بسم الله الرحمن الرحيم
تطبيق على أسلوب التقرير العلمي
تفسير قوله تعالى: (إن اللذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير)
· جاء في معجم المعاني الجامع:
الغيب اسم جمعه على غيوب (بكسر الغين وضمها)
والغيب خلاف الشهادة
والغيب كل ما غاب عن الإنسان سواء أكان محصلا في القلوب أم غير محصل
· جاء في لسان العرب:
الغيب: الشك وجمعه غياب وغيوب
والغيب: كل ما غاب عنك
ويقال: سمعت صوتا من وراء الغيب أى من موضع لا أراه
وقال شمر: كل مكان لا يدري ما فيه فهو غيب وكذلك الموضع الذي لا يدري ما وراءه
· جاء في الموسوعة الحرة:
الغيب: هو كل حقيقة لا يدرك طبيعتها العقل أو لا يتعامل معها الإنسان بالحواس حيث لا سبيل إلى وعاينتها أو الوقوف عليها ولكنه يدركها كحقيقة.
هذا تلخيص كلام علماء اللغة في معنى الغيب وأقوال المفسرين في تفسير هذه الآية يختلف عن كلام علماء اللغة حيث أن سياق الآية يختلف عن سياق المعنى اللغوي الذي ذكره علماء اللغة
المسائل التفسيرية في الآية:
1- مناسبة الآية لما قبلها
2- المراد بالخشية بالغيب
3- جزاء اللذين يخشون ربهم بالغيب
المسألة الأولى: مناسبة الآية لما قبلها:
في مناسبة الآية لما قبلها قولان:
· القول الأول: قال السعدي: لما ذكر الله حال الأشقياء في قوله تعالى: (وللذين كفروا بربهم ....... إلى قوله تعالى ....... ما كنا في أصحاب السعير) ذكر حال السعداء والأبرار فقال: (إن اللذين يخشون ربهم بالغيب ......)
· القول الثاني: قال بن عاشور: اعتراض يفيد استئنافا بيانيا جاء على سنن أساليب القرآن في تعقيب الرغبة بالرهبة فلما ذكر ما أعد للكافرين المعرضين عن خشية الله أعقبه بما أعد للذين يخشون ربهم بالغيب من المغفرة والثواب للعلم بأنهم يترقبون ما يميزهم عن أحوال المشركين.
ومن خلال هذين القولين نجد أنهما مختلفين فالسعدي ربط الآيات ربط حال بحال أما بن عاشور ربط الآيات ربط ذكر الرغبة بعد الرهبة.
المسألة الثانية: المراد بالخشية بالغيب:
· في المراد بالخشية بالغيب ثلاثة أقوال:
1- يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبا عن الناس فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات حيث لا يراه أحد إلا الله. وهذا قول بن كثير والسعدي والطنطاوي
2- اللذين يخافون ربهم بالغيب وهم لم يروه أي يعبدونه كأنهم يرونه وهم لم يروه. ذكره الطبري والطنطاوي في قول آخر
3- اللذين يخشون عذاب الله وهم لم يروه ويؤمنون به خوفا من عذابه الذي لم يروه. ذكره القرطبي والأشقر
وهذه الأقوال الثلاثة مختلفة فيما بينها وكلها صحيحة ويكون المراد بالخشية بالغيب جمعا بين هذه الأقوال الثلاثة: هى اللذين يعبدون ربهم وهم لم يروه ويخافون عذابه وهم لم يشاهدوا هذا العذاب حتى ولو كانوا غائبين عن الناس ولا يراهم أحد إلا الله.
المسألة الثالثة: جزاء اللذين يخشون ربهم بالغيب:
· قال بن كثير: اللذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير أي: يكفر عنه ذنوبه ويجازيه بالثواب الجزيل واستدل بحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله) وذكر منهم: (رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) وعن أنس رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله إنا نكون عندك على حال فإذا فارقناك كنا على غيره؟ قال: (كيف أنتم وربكم؟) قالوا: الله ربنا في السر والعلانية قال: (ليس ذلكم النفاق).
· قال السعدي: لهم مغفرة لذنوبهم وإذا غفر الله ذنوبهم وقاهم شرها ووقاهم عذاب الجحيم ولهم أجر كبير وهو ما أعده الله لهم في الجنة من النعيم المقيم والملك الكبير واللذات المتواصلات والمشتهيات والقصور والمنازل العاليات والحور الحسان والخدم والولدان وأعظم من ذلك وأكبر رضا الرحمن الذي يحله الله على أهل الجنان.
· قال الطنطاوي: لهم من خالقهم عز وجل مغفرة عظيمة وأجر بالغ الغاية في الكبر والضخامة.
· قال الطبري: لهم عفو من الله عن ذنوبهم وثواب من الله لهم على خشيتهم إياه بالغيب جزيل.
· قال القرطبي: لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير وهو الجنة.
· قال الأشقر: لهم مغفرة عظيمة يغفر الله بها ذنوبهم وأجر كبير وهو الجنة.
وهذه الأقوال متقاربة في النتيجة وهي: مغفرة الذنوب ودخول الجنة وبعضها مختلف في السبب حيث اختلفوا في تفسير مقدمة الآية وهي: تفسير الخشية بالغيب.
المراجع :
جامع البيان في تأويل القرآن للطبري ت (310هـ)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ت ( 671هـ)
تفسير الطنطاوي ت (2010م)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير ت (774هـ)
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي ( 1376 هـ)
تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور (1973 م)
زبدة التفاسير للأشقر (1430 هـ)