•
الأصل في العمل بالعلم أنه واجب، وعند التفصيل نجد أنه على ثلاث درجات:
- الدرجة الأولى: ما يلزم منه البقاء على دين الإسلام وهو التوحيد واجتناب نواقض الإسلام. ----> والمخالف في هذه الدرجة كافر غير مسلم.
- الدرجة الثانية: ما يجب العمل به من أداء الواجبات واجتناب المحرمات.-----> والقائم بهذه الدرجة من المتقين، والمخالف فيها فاسق من عصاة الموحّدين.
- الدرجة الثالثة: ما يُستحبّ العمل به وهو نوافل العبادات، واجتناب المكروهات. ----- > والقائم بهذه الدرجة : من عباد الله المحسنين، والتارك لها: لا يأثم، إذ لا يعذّب الله أحداً على ترك غير الواجب.. لكن من التفريط أن يَدَعَ العبدُ ما فيه جبرٌ لتقصيره في الواجبات، ورفعة في درجاته، وتكفير لسيّئاته.
لكي يضبط طالب العلم مساره في التحصيل العلمي فيحفظ وقته وجهده عليه أن يتعرف على الأصول التي يميز بها المناهج الصحيحة من الخاطئة، خاصة وأنه قد:
•تعددت مناهج الطلب وكثرت واختلفت.
•وكثر المتكلمون في اقتراح مناهج الطلب بعلم وبغير علم
•فأدى ذلك إلى اختلاط المناهج الصحيحة بغيرها.
وهذه الأصول هي:
- ركائز التحصيل العلمي
- معالم العلوم
- مراحل طلب العلم
ركائز التحصيل العلمي:
التحصيل العلمي لا يتمّ لطالب العلم إلا بأربع ركائز:
الركيزة الأولى: الإشراف العلمي من عالم أو طالب علم متمكّن يأخذ بيده في مسالك الطالب، ويقوّمه، ويعرّفه بجوانب الإجادة والتقصير لديه، حتى يسير بأمان في طريق طلب العلم إلى أن يعرف معالم العلوم التي يطلبها، وتتبيّن له مسالك أهل العلم في تحصيلها وتعليمها.
الركيزة الثانية: التدرّج في الدراسة وتنظيم القراءة، فيبدأ بمختصر في كلّ علم يتعلّمه، ويدرسه بإتقان وضبط، على طريقة ميسّرة غير شاقّة،، ثمّ ينتقل إلى دراسة كتاب أوسع منه، فتتوسّع مداركه في العلم شيئاً فشيئاً، وينمو تحصيله العلمي بتوازن محكم.
الركيزة الثالثة: النهمة في التعلم.وهو شدّة محبة العلم والحرص عليه، والولَع به، والاجتهاد في طلبه، فتبقى نفس طالب العلم في تطلّع دائم للازدياد من العلم، لا تشبع منه، ولا تكفّ عن الفِكْرة فيه، حتى تشتغل به عن بعض محبوباتها ومرغوباتها الدنيوية، كما قال الحسن البصري رحمه الله أنه قال: (منهومان لا يشبعان: منهوم في العلم لا يشبع منه، ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها)
ومما يعين على تحصيل النهمة في العلم:
•محبة العلم وأهله واليقين بفضائله وفضائلهم
•وسموّ النفس لنيل تلك الفضائل
•ويغذّيها التفكر فيما ورد من النصوص في فضل العلم.
وإذا حصّل الطالب النهمة في العلم كانت من أعظم الدوافع لطلبه، والانكباب عليه، ومداومة استذكاره.
الركيزة الرابعة: الوقت الكافي.لا بدّ للمتعلّم من الصبر على طلب العلم مدّة كافية من الزمن حتى يُحسن تعلّمه، برفق وطمأنينة، وضبط وإتقان حتى يبلغ فيه مبلغ أهل العلم.
معالم العلوم:
ولكلّ علمٍ ثلاثة معالم مهمة:
المعلَمُ الأول: أبواب ذلك العلم ومسائل كلّ باب منه، ولبيان هذا المعلَم كتب منهجيّة متدرّجة يدرسها الطالب حتى يكون على إلمام حسن بعامّة أبواب ذلك العلم ومسائله.
والمعلَم الثاني: كُتبه الأصول التي يستمدّ منها أهل ذلك العلم علمَهم،، فيعرف مراتبها، ومناهج مؤلفيها؛ وينظّم القراءة فيها على خطّة مطوّلة بعد اجتياز مرحلة التأسيس في ذلك العلم.
والمعلَم الثالث: أئمّته من العلماء المبرّزين فيه؛ الذين شَهِدَ لهم أهل ذلك العلم بالإمامة فيه، والتمكّن منه؛ فيقرأ من سيرهم وأخبارهم، ويتعرَّف طرائقهم في تعلّم ذلك العلم ورعايته وتعليمه.
وكلّ من أراد أن يصحب قوماً، ورغب أن يُعدّ منهم، فإنّ نفسه تدفعه لمعرفتهم معرفة حسنة، فيتعرّف سيرهم أخبارهم وأحوالهم.
وتحصيل هذه المعالم الثلاث يفيد الطالب فوائد جليلة القدر عظيمة النفع، تعينه على حسن الإلمام بذلك العلم والتمكّن فيه، وتحصيلها يستدعي مداومة الطالب على الركائز الأربع المتقدّمة، وكلّ منهج من مناهج الطلب لا يحقّق هذه المعالم الثلاث فهو منهج ناقص.
مراحل طلب العلم
ولطلب العلم ثلاث مراحل مهمة ينبغي لطالب العلم أن يكون حسن الاستعداد لكل مرحلة منها:
المرحلة الأولى: مرحلة التأسيس في ذلك العلم؛ بدراسة مختصر فيه تحت إشراف علمي، ثمّ التدرج إلى أن يجتاز درجة المبتدئين في ذلك العلم.
والمرحلة الثانية: مرحلة البناء العلمي: وفيها يكون التحصيل العلمي المنظّم المتوازن المتكامل لذلك العلم، بعد اكتساب التأسيس فيه، وتكميل أدواته، والتمكن من بحث مسائله وتحريرها بمهارة عالية؛ فيجتهد في بناء أصل علميّ له في ذلك العلم؛ يحسن كتابته بطريقة منظمة، ليكون عُدّة له في ذلك العلم.
ومن فرّط في بناء أصل علميّ له في العلم الذي يطلبه أضاع علمه، وعرّضه للتفلّت والنسيان.
والمرحلة الثالثة: مرحلة النشر العلمي، ويراد به تحصيل ما يمكّنه من الإفادة من علمه؛ بالتدرّب على البحث والتأليف، والإفتاء والتدريس، وإلقاء الكلمات، وكتابة الرسائل، وغير ذلك من أنواع النشر.