دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 30 جمادى الأولى 1432هـ/3-05-2011م, 10:17 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى الحياء )

( بصيرة فى الحياء )

وهو انقباض النفس عن القبائح وعن التفريط فى حق صاحب الحق. وقال ذو النون: الحياء وجود الهيبة فى القلب مع وحشة مما سبق منك إلى ربك، والحب ينطق. والحياء يسكت، والخوف يقلق.
وقد قسم الحياء على عشرة أوجه: حياء جناية وحياء تقصير، وحياء إجلال، وحياء كرم، وحياء حشمة، وحياء (استقصار النفس)، وحياء محبة، وحياء عبودية، وحياء شرف وعزة، وحياء المستحى من نفسه. فأما حياء الجناية فمنه حياء آدم لما فر هاربا فى الجنة، قال الله تعالى: إفرارا منى يا آدم؟! قال: لا يا رب بل حياء منك. وحياء التقصير كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فإذا كان يوم القيامة قالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. وحياء الإجلال هو حياء المعرفة، وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حياؤه منه. وحياء الكرم كحياء النبى صلى الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب وطولوا عنده فقام واستحى أن يقول هم: انصرفوا. وحياء الحشمة كحياء على بن أبى طالب أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذى لمكان ابنته. وحياء الاستحقار واستصغار النفس كحياء العبد من ربه حين يسأله حوائجه احتقارا لشأن نفسه واستصغارا لها.
وأما حياء المحبة فحياء المحب من محبوبه، حتى إنه إذا خطر على قلبه فى حال غيبته هاج الحياء فى قلبه وظهر أثره فى وجهه ولا يدرى ما سببه. وكذلك يعرض للمحب عند ملاقاة محبوبه ومناجاته له روعة شديدة. ومنه قولهم جمال رائع. وسبب هذا الحياء والروعة مما لا يعرفه أكثر الناس. ولا ريب أن للمحبة سلطانا قاهرا للقلب أعظم من سلطان من يقهر البدن، فأين من يقهر قلبك وروحك ممن يقهر بدنك؟! ولذلك تعجبت الملوك والجبابرة من قهرهم للخلق وقهر المحبوب لهم. فإذا فاجأ المحبوب محبه ورآه بغتة أحس القلب بهجوم سلطانه فاعتراه روعة وخوف.
وأما حياء العبودية فهو ممتزج من حب وخوف ومشاهدة عدم صلاحية عبوديته لمعبوده، وأن قدره أعلى وأجل منها، فعبوديته له توجب استحياءه منه لا محالة.
وأما حياء الشرف والعزة فحياء النفس العظيمة الكبيرة إذا صدر منه ما هو دون قدرها من بذل أو إعطاء أو إحسان، فإنه يستخرج مع بذله حياء وشرف نفس وعزه. وهذا له سببان: أحدهما هذا، والثانى استحياءه من الآخذ، حتى إن بعض الكرماء يستحى من خجلة الآخذ.
وأما حياء المؤمن من نفسه فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة من رضاها لنفسه بالنقص وقنعها بالدون، فيجد نفسه مستحييا من نفسه حتى كأنه له نفسان تستحى إحداهما من الأخرى، وهذا أكمل ما يكون من الحياء، فإن العبد إذا استحيا من نفسه فهو بأن يستحى من غيره أجدر. وقال يحيى بن معاذ رحمه الله: من استحى من الله مطيعا استحى الله منه وهو مذنب. وهذا الكلام يحتاج إلى شرح، ومعناه أن من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى فى حال طاعته فقلبه مطرق من بين يديه إطراق مستحى خجل، فإنه إذا واقع ذنبا استحى الله عز وجل من نظره إليه فى تلك الحالة لكرامته عليه فيستحى أن يرى من وليه ومن يكرم عليه ما يشينه. وفى الشاهد [ما يشهد] بذلك، فإن الرجل إذا اطلع على أخص الناس به وأحبهم إليه من صاحب أو ولد أو حبيب وهو يخونه فإنه يلحقه من ذلك الاطلاع حياء عجيب حتى كأنه هو الجانى، وهذا غاية الكرم. وقد قيل: إن سبب هذا الحياء أنه يمثل نفسه الجانى فيلحقه الحياء كما إذا شاهد الرجل من أحصر على المنبر عن الكلام فيلحقه
الحياء فإنه يخجل تمثيلا لنفسه تلك الحالة.
وأما حياء الرب - تبارك وتعالى - من عبده فنوع آخر لا تدركه الأوهام ولا تكيفه العقول، فإنه حياء كرم وبر وجود، فإنه خير كريم يستحى من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا، ويستحى أن يعذب ذا شيبة شابت فى الإسلام. وكان يحيى بن معاذ يقول: سبحان من يذنب عبده ويستحى هو.
واختلف العلماء فى الحياء مما ذا يتولد. فقيل: من تعظيم منوط بود. وقال الجنيد: يتولد من مشاهدة النعم ورؤية التقصير. وقيل: يتولد من شعور القلب بما يستحى منه وشدة نفرته عنه فيتولد من هذا الشعور والنفرة حالة تسمى الحياء. ولا تنافى بين هذه الأقوال، لأن للحياء عدة أسباب، كل أشار إلى بعضها.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الباب, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir