دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الأول 1440هـ/18-11-2018م, 12:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (153) إلى الآية (154) ]

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (154)}

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا (153)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرة فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا (153)
وهذا حين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (ولن نؤمن لرقيّك حتّى تنزّل علينا كتابا نقرؤه).
أي فقد سألوا موسى بعد أن جاءهم بالآيات، فقالوا: (أرنا الله جهرة).
وقال أهل اللغة في (جهرة) قولين:
قال أبو عبيدة: قالوا جهرة أرنا اللّه؛ لأنهم إذا رأوا الله فالسر جهرة، فإنما جهرة صفة لقولهم.
وقال بعضهم: (أرنا اللّه جهرة)، إنما معناه أرنا رؤية بينة منكشفة ظاهرة؛ لأن من علم الله عزّ وجلّ فقد زاد علما، ولكن سألوه رؤية يدركونها بأبصارهم.
ودليل هذا القول قوله عز وجلّ: (وإذ قلتم يا موسى لن نومن لك حتى نرى الله جهرة). وهذا عندي هو القول البين إن شاء اللّه). [معاني القرآن: 2/126-127]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المتأولون في كيفية سؤال أهل الكتاب لمحمد عليه الصلاة والسلام أن ينزل عليهم كتابا من السماء، فقال السدي: قالت اليهود: يا محمد إن كنت صادقا فجيء بكتاب من السماء كما جاء موسى بكتاب، وقال محمد بن كعب القرظي: قد جاء موسى بألواح فيها التوراة فجيء أنت بألواح فيها كتابك، وقال قتادة: بل سألوه أن يأتي بكتاب خاص لليهود، يأمرهم فيه بالإيمان بمحمد، وقال ابن جريج: قالت اليهود: يا محمد لن نتابعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان وإلى فلان أنك رسول الله.
قال القاضي أبو محمد- رحمه الله-: فقول ابن جريج يقتضي أن سؤالهم كان على نحو سؤال عبد الله بن أبي أمية المخزومي القرشي، ثم قال تعالى فقد سألوا موسى أكبر من ذلك على جهة التسلية لمحمد عليه السلام، وعرض الأسوة، وفي الكلام متروك يدل عليه المذكور، تقديره: فلا تبال يا محمد عن سؤالهم وتشططهم فإنها عادتهم، فقد سألوا موسى أكبر من ذلك، وقرأ جمهور الناس «أكبر» بالباء المنقوطة بواحدة، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «أكثر» بالثاء المثلثة، وجمهور الناس «أكبر» بالباء المنقوطة بواحدة، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «أكثر» بالثاء المثلثة، وجمهور المتأولين على أن جهرةً معمول ل أرنا، أي: حتى نراه جهارا أي عيانا رؤية منكشفة بينة، وروي عن ابن عباس أنه كان يرى أن جهرةً معمول لقالوا، أي قالوا جهرة منهم وتصريحا أرنا اللّه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأهل السنة معتقدون أن هؤلاء لم يسألوا محالا عقلا، لكنه محال من جهة الشرع، إذ قد أخبر تعالى على ألسنة أنبيائه أنه لا يرى في هذه الحياة الدنيا، والرؤية في الآخرة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر المتواتر، وهي جائزة عقلا دون تحديد ولا تكييف ولا تحيز، كما هو تعالى معلوم لا كالمعلومات كذاك هو مرئي لا كالمرئيات، هذه حجة أهل السنة وقولهم، ولقد حدثني أبي رضي الله عنه عن أبي عبد الله النحوي أنه كان يقول عند تدريس هذه المسألة: مثال العلم بالله حلق لحا المعتزلة في إنكارهم الرؤية، والجملة التي قالت أرنا اللّه جهرةً هي التي مضت مع موسى لحضور المناجاة، وقد تقدم قصصها في سورة البقرة، وقرأ جمهور الناس «فأخذتهم الصاعقة» وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وإبراهيم النخعي «الصعقة» والمعنى يتقارب، إذ ذلك كله عبارة عن الوقع الشديد من الصوت يصيب الإنسان بشدته وهو له خمود وركود حواس، وبظلمهم هو تعنتهم وسؤالهم ما ليس لهم أن يسألوه. وقوله تعالى: قد كان من أمرهم أن اتخذوا العجل، وذلك أن اتخاذ العجل كان عند أمر المضي للمناجاة، فلم يكن الذين صعقوا ممن اتخذوا العجل، لكن الذين اتخذوه كانوا قد جاءتهم البينات في أمر إجازة البحر وأمر العصا وغرق فرعون وغير ذلك، وقوله تعالى: فعفونا عن ذلك يعني بما امتحنهم به من القتل لأنفسهم، ثم وقع العفو عن الباقين منهم، و «السلطان» الحجة). [المحرر الوجيز: 3/56-58]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مبينًا (153) ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا (154)}
قال محمّد بن كعبٍ القرظيّ، والسّدّيّ، وقتادة: سأل اليهود رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزّل عليهم كتابًا من السّماء. كما نزلت التّوراة على موسى مكتوبةً.
قال ابن جريج: سألوه أن ينزّل عليهم صحفًا من اللّه مكتوبةً إلى فلانٍ وفلانٍ وفلانٍ، بتصديقه فيما جاءهم به. وهذا إنّما قالوه على سبيل التّعنّت والعناد والكفر والإلحاد، كما سأل كفار قريشٍ قبلهم نظير ذلك، كما هو مذكورٌ في سورة "سبحان": {وقالوا لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا} [الإسراء: 90، 93] الآيات. ولهذا قال تعالى: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم} أي: بطغيانهم وبغيهم، وعتوّهم وعنادهم. وهذا مفسّرٌ في سورة "البقرة" حيث يقول تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتّى نرى اللّه جهرةً فأخذتكم الصّاعقة وأنتم تنظرون. ثمّ بعثناكم من بعد موتكم لعلّكم تشكرون} [البقرة: 55، 56].
وقوله تعالى: {ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات} أي: من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلّة القاهرة على يد موسى، عليه السّلام، في بلاد مصر وما كان من إهلاك عدوّ اللّه فرعون وجميع جنوده في اليمّ، فما جاوزوه إلّا يسيرًا حتّى أتوا على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم، فقالوا لموسى {اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ [قال إنّكم قومٌ تجهلون. إنّ هؤلاء متبّرٌ ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون]} [الأعراف: 138، 139]. ثمّ ذكر تعالى قصّة اتّخاذهم العجل مبسوطةً في سورة "الأعراف"، وفي سورة "طه" بعد ذهاب موسى إلى مناجاة اللّه، عزّ وجلّ، ثمّ لمّا رجع وكان ما كان، جعل اللّه توبتهم من الّذي صنعوه وابتدعوه: أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده، فجعل يقتل بعضهم بعضًا ثمّ أحياهم اللّه، عزّ وجلّ، فقال اللّه عزّ وجلّ {فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مبينًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/446]


تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (154)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّداً وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً (154) فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات اللّه وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ وقولهم قلوبنا غلفٌ بل طبع اللّه عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلاّ قليلاً (155) وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً (156)
الطّور الجبل اسم جنس، هذا قول، وقيل الطّور: كل جبل غير منبت، وبالشام جبل قد عرف بالطور ولزمه الاسم وهو طور سيناء، وليس بالمرفوع على بني إسرائيل، لأن رفع الجبل كان فيما يلي فحص التيه من جهة ديار مصر، وهم ناهضون مع موسى عليه السلام، وقد تقدم في سورة البقرة قصص رفع الطور، وقوله بميثاقهم أي بسبب ميثاقهم أن يعطوه في أخذ الكتاب بقوة والعمل بما فيه، وقوله تعالى: وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّداً هو باب بيت المقدس المعروف بباب حطة، أمروا أن يتواضعوا شكرا لله تعالى على الفتح الذي منحهم في تلك البلاد، وأن يدخلوا باب المدينة سجّدا. وهذا نوع من سجدة الشكر التي قد فعلها كثير من العلماء، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان مالك بن أنس رحمه الله لا يراها. وقوله تعالى وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت أي على الحيتان وفي سائر الأعمال، وهؤلاء كانوا بأيلة من ساحل البحر فأمروا بالسكون عن كل شغل في يوم السبت فلم يفعلوا، بل اصطادوا وتصرفوا، وقد تقدم قصص ذلك، وأخذ الله تعالى منهم «الميثاق الغليظ» هو على لسان موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء، أي بأنهم يأخذون التوراة بقوة، ويعملون بجميع ما فيها، ويوصلونه إلى أبنائهم ويؤدون الأمانة فيه). [المحرر الوجيز: 3/58-59]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم} وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التّوراة، وظهر منهم إباءٌ عمّا جاءهم به موسى، عليه السّلام، ورفع اللّه على رؤوسهم جبلًا ثمّ ألزموا فالتزموا وسجدوا، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط عليهم، كما قال تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ [واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون]} [الأعراف: 171].
{وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا} أي: فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل، فإنّهم أمروا أن يدخلوا باب بيت القدس سجّدًا، وهم يقولون: حطّةٌ. أي: اللّهمّ حطّ عنّا ذنوبنا في تركنا الجهاد ونكولنا عنه، حتّى تهنا في التّيه أربعين سنةً. فدخلوا يزحفون على استاههم، وهم يقولون: حنطةٌ في شعرةٍ.
{وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت} أي: وصّيناهم بحفظ السّبت والتزام ما حرّم اللّه عليهم، ما دام مشروعًا لهم {وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} أي: شديدًا، فخالفوا وعصوا وتحيّلوا على ارتكاب مناهي اللّه، عزّ وجلّ، كما هو مبسوطٌ في سورة الأعراف عند قوله: {واسألهم عن القرية الّتي كانت حاضرة البحر [إذ يعدون في السّبت]} [الأعراف: 163-166] الآيات، وسيأتي حديث صفوان بن عسّالٍ، في سورة "سبحان" عند قوله: {ولقد آتينا موسى تسع آياتٍ بيّناتٍ} [الإسراء: 101]، وفيه: "وعليكم -خاصة يهود-أن لا تعدوا في السبت"). [تفسير القرآن العظيم: 2/446-447]



* للاستزادة ينظر: هنا

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir