دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 11:18 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

الرَّابِعُ: ذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ فَلاَ يَصِحُّ حَالًّا، وَلاَ إِلَى الحَصَادِ وَالجَذَاذِ، وَلاَ إِلَى يَوْمٍ إلاَّ فِي شَيْءٍ يأْخُذُه مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ وَنَحْوِهِمَا.
قوله: «الرابع: ذكر أجل معلوم له وقع في الثمن» هذه ثلاثة قيود: ذكر أجل، معلوم، له وقع في الثمن، ومعنى: «له وقع في الثمن» ، أي: له تأثير في الثمن بالزيادة أو النقص، وعلى هذا فإذا أسلم في شيء حالٍّ فإنه لا يصح السلم؛ لأنه لا بد من ذكر أجل، ولا بد ـ أيضاً ـ أن يكون الأجل معلوماً، بأن يقال: أسلمت إليك مائة ريال بمائة صاع بر تحل في أول يوم من رمضان.
وقوله: «له وقع في الثمن» يعني له تأثير، فإن لم يكن له تأثير فإنه لا يصح الأجل؛ لأنه لا فائدة منه، وقد صرح المؤلف ـ رحمه الله ـ بمفهوم ذلك فقال:«فلا يصح حالًّا» هذا مفهوم قوله: «إلى أجل» .
قوله: «ولا إلى الحصاد والجذاذ» هذا مفهوم من قوله: «معلوم» .
أي: لا يصح؛ لأن الحصاد والجذاذ غير معلومين، والناس منهم من يحصد مبكراً ومنهم من يتأخر، ومنهم من يجذ النخلة مبكراً ومنهم من يتأخر، وحينئذ يبقى الأجل مجهولاً.
ولكن الصحيح أنه يصح إلى الحصاد والجذاذ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، والمراد إلى زمن الحصاد والجذاذ وليس إلى الجذاذ نفسه أو الحصاد بل إلى زمنه، فإذا قال المسلم إليه: الآن بدأ الناس يحصدون أو يجذون فحينئذ يكون قد حل الأجل، وكأنك ترى أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين إنما يوفون من النخل في الجذاذ، أو البر في الحصاد.
ولكن يمكن أن نتخلص من ذلك على المذهب بشيء بسيط، فننظر متى يكون وقت الجذاذ؟ فإذا قالوا: وقت الجذاذ في ربيع الأول، فنقول إلى ربيع الأول، وينتهي الإشكال، فنكون بذلك قد أتينا بالشرط الذي اشترطه هؤلاء بدون إخلال بالمقصود، وما دام الأمر يمكن أن يؤتى به على سبيل الاحتياط فهو أولى، إنما التحديد بالحصاد والجذاذ من حيث هو فالصحيح جوازه.
قوله: «ولا إلى يوم» لأنه ليس له وقع في الثمن، ولماذا اشترطنا أن يكون له وقع في الثمن؟ قالوا: لأن هذا هو الفائدة من السلم، أن المسلَم إليه ينتفع بالثمن المقدم، والمسلِم ينتفع بزيادة المبيع، فإذا لم يكن للأجل وقع في الثمن فاتت فائدة السلم، والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «إلى أجل» ، فقيد السلف بالأجل، «ومعلوم» قيد الأجل بكونه معلوماً، وهذا الذي ذكره المؤلف هو ظاهر الحديث، وقد سبق أن الصحيح أن الحديث نص في اشتراط الأجل المعلوم، بمعنى أنه إذا كان مؤجلاً فلا بد أن يكون الأجل معلوماً، ويؤيد ذلك أن الحديث فيه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)) [(1)]، فكأنه أراد أن يقول هذا الأجل الذي تجعلونه لا بد أن يكون معلوماً، فليس نصاً في اشتراط الأجل، وبناء على هذا القول قالوا يجوز السلم حالاً، وهذا قول لبعض أهل العلم.
وأما اشتراط أن يكون له وقع في الثمن، فليس في الحديث ما يدل عليه، ففي الحديث: ((إلى أجل معلوم)) ، وليس فيه قيد أن يكون له وقع في الثمن؛ ولذلك لم يشترطه كثير من الفقهاء، وقد تبين أن اشتراط أن يكون له وقع في الثمن مبني على تعليل، والتعليل ينظر فيه هل يكون صحيحاً فيقبل أو غير صحيح فلا يقبل؟ فمن نظر إلى ظاهر الحديث قال: هذا لا دليل عليه، ومن نظر إلى العلة التي من أجلها شرع السلم، قال: هذا الاشتراط لا بد منه؛ لأنه إذا كان من الصباح إلى المساء والأسعار لا تختلف في هذه المدة القصيرة فلا فائدة من السلم، فهو في الحقيقة كالذي ليس له أجل، وعلى كل حال فمثل هذه المسائل إذا لم يتبين فيها الدليل من الجانبين، فهل نراعي الأحوط أو نأخذ بالرخصة؟ قد يقال إن مراعاة الأحوط أحسن لا سيما إذا كان هذا الأحوط هو الذي يكون فيه الحكم إذا رفعت القضية إلى المحكمة؛ لأنك إذا صححت هذا الشيء، والحكم المشهور بين الناس خلاف ما صححت يؤدي إلى مفاسد في المستقبل، هذه المفاسد قد تعود عليك أنت وقد تعود على غيرك، فإذا كنت لست ذا ثقة بين الناس فإنه يعود عليك أنت، يقال: هذا رجل لا يعرِف ولهذا أبطلت المحكمة ما أفتى به، وإذا كنت ذا قيمة صارت المضرة على المحكمة، واتهم القاضي بالقصور في العلم، أو بالميل إلى أحد المتخاصمين.
فلا بد من أن يكون أجل، والثاني: معلوم، والثالث: له وقع في الثمن.
مثال ذلك: أسلم إليه مائة ريال بمائة صاع بر تحل في أول يوم من رمضان، فهذا أجل معلوم له وقع في الثمن، فيصح، فإذا كان حالًّا فإنه لا يصح السلم في الحالِّ؛ وذلك لأننا نستغني ببيعه عن السلم فيه، ولكن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ اختار جواز السلم الحال وهو مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ؛ لأنه إذا لم يصح أن يكون سلماً صار بيعاً، ومتى أمكن تصحيح العقود فإنه يجب.
قوله: «إلا في شيء يأخذه منه كل يوم كخبز ولحم ونحوهما» أي: إلا ما يؤخذ شيئاً فشيئاً، كما لو أسلم إليه في خبز، أو لحم يعطيه إياه تبدأ من الغد، فهذا لا بأس به؛ لأن غايته ستكون متأخرة إلى وقت يكون له وقع في الثمن.



[1] سبق تخريجه ص(48).


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
4, ذكر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir