دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > مختصر تفسير سورة الفاتحة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 ذو القعدة 1439هـ/10-08-2018م, 10:00 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الدرس الأول: مقدّمات في تفسير سورة الفاتحة

مقدّمات في تفسير سورة الفاتحة


تمهيد:
الحمد لله الذي جعل كتابه المبين، هدى ورحمة للمؤمنين، وحُجّة على المكلفين، وأقام فيه الدلائل الجلية على تفرّده بالربوبية والألوهية، وعلى بديع حُكمه وتشريعه، وباهر حكمته وتقديره، فجمع فيه لطالب الهداية ما يحتاج إليه من دلائل الهدى، وجعله هادياً للتي هي أقوم في كلّ ما يحتاج إلى الهدى فيه، وقصّ فيه من الأخبار وضرب من الأمثال وبيّن من الحقائق ما يورث اليقين والبصيرة في الدين، ورغّب فيه ورهّب، وبشّر وأنذر، واجتذب القلوب ببديع بيانه، وحسن نظامه، فكان بألفاظه ومعانيه وحسن دلائله أكمل الكتب وأفضلها، وأشرفها قدراً، وأعظمها دلالة على الهدى؛ فما أسعد من آمن به واتّبع هداه، وتلاه بقلب منيبٍ أوّاه، يطمئنّ فيه بذكر الله، فذلك الجدير بالتكريم والتشريف، الموعود بالهداية والتقريب، {قل إن الله يُضلّ من يشاء ويهدي إليه من أناب . الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب}.
ومن كريم فضل الله تعالى علينا أن جمع في سورة الفاتحة مقاصد ما فصّله في سائر سور القرآن الكريم، وسمّى الفاتحة بالسبع المثاني والقرآن العظيم، وأمّ القرآن، لما اشتملت عليه من أصول الهدايات العظيمة المفصّلة في سائر سوره؛ وجعل هذه السورة الكريمة دعاء مستجاباً، وشرفاً مُدَّخراً لهذه الأمة، من قبل ما فيها من البشارات واتبع ما فيها من الهدايات فاز فوزاً عظيماً، وسبق سبقاً كبيراً، ومن أعرض عنها ولم يرفع بها رأساً كانت حجة عليه
وجمع في هذه السورة الكريمة أصول الأسماء والصفات، وأصول أحكام الشريعة، وأسباب الهدى والضلال، وجزاء أعمال المكلفين، في بيان بديع موجز لا ينقضي منه العجب، ولا يُملّ على كثرة التكرار.
فكانت حاجة الأمة إلى الإيمان بهذه السورة العظيمة وتلاوتها آناء الليل والنهار، وتدبّرها، والاهتداء بهداياتها حاجة ماسّة.
وقد اشتملت هذه السورة على مسائل جليلة ولطائف بديعة وفوائد لا تُحصر، وما يزال أهل العلم يستنبطون من فوائدها ولطائفها ما يتعجّب منه اللبيب، ويندهش له البليغ.
وكنت قد درّست تفسير هذه السورة العظيمة في ثلاثة عشر درساً مطولاً لطلاب برنامج إعداد المفسر في شهر ذي القعدة من عام 1437هـ، حرصت فيه على تلخيص ما يحتاجه المفسّر في دراسة مسائل هذه السورة وتدريسها، وهو جزء من تفسير سمّيته "زاد المفسّر" ، أعان الله تعالى على إتمامه بإحسان كما يُحبّ ويرضى.
ثمّ إني رأيت الحاجة داعية لتلخيص هذا التفسير في دروس ميسّرة تقرّب للمبتدئ في علم التفسير ما يحتاج إلى معرفته من المسائل التي ذكرها المفسّرون في تفسير هذه السورة العظيمة وخلاصة القول في كلّ مسألة، من غير إملال بتطويل، ولا إخلال باختصار، فكان هذا التفسير في سبعة دروس متوسّطة تقارب ثلث أصله، وتشتمل على جلّ مسائله؛ فأسأل الله تعالى أن يتقبّل هذا العمل بقبول حسن، وأن يتجاوز عني ما كان من خطأ وتقصير، وأن يبارك فيه بركة من عنده إنه حميد مجيد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



المقدمة الأولى: بيان فضائل سورة الفاتحة
صحّ في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة دلَّت على أنّها أعظمُ سُوَرِ القرآن، وأنّها أفضل القرآن، وأنّها خير سورة في القرآن، وأنّها أمّ القرآن أي أصله وجامعة معانيه ومقدّمه، وأنّه ليس في التوراة، ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها، وأنّها نورٌ لم يُؤتَه نبيّ قبل نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّه لا يَقرأ بحرفٍ منها إلا أعطيه، وأنّها رقية نافعة، وأن الصلاة لا تتمّ إلا بها.
فهي سورة مباركةٌ كثيرة الفضائل، عظيمة القَدْر، جليلة المعاني، واسعة الهدايات؛ قد أحكمها الله تعالى غاية الإحكام، وجعلها أعظم سورة في القرآن، وفرضها على كلّ مسلم قادر على تلاوتها أن يقرأها في كلّ ركعة من صلاته، وعظّم ثواب تلاوتها، وفي ذلك من دلائل فضلها، وعظيم محبّة الله تعالى لها، والتنبيه على سعة معانيها وحاجة الناس إلى تلاوتها وتدبّرها ما لا يخفى.
ومن الأحاديث الصحيحة الصريحة في فضلها:
1. حديث أبي سعيد بن المعلَّى رضي الله عنه، قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلم أجبْه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي؛ فقال: ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.
ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد». ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: «ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن» قال: {الحمد لله رب العالمين} «هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته». رواه البخاري.
2. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أم القرآن هي السبع المثاني، والقرآن العظيم» رواه البخاري.
3. وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ له فنزل ونزل رجل إلى جانبه؛ فالتفتَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا أخبرك بأفضل القرآن» قال: (فتلا عليه {الحمد لله رب العالمين}). رواه النسائي في السنن الكبرى.
4. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: " هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم" فنزل منه مَلَك، فقال: "هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم"؛ فسلَّم وقال: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته). رواه مسلم.
وقوله: (لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته) فسّر بعض العلماء الحرف بكلّ كلمة فيها طلب نحو "اهدنا" و"غفرانك"، و"اعف عنا"، ولعل الأظهر عموم حروفها؛ كما فسّره حديث أبي هريرة مرفوعاً: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي..) الحديث؛ فكلّ جملة طلبية عطاؤها الإجابة، وكلّ جملة خبرية عطاؤها ذِكْرُ الله وإثابته.
5. وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سَفْرَةٍ سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب؛ فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدِغ سيّد ذلك الحيّ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء؛ فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيّدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟
فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا؛ فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم؛ فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين..}؛ فكأنما نُشِطَ من عِقَال؛ فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، قال: فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه؛ فقال بعضهم: اقسموا؛ فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتيَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنذكرَ له الذي كان؛ فننظرَ ما يأمرُنا؛ فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له؛ فقال: «وما يدريك أنها رقية؟!!»
ثم قال: «قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما» فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم). متفق عليه.
قال النووي: (أما قوله صلى الله عليه وسلم: « واضربوا لي بسهم» فإنما قاله تطييباً لقلوبهم ومبالغةً في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه).

وقد اشتهر في فضل سورة الفاتحة أحاديث لا تصحّ منها:
1. حديث: «أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها منها بعوض» رواه الدارقطني والحاكم ، وفي إسناده محمد بن خلاد الإسكندراني، وهو مختلف فيه، وقد احترقت كتبه فصار يحدّث من حفظه ويروي بالمعنى فيقع في بعض حديثه ما يُنكر عليه، وهذا الحديث قد رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عبادة بن الصامت بلفظ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»
فلعلّ ابن خلاد روى الحديث بالمعنى فأخطأ فيه.

2. وحديث: «فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن» رواه عبد بن حميد من طريق أبان عن شهر بن حوشب عن ابن عباس مرفوعاً، وشهر يُضعّف في الحديث، وأبان مختلف في تعيينه.

3. وحديثٌ فيه: (أنها نزلت من كنزٍ تحت العرش)، رواه إسحاق بن راهويه كما في إتحاف الخيرة والديلمي في مسند الفردوس من طريق فضيل بن عمرو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعاً، وهو منقطع الإسناد، وقد صحّ من حديث حذيفة بن اليمان وحديث أبي ذرٍّ رضي الله عنهما أنّ الذي نزل من تحت العرش خواتيم سورة البقرة.
4. وحديث: «فاتحة الكتاب تجزي ما لا يجزي شيء من القرآن، ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان، وجعل القرآن في الكفة الأخرى، لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات» رواه الديلمي في مسند الفردوس، وفي إسناده يوسف بن عطية الصفار متروك الحديث.
5. وحديث: «من قرأ فاتحة الكتاب فكأنما قرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان». رواه أبو عبيد في فضائل القرآن عن الحسن البصري مرسلاً، ورواه البيهقي في شعب الإيمان والثعلبي في تفسيره موقوفاً على الحسن البصري بلفظ: «أنزل الله عز وجل مائة وأربعة كتب من السماء أودع علومها أربعة منها: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ثم أودع علوم القرآن المفصل، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع كتب الله المنزلة».
زاد الثعلبي: «ومن قرأها فكأنما قرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان»

6. وحديث: «إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} فقد أمنت من كل شيء إلا الموت». رواه البزّار في مسنده، وفي إسناده غسان بن عبيد الموصلي ضعيف الحديث.
7. وحديث : «من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قال آمين لم يبق في السماء ملك مقرب إلا استغفر له» رواه الديلمي في الفردوس من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

وهذه أحاديث لا تصحّ، ومنها ما هو موضوع، وما صحّ من الأحاديث في فضل سورة الفاتحة فيه غُنية وكفاية في الترغيب في قراءتها وتدبّرها والاستشفاء بها.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الدرس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir