المجموعة السادسة
س1: عدد أقسام العلوم الشرعية مع التوضيح
ج1: وللعلوم الشرعية ثلاثة أقسام لا رابع لها كما بيّن أغلب أهل العلم, وجميعها موجود في القراَن والسنة كما أكد ابن القيم في نونيته:
والكل في القراَن والسنن التي ...... جاءت عن المبعوث بالفرقان
فأما القسم الأول فهو علم العقيدة: وهو من أهم العلوم الشرعية وأعظمها, وبين سبل المحاسن أحسنها, وإلى طرق الهداية أقصرها. وفيه قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
والعلم بالرحمان أول صاحب ...... وأهم فرض الله في مشروعه
وأما ثاني الأقسام فيكون في علم الأحكام, وتبيان الحلال من الحرام, ويسمي بالفقه بين الانام. وليس أعظم من خطورة الجهل به والافتراء فيه من قول المولى عز وجل:
﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾
وأخر الأقسام هو علم الجزاء, في دنيا كان أو في أخرة, فإن الله قد وعد عباده بحياة طيبة وضمن لهم الحسنى في الاخرة, وتبيان ذلك في قوله تعالى:
( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
س2: ما المراد بظاهر العلم وباطنه
فأما ظاهر العلم فهو الاهتمام بدراسته ومسائله, وهو ما يقوم بالكد والمثابرة, والصبر والمكابدة, وأما باطنه فهو ما وقر في القلب, واستقرت به النفس, فشتَان بين طلب وطلب, و فضل وفضل. فمثل طالبيهما كمثل العبد المسلم والعبد المؤمن, لا يستويان. فأما الأول فقد علم الأركان وأقام الأحكام, وأما صاحبه فقد إستقر يقينه في قلب سليم. فهنيئا لمن عمل بما علم حتى بلغ الغاية ومنح الهداية. فيا طالب العلم؛ تدًبر هذا المعنى في قول المولى:
( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ...)
س3: بيّن أهميّة العمل بالعلم
وفي هذا الباب أفاض العلماء واستفاضوا, وأدرجوا له ابوابا وكتبا. وفوق كل هذا وقبله قول الله تعالى لعباده المؤمنين:
( يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون. كَبُرَ مَقْتَاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ )
وفي صحيح مسلم, عن زيد بن أرقم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِنْ عِلمٍ لا ينفَع، ومِنْ قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لا يُستجاب لها )
وفي هذا, بيَن الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله في الرسالة: "والناس في العلم طبقات، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العمل به. فحقٌّ على طلبة العلم بلوغُ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصَّبر على كلِّ عارضٍ دون طلبه، وإخلاص النية لله في استدراك علمه، نصَّاً و استنباطاً، والرغبة إلى الله في العون عليه؛ فإنَّه لا يُدركُ خيرٌ إلا بعونه. فإنَّ مَن أدرك علمَ أحكام الله في كتابه نصَّاً واستدلالاً، ووفَّقه الله للقول والعمل بما عَلمَ منه: فازَ بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عن الرِّيب، ونوَّرت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة"
س4: كيف يتخلّص طالب العلم من آفة الرياء؟
فان الرياء من أشدَ أسلحة الشيطان وأحدها على عباد الله, فهو إذ يوسوس فإنما يوسوس لتغير الصالح لطالح, وإفساد العمل بالعجب, وفيه وعيد شديد من المصطفى الحبيب عليه أفضل صلوات وأتم تسليم حين قال في حديث أبو هريرة:
( إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ استشهد فأُتيَ به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال هو جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار، ورجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار، ورجلٌ وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل ثم أمر به فسُحبَ على وجهه ثم ألقي في النار ) رواه مسلم
وأما النجاة فلا تكون إلا بعقد العزم, وإخلاص النية وتجديدها؛ بأن يتذكر طالب العلم هدفه ومبتغاه, ويرى في صحبة الصالحين طوق النجاة, فينظر في أمور الدين لمن كان أعلاه, ليرى من دنوً علمه ما ليس بأدناه
فالأخلاص الأخلاص أهل العلم؛ به وحده يكون التوفيق والنجاح, هبة ومنًة من العليم الفتًاح.
س5: اكتب رسالة مختصرة في خمسة أسطر لطالب علم صدّته الوسوسة في شأن الإخلاص عن طلب العلم
وأعلم يا طالب العلم أنك ما سلكت طريقا في سبيل الله تبتغي به علما نافعا لك وللأمتك؛ إلا وجند الشيطان جنده, وأعد خيله ورجله, ليصدك عن ما ينفعك, ويلهيك بما يشغلك. وهو في هذا يستعمل باب الأخلاص؛ فيشكك في نيتك ويشغلك بمن حولك. فإياك ثم إياك أن تضعف؛ فتحصن بالإستعانة بالله بأن تجدد نيتك وتتقوً بالصحبة الصالحة. وتذكر أنك إن تركت عملا صالحا مخافة الرياء فإنك قد أتيت بابا من أبوابه. وأعلم أنك لم تزل بشيطانك, تصارعه ويصارعك حتى يتمً الله لك النصرة, وتزيد على حسرة إبليس حسرةز وهذا وعد الله لك في كتابه يتلى إلى يوم الدين:
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) فلا تضعف ولا تستكين, وأكمل -بأمر الله- ما بدأت يعينك عليه بفضله وقوته.
والله المستعان