دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > سير المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ربيع الثاني 1437هـ/11-01-2016م, 12:18 AM
مريم أحمد أحمد حجازي مريم أحمد أحمد حجازي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 308
افتراضي سيرة المفسر أبي الفداء إسماعيل ابن عمر ابن كثير

* بسم الله الرحمن الرحيم *
سيرة المفسر: عماد الدين إسماعيل ابن عمر ابن كثير - رحمه الله
*اسمه و نسبه *
الحافظ الكبير عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع البُصروي ثم الدمشقي الفقيه الشافعي (1) .
و لقب – رحمه الله – بعماد الدين ، أبو الفداء


و هو ابن الخطيب شهاب الدين أبي حفص القُرشي البُصروي الدمشقي الشافعي (2)

* مولده و نشأته *

ولد بقرية شرقي بُصرى من أعمال دمشق سنة سبعمائة (3)، و مات أبوه سنة 703هـ ، و قدم دمشق و له نحو سبع سنين : سنة ست و سبعمائة مع أخيه بعد موت أبيه (4) .
وهذا ما ذكره ابن كثير – رحمه الله- عن رحلته إلى دمشق في كتابه البداية و النهاية ما نصه :
(وفيها - أي سنة 703هـ - توفي الوالد ، و هو الخطيب شهاب الدين أبو حفص عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع القرشي من بني حصلة ، و هم ينتسبون إلى الشرف ، و بأيديهم نسب ، وقف على بعضها شيخنا المِزّي ، فأعجبه ذلك ، و ابتهج به ، فصار يكتب في نسبي بسبب ذلك : القرشي ، من قرية يقال لها : الشركوين غربي بُصرى ، بينها و بين أذرعات ، و لد بها في حدود سنة أربعين و ستمائة و اشتغل بالعلم عند أخواله بني عقبة ببصرى ، فقرأ ((البداية)) في مذهب أبي حنيفة ، و حفظ ((جُمل الزجَّاجي )) و عُنِيَ بالنحو و العربية و اللغة ، و حفظ أشعار العرب ، حتى كان يقول الشعر الجيد ، الفائق ، الرائق في المدح و المراثي ، وقليل من الهجاء ، و قرر بمدارس بصرى بمنزل الناقة شمالي البلد ، ثم انتقل إلى خطابة (القُرَيَّةَ) شرقي (بُصرى) و تمذهب للشافعي ، و أخذ عن النواوي و الشيخ تقي الدين الفَزَاري، و كان يُكرمه و يحترمه فيما أخبرني شيخنا العلامة الزَمَلْكاني ، فأقام بها نحواً من ثنتي عشرة سنة ، ثم تحوَّل إلى خطابة (مجيدل القرية) التي منها الوالدة ، فأقام بها مدة طويلة في خير و كفاية و تلاوة كثيرة ، و كان يخطب جيداً ، و له مقول عند الناس ، و لكلامه وقع لديانته و فصاحته و حلاوته ، و كان يؤثر الإقامة في البلاد (القرى) ،لما يرى فيها من الرفق و وجود الحلال له و لعياله ، و قد و لد له عدة أولاد من الوالدة ، و من أخرى قبلها ، أكبرهم إسماعيل ، ثم يونس و إدريس ، ثم من الوالدة عبد الوهاب ، و عبد العزيز ، و محمد ، و أخوات عدة ، ثم أنا أصغرهم ، و سُمِّيتُ باسم الأخ إسماعيل ، لأنه قد قدم دمشق فاشتغل بها بعد أن حفظ القرآن على والده ، و قرأ مقدمة في النحو ، و حفظ (التنبيه) و شرحه على العلامة تاج الدين الفَزَاري ، و حصل (المنتخب) في أصول الفقه ، قاله لي شيخنا ابن الزَمَلكاني ، ثم إنه سقط من سطح (الشامية البرانية) فمكث أياماً و مات ، فوجَدَ الوالد عليه وَجْداً كثيراً و رثاه بأبيات كثيرة ، فلما و لدت له أنا بعد ذلك سماني باسمه ، فأكبر أولاده إسماعيل ، و آخرهم و أصغرهم إسماعيل ، فرحم الله من سلف ، و ختم بخير لمن بقي ، توفي والدي في شهر جمادى الأولى سنة ثلاث و سبعمائة في قرية (مجيدل القرية) و دفن بمقبرتها الشمالية عند الزيتون ، و كنت إذ ذاك صغيراً ابن ثلاث سنين أو نحوها ، لا أدركه إلا كالحلم، ثم تحولنا من بعده في سنة سبع و سبعمائة إلى دمشق صحبة كمال الدين عبد الوهاب ، و كان لنا شقيقاً ، و بنا رفيقاً شفوقاً ، و قد تأخرت و فاته إلى سنة خمسين ، فاشتغلت على يديه في العلم ، فيسر الله تعالى منه ما يسر ، و سهل منه ما تعسر ، و الله أعلم ) البداية و النهاية 14/31-32
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-شذرات الذهب لشهاب الدين ، وجاء بـلفظ (درع) في طبقات المفسرين للسيوطي، و في إنباء الغمر للابن حجر ، و في طبقات المفسرين للداودي.
2-طبقات المفسرين للحافظ الداودي ، و ذكر في إنباء الغمر ، و طبقات المفسرين للسيوطي .
3-إنباء الغمر ، و شذرات الذهب لشهاب الدين ، و طبقات المفسرين للحافظ الداودي ، و ذكر أنه ولد في سنة 700أو بعدها بيسير في (الدرر الكامنة لابن حجر) ، و ذكر أنه ولد في سنة إحدى و سبعمائة في (طبقات المفسرين للسيوطي ) و لم يذكر يوم ولد . 4-إنباء الغمر ،و شذرات الذهب
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

* شيوخه *
تفقه على الشيخين: *برهان الدين الفَزَاريّ ،* و كمال الدين بن قاضي شُهبة ، ثم صاهر *الحافظ أبى الحجاج المِزِّي و لازمه ، و أخذ عنه و أقبل على علم الحديث ، و أخذ الكثير عن *ابن تيمية ، و قرأ الأصول على* الأصفهاني (1)، و سمع من : *ابن الشحنة و* ابن الزراد ، و *إسحاق الآمدي ، و *القاسم ابن عساكر ، و* ابن الرضى ، و أجاز له من مصر : *الدبوسي ، و *الواني ، و* الختني (2) ، و أخذ العلوم من *الحسين العراقي و *الحجار (3) .و غيرهم - رحمهم الله تعالى - .
* تلامذته *
تلامذته كثير و منهم :
*الحافظ علاء الدين بن حجي الشافعي ، *محمد بن محمد خضر القرشي
*شرف الدين مسعود الأنطاكي النحوي ، *محمد بن أبي محمد بن الجزري
*ابنه محمد بن إسماعيل بن كثير ، *ابن أبي العز الحنفي
*الحافظ أبو المحاسن الحسيني (4) .
* أقوال العلماء فيه *
*ذكره شيخه الذهبي في المعجم المختص فقال :
الإمام الفقيه ، و المفتي البارع ، متفنن ، و محدث متقن ، و مفسر نقاد ، و له تصانيف مفيدة
*قال ابن حبيب فيه :
إمام ذوى التسبيح و التهليل ،زعيم أرباب التأويل ، سمع و جمع و صنف ، و أطرب الأسماع بالفتوى و شنف ، و حدث و أفاد ، و طارت أوراق فتاويه في البلاد ، و اشتهر بالضبط و التحرير ، و انتهت إليه رياسة العلم في التاريخ و الحديث و التفسير(5) .
*و قال تلميذه الحافظ شهاب الدين بن حِجّي :
كان أحفظ من أدركناه لمتون الحديث ، و أعرفهم بتخريجها و رجالها و صحيحها و سقيمها ، و كان أقرانه و شيوخه يعترفون له بذلك ، و كان يستحضر كثيراً من الفقه و التاريخ ، قليل النسيان و كان فقيهاً جيّد الفهم ، صحيح الذهن ، و يحفظ (التنبيه) إلى آخر وقت ، و يشرك في العربية مشاركة جيدة ، و ينظم الشعر ، و ما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا و استفدت منه (6) .
*قال عنه ابن حجر :
كان كثير الاستحضار ، حسن المفاكهة ، سارت تصانيفه في البلاد في حياته و انتفع بها الناس بعد وفاته (7).
*قال تلميذه الحافظ أبو المحاسن الحسيني :
صاهر شيخنا أبا الحجاج المزي فأكثر ، و أفتى و درس و ناظر ، و برع في الفقه و التفسير و النحو و أمعن النظر في الرجال و العلل (8)
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1-طبقات المفسرين للحافظ الداودي . 2- الدرر الكامنة لابن حجر .3-طبقات المفسرين للأندهوي
4-مقدمة ابن كثير تحقيق سامي السّلامة . 5-التفسير و المفسرين لمحمد حسين الذهبي . 6-طبقات المفسرين للحافظ الداودي
7-الدرر الكامنة . 8-ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

* طلبه للعلم *

أول ما اشتغل به ابن كثير – رحمه الله – بالعلم على يد أخيه عبد الوهاب – رحمه الله – ثم رحل معه إلى دمشق (1)و كان فيها كثير من العلماء ، فأقبل

على حفظ المتون ، و معرفة الأسانيد و العلل و الرجال و التاريخ ، حتى برع في ذلك و هو شاب (2)، حفظ (التنبيه) و عرضه سنة ثمان عشرة ، و حفظ

(مختصر ابن الحاجب) ، و قرأ الأصول على الأصبهاني (3)

و اشتغل بالحديث مطالعة في متونه و رجاله ، و لازم المزي و قرأ عليه تهذيب الكمال (4) ، و أخذ عنه ، و سمع عليه أكثر تصانيفه ، و أقبل على علم

الحديث ، و أخذ الكثير عن ابن تيمية – رحمه الله – (5) .

* نبذة من أخباره *

*ذُكرَ أنه كانت له خصوصية بالشيخ تقي الدين بن تيمية ، و مناضلة عنه ، و اتباع له في كثير من آرائه ، و كان يفتي برأيه في مسألة الطلاق، و امتحن بسبب ذلك و أوذي(6) .
*ولي مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبي ، و بعد موت السبكي مشيخة دار الحديث الأشرفية مدة يسيرة ، ثم أخذت منه (7) .
*كان حسن المفاكهة ، سارت تصانيفه في البلاد في حياته ، و انتفع بها الناس بعد و فاته ، و لم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي ، و تميز العالي من النازل و نحو ذلك من فنونهم ، و إنما هو من محدثي الفقهاء ، و قد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح و له فيه فوائد (8).
* آثاره *
*صنف في صغره كتاب : ( الأحكام على أبواب التنبيه )
*و التاريخ المسمى : ( بالبداية و النهاية )
*و التفسير : ( تفسير القرآن العظيم )
*و كتاباً في : ( جميع المسانيد العشرة )
*و اختصر ( تهذيب الكمال ) ، و أضاف إليه ما تأخر في ( الميزان ) و سماه : ( التكميل )
*و طبقات الشافعية
*و مناقب الإمام الشافعي
*و خرج الأحاديث الواقعة في : ( مختصر ابن الحاجب )
*و سيرة صغيرة
*و شرع في أحكام كثيرة حافلة كتب منها مجلدات إلى الحج
*و شرح قطعة من ( البخاري )
*و قطعة كبيرة من ( التنبيه ) (9)
*و الاجتهاد في طلب الجهاد (10)
----------------------------------------------------------------------------------------------------
1-البداية و النهاية . 2-طبقات المفسرين للحافظ الداودي ، و طبقات المفسرين للسيوطي . 3-شذرات الذهب لشهاب الدين ، و إنباء الغمر
4-الدرر الكامنة لابن حجر . 5-طبقات المفسرين للسيوطي . و طبقات المفسرين للحافظ الداودي ، و إنباء الغمر . 6-و7 -المرجعين السابقين للطبقات .
8-نيل السائرين في طبقات المفسرين (محمد طاهر) . 9-طبقات المفسرين للداودي ، و مفرقة في جميع المصادر السابقة . 10-الأعلام للزكلي
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

* نبذة عن تفسيره *

تفسير ابن كثير – رحمه الله – من أشهر ما دون في التفسير المأثور ، و يعتبر في هذه الناحية الكتاب الثاني بعد كتاب ابن جرير – رحمه الله - .

اعتنى فيه مؤلفه بالرواية عن مفسري السلف ، ففسر فيه كلام الله تعالى بالأحاديث و الآثار المسندة إلى أصحابها ، مع الكلام عما يحتاج إليه جرحاً و

تعديلاً .

و يمتاز في طريقته بأنه يذكر الآية ، ثم يفسرها بعبارة سهلة موجزة ، و إن أمكن توضيح الآية بآية أخرى ذكرها و قارن بين الآيتين حتى يتبين المعنى

و يظهر المراد ، و هو شديد العناية بهذا النوع من التفسير المسمى : تفسير القرآن بالقرآن ، و هذا الكتاب أكثر ما عرف من كتب التفسير سرداً للآيات

المتناسبة في المعنى الواحد .

ثم بعد أن يفرغ من هذا كله ، يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالآية ، و يبين ما يحتج به و ما لا يُحتج به منها ، ثم يردف هذا بأقوال

الصحابة و التابعين و من يليهم من علماء السلف(1) ؛ و مثاله في قوله تعالى :

} الذين يؤمنون بالغيب ....{البقرة آية :3 : قال :

قال أبو جعفر الرازي ، عن العلاء بن المسيب بن رافع ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : الإيمان التصديق .

و قال علي بن أبي طلحة و غيره ، عن ابن عباس ( يؤمنون ) : يصدقون .

و قال مَعْمَر عن الزهري : الإيمان العمل .

و قال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس : ( يؤمنون ) : يخشون .

قال ابن جرير الطبري و غيره : و الأولى أن يكونوا موصوفين بالإيمان بالغيب قولا و اعتقاداً و عملاً ، قال : و قد تدخل الخشية لله في معنى الإيمان ،

الذي هو تصديق القول بالعمل ، و الإيمان كلمة جامعةٌ للإقرار بالله و كتبه و رسله ، و تصديق الإقرار بالفعل .

قلت : أما الإيمان في اللغة فيطلق على التصديق المحض ، و قد يستعمل في القرآن ، و المراد به ذلك ، كما قال تعالى : } يُؤمنُ بالله و يُؤمِنُ للمُؤمنين {ا

لتوبة :61 ، و كما قال إخوة يوسف لأبيهم : } و ما أنت بمؤمنٍ لنا و لَو كُنَّا صادقِين {يوسف :17 ، و كذلك إذا استعمل مقروناً مع الأعمال ؛ كقوله : } إلا الّذين

آمنوا و عملوا الصَّالِحات {الانشقاق : 25 ، والتين :6 ، فأما إذا استعمل مطلقاً فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقاداً و قولاً و عملا هكذا ذهب إليه أكثر

الأئمة ، بل قد حكاه الشافعي و أحمد بن حنبل و أبو عُبيد و غير واحد إجماعاً : أن الإيمان قول و عمل يزيد و ينقص . و قد ورد فيه آثار كثيرة و أحاديث

أوردنا الكلام فيها في أول شرح البخاري ، و لله الحمد و المنة . ( إلى آخر ما ذكره رحمه الله ) .

و نجد ابن كثير يرجح بعض الأقوال على بعض ، و يضعف بعض الروايات و يصحح بعضهاً آخر منها ، و يعدل بعض الرواة و يجرح بعضاً آخر ؛ أنظر

إليه و قد ضعف أبا معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني الذي يروي عنه أبو حاتم عند قوله تعالى في الآية (185) من سورة البقرة } و بيّناتٍ من الهدى

و الفرقان { (1/216) ، و انظر إليه و قد ضعف يحيى بن سعيد عند قوله تعالى في الآية (251) من سورة البقرة : } و لولا دفع الله الناس بعضهم

ببعض لفسدت الأرض { الآية (1/303) ، و هذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث و أحوال الرجال .

*و كثيراً ما نجد ابن كثير ينقل تفسير ابن جرير ،و ابن أبي حاتم ، و تفسير ابن عطية ، و غيرهم ممن تقدمه .

*و مما يمتاز به تفسير ابن كثير : أنه ينبه إلى ما في التفسير المأثور من منكرات الإسرائيليات ، و يحذر منها على وجه الإجمال تارة ، و على وجه

التعيين و البيان لبعض منكراتها تارة أخرى .

فمثلاً عند قوله تعالى : } إنَّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة { إلى آخر القصة ، نراه يقص لنا قصة طويلة و غريبة عن طلبهم للبقرة المخصوصة ، و عن و

جودهم لها عند رجل من بني إسرائيل كان من أبر الناس بأبيه .....الخ ، و يروي كل ما قيل في ذلك عن بعض علماء السلف ؛ ثم بعد أن يفرغ من هذا

كله يقول ما نصه : ( و هذه السياقات عن عبيدة و أبي العالية و السدي و غيرهم ، فيها اختلاف ، و الظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل ، و هي

مما يجوز نقلها و لكن لا تصدق و لا تكذب ، فهذا لا يعتمد عليه إلا ما وافق الحق عندنا . و الله أعلم .(1/108-110) .

و مثلاً عند تفسيره لأول سورة (ق) نراه يعرض لمعنى هذا الحرف في أول السورة و يقول :

( ....و قد روي عن بعض السلف أنهم قالوا : (ق) جبل محيط بجميع الأرض يقال له جبل قاف ، و كأن هذا – و الله أعلم – من خرافات بني إسرائيل التي

أخذها عنهم مما لا يصدق و لا يكذب ، و عندي أن هذا و أمثاله و أشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم ، كما افتُريَ في

هذه الأمة مع جلالة قدر علمائها و حفاظها و أئمتها أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم ، و ما بالعهد من قدم ، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول

المدى و قلة الحفاظ النقاد فيهم ، و شربهم الخمور و تحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، و تبديل كتب الله و آياته ؟ و إنما أباح الشارع الرواية عنهم

في قوله : ( و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج ) فيما قد يجوزه العقل ، فأما فيما تحيله العقول ، و يُحكم فيه بالبطلان ، و يغلب على الظنون كذبه ،

فليس من هذا القبيل . و الله أعلم (4 /221) .

*و نلاحظ أن ابن كثير يدخل في المناقشات الفقهية ، و يذكر أقوال العلماء و أدلتهم عندما يشرح آية من آيات الأحكام ، و إن شئت أن ترى مثالاً لذلك

فارجع إليه عند تفسير قوله تعالى في الآية (185) من سورة البقرة : } فمن شهد منكم الشهر فليصمه و من كان مريضاً أو على سفرٍ فعدّة من أيامٍ أخر

{ الآية ، فإنه ذكر أربع مسائل تتعلق بهذه الآية ، و ذكر أقوال العلماء فيها و أدلتهم على ما ذهبوا إليه (1/216-217)

و هكذا يدخل ابن كثير في خلافات الفقهاء ، و يخوض في مذاهبهم و أدلتهم كلما تكلم عن آية لها تعلق بالأحكام ، و لكنه مع هذا مقتصد مقل لا يسرف

كما أسرف غيره من فقهاء المفسرين .

*و بالجملة : فإن تفسيره من خير كتب التفسير بالمأثور ، و قد شهد له بعض العلماء فقال السيوطي في (ذيل تذكرة الحفاظ )، و الزرقاوي في ( شرح

المواهب) : إنه لم يؤلَّف على نمطه (2).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1-2- التفسير و المفسرون لمحمد حسين الذهبي
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* وفاته *
مات في : يوم الخميس 26 شعبان ، سنة أربع و سبعين و سبعمائة ، و دفن في الصوفية عند شيخه ابن تيمية .

قال في إنباء الغمر ؛ و هو القائل :

تَمُرُّ بِنا الأيّام تَتْرى و إنما نُساقُ إلى الآجالِ و العينُ تنظُرُ

فلا عائدٌ ذاك الشبابُ الذي مضى و لا زائِلٌ هذا المشيبُ المكدِّرُ
* المراجع *
1-البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ، للقاضي العلامة شيخ الإسلام : محمد بن علي الشوكاني ، ( الجزء الأول/ صفحة : 153)
2-إنباء الغمر بأنباء العمر ، لابن حجر العسقلاني ( صفحة : 39-40) تحقيق حسن حبشِى
(1419هـ - 1998 م )
3-طبقات المفسرين للسيوطي ،( صفحة : 111-112-113)
4-شذرات الذهب لشهاب الدين ، ( 8/صفحة: 397-398-399) ، الطبعة الأولى (1413 هـ-1992 م)
5-طبقات المفسرين ، للحافظ الدّاودي ( صفحة : 111-112-113)
6-طبقات المفسرين للأندهوي
7-نيل السائرين في طبقات المفسرين ، محمد طاهر ( الطبعة الثالثة)
8-الدرر الكامنة لابن حجر ( 1/ 399)
9-الأعلام للزكلي ، ( 1/ صفحة : 320)
10-التفسير و المفسرون ، لمحمد حسين الذهبي .
رسالتي لكم : أشكر الله تعالى أن وفقني بأن أكون من طالباتكم فجزاكم الله خير الجزاء ، أشهد الله أني قد عشت عالم آخر مع هذا المفسر قد أنستني العصر الذي نعيش فيه ، في جميع مراحل حياته إلى وفاته ، مع المرور خلال البحث على سير علماء أخر ما جعلنا نحقر أنفسنا أمامهم ، و نتذلل لله أن يرزقنا ما رزقهم ، مع الحزن المرير بأنا من دمشق و لا نعلم عن علمائنا إلا اليسير القليل ، و ما سمعنا من صغرنا إلى يومنا عنهم شيئاً ، فهل من دورات أو نحو ذلك للرجوع لسير هؤلاء الأعلام الأجلاء ؟؟؟



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المفسر, سيرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir