَنْكَرَهُ معَ عِلْمِهِ بهِ، وَضَهَدَهُ يَضْهَدُهُ: قَهَرَهُ، وَلَحَدَ القبرَ يَلْحَدُ: عَمِلَ لهُ لَحْداً، وهوَ شِقٌّ مَائِلٌ عنْ وسطِهِ، ومنهُ لَحَدَ وَأَلْحَدَ، أي: مَالَ عن الحقِّ، وَمَهَدَهُ يَمْهَدُهُ: وَطَأَهُ، وَشَحَذَ السكِّينَ يَشْحَذُهَا: حَدَّدَهَا، وَبَحَرَهُ يَبْحَرُهُ: شَقَّهُ، ومنهُ البَحْرُ، والبَحِيرَةُ: المَشْقُوقَةُ الأُذُنِ، وَبَهَرَ القمرُ الكواكبَ يَبْهَرُهَا: غَلَبَ ضوءُهُ ضَوْءَهَا،وَثَغَرَ الإناءُ يَثْغَرُهُ: ثَلَمَهُ، والثُّلْمَةُ: سَدُّ ثَغْرِهَا, من الأضدادِ، وَجَأَرَ يَجْأَرُ: رَفَعَ صَوْتَهُ بالاستغاثةِ، وَجَهَرَ بِصَوْتِهِ يَجْهَرُ: أَعْلَنَ، والبئرَ: نَقَّاهَا، وَدَحَرَهُ يَدْحَرُهُ دُحُوراً: طَرَدَهُ، وَذَخَرَهُ لِنَفْسِهِ يَذْخَرُهُ: خَبَّأَهُ مُخْتَاراً لهُ، وَذَعَرَهُ يَذْعَرُهُ ذُعْراً بالضمِّ: أَخَافَهُ، وَزَأَرَ الأسدُ يَزْأَرُ: صَوَّتَ، وَزَخَرَ البحرُ يَزْخَرُ: طَمَا ، كَزَغَرَ يَزْغَرُ، وَزَهَرَ القمرُ يَزْهَرُ: تَلَأْلَأَ، وَسَحَرَهُ الساحرُ يَسْحَرُ، وَأَصْلُ السحرِ: مَا دَقَّ وَلَطُفَ، وَسَخَرَهُ يَسْخَرُهُ: قَهَرَهُ وَكَلَّفَهُ ما لا يُرِيدُ، وَسَعَرَ النارَ يَسْعَرُهَا: أَوْقَدَهَا، كَأَسْعَرَهَا وَسَعَّرَهَا، وَشَغَرَ المكانُ يَشْغَرُ: لم يَبْقَ بهِ أَحَدٌ يَحْمِيهِ، وَشَهَرَهُ يَشْهَرُهُ: أَظْهَرَهُ، وَظَهَرَ الشيءُ يَظْهَرُ، وَفَخَرَ يَفْخَرُ، وَقَهَرَهُ يَقْهَرُهُ، وَمَخَرَت السفينةُ تَمْخَرُ: شَقَّت الماءَ وَسُمِعَ لها صوتٌ عندَ جَرْيِهَا في الماءِ،
وَنَحَرَ الإبلَ يَنْحَرُهَا: أَصَابَ نَحْرَهَا، ونَهَرَ السائلَ يَنْهَرُهُ كَانْتَهَرَهُ، وَبَخَسَهُحَقَّهُ يَبْخَسُهُ: نَقَصَهُ، وَنَعَشَهُ يَنْعَشُهُ: رَفَعَهُ كَانْتَعَشَهُ، وَنَهَشَ اللحمَ يَنْهَشُهُ: عَضَّهُ بِأَضْرَاسِهِ، وَشَخَصَ يَشْخَصُ: ارْتَفَعَ، وإليه بَصَرَهُ: رَفَعَهُ، وَفَحَصَ عنهُ يَفْحَصُ: بَحَثَ، وَمَحَصَ الذهبَ بالنارِ يَمْحَصُهُ: أَخْلَصَهُ مِمَّا يَشُوبُهُ، كَمَحَصَهُ تَمْحِيصاً،وَجَهَضَهُ عن الأمرِ يَجْهَضُهُ: أَعْجَلَهُ كَأَجْهَضَهُ، وَدَحَضَتْ رِجْلُهُ تَدْحَضُ: زَلَفَتْ، وَرَحَضَهُ يَرْحَضُهُ: غَسَلَهُ وَمَحَضَهُ يَمْحَضُهُ: وَسَقَاهُ المَحْضَ؛ أي: الخَالِصَ، وَنَهَضَ يَنْهَضُ: قَامَ، وَلَحَظَهُ وإليهِ يَلْحَظُ: نَظَرَ إليهِ بِلِحَاظِهِبالكسرِ، وهوَ مُؤْخِرُ العَيْنِ، وَبَخَعَ نَفْسَهُ يَبْخَعُهَا: قَتَلَهَا غَمًّا،
وَبَدَعَ اللَّهُ الخَلْقَ يَبْدَعُهُ: أَنْشَأَهُ كَابْتَدَعَهُ، وَبَضَعَهُيَبْضَعُهُ: قَطَعَهُ، وَجَدَعَ أَنْفَهُ يَجْدَعُهُ: قَطَعَهُ، وَجَمَعَ الشيءَ يَجْمَعُهُ، وَخَدَعَهُ يَخْدَعُهُ خِدَاعاً: أَظْهَرَ لهُ خلافَ ما أَضْمَرَهُ من الشرِّ، وَخَشَعَ يَخْشَعُ كَخَضَعَ يَخْضَعُ، والخشوعُ في القلبِ، والخضوعُ في الجوارحِ، وَخَلَعَهُ يَخْلَعُهُ: انْتَزَعَهُ بِسُرْعَةٍ، وَدَفَعَهُ يَدْفَعُهُ: رَدَّهُ، وَرَتَعَ يَرْتَعُ: أَكَلَ ما شاءَ وَشَرِبَ ما شَاءَ في خصبٍ وسَعَةٍ، وَرَدَعَهُ يَرْدَعُهُ: رَدَّهُ، وَرَفَعَهُ يَرْفَعُهُ، وَرَقَعَ الثوبَ يَرْقَعُهُ، وَرَكَعَ يَرْكَعُ، وَزَرَعَ يَزْرَعُ، وَسَجَعَ الحمامَ يَسْجَعُ، وَسَفَعَهُ بِنَاصِيَتِهِ يَسْفَعُهُ: جَذَبَهُ بها، وَشَرَعَ في الأمرِ يَشْرَعُ شُرُوعاً: دَخَلَ فيهِ، وَشَرِيعَةً: اتَّخَذَ طريقةً، والشيءَ: رَفَعَهُ، وَشَفَعَهُ يَشْفَعُهُ، كَذَرَعَ لهُ يَذْرَعُ، وَشَفَعَهُ يَشْفَعُهُ: صَيَّرَهُ شَفْعاً، ولهُ: شَفَاعَةً،
وَصَدَعَهُ يَصْدَعُهُ: شَقَّهُ، ومنهُ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} أيْ: شُقَّ جَمَاعَتَهُم بالتوحيدِ، وَافْرِقْ بهِ بَيْنَ الحقِّ والباطلِ، وَصَرَعَ يَصْرَعُهُ، وَصَنَعَ يَصْنَعُ، وَطَبَعَ عليهِ يَطْبَعُ: خَتَمَ، وَقَرَعَ البابَ يَقْرَعُهُ: دَقَّهُ، وَقَطَعَهُ يَقْطَعُهُ، وَقَلَعَهُ يَقْلَعُهُ: انْتَزَعَهُ منْ أَصْلِهِ، وَقَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعاً: سَأَلَ الناسَ حِرْصاً ضِدُّ قَنَعَ قَنَاعَةً.
ومنهُ: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ومنْ دُعَائِهِم: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ القناعةَ، وَنَعُوذُ بكَ من القُنُوعِ، وَيَجْمَعُهَا قولُ الشاعرِ:
الحُرُّ عَبْدٌ إنْ قَنَعَ = والعبدُ حُرٌّ إنْ قَنِعَ
فَاقْنَعْولا تَطْمَعْ فما = شيءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعِ
وَلَذَعَهُ بالنارِ يَلْذَعُهُ: كَوَاهُ، وَلَسَعَتْهُ الحيَّةُ والعقربُ تَلْسَعُهُ، وَلَمَعَ البرقُ يَلْمَعُ وَمَنَعَهُ يَمْنَعُهُ، وَنَفَعَهُ يَنْفَعُهُ، وهَجَعَ يَهْجَعُ: نَامَ ليلاً، وَهَرَعَيَهْرَعُ: أَسْرَعَ، وَهَطَعَ إليهِ يَهْطَعُ: أَقْبَلَ يَمْشِي خَائِفاً كَأَهْطَعَ، وَلَدَغَتْهُ الحيَّةُ والعقربُ تَلْدَغُهُ، وَنَزَغَ الشيطانُ بينَهُم يَنْزَغُ: أَغْوَى وَأَفْسَدَ، وَزَحَفَ إليهِ يَزْحَفُ: مَشَى قُدُماً وَشَعَفَهُ الحبُّ بالعينِ المهملةِ يَشْعَفُهُ: أَصَابَ شفعةَ قَلْبِهِ، وهيَ رَأْسُهُ.
وَشَغَفَهُ يَشْغَفُهُ: أَصَابَشِغَافَ قَلْبِهِ، وهي غُلَافُهُ المُغْشَىبهِ، وَدَهَقَ الكأسَ يَدْهَقُهَا: مَلَأَهَا، وَدَهَقَهَا أيضاً: أَفْرَغَهَا من الأضدادِ، كَأَدْهَقَا فيهما، وَزَهَقَ الباطلُ يَزْهَقُ: ذَهَبَ، والسهمُ: جَاوَزَ الهدفَ، وَسَحَقَهُ يَسْحَقُهُ: دَقَّهُ، وَصَعَقَتْهُ الصاعقةُ تَصْعَقُهُ: أَصَابَتْهُ، وَمَحَقَهُ يَمْحَقُهُ: مَحَاهُ، وَمَعَكَهُ في الترابِ يَمْعَكُهُ: دَلَكَهُ، وَبَهَلَهُ اللَّهُ يَبْهَلُهُ: لَعَنَهُ، ومنهُ: {ثُمَّ نَبْتَهِلُ} أَيْ: نَلْتَعِنُ، وَجَعَلَهُ يَجْعَلُهُ: صَنَعَهُ، والطينَ خَزَفاً: صَيَّرَهُ، والقائمَ زيداً: ظَنَّهُ، ولهُ كذا على كذا: شَارَطَهُ، وَجَعَلَ يَفْعَلُ: شَرَعَ،
وَدَغَلَ في الشيءِ يَدْغَلُ: دَخَلَ فيهِ خَائِفاً، وأصلُ الدَّغَلِ مُحَرَّكاً: المَوْضِعُ الذي يَخَافُ فيهِ الاغتيالَ، وَذَهَلَ الشيءَ يَذْهَلُهُ: تَرَكَهُ عَمْداً، وَذَهَلَ عنهُ: نَسِيَهُ، وَرَحَلَ بَعِيرَهُ يَرْحَلُهُ: جَعَلَ عليهِ الرَّحْلَ، وَشَعَلَ النارَ يَشْعَلُهَا: أَوْقَدَهَا كَأَشْعَلَهَا، وَشَغَلَهُ يَشْغَلُهُ، وَفَعَلَ يَفْعَلُ، وَحَجَمَ النارَ يَحْجَمُهَا: أَوْقَدَهَا فهيَ جَحِيمٌ، والجحيمُ: الجَمْرُ،وَفَحَمَ النارَ يَفْحَمُهَا: أَطْفَأَهَا، وَصَيَّرَهَا فَحْماً كَأَفْحَمَهَا، وَذَأَمَهُ يَذْأَمُهُ: حَقَرَهُ في نفسِهِ، وَزَحَمَهُ يَزْحَمُهُ، وَفَعَمَ الإناءَ يَفْعَمُهُ: مَلَأَهُ فهوَ مُفْعَمٌ، وَلَأَمَ الصَّدْعَ يَلْأَمُهُ: لَحَمَهُ، وَرَهَنَهُ عندَهُ يَرْهَنُهُ، وَشَحَنَ الفُلْكَ يَشْحَنُهُ: مَلَأَهُ كَأَشْحَنَهُ، وَطَحَنَ الحبَّ يَطْحَنُهُ، وَظَعَنَ عن المكانِ يَظْعَنُ، وَلَعَنَهُ يَلْعَنُهُ: طَرَدَهُ، وَمَحَنَ الذهبَ بالنارِ يَمْحَنُهُ: اخْتَبَرَهُ كَامْتَحَنَهُ، وَبَدَهَهُ الأمرُ يَبْدَهُهُ: فَجَأَهُ، وَنَدَهَ البعيرَ يَنْدَهُهُ: زَجَرَهُ.
شُرُوطُ فَعَلَ المفتوحِ الحلقيِّالعَيْنِ:
فهذهِ مائةٌ وسبعونَ أمثلةٌ مشهورةٌمِمَّا عَيْنُهُ أوْ لامُهُ حَرْفُ حَلْقٍ مَفْتُوحَةُ المضارعِ على القياسِ، وذلكَ مَشْرُوطٌ بشروطٍ أَشَارَ إليها بِقَوْلِهِ:
إِنْ لَمْ يُضَاعَفْ ولم يُشْهَرْ بِكَسْرَةٍ أوْ = ضَمٍّ كَيَبْغِي وما صَرَّفْتَ مِنْ دَخَلا
أيْ: إنَّمَا يُفْتَحُ قِيَاساً عَيْنُ مضارعِ فَعَلَ المفتوحِ الحَلْقِيِّ بثلاثةِ شروطٍ:
الأوَّلُ: ألاَّ يَكُونَ مُضَاعَفاً، فإنْ كانَ مُضَاعَفاً فهوَ على قياسِهِ السابقِ منْ كَسْرِ لازمِهِ وَضَمِّ مُعَدَّاهُ، فاللازمُ نَحْوَ: صَحَّ جِسْمُهُ يَصِحُّ، والمُعَدَّى نحوَ: دَعَّهُ يَدُعُّهُ.
الثاني: ألاَّ يُشْتَهَرَ فيهِ الكسرُ نحوَ: بَغَىيَبْغِي، وَنَعَى المَيِّتَ يَنْعِيهِ، وَنَضَحَهُ بالماءِ يَنْضِحُهُ: رَشَّهُ، وَنَتَخَهُ بالمِنْتَاخِ يَنْتِخُهُ: نَزَعَهُ، وَشَخَرَ يَشْخِرُ شَخِيراً: صَوَّتَ منْ حلقِهِ وأنفِهِ، وَرَجَعَ يَرْجِعُ، وَرَضَعَ يَرْضِعُ، وفيهِ لغةٌ كَفَرِحَ، ومثلُهُ: نَهَقَ الحمارُ يَنْهِقُ، وَسَغَبَ يَسْغِبُ: جَاعَ، وفيهِ لغةٌ كَفَرِحَ، وَنَزَعَهُ يَنْزِعُهُ كَانْتَزَعَهُ.
الثالثُ: أنْ يُشْتَهَرَ فيهِ الضَّمُّ، كَيَدْخُلُ المُتَصَرِّفِ منْ دَخَلَ، وَصَرَخَ يَصْرُخُ، وَنَفَخَ يَنْفُخُ، وَقَعَدَ يَقْعُدُ، وَأَخَذَهُ يَأْخُذُهُ، وَطَلَعَت الشمسُ تَطْلُعُ، وَبَزَغَتْ تَبْزُغُ؛ أيْ: طَلَعَتْ، وَبَلَغَ يَبْلُغُ، وَسَبَغَ الثوبَ يَسْبُغُ؛ أي: فَاضَ، وَسَعَلَ يَسْعُلُ سُعَالاً، وَنَحَلَهُ يَنْحُلُهُ: أَعْطَاهُ، وَنَخَلَ الدقيقَ يَنْخُلُهُ، وَزَعَمَ كذا يَزْعُمُ زَعْماً مُثَلَّثَ الزَّايِ؛ أيْ: قَالَ، وَأَكْثَرُ ما يُقَالُ فيما شَكَّ فيهِ، وقَحَمَ في الأمرِ بالقافِ يَقْحُمُ: دَخَلَ فيهِ بلا رَوِيَّةٍ كَاقْتَحَمَ، وَلَحَمَ الفِضَّةَ يَلْحُمُهَا: لَأَمَهَا.
تَنْبِيهَانِ:
الأوَّلُ: اقْتِصَارُهُ على استثناءِ هذهِ الثلاثةِ يَقْتَضِي أنَّ سائرَ الحلقيِّ مِمَّا فيهِ دَاعِي لُزُومِ الكسرِ كَوَعَدَ يَعِدُ، وَبَاعَ يَبِيعُ، وَنَعَى يَنْعِي، أوْ دَاعِي الضمِّ كَدَعَا يَدْعُو، وَفَاحَ المِسْكُ يَفُوحُ قِيَاسُهُ الفتحُ ما لم يَشْتَهِرْبكسرٍ أوْ ضمٍّ، وَتَمْثِيلُهُ (يَبْغِي) يَدُلُّ على ذلكَ، وقدْ سَبَقَ فِيمَا فَاؤُهُ واوٌ، وأنَّ حَلْقِيَّالعينِ منهُ مكسورٌ على إطلاقِ التسهيلِ، ثَمَّ، وَشَذَّ وَهَبَ لهُ يَهَبُ،وكذا فيما عَيْنُهُ ياءٌ أنَّ حَلْقِيَّاللامِ منهُ مكسورٌ، وإنْ خَالَفَ إطلاقَ النظمِ هنا، نَحْوَ جَاءَ يَجِيءُ، وَصَاحَ يَصِيحُ، وَبَاعَ يَبِيعُ، وَزَاغَ عنهُ يَزِيغُ، وَتَاهَ يَتِيهُ، ولمْ يَشِذَّ منهُ شَيْءٌ، وفيما لامُهُ يَاءٌ كَرَمَىيَرْمِي، أَنَّ شَرْطَهُ ألاَّ تَكُونَ عَيْنُهُ حرفَ حَلْقٍكما شَرَطَ ذلكَ في التسهيلِ، وهوَ مُوَافِقٌ لإطلاقِ النظمِ هنا، كَسَعَى يَسْعَى، وَنَهَى عنهُ يَنْهَى،وَشَذَّ بَغَى يَبْغِي، وَنَعَى الميِّتَ يَنْعِيهِ، وَفيما عَيْنُهُ واوٌ أنَّهُ لا أَثَرَ لكونِ لامِهِ حَرْفَ حلقٍ، وإنْ شَرَطَ ذلكَ في التسهيلِ، وَاقْتَضَاهُ إِطْلَاقُهُ هنا كَسَاءَهُ يَسُوؤُهُ، وَفَاحَ المسكُ يَفُوحُ، وكذا فيما لامُهُ واوٌ أنَّ غَالِبَ مَوَادِّهِ مَضْمُومَةٌ كَدَعا يَدْعُو، وَلَهَا يَلْهُو، وَسَهَا يَسْهُو، وَحَاصِلُهُ أنَّ لحرفِ الحلقِ أَثَراًإذا كانَ لاماً لِمَا فَاؤُهُ واوٌ كَوَضَعَ يَضَعُ، وكذا إذا كانَ عَيْناً لِمَا لامُهُيَاءٌ كَسَعَى يَسْعَى، لا فَيَدْخُلانِ في إطلاقِ النظمِ، ولا أَثَرَ لهُ إذا كانَ عَيْناً للأوَّلِ كَوَعَدَ يَعِدُ، أوْ لاماً للثاني كَبَاعَ يَبِيعُ، وكذا إذا كانَ عَيْناً لِمَا لامُهُواوٌ كَدَعَا يَدْعُو، ولاماً لِمَا عَيْنُهُ واوٌ كَفَاحَ المسكُ يَفُوحُ.
فَتَرِدُ الأربعةُ على إطلاقِ النظمِ.
الثاني: قالَ في التسهيلِ: ولا يُفْتَحُ عينُ مضارعِ فَعَلَ دونَ شذوذٍ، إنْ لمْ تَكُنْ هيَ أو اللامُ حرفَ حلقٍ. انْتَهَى.
فَفُهِمَ منهُ أَمْرَانِ:-
أَحَدُهُمَا: أنَّ وجودَ حرفِ الحلقِ شَرْطٌ للفتحِ، ولا يُوجَدُ الفتحُ بدونِهِ؛ لأنَّهُ سَبَبٌ مُوجِبٌ للفتحِ؛ إذْ يُوجَدُ الضمُّ والكسرُ معَ وجودِ حرفِ الحلقِ كَيَدْخُلُ وَيَبْغِي.
والثاني: إنَّ ثَمَّ أَفْعَالاً شَذَّتْ بالفتحِ دونَ حرفِ الحلقِ ولم يَذْكُرْ هوَ وغيرُهُ سِوَى أَبَىبالموحَّدَةِ يَأْبَى، ولم أَظْفَرْ أيضاً بغيرِهِ، نَعَمَ أَطْلَقَ في القاموسِ أفعالاً أنَّ وَزْنَهَا كَمَنَعَ يَمْنَعُ وهي غيرُ حَلْقِيَّةٍ، ولمْ يُنَبِّهْ على أنَّهُ على الجمعِ بينَ اللُّغَتَيْنِ وهوَ مَحْمُولٌ على ذلكَ كقولِهِ: هَلَكَ كَضَرَبَ، وَمَنَعَ وَعَلِمَ وَرَكَنَ إليهِ كَنَصَرَ وعَلِمَ ومَنَعَ، وقدْ حُكِيَ في الصِّحَاحِ رَكَنَ يَرْكَنُ بِفَتْحِهِمَا عنْ أبي زيدٍ، وَحَمَلَهُ على الجمعِ بينَ اللغتَيْنِ، وحُكِيَفي القاموسِ في قَنِطَ يَقْنَطُ سِتُّ لغاتٍ: كَنَصَرَ وَضَرَبَ وَكَرُمَ وَفَرِحَ وَمَنَعَ وَحَسِبَ.
ثمَّ قالَ: وهاتانِ اللغتانِ -أي:الأَخِيرَتَانِ-على الجمعِ بينَ اللغتينِ، ومعناهُ: أنْ يكونَ في ماضي الفعلِ لُغَتَانِ، فَتُرَكِّبَ بَيْنَهُمَا ثالثةً: تَأْخُذُ ماضي إِحْدَاهُمَا ومضارعَ الأُخْرَى، والظاهرُ أنَّ ذلكَ مَقِيسٌ غَيْرُ مَقْصُورٍ على السماعِ، وعلى هذا فقدْ سَبَقَتْ أمثلةٌ اشْتَرَكَ فيها فَعُلَ المضمومُ والمكسورُ كَرَحُبَ المكانُ يَرْحُبُ بِضَمِّهِمَا، وَرَحِبَ يَرْحَبُ بكسرِ الماضي وَفَتْحِ المضارعِ على القياسِ في اللغتينِ، وَيَتَوَلَّدُ بينَهما لُغَتَانِ: رَحُبَ المكانُيَرْحَبُ بضمِّ الماضي وفَتْحِ الآتِي، وَرَحِبَ يَرْحُبُ بِكَسْرِ الماضي وَضَمِّ الآتي، وكذا سائِرُ الأمثلةِ المشتركةِ مِمَّا في ماضِيهِ لُغَتَانِ مِمَّا سَبَقَ، وَمِمَّا سَيَأْتِي.
الثالثُ: قدْ يَتَنَوَّعُ فَعَلَالمفتوحُالحلقيُّبالنسبةِ إلى مضارعِهِ إلى سبعةِ أنواعٍ: مفتوحُ المضارعِ وهوَ القياسُ كَيَسْأَلُ وَيَمْنَعُ، ومشهورٌ بِكَسْرٍأوْ ضمٍّ كَيَبْغِي وَيَدْخُلُ، وهذهِ مذكورةٌ في النظمِ، وَوَارِدٌ بالكسرِ والضمِّ مَعاً على الشذوذِ أوْ بهما معَ الفتحِ، فيكونُ مُثَلَّثَ المضارعِ، وهذانِ ذَكَرَهُمَا أيضاً في التسهيلِ فالأوَّلُ نحوَ: كَعَبَ ثَدْيُالجاريةِ يَكْعِبُ وَيَكْعُبُ كَضَرَبَ وَنَصَرَ؛ أي: نَهَدَ فهوَ كَاعِبٌ، وَمَهَرَهَا يَمْهِرُهَا وَيَمْهُرُهَا: جَعَلَ لها مَهْراً كَأَمْهَرَهَا،
وَنَغَضَ يَنْغِضُ وَيَنْغُضُ: تَحَرَّكَ، وَأَنْغَضَ رَأْسَهُ: حَرَّكَهُ، وَنَخَرَ بالخاءِ المعجمةِ يَنْخِرُ وَيَنْخُرُ نَخِيراً: أَخْرَجَ الصوتَ منْ مَنْخِرِهِ، وهوَ الأنفُ، وَنَعَمَ يَنْعِمُ وَيَنْعُمُ نَعْمَةً بالفتحِ من التَّنَعُّمِ، وقدْ سَبَقَ فيهِ لغةٌ كَيَحْسَبُ، وَنَغَمَ بالغينِ المعجمةِ يَنْغِمُ وَيَنْغُمُ: غَنَّىبصوتٍ خَفِيٍّ.
الخامِسُ: وَارِدٌ بالفتحِ والكسرِ والضمِّ جميعاً، فيكونُ مُثَلَّثَ المضارعِ.
وقدْ نُبِّهَ عليهِ في التسهيلِ أيضاً نَحْوَ نَغَبَ الريقَ بِمعجمةٍيَنْغَبُهُ وَيَنْغُبُهُ وَيَنْغِبُهُ كَمَنَعَ وَنَصَرَ وضَرَبَ؛ أي: ابْتَلَعَهُ، وَنَحَتَ الجوزَ؛ أي: بَرَاهُ، وَجَنَحَ إليهِ؛ أي: مَالَ، وَمَخَضَ اللبنُ، وَنَبَعَ الماءُ، وَنَبَغَ أيضاً بالمعجمةِ والمهملةِ: ظَهَرَ، وَصَبَغَ الثوبَ، وَبَغَمَت الظَّبْيةُ بالموحدةِ والمعجمةِ بُغَاماً: صَوَّتَتْ لِوَلَدِهَا.
فهذهِ خمسةُ أنواعٍ، ولم يُذْكَرْ في التسهيلِ وُرُودُهُ بالفتحِ والضمِّ، ولا وُرُودُهُ بالفتحِ والكسرِ، وقدْ ظفِرْتُ من النوعَيْنِ بأفعالٍ:
فالأوَّلُ: نحوَ شَحَبَ لَوْنُهُ يَشْحَبُ وَيَشْحُبُ، كمَنَعَ وَنَصَرَ: تَغَيَّرَ منْ سَفَرٍ أوْ هُزالٍ، وفيهِ لغةٌ أُخْرَى ككَرُمَ، وَشَخَبَ اللبنُيَشْخَبُهُ وَيَشْخُبُهُ: حَلَبَهُ، وَنَهَبَهُ مَالَهُ يَنْهَبُهُ وَيَنْهُبُهُ: أَخَذَهُ، والنَّهْبُ: الغنيمةُ، وفيهِ لغةٌ أُخْرَى كَفَرِحَ، وَمَلَحَ الماءُ يَمْلَحُ وَيَمْلُحُ، وفيهِ لغةٌ كَكَرُمَ، وَطَبَخَ اللحمَ يَطْبَخُهُ وَيَطْبُخُهُ، وَرَعَدَ الرعدُ يَرْعَدُ وَيَرْعُدُ، وَنَهَدَ الثَّدْيُيَنْهَدُ وَيَنْهُدُ، وَفَغَرَ فَاهُ يَفْغَرُ: فَتَحَهُ، وَسَعَطَهُ الدواءَ يَسْعَطُهُ وَيَسْعُطُهُ: أَدْخَلَهُ في أَنْفِهِ،
وَمَخَطَ السهمُ يَمْخَطُ وَيَمْخُطُ: نَفَذَ، وَنَخَسَ الدابَّةَ يَنْخَسُهَا ويَنْخُسُهَا: غَمَزَهَا بِعُودٍ، وَطَلَعَ سِنُّ الصبِيِّ: بَدَا، وكذا النَّخْلُ؛ أي: خَرَجَ طَلْعُهُ، يَطْلَعُ وَيَطْلُعُ كَأَطْلَعَ، وَأَمَّا طَلَعَت الشمسُ فَالبضمِّ لا غيرُ كما سَبَقَ.
وَهَمَعَتْ عَيْنُهُ: جَرَى دَمْعُهَا تَهْمَعُ وَتَهْمُعُ، وَدَمَغَهُ يَدْمَغُهُ وَيَدْمُغُهُ: شَجَّهُ على دِماغِهِ،
وَفَرَغَ الإناءُ يَفْرَغُ وَيَفْرُغُ: خَلا، وَرَعَفَ يَرْعَفُ وَيَرْعُفُ: خَرَجَ الدمُ منْ أنفِهِ، وفيهِ لغتانِ كَكَرُمَ وَفَرِحَ، وَكَحَلَ عَيْنَهُ يَكْحَلُهَا وَيَكْحُلُهَا، وَنَحَلَ جِسْمُهُ يَنْحَلُ وَيَنْحُلُ: هَزُلَ، وفيهِ لغتانِ كَكَرُمَ وَفَرِحَ، وَطَعَنَهُ بالرمحِ يَطْعَنُهُ وَيَطْعُنُهُ، وفي السنِّ أيضاً وفيهِ بالقولِ: عَابَهُ، وَدَخَنَت النارُ تَدْخَنُ وَتَدْخُنُ: ارْتَفَعَ دُخَانُهَا، وَمَهَنَهُ يَمْهَنُهُ وَيَمْهُنُهُ: ابْتَذَلَهُ.
والثاني: نَحْوَ نَعَبَ الغرابُ يَنْعَبُ وَيَنْعِبُ كَمَنَعَ وَضَرَبَ: صَوَّتَ وَمَدَّ عُنُقَهُ في صياحِهِ، ومَنَحَهُ يَمْنَحُهُ وَيَمْنِحُهُ: أَعْطَاهُ، وَنَبَحَ الكلبُ والظبيُ والصبيُّ والتَّيْسُ أيضاً: يَنْبَحُ وَيَنْبِحُ، وَنَزَحَ عنْ مكانِهِ يَنْزَحُ وَيَنْزِحُ: بَعُدَ، والبئرَ: اسْتَقَىمَاءَهَا حتَّى أَنْفَدَهُ، وَنَطَحَهُ الثورُ يَنْطَحُهُ ويَنْطُحُهُ، ونَكَحَ يَنْكَحُ وَيَنْكُحُ نِكَاحاً، وهوَ العقدُ والوطءُ أَيْضاً، وَرَضَخَ لهُ بِسَهْمٍ يَرْضَخُ وَيَرْضِخُ: أَعْطَاهُ، والشيءَ: دَقَّهُ، وَشَهَقَ [يَشْهَقُ وَيَشْهِقُ] أَخْرَجَ صَوْتاً معَ تَرْدِيدِ النفسِ،
وَنَعَقَ بِغَنَمِهِ يَنْعَقُ وَيَنْعِقُ: صَاحَ بها، وَنَغَقَ الغرابُ بالمعجمةِ يَنْغَقُ وَيَنْغِقُ: صَاحَ، وَسَحَلَ البغلُ بِمُهْمَلَتَيْنِ يَسْحَلُ وَيَسْحِلُ: صَوَّتَ، وَصَهَلَ الفرسُ يَصْهَلُ وَيَصْهِلُ، ونَأَمَ الظبيُ يَنْأَمُ وَيَنْئِمُ: صَوَّتَ،وَنَهَمَ إِبِلَهُ يَنْهَمُهَا وَيَنْهِمُهَا: زَجَرَهَا لِتَأْتِيَهُ، وَنَكَهَ عليهِ يَنْكَهُ وَيَنْكِهُ: تَنَفَّسَ على أنفِهِ، والنَّكْهَةُ: رائحةُ الفمِ.
التنبيهُ الرابعُ: وَيَتَنَوَّعُ بالنسبةِ إلى ماضِيهِ إلى أنواعٍ أيضاً: مَفْتُوحُ المضارعِ غيرُ مُشَارِكٍ لِفَعُلَ المضمومِ ولا فَعِلَ المكسورِ كَمَنَعَ يَمْنَعُ، وقدْ سَبَقَ وَمُشَارِكٌ لِأَحَدِهِمَا، وَمُشَارِكٌ لَهُمَا مَعًا فَيَكُونُ مُثَلَّثَ المَاضِي، ولم يُذْكَرْ ذلكَ في التسهيلِ.
مثالُ المشاركِ لِفَعُلَ المضمومِ: شَحَبَ لَوْنُهُ يَشْحَبُ، وَمَلَحَ الماءُ، وَرَعَفَ أنفُهُ، وَنَحَلَ جِسْمُهُ: كَمَا سَبَقَ أنَّ في كلٍّ منهما لُغَتَيْنِ كَمَنَعَ وَكَرُمَ، وكذا صَبَأَ وَصَبُؤَ: خَرَجَ منْ دينٍ إلى دينٍ فهوَ صَابِئٌ، وَنَشَأَوَنَشُؤَ: رَبَا وَشَبَّ وَصَلَحَ أَمْرُهُ وَصَلُحَ، وَشَعَرَ بهِ وَشَعُرَ: فَطِنَ، وَمَحُلَت الأرضُ بالمُهْمَلَتَيْنِ، وَمَحَلُت: انْقَطَعَ عنها المطرُ كَأَمْحَلَتْ.
وَشَأَمَ عليهم وَشَؤُمَ: ضِدُّ يَمِنَ، فهذهِ عَشَرَةٌ يَخْتَلِفُ مَاضِيهَا ومضارعُهَا، ومثالُ المُشَارِكِ لِفَعِلَ المكسورِ: حَنَأَ عليهِ وَحَنِيءَ حُنُوءاً: أَكَبَّ كَمَنَعَ وَفَرِحَ، وَشَنَأَهُ وَشَنِئَهُ: أَبْغَضَهُ،وَفَجَأَهُ وَفَجِئَهُ: هَجَمَ عليهِ، وَلَطَأَ بالأرضِ وَلَطِئَ بها: لَصَقَ، وَشَغَبَهُم وَشَغِبَهُم بالمُعْجَمَتَيْنِ:هَيَّجَ الشرَّ عليهم، وقَرَحَ الفرسُ والبغلُ والحمارُ وَقَرِحَ فهوَ قَارِحٌ بمنزلةِ البازلِ من الإبلِ، وَرَبَخَت المرأةُ وَرَبِخَت بالمعجمةِ فَهِيَ رَبُوخٌ: يُغْشَىعليها عندَ الجماعِ، وَدَخَرَ بالخاءِ المعجمةِ وَدَخِرَ دُخُوراًفهوَ دَاخِرٌ: صَغُرَ وَذَلَّ، وَتَعَسَ الماشِي وَتَعِسَ تَعَساً: عَثَرَ، وَنَهَسَ اللحمَ بالمهملةِ وَنَهِسَهُ: أَخَذَهُ بمُقَدَّمِ أسنانِهِ، وَجَهَشَ إليهِ وَجَهِشَ: فَزِعَ مُرِيداً للبكاءِ كَأَجْهَشَ،
وَرَعَشَ وَرَعِشَ: رَعَدَ وَتَحَرَّكَ كارْتَعَشَ، وَمَخَضَت المرأةُ وَمَخِضَتْ: أَخَذَهَا المَخَاضُ، وهوَ الطَّلْقُ، وَشَحَطَ عنْ وَطَنِهِ وَشَحِطَ: بَعُدَ، وَقَحَطَ العامُ وَقَحِطَ احْتَبَسَ فيهِ المطرُ، وَجَرَعَ الماءَ وَجَرِعَهُ: شَرِبَهُ جَرْعاً كَتَجَرَّعَهُ، وَدَمَعَتْ عَيْنُهُ وَدَمِعَتْ، وَكَرَعَ في الماءِ وكَرِعَ: شَرِبَ بِفَمِهِ، وَزَهَقَتْ نَفْسُهُ وَزَهِقَتْ: خَرَجَتْ،
وَأَمَّا زَهَقَ الباطلُ فَكَمَنَعَ لا غيرُ كَمَا سَبَقَ، وَنَهَكَتْهُ الحُمَّىوَنَهِكَتْهُ: أَضْنَتْهُ، وَقَحَلَ العودُ بالقافِ وقَحِلَ: اشْتَدَّ يبسُهُ، وَجَهَمَهُ وَجَهِمَهُ: عَبَسَ في وجهِهِ، وَأَبَهَلهُ وَأَبِهَ: فَطِنَ، وفي الحديثِ: ((لا يُؤْبَهُ لَهُ)) وَعَمَهُ وَعَمِهَ: تَحَيَّرَ وَضَلَّ، وَنَقَهَ منْ مَرَضِهِ وَنَقِهَ: صَحَّ معَ بَقَاءِ الضعفِ، فهذهِ خَمْسَةٌ وعشرونَ يَخْتَلِفُ مَاضِيهَا وَيَتَّفِقُ مُضَارِعُهَا.
ومثالُ المشاركِ لهما مَعاً، وهوَ المُثَلَّثُ الماضي لَكِنَّهُ مُثَنَّىالمضارعِ، لاتِّفَاقِ مضارعِ فَعِلَ المكسورِ وَفَعَلَ المفتوحِ الحلقيِّعلى الفتحِ، وذلكَ نحوَ: مَرَأَ الطعامُ وَمَرُؤَ وَمَرِئَ كَمَنَعَ وَكَرُمَ وَفَرِحَ: صَارَ مَرِيئاً مَحْمُودَ العاقبةِ، وَلَغَبَ الماشِي,أَيْ:أَعْيَا، وَرَجَحَ الميزانُ، وَزَهَدَ في الشيءِ، وَبَرَعَ الرجلُ: فَاقَ أَصْحَابَهُ وَرَأَفَ بهِ؛ أيْ: رَحِمَهُ، وَرَعَفَ أَنْفُهُ؛ أَيْ: خَرَجَ منهُ الدمُ، وَنَحَلَ جِسْمُهُ: هَزُلَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَرَعَنَ رُعُونَةًفَهُوَ أَرْعَنُ: الأهوجُ المُسْتَرْخِيفي مَنْطِقِهِ، وَسَخَنَ سُخُونَةً؛ أيْ: حَرَّ، فهذهِ عَشَرَةٌ، وهذا كُلُّهُ إذا كانَ مضارعُ الحلقيِّ مَفْتُوحاً على الأصلِ، أوْ جاءَ معَ الفتحِ غَيْرُهُ كما في رَعَفَ أنفُهُ، وَنَحَلَ جِمْسُهُ، وَشَحَبَ لَوْنُهُ، وَنَهَبَ مَالُهُ، وَمَلَحَ الماءُ.
وقدْ يَكُونُ مُشَارِكاً لأحدِهِمَا منْ غيرِ مَجِيءِالفتحِ في الحلقيِّ كَمَا سَبَقَ في نَعِمَ نَعْمَةً بالفتحِ كَفَرِحَ وَنَصَرَ وَضَرَبَ، ورَضِعَ الصبيُّ كَفَرِحَ وَضَرَبَ، ومثلُهُ سَغَبَ؛ أيْ: جَاعَ، وَنَهَقَ الحمارُ.
(تَتِمَّةٌ) وجهُ المناسبةِ في اختلافِ حالاتِ مضارعِ فَعَلَ المفتوحِ، منْ لزومِ ضمِّ عَيْنِهِ في نحوِ قالَ يقولُ، وَدَعَا يَدْعُو، وَكَسْرِهَا في نحوِ باعَ يَبِيعُ، وَرَمَىيَرْمِي: ظَاهِرٌ للفرقِ بينَ ذواتِ الواوِ وذواتِ الياءِ، وكذا في ضَمِّعَيْنِ المضاعفِ المُعَدَّى؛ لأنَّهُ قدْ يَتَّصِلُ بهِ ضَمِيرُ النصبِ في نحوِ مَدَّهُ يَمُدُّهُ، فلوْ كَسَرُوا عَيْنَهُ لَزِمَ الانتقالُ منْ كسرةٍإلى ضمَّةٍ، وهوَ ثقيلٌ، وَكَسَرُواعينَ اللازمِ منهُ للفرقِ بينَهُ وبينَ مُعَدَّاهُ، وَكَسَرُوا عينَ ما فَاؤُهُ واوٌ كَوَعَدَ يَعِدُ طَلَباً للخِفَّةِ، كَمَا فَتَحُوا حَلقيَّ العينِ واللامِ لذلكَ بشهادةِ الذوقِ، ولم يَفْتَحُوا حلقيَّالفاءِ كَأَمَرَ وَهَرَبَ وَحَسَبَ وَخَطَبَ وَغَرَبَ وَعَرَفَ السكونُ فاءَ الكلمةِ في المضارعِ فلا يَكُونُ ثقيلاً، ولَمَّا لمْ يكنْ في نحوِ نَصَرَ وضَرَبَ مُرَجِّحٌ لضمٍّ ولا كسرٍ كانَ القياسُ فيهِ جَوَازَالوَجْهَيْنِ لاستوائِهِمَا لولا تَخْصِيصُ اشْتِهَارِ الاستعمالِ بِأَحَدِهِمَا دونَ الآخرِ فَصَارَ المَرْجِعُ فيهِ إلى النقلِ.