دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > سير المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ربيع الأول 1437هـ/8-01-2016م, 01:33 AM
علي الدربي علي الدربي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 98
افتراضي سيرة المفسر الإمام القرطبي - رحمه الله -

سيرة الإمام المفسر القرطبي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، وبعد:-
يقول الإمام النووي - رحمه الله - في كتابه: "اعلم أن لمعرفة أسماء الرجال، وأحوالهم، وأقوالهم، ومراتبهم: فوائدَ كثيرة؛ منها: معرفة مناقبهم وأحوالهم، فيتأدب بآدابهم، ويقتبس المحاسن من آثارهم، ومنها: مراتبهم وأعصارهم، فينزلون منازلهم، ولا يقصر بالعالي في الجلالة عن درجته، ولا يرفع غيره عن مرتبته، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ[ يوسف: 76] ، وثبت في صحيح مسلم عن ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليليَنِّي منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم)) ثلاثًا " .(1)
وسأحاول أن أسلط الضوء على هذه الشخصية العِلمية المؤثرة في علوم كثيرة لا سيما علم التفسير، فهو مؤلف كتاب: "الجامع لأحكام القرآن"؛ ، ذلك السفر الذي لا يكاد يَستغني عنه عالم أو متعلم . والله أسأل أن يمدني بالعون والسداد ، والله الموفق.
*** نسَبه ونشأته :-
هو الإمام أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري الخزرجيالأندلسي القرطبي
ولم تُشِر المصادر التي ترجَمت له إلى سنة ولادته، وقد رجَّح بشير عيون - محقق كتاب (التذكار في أفضل الأذكار(للقرطبي - أنه ولد في أواخر القرن السادس الهجري تقريبًا، وذكرت الموسوعة العربية أنه ولد سنة 600هـ. ( 2 ).
نشأ - رحمه الله - في قرطبة بالأندلس ، في عصر الموحِّدين ، وظلَّ يعيش بها حتى سقطت في أيدي الفرنجة سنة 633هـ فانتقل منها إلى مصر، واستقرَّ بها حتى وافته المنيَّة، وكانت قرطبة (منتهى الغاية، ومركز الراية، وأم القرى، وقرارة أولي الفضل والتُّقى، ووطن أولي العلم والنهى، وقلب الإقليم، وينبوع متفجر العلوم، ومن أفقها طلعت نجوم الأرض، وأعلام العصر، وفرسان النَّظْم والنثر، وبها أنشئت التأليفات الرائعة، وصنِّفت التصنيفات الفائقة...) ، وكانت أيضًا أكثر بلاد الأندلس كتبًا، وأهلها أشد الناس اعتناءً بخزائن الكتب، من أروَج متاجريها حتى قيل: "إنه إذا مات عالمٌ بإِشْبِيلِيَة فأُريدَ بيعُ كتبه، حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها" ( 3 )


(1) تهذيب الأسماء واللغات ، للنووي ( 1 / 10 )
(2) طبقات المفسرين؛ للسيوطي (ص: 79)
(3) القرطبي المفسِّر؛ يوسف عبدالرحمن الفرت (ص: 36)




*** أقوال العلماء فيه وثناؤهم عليه :-
** قال عنه الإمام الذهبي: (إمام متقن، متبحِّرٌ في العلم، له تصانيف مفيدة، تدل على إمامته، وكثرة اطلاعه، ووفور فضله) (4)
** وقال عنه ابن فرحون: (كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف ) (5)
** وقال عنه ابن العماد: (وكان إمامًا عالمًا غوَّاصًا من الغوَّاصين على معاني الحديث، حسن التصنيف، جيِّد النقل...). (6)
** وقال عنه محمد مخلوف: (العالم الإمام، الجليل، الفاضل، الفقيه، المفسِّر، المحصِّل، المتقن، الكامل، كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العاملين ...) . (7 )
*** رحلاته وشيوخه:-
رحلاته: عاش الإمام القرطبي الحقبة الأولى من عمره بحاضرة الأندلس ''قرطبة'' حتى سقوطها سنة: 633هـ، ثم وفد إلى مصر ليكمل بها حياته العلمية.
والجدير بالذكر أن الروايات التاريخية عن هذه المرحلة لم تشر لا من قريب ولا من بعيد لتاريخ رحيل الإمام القرطبي من الأندلس وقدومه إلى مصر، ولعل السؤال المطروح هو: لماذا اختار مصر ملجأً له وموئلاً بعد مغادرته "الأندلس".
ولعل الإجابة عن هذا السؤال تكمن في أن مصر في عهد الأيوبيين والمماليك - وهو العهد الذي وفد فيه القرطبي إلى مصر - كانت محطًّا لكثير من علماء المسلمين على اختلاف أقطارهم وأجناسهم؛ إذ وجدوا فيها أمنًا فقدوه في ديارهم، ومن هنا ندرك المكانة التي كانت تتمتَّع بها مصر لدى العلماء الذين وفدوا إليها من كل الأقطار، وهو ما جعل الإمام القرطبي يَقصدها مباشرةً بعد سقوط قرطبة؛ وذلك ليلتقي بهؤلاء العلماء ويأخذ عنهم، حيث ذكر الصفدي في ترجمة القرطبي: أن الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليَعمري، أخبره فقال: (ترافق القرطبي المفسر، والشيخ شهاب الدين القرافي في السفر إلى الفيوم، وكلٌّ منهما شيخ فنِّه في عصره، القرطبي في التفسير والحديث، والقرافي في المعقولات...) (8).


(4) طبقات المفسرين؛ للسيوطي (ص: 79) .
(5) نفح الطيب، للمقري 2 / 210
(6) شذرات الذهب ، لابن العماد 5 / 335
(7) شجرة النور الزكية في طبقات المالكية (ص: 197).
(8) القرطبي المفسر، يوسف الفرت (ص: 42).
***


شيوخه:أولاً: شيوخه الأندلسيون:-
(1)ابن أبي حجة : وهو الشيخ أبو جعفر أحمد بن محمد القيسي، من أهل قرطبة، تصدَّر لتحفيظ القرآن وتعليم العربية، وانتقل إلى إشبيلية بعد سقوط قرطبة، وأسَرَه الروم في البحر، فامتُحن بالتعذيب، وتوفي إثر ذلك بميورقة، من مؤلفاته: (تسديد اللسان لذكر أنواع البيان)، (تفهيم القلوب آيات علام الغيوب)، توفي سنة 643هـ.(9)
(2)ابن أُبيٍّ : ربيع بن أحمد بن ربيع الأشوي، من أهل قرطبة ، كان رجلاً صالحًا، عادلاً في أحكامه، سأله الإمام القرطبي - بعد ابن أبي حجة - عن غسل والده، فقال: (ثمَّ سألت شيخنا بن أبيٍّ فقال: إن حكمه حكم القتلى في المعترك ، (10)
(3)القاضي أبو الحسن علي بن قطرال:وهو أبو الحسن علي بن عبدالله بن محمد الأنصاري القرطبي، المعروف بابن قطرال، فقيه مالكي.(11)
ثانيًا: شيوخه المصريون:-
(1)أبو العباس القرطبي:هو العباس ضياء الدين أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي، من أعيان فقهاء المالكية، ولد بقرطبة، ورحل مع أبيه من الأندلس في سن الصغر، فسمع كثيرًا بمكة والمدينة وغيرهما، كان بارعًا في الفقه والعربية وعلم الحديث، ومن أهم مؤلفاته: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، توفي سنة 656 هـ، (12)
(2)أبو محمد عبدالوهاب بن رواج : هو الشيخ رشيد الدين أبو محمد عبدالوهاب بن أبي الحسن القرشي بن رواج الإسكندراني المالكي، وكان فقيهًا ومحدِّثًا، قال عنه السيوطي: (أخذ عنه كثير من طلاب العلم، كان من بينهم أبو عبدالله القرطبي). (13 )
(3)ابن الجميزي :هو بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة اللخمي، المعروف بابن الجميزي، حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، ورحل في طلب العلم، كان إمامًا في الفقه والحديث والقراءات والنحو، توفي سنة 649 هـ.(14)
(4)الحسن البكري: هو المحدث العالم المصنف صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن عمروك القرشي التميمي النيسابوري ثم الدمشقي، تلقى العلم على أيدي علماء مكة ودمشق، ورحل إلى مصر، ومات بها سنة 656هـ (15) .
----------------------------------------------------------
(9) الأعلام ، للزركلي 1 / 210.
(10) التكملة لابن الآبار نقلاً عن يوسف الفرت: القرطبي المفسر (ص: 51)
(11) شذرات الذهب ؛ لابن العماد 5 / 254.
(12) شذرات الذهب ؛ لابن العماد 5 / 273.
(13) تذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1411.
(14) التذكار في أفضل الأذكار ، للقرطبي.
(15) الأعلام ، للزركلي 2 / 232.




*** أخلاقه وصفاته: -
كان رحمه الله ورعًا تقيًّا: كان يتحلى بصفات حميدة وخِلال حسنة، وورع وتُقى، وزهد في الدنيا وزخرفها؛ فهذا ابن فرحون يقول عنه: (كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجُّه، وعبادة، وتصنيف، وكان قد اطَّرح التكلُّف، يمشي بثوب واحد، وعلى رأسه طاقية..) (16)
كان عفيف اللسان، رقيق العبارة ،حسن المناظرة: وتأمل المثالين التاليين:-
1/ حين عرض الإمام القرطبي اختلاف العلماء في "البسملة" أهي آية من الفاتحة أم لا؟ قال: " وقد اختلف العلماء في هذا المعنى على ثلاثة أقوال وذكرها ،ثمَّ عرض حجة الشَّافعي وابن المبارك فيما ذهبا إليه، وانتهى إلى الراجح من الأقوال فقال: (والصحيح من هذه الأقوال: قول مالك؛ لأنَّ القرآن لا يَثبت بأخبار الآحاد، وإنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه)، وتابع في سرد الأدلة على رجحان ما ذهب إليه بكل هدوء ونقاش رفيع، فيورد الاعتراضات الممكنة ويجيب عنها " (17)
2/ ومن الأمثلة ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا[النحل: 67]؛ إذ عرض القرطبي الأقوال التي قيلَت في معنى "سَكَرًا" مِن أنها: الخمر، أو الخل، أو العصير الحلو، ثم عرض ما قاله الحنفية من أن المراد بقوله تعالى: ﴿ سَكَرًا: ما لا يسكر من الأنبذة (18) . وأَتْبع القرطبي رأي الحنفية بمناقشة ابن العربي لهم حين قال: (فإن قيل: كيف يحرم ما أحل الله هاهنا وينسخ هذا الحكم وهو خبر، والأخبار لا يدخلها النسخ؟ قلنا: هذا كلام من لم يتحقق الشريعة، وقد بينَّا أن الخبر إذا كان على الوجود الحقيقي فذلك الذي لا يدخله النسخ، فأما إذا تضمن الخبر حكمًا شرعيًّا، فالأحكام تتبدل وتنسخ، جاءت بخبرٍ أو بأمر، وإذا فهمتم هذا خرجتم من الصنف الغبي الذي أخبر الله عن الكفار فيه بقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [النحل: 101(19)
ويعقب القرطبي على كلام ابن العربي هذا قائلاً: (هذا تشنيع شنيع حتى يلحق فيه العلماء الأخيار في قصور الفهم بالكفار، والمسألة أصولية، وهي أن الأخبار عن الأحكام الشرعية هل يجوز نسخها أم لا؟ اختلف في ذلك، والصحيح جوازه؛ لهذه الآية (20) . فانظر إلى هذا الإنصاف والأدب الرفيع في مناقشة المسائل.


(16) الديباج المذهب ، لابن فرحون المالكي671.
(17) أحكام القرآن، لابن العربي 1 / 3، 2.
(18) القرطبي المفسر سيرة ومنهجًا ، للفرت (ص: 68).
(19) أحكام القرآن، لابن العربي 3 / 1143.
(20) الجامع لأحكام القرآن 10 / 130.




كان رحمه الله منصفًا لا يتعصب لرأي من الآراء:-
يقول عنه محمد حسين الذهبي: ( وخير ما في الرجل أنه لا يتعصب لمذهبه المالكي، بل يمشي مع الدليل حتى يَصل إلى ما يرى أنه الصواب أيًّا كان قائله، فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى في الآية (43) من سورة البقرة: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ(21)
نجده عند المسألة السادسة عشرةمن مسائل هذه الآية يَعرض لإمامة الصغير، ويذكر أقوال من يجيزها، ومن يمنعها، ويذكر أن من المانعين لها جملة: مالكًا والثوري، وأصحاب الرأي، ولكنا نجده يخالف إمامَه؛ لما ظهر له من الدليل على جوازها؛ حيث يقول: "قلت: إمامة الصغير جائزة إذا كان قارئًا، ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة قال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يَزعم أن الله أرسله، أوحى إليه كذا! أوحى إليه كذا! فكنتُ أحفظ ذلك الكلام، فكأنما يقرُّ في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامها، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند نبي الله حقًّا، قال: ((صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة، فليؤذِّن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنًا)) فنظَروا، فلم يكن أحد أكثر مني قرآنًا؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بُردة إذا سجدتُ تقلَّصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطُّون عنا اسْتَ قارئكم؟! فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص).

تلاميذه:-
تكاد كتب التراجم التي ترجمت للقرطبي تُطبق على عدم ذكر تلاميذ ممن أخذوا عنه ونهلوا من بحر علمه، باستثناء الإمام السيوطي الذي خرَج عن هذا الصمت عن ذِكره لأحد أولئك التلاميذ، وهو ابن القرطبي نفسه؛ حيث قال: "وروى عنه بالإجازة ولده شهاب الدين أحمد".(22)
كما أن تلك المصادر لم تشر إلى أن الإمام القرطبي قعد للتدريس في أي بلد من البلدان التي حلَّ بها، ولا ندري ما السر في ذلك، هل أن القرطبي حقًّا لم يكن له حلقات ولا تلاميذ، بل كان همه التأليف وطلب العلم فقط؟ وإنما ذكروا ابنه كونه التلميذ الوحيد له باعتباره كان ملازمًا له في بيته؟ فالله أعلم .


(21) التفسير والمفسرون ، للذهبي 2 / 460.
(22) طبقات المفسرين ، للسيوطي .




آثاره العلمية :-
ترك رحمه الله مصنَّفات مفيدة وعديدة تدل على سعة اطلاعه ووفور علمه، منها :-
الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمَّنه من السنة وآي الفرقان: من أعظم كتب التفسير نفعًا، أسقط منه القصص ، وأثبت عوضها أحكام القرآن، واستنباط الأدلة. وها هو القرطبي يُبيِّن في مقدمة كتابه محتوياته، فيقول: ( وبعد، فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجمع علوم الشرع، الذي استقل بالسنة والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض، رأيت أن أشتغل به مدى عمري، وأستفرغ فيه منتي، بأن أكتب تعليقًا وجيزًا، يتضمَّن نكتًا من التفسير واللغات، والإعراب والقراءات، والرد على أهل الزيغ والضلالات، وأحاديث كثيرة شاهِدة لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات، جامعًا بين معانيهما، ومبينًا ما أشكل منهما، بأقاويل السلف...) . (23)
التذكار، في أفضل الأذكار: وهو مطبوع متداول، ذكر القرطبي في مقدمته ما حواه فقال: "وهو كتاب يحتوي ما يدل على فضل القرآن، وقارئه، ومستمعه، والعامل به، وحُرمته، وحرمة القرآن، (24).
التذكرة، بأحوال الموتى وأمور الآخرة: وهو كتاب مشهور متداوَل، متعدِّد الطبعات، جمع فيه من كتب الآثار والأخبار ما يتعلق بذكر الموت والموتى، والحشر والجنة والنار، والفتن والأشراط، (25)
الكتاب الأسنى، في أسماء الله الحسنى .

قمع الحرص بالزهد والقناعة .

شرح التقصي .
أرجوزة جمع فيها أسماء النبي صلى الله عليه وسلم.

التقريب لكتاب التمهيد لابن عبد البر.

رسالة في ألقاب الحديث.

المصباح في الجمع بين الأفعال والصحاح.

الأقضية.

الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد والأوهام، وإظهار محاسن دين الإسلام.

المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس .

اللمع اللؤلؤية في شرح العشرينات النبوية .

منهج العباد، ومحجة السالكين الزهاد .




(23) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي .
(24) التذكار في أفضل الأذكار ، للقرطبي .
(25) التذكرة بأحوال الموتى ، للقرطبي .






*** نماذج من تفسيره : -

1/ عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ [الأعراف: 26]؛ قال: (إن التقوى خير لباس؛ قال ابن عباس: هو العمل الصالح...، وقيل: لباس التقوى لبس الصوف، والخشن من الثياب مما يُتواضَع به لله تعالى، ويتعبد له خير من غيره، وقال عروة بن الزبير: هو الخشية لله، وقيل: هو استِشعار تقوى الله تعالى فيما أمر به ونهى عنه، قلت: وهو الصحيح، وإليه يرجع قول ابن عباس وعروة، ومن قال: إنه لبس الخشن من الثياب، فدعوى، فقد كان الفضلاء من العلماء يلبسون الرفيع من الثياب مع حصول التقوى..)(26)
2/ ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا[ النحل: 67]؛ إذ عرض القرطبي الأقوال التي قيلَت في معنى "سَكَرًا" مِن أنها: الخمر، أو الخل، أو العصير الحلو، ونقل عن ابن العربي أن الآية منسوخة اعتمادًا على قول ابن عباس في أن المراد بالسكر الخمر، أو أن الآية نزلت قبل تحريم الخمر؛ إذ إن هذه الآية مكية باتفاق، وتحريم الخمر مدني، ثم عرض ما قاله الحنفية من أن المراد بقوله تعالى: ﴿ سَكَرًا: ما لا يسكر من الأنبذة؛ لأن الله تعالى امتنَّ على عباده بما خلق لهم من ذلك، ولا يقع الامتنان إلا بمحلَّل لا بمحرَّم، فيكون ذلك دليلاً على جواز شرب ما دون المسكر من نبيذ، فإذا انتهى إلى السكر لم يجز ، وأَتْبع القرطبي رأي الحنفية بمناقشة ابن العربي لهم حين قال: (فإن قيل: كيف يحرم ما أحل الله هاهنا وينسخ هذا الحكم وهو خبر، والأخبار لا يدخلها النسخ؟ قلنا: هذا كلام من لم يتحقق الشريعة، وقد بينَّا أن الخبر إذا كان على الوجود الحقيقي فذلك الذي لا يدخله النسخ، فأما إذا تضمن الخبر حكمًا شرعيًّا، فالأحكام تتبدل وتنسخ، جاءت بخبرٍ أو بأمر، وإذا فهمتم هذا خرجتم من الصنف الغبي الذي أخبر الله عن الكفار فيه بقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [النحل: 101](27)
وفاته - رحمه الله -:
حياة العظماء حقًّا تنتهي بتخليد ذكرهم وتركهم لآثار تدل عليهم، فبعد أن قضى الإمام القرطبي عمره بين تعلم وعبادة وتصنيف، جاءته سكرة الموت وهو بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى بمصر، وذلك يوم الاثنين من شهر شوال من سنة إحدى وسبعين وستمائة (671هـ)، ودفن هناك - رحمة الله عليه، وجزاه الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء بما نفع وقدم.

(26) الجامع لأحكام القرآن، تفسير الآية 26 من سورة الأعراف .
(27) الجامع لأحكام القرآن، تفسير الآية 67 من سورة النحل .




المراجع
1- تهذيب الأسماء واللغات ، للنووي ، دار الكتب العلمية بيروت .
2- طبقات المفسرين، للسيوطي ، المحقق: علي محمد عمر ، الناشر: مكتبة وهبة – القاهرة ،الطبعة: الأولى، 1396
3- القرطبي المفسِّر سيرة ومنهجًا ، ليوسف عبد الرحمن الفرت .
4- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري ، تحقيق إحسان عباس .
5- شذرات الذهب ، لابن العماد ، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط .
6- شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ، لمحمد مخلوف ، تحقيق عبد المجيد خيالي ، دار الكتب العلمية .
7- الأعلام قاموس تراجم ( ط 15 )، لخير الدين الزركلي .
8- التكملة لابن الآبار نقلاً عن يوسف الفرت : القرطبي المفسر .
9- تذكرة الحفاظ ، لمحمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق عبد الرحمن المعلمي .
10- التذكار في أفضل الأذكار ، للقرطبي .
11- الديباج المذهب في معرفة علماء أعيان المذهب ، لابن فرحون المالكي ، دار التراث .
12- أحكام القرآن ، لأبي بكر ابن العربي المالكي ، تحقيق محمد عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية.
13- الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش ، الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة ، ( الطبعة الثانية، 1384هـ - 1964 م) .
14- التفسير والمفسرون ، للذهبي ، الناشر: ( مكتبة وهبة، القاهرة ) .
15- التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة ، للقرطبي ، ( ط دار المنهاج ) .



إعداد الطالب / علي عبد الله الدربي برنامج إعداد المفسر - المستوى الأول

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المفسر, سيرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir