الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أمابعد:
فهذا إيجاز لدرس اليوم الأحد:
أولا:
ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة دلت على عظم فضلها , ومن هذه الاحاديث:
1- حديث أبي سعيد بن المعلى _رضي الله عنه_ عند البخاري , قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلم أجبه , فقلت: يارسول الله إني كنت أصلي , فقال: (ألم يقل الله :"استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم")
ثم قال لي:(لأعملنك سورة هي أعظم السور في القرآن , قبل أن تخرج من المسجد). ثم أخذ بيدي , فلما أراد أن يخرج , قلت له:(ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟) قال:
"الحمد لله رب العالمين" (هي السبع المثاني , والقرآن العظيم الذي أوتيته).
2- وحديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ عند البخاري-أيضا_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أم القرآن هي السبع المثاني , والقرآن العظيم).
3- حديث أبي هريرة عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج _ثلاثا_غير تمام).
ثانيا:
الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل سورة الفاتحة كثيرة ولله الحمد والمنة , وفي هذا غنية عن الاستدلال على فضلها بالأحاديث الضعيفة , فينبغي التنبه لهذا , وليعلم أن الدين يؤخذ بالقوة قال تعالى:(يايحيى خذ الكتاب بقوة) ,فيحسن بطالب العلم أن يحرص على معرفة هذه المرويات الضعيفة , للتحذير منها وبيان ضعفها.
- والضعف في المرويات قد يكون من جهة السند وقد يكون من جهة المتن.
- فماكان من جهة السند فهو في الجملة على قسمين:
القسم الأول: الضعف الشديد الذي لاينجبر كأن يكون في اسناده متروك أو كذاب أو فاحش الغلط أو نحو ذلك مماهو معلوم عند أهل الحديث.
القسم الثاني:الضعف غير الشديد الذي ينجبر إذا تعددت طرقه كأن يكون سبب الضعف سوء حفظ الراوي أو الإرسال أو عنعنة مدلس أو نحو ذلك.
- وماكان من جهة المتن فهو على ثلاثة أنواع:
الأول: متون صحيحة المعنى لانكارة فيها _وإنما في اسنادها مقال_ قد دلت عليها أدلة أخرى صحيحة ففي مثل هذه الحالة الصحيح يغني عنها ولله الحمد , وقد تصحح بعض هذه المرويات إن وجد العاضد وكان الضعف يمكن جبره .
-ومن الأمثلة على هذا النوع:
حديث عبادة بن الصامت مرفوعا:(أم القرآن عوض عن غيرها , وليس غيرها منها بعوض ) والحديث أخرجه الدارقطني والحاكم.
وفيه محمد بن خلاد مختلف فيه , وقد احترقت كتبه فصار يحدث من حفظه ويروي بالمعنى فيقع في بعض حديثه ماينكر عليه, ولعل هذا الحديث مما أنكر عليه والله أعلم.
وقد جاء في الصحيحين عن عبادة بن الصامت بلفظ:(لاصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).
النوع الثاني: مايتوقف في معناه فلاينفى ولايثبت إلا بدليل صحيح , وإن كانت مرويات هذا النوع ترد حكما لضعف إسنادها.
- ومن الأمثلة على هذا النوع:
حديث معاوية بن صالح عن أبي سليمان قال: مر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواتهم على رجل مقعد متربع فقرأ بعضهم شيئا من القرآن فبرئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(هي أم القرآن, وهي الشفاء من كل داء) رواه الثعلبي وهو مرسل.
- النوع الثالث:
مايكون في متنه نكارة ومخالفة للنصوص الصحيحة الصريحة.
-ومن أمثلة ذلك:
حديث أحمد بن الحارث الغساني قال: حدثتني ساكنة بنت الجعد قالت:سمعت رجاء الغنوي وكان أصيبت يده يوم الجمل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:( استشفوا بماحمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه , وبما مدح الله به نفسه) قلنا: وماذاك بأبي أنت وأمي يارسول الله؟
قال: (الحمد لله وقل هو الله أحد , فإنه من لم يشفه القرآن فلاشفاه الله)رواه أبو محمد الخلال في فضائل الإخلاص وغيره.
والحديث ضعيف جدا فيه أحمد بن الحارث الغساني متروك الحديث.
وفي متن الحديث نكارة فإنه يوحي بترك التداوي الذي جاءت ألفاظ السنة بالأمر به(تداووا عباد الله..) الحديث وبنحو هذا ذكر العلامة الألباني رحمه الله.
- فائدة حديثية:
الفرق بين الشاذ والمنكر: أن الشاذ مخالفة المقبول لمن هو أولى منه , والمنكر مخالفة الضعيف للمقبول .
فالمنكر أشد ضعفا من الشاذ والله أعلم.
تم تلخيص ماتيسر دراسته اليوم والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.